قال محمد بن صالح العثيمين (ت:1421هـ): (موهم التعارضفي القرآن
تعريف موهم التعارض في القرآن:
أن تتقابل آيتان، بحيث يمنع مدلولإحداهما مدلول الأخرى، مثل أن تكون إحداهما مثبته لشيء والأخرى نافيةفيه.
الأحوال التي يمتنع فيها التعارض:
1/ يمتنع التعارض بين آيتين مدلولهما خبري، لأنه يلزم كون إحداهما كذبا، وهو مستحيل في أخبارالله تعالى، قال الله تعالى:{ومن أصدق من اللّهحديثاً}[النساء: الآية 87]{ومنأصدق من اللّه قيلاً }[النساء: الآية 122]
2/ يمتنع التعارض بين آيتين مدلولهما حكمي؛ لأن الأخيرة منهما ناسخة للأولى قال اللهتعالى: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها نأت بخيرٍ منها أومثلها}[البقرة: الآية 106]وإذا ثبت النسخ كان حكمالأولى غير قائم ولا معارض للأخيرة.
الموقف الصحيح عند الوقوع على ما يوهم التعارض:
محاولة الجمع بينهما،فإن لم يتبين لك وجب عليك التوقف، وتكل الأمر إلىعالمه.
أجمع المؤلفات في هذا الموضوع:
كتاب ( دفع إيهام الاضطراب عن أي الكتاب ) للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمهالله تعالى.
أمثلة على ما يوهم التعارض:
1/ قولهتعالى في القرآن: {هدىً للمتّقين}[البقرة: الآية 2]
وقوله فيه: {شهر رمضانالّذي أنزل فيه القرآنهدىً للنّاس}[البقرة: الآية 185]
فجعل هداية القرآن في الآية الأولى خاصةبالمتقين، وفي الثانية عامة للناس،
والجمع بينهما:
أن الهداية في الأولى هدايةالتوفيق والانتفاع، والهداية في الثانية هداية التبيانوالإرشاد.
2/ قوله تعالى في الرسول صلى الله عليه وسلم: {إنّك لا تهدي منأحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء} [القصص: 56]وقوله فيه{وإنّك لتهدي إلى صراطٍمستقيمٍ}[الشورى: الآية 52]الجمع بينهما:
الأولىهداية التوفيق والثانية هداية التبيين.
3/ قوله تعالى:{شهداللّه أنّه لا إله إلّا هو والملائكة وأولو العلم}[آل عمران: الآية 18]وقوله: {فما أغنت عنهم آلهتهم الّتي يدعون من دون اللّه منشيءٍ لمّا جاء أمر ربّك وما زادوهم غير تتبيبٍ} [هود: الآية 101]
ففي الآيتين الأوليين نفي الألوهية عما سوى الله تعالى وفي الأخريينإثبات الألوهية لغيره.
الجمع بينهما:
أن الألوهية الخاصة بالله عز وجل هيالألوهية الحق، وأن المثبتة لغيره هي الألوهية الباطلة؛ لقوله تعالى:{ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّ مايدعون من دونه هو الباطل وأنّ اللّه هو العليّ الكبير} [الحج: 62].
4/ قولهتعالى: {قل إنّ اللّه لا يأمر بالفحشاء}[لأعراف: الآية 28]وقوله: {وإذا أردنا أننهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها القول فدمّرناهاتدميراً} [الإسراء: 16]ففي الآية الأولى نفي أن يأمرالله تعالى بالفحشاء، وظاهر الثانية أن الله تعالى يأمر بما هو فسق.
الجمع بينهما:
أنالأمر في الآية الأولى هو الأمر الشرعي، والله تعالى لا يأمر شرعا بالفحشاء لقولهتعالى: {إنّ اللّه يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربىوينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلّكم تذكّرون} [النحل: 90]والأمر في الآية الثانية هو الأمر الكوني، والله تعالى يأمركونا بما شاء حسب ما تقتضيه حكمته لقوله تعالى:{إنّما أمرهإذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} [يّس: 82).