قال المسيب بن علس:
أَرَحَلْتَ مِن سَلْمَى بغيرِ مَتَاعِ = قبلَ العُطَاسِ ورُعتْهَا بوَدَاعِ
مِن غيرِ مَقْلِيَّةٍ وإِنَّ حِبِالَها = ليست بأَرْمامٍ ولا أَقْطَاعِ
إِذْ تَسْتَبِيكَ بأَصْلَتِيٍّ نَاعِمٍ = قامتْ لِتَفْتِنَهُ بغيرِ قِنَاعِ
ومَهاً يَرِفُّ كأَنه إِذْ ذُقْتَهُ = عانِيَّةٌ شُجَّتْ بماءِ يَرَاعِ
أَو صَوْبُ غادِيَةٍ أَدَرَّتْهُ الصَّبَا = بِبَزِيلِ أَزْهَرَ مُدْمَجٍ بِسَيَاعِ
فرأَيتُ أَنَّ الحُكْمَ مُجْتَنِبُ الصِّبَا = وصَحَوْتُ بعدَ تَشَوُّقٍ ورُوَاعِ
فَتَسَلَّ حاجَتَها إِذا هيَ أَعرضتْ = بِخَميصَةٍ سُرُح اليدَيْنِ وَسَاعِ
صَكَّاءَ ذِعْلَبَةٍ إِذا استدْبَرْتَها = حَرَجٍ، إِذا استقبلتَها هِلْوَاعِ
وكأَنَّ قَنْطَرَةً بموضِعِ كُورِها = مَلساءَ بينَ غَوامِضِ الأَنْساعِ
وإٍِذا تَعَاورتِ الحَصَى أَخفافُها = دَوَّى نَوادِيهِ بظَهْرِ القَاعِ
وكأَنَّ غَارِبهَا رَبَاوَةُ مَخْرِمٍ = وتَمُدُّ ثِنْيَ جَدِيلِها بِشِرَاعِ
وإِذا أَطَفْتَ بها أَطفتَ بكَلْكلٍٍ = نَبِضِ الفَرائِص مُجْفَرِ الأَضلاعِ
مَرِحَتْ يدَاها لِلنَّجاءِ كأَنَّما = تَكْرُو بكَفَّيْ لاعبٍ في صَاعِ
فِعْلَ السَّرِيعةِ بادرتْ جُدَّادَها = قبلَ المَساءِ تَهُمُّ بالإِسراعِ
فَلأَُهْدِيَنَّ معَ الرِّياحِ قصيدةً = مِنِّي مُغَلْغَلَةً إِلى القَعْقَاعِ
تَرِدُ المياهَ فما تَزالُ غَريبةً = في القوم بينَ تَمثُّلٍ وسَماعِ
وإِذا الملوكُ تدافعتْ أَركانُها = أَفْضَلْتَ فوقَ أَكُفِّهِمْ بِذراع
وإِذا تَهِيجُ الرِّيحُ مِن صُرَّادِها = ثَلْجاً يُنِيخُ النِّيبَ بالجَعْجَاعِ
أَحْلَلْتَ بَيْتَكَ بالجَميعِ، وبعضُهم = مُتفرِّقٌ لِيَحُلَّ بالأَوزاعِ
ولأَنْتَ أَجْوَدُ من خَليجٍ مُفْعَمٍ = مُتَرَاكِم الآذِىِّ ذي دُفَّاعِ
وكأَنَّ بُلْقَ الخَيْلِ في حافاتهِ = يَرْمِي بهنَّ دَوَالِيَ الزُّرَّاعِ
ولأَنتَ أَشجَعُ فِي الأَعادِي = كلِّها من مُخْدِرٍ لَيثٍ مُعِيدِ وِقاعِ
يأْتِي عَلى القومِ الكَثيرِ سِلاحُهُم = فيَبيتُ منهُ القومُ في وَعْوَاعِ
أَنتَ الوَفِيُّ فما تُذَمُّ، وبعضُهم = تُودِي بذِمَّتِهِ عُقابُ مَلاَعِ
وإِذا رَماهُ الكاشِحُونَ رماهُمُ = بمَعَابِلٍ مَذْرُوبَةٍ وقطَاعِ
ولذَاكُمُ زَعَمَتْ تَمِيمٌ أَنَّهُ = أَهلُ السَّماحةِ والنَّدَى والبَاعِ