وَمَن اشْتَبَهَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ غَيْرُهُ فَلْيَدْعُ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي يَقُولُ: ( اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )(1).
فِي رِوَايَةٍ لأَبِي دَاوُدَ: ( أنَّه كَانَ يُكَبِّرُ فِي صَلاتِهِ ثُمَّ يَقُولُ ذَلِكَ ).
- هو من أنواع الاستفتاح، وهي أنواع عديدة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا منها (اللهم رب جبرائيل)
فَإِذَا افْتَقَرَ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ وَدَعَاهُ، وَأَدْمَنَ النَّظَرَ فِي كَلامِ اللَّهِ وَكَلامِ رَسُولِهِ وَكَلامِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ: انْفَتَحَ لَهُ طَرِيقُ الْهُدَى(2).
ثُمَّ إِنْ كَانَ قَدْ خَبَرَ نِهَايَاتِ إِقْدَامِ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَعَرَفَ أَنَّ غَالِبَ مَا يَزْعُمُونَهُ بُرْهَانًا وَهُوَ شُبْهَةٌ، وَرَأَى أَنَّ غَالِبَ مَا يَعْتَمِدُونَهُ يَئُولُ إِلَى دَعْوَى لاَ حَقِيقَةَ لَهَا، أَوْ شُبْهَةٍ مُرَكَّبَةٍ مِنْ قِيَاسٍ فَاسِدٍ، أَوْ قَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ لاَ تَصْلُحُ إِلاَّ جُزْئِيَّةً، أَوْ دَعْوَى إِجْمَاعٍ لاَ حَقِيقَةَ لَهُ، أَو التَّمَسُّكِ فِي الْمَذْهَبِ وَالدَّلِيلِ بِالأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ.
ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ إِذَا رُكِّبَ بِأَلْفَاظٍ كَثِيرَةٍ طَوِيلَةٍ غَرِيبَةٍ عَمَّنْ لَمْ يَعْرِفِ اصْطِلاَحَهُمْ، أَوْهَمَتِ الْغِرَّ مَا يُوهِمُهُ السَّرَابُ لِلْعَطْشَانِ، ازْدَادَ إِيمَانًا وَعِلْمًا بِمَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، فَإِنَّ الضِّدَّ يُظْهِرُ حُسْنَ الضِّدِّ(3).
وَكُلُّ مَنْ كَانَ بِالْبَاطِلِ أَعْلَمَ كَانَ لِلْحَقِّ أَشَدَّ تَعْظِيمًا، وَبِقَدْرِهِ أَعْرَفَ إذا هدي إليه(4).