لَئِنْ كَانَ مَا يَقُولُهُ هَؤُلاءِ المتكلِّمُونَ المُتَكَلِّفُونَ هُوَ الاعْتِقَادُ الوَاجِبُ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ أُحِيلُوا فِي مَعْرِفَتِهِ عَلَى مُجَرَّدِ عُقُولِهِمْ، وَأَنْ يَدْفَعُوا بِمُقْتَضَى قِيَاسِ عُقُولِهِمْ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ نَصًّا أَوْ ظَاهِرًا، لَقَدْ كَانَ تَرْكُ النَّاسِ بِلا كِتَابٍ وَلا سُنَّةٍ أَهْدَى لَهُمْ وَأَنْفَعَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، بَلْ كَانَ وُجُودُ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ضَرَرًا مَحْضًا فِي أَصْلِ الدِّينِ(1).
فَإِنَّ حَقِيقَةَ الأَمْرِ عَلَى مَا يَقُولُهُ هَؤُلاءِ أَنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ العِبَادِ لم تَطْلُبُوا مَعْرِفَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الصِّفَاتِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا لاَ مِنَ الكِتَابِ، وَلا مِنَ السُّنَّةِ، وَلا مِنْ طَرِيقِ سَلَفِ الأُمَّةِ.
وَلَكِن انْظُرُوا أَنْتُمْ فَمَا وَجَدْتُمُوهُ مُسْتَحِقًّا لَهُ مِنَ الصِّفَاتِ في عقولكم فَصِفُوهُ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَمَا لَمْ تَجِدُوهُ مُسْتَحِقًّا لَهُ فِي عُقُولِكِمْ فَلا تَصِفُوهُ بِهِ!(2).