دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > البرامج الخاصة > البرامج الخاصة > صفحات الدراسة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #26  
قديم 3 رجب 1435هـ/2-05-2014م, 07:36 AM
مقبولة مصلح صالح مقبولة مصلح صالح غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 83
افتراضي سورة النصر والمسد والإخلاص والفلق والناس

سورة النصر

هي سورة البشارة للنبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى سيفتح له مكة , ويدخلها منتصراً , وتعليماً له بما يجب فعله عند تحقق النصر .
وقد ورد ما يدل على أنها تعدل ربع القرآن . وعلى أنها آخر سورة نزلت من القرآن . وأنها نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في أيام التشريق .
وورد فيها أنها السورة التي عرف بها الرسول صلى الله عليه وسلم قرب انقضاء أجله . وروى البخاري في ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كان عمر رضي الله عنه يدخلني مع أشياخ بدر , فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال : لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله ؟ فقال عمر إنه ممن قد علمتم , فدعاهم ذات يوم فأدخله معهم فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم , فقال : ما تقولون في قول الله عز وجل ( إذا جاء نصر الله والفتح ) فقال بعضهم أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا , وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً , فقال لي أكذلك تقول يا ابن عباس ؟ فقلت : لا , فقال : ما تقول ؟ فقلت : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له . قال : ( إذا جاء نصر الله والفتح ) فذلك علامة أجلك , فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً ) . فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا أعلم منها إلا ما تقول .
وروى الإمام أحمد عن ابن عباس قال : لما نزلت ( إذا جاء نصر الله والفتح ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نعيت إلى نفسي فإني مقبوض في تلك السنة )
وروى عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفرلي " يتأول القرآن .
وعنها أيضاً : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر في آخر أمره من قول " سبحان الله وبحمده أستغفره الله وأتوب إليه " .

معناها :
إذا جاء نصر الله والفتح : المراد بالفتح هو فتح مكة . وهذه البشارة للرسول صلى الله عليه وسلم حيث نزول السورة قبل فتح مكة .
ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً : حيث أنه بعد فتح مكة دخلت جميع القبائل العربية في الإسلام طوعاً ومبادرة منهم , وسمي في التاريخ ذلك العام عام الوفود لكثرة
الوفود التي وفدت على الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة .
وبذلك تكون بشارتين للرسول صلى الله عليه وسلم وليست واحدة .
- بشارة الفتح .
- وبشارة دخول الناس في دينه أفواجاً دون قتال .
فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً : أي بعد حصول النصر والفتح أكثر من التسبيح والاستغفار . وفي ذلك تقرب إلى الله تعالى واعتراف بنعمه , وشكرا له على ذلك .
وقال عنها الشيخ ابن سعدي رحمه الله في تفسيره تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان : ..وإشارة وتنبيه على ما يترتب على ذلك .... وأما الإشارة فإن في ذلك إشارتين: إشارة لأن يستمر النصر لهذا الدين ويزداد عند حصول التسبيح بحمد الله واستغفاره من رسوله فإن هذا من الشكر والله يقول : ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) وقد وجد ذلك في زمن الخلفاء الراشدين وبعدهم في هذه الأمة لم يزل النصر مستمراً حتى وصل الإسلام إلى ما لم يصل إليه دين من الأديان , ودخل فيه ما لم يدخل في غيره . حتى حدث من الأمة من مخالفة أمر الله ما حدث فابتلاهم الله بتفرق الكلمة وتشتت الأمر فحصل ما حصل . ومع هذا فلهذه الأمة وهذا الدين من رحمة الله ولطفه ما لا يخطر بالبال أو يدور في الخيال .
وأما الإشارة الثانية فهي الإشارة إلى أن أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرب ودنا ووجه ذلك أن عمره عمر فاضل أقسم الله به . وقد عهد أن الأمور الفاضلة تختم بالاستغفار كالصلاة والحج وغير ذلك . فأمر الله لرسوله بالاستغفار في هذه الحالة إشارة إلى أن أجله قد انتهى فليستعد للقاء ربه , ويختم عمره بأفضل ما يجده صلوات الله وسلامه عليه . فكان يتأول القرآن ويقول ذلك في صلاته يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : ( سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفرلي ) . أهـ

وقفات تدبر في السورة :
- في السورة إعجاز من إعجاز القرآن بالإخبار عن المستقبل قبل حدوثه , وهذا دليل على أنه من عند الله , وصدق على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .
- نتعلم من هذه السورة أن كل فضل ونعمة من الله تستحق الحمد .
- المعلوم أن الاستغفار يكون في حال الذنب , وفي هذا السورة أمر الله نبيه بالاستغفار بعد النعمة , وفي حال الفرح بالنصر ! وذلك والله أعلم تعليم لكل مسلم أن ينتبه لأسباب منها :
1- أن النفس تزهو بالنصر وتفرح وقد يشغلها ذلك عن ذكر الله , فيكون الاستغفار على هذه اللحظات التي مرت على النفس ولم تذكر الله فيها .
2- قبل النصر قد تكثر في القلب وساوس تجعله يخشى عدم النصر , وفي ذلك لو زاد الخوف في القلب أكثر من الطبيعي صار عدم ثقة بموعود الله بالنصر لمن ينصر دينه ( إن تنصروا الله ينصركم )
3- أن الإنسان مهما بذل من جهد فهو مقصر في حمد الله الحمد الذي يستحقه على نعمه . والتذكير من الله له بهذه السورة نعمة تستحق الحمد عليها .
4- لترتدع كل نفس فلا تطغى بسبب النصر . وتفيء إلى دوحة التواضع لله تعالى .
- الاستغفار وحمد الله تعالى وتملقه عند النعم هو أدب الأنبياء كما حدث من يوسف عند لقاء أبويه , حيث قال تعالى : ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السْمَوَاتِ والْأَرْضِ أَنْتَ وَلِي فِي الدُنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَنِي مُسْلِماًَ وَألْحِقْنِي بِالصَالِحِين ) [ يوسف : 101 ] . وكما قال سليمان عندما رأى عرش بلقيس ملكة سبأ بين يديه ( فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم )[ النمل : 40 ] . وهي من آداب شريعتنا حيث قال تعالى : (لئن شكرتم لأزيدنكم ) .
- العبرة والعظة وتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه أحمد قال فيه : ( إن الناس دخلوا في دين الله أفواجاً وسيخرجون منه أفواجاً )
- الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم فيما يقوله في صلاته .
- اللهم اجعلنا من الصابرين عند البلاء الشاكرين عند النعماء , وأعذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا .




سورة المسد

سورة تتجلى فيها صورة من صور إعجاز القرآن بالإخبار عن غيب لم يحدث ويحدث كما أخبر القرآن , وتثبت صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بذلك , وتعلن للخلق أجمع أن الإسلام دين البشرية لا دين العنصرية .
إنها سورة المسد , التي عدد آياتها خمس آيات فقط .

سبب نزولها :
روى البخاري في ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى البطحاء فصعد الجبل فنادى :" يا صباحاه " فاجتمعت إليه قريش فقال : " أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أكنتم تصدقونني ؟ " قالوا : نعم قال "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " فقال أبو لهب : تباً لك ألهذا جمعتنا ؟ وفي رواية : تباً لك سائر اليوم . فأنزل الله هذه السورة .

من أبو لهب ؟
هو عم النبي صلى الله عليه وسلم , واسمه عبد العزى بن عبد المطلب , وكنيته أبو عتبة , وسمي أبو لهب لشدة جماله ووضاءته . كان كثير الأذى للنبي صلى الله عليه وسلم والتنقص من دعوته . ومما روي في ذلك ما رواه الإمام أحمد عن ربيعة بن عباد قال بعد أن أسلم : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول : " يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا " والناس مجتمعون عليه , ووراءه رجل وضيء الوجه ذو غديرتين يقول إنه صابئ كاذب – يتبعه حيث ذهب – فسألت عنه فقالوا هذا عمه أبو لهب .

معنى آيات السورة :
تبت يدا أبي لهب : دعاء من الله تعالى على أبو لهب بالهلاك الشقاء والخسارة .
وتب : أي تحقق ذلك ولم يربح أبداً لا في دنياه ولا في آخرته .
وهنا نتعلم أصل من أصول التفسير أنه لا تكرار في القرآن أبداً بمفهومه الظاهر – بمعنى تكرار نت غير مزيد فائدة - , فالكلمة الأولى " تبت " دعاء عليه , والثانية : " وتب " خبر عما سيحدث له - وقد حدث - .
ما أغنى عنه ماله وما كسب : ماله غناه , وما كسب كل ما يملك من زهرة الدنيا غير المال من حسب ونسب وبنين وجاه وغيره .
هذه كلها أطغته وجعلته يتكبر عن قبول الدعوة التي جاء بها أقرب الناس إليه , وهو أعلم من غيره بخلقه وصدقه . فلم ترد عنه ما توعده الله به من عذاب , ولم تحقق له ما يريد من عدم انتشار الدعوة .
ويروى في ذلك أنه قال : إن كان ما يقول ابن أخي حقاً فسأفتدي من العذاب يوم القيامة بمالي وولدي .
سيصلى ناراً ذات لهب : سيعذب في نار شديدة الحرارة , يحيط به لهبها من كل جانب ولا يستطيع الخلاص منها . وسين التنفيس للقريب للدلالة على تحقق الوقوع وكل ماهو آت فهو قريب .
وامرأته حمالة الحطب : الواو للعطف , فتدل على أن امرأته لها نفس المصير . لأنها كانت عوناً لزوجها على الكفر وأذية الرسول صلى الله عليه وسلم . وكانت تضع الشوك والأذى في طريقه – لأنه كما يروى كانا جارين للرسول صلى الله عليه وسلم .- ويروى في ذلك أنها كانت تناديه مذمم .
وهي : أروى بنت حرب أخت سفيان .
وفي وصفها أنها حمالة الحطب قيل أنها كانت تجمع الحطب والشوك الذي كانت تؤذي به النبي صلى الله عليه وسلم بنفسها , وقيل تحمله في النار وتوقد به على زوجها .
في جيدها حبل من مسد : أي في عنقها من ليف تستعين به في جمع الحطب , وفسرها بعض المفسرين بالقلادة , وأنه كانت لها قلادة فاخرة . وقال غيرهم أنه في عنقها حبل في نار جهنم .

من ثمرات التدبر في هذه السورة :
- الله تعالى يدافع عن نبيه , ويتوعد عدوه , مما يدل على ولاية الله له ولجميع عباده المؤمنين في كل زمان ومكان .
- أبو لهب عم الرسول صلى الله عليه وسلم , وكان شديد العداوة والأذى له , فلا دين يردعه , ولا قرابة رعى حقها , ولا مكانة في قومه حسب لها حساب . فصار من أهل النار . فالقرابة من غير عقيدة تحكمها حكمتها الأهواء , فلم يذكر عنهما أذية للرسول صلى الله عليه وسلم قبل الدعوة , وماسبب أذيتهم إلآ أن دعوته لم توافق هواهما .
- أبو لهب جار النبي صلى الله عليه وسلم في السكن ومع ذلك كان هو وزوجته يؤذونه بوضع القاذورات على بابه . وهذا يدل على أن الجوار الذي لا يزينه شرع الله لايراعي حرمة , ولا يحفظ حقاً إلآ بما يوافق الهوى أيضاً .
فأذى الجار مع الصبر يرفع الدرجات عند الله للصابر .
- أبو لهب سمي بذلك لجماله ووضاءته . فالجمال لا ينفع وكذا المال وكل ما يكسبه الإنسان من خير الدنيا إن لم يكن مقترنا بطاعة الله تعالى . ولا ينجي يوم القيامة صاحبه من العذاب . والذي لا ينجي من عذاب يوم القيامة فهو متاع تتمتع به النفوس ولا نفع له .
- الآية الأولى ( تبت يدا أبي لهب وتب ) دعاء من الله تعالى محقق الإجابة , وفي هذه الآية كامل القصة والحادثة . وهذا من إعجاز القرآن أن يعرض قضية وقصة كاملة مع خاتمتها ونتائجها في بضع كلمات .
- بقية آيات السورة هي وصف للقضية , وبيان حال صاحب القصة من حيث كفره والصلة بينه وبين زوجه وإخبارهم بما ينتظرهم من عقاب .
- " تباً لك يا محمد " هذه الكلمة التي تلفظ بها أبو لهب تجعلنا ندرك كم هو شديد كفر اللسان , فكلمة أهلكته , وكما قيل كم من كلمة قالت لصاحبها دعني . فلنحذر كل الحذر مما نتفوه به .
- امرأة أبو لهب عندما نزلت السورة وسمعت ما فيها من وعيد ثارت ثائرتها على النبي صلى الله عليه وسلم , ويروى أنها أخذت حجراً وذهبت لتضرب به الرسول صلى الله عليه وسلم وهي تصرخ : مذمماً أبينا ... ودينه قلينا .... وأمره عصينا .
والعاقل يحكم عقله في مثل هذا الموقف ويراجع نفسه ويصفي حساباته , ويصحح أخطاءه , ولا ينجرف مع نزغات الشيطان وهوى النفس .
- الدعوة إلى الله تحتاج بذل الجهد وعدم التوقف بسبب الأذى من الأعداء , ولا بد من التسلح بسلاح الصبر لأنه سلاح الأتقياء , والتحلي برداء الحلم فهو رداء الأنقياء . وليعلم كل من يدعو إلى الله ويؤذيه الأعداء أن الله ناصره ومؤيده , ومن كان الله معه فلن يضره شيئاً ( لن يضروكم إلا أذى ) .
- كلمة وتب التي هي تأكيد للخسارة في الدنيا والآخرة , تدل على أن كل ما يملكه المرء مهما كثر وعظم فإنه مع الكفر خسارة ولا يساوي شيئاً , مهما تلذذ به فهي لذة وهم من أوهام الدنيا .
- أبو لهب ساعدته زوجه وأعانته على الكفر والأذى , وهذا دليل قاطع على تأثير الصحبة السيئة سواء من الأهل أو غيرهم , يتعاونون على الشر في الدنيا , وينالون العقاب يوم القيامة , وفي النار يلعن بعضهم بعضاً .
- ليهنأ المؤمن بالاً وليطمئن , فأهل الباطل مهما اشتد باطلهم فلن يعلو أبداً , لأن الباطل له دولة على الحق لكنه لا يعلو عليه أبداً – وإن طالت مدة دولته - .
- امرأة أبو لهب لديها عقد جميل ثمين – كما في بعض الروايات, ونذرت أن تنفق قيمته في الصد عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم . فكان عقابها حبل من مسد في النار , فالجزاء من جنس العمل .
- توعد الله على لسان نبيه بهذه الآيات أبو لهب وزوجه بالعذاب في النار, وذلك يعني أنهما لن يؤمنا برسالته , ولم يستطيعا أن يتحديا النبي صلى الله عليه وسلم ويخبرا الناس بأنهما سيثبتان كذبه بدخلوهما في دينه تحدياً له. وهذا دليل صدق نبوته صلى الله عليه وسلم .
- السورة بدأت بالدعاء من الله تعالى عليهما بالهلاك , وهو محقق الإجابة , والسورة نزل بها جبريل عليه السلام فصارت دعاءً منه , وقرأها الرسول صلى الله عليه وسلم وجميع المسلمين في كل زمان ومكان إلى قيام الساعة – فكم دعوة بالهلاك حلت بهما ؟! والعاقل لا يعرض نفسه لما يوجب له غضب الله .
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .




بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الإخلاص
سورة تعدل ثلث القرآن

سورة صغيرة في عدد آياتها , عظيمة في معناها , حتى أنها تعدل ثلث القرآن . إنها سورة الإخلاص .
سبب نزولها :
عن أبي بن كعب – رضي الله عنه – قال : أن المشركين قالوا للنبي – صلى الله عليه وسلم – يا محمد أنسب لنا ربك . فأنزل الله – تعالى – قل هو الله أحد . ) حديث صحيح رواه الإمام أحمد .
فضلها :
وردت عدة أحاديث تبين فضلها منها :
- عن أنس – رضي الله عنه- قال : كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء , فكان كلما افتتح يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بقل هو الله أحد حتى يفرغ منها ثم كان يقرأ سورة أخرى معها , وكان يصنع ذلك في كل ركعة فكلمه أصحابه فقالوا : إنك تفتتح بهذه السورة ثم ترى أنها لا تجزئك حتى تقرأ بالأخرى فإما أن تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى . فقال : ما أنا بتاركها إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم تركتم . وكانوا يرون أنه من أفضلهم , وكرهوا أن يؤمهم غيره . فلما أتاهم النبي – صلى الله عليه وسلم – أخبروه الخبر , فقال : (( يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك ؟ وما حملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة ؟ قال : إني أحبها , قال : حبك إياها أدخلك الجنة )) رواه البخاري .
- عن أبي سعيد –رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه : (( أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة ؟ فشق ذلك عليهم وقالوا : أينا يطيق ذلك يا رسول الله ؟ فقال " قل هو الله أحد الله الصمد ثلث القرآن ) رواه البخاري .
- عن أبي هريرة قال : أقبلت مع النبي – صلى الله عليه وسلم – فسمع رجلاً يقرأ قل هو الله أحد , فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : وجبت . قلت : وما وجبت ؟ قال : الجنة )) رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي حسن صحيح .
- عن عقبة بن عامر – رضي الله عنه - قال : لقيني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فابتدأني فأخذ بيدي فقال :( ( يا عقبة بن عامر ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت لم ينزل مثلهن في التوراة والإنجيل والزبور والقرآن العظيم ؟ قلت : بلى جعلني الله فداك , قال : فأقرأني قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس . ثم قال : ياعقبة لا تنسهن ولا تبت ليلة حتى تقرأهن . )قال : فما نسيتهن منذ قال لا تنسهن , وما بت ليلة قط حتى أقرأهن .)) رواه الإمام أحمد وقال حديث حسن .
- عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : أن النبي – صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما وقرأ فيهما قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس . ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما من رأسه ووجهه وما أقبل من جسده , يفعل ذلك ثلاث مرات ) رواه أهل السنن .

معناها :
قل : أمر حاسم , يعني قلها قولاً جازما موقناً بما تقول .
هو الله أحد : المتفرد بالربوبية والوحدانية والملك , وما يتبعها من صفات حسنى وصفات على .
وكلمة أحد تدل في معناها على أنه لا قبله ولا بعده . وكلمة واحد تدل على أن هناك ما يليها . لذلك لا يقال أحد في الإثبات إلا لله تعالى .
الله الصمد : أي هو الذي يصمد إليه جميع الخلق في حوائجهم , لحاجتهم إليه في كل حال وغناه عنهم .
لم يلد ولم يولد : ليس له والد ولا ولد ولا صاحبة كما يقول المبطلون . وذلك لكماله سبحانه وغناه اللازم .
ولم يكن له كفواً أحد : أي لا يكافئه أحد لا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله – سبحانه – فهو ليس له شبيه ولا ند ولا نظير .
لأنه معلوم عقلاً وقدراً أنه ما من شيء يولد إلا سيموت , وما من والد إلا سيموت ويورث من ولد . وهو سبحانه المتفرد بذلك ( ليس كمثله شيء) .
ومع ذلك يقول من أعمى الله بصائرهم عن الحق بأنه له صاحبة وله ولد – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً . ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : (( قال الله عز وجل : كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك , وشتمني ولم يكن له ذلك , فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني , وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته , وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولداً وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفواً أحد ))

ثمراتها الشرعية :
- عظم ثواب قارئها , فحيث هي تعدل ثلث القرآن , فثوابها سيكون عظيماً .
- وسيلة لنيل حب الله – تعالى – ومن أحبه الله رضي عنه , ومن رضي عنه نال سعادة الدنيا والآخرة .
- قراءتها توجب لقارئها الجنة . وذلك لا يكون بقرائتها المجردة عن طاعة الله في كل ما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر . بل لا بد لقارئها أن يكون من المخبتين لله .
- سبب لاستجابة الدعاء إذا دعي بما تضمنته من أسماء الله الحسنى , ودليل ذلك مارواه عبد الله بن بريدة عن أبيه – رضي الله عنه – أنه دخل مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المسجد , فإذا رجل يصلي يدعو يقول : اللهم إني أسألك بأني أشهدك أن لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد , قال : (( والذي نفسي بيده لقد سأله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب )) رواه أهل السنن , وقال الترمذي حسن غريب .
- من آيات الشفاء .

وقفات تدبر في السورة :
- إن الإيمان باسم الله ( الأحد ) أيماناً جازماً عقيدة وسلوكاً ومنهجاً في الحياة يخلص القلب من الشوائب ويغرس فيه الإخلاص .
فالله أحد لا شريك له , إذن لا أعبد غيره , ولا ألتجئ لسواه , ولا أدعو غيره , ولا أطلب أحد إلا هو , ولا أخاف من غيره , ولا أحب سواه , ولا أعلق القلب إلا به .
فمن وجد الله صدقاً واعتقاداً فماذا فقد , ومن فقد الله قلباً وقالباً فماذا وجد – ولو ملك الدنيا - .
- في السورة مناهج الحياة الحقيقية التي لا محيد لمخلوق عنها :
1- عبادة الله وحده لا شريك له .
2- لجوء القلب لله عز وجل وتعلقه به في كل شأن .
3- العمل لله وحده .
4- تلقي الأوامر من الله وحده .
5- طلب العون من الله وحده .
- في السنة كثير ما يقرن الرسول – صلى الله عليه وسلم – في قراءته بين سورتي الكافرون والإخلاص , كما في سنة الفجر , وسنة الوتر , وأذكار النوم .
لأن سورة الكافرون تقرر التبرؤ من المشركين وشركهم , الإخلاص تقرر العقيدة الخالصة لله تعالى . وهذا هو الطريق المستقيم .
- في السورة دعوة لكل مؤمن ليحقق الإيمان بأسماء الله الحسنى , ويتحقق ذلك بهذه الأمور :
1- معرفة الاسم .
2- معرفة معناه الشرعي وفق منهج القرآن والسنة .
3- تدبره , والوقوف على عظمة المسمى به . وهذا يؤدي إلى تعلق القلب به .
4- تعبد الله به , في جميع جوانب الحياة , فالعمل يكون وفق ما يتضمنه الاسم , والقول لا يخرج عن حدود معناه , وكذلك المشاعر .
وهذه الحال لا بد أن تكون مع جميع أسماء الله الحسنى على حد سواء .
- ( الصمد ) الذي يقصده جميع الخلق بحوائجهم , وهو الغني عنهم . فكيف بفقير مثلي ومثلك يغفل عن طاعة من محتاج له على الدوام ؟!
- الذرية في حياة المخلوقات صفة ضعف ونقص ملازمة لهم , لأن الإنسان يشعر بأنه يستمد قوته بالبقاء في ذريته التي تخلفه . وهذه القوة التي يستند عليها لا تنفعه إلا برحمة الله تعالى – لذلك الله غني عن الذرية لأنه القوي القادر – والعاقل من بني البشر من جعل ذريته في ميزان حسناته يوم يلقى ربه , وبذلك تكون فعلاً قوة حقيقية في حياته .
وختاما نسأل الله تعالى الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد أن يجعل إخلاصنا له صدقأً .




بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الفلق

السورة تعليم من الله –تعالى – لرسوله –صلى الله عليه وسلم – خاصة , وأمته عامة , على كيفية مواجهة ما نخاف منه في هذه الحياة , سواء كان الأمر الذي نخافه معلوماً أو مجهولاً , ظاهراً أو باطناً , حيث لا نجاة لنا إلا بالالتجاء والاعتصام بالله .
فضلها :
الحديث عنه مع سورة الناس .

سبب نزولها :
إن سبب نزول سورتي الفلق والناس , هو أن يهودي اسمه لبيد بن الأعصم سحر الرسول – صلى الله عليه وسلم – واشتد على الرسول حتى أنه كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن . وهذا أشد ما يكون من السحر . فأتاه ملكان فجلسا عند رأسه وتحدثا بحديث علم منه بمكان السحر فاستخرجه وأبطله , فشفي بإذن الله .

معناها :
قل : أمر من الله تعالى لرسوله – صلى الله عليه وسلم – ومن قواعد أصول التفسير فإن كل أمر من الله لرسوله فهو أمر لأمته إلا ما دل عليه السياق بالخصوصية .
أعوذ : أي ألتجئ وأعتصم واحتمي بالله و إلى الله – تعالى – ليحميني من شر كل ذي شر .
برب الفلق : الفلق هو ضوء الصبح , وقد قال تعالى ( فالق الإصباح وجعل الليل سكناً ) [ الأنعام : 96 ] .
من شر ما خلق : أي شر جميع المخلوقات .
ومن شر غاسق إذا وقب : أي شر الليل إذا أقبل وغطى الكون بظلامه .
ومن شر النفاثات في العقد : أي الساحرات إذا عقدن السحر بالعقد والنفث .
والسحر هو : تأثير من الأرواح الخبيثة والشياطين , وتأثر طبيعة المسحور بها . ولا يكون ذلك إلا بقدر الله ومشيئته .
ومن شر حاسد إذا حسد : الحسد هو تمني زوال النعمة عن الغير , وهذا سوء أدب مع المنعم سبحانه , واعتراض على حكمه وحكمته .

وقفات تدبر في السورة :
- من نعم الله – تعالى – علينا أن يفتح لعباده المؤمنين حماه ليلتجئ إليه من خاف من شيء .
- كل مخلوق فيه شر , وإن لم نعلمه أو نشعر به , لذلك نستعيذ بالله من الشر الذي في كل الخلق , وأول شر يجب أن نشتعيذ منه هو شر أنفسنا الأمارة بالسوء . ونستعيذ بالله من شرور الخلق ليندفع عنا , ويبقى لنا خيرها ننتفع به .
كيف نتعامل مع من يؤذينا ؟
يجب أن لا نقابل الأذى بالأذى , بل يجب أن نقابله بما يحمينا منه ولا يضر أحد الطرفين إلا إذا كان أذاه يستحق الإضرار به . ونبذل الوسع في إزالة أسباب الضرر قبل وقوعه , بمعرفته , ومعرفة وسائل إزالته , وكيفية التعامل معه . وقد أكرمنا الله بذلك كله في تعليمنا كيف نستعيذ بالله من الشرور .
- انتشار الشر مع ظلام الليل نواجهه بما يلي :
1- المداومة على أذكار الصباح والمساء .
2- الحرص على سنن النوم وهي – الوضوء , والأذكار , والنوم على الشق الأيمن.
3- الحرص على سنة النوم بعد العشاء وعدم السهر في اللهو والغفلة .
- السحر حق , وعلاجه بالرقية الشرعية , والحفظ منه قبل وقوعه أيضاً بالأذكار الشرعية.
-والابتلاء بالسحر ليس للغافلين فقط , فهاهو النبي – صلى الله عليه وسلم يبتلى به – ليدرك كل مبتلى أن ما بتلي به لرفع درجاته عند الله فيصبر ويتأسى بسيد الخلق . ويقتدي به في تعامله مع من سحره .
وذلك ب : عدم إثارة الفتن بين الناس , وترك الظالم لمن حرم الظلم لينيله أشد العقاب .
حيث ورد في الحديث الصحيح : عن عائشة – رضي الله عنها قالت : كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سحر حتى كان يرى أنه ياتي النساء ولا يأتيهن , قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر . فقال : " ياعائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي , فقال الذي عند رأسي للآخر : ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب – وهي عند العرب بمعنى مسحور – قال : ومن طبه ؟ قال : لبيد بن أعصم , رجل من بني زريق حليف اليهود , قال وفيم؟ قال : في مشط ومشاطة – المشاطة الشعر الذي يبقى بالمشط بعد مشط الشعر – قال وأين ؟ قال : في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان . – الجف قشرطلع النخل , والراعوفة الحجر أسفل البئر للوقوف عليه – قالت : فاتى البئر حتى استخرجه فقال : " هذه البئر التي أريتها كأن ماءها نقاعة حناء , وكأن نخلها رءوس الشياطين . قال فاستخرج , قالت : فقلت أفلا تنشرت ؟ فقال : " أما الله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد من الناس شراً " رواه البخاري .
ومن خلال هذا الحديث نستنتج العلاج لمن ابتلي بالسحر :
1- تقوية الصلة بالله بحسن الظن به واليقين بحكمته .
2- العلاج بالرقية الشرعية من القرآن كسورة الفاتحة والمعوذتين والإخلاص وآية الكرسي .أو من السنة النبوية : كما في الحديث الذي ذكر فيه أن جبريل جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : اشتكيت يا محمد ؟ فقال : نعم , فقال : " بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك , ومن كل شر كل حاسد وعين الله يشفيك "
3- إبطاله إذا عرف مكانه .
-الحسد مرض نفسي , منهي الإنسان عن الانسياق معه إذا ابتلي به .
وهناك حسد مشروع وهو تمني مثل نعمة الغير دون تمني زوالها .
وعند تأمل قوله تعالى ( إذا حسد ) نعلم أن الإنسان ليس كله شر , وهنا الشر ليس بذاته بل بحسده فقط و وفي لحظة الحسد . لذلك لا نكره أي إنسان لذاته , بل نكره شره , ونطلب من الله الحماية من شره .
وهذا يعني أننا ممنوعين من الانتقام , أو مقابلة المثل بالمثل .
- ومطلوب شرعاً من كل مسلم أن يحفظ مع المعوذتين ما ورد في السنة من أذكار شرعية في الرقية من السحر أو الحسد , ومنها :
قول : " بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهوالسميع العليم "
" حسبي الله لا إله إلا هوعليه توكلت وهو رب العرش العظيم "
- وكذلك ما سبق ذكره في موضوع الاستعاذة –
وهناك تحصينات فعلية يجب على المسلم المحافظة عليها منها :
1- صلاة الفجر في جماعة , لأنه كما أخبر الرسول – صلى الله عليه وسلم – " فهو في ذمة الله " . وكذا بقية الصلوات .
2- الصدقة في السر والعلن . وفيها إطفاء غضب الرب , ودفع ميتة السوء , فهي حفظ ووقاية .
3- تجنب المعاصي صغيرها وكبيرها .
4- تجنب كل ما يبطل التحصين , مثل الغفلة عن ذكر الله , وشدة الغضب أو الفرح أو الحزن أو الخوف التي تطغى على المشاعر بحيث ينسى معها المرء ذكر ربه.



بسم الله الرحمن الرحيم
مع سورة الناس


هي إحدى المعوذتين – قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس- , وسميت بهذا الاسم لأن الله تعالى أنزلهما تعويذاً لنبيه – صلى الله عليه وسلم – حين سحر من قبل اليهودي لبيد بن الأعصم . وهي تعويذة عامة لجميع أمته رحمة من الله – تعالى - .
مما ورد في فضلها :
- روى مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط ( قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ) .
-وروى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – قال : بينا أنا أقود برسول الله – صلى الله عليه وسلم – في نقب من تلك النقاب – النقب طريق بين جبلين – إذ قال لي : " يا عقبة ألا تركب ؟ قال : فأشفقت أن تكون معصية , قال : فنزل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وركبت هنيهة ثم ركب , ثم قال : " عقب ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس ؟ قلت: بلى يا رسول الله , فأقرأني ( قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ) . ثم أقيمت الصلاة فتقدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم فقرأ بهما . ثم مر بي فقال : كيف رأيت يا عقب اقرأ بهما كلما نمت وكلما قمت " ورواه أيضاً النسائي وأبو داود .
-عن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – قال : أمرني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن أقرأ بالمعوذتين في دبر كل صلاة . رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي .
- عن عقبة رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " إقرأ بالمعوذتين فإنك لن تقرأ بمثلهما " رواه أحمد .
-عن عقبة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الناس لم يتعوذوا بمثل هذين : قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس " رواه النسائي .
- عن صدي بن عجلان – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألا أعلمك ثلاث سور لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلهن ؟ قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس "
- عن جابر بن عبدالله – رضي الله عنه – قال : قال لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " اقرأ يا جابر , قلت : وما أقرأ بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؟ قال : اقرأ قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس , فقرأ بهما , فقال : اقرأ بهما ولن تقرأ بمثلهما" رواه النسائي .
- عن عائشة – رضي الله عنها- قالت : كان يقرأ بهن وينفث في كفيه ويمسح بهما رأسه ووجهه وما أقبل من جسده .
- عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين , وينفث فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه بالمعوذات وأمسح بيده رجاء بركتها " رواه البخاري ومسلم .
- عن أبي سعيد – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم – كان يتعوذ من أعين الجان وأعين الإنسان , فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سواهما ." رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح .

مواضع استحباب قراءتها :
- في الصلاة . وفي دبر كل صلاة .
- عند النوم . وعند الاستيقاظ .
- في عبادة التلاوة عامة .
- في التعوذ عامة . وفي الرقية خاصة .
- في الدعاء . ( وجميع ذلك دليله فيما سبق من أحاديث ) .
معناها :
( بسم الله الرحمن الرحيم ) : كل سورة نبتدئ بها بالبسملة معناها : أطلب من الله – تعالى – ليعين ويبارك ما أنا مقدمة عليه , فيعين على التلاوة , والفهم والتدبر . ويبارك لي فيما قرأته ثواباً عنده وتوفيقاً للعمل بمقتضاه .
( قل أعوذ برب الناس ) :
قل : فعل أمر من الله – تعالى – لنبيه – صلى الله عليه وسلم - .
وهذا الفعل في القرآن " قل " فيه معجزة تدل على صدق نبوة محمد – صلى الله عليه وسلم - . ففي اللغة عندما يقال لأحد قل كذا ... , فإن تنفيذ الأمر يكون بقول ما بعدها دون كلمة ( الأمر فعل قل ) . مثل : قل الحمد لله , فإن المنفذ للأمر يقول : الحمد لله دون كلمة قل . ولو قال كلمة قل لكان تكراراً لما قيل له لا تنفيذاً للأمر .
وفي القرآن تأتي قل مع الكلام الذي يقال للرسول – صلى الله عليه وسلم – مما يدل على أن الأمر ليس موجها له لوحده , بل لغيره , وعليه التبليغ , والتبليغ لن يكون إلا بقول : فعل الأمر قل .
ويدل على معجزة كتاب الله أيضاً حيث أنه لو قرئت أي آية بدون كلمة قل لما استقام المعنى أبدأ . وعكسه في الحديث اللغوي لو ذكر الفعل مع الأمر لما استقام الحديث صحيحاً أبداً .
( أعوذ ) ألتجئ وأعتصم بالله تعالى طلباً للحماية .
والاستعاذة بالله حماية تامة , وكل ما عداه فحمايته ناقصة من جميع الوجوه . فنلتجئ للطبيب حماية من المرض , فيصف لنا الدواء الذي قد نشفى منه وقد لا نشفى , أما عند اللجؤ لله تعالى فتحقيق الشفاء بإرادته سبحانه يكون تاماً .
( برب الناس ) المربي لجميع الخلق برهم وفاجرهم بنعمه وتدبيره .
وتربيته لهم تربية عامة لجميع الخلق , وتربية خاصة للمؤمنين , وحقيقة التربية الخاصة كما قال الشيخ السعدي – رحمه الله – في تفسيره " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " : حقيقة التربية هي التوفيق لكل خير والعصمة من كل شر .
( ملك الناس ) كل الخلق مملوكة له , عبيد له , يملكهم جميعاً .
وكل ملك لسواه فهو ملك ناقص , فمثلاً ملك الإنسان لبدنه ناقص حيث لا يستطيع رد الموت عنه , فيسلب منه . وكل مالك لغيره فملكه ناقص مهما بلغت قوته أو جبروته , فملك القوة – كما في ملك ذي القرنين زال – وملك الجبروت – كما في ملك فرعون – زال .
( إله الناس ) لا يعبد سواه , وحتى من عبد غيره فهم عبيد له , ويعبدونه شاءوا أم أبو .
فالله تعالى يقول في سورة الرعد [ 15 ] : ( ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرها وظلالهم بالغدو والآصال ) فقد ذكر المفسرين في هذه الآية أن من لم يسجد لله كفراً يسجد ظله وبذلك يكون ساجداً لله كرهاً.
ولا يوجد في أي زمان أو مكان إله لجميع الخلق أبداً , فكل معبود من دون الله يعبده فئة من أهل الضلال , ولم يجتمع أهل الضلال على إله أبداً , لكن والحمد لله ما تفرق أهل الحق عن إلههم أبداً , لذلك الوحدانية له سبحانه من دون المعبودات الأخرى .
( من شر الوسواس الخناس ) هذا مدار الأمر من بداية السورة , فالله تعالى يأمر المستعيذ به أن يستعيذ من شر الوسواس الخناس , وهو الشيطان الذي يوسوس : أي يزين للإنسان الشر ويحسنه حتى يقع فيه , ويريهم الخير بغير صورته الحقيقية ليثبطهم عنه , ويبعدهم عن طريقه .
ولا يظنن ظان أنه يزين لأهل الضلال فقط , بل هو قرين موكل بكل أحد من بني آدم , ولا يألو جهده في غوايته إلا من عصمه الله – تعالى - . وقد ثبت في حديث صحيح عن قول الرسول – صلى الله عليه وسلم : " ما منكم من أحد من بني آدم إلا وله قرين يزين له الفواحش , ولا يألوه جهدا في الخيال , والمعصوم من عصمه الله )
وفي قصة الرسول – صلى الله عليه وسلم – حين انقلب ليلاً من معتكفه مع زوجته صفية ليردها إلى منزلها , فرآه رجلين من الأنصار , فأسرعا , فقال لهما : على رسلكما , إنها صفية بنت حيي , قالا : سبحان الله ومنك يا رسول الله ؟! قال : " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلبيكما شيئاً "
وسماه الله خناس : لأنه يتقدم ويتأخر لكنه لا ينفك عن الوسوسة . فإذا غفل الإنسان تقدم , وإذا ذكر الله خنس , وانتظر فرصة الغفلة ليعاود الكرة .
وروى الإمام أحمد عن أبي تميمة يحدث عن رديف الرسول – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : عثر بالنبي – صلى الله عليه وسلم – حماره فقلت : تعس الشيطان , فقال النبي – صلى الله عليه وسلم : " لا تقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت تعس الشيطان تعاظم وقال بقوتي صرعته , وإذا قلت بسم الله تصاغر حتى يصير مثل الذباب " رواه أحمد بإسناد جيد .
( الذي يوسوس في صدور الناس ) هذه الآية توضيح لما قبلها , وتعريف للوسواس الخناس . وذلك كما قلنا سابقاً بتحسين الشر وتقبيح الخير حتى ينخدع الناس .
وقول ( في صدور الناس ) كلمة الناس بلام الاستغراق تعني " كل الناس " مما يدل على العموم , فلا يسلم أحد من وسوسته , لكن يعصم الله من أراد به الخير عن الانسياق وراء الوسوسة .
وقد ثبت في حديث صحيح أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال : " ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه , قالوا : وأنت يا رسول الله ؟ ! قال : نعم إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير "
( من الجنة والناس ) هذه الآية تفسير لمعنى ( الذي يوسوس في صدور الناس )
أي أنهم من شياطين الإنس والجن .
والقرآن يثبت أن من الإنس شياطين كما في الجن , وذلك في قوله تعالى : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً )
لكن نحمد الله – تعالى – أن اقتصر شرهم على الوسوسة , ونحمده أكثر أنه لا يحاسب عليها إلا إذا تحولت إلى عمل . فعن ابن عباس – رضي الله عنه – قال : جاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني لأحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلى من أن أتكلم به , فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – " الله أكبر الله أكبر , الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة " رواه أحمد وأبو داود والنسائي .

تأملات في السورة :
- سورة الناس عشرون كلمة فقط , لكن كم مقدار الخير الذي فيها؟!
كثير , وكلمة كثير في حقه قليلة .
- ( قل ) أمر لا يكفي فيه القول باللسان , بل لا بد معه من الاعتقاد بالقلب , والمعرفة التامة بالهدف مما نقول , والعمل بما يوافق الشرع , بما تتطلبه عقيدة الفعل الذي نقوله .
- الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم فيها استحضار لجميع أسماء الله الحسنى وصفاته لدفع شر الشيطان وكل الشرور. فأي قوة مهما بلغت تقف في طريق هذه الاستعاذة ؟!
وأي حماية تعدل هذه الحماية .
وبإضافة أسماء الله للناس ( رب الناس – ملك الناس – إله الناس ) يجعل الناس يحسون بالقرب من الله – تعالى – في موقف اللجوء والحماية .
-لماذا أمر الله – تعالى – المستعيذ أن يستعيذ بهذه الأسماء من بين أسمائه الحسنى وصفاته العلا ؟
لأنه والله أعلم : يتحقق بها أقسام التوحيد كلها : ف ( رب ) توحيد الربوبية , و ( ملك ) توحيد الأسماء والصفات , و( إله ) توحيد الألوهية .
ولأن الخلق كلهم داخلون في ربوبيته لهم , إذن هم تحت ملكه وعليهم عبادته لأنه المستحق لها دون سواه , وهذا يتطلب حمايتهم , ولا يحميهم إلا من بيده دفع الضر وجلب الخير .
- كيف نحمي أنفسنا من عداوة شياطين الإنس والجن ؟
الحماية منهما جميعاً بالاستعاذة بالله من شرهما . والتحصن بالأذكار وفق ما علمنا نبينا – صلى الله عليه وسلم - .
وبالعلم أن صفتي " وسواس , وخناس " تعرف المسلم بحقيقة العدو , فكونه لا يتعد هذا المقام دلالة قطعية على ضعفه اللازم , أمام قوة المؤمن المستمدة من حماية الله .
وشر الشيطان لا يتعدى كونه وسواس يندس في الصدور , لا يملك الإنسان دفعه عن نفسه أبداً , فيستعين بالقادر – سبحانه - .
وليحذر الإنسان من المواقف التي يستغلها الشيطان ليوسوس , وهي في حالة الفرح الشديد ليغفل عن الشكر فيحرم أجر هذه النعمة التي أفرحته , وفي حالة الحزن ليجعله يغفل عن الصبر فيحرم أجر الصبر .
وشياطين الإنس أشد خطراً من شياطين الجن , ومن صور ذلك أصدقاء السوء , فهم يظهرون بصورة غير صورتهم الحقيقية فينخدع بهم من يصاحبهم . ويحرضون الضعيف على الشر ويسعون من أجل ذلك مدة طويلة حتى يقع في الهاوية ثم يتخلون عنه .
وزيادة في شياطين الإنس بالمعاملة الحسنة , كما علما ربنا – تعالى – في قوله : ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) .
في السورة حذرنا الله – تعالى – من خطر الشيطان , وبين لنا مكمن الخطر وهو الوسوسة , وهي مدخله على الإنسان , وبين مكانها وهو الصدر . فينبغي للإنسان أن يجاهد وساوس صدره السيئة , والتي تسمى حديث النفس لأنها من الشيطان وإن لم يشعر.
- في قوله تعالى : ( من الجنة والناس ) قدم الجن على الإنس , وفي بعض آيات القرآن يقدم الإنس على الجن .
يقول علماء التفسير في فوائد التقديم والتأخير : أن تقديم الجن على الإنس يكون في الآيات التي بها خبر , لأنهم خلقوا قبل الإنس , فيكون تقديم للخلق لا لأي أفضلية أخرى.
والآيات التي قدم بها الإنس هي الآيات التي فيها عن التكليف الشرعي , لأن الإنس هم المخاطبون أصلاً , فيكون تقديم تكليف , وأفضلية في هذا الجانب .
- أيضاً في قوله : ( من الجنة والناس ) فأداة " من " تفيد التبعيض , أي : ليس كلهم بل بعضهم .
إذن ليس كل الشياطين مردة , ولا كل البشر سيئون .
وهذا يدفع بالإنسان أن يبتعد عن سوء الظن في الحكم على الخلق .
- المعركة بين الإنسان والشيطان لا تنتهي أبداً حتى الموت , لذا فالاستعاذة برب الناس لازمة لا ينبغي للإنسان أن يغفل عنها .
- السورة علاج وشفاء رباني من السحر والعين ومن كل سوء . لكن ذلك لمن أيقن بذلك.
اللهم إنا نعوذ بك من كل شر أنت آخذ بناصيته ونسألك من كل خير أنت آخذ بناصيته .

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, الطالبة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir