واجب التفسير الثالث
تلخيص مطلع سورة الانفطار
تفسير قوله تعالى: {إذا السماء انفطرت . وإذا الكواكب انتثرت . وإذا البحار فجرت . وإذا القبور بعثرت . علمت نفس ما قدمت وأخرت}
المسائل التفسيرية:
- معنى: {انفطرت}. ك س ش
- معنى: {انتثرت}. ك س ش
- المراد بتفجير البحار. ك س ش
- المراد بتبعثر القبور. ك س ش
- أركان الشرط. ك
- متعلق {قدمت} و {أخرت}. س ش
- متى وكيف تعلم؟ س ش
التلخيص:
أي: انشقّت، كما قال: {السّماء منفطرٌ به}. ذكره ابن كثير وبنحوه السعدي والأشقر، وزاد الأخير سبب الانشقاق فقال (لنزول الملائكة منها)
القول الأول: تساقطت. قاله ابن كثير وبنحوه الأشقر وزاد ذكر تفرقها.القول الثاني: زال جمالها. قاله السعدي
وحاصله: أنها إذا تساقطت تفرقت ولا بد وزال جمالها.
وفيه أقوال:القول الأول: فجر الله بعضها في بعض. قاله ابن عباس فيما ذكره ابن كثير، وبنحوه قال السعدي.
القول الثاني: كالأول وزيد، فذهب ماؤها. وهو قول الحسن فيما ذكره ابن كثير.
القول الثالث: اختلط مالحها بعذبها. قول قتادة ونقله ابن كثير.
القول الرابع: ملئت. قاله الكلبي ونقله ابن كثير.
وجمعها الأشقر بقوله: (فجر بعضها في بعض، فصارت بحرا واحدا، واختلط العذب بالمالح)
القول الأول: بحثت. مروي عن ابن عباس وذكره ابن كثير.القول الثاني: تحركت فخرج ما فيها. قاله السدي ونقله ابن كثير، وبنحوه قال السعدي والأشقر بألفاظ مقاربة، حاصلها: إخراج الموتى من باطنها.
قال ابن كثير رحمه الله: (إذا كان هذا، حصل هذا)فأداة الشرط: إذا وكررت، وأفعال الشرط: الانفطار والتناثر والتفجير والبعثرة، وجوابهن: (علمت).
هو عمل الإنسان في حياته الدنيا، وما فعله مما يستدعي ربحه أو خسارته، قال الأشقر: (ما قدمت من عمل خير أو شر، وما أخرت من سنة حسنة أو سيئة)
حين يحصل ما سبق ذكره وتأتي القيامة بأهوالها، ينكشف الغطاء وتنشر الصحف وترى كل نفس عملها، يقول تعالى: {لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد}. أشار إلى ما يقاربه السعدي والأشقر.
تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ}
مسائل علوم الآية:
- ذكر من نزل فيه قوله تعالى: {ما غرك بربك الكريم}. ك
المسائل التفسيرية:
- غرض الاستفهام في قوله: {ما غرك}. ك س
- جواب الاستفهام. ك ش
- مناسبة ختم الآية بصفة {الكريم}. ك ش
- دلالة اغترار الإنسان بربه. ك س ش
- معنى: {فسواك فعدلك} ك س ش.
- مناسبتها للآية السابقة. ك س
- الأقوال الواردة في المراد بقوله: {في أي صورة ما شاء ركبك}. ك س ش
التلخيص:
مسائل علوم الآية:
- ذكر من نزل فيه قوله تعالى: {ما غرك بربك الكريم}:
قال الكلبي ومقاتل: ( نزلت هذه الآية في الأخنس بن شريقٍ ضرب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ولم يعاقب في الحالة الرّاهنة؛ فأنزل اللّه: {ما غرّك بربّك الكريم}) ذكره ابن كثير منقولا عن البغوي.
المسائل التفسيرية:
- غرض الاستفهام في قوله: {ما غرك}:
القول الأول: التهديد. قاله ابن كثير وانتصر له.
القول الثاني: العتاب. قاله السعدي.
القول الثالث: الإرشاد للجواب. واعتمادهم في هذا القول على ذكر صفة {الكريم} ذكر ذلك ابن كثير ورده مستدلا بالحديث: "يقول الله تعالى يوم القيامة: ابن آدم ما غرك بي؟ ماذا أجبت المرسلين} وبما سنورده من آثار في الفقرتين التاليتين.
القول الأول: قال ابن عمر: غرّه -والله- جهله. وبنحوه روي عن أبيه، رضي الله عنهما. وذكره ابن كثير وهو قوله فيما يظهر.
القول الثاني: غره كرم الله. ذكره ابن كثير مردودا كما أسلفنا، ورواه عن أبي بكر الوراق.
القول الثالث: العدو الشيطان. قاله قتادة وذكره ابن كثير.
القول الرابع: غرته ستور الله المرخاة. قاله الفضيل بن عياض. وذكره ابن كثير أيضا.
القول الخامس: غره عفو الله إذ لم يعاجله بالعقوبة. نقله الأشقر.
ولعلنا إذا أردنا جمعها أن نقول: جهل الإنسان بصفات العدل والقوة، غره بصفات الرحمة والإحسان، وعدوه الشيطان ممن قاده للغفلة عن صفات العدل (والغفلة جهل كما ورد في تفسيرهم لقوله: {يعملون السوء بجهالة}). والله تعالى أعلم.
- مناسبة ختم الآية بصفة {الكريم}:
قال بعض أهل الإشارة، أنه لتلقينه الإجابة، هكذا ذكر ابن كثير ورده بقوله: (وهذا الّذي تخيّله هذا القائل ليس بطائلٍ؛ لأنّه إنّما أتى باسمه {الكريم}؛ لينبّه على أنّه لا ينبغي أن يقابل الكريم بالأفعال القبيحة وأعمال السّوء) وبنحوه قال الأشقر.
- دلالة اغترار الإنسان بربه:
الإقدام على معصيته والتجرؤ على مساخطه، ومقابلة إحسانه بما لا يليق كفرانا بنعمه. مجموع ما ذكره ثلاثتهم.
- المعنى الإجمالي لقوله تعالى: {الذي خلقك فسواك فعدلك}:
حاصل أقوالهم فيها: الذي خلقك من نطفة في أحسن تقويم فجعلك سويًّا مستقيماً تسمع وتبصر وتعقل، معتدل القامة منتصبها في أحسن الهيئات والأشكال، عن بسر بن جحاشٍ القرشيّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بصق يوماً في كفّه فوضع عليها أصبعه ثمّ قال: ((قال اللّه عزّ وجلّ: ابن آدم أنّى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه، حتّى إذا سوّيتك وعدلتك مشيت بين بردين، وللأرض منك وئيدٌ، فجمعت ومنعت، حتّى إذا بلغت التّراقي قلت: أتصدّق وأنّى أوان الصّدقة)). رواه أحمد وابن ماجه، ونقله ابن كثير بكامل هذا السند وبسند ابن ماجة إلى عبد الرحمن بن ميسرة.
أي ما غرك بالرب الكريم على ما أحسن إليك ومن إحسانه حسن خلقتك، فما أجحدك وأكفرك لنعمه؟!.
- الأقوال الواردة في المراد بقوله: {في أي صورة ما شاء ركبك}
القول الأول: (في أيّ شبه أبٍ أو أمٍّ أو خالٍ أو عمٍّ) قاله مجاهد، وذكره ابن كثير وهو اختيار الأشقر فيما يبدو.
القول الثاني: (إن شاء في صورة كلبٍ، وإن شاء في صورة حمارٍ، وإن شاء في صورة خنزيرٍ) قاله أبو صالح، وبنحوه عن عكرمة ونقله عنهما ابن كثير، وقول السعدي كقولهما.
ولا تعارض والحمد لله، فالقول الأول جعل الآية على واقع الإنسان المقضي، والقول الثاني تذكير بقدرة الله وأنه لو شاء لقدر له ذلك وقضي، لكن من رحمته أن لم يكن، وسياق الآيات في امتنان الله على عباده، فالقول الأول امتنانه فيما كان وعلى القول الثاني امتنانه فيما صرف، وإنه لو شاء لكان.
وهذا من بعد أن ضعف ابن كثير الحديث الوارد في هذا السياق، وما أحسن قوله إذا قال: (وهذا الحديث لو صح لكان فيصلا في هذه الآية).
والحديث عن رباح وفيه: (أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال له: ((ما ولد لك؟)) قال: يا رسول اللّه ما عسى أن يولد لي! إمّا غلامٌ وإمّا جاريةٌ. قال: ((فمن يشبه؟)) قال: يا رسول اللّه من عسى أن يشبه؟ إمّا أباه وإمّا أمّه. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عندها: ((مه، لا تقولنّ هكذا إنّ، النّطفة إذا استقرّت في الرّحم أحضرها اللّه تعالى كلّ نسبٍ بينها وبين آدم، أما قرأت هذه الآية في كتاب اللّه: {في أيّ صورةٍ ما شاء ركّبك}. قال: سلكك)).
ثم ظهر من ابن كثير رغم تضعيفه للحديث أعلاه، تأييده لهذا المعنى وما قاله مجاهد للحديث الوارد في الصحيحين: عن أبي هريرة أنّ رجلاً قال: يا رسول اللّه، إنّ امرأتي ولدت غلاماً أسود، قال: ((هل لك من إبلٍ؟)). قال: نعم. قال: ((فما ألوانها؟)) قال: حمرٌ. قال: ((فهل فيها من أورق؟)) قال: نعم. قال: ((فأنّى أتاها ذلك؟)) قال: عسى أن يكون نزعه عرقٌ. قال: ((وهذا عسى أن يكون نزعه عرقٌ)).