أقسامُ الإطنابِ
الإطنابُ يكونُ بأمورٍ كثيرةٍ:
منها: ذكْرُ الخاصِّ بعدَ العامِّ، نحوَ: (اجْتَهِدُوا في دروسِكم واللغةِ العربيَّةِ)، وفائدتُه التنبيهُ على فضْلِ الخاصِّ، كأنَّهُ لرِفْعَتِه جِنْسٌ آخَرُ مغايِرٌ لما قَبْلَه.
ومنها: ذكْرُ العامِّ بعدَ الخاصِّ، كقولِه تعالى: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}.
ومنها: الإيضاحُ بعدَ الإبهامِ، نحوُ: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ}.
ومنها: التَّوْشِيعُ، وهوَ أنْ يُؤْتَى في آخِرِ الكلامِ بمثُنًّى مُفَسَّرٍ باثنينِ، كقولِهِ:
أُمْسِي وأُصْبِحُ مِنْ تَذْكارِكُمْ وَصِبًا يَرْثِي ليَ المشْفِقَانِ: الأهْلُ والوَلَدُ
ومنها: التكريرُ لغَرَضٍ، كطُولِ الفَصْلِ في قولِه:
وإنَّ امرأً دامَتْ مواثيقُ عهْدِه ..... على مِثْلِ هذا إنَّهُ لكريمُ
وكزيادةِ الترغيبِ في العَفْوِ، في قولِه تعالى: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
وكتأكيدِ الإنذارِ، في قولِه تعالى: {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
ومنها: الاعتراضُ، وهوَ توسُّطُ لفظٍ بينَ أجزاءِ جملةٍ أوْ بينَ جملتينِ مرْتَبِطتينِ معنًى لغَرَضٍ، نحوُ:
إنَّ الثمانينَ -وبُلِّغْتَهَا- ..... قدْ أَحْوَجَتْ سَمْعِي إلى تَرْجُمانِ
ونحوَ قولِه تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ}.
ومنها: الإيغالُ، وهوَ خَتْمُ الكلامِ بما يُفيدُ غَرَضًا يَتِمُّ المعنى بدونِه، كالمبالَغةِ في قولِ الْخَنساءِ:
وإنَّ صَخْرًا لتَأَتَمُّ الْهُداةُ بهِ ..... كأنَّهُ عَلَمٌ في رَأْسِه نارُ
ومنها: التذييلُ، وهوَ تعقيبُ الجملةِ بأخرى تَشتمِلُ على معناها تأكيدًا لها.
وهوَ إمَّا أنْ يكونَ جاريًا مَجرَى الْمَثَلِ لاستقلالِ معناهُ، واستغنائِه عمَّا قَبْلَه، كقولِه تعالى: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}.
وإمَّا أنْ يكونَ غيرَ جارٍ مَجْرَى المثل لعَدَمِ استغنائِه عمَّا قَبْلَه، كقولِه تعالى: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ}.
ومنها: الاحتراسُ، وهوَ أن يُؤْتَى في كلامٍ يُوهِمُ خلافَ المقصودِ بما يَدْفَعُه، نحوُ:
فسَقَى ديارَكِ غيرَ مفسِدِها ..... صوْبُ الربيعِ ودِيمةٌ تَهْمِي
ومنها: التكميلُ، وهوَ أنْ يُؤْتَى بفَضْلَةٍ تَزيدُ المعنى حُسْنًا، نحوُ: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ}، أيْ: معَ حُبِّهِ. وذلكَ أبْلَغُ في الكرَمِ.