عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لما قدِمَ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ، كانوا من أخبثِ الناسِ كَيْلاً، فأنزل الله: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} فحسَّنوا كَيلَهُم).
1- {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} ويل كلمة تهديد ووعيد بالعذاب، وحديث أن ويل واد في جهنم لا يصح. التطفيف أخذ الشيء الطفيف أو القليل عند الوزن أو الكيل للناس.
2- {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ}؛ يعني إذا كان الكيل أو الميزان لهم استوفوه، ولم يقل: (الذين إذا اكتالوا من الناس يستوفون) قال بعض العلماء حرف على يدل على الاستعلاء بمعنى أن ذلك يكون قهرا وغصبا من الناس.
3- {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}؛ أي إذا قاموا هم بالكيل أو الميزان لغيرهم من الناس ينقصون. في الآية قولٌ آخرُ ذكرهُ الطبري عن عيسى بن عمر النَّحْوي وهو الوقف على كالوا هم أو وزنوا هم يخسرون ولكنه مرجوح لحذف الألف من نهاية الأفعال.
4- {أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ}؛ ألم يقع في حس هؤلاء أن لهم مرد في الآخرة يحاسبون فيها على الصغير والكبير.
5- {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} وهو يوم الدين يوم القيامة وهو عظيم لعظم ما يقع فيه من أحداث.
6- {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}: يوم يبعث الناس للحساب والجزاء أمام من لا يخفى عليه شيء في الأرض لا في السماء فيجازون على أكل أموال الناس بالباطل.
7- {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}؛ ليس الأمر كما يظنون فإن سجل الفجار الذين جاوزا حدود الشرع ومنهم المطففين في الأرض السفلى كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى)) وذلك في حق الكافر الفاجر. وقيل سجين في الأصل سجيل مشتق من السجل.
9- {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}؛ أي أن سجل هؤلاء مسطور قد فرغ منه فلا يزيد ولا ينقص.
10- {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ}؛ هذا وعيد شديد للمكذبين بالبعث.
12- {وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ}؛أي: أنه لا يكذب بيوم الدين إلا كل معتدٍ على حق الله جل وعلا، وعلى حق الخلق، متمرسٌ في فعل الآثام مكثر منها.
13- {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا} إذا سمع الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم قال عنها أباطيل وحكايات القدماء.
14- {كَلاَّ} للردع والزجر، {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}:غطت قلوبهم ما اقترفوه من معاصي فذلك الرين. قَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الذَّنْبُ عَلَى الذَّنْبِ حَتَّى يَعْمَى الْقَلْبُ وَيَسْوَدَّ مِنَ الذُّنوبِ، والطَّبْعُ أَنْ يُطْبَعَ عَلَى الْقَلْبِ، وَهُوَ أَشَدُّ من الرَّيْنِ. ولهذا كان بعض السلف يقول: (إن المعاصي بريد الكفر)
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، والنَّسَائِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زَادَتْ حَتَّى تُغَلِّفَ قَلْبَهُ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الْقُرْآنِ)).
15- {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}؛هؤلاء الكفار يحجبون عن ربهم لا يرونه يوم القيامة عقابا فالمؤمنون يرون ربهم يوم القيامة؛ كما قال الله -جل وعلا-: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَحْجُوبُونَ عَنْ كَرَامَتِهِ.
16- {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ}؛ أي: أنَّ هؤلاء الكفار سيصلون الجحيم ويعذبون فيها.
17- {ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}؛ ثم يقول لهم خزنة النار توبيخا وتبكيتا لهم ذوقوا هذا الذي كنتم به تكذبون في الدنيا.