لمعرفة أقسام الناس حين الدعوة فلننظر إلى دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم التي حكاها القرآن :
وقفات مع دعوة الرسل إلى أقوامهم متمثلة في دعوة محمد صلى الله عليه وسلم :
1-الدعوة تتناول جميع أفراد البشر وطبقاتهم واختلافاتهم
2-اتباع كل الطرق المتنوعة في دعوة الخلق ومنها :
*-طريقة ضرب الأٍمثال وهي من الطرق المحسوسة النافعة في التعليم لتوضيح المطالب العالية والعقائد الصحيحة والفاسدة :ومثالها :
مثل كلمة التوحيد والعقيدة الصحيحة
{كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: 24]
ومثل ضد ذلك بالشجرة الخبيثة التي لا لها أصل ثابت ولا فرع نافع.
ومثل المشرك بربه كالعبد الذي يتنازعه شركاء متشاكسون، والموحد المخلص لله السالم من تعلقه بغيره.
وكذلك مثَّل الشرك والمشرك واتخاذه وليا من دون الله يتعزز به وينتصر: {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ} [العنكبوت: 41]
ومثل وحيه بمنزلة الغيث النافع، وقلوب الخلق بمنزلة الأراضي الطيبة القابلة والخبيثة,
*-يقسم الله تعالى على أصول الدين التي يجب على الخلق الإيمان بها
*-دعا للتفكر بآيات الله الكونية والقرآنية
3-كان من طرق الدعوة توضيح المنهج حتى لا يكون للناس حجة على الله من بعد الرسل ، ومثاله :
*-جعل الله تعالى السبيل الفصل في الخصومات هو ردها إلى كتاب الله وسنة رسوله : {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]
4-اتباع أسلوب الترغيب والترهيب، مثاله :
*-جعل تعالى من التزم أمره ووصل ما أمر الله أن يوصل من مكارم الأخلاق له المنازل العالية في الجنات ، قال تعالى : {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} [الرعد: 21] {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} [الرعد: 23]
*-جعل الله تعالى السوابق الحميدة للعبد في حالة الرخاء سببا للنجاة من الشدائد، قال تعالى :{فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ - لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: 143 - 144]
وقول أهل الجنة فيها:
{إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ - فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ - إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: 26 - 28]
5- بين للناس أن اتباع الدين هو خير لهم في الدنيا والآخرة فلا يخافوا على مال زائل وملك فان ، ومثاله :
*-لانشراح الصدر والطمأنينة أسبابا منها : اليقين والايمان والاكثار ذكر الله والانابة وقوة الإنابة إليه، والقناعة بما أعطى من الرزق، وحصول العلم النافع، وترك الذنوب والمبادرة بالتوبة مما وقع منها، وشواهد هذا كثيرة، منها قوله تعالى:
{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]
{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزمر: 22]
{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار: 13]
*-من فضل الله تعالى أن يتفضل على عباده بنعيم القلب المؤمن بالله في الدنيا : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]
{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ - كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 14 - 15]
ومع كل هذا التنوع في الدعوة فإن الناس كانوا على أقسام في الاستجابة :
القسم الأول: المنقادون الملتزمون الراغبون في الخير، الراهبون من الشر، فهؤلاء سلمت فطرتهم فاتبعوا نور الوحي الذي يصدق الفطرة.
والقسم الثاني: الذين عندهم غفلة وإعراض واشتغال بأمور صادَّة عن الحق، فهؤلاء مع الدعوة يحتاجون لبرهان ودليل يوضح لهم المعنى .
والقسم الثالث: المعارضون أو المعاندون المكابرون، المتصدون لمقاومة الحق ونصرة الباطل، فهؤلاء لا بد أن يسلك معهم طريق المجادلة بالتي هي أحسن بحسب ما يليق بالمجادِل والمجادَل وبتلك المقالة وما يقترن بها..