قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: ( ( القَرِيبُ ):
(وهوَ القَريبُ وَقُرْبُهُ المُخْتَصُّ بِالدَّ = اعِي وَعابدِهِ عَلَى الإيمَانِ([1])
([فـَ]قُرْبُ الربِّ تَعَالَى إِنَّمَا وَرَدَ خاصًّا لا عَامًّا، وهوَ نَوْعَانِ:
- قُرْبُهُ منْ داعِيهِ بالإجابةِ.
- ومِنْ مُطِيعِهِ بالإثابةِ.
ولمْ يَجِئ القُرْبُ كما جَاءَت المَعِيَّةُ خَاصَّةً وعامَّةً، فليسَ في القرآنِ ولا في السُّنَّةِ أنَّ اللهَ قَرِيبٌ منْ كلِّ أحدٍ، وأنَّهُ قريبٌ من الكافرِ والفاجرِ، وإنَّمَا جاءَ خاصًّا كقولِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186]، فهذا قُرْبُهُ منْ داعِيهِ وسائِلِيهِ.
وقالَ تَعَالَى: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} [الأعراف: 56]، ولم يَقُلْ: قَرِيبةٌ، وَإِنَّمَا كَانَ الخبرُ عنها مُذَكَّراً:
· إمَّا لأنَّ " فَعِيلاً " بينَهُ وبينَ " فَعُولٍ " اشْتِرَاكٌ منْ وُجُوهٍ: منها الوزنُ والعددُ والزيادةُ والمبالغةُ، وكونُ كلٍّ منهما يَكُونُ مَعْدُولاً عنْ فاعلٍ تارةً، وعنْ مفعولٍ أُخْرَى، وَمَجِيئُهُمَا صِفَتَيْنِ وَاسْمَيْنِ، و " فعولٌ " إذا كانَ مَعْدُولاً عنْ فاعلٍ اسْتَوَى مُذَكَّرُهُ ومُؤَنَّثُهُ في عدمِ إِلْحَاقِ التاءِ؛ كامرأةٍ نَؤُومٍ وَضَحُوكٍ، فَحَمَلُوا فَعِيلاً عليهِ في بعضِ المواضعِ لعقدِ الأُخُوَّةِ التي بَيْنَهُمَا.
وإمَّا لأنَّ قريباً مَعْدُولٌ عنْ مفعولٍ في المعنَى، كَأَنَّهَا قُرِّبَتْ منهم وَأُدْنِيَتْ، وهمْ يُرَاعُونَ اللفظَ تارةً والمعنى أُخْرَى...
وإمَّا على حَذْفِ مضافٍ يكونُ " قريبٌ " خبراً عنهُ، تقديرُهُ: مكانُ رحمةِ اللهِ أوْ تَنَاوُلُهَا ونحوُ ذلكَ قريبٌ.
وإمَّا على تقديرِ مَوْصُوفٍ محذوفٍ يكونُ " قريبٌ " صفةً لهُ، تقديرُهُ: أَمْرٌ أوْ شيءٌ قريبٌ؛ كقولِ الشاعرِ:
قَامَتْ تُبَكَّيهِ على قَبْرِهِ = مَنْ لِيَ مِنْ بَعْدِكَ يا عَامِرُ
تَرَكْتَنِي في الدارِ ذا غُرْبَةٍ = قدْ ذَلَّ مَنْ ليسَ لهُ نَاصِرُ
أيْ: شَخْصاً ذا غُرْبَةٍ. وعلى هذا حَمَلَ سِيبَوَيْهِ " حَائِضاً " و " طَالِقاً " و " طَامِثاً " ونحْوَهَا.
وإمَّا على اكتسابِ المضافِ حُكْمَ المضافِ إليهِ، نحوَ: ذَهَبَتْ بَعْضُ أصابعِهِ، وَتَوَاضَعَتْ سُورُ المدينةِ وبابُهُ.
وإمَّا مِن الاستغناءِ بأحدِ المذكورَيْنِ عن الآخرِ والدلالةِ بالمذكورِ على المحذوفِ، والأصلُ: إنَّ اللهَ قَرِيبٌ من المحسنِينَ، ورحمتَهُ قريبةٌ منهم، فيكونُ قدْ أَخْبَرَ عنْ قُرْبِ ذاتِهِ وقُرْبِ ثوابِهِ من المحسنِينَ، واكْتَفَى بالخبرِ عنْ أَحَدِهِمَا عن الآخرِ، وقريبٌ منهُ: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62]، {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34]. وَمِثْلُهُ على أحدِ الوُجُوهِ: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً} الآيَةَ [الشعراء: 4]؛ أيْ: فَذَلُّوا لها خَاضِعِينَ، فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُم لها خَاضِعَةً.
وإمَّا لأنَّ القريبَ يُرَادُ بهِ شيئانِ:
أحدُهُمَا: النَّسَبُ والقرابةُ، فهذا يُؤَنَّثُ، تقولُ: هذهِ قريبةٌ لي وقَرَابَةٌ.
والثاني: قُرْبُ المكانِ والمنـزلةِ. وهذا يُجَرَّدُ عن التاءِ، تقولُ: جَلَسَتْ فلانةُ قَرِيباً مِنِّي. هذا في الظرفِ، ثُمَّ أَجْرَوا الصفةَ مُجْرَاهُ للأُخُوَّةِ التي بَيْنَهُمَا، حيثُ لمْ يُرَدْ بكلِّ واحدٍ منهما نَسَبٌ ولا قرابةٌ، وإنَّمَا أُرِيدَ قربُ المكانةِ والمنـزلةِ([2]).
وإمَّا لأنَّ تأنيثَ الرحمةِ لَمَّا كانَ غيرَ حَقِيقِيٍّ سَاغَ حذفُ التاءِ منْ صفتِهِ وخبرِهِ كما سَاغَ حَذْفُهَا من الفعلِ، نحوَ: طَلَعَ الشمسُ.
وإمَّا لأنَّ قَرِيباً مصدرٌ لا وَصْفٌ كالنقيضِ والعويلِ والوجيبِ مُجَرَّدٍ عن التاءِ؛ لأنَّكَ إذا أَخْبَرْتَ عن المُؤَنَّثِ بالمصدرِ لمْ تَلْحَقْهُ التاءُ، كما تَقُولُ: امْرَأَةٌ عَدْلٌ، وصَوْمٌ ونَوْمٌ.
والذي عندي أنَّ الرحمةَ لَمَّا كانتْ منْ صفاتِ اللهِ تَعَالَى، وصفاتُهُ قائمةٌ بذاتِهِ، فإذا كانتْ قَرِيبَةً من المحسنينَ، فهوَ قريبٌ سبحانَهُ منهم قَطْعاً، وقدْ بَيَّنَّا أنَّهُ سبحانَهُ قريبٌ منْ أهلِ الإحسانِ، ومنْ أهلِ سُؤَالِهِ بإجابتِهِ.
وَيُوَضِّحُ ذلكَ أنَّ الإحسانَ يَقْتَضِي قُرْبَ العبدِ منْ ربِّهِ، فَيُقَرِّبُ ربَّهُ منهُ... فإنَّهُ مَنْ تَقَرَّبَ منهُ شِبْراً يَتَقَرَّبُ منهُ ذِرَاعاً، ومَنْ تَقَرَّبَ منهُ ذِرَاعاً تَقَرَّبَ منهُ بَاعاً، فهوَ قريبٌ من المُحْسِنِينَ بذاتِهِ ورحمتِهِ قُرْباً ليسَ لهُ نظيرٌ، وهوَ معَ ذلكَ فَوْقَ سَمَاواتِهِ على عرشِهِ، كما أنَّهُ سبحانَهُ يَقْرُبُ منْ عبادِهِ في آخرِ الليلِ وهوَ فَوْقَ عرشِهِ، وَيَدْنُو منْ أهلِ عَرَفَةَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ, وهوَ على عرشِهِ، فإنَّ عُلُوَّهُ سبحانَهُ على سَمَاواتِهِ منْ لَوَازِمِ ذاتِهِ، فلا يكونُ قطُّ إلاَّ عَالِياً، ولا يكونُ فَوْقَهُ شيءٌ الْبَتَّةَ، كما قالَ أعلمُ الخلقِ: ((وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ)) ([3]). وهوَ سبحانَهُ قريبٌ في عُلُوِّهِ، عالٍ في قُرْبِهِ، كما في الحديثِ الصحيحِ عنْ أبي مُوسَى الأشعريِّ قالَ: كُنَّا معَ رسولِ اللهِ في سَفَرٍ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا بالتكبيرِ، فقالَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِباً، إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ)) ([4]).
فَأَخْبَرَ وهوَ أَعْلَمُ الخلقِ بهِ أنَّهُ أقربُ إلى أحدِهِم منْ عُنُقِ راحلتِهِ، وَأَخْبَرَ أنَّهُ فوقَ سَمَاواتِهِ على عَرْشِهِ مُطَّلِعٌ على خلقِهِ، يَرَى أَعْمَالَهُم، وَيَعْلَمُ ما في بُطُونِهِم، وهذا حَقٌّ لا يُنَاقِضُ أَحَدُهُمَا الآخرَ.
والذي يُسَهِّلُ عليكَ فَهْمَ هذا: مَعْرِفَةُ عظمةِ الربِّ وإحاطتِهِ بخلقِهِ، وأنَّ السَّمَاواتِ السبعَ في يَدِهِ كَخَرْدَلَةٍ في يَدِ العبدِ، وأنَّهُ سبحانَهُ يَقْبِضُ السَّمَاواتِ بيدِهِ والأرضَ بيدِهِ الأُخْرَى، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ.
فكيفَ يَسْتَحِيلُ في حقِّ مَنْ هذا بعضُ عَظَمَتِهِ أنْ يكونَ فوقَ عرشِهِ، وَيقْرُبَ منْ خلقِهِ كيفَ شَاءَ وهوَ على العرشِ)([5]). *). [المرتبع الأسنى: ؟؟]
(1) القصيدةُ النُّونيَّةُ (245) .
([2]) ومِن شواهدِ إطلاقِ لفظةِ "قريبٍ" على المؤنثِ مُرادًا به قُربُ المَكانِ - حتى في غيرِ الظرفِ- قولُ امرئِ القيسِ في قصيدتِه الرائيةِ الشهيرةِ :
لَهُ الْوَيْلُ إِنْ أَمْسَى ولاَ أُمُّ هَاشِمٍ = قَرِيبٌ وَلا البَسْبَاسَةُ ابْنَةُ يَشْكُرَا
ومِن شواهدِ إطلاقِ هذه اللفظةِ على اللفظِ المؤنَّثِ لإرادةِ قُربِ الزمانِ قولُ اللهِ تعالَى : {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)} [الشورى :17].
(3) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 300.
(4) سَبَقَ تَخْرِيجُه ص 411.
(5) مُخْتَصَرُ الصواعقِ المرسَلَةِ (395-397)
* وقال – رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى – في طريقِ الهجرتينِ ( 21-23) : (وأَمَّا القُربُ المذكورُ في القرآنِ والسُّنَّةِ فقُربٌ خاصٌّ مِن عَابِدِيهِ وسَائِلِيهِ ودَاعِيهِ، وهو من ثَمْرَةِ التعبُّدِ باسمِه الباطِنِ، قالَ تعالَى : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة : 186] . فهذا قُرْبُه مِن داعِيهِ، وقالَ تعالَى : {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} [الأعراف : 56] . فوَحَّدَ الخبرَ وهو "قريبٌ" عن لفظِ "الرحمةِ" وهي مُؤنثَّةٌ إيذانًا بقُربِه تَعالَى من المُحسِن، فكأنه قالَ: إنَّ اللهَ برحمتِهِ قَرِيبٌ مِن المُحسنِينَ . وفي الصحيحِ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ قالَ: ((أَقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وهو ساجِدٌ)) و ((أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنْ عَبْدِهِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ))، فهذا قُربٌ خاصٌّ غيرُ قُربِ الإحاطةِ وقربُ البُطونِ . وفي "الصحيحِ" من حديثِ أبي مُوسَى أنهم كانوا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ في سَفَرٍ، فارتفعَتْ أصواتُهم بالتكبيرِ فقالَ: ((أيُّها الناسُ، ارْبَعُوا على أَنْفُسِكُمْ ؛ فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ ولا غَائِبًا، إنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ)).
وقال في كتابِ الفوائدِ (26) : ( ثُمَّ أخبرَ عن قُربِه إليه بالعلمِ والإحاطةِ، وأن ذلك أَدْنَى إليه مِن العِرقِ الذي هو داخلُ بَدنِه، فهو أقربُ إليه بالقدرةِ عليه والعلمِ به مِن ذلك العِرْقِ . وقال شيخُنا : المرادُ بقولِه: "نَحْنُ" أي: مَلائِكَتُنا، كما قالَ: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18)} أي: إذا قَرَأَهُ عليك رسولُنا جِبرِيلُ . قال : يَدُلُّ عليه قولُه : {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ}، فقيَّد القُربَ المذكورَ بتَلَقِّي الملكَيْنِ، ولو كانَ المرادُ به قُربَ الذاتِ لم يَتَقيَّدْ بوقتِ تلقِّي المَلَكَيْنِ، فلا حُجَّةَ في الآية لحُلُولِيٍّ ولا مُعَطِّلٍ ) .
وقال كما في مُختصرِ الصواعقِ المُرسَلَةِ (395-396) : ( وأما قولُه تعالَى : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)} فهذه الآيةُ لها شأنٌ، وقد اختلَفَ فيها السلَفُ والخلَفُ على قولينِ :
- فقالَت طائفةٌ : نحنُ أَقْرَبُ إليه بالعلمِ والقدرةِ والإحاطةِ . وعلى هذا فيكونُ المرادُ قُربَهُ سُبحانَهُ بنَفْسِه، وهو نفوذُ قُدرتِهِ ومَشِيئَتِه فيه وإحاطةُ عِلمهِ بهِ .
والقولُ الثانِي : أن المرادَ قُربُ ملائكتِه منه، وأضافَ ذلك إلى نفسِه بصيغةِ ضميرِ الجمعِ على عادةِ العُظماءِ في إضافةِ أفعالِ عَبِيدِها إليها بأوامِرِهم ومَراسيمِهم، فيقولُ المَلِكُ: نَحْنُ قَتلْنَاهُم وهَزَمْنَاهُم، قال تعالَى : {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18)} وجَبرائيلُ هو الذي يَقْرَؤُه على رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، وقالَ : {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ} فأضافَ قَتْلَ المُشرِكينَ يومَ بدرٍ إليهِ، وملائكتُه هم الذين بَاشَرُوه ؛ إذ هو بأمرِه . وهذا القولُ هو أصحُّ من الأولِ لوجوهٍ:
- أحدُها : أنه سُبحانَهُ قيَّدَ القُربَ في الآيةِ بالظَّرْفِ، وهو قولُه : {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ} كالعاملِ في الظرفِ ما في قولِه : {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ} مِن مَعنَى الفعلِ، ولو كان المرادُ قُربَهُ سُبحانَهُ بنَفْسِه لم يتقيَّدْ ذلك بوقتِ تَلقِّي المَلَكَيْنِ، ولا كان في ذِكرِ التقيُّدِ به فائدةٌ؛ فإنَّ عِلمَهُ سُبحانَهُ وقُدرتَهُ ومشيئَتَهُ عامةُ التعلقِ .
- الثاني : أن الآيةَ تكونُ قد تَضَمَّنَتْ عِلمَهُ وكِتابَةَ مَلائكَتِه لعملِ العبدِ، وهذا نظيرُ قولِه : {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80)}، وقريبٌ منه قولُه تعالَى في أولِ السورةِ: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4)} ونحوُ قولِه: {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52)}
- الثالثُ : أن قُربَ الربِّ تعالى إنما وَرَدَ خاصًّا لا عامًّا.