باب الشين
قال أبو عبد الله الحسين بن محمد الدامغاني (ت: 478هـ) : (باب الشين
الشرك – الشقاق – الشكر – شيعا – الشياطين – الشجر – الشقاء – الشفاء – الشفاعة – الشطط – الشهيد والشهادة – الشراء – الشدة – الشراب – الشوى
تفسير (الشرك) على ثلاثة أوجه:
الشرك بالله تعالى – الشرك في الطاعة – الرياء
فوجه منها: الشرك يعني: الإشراك بالله، وهو أن يعدل به غيره, قوله تعالى في سورة النساء {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا} أي: لا تعدلوا به شيئا سواه, وكقوله تعالى {إن الله لا يغفر أن يشرك به}، مثلها في سورة المائدة 72, وفي سورة براءة {أن الله بريء من المشركين ورسوله} يعني: الذين يعدلون به غيره.
والوجه الثاني: الشرك في الطاعة من غير عبادة, قوله تعالى في سورة الأعراف: {فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما} أي: جعلا إبليس شريكا مع الله سبحانه وكقول إبليس في سورة إبراهيم {إني كفرت بما أشركتمون من قبل}.
والوجه الثالث: الشرك: الرياء, قوله تعالى في سورة الكهف {ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} يعني: ولا يرائي, ونظيره كثير.
تفسير (الشقاق) على ثلاثة أوجه:
ضلال – اختلاف – عداوة
فوجه منها: شقاق يعني: الضلال، قوله تعالى في سورة البقرة {وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد} يعني: لفي ضلال طويل, وكقوله تعالى في سورة الحج {وإن الظالمين لفي شقاق بعيد}، وكقوله تعالى في سورة حم السجدة {من أضل ممن هو في شقاق بعيد} يعني: ضلال طويل.
والوجه الثاني: شقاق يعني: اختلاف، قوله تعالى في سورة النساء {ومن يشاقق الرسول} يعني: يخالف الرسول, وكقوله تعالى في سورة النساء {وإن خفتم شقاق بينهما} يعني: اختلافا بينهما.
والوجه الثالث: شقاق يعني: عداوة، قوله تعالى في سورة الحشر {ذلك بأنهم شاقوا الله} يعني: عادوا الله {ورسوله} نظيرها في سورة الأنفال {ذلك بأنهم شاقوا الله}، وكقوله تعالى {لا يجرمنكم شقاقي} أي: عداوتي, وكقوله تعالى في سورة محمد صلى الله عليه وسلم: {وشاقوا الرسول}.
تفسير (الشكر) على وجهين:
التوحيد – شكر النعمة
فوجه منهما: الشكر يعني: التوحيد, قوله تعالى في سورة آل عمران: {وسنجزي الشاكرين} يعني: الموحدين, وكقوله تعالى {لئن شكرتم} يقول: لئن وحدتم {لأزيدنكم}.
والوجه الثاني: الشكر: شكر النعمة، قوله تعالى في سورة البقرة {واشكروا لله}، {واشكروا لي} يعني: اشكروا نعمتي, وكقوله تعالى في سورة النمل عن سليمان {أأشكر أم أكفر} ونحوه كثير.
تفسير (شيعا) على خمسة أوجه:
الفرق – الجنس – الملة – الإشاعة – الأهواء المختلفة
فوجه منها: شيعا يعني: فرقا أحزابا: يهودا ونصارى وصائبين, كقوله تعالى في سورة الروم {ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا} يعني: فرقا وأحزابا, وكقوله تعالى في سورة القصص {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا} أي: أحزابا فرقا: فرقة القبط, وفرقة بني إسرائيل، وكقوله تعالى في سورة الحجر {ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين} يعني: في فرق الأولين قوم نوح وقوم هود ونحوه كثير.
والوجه الثاني: الشيع: الجنس، قوله تعالى في سورة القصص {فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته} أي: من جنسه يعني: من جنس موسى {فاستغاثه الذي من شيعته} أي: من جنسه.
والوجه الثالث: الشيع يعني: الملة، كقوله تعالى في سورة اقتربت الساعة: {ولقد أهلكنا أشياعكم} يعني: أهل ملتكم، وكقوله تعالى في سورة سبأ {كما فعل بأشياعهم} يعني: بأهل ملتهم, وكقوله تعالى في سورة مريم {ثم لنزعن من كل شيعة} يعني: أهل ملة, وقال تعالى في سورة الصافات {وإن من شيعته لإبراهيم} يعني: وإن من أهل ملة نوح لإبراهيم.
والوجه الرابع: الشيع: الإشاعة, قوله تعالى في سورة النور {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا} يعني: أن تفشوا الفاحشة.
والوجه الخامس: شيعا يعني: الأهواء المختلفة، قوله تعالى في سورة الأنعام: {أو يلبسكم شيعا} يعني: أهواء مختلفة.
تفسير (الشياطين) على ثلاثة أوجه:
الكهنة – الحيات – الطغاة من الإنس والجن
فوجه منها: الشياطين يعني: الكهنة، قوله تعالى في سورة البقرة {وإذا خلو إلى شياطينهم} يعني: إلى كهنتهم، كعب بن الأشرف وغيره.
والوجه الثاني: الشياطين: الحيات، قوله تعالى في سورة الصافات {طلعها كأنه رءوس الشياطين} يعني: رءوس الحيات.
والوجه الثالث: الشياطين: الطغاة من الإنس والجن، قال الله تعالى في سورة الأنعام {شياطين الإنس والجن}، وكقوله تعالى {إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم}.
تفسير (الشجرة) على تسعة أوجه:
العوسج – الكرم – الزقوم – النخلة – سمرة – القرع – كل شجرة لها ساق – حنظلة
فوجه منها: الشجرة يعني: العوسج، قوله تعالى في سورة القصص {من الشجرة أن يا موسى} وهو العوسج.
والوجه الثاني: الشجرة هي: الكرم، قوله تعالى في سورة البقرة {ولا تقربا هذه الشجرة} يعني: الكرم، نظيرها في سورة الأعراف 19.
والوجه الثالث: الشجرة يعني: الزيتون، قوله تعالى في سورة المؤمنون {وشجرة تخرج من طور سيناء}، وكقوله تعالى {يوقد من شجرة مباركة} يعني: الزيتون.
والوجه الرابع: الشجرة يعني: الزقوم، قوله تعالى في سورة الصافات {إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم}، وكقوله تعالى في سورة الدخان {إن شجرت الزقوم}، وكقوله تعالى {والشجرة الملعونة}.
والوجه الخامس: الشجرة يعني: النخلة، قوله تعالى في سورة إبراهيم {ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة} يعني: النخلة.
والوجه السادس: الشجرة يعني: السمرة، قوله تعالى في سورة الفتح {إذ يبايعونك تحت الشجرة}.
والوجه السابع: الشجرة يعني: القرع وهو اليقطين، قوله تعالى في سورة الصافات {وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} يعني: القرع.
والوجه الثامن: الشجرة: ما يكون لها ساق، قوله تعالى في سورة الرحمن {والنجم والشجر يسجدان}.
والوجه التاسع: الشجرة الحنظل، قوله تعالى في سورة إبراهيم: {كشجرة خبيثة} يعني: حنظلة.
تفسير (الشقاء) على ثلاثة أوجه:
العصيان دون الشرك – الكفر بالله – التعب والنصب
فوجه منها: الشقاء يعني: العصيان دون الشرك, قوله تعالى في سورة مريم {ولم يجعلني جبارا} متكبرا {شقيا} أي: عاصيا.
والوجه الثالث: الشقي: الكافر, قوله تعالى في سورة هود {فمنهم شقي وسعيد} يعني: كافرا, وسعيد يعني: مؤمنا.
والوجه الثالث: الشقاء: التعب والنصب، قوله تعالى {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} لتتعب، وكقوله تعالى {فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى} لتتعب, وكقوله تعالى {فلا يضل ولا يشقى}.
تفسير (الشفاء) على أربعة أوجه:
العافية – الفرح – البيان – الطرف: بنصب الشين من شفا
فوجه منها: الشفاء يعني: الفرح, وقوله تعالى في سورة التوبة {ويشف صدور قوم مؤمنين} يعني: يفرح قلوبهم.
والوجه الثاني: الشفاء: العافية, قوله تعالى في سورة الشعراء {وإذا مرضت فهو يشفين}، وكقوله تعالى {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}.
والوجه الثالث: الشفاء: البيان، قوله تعالى في سورة يونس {وشفاء لما في الصدور} يعني: بيانا, وكقوله تعالى في سورة السجدة {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء} يعني: بيانا.
والوجه الرابع: شفا بنصب الشين: الطرف، قوله تعالى في سورة التوبة {على شفا} على طرف {جرف هار} وقوله تعالى {على شفا حفرة} أي: على طرف.
تفسير (الشفاعة) على أربعة أوجه:
العمل الصالح (والطالح) – الشفيع والمسألة – الإذن بالشفاعة – الذكر والأنثى
فوجه منها: الشفاعة: العمل بالحسنة أو السيئة، قوله تعالى في سورة النساء {من يشفع شفاعة حسنة} أي: يوحد ويصلح بين اثنين {يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة} يشرك بين اثنين {يكن له كفل منها}.
والوجه الثاني: الشفاعة هو الشفيع بعينه، قوله تعالى في سورة البقرة {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} وكقوله تعالى {ولا خلة ولا شفاعة}.
والوجه الثالث: الشفاعة: هي الإذن بها, قوله تعالى في سورة الزمر {قل لله الشفاعة جميعا} يعني: الإذن بالشفاعة.
والوجه الرابع: الشفع يعني: الذكر والأنثى، قوله تعالى في سورة الفجر {والشفع والوتر}.
تفسير (الشطط) على وجهين:
الزور – الميل
فوجه منهما: الشطط: الزور والكذب، قوله تعالى في سورة الجن {وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا} يعني: زورا وكذبا, وكقوله تعالى {لقد قلنا إذا شططا}.
والوجه الثالث: الشطط: الميل والجور, قوله تعالى في سورة ص {ولا تشطط} يعني: لا تجر, ولا تمل.
تفسير (الشهداء والشهادة والإشهاد) على سبعة أوجه:
الأنبياء – الحفظة – أمة محمد صلى الله عليه وسلم – المستشهدون في سبيل الله الشاهد على الحق – الحاضر – الشريك
فوجه منها: الشهداء يعني: النبي صلى الله عليه وسلم، قوله تعالى في سورة النساء {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد} يعني: بنبيهم شاهدا عليهم بتبليغ الرسالة إليهم {وجئنا بك} يا محمد، {على هؤلاء شهيدا} بتبليغ الرسالة، ومثلها في سورة النحل {ويوم نبعث من كل أمة شهيدا}، مثلها في سورة المائدة {وكنت عليهم شهيدا} يعني: نبيا: وكقوله تعالى في سورة هود {ويقول الأشهاد} يعني: الأنبياء, ونحوه كثير.
والوجه الثاني: الشهيد: الحافظ من الملائكة الذي يكتب أعمال بني ادم، قوله تعالى في سورة ق {وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد} يعني: الملك الذي يكتب أعمال بني ادم, وكقوله تعالى في سورة الزمر {وجيء بالنبيين والشهداء} يعني: الحفظة, وكقوله تعالى {ويوم يقوم الأشهاد} يعني: الحفظة.
والوجه الثالث: الشهيد يعني: أمة محمد صلى الله عليه وسلم يشهدون عليهم بأعمالهم، قوله تعالى في سورة البقرة {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}، ونظيرها في سورة الحج {وتكونوا شهداء على الناس} يعني: شهداء للرسل, مثلها في سورة المائدة {فاكتبنا مع الشاهدين} يعني: أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
والوجه الرابع: الشهيد يعني: المستشهد في سبيل الله تعالى في سورة النساء {والصديقين والشهداء}، نظيرها في سورة الحديد {والشهداء عند ربهم} يعني: استشهدوا في سبيل الله.
والوجه الخامس: الشهيد يعني: الذي يشهد في الحق على الخلق, يعني: في حقوق الناس, قوله تعالى في سورة البقرة {واستشهدوا شهيدين من رجالكم}، وكقوله تعالى في سورة النساء القصرى {وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله}.
والوجه السادس: الشهيد يعني: الحاضر, قوله تعالى في سورة الفرقان {والذين لا يشهدون الزور} أي: لا يحضرون, وكقوله تعالى في سورة النور {وليشهد عذابهما طائفة} يعني: وليحضر, مثلها في سورة البقرة {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت}.
والوجه السابع: الشهداء يعني: الشركاء, قوله تعالى في سورة البقرة {وادعوا شهداءكم} يعني: شركاءكم {من دون الله}.
تفسير (الشراء) على ثلاثة أوجه:
الاختبار – الابتياع – البيع بعينه
فوجه منها: الشراء: الاختيار, قوله تعالى في سورة البقرة {أولئك الذين اشتروا} يعني: اختاروا {الضلالة بالهدى}، مثلها {أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة}، وكقوله تعالى {ويشترون به ثمنا قليلا}.
مثلها في سورة لقمان {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} يعني: يختار.
والوجه الثاني: الاشتراء: الابتياع, قوله تعالى في سورة براءة {إن الله اشترى من المؤمنين} يعني: ابتاع.
والوجه الثالث: الاشتراء: البيع بعينه، قوله تعالى في سورة البقرة {بئسما اشتروا به أنفسهم} يعني: باعوا أنفسهم، وليس مثلها في القرآن.
تفسير (الشدة والشديد والأشد) على ستة أوجه:
أدوم – أغلظ – أشر – أقوى – أعدى – الأشد: الحلم
فوجه منها: أشد يعني: أدوم، قوله تعالى في سورة البقرة {والذين آمنوا أشد حبا لله} يعني: أدوم حبا لله, مثلها {ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب} يعني: أدوم العذاب.
والوجه الثاني: أشد يعني: أغلظ، قوله تعالى في سورة الفتح {أشداء على الكفار} يعني: غلظاء على الكفار.
والوجه الثالث: أشد يعني: أشر, قوله تعالى في سورة البقرة {والفتنة أشد من القتل} يعني: أشر.
والوجه الرابع: أشد يعني: أقوى، فذلك قوله تعالى في سورة السجدة {هو أشد منهم قوة} أي: أقوى قوة.
والوجه الخامس: أشد يعني: أعدى عداوة، قوله تعالى في سورة المائدة {لتجدن أشد الناس عداوة} يعني: أعدى الناس عداوة {للذين آمنوا اليهود}.
والوجه السادس: أشد بضم الشين ونصب الدال: الحلم، قوله تعالى في سورة يوسف {ولما بلغ أشده}، وكقوله تعالى في سورة القصص {ولما بلغ أشده} قال زيد أسلم ومالك بن أنس: الأشد: الحلم.
تفسير (الشراب والشرب) على ستة أوجه:
العسل – الزنجبيل والسلسبيل – الحميم – البارد – الماء – حب الشيء
فوجه منها: الشراب: العسل، قوله تعالى في سورة النحل {شراب مختلف ألوانه} يعني: العسل {وفيه شفاء للناس}.
والوجه الثاني: الشراب: الزنجبيل والسلسبيل, قوله تعالى {وسقاهم ربهم شرابا طهورا} يعني به: الزنجبيل والسلسبيل.
والوجه الثالث: الشراب: الحميم، قوله تعالى في سورة يونس {لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون} ونحوه كثير.
والوجه الرابع: الشراب: البارد, قوله تعالى في سورة عم يتساءلون {لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا} يعني: بالبرد: نوما, ولا شرابا: باردا.
والوجه الخامس: الشراب يعني: الماء, قوله تعالى {كلوا واشربوا هنيئا} في مواضع من القرآن (الطور 19, الحاقة 24، المرسلات 43) يعني: اشربوا الماء.
والوجه السادس: الشراب يعني: حب الشيء، قوله تعالى في سورة البقرة {واشربوا في قلوبهم العجل} يعني: أدخل حب العجل في قلوبهم.
تفسير (الشوى) على وجهين:
الشوى: الأطراف – والشوى بعينه
فوجه منهما: الشوى: الأطراف، قال الله تعالى في سورة المعارج {نزاعة للشوى} يعني: الأطراف عند مجاهد, وهو كذلك عند أهل اللغة. وقال أبو صالح: لحم الساقين. وقال الحسن: الهامة.
والوجه الثاني: الشوى بعينه، قال تعالى في سورة الكهف {بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب} يعني: يحرق الوجوه). [الوجوه والنظائر: 282-293]