إياك والمماراة، فإنها نقمة، أما المناظرة في الحق، فإنها نعمة، إذ المناظرة االحقة فيها إظهار الحق على الباطل، والراجح على المرجوح، فهي مبنية على المناصحة والحلم، ونشر العلم، أما المماراة في المحاورات والمناظرات، فإنها تحجج ورياء، ولغط وكبرياء، ومغالبة ومراء، واختيال وشحناء، ومجاراة للسفهاء، فاحذرها واحذر فاعلها، تسلم من المآثم وهتك المحارم، وأعرض تسلم وتكبت المآثم والمغرم.
المجادلة في الحق مأمور بها كما قال الله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) (سورة النحل: 125)، فإذا تمرن الإنسان على المناظرة والمجادلة حصل على خير كثير.
لكن المجادلة نوعان: مجادلة المماراة، يماري بذلك السفهاء ويجادل الفقهاء ويريد أن ينتصر قوله،فهذه مذمومة، والثاني لإثبات الحق وإن كان عليه، فهذه محمودة مأمور بها. وعلامة ذلك- المجادلة الحقة - أن الإنسان إذا بلغه الحق اقتنع وأعلن الرجوع، أما المجادل لا يقبل قلبه الحق، لكن حتى في خلوته، ربما يورد لشيطان عليه هذه الإيرادات.
قال الله تعالى: (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون) (سورة الأنعام:110). وقال الله تعالى: (فإن تولوا فأعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم) (سورة المائدة:49).
ولهذا جادل رجل عبد الله بن عمر فقال له: أرأيت؟! قال له :«اجعل أرأيت في اليمن». لأنه من أهل اليمن.