دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > التأريخ > متون التاريخ > قصص الأنبياء

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الأولى 1431هـ/14-04-2010م, 05:03 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي قصة شعيب عليه السلام


قصة شعيب عليه السلام:
نبأه الله وأرسله إلى أهل مدين ، وكانوا مع شركهم يبخسون المكاييل والموازين ، ويغشون في المعاملات ، وينقصون الناس أشياءهم ، فدعاهم إلى توحيد الله ، ونهاهم عن الشرك به ، وأمرهم بالعدل في المعاملات ، وزجرهم عن البخس في المعاملات ، وذكرهم الخير الذي أدره الله عليهم ، والأرزاق المتنوعة ، وأنهم ليسوا بحاجة إلى ظلم الناس في أموالهم ، وخوفهم العذاب المحيط في الدنيا قبل الآخرة ، فأجابوه ساخرين وردوا عليه متهكمين فقالوا :{ يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد } [هود : 87] .
أي : فنحن جازمون على عبادة ما كان آباؤنا يعبدون ، وجازمون على أننا نفعل في أموالنا ما نريد من أي معاملة تكون ، فلا ندخل تحت أوامر الله وأوامر رسله ; فقال لهم :{ يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا } .
أي : أغناني الله .
{ وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } [هود : 88] .
أي : ما نهيتكم عن المعاملات الخبيثة وظلم الناس فيها ، إلا وأنا أول تارك لها ، مع أن الله أعطاني ووسع علي وأنا محتاج إلى المعاملة ، ولكني متقيد بطاعة ربي ، إن أريد في فعلي وأمري لكم إلا الإصلاح ، أي : أن تصلح أحوالكم الدينية والدنيوية ما استطعت :
{ وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب } [هود : 88] .
ثم خوفهم أخذات الأمم التي حولهم في الزمان والمكان فقال : { لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد } [هود : 89] .
ثم عرض عليهم التوبة ، ورغبهم فيها فقال : { واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود }[هود : 90] .
فلم يفد فيهم ، فقالوا : { ما نفقه كثيرا مما تقول } .
وهذا لعنادهم وبغضهم البليغ للحق { وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز }{ قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي بما تعملون محيط } .
[ثم لما رأى عتوهم قال :]
{ ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب }{ ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا } [هود : 91 - 94] .
{ ونجيناهم من عذاب غليظ } [هود : 58] .
فأرسل الله عليهم حرا أخذ بأنفاسهم حتى كادوا يختنقون من شدته ، ثم في أثناء ذلك أرسل سحابة باردة فأظلتهم ، فتنادوا إلى ظلها غير الظليل ، فلما اجتمعوا فيها التهبت عليهم نارا ، فأحرقتهم وأصبحوا خامدين معذبين مذمومين ملعونين في جميع الأوقات .

* وفي قصة شعيب فوائد متعددة :
منها : أن بخس المكاييل والموازين خصوصا ، وبخس الناس أشياءهم عموما من أعظم الجرائم الموجبة لعقوبات الدنيا والآخرة .
ومنها : أن المعصية الواقعة لمن عدم منه الداعي والحاجة إليها أعظم ، ولهذا كان الزنا من الشيخ أقبح من الشباب ، والكبر من الفقير أقبح من الغني ، والسرقة ممن ليس بمحتاج أعظم من وقوعها من المحتاج ؛ لهذا قال شعيب لقومه : { إني أراكم بخير } [هود : 84] .
أي : بنعم كثيرة ، فأي أمر أحوجكم إلى الهلع إلى ما بأيدي الناس بطرق محرمة .
ومنها : قوله : { بقية الله خير لكم } [هود : 86] .
فيه الحث على الرضا بما أعطى الله ، والاكتفاء بحلاله عن حرامه ، وقصر النظر على الموجود عندك من غير تطلع إلى ما عند الناس .
ومنها : فيه دلالة على أن الصلاة سبب لفعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وللنصيحة لعباد الله ، وقد علم ذلك الكفار بما قالوا لشعيب : { أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد } ، وقال تعالى :{ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } [العنكبوت : 45] .
ومن هنا تعرف حكمة الله ورحمته في أنه فرض علينا الصلوات ، تتكرر في اليوم والليلة لعظم وقعها ، وشدة نفعها ، وجميل آثارها ، فلله على ذلك أتم الحمد .
ومنها : أن العبد في حركات بدنه وتصرفاته ، وفي معاملاته المالية ، داخل تحت حجر الشريعة ، فما أبيح له منها فعله ، وما منعه الشرع تعين عليه تركه ، ومن يزعم أنه في ماله حر له أن يفعل ما يشاء من معاملات طيبة وخبيثة ، فهو بمنزلة من يرى أن عمل بدنه كذلك ، وأنه لا فرق عنده بين الكفر والإيمان ، والصدق والكذب ، وفعل الخير والشر ، الكل مباح ، ومن المعلوم أن هذا هو مذهب الإباحيين الذين هم شر الخليقة ، ومذهب قوم شعيب يشبه هذا ؛ لأنهم أنكروا على شعيب لما نهاهم عن المعاملات الظالمة ، وأباح لهم سواها ، فردوا عليه أنهم أحرار في أموالهم ، لهم أن يفعلوا فيها ما يريدون ، ونظير هذا قول من قال : إنما البيع مثل الربا ، فمن سوى بين ما أباحه وبين ما حرمه الله فقد انحرف في فطرته وعقله بعدما انحرف في دينه .
ومنها : أن الناصح للخلق الذي يأمرهم وينهاهم من تمام قبول الناس له : أنه إذا أمرهم بشيء أن يكون أول الفاعلين له ، وإذا نهاهم عن شيء كان أول التاركين ؛ لقول شعيب : { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } .
ومنها : أن الأنبياء جميعهم بعثوا بالإصلاح والصلاح ، ونهوا عن الشرور والفساد ، فكل صلاح وإصلاح ديني ودنيوي فهو من دين الأنبياء ، وخصوصا إمامهم وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنه أبدا وأعاد في هذا الأصل ، ووضع للخلق الأصول النافعة التي يجرون عليها في الأمور العادية والدنيوية ، كما وضع لهم الأصول في الأمور الدينية ، وأنه كما أن على العبد السعي والاجتهاد في فعل الصلاح والإصلاح ، فعليه أن يستمد العون من ربه على ذلك ، وأن يعلم أنه لا يقدر على ذلك ، ولا على تكميله إلا بالله ؛ لقول شعيب : { إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب } .
ومنها : أن الداعي إلى الله يحتاج إلى الحلم وحسن الخلق ومقابلة المسيئين بأقوالهم وأفعالهم بضد ذلك ، وأن لا يحبطه أذى الخلق ولا يصده عن شيء من دعوته ، وهذا الخلق كماله للرسل صلوات الله عليهم وسلم ، فانظر إلى شعيب عليه السلام ، وحسن خلقه مع قومه ، ودعوته لهم بكل طريق وهم يسمعونه الأقوال السيئة ، ويقابلونه المقابلة الفعلية ، وهو صلى الله عليه وسلم يحلم عليهم ويصفح ، ويتكلم معهم كلام من لم يصدر منهم له وفي حقه إلا الإحسان ، ويهون هذا الأمر أن هذا خلق من ظفر به وحازه فقد فاز بالحظ العظيم ، وأن لصاحبه عند الله المقامات العالية والنعيم المقيم ، ويهونه أنه يعالج أمما قد طبعوا على أخلاق إزالتها وقلعها أصعب من قلع الجبال الرواسي ، ومرنوا على عقائد ومذاهب بذلوا فيها الأموال والأرواح ، وقدموها على جميع المهمات عندهم ، أفتظن مع هذا أن أمثال هؤلاء يقتنعون بمجرد القول بأن هذه مذاهب باطلة وأقوال فاسدة ، أم تحسبهم يغتفرون لمن نالها بسوء ؟ . . كلا والله ، إن هؤلاء يحتاجون إلى معالجات متنوعة بالطرق التي دعت إليها الرسل ، يذكرون بنعم الله ، وأن الذي تفرد بالنعم يتعين أن يفرد بالعبادة ، ويذكر لهم من
تفاصيل النعم ما لا يعد ولا يحصى ، ويذكرون بما في مذاهبهم من الزيغ والفساد والاضطراب ، والتناقض المزلزل للعقائد ، الداعي إلى تركها ، ويذكرون بما بين أيديهم وما خلفهم من أيام الله ووقائعه بالأمم المكذبة للرسل ، المنكرة للتوحيد ، ويذكرون بما في الإيمان بالله وتوحيده ودينه من المحاسن والمصالح والمنافع الدينية والدنيوية ، الجاذبة للقلوب ، المسهلة لكل مطلوب ، ومع هذا كله فيحتاج الخلق إلى الإحسان إليهم ، وبذل المعروف ، وأقل ذلك الصبر على أذاهم ، وتحمل ما يصدر منهم ، ولين الكلام معهم ، وسلوك كل سبيل حكمة معهم ، والتنقل معهم في الأمور بالاكتفاء ببعض ما تسمح به أنفسهم ليستدرج بهم إلى تكميله ، والبداءة بالأهم فالأهم ، وأعظمهم قياما بهذه الأمور وغيرها سيدهم وخاتمهم وإمام الخلق على الإطلاق : محمد صلى الله عليه وسلم .


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
شعيب, قصة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:19 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir