النَّوعُ الثَّالِثُ: النَّجِسُ، وهو ما أشارَ إليه بقَوْلِه:
(والنَّجِسُ ما تَغَيَّرَ بنَجَاسَةٍ) قليلاً كانَ أو كَثِيراً، وحَكَى ابنُ المُنْذِرِ الإجماعَ عليه. (أو لاقَاهَا)؛ أي: لاقَى النَّجَاسَةَ .
(وهو يَسِيرٌ) دُونَ القُلَّتَيْنِ فيَنْجُسُ بمُجَرَّدِ المُلاقَاةِ ولو جَارِياً لمَفْهُومِ حَدِيثِ ((إِذَا بَلَغَ المَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ)).
(أو انفَصَلَ عَن مَحِلِّ نَجَاسَةٍ) مُتَغَيِّراً أو (قَبْلَ زَوَالِهَا) فنَجِسٌ، فما انفصَلَ قبلَ السَّابِعَةِ نَجِسٌ. وكذا ما انفَصَلَ قَبْلَ زَوَالِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ ولو بَعْدَهَا أو مُتَغَيِّراً.
(فإنْ أُضِيفَ إلى الماءِ النَّجِسِ) قَلِيلاً كانَ أو كَثِيراً
(طَهُورٌ كَثِيرٌ) بصَبٍّ أو إِجْرَاءِ سَاقِيةٍ إليه ونَحْوِ ذلك طَهُرَ؛ لأنَّ هذا القَدْرَ المُضَافَ يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَن نَفْسِه وعمَّا اتَّصَلَ به .
(غَيْرُ تُرَابٍ ونَحْوِه) فلا يَطْهُرُ بهِ نَجِسٌ.
(أو زَالَ تَغَيُّرُ) المَاءِ (النَّجِسِ الكَثِيرِ بنَفْسِه) مِن غَيْرِ إِضَافَةٍ ولا نَزْحٍ .
(أو نَزْحٍ مِنْهُ)؛ أي: مِن النَّجِسِ الكَثِيرِ (فبَقِيَ بَعْدَهُ)؛ أي: المَنْزُوحُ
(كَثِيرٌ غَيْرُ مُتَغَيِّرٍ طَهُرَ) لزَوَالِ عِلَّةِ تَنَجِّسِه، وهي: التَّغَيُّرُ، والمَنْزُوحُ الذي زالَ معَ نَزْحِه التَّغَيُّرُ طَهُورٌ إنْ لم تَكُنْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ فيه،وإنْ كانَ النَّجِسُ قَلِيلاً أو كَثِيراً مُجْتَمِعاً مِن مُتَنَجِّسٍ يَسِيرٍ فتَطْهِيرُه بإِضَافَةِ كَثِيرٍ معَ زَوَالِ تَغَيُّرٍ إنْ كانَ، ولا يَجِبُ غَسْلُ جَوَانِبِ بِئْرٍ نُزِحَت للمَشَقَّةِ.
(تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ مَا ذُكِرَ إنْ لم تَكُنِ النَّجَاسَةُ بَوْلَ آدَمِيٍّ أو عَذِرَتَه، فتَطْهِيرُ ما تَنَجَّسَ بهما مِن المَاءِ إِضَافَةُ ما يَشُقُّ نَزْحُه إليه، أو نَزْحٌ
يَبْقَى بَعْدَهُ ما يَشُقُّ نَزْحُه، أو زَوَالُ تَغَيُّرِ ما يَشُقُّ نَزْحُه بنَفْسِه على قَوْلِ أَكْثَرِ المُتَقَدِّمِينَ ومَن تَابَعَهُم على ما تَقَدَّمَ.