قال شبيب بن البرصاء:
أَلم تَرَ أَنَّ الحَيَّ فَرَّقَ بينَهُمْ = نَوىً يومَ صحْرَاءِ الغَمِيمِ لَجُوجُ
نَوىً شَطَنَتْهُمُ عن نَوَانَا وهيَّجَتْ = لنا طَرَباً، إِنَّ الخُطُوبَ تَهِيجُ
فلمْ تَذْرِفِ العَيْنَانِ حتَّى تَحَمَّلَتْ = مَعَ الصُّبْحِ أَحْفَاضٌ لهُمْ وحُدُوجُ
وحتَّى رَأَيْتُ الْحَيَّ تَذْرِي عِرَاصَهُمْ = يَمَانِيَةٌ تَزْهَى الرَّغامَ دَرُوجُ
فأَصْبَحَ مَسْرُورٌ بِبَيْنِكِ مُعْجَبٌ = وبَاكٍ لهُ عندَ الدِّيارِ نَشِيجُ
فإِنْ تَكُ هِنْدٌ جَنَّةً حِيلَ دُونها = فقدْ يَعْزِفُ اليَأْسُ الفَتَى فَيَعِيجُ
إِذَا احْتَلَّتِ الرَّنْقَاءَ هِنْدٌ مُقِيَمةً = وقد حانَ منِّي من دِمَشْقَ بُرُوجُ
وبُدِّلْتُ أَرْضَ الشِّيحِ منها وبُدِّلَتْ = تِلاَعَ المَطَالِي سَخْبَرٌ ووَشِيجُ
وأَعْرَضَ مِنْ حَوَرَانَ والقِنُّ دُونَها = تِلاَلٌ وخَلاَّتٌ لَهُنَّ أَجِيجُ
فلا وَصْلَ إِلاَّ أَنْ تُقَرِّبَ بَيْنَنا = قلاَئِصُ يَجْذِبْنَ المَثَانِيَ عُوجُ
ومُخْلِفَةٌ أَنْيَابَهَا جَدَلِيَّةٌ = تَشُدُّ حَشاها نِسْعةٌ ونَسِيجُ
لها رَبِذَاتٌ بالنَّجاءِ كأَنَّها = دعائِمُ أَرْزٍ بينهُنَّ فُرُوجُ
إِذا هَبَطَتْ أَرضاً عَزَازاً تَحَامَلَتْ = مَنَاسِمُ منها رَاعِفٌ وشَجِيجُ
ومُغْبَرَّةِ الآفاقِ يَجرِي سَرَابُها = عَلَى أُكْمِهَا قبلَ الضُّحَى فيَمُوجُ
قَطَعْتُ إِذَا الأَرْطَى ارْتَدَى في ظِلالِهِ = جَوَازئُ يَرْعَيْنَ الفَلاَةَ دُمُوجُ
لَعَمْرُ ابنةِ المُرِّيِّ ما أَنا بالَّذِي = له أَن تنُوبَ النَّائِبَاتُ ضَجِيجُ
وقد عَلِمَتْ أُمُّ الصَّبِيَّيْنِ أَنَّنِي = إِلى الضَّيْفِ قَوَّامُ السِّنَاتِ خَرُوجُ
وإِنَّي لأَُغْلِي اللَّحْمَ نِيئاً وإِنَّنِي = لَمِمَّنْ يُهينُ اللَّحْمَ وهْو نَضِيجُ
إِذَا المُرْضِعُ العَوْجاءُ باللَّيلِ عَزَّها = عَلَى ثَدْيِهَا ذُو وَدْعَتَيْنِ لَهُوجُ
إِذَا ما ابْتَغَى الأَضيافُ مَنْ يبْذُلُ القِرَى = قَرَتْ لِيَ مَقْلاَتُ الشِّتاءِ خَدُوجُ
جُمَاليَّةٌ بالسَّيْف مِن عَظْمِ ساقِهَا = دَمٌ جاسِدٌ لم أَجْلُهُ وسُحُوجُ
كأَنَّ رِحالَ المَيْسِ في كل مَوْقِفٍ = عليها بأَجْوَازِ الفَلاَةِ سُرُوجُ
وما غاضَ مِن َشيْءٍ فإِنَّ سَمَاحتي = ووَجْهِي بهِ أُمُّ الصَّبِيّ بَلِيجُ