قال الحصين بن الحمام المري:
جَزَى اللهُ أَفْنَاءَ العَشيرَةِ كُلِّها = بِدَارَةِ مَوْضوعٍ عُقُوقاً ومَأْثَمَا
بَني عَمِّنَا الأَدْنَيْنَ منهم ورَهْطَنَا = فَزَارةَ إِذْ رامتْ بِنَا الحربُ مُعْظَمَا
مَوَالِي مَوَالِينا الوِلادةُ منهمُ = ومَوْلَى اليمينِ حابِساً مُتَقَسَّمَا
ولمَّا رَأَيتُ الوُدَّ ليسَ بنافِعي = وأَنْ كان يوماً ذَا كَواكِبَ مُظْلِمَا
صَبَرْنا وكان الصَّبْرُ فينا سَجِيَّةً = بأَسيافِنا يَقْطَعْنَ كَفاًّ ومِعْصَمَا
يُفَلِّقْنَ هَاماً مِن رِجالٍ أَعِزَّةٍ = علينا وهم كانُوا أَعَقَّ وأَظْلَمَا
وجوهُ عَدُوٍّ والصُّدُورُ حَدِيثةٌ = بِوُدٍّ، فأَوْدَى كلُّ وُدٍّ فأَنْعَمَا
فليتَ أَبا شِبْلٍ رَأَى كَرَّ خَيْلِنَا = وخيلهِمُ بَيْنَ السِّتَارِ فأَظْلَمَا
نُطارِدُهم نَسْتَنْقِذُ الجُرْدَ كالقَنَا = ويَسْتَنْقِذُون السَّمْهَرِىَّ المُقَوَّمَا
عَشِيَّةَ لا تُغْنِي الرِّماحُ مكانَها = ولا النَّبْلُ إِلاَّ المَشْرَفيَّ المُصَمِّمَا
لَدُنْ غَدْوَةً حتى أَتَى الليلُ، ما تَرَى = مِن الخيلِ إِلاَّ خارِجِيًّاً مُسَوِّمَا
وأَجْرَدَ كالسِّرْحانِ يَضرِبُهُ النَّدَى = ومحبوكةً كالسِّيدِ شَقَّاءَ صِلْدِمَا
يَطأْنَ مِن القَتْلَى ومِن قِصَدِ القَنَا = خَبَاراً فما يَجْرِينَ إِلاَّ تَجَشَّمَا
عليهنَّ فِتْيانٌ كسَاهُمْ مُحَرِّقٌ = وكان إِذا يَكْسُو أَجادَ وأَكْرَمَا
صَفَائِحَ بُصْرَى أَخْلَصَتْهَا قُيونُها = ومُطَّرِداً مِن نَسْجِ داوودَ مُبْهَمَا
يَهُزُّونَ سُمْراً مِن رماحِ رُدَيْنَةٍ = إِذا حُرِّكَتْ بَضَّتْ عَوَامِلُها دَمَا
أَثَعْلَبَ لو كنتمْ مَوَالِيَ مِثْلِها = إِذاً لَمَنَعْنَا حَوْضَكمْ أَنْ يُهَدَّمَا
ولولا رجالٌ مِن رِزَامِ بنِ مَازِنٍ = وآلِ سُبَيْعٍ أَو أَسْوءَكَ عَلْقَمَا
لأَقْسَمْتُ لا تَنْفَكُّ مِنِّي مُحَارِبٌ = على آلةٍ حَدْباءَ حتى تَنَدَّمَا
وحتى يَرَوْا قوماً تضِبُّ لِثَاتُهُمْ = يَهُزُّونَ أَرماحاً وجيشاً عَرَمْرَمَا
ولا غَرْوَ إِلاَّ الخُضْرُ خُضْرُ مُحَارب = يُمَشُّونَ حَوْلِي حَاسِراً ومُلأَّ مَا
وجاءَتْ جِحَاشٌ قَضَّها بقَضِيضِها = وجَمْعُ عُوَالٍ ما أَدَقَّ وأَلأَمَا
وهارِبةُ البَقْعَاءُ أَصبحَ جَمْعُها = أَمامَ جُموعِ النَّاسِ جَمْعاً مُقَدَّمَا
بِمُعْتَرَكٍ ضَنْكٍ به قِصَدُ القَنَا = صَبَرنْا لهُ قد بَلَّ أَفراسَنا دَمَا
وقلتُ لهم: يا آلَ ذُبْيانَ ما لكُمْ = تَفَاقدْتُمُ، لا تُقْدِمونَ مُقَدَّمَا
أَمَا تَعلمونَ اليومَ حِلْفَ عُرَيْنَةٍ = وحِلفاً بصحراءِ الشَّطُونِ ومُقْسَمَا
وأَبْلِغْ أُنَيْساً سَيدَ الحَيِّ أَنَّهُ = يَسُوس أُموراً غيرُها كان أَحزمَا
فإِنك لو فارقْتَنَا قبلَ هذهِ = إِذاً لَبَعَثْنَا فوقَ قَبْرِكَ مَأْتَما
وأَبلغْ تَلِيداً إِن عَرَضْتَ ابنَ مالِكٍ = وهلْ يَنْفَعَنَّ العِلمُ إِلاَّ المُعَلَّمَا
فإِنْ كنتَ عن أَخلاقِ قومِكَ راغباً = فَعُذْبِضُبَيْعٍ أَو بعَوْفِ بن أَصْرَمَا
أَقِيمِي إِليكِ عَبْدَ عَمْروٍ وشَايِعِي = علي كلِّ ماءٍ وسط ذُبْيَانَ خُيِّمَا
وعُوذِي بأَفناءِ العَشيرةِ إِنما = يَعُوذُ الذَّليلُ بالعَزِيزِ لِيُعْصَمَا
جَزَى الله عنَّا عبدَ عَمروٍ مَلامةً = وعُدْوَانَ سَهْمٍ ما أَدَقَّ وَألأَمَا
وحَيِّ مَنَاف قد رَأَيْنَا مكانَهم = وقُرَّانَ إِذْ أَجْرَى إِلينا وأَلْجمَا
وآلَ لَقِيطٍ إِنني لن أَسُوءَهُمْ = إِذاً لَكَسَوْتُ العَمَّ بُرْداً مُسَهَّمَا
وقالوا: تَبَيَّنْ هل تَرَى بينَ ضَارجٍ = ونَهْي أَكُفٍّ صارِخاً غيرَ أَعْجَمَا
فأَلحقْنَ أَقواماً لِئَاماً بأَصْلهِمْ = وشَيَّدْنَ أَحساباً وفاجأَن مَغْنَمَا
وأَنْجَيْنَ مَن أَبْقَيْنَ مِنَّا بخُطَّةٍ = من العُذْرِ لم يَدْنَسْ وإِن كان مُؤْلَمَا
أََبَى لاِبْنِ سَلْمَى أَنهُ غيرُ خالِدٍ = مُلاَقِي المَنايَا أَيَّ صَرْفٍ تَيَمَّمَا
فلستُ بمُبْتاعِ الحياةِ بِسُبَّةٍ = ولا مُبْتَغٍ من رَهْبَةِ الموتِ سُلَّمَا
ولكنْ خُذُوني أَيَّ يومٍ قَدَرْتُمْ = عليَّ فَحُزُّوا الرأسَ أَنْ أَتَكلَّمَا
بِآيَةِ أَنِّي قد فَجَعْتُ بفارسٍ = إِذا عَرَّدَ الأَقوامُ أَقْدَمَ مُعْلِمَا