قال عوف أيضاً:
ومُسْتَنْبِحٍ يَخْشَى القَوَاءَ ودُونَهُ = مِنَ اللَّيْلِ بَابَا ظُلْمَةٍ وسُتُورُها
رَفَعْتُ لَهُ نارِي فَلَمَّا اهْتَدَى بِهَا = زَجَرْتُ كِلاَبِي أَنْ يَهِرَّ عَقُورُها
فَلاَ تَسْئَلِينِي واسْئَلِي عن خَلِيقَتِي = إِذَا رَدَّ عَافِى القِدْرِ مَنْ يَسْتَعِيرُها
وكانوا قُعُوداً حَوْلهَا يَرْقُبُونَها = وكانَتْ فَتَاةُ الحَيِّ مِمَّنْ يُنِيرُها
تَرَيْ أَنَّ قِدْرِي لا تَزَالُ كأَنَّهَا = لِذِى الفَرْوَةِ المَقْرُورِ أُمٌّ يَزُورُها
مُبَرَّزَةٌ لا يُجْعَلُ السِّتْرُ دُونَهَا = إِذَا أُخْمِدَ النِّيرَانُ لاَحَ بَشِيرُها
إِذَا الشَّوْلُ رَاحتْ ثمَّ لَمْ تَفْدِ لَحْمَهَا = بأَلْبَانِهَا ذَاقَ السِّنَانَ عَقِيرُها
وإِنِّي لَتَرَّاكُ الضَّغِينَةِ قَدْ بَدَا = ثَرَاها مِن المَوْلَى فلا أَسْتَثِيرُها
مَخَافَةَ أَنْ تَجْنِي علَيَّ، وإِنَّمَا = يَهيجُ كَبِيرَاتِ الأُمورِ صَغيرُها
تَسُوقُ صُرَيْمٌ شَاءَها مِن جُلاَجِلٍ = إِليَّ وَدُونِي ذَاتُ كَهْفٍ وقُورُها
إِذَا قِيلَتِ العَوْرَاءُ وَلَّيْتُ سَمْعَهَا = سِوَايَ ولم أَسْئَلْ بهَا: ما دُبِيرُها
فَمَاذَا نَقِمْتُمُ مِن بَنِينَ وَسَادَةٍ = بَرِيءٍ لكم مِنْ كُلّ غِمْرٍ صُدُورُها
هُمُ رَفَعُوكمْ لِلسَّماءِ فَكِدْتُمُ = تَنَاولُونَهَا لَوْ أَنَّ حَيًّا يَطُورُها
مُلُوكٌ عَلي أَنَّ التَّحِيَّةَ سُوقَةٌ = أَلاَيَاهُمُ يُوفَى بِهَا ونُذُورُها
فإِلاَّ يَكُنْ مِنِّي ابْنُ زَحْر ورَهْطُهُ = فَمِنِّي رِياحٌ عُرْفُهَا ونَكِيرُها
وكَعْبٌ فإِنِّي لاَبْنُهَا وحَليفُهَا = وناصِرُها حيثُ استَمَرَّ مَريرُها
لَعَمْري لقد أَشْرَفْتُ يومَ عُنَيْزَةٍ = على رَغْبَةٍ لو شَدَّ نَفْساً ضَمِيرُها
ولكنَّ هُلْكَ الأَمْرِ أَنْ لا تُمرَّهُ = ولا خَيْرَ في ذِي مِرَّة لا يُغِيرُها