بابُ ذِكْرِ وَصْفِ هندِ بنِ أبي هالةَ له
وابنُ أبي هالةَ زادَ لَمَّا = وَصَفَهُ مُفَخَّمًا وفَخْمَا
لوجْهِهِ تَلَأْلُؤٌ كالبَدْرِ = مُعتدلُ الخلْقِ عَريضُ الصدْرِ
عظيمُ هامٍ واسعُ الجبينِ = فَمٌ ضَليعٌ أَقْنَى العِرْنِينِ
يَعلوهُ نُورٌ مَن رَءاهُ إذ ما = لم يَتَأَمَّلْ ظَنَّهُ أَشَمَّا
مُفَلَّجُ الأسنانِ سَهْلُ الْخَدِّ = أَشْنَبُ بادنٌ طَويلُ الزَّنْدِ
عُنُقُة يُرَى كجِيدِ دُمْيَةِ = معَ صَفاءِ لونِهِ كالفِضَّةِ
أَزَجُّ في غيرِ قَرَنْ إذا غَضِبْ = بينَهما عِرْقٌ يُدِرُّهُ الغَضَبْ
وسائلُ الأطرافِ رَحْبُ الراحةِ = ضَخْمُ الكراديسِ ذَريعُ الْمِشيةِ
بابُ ذِكْرِ أخلاقِه الشريفةِ - جَمْعُ خُلُقٍ , بضَمَّتينِ , صُورتِه الباطنةِ - وهي نفسُه وأوصافُها ومعانيها
أَكْرِمْ به خُلُقُهُ القُرءانُ = فهو لَدَى غَضَبِهِ غَضبانُ
يَرْضَى بما يَرضاهُ ليس يَغْضَبُ = لنفسِه إلا إذا تُرْتَكَبُ
مَحارمُ اللهِ إذاً فيَنتَقِمْ = فأَحَدٌ لذاك أَصْلًا لم يَقُمْ
بَعَثَه الرحمنُ بالإرفاقِ = كَيْمَا يَتِمَّ صالحُ الأخلاقِ
أَشْجَعُهُمْ في مَوْطِنٍ وأَنْجَدَا = وأَجودُ الناسِ بَنانًا ويَدَا
ما سُئِلَ قَطُّ حاجةً فقالَ لا = وليس يَأْوِي مَنزلاً إن فَضَلَا
مما أَتَى دِرْهَمٌ أو دِينارُ = حتى تُريحَ منهما الأقدارُ
أَصدَقُ لهجةً وأَوْفَى ذِمَّهْ = أَلْيَنُهم عَريكةً في الأُمَّهْ
أكْرَمُهم في عِشرةٍ لا يَحْسَبُ = جَليسُه أنَّ سِواهُ أَقربُ
حَياؤُه يَرْبُو على العذراءِ = في خِدْرِها لشِدَّةِ الحياءِ
نَظَرُه للأرضِ منه أَكْثَرْ = إلى السماءِ خافِضٌ إذ يَنظُرْ
أكثرُهم تَواضُعاً يُجيبُ = داعيهِ بعيدٌ أو قريبُ
مِن عبدٍ أو حُرٍّ فقيرٍ أو غَنِي = وأرحمُ الناسِ بكلِّ مؤمنِ
وطائفٍ يَعروهُ حتى الْهِرَّهْ = يُصْغِي لها الإناءَ غيرَ مَرَّهْ
كان أَعَفَّ الناسِ ليس يُمْسِكُ = أَيْدِي مَن ليس لَهُنَّ يَمْلِكُ
يُبايِعُ النساءَ لا يُصافِحُ = أَيْدِيَهُنَّ بل كلامٌ صالحُ
أشَدُّهم لصَحْبِه إِكراماً = ليس يَمُدُّ رِجْلَه احْتِرَاماً
بينَهم ولم يكنْ يُقَدِّمُ = رُكبتَه على الجليسِ يُكْرِمُ
فمَن بديهةً رَءاهُ هابَهُ = طَبْعًا ومَن خالَطَه أَحَبَّهُ
يَمشِي مع الْمِسكينِ والأَرْمَلَةِ = في حاجةٍ مِن غيرِ ما أَنَفَةِ
يَخْصِفُ نَعْلَه يَخيطُ ثَوْبَهْ = يَحْلِبُ شاتَهُ ولَنْ يَعِيبَهْ
يَخْدُمُ في مِهنَةِ أهلِهِ كَمَا = يَقْطَعُ بالسِّكِّينِ لَحْمًا قُدِّمَا
يُرْدِفُ خَلْفَهُ على الحمارِ = على إِكَافٍ غيرَ ذي اسْتِكْبَارِ
يَمْشِي بلا نَعْلٍ ولا خُفٍّ إلى = عِيادةِ المريضِ حَوْلَهُ الْمَلَا
يُجالِسُ الفقيرَ والْمِسْكِينَا = ويُكْرِمُ الكِرامَ إذ يَأْتُونَا
ليس مُواجِهاً بشيءٍ يَكْرَهُهْ = جليسُه بل بالرِّضَا يُواجِهُهْ
يَمزَحُ لا يقولُ إلا حَقَّا = يَجْلِسُ في الأكلِ مع الأَرِقَّا
يَأتِي إلى بَساتنِ الإخوانِ = يُكرِمُهُمْ بذلك الإتيانِ
قِيلَ له يَدْعُو على الكُفَّارِ = دَوْسٍ وغيرِهم مِن الفُجَّارِ
فقالَ إنما بُعِثْتُ رَحْمَهْ = وليس لَعَّانًا نَبِيُّ الرَّحْمَهْ
بل سَأَلَ اللهمَّ فاهْدِ دَوْسَا = وأْتِ بهم فَأَصْبَحُوا رُؤُوسَا
لم يَكُ فَحَّاشًا ولا لَعَّانَا = ولا بَخيلاً لا ولا جَبَانَا
يَختارُ أَيْسَرَ الأمورِ إذ ما = خيرٌ إلا أن يكونَ إِثْمَا
لم يُرَ ضَاحِكًا بِمِلْئِ فيهِ = بل ضِحْكُهُ تَبَسُّمًا يُبْدِيهِ
يَعْجَبُ مِمَّا يَعْجَبُ الْجَلِيسُ = منه فَمَا بوَجْهِهِ عُبوسُ
أصحابُه إذ يَتَنَاشَدُونَا = بينَهم الأشعارَ يَضْحَكُونَا
ويَذكرونَ جاهليَّةً فَمَا = يَزيدُ أن يَشْرَكَهُمْ تَبَسُّمَا
قد وَسِعَ الناسَ ببَسطِ الْخُلْقِ = فهُمْ سَواءٌ عِنْدَهُ في الْحَقِّ
ما انْتَهَرَ الخادمَ قَطُّ فيما = يَأتيهِ أو يَتْرُكُهُ مَلُومَا
في صُنْعِهِ للشيءِ لِمَ صَنَعْتَهْ = وتَرْكِهِ للشيءِ لِمَ تَرَكْتَهْ
يقولُ لو قُدِّرَ شيءٌ كانَا = سُبحانَ مَن كَمَّلَهُ سُبحانَا
وفي الجلوسِ يَحْتَبِي تَوَاضُعاَ = ومَرَّةً كالقُرْفُصَاءِ خَاضِعَا
مَجْلِسُهُ حِلْمٌ وصبرٌ وحَيَا = يَبدأُ بالسلامِ مَن قد لَقِيَا
ويُؤْثِرُ الداخلَ بالوِسَادَهْ = أو يَبْسُطُ الثوبَ له زِيادَهْ
ليس يقولُ في الرضا والغضَبِ = قَطْعًا سِوَى الحقِّ فخُذْهُ واكتُبِ
يَعِظُ بالجِدِّ إذ ما ذُكِّرَا = كأنه مُنْذِرُ جَيشٍ حَذَّرَا
ويَستنيرُ وَجْهُهُ إن سُرَّا = تَخَالُهُ مِن السرورِ بَدْرَا
يَمْنَعُ أن يَمْشِيَ خَلفَهُ أَحَدْ = بل خَلْفَهُ مَلائكُ اللهِ الأَحَدْ
وليس يَجْزِي سَيِّئًا بِمِثْلِهِ = لكن بِعَفْوٍ وبصَفْحٍ فَضْلِهِ
كان يُحِبُّ الفألَ مِمَّنَ ذَكَرَهْ = وكان يَكرهُ اتِّباعَ الطِّيَرَهْ
بابُ ذِكْرِ خُلُقِهِ – بضَمَّتَيْنِ - في الطعامِ والشرابِ ومُتَعَلِّقَاتِهِمَا
ولم يَعِبْ قَطُّ طَعامًا يَحْضُرُهْ = يَأكلُه إن يَشْتَهِي أو يَذَرُهْ
ولم يَكُنْ جُلوسُه مُتَّكِيَا = في حالةِ الأكلِ ولكن مُقْعِيَا
يُعْجِبُهُ الذِّراعُ والدُّبَّاءُ = والعسلُ المحبوبُ والحَلْواءُ
ويَأكلُ البِطِّيخَ والقِثَّاءَ = برُطَبٍ يَبغِي به الدواءَ
يقولُ يُطْفِي بَرْدُ ذَيْنِ حَرَّ ذا = وكلُّ إرشادٍ فعنه أُخِذَا
يأكلُ بالأصابعِ الثلاثةِ = يَلْعَقُهَا لقَصْدِ ذي البركةِ
يَبدأُ باسمِ اللهِ ثم يَخْتِمُ = بالحمْدِ في شُرْبٍ وأَكْلٍ يَطْعَمُ
يَشْرَبُ في ثلاثةٍ أَنْفَاسَا = يَمُصُّ فهو أَهْنَأُ اخْتِلَاسَا
لم يَتَنَفَّسْ في الإنا إذ يَشْرَبُ = يَبِينُهُ عن فِيهِ فهْو أَطْيَبُ
يَشربُ قاعدًا ومِن قِيامِ = لعَارِضٍ كزَمزمِ الحرامِ
وشُرْبُهُ مِن قِربةٍ مُعَلَّقَهْ = دَلَّ به للرُّخْصَةِ الْمُحَقَّقَهْ
يُناوِلُ الأيمنَ قبلَ الأَيْسَرِ = إلا بإذنِهِ لِحَقِّ الأكبرِ
والباردُ الْحُلوُ يُحِبُّ شُرْبَهُ = واللبنَ استزادَ إذ أَحَبَّهُ
يقولُ زِدْنَا منه فهو يُجْزِي = عن الشرابِ والطعامِ الْمُجْزِي
بابُ ذِكْرِ خُلُقِهِ في اللباسِ
يَلْبَسُ ما مِن الثيابِ وَجَدَا = مِن الإزارِ والقميصِ والرِّدَا
وبُردةٍ وشَمْلةٍ وحِبَرَهْ = وجُبَّةٍ أو فَقُبَاءٍ حَضَرَهْ
لَبِسَ أيضاً حُلَّةً حَمراءَ = فزَادَهَا بِحُسْنِهِ بَهَاءَ
وربما ارْتَدَى الكِساءَ وَحْدَهْ = ليس عليه غيرُه لم يَعْدَهْ
وربما كان الإزارُ وَحْدَهُ = ليس عليه غيرُه يَعْقِدَهُ
وربما كان عليه مَرْطُ = مُرَحَّلٌ يَقْنَعُ لا يَشْتَطُّ
وربما صَلَّى بثوبٍ واحدِ = مُلْتَحِفًا به بغيرِ زائدِ
لا يُسْبِلُ القميصَ والإزارَا = بل فوقَ كَعبيهِ هما اقْتِصَارَا
بل ربما كانا لنِصفِ الساقِ = تَواضُعًا لربِّهِ الخلَّاقِ
يَلْبَسُ ثوبَه مِن الْمَيَامِنِ = ونَزْعُهُ بالعكسِ للتَّيَامُنِ
كانت له مِلْحَفَةٌ مَصبوغةُ = بزَعفرانٍ أو بوَرْسٍ يَنْبُتُ
يقولُ عندَ اللُّبْسِ باللسانِ = الحمدُ للهِ الذي كسانِي
ما يَسْتُرُ العورةَ مِن لِباسِ = معَ التجمُّلِ به في الناسِ
ويَصْعَدُ الْمِنْبَرَ إذ يَشاءُ = برأسِه عِصابةٌ دَسماءُ
ونَعلُه الكريمةُ الْمَصُونَهْ = طُوبَى لِمَن مَسَّ بها جَبينَهْ
لها قِبَالانِ بسَيْرٍ وهما = سِبْتِيَّتَانِ سَبَتُوا شَعْرَهُمَا
وطولُها شِبْرٌ وإصبعانِ = وعَرْضُها ما يَلِي الكعبانِ
سبعُ أصابعٍ وبطنُ القَدَمِ = خمسٌ وفوقَ ذا فسِتٌّ فاعْلَمِ
ورأسُها مُحَدَّدٌ وعَرْضُ ما = بينَ القِبالينِ اصْبِعانِ اضْبِطْهُمَا
وهذه تَمثالُ تلك النَّعْلِ = ودُورُها أَكْرِمْ بها مِن نَعْلِ
بابُ ذِكْرِ صفةِ خاتَمِهِ
خاتَمُهُ مِن فِضَّةٍ وفَصُّهُ = منه ونَقْشُهُ عليه نَصُّهُ
مُحَمَّدٌ سَطْرٌ رسولٌ سَطْرُ = اللهُ سَطْرٌ ليس فيه كَسْرُ
وفَصُّهُ لباطنٍ يَخْتِمُ بِهْ = وقالَ لا يُنْقَشْ عليه يَشْتَبِهْ
يَلْبَسُهُ كما رَوَى البُخَارِي = في خِنْصَرٍ يمينٍ او يَسَارِ
كلاهما في مُسْلِمٍ ويُجْمَعُ = بأنَّ ذا في حالتينِ يَقَعُ
أو خاتَمينِ كلُّ واحدٍ بيدْ = كما بِفَصّ حَبَشِيّ قد وَرَدْ
بابُ ذِكْرِ فِراشِهِ
فِراشُه مِن أَدَمٍ وحَشْوُهُ = لِيفٌ فلا يُلْهِي بعُجْبٍ زَهْوُهُ
ورُبَّما نامَ على العَباءةِ = بثَنْيَتَيْنِ عندَ بعضِ النِّسوةِ
ورُبَّمَا نامَ على الحَصيرِ = ما تَحْتَهُ شيءٌ سِوَى السريرِ
بابُ ذِكْرِ طِيبِهِ الذي كان يَتَطَيَّبُ به وكُحْلِهِ
الطِّيبُ والنساءُ حُبِّبَا لَهُ = ويَكْرَهُ الريحَ الكريهَ كلَّهُ
وطِيبُه غاليةٌ ومِسْكُ = والْمِسْكُ وَحْدَهُ كذاك السُّكُّ
بَخورُه الكافورُ والعُودُ النَدِي = وعينُه يَكْحُلُهَا بالْإِثْمِدِ
ثلاثةٌ في العينِ للإيتارِ = ورُوِيَ اثنتينِ في اليَسارِ
بابُ ذِكْرِ شيءٍ مِن مُعجزاتِهِ
أَعظمُها مُعجزةُ القُرآنِ = تَبْقَى على تَعاقُبِ الأزمانِ
كذا انشقاقُ البَدرِ حينَ انْفَرَقَا = بفِرقتينِ رَأْيَ عينٍ حُقِّقَا
وقد زَوَى له الإلهُ حَقَّا = ألأرضَ مَغْرِبًا لها وشَرْقَا
وقالَ ما زَواهُ لي سَيَبْلُغُ = إليه مُلْكُ أُمَّتِي فبَلَغُوا
وحَنَّ جِذْعُ النخْلِ لَمَّا فَارَقَهْ = لِمِنْبَرٍ إليه حتى اعْتَنَقَهُ
ونَبَعَ الماءُ فجَاشَ كَثْرَهْ = مِن بينِ إِصبعَيْهِ غيرَ مَرَّهْ
وسَبَّحَ الْحَصَا بكَفِّهِ بِحَقْ = كذا الطعامُ عندَه به نَطَقْ
وشَجَرٌ وحَجَرٌ قد سَلَّمَا = عليه نَطَقَا والذارعُ كَلَّمَا
وقد شَكَى له البعيرُ إذ جَهِدْ = وبالنبوَّةِ له الذئبُ شَهِدْ
وجاءَ مَرَّةً قضاءَ الحاجَةِ = فلم يَجِدْ سِتراً سوى أَشَاءَةِ
ومِثْلِها لكن هنا بَعُدَتَا = أَمَرَ كُلًّا منهما فَأَتَتَا
تَخُدُّ الأرضَ ذي وذي حتى قَضَى = حاجتَه أَمَرَ كُلًّا فمَضَى
وأُزْلِفَتْ إليه سِتُّ بُدْنِ = للنَّحْرِ كلٌّ سابِقٌ للطَّعْنِ
ونَدَرَتْ عينُ قَتادةَ فَرَدْ = تلك فكانتْ مِن صحيحةٍ أَحَدْ
وبَرَأَتْ عينُ عليٍّ إذ تَفَل = فيها لوَقْتِهِ وما عادَ حَصَلْ
وابنُ عَتِيكٍ رِجْلُهُ أُصِيبَتْ = فهْي بِمَسْحِهِ سريعًا بَرِأَتْ
وقالَ أَقْتُلُ أُبَيَّ بنَ خَلَفْ = خَدَشَهُ خَدْشًا يَسيرًا فانْحَتَفْ
كذاكُمُ أُمَيَّةُ بنُ خَلَفِ = قُتِلَ كافراً ببَدْرٍ فَوَفِي
وعَدَّ في بَدْرٍ لهم مَصَارِعَا = كلٌّ بما سَمَّى له قد صُرِعَا
وقالَ عن قومٍ سَيَرْكَبُونَا = ثَبَجَ هذا البحرِ أي يَغْزُونَا
ومنهم أمُّ حَرامٍ رَكِبَتْ = البحرَ ثم في رجوعِهم قَضَتْ
وقالَ في الْحَسَنِ سَبْطِ نَسَبِهْ = يومًا لعلَّ اللهَ أن يُصْلِحَ بِهْ
ما كان بينَ فِئتينِ وهما = عَظيمتانِ الكلُّ مِمَّنْ أَسْلَمَا
فكان ذا وقال في عُثْمَانَا = يُصيبُه بَلْوًى فحَقًّا كانا
ومَقْتَلُ الأسودِ في صَنْعَا اليَمَنْ = ذَكَرَهُ ليلةَ قَتْلِهِ ومَنْ
قَتَلَهُ كذاك كِسْرَى أَخْبَرَا = بقتلِه فكان ذا بلا مِرَا
وقالَ إِخباراً عن الشَّيْمَاءِ = قد رُفِعَتْ في بَغلةٍ شَهباءِ
خِمَارُها أسودُ حتى أُخِذَتْ = عهدَ أبي بكرٍ كما قد وُصِفَتْ
وقد دَعَا لولَدِ الْخَطَّابِ = بعِزَّةِ الدِّينِ به أو بأَبِي
جَهْلٍ أصابَتْ عُمَرًا فأَسْلَمَا = عُزَّ به مَن كان أَضْحَى مُسْلِمَا
ولِعَلِيٍّ بذَهابِ الْحَرِّ = والبرْدِ لم يكنْ بذَيْنِ يَدْرِي
ولابنِ عبَّاسٍ بفِقْهِ الدِّينِ مَعْ = عِلْمٍ بتأويلٍ فبَحْراً اتَّسَعَ
وثابتٍ بعَيْشِهِ سَعيدَا = حياتَه وموتِه شَهيداً
فكان ذا وأَنَسٍ بكثرَةِ = المالِ والولدِ وطُولِ الْمُدَّةِ
في عُمْرِهِ فعاشَ نحوَ الْمِائَةِ = وكان يُؤْتِي نَخْلُهُ في السنَةِ
حِمْلَيْنِ والوَلَدُ لصُلْبٍ مِائَةُ = مِن بعدِ عشرينَ ذُكورًا أُثْبِتُوا
وقالَ فيمَن ادَّعَى الإِسْلَامَا = وقد غَزَا معه العِدَا وحَامَا
معْ شِدَّةِ القِتالِ للْكُفَّارِ = معْه بأنه مِن أهلِ النارِ
فصَدَّقَ اللهُ مَقالَ السَّيِّدِ = بنَحْرِهِ لنفسِه عَمْدَ اليدِ
وكان مِن عُتيبةَ بنِ ابي لَهَبْ = أَذًى له دَعَا عليه فوَجَبْ
فسَلَّطَ اللهُ عليه كَلْبَا = قَتَلَه الأسدُ قَتْلًا صَعْبًا
وقد شَكَى له قُحوطَ الْمَطَرِ = شاكٍ أتاهُ وهْو فوقَ الْمِنْبَرِ
فرَفَعَ اليدينِ للهِ وما = قَزَعَةٌ ولا سحابٌ في السَّمَا
فطَلَعَتْ سَحابةٌ وانْتَشَرَتْ = فأُمْطِرُوا جُمُعَةً تَواتَرَتْ
حتى شُكِي له انقطاعُ السُّبُلِ = فأَقْلَعَتْ لَمَّا دعا اللهُ العَلِيّ
وأَطْعَمَ الأَلْفَ زَمانَ الْخَنْدَقِ = مِن دونِ صاعٍ وبَهيمةٍ بَقِي
بعدَ انصرافِهم عن الطعامِ = أكثرَ مما كان مِن طعامِ
كذاك قد أَطْعَمَهمْ مِن تَمْرِ = أَتَتْ به جاريةٌ في صُغْرِ
وأَمَرَ الفاروقَ أن يُزَوِّدَا = مِئينَ أَربعًا أَتَوْا فزَوَّدَا
والتمرُ كان كالفصيلِ الرابضِ = كأنه ما مَسَّهُ مِن قابِضِ
كذاك أقراصُ شَعيرٍ جُعِلَتْ = مِن تحتِ إِبْطِ أَنَسٍ فأَكَلَتْ
جماعةٌ منها ثمانونَ وَهُمْ = قد شَبِعُوا وهو كما أُتِي لهمْ
وأَطْعَمَ الجيشَ فكُلٌّ شَبِعَا = مِن مِزْوَدٍ وما بَقِي فيه دَعَا
لصاحبِ الْمِزْوَدِ فيه فأَكَلْ = منه حياتَه إلى حينَ قُتِلْ
عثمانُ ضاعَ ورَوَوْا أنْ حِمْلَا = خَمْسِينَ وِسْقًا منه للهِ عَلَا
وفي بِنائِهِ بزينبَ أَطْعَمَا = خَلْقًا كَثيراً مِن طعامٍ قُدِّمَا
أَهْدَتْ له أمُّ سُليمٍ رُفِعَا = مِن بينِهم وهْو كما قد وُضِعَا
والجيشُ في يومِ حُنينٍ إذ رُمُوا = منه بقَبضةٍ تُرابًا هُزِمُوا
وأَنْزَلَ اللهُ به كِتابَا = وامْتلأتْ أَعينُهم تُرابَا
كذا الترابُ في رءوسِ القومِ قدْ = وَضَعَهُ ولم يَرَهُ منهم أَحَدْ
وكم له مِن مُعجِزاتٍ بَيِّنَهْ = تَضيقُ عنها الكُتُبُ الْمُدَوَّنَهْ
بابُ ذِكْرِ خَصائصِهِ
خُصَّ النبيُّ بوُجوبِ عِدَّهْ = الوِتْرُ والسواكُ والأُضْحِيَّهْ
كذا الضُّحَى لو صَحَّ والْمُصَابَرَهْ = على العدُوِّ وكذا الْمُشاوَرَهْ
والشافعيُّ عن الوجوبِ صَرَفَهْ = حَكاهُ عنه البيهقيُّ في الْمَعرِفَهْ
كذا التَّهَجُّدُ ولكن خُفِّفَا = نَسْخًا وقيلَ الوِترُ ذا وضُعِّفَا
كذا قضاءُ دَينِ مَن ماتَ ولم = يَتركْ وَفاءً قيلَ بل هذا كَرَمْ
كذاك تَخييرُ النساءِ اللاتِي = معه فأما في الْمُحَرَّمَاتِ
فما أُبيحَ لسِواهُ حُرِّمَا = عليه فهْو مَدُّ عَينيهِ لِمَا
قد مُتِّعَ الناسُ به مِن زَهرةِ = دُنياهم كذاك مِن خَائِنَةِ
الأعْيُنِ اعْدُدْهُ ونَزْعُهُ لِمَا = لَبِسَ مِن لَأْمَةِ حَرْبٍ حُرِمَا
حتى يُلاقِي العِدَا فيَنْزِعَا = صدقةً فامْنَعْ ولو تَطَوُّعَا
والشعْرَ والخَطَّ وقيلَ يُمْنَعُ = ثُؤْمٌ ونَحْوُهُ وأَكْلٌ يَقَعُ
مع اتِّكاءٍ والنِّكاحِ للأَمَهْ = معَ الكتابيَّةِ غيرِ الْمُسلِمَهْ
كذاك إمساكُ التي قد كَرِهَتْ = نِكاحَه والخُلْفُ في هذا ثَبَتْ
وقد أباحَ ربُّهُ الوِصالَا = له وفي ساعةِ القِتالَا
بمكةَ كذا بلا إحرامِ = دخولُها وليس بالْمَنامِ
مُضْطَجِعًا نَقْضُ وُضوئِهِ حَصَلْ = كذا اصطفاءُ اللهِ ما له أَحَلْ
مِن قَبْلِ قِسمةٍ كذاك يَقْضِي = لنفسِه ووَلدِه فيَمْضِي
كذا الشَّهادةُ كذاك يَقْبَلُ = مَن شَهِدُوا له كذاك يَفْصِلُ
في حُكمِه بعِلْمِهِ للعِصمةِ = واختلَفوا في غيرِه للرِّيبةِ
كذا له أن يَحْمِيَ الْمَوَاتَا = لنفسِه ويَأخذَ الأقواتَا
وغيرَها مِن الطعامِ مَهْمَا = إحتاجَ والبذْلَ فأَوْجِبْ حَتْمَا
مِن مالِكٍ وإن يكنْ مُحْتَاجَا = لكنه لفِعْلِ هذا ما جَا
والخلْفُ في النقْضِ بلَمْسِ المرأةِ = والْمُكْثِ في المسجدِ مع جَنابةِ
وجائزٌ نِكاحُهُ لتِسعةِ = وفوقَها وعَقْدُهُ بالْهِبَةِ
فإن فلا بالعقْدِ حَتْمٌ مَهْرِهِ = ولا الدخولُ بخِلافِ غيرِهِ
كذا بلا وَلِيٍّ او شُهودِ اوْ = في حالِ إحرامٍ بخُلْفٍ قد حَكَوْا
ومَن يَرُمْ نِكَاحَها لَزِمَهَا = إجابةٌ وحَرُمَتْ خِطْبَتُهَا
ومَن لها زوْجٌ فحَقًّا وَجَبَا = طلاقُها كما جَرَى لزَيْنَبَا
وفي وُجوبِ قَسْمِهِ بينَ الإما = وبينَ زوجاتٍ له خُلْفٌ نَمَا
زوجاتُه كلٌّ مُحَرَّمَاتُ = هنَّ لذي الإيمانِ أُمَّهَاتُ
نكاحُهُنَّ معْ عُقوقِهِنَّهْ = مع الوجوبِ لاحترامِهِنَّهْ
لا نَظَرٌ وخَلوةٌ بِهِنَّهْ = ولا بتحريمِ بناتِهِنَّهْ
مَن دَخَلَتْ عليه أو قَدْ فُورِقَتْ = أو ماتَ عنها أو تكونُ سَبَقَتْ
وهن أَفضلُ نِساءِ الأُمَّةِ = ضُعِّفْنَ في الأجرِ وفي العقوبةِ
أَفْضُلُهُنَّ مُطْلَقًا خَديجةُ = وبعدَها عائشةُ الصِّدِّيقَةُ
وأنه خاتَمُ الانبياءِ = خيرُ الخلائقِ بلا مِرَاءِ
أُمَّتُهُ في الناسِ أَفضلُ الأُمَمْ = مَعصومةٌ مِن الضلالِ بعِصَمْ
أصحابُه خيرُ القرونِ في الْمَلَا = كتابُه المحفوظُ أن يُبَدَّلَا
شِرعتُه قد أُبِّدَتْ ونَسَخَتْ = كلَّ الشرائعِ التي قَبْلُ خَلَتْ
والأرضُ مَسجدٌ له طَهورُ = والرُّعْبُ شَهْراً نَصْرُهُ يَسيرُ
سَيِّدُ أولادِ أَبِينَا ءَادَمَا = قد حَلَّلَ اللهُ له الغَنائمَا
أُرْسِلَ للناسِ جميعاً أُعْطِيَا = مَقامَهُ المحمودَ حتى رَضِيَا
وخُصَّ بالشفاعةِ العُظمى التي = يُحْجِمُ عنها كلُّ مَن لها أُتِي
أَوَّلُ مَن تَنْشَقُّ عنه الأَرْضُ = ولا يَنامُ قلبُه بل غَمْضُ
أوَّلُ مَن يَقومُ للشفاعةِ = أوَّلُ مَن يَقْرَعُ بابَ الجنَّةِ
أَكثرُ الانبياءِ حَقًّا تَبَعَا = يَرَى وَراءَه كقُدَّامٍ مَعَا
ءَاتاهُ رَبُّهُ جوامعَ الكَلِمْ = قرينُه أَسْلَمَ فهْو قد سَلِمْ
صُفوفُه والأُمَّةُ الْمُبَارَكَهْ = كصَفٍّ عندَ ربِّها الملائكهْ
ولا يَحِلُّ الرفْعُ فوقَ صوتِهِ = ولا يُنادَى باسْمِهِ بل نَعَتِهِ
خُوطِبَ في الصلاةِ بالسلامِ = عليكَ دونَ سائرِ الأنامِ
ومَن دَعاهُ في الصلاةِ وَجَبَتْ = إجابةٌ له وفَرْضُهُ ثَبَتْ
وبَوْلُهُ ودَمُهُ إذ أُتِيَا = تَبَرُّكًا مِن شارِبٍ ما نُهِيَا
يَقْبَلُ ما يُهْدَى له فَحِلُّ = دونَ الوُلاةِ فهْو لا يَحِلُّ
فاتَتْهُ رَكعتانِ بعدَ الظُّهْرِ = صَلَّاهُما ودامَ بعدَ العَصْرِ
وما لنا دوامُ ذا بل يَمتنِعْ = وما سِوَى سبَبِه فمُنْقَطِعْ
ونَسَبٌ يومَ القِيامةِ ومَنْ = رءَاهُ نَوْمًا فهْو قد رَءاهُ لَنْ
يكونَ للشيطانِ مِن تَمَثُّلِ = بصورةِ النبيِّ أو تَخُيُّلِ
وكَذِبٌ عليه ليس ككَذِبْ = على سِواهُ فهْو أَكبرُ الكَذِبْ
بابُ ذِكْرِ حَجِّهِ
قد حَجَّ بعدَ هِجرةٍ لطَيْبَهْ = سنةَ عشرٍ قَطُّ بغيرِ مِرْيَهْ
واعتَمَرَ النبيُّ بعدَ الهجرَةِ = أربعةً والكلُّ في ذي القَعدةِ
إلا التي في حَجَّةِ الوَداعِ = قَرَنَهَا لم يَخْلُ بالنزاعِ
أوَّلُها سنةَ سِتٍّ صُدَّا = فيها عن البيتِ فحَلَّ قَصْدَا
كانت بها بَيعتُهُ الْمَرْضِيَّهْ = ثم تَلِيها عُمرةُ القَضِيَّهْ
سنةَ سبعٍ بعدَها الْجِعْرَانَهْ = عامَ ثمانٍ واعْدُدَنْ قِرَانَهُ
ولم يَعُدَّ مالكٌ ذي الرابعهْ = وقالَ حَجَّ مُفْرَداً وتَابَعَهْ
بعضُهُمُ وحَجَّ قبلَ الهجْرَةِ = ثِنتينِ أو أكثرَ أو فمَرَّةِ
ولم يَصِحَّ عَدَدُ الْحَجَّاتِ = مِن قبلِ هِجرةٍ ولا العُمْرَاتِ
بابُ ذِكْرِ مَغازِيهِ
سبعًا وعِشرينَ اعْدُدَنَّ الغَزْوَا = أوَّلُها وَدَّانُ وهْي الأَبْوَا
ثم بُواطٌ بعدُ فالعُشَيْرَا = فبَدْرٌ الأُولَى فبَدرُ الكُبْرَى
فقَيْنُقَاعُ والسَّويقُ غَطْفَانْ = وهْي فذو أَمَرُ فغَزْوُ بَحرانْ
وأُحُدٌ بعدُ فحمراءُ الأَسَدْ = ثم بنو النَّضيرِ ثم في العددْ
ذاتُ الرِّقاعِ ثم بَدْرُ الْمَوْعِدِ = فدُومَةٌ فالخندقَ اذْكُرْ واعْدُدِ
قُريظةٌ لِحْيَانُ ثم ذو قَرَدْ = ثم الْمُرَيْسِيعُ على القولِ الأسَدْ
ثم تَلِيهَا عُمرةُ الْحُديبِيَهْ = فخيبرُ فعُمرةُ القَضِيَّهْ
ففَتْحُ مكةَ حُنينٌ وتلا = غَزاةُ طائفٍ تَبوكٌ قاتَلَا
منها بتِسعٍ أُحُدٍ والخنْدَقِ = بَدْرٍ بني قُريظةَ للمصطَلِقِ
خيبرَ والفتحِ حُنينٍ طائِفِ = وقد حَكَوْا عن قولِ بعضِ السلَفِ
بأنه قاتَلَ في النَّضِيرِ = وغابةِ وادي القُرَى المشهورِ
بابُ ذِكْرِ بُعوثِه وسَراياهُ إلى الملوكِ والبلادِ
عِدَّتُها من بَعْثٍ او سَرِيَّهْ = سِتُّونَ فالأَوَّلُ بَعْثُ حَمزهْ
لنحوِ سِيفِ البحرِ مِن ناحيةِ = العِيصِ لم يَقْتَتِلوا في الجملةِ
فبعثُه عُبيدةَ بنِ الحارِثِ = لرابغٍ أو قبلَ ذا أو ثالثِ
بأنه شَيَّعَ كُلًّا منهما = معًا لذا أَشْكَلَ ذا وأُبْهِمَا
وكان رَمْيٌ بينَهم لم يَعْدُ = أوَّلُ مَن رَمَى بسَهْمٍ سَعْدُ
فبَعْثُهُ سعدًا إلى الْخَرَّارِ = للعِيرِ فاتَتْ رَجَعُوا للدارِ
بعْثُ ابنِ جَحْشٍ بَعدَه أو أَوَّلُ = لنَخلةٍ فغَنِمُوا وقَتَلُوا
في سَلْخِ شهرِ رَجَبٍ إِنسانَا = وأَنْزَلَ اللهُ به قُرءانَا
أي يَسألونَك أَزَالَتْ كُرَبَا = وبأميرِ المؤمنينَ لُقِّبَا
فبَعْثَهُ عُمَيْراً الْخَطْمِيَّا = لقَتْلِ عَصْمَا هَجَتِ النَّبِيَّا
فبَعْثُ سالمٍ إلى أبي عَفَكْ = وقَتْلِهِ ءاذَى النبيَّ وأَفَكْ
فبَعْثُهُ مُحَمَّدَ بنَ مَسْلَمَهْ = في رِفقةٍ لقتلِ كعبِ الْمَلْأَمَهْ
جاءوا برأسِه فأَقْدَمُوهُ = قالَ لهم أَفْلَحَتِ الوُجُوهُ
فبَعْثُهُ زَيْدًا إلى القَرَدَةِ = ماءٍ بنَجْدٍ بقَريبِ غَمْرَةِ
فحَصَّلُوا مائةَ أَلْفٍ مَغْنَمَا = وأَسَرُوا فُرَاتَ ثم أَسْلَمَا
فبَعْدَهُ بعْثُ ابنِ عبدِ الأَسَدْ = لقَطَنٍ لوَلَدَيْ خُوَيْلِدِ
طُليحةٍ مع أخيهِ سَلَمَهْ = قد جَمَعَا حَرْبَ نَبِيِّ الْمَرْحَمَهْ
فلم يَصِلْ حتى تَفَرَّقَ الْمَلَا = وغَنِمُوا شاءً لهم وإِبِلًا
يَليهِ بَعْثُ ابنِ أُنيسِ العامِدِ = لقَتْلِ سفيانَ هو ابنُ خالدِ
ابنِ نَبيحٍ كان صَوْبَ عُرَنَهْ = يَجْمَعُ للنَّبِيِّ فلَمَّا أَمْكَنَهْ
احْتَزَّ رأسَه فلَمَّا أَحْضَرَهْ = دَعَا له وخَصَّهُ بِمِخْصَرَهْ
فبَعْثُهُ الْمُنْذِرَ والقُرَّا إلى = بئرِ معونةٍ فطَابُوا نُزُلَا
فاستُشْهِدَ السبعونَ إلا كَعْبَا = هو ابنُ زيدٍ كان رِتْئًا صَعْبَا
ووَجَدَ النبيُّ حُزْنًا حتى = قَنَتْ شَهْراً في الصلاةِ بَحْتَا
يَدعو على القُتَّالِ حتى أَنْزَلَا = { لَيْسَ لَكَ} الآيةَ رَبُّنَا عَلَا
وبَعْثُهُ إلى الرجيعِ مَرْثَدَا = أو عاصمَ بنَ ثابتٍ وأَسْنَدَا
هذا البخاريُّ وفيه خَانَا = بسبعةٍ منهم بنو لِحْيَانَا
وأَسَرُوا زيداً خُبيبًا بِيعَا = وقَتَلُوا ابنَ طارقٍ صَريعَا
ثم الذي ابتاعَ خُبيبًا قَتَلَهْ = كذا بزَيدٍ مُشتريهِ فَعَلَهْ
وقَصَدَتْ هُذَيْلُ رأسَ عاصمِ = حَمَتْهُ دَبْرٌ ثم سَيْلُ عاصِمِ
فبَعْثُهُ مُحَمَّدَ بنَ مَسلَمَهْ = للقُرَظَا أصابَ منهم مَغْنَمَهْ
شاءٍ لهم ونَعَمًا أَصابُوا = بعضَهمُ وبعضُهم هُرَّابُ
لم يَعْرِضُوا للظُّعْنِ أمرٌ رامَهْ = أميرُهم وأَسَرُوا ثُمَامَهْ
فبَعْثُهُ عُكَّاشةَ بنَ مِحْصَنِ = لغَمْرِ مَرزوقٍ مُوَيْهٍ لِبَنِي
أُسَدٍ على يومينِ أي مِن فَيْدِ = فهَرَبُوا وما لَقُوا مِن كَيْدِ
وبَعْثُهُ أيضاً إلى ذي القَصَّةِ = مُحَمَّداً إلى بني ثَعلبةِ
في عَشرةٍ فأَحْدَقَ الأعرابُ = بهم وكانوا مائةً أَصَابُوا
كلَّهمُ قَتْلًا سِوى ابنِ مَسْلَمَهْ = جُرِحَ جُرْحًا سالِمًا ما أَسْلَمَهْ
فبَعْثُهُ لهم أبا عُبيدَةهْ = لم يَجِدِ القومَ وحادُوا حَيْدَهْ
لكن أَصَابُوا رَجُلًا فأَسْلَمَا = وغَنِمُوا شاءً لهم ونَعَمَا
فبَعْثُ زيدٍ لبني سُلَيْمِ = وهم ببَطْنِ نَخْلٍ بالجَمومِ
وقد أَصابُوا نَعَمًا وشاءَ = وأَسَرُوا ما اللهُ منهم شاءَ
فبَعْثُهُ للعِيْصِ حتى أَخَذُوا = عِيرَ قُريشٍ كلَّها ونَفَذُوا
وفِضَّةً كثيرةً وأَسْرَى = مِمَّنْ مع العِيرِ أَتَوْا والصِّهْرَا
صِهْرَ النبيِّ زوجَ زينبَ استجارَ = بها أَجارَتْ وهْو أهلٌ أن يُجَارَ
فبَعْثُهُ رابعةً إلى الطَّرَفْ = ماءٍ قريبٍ مِن مِراضٍ فانصَرَفْ
إلى بني ثَعلبةٍ أَصَابُوا = أنعامَهم وهَرَبَ الأعرابُ
فبَعْثُهُ خامسةً لِحِسْمَى = إلى جُذامٍ فأَتاهمْ هَجْمَا
صُبْحًا على القومِ أَصابُوا العَارِضَا = وأَبَهُ هُنيدًا الْمُعَارِضَا
في قومِه لدِحيةَ الكَلْبِي = فقَطَعُوا طَريقَه بالْقِيّ
وكان زيدٌ معَه خَمْسُمِائَهْ = فأَخَذُوا الأنعامَ والسبْيَ فِئَهْ
مائةٍ النساءِ والصِّبْيَانَا = فجاءَ زيدٌ مِن جُذامٍ كَانَا
معه كتابُ المصطفى إذا سَلَّمَا = له وللقومِ فسالَ الْمَغْنَمَا
أموالُهم معَ حَرِيمِهِم فَرَدْ = كُلًّا إليهم وافِيًا بما عَهَدْ
فبَعْثُهُ أيضاً له مُؤَمِّرًا = سادسةً لوِجهةِ وادي القِرَى
به أُصيبَ المسلمونَ قَتْلًا = وارْتُثَّ زيدٌ مِن خَليطِ الْقَتْلَى
بَعْثُ ابنِ عوفٍ بعدَه لكَلْبِ = بدُومةِ الْجَنْدَلِ فازَ الكلبِى
أميرُهم أَصْبَغَ بالإسلامِ = ومعه ناسٌ مِن الأقوامِ
وأَمَرَ النبيُّ أنْ يُصَاهِرَا = نَكَحَ ذاك ابنةَ ذا تَمَاضِرَا
فبَعْثُهُ لفَدَكٍ عَلِيَّا = إلى بني سَعدِ بنِ بكرٍ أَحْيَا
الليلَ سَيْرًا وكَمُنَ نَهَارَا = حتى أتاهُمْ غَفلةً أَغَارَا
فهَرَبُوا إذ جاءَهم بالظُّعْنِ = واستاقَ أنعامَهُمُ غيرَ وَنِي
فبَعْثُهُ زَيدًا لأمِّ قِرْفَةِ = سابعةً فقُتِلَتْ بعَسْفَةِ
وصَحَّ في مُسلمٍ الطريقُ = بأنما أميرُها الصِّدِّيقُ
فبَعْثُهُ لابنِ عَتيكٍ مَعَهْ = قومٌ مِن الخزرَجِ كي تَمْنَعَهْ
لخيبرٍ لابنِ أبي الْحُقَيقِ = لقَتْلِهِ أُعْينَ بالتوفيقِ
واختَلَفُوا فقيلَ ذا في السادِسَهْ = أو ثالثٍ أو رابعٍ أو خامِسَهْ
فبَعْدَهُ بَعْثٌ ثلاثونَ رَجُلْ = أميرُ ذاكَ ابنُ رَواحةَ البطَلْ
لخيبرٍ فقَتَلُوا أُسَيْرَا = ابنَ رِزَامٍ لا أَصابَ خَيْرَا
ومِخْرَشٌ مِن شَوحَطٍ كان مَعَهْ = فشَجَّ عبدَ اللهِ لَمَّا صَرَعَهْ
فبَصَقَ النبيُّ في شَجَّتِهِ = فلم تكنْ تُؤذيهِ حتى مَوْتِهِ
فبَعْثُهُ كُرْزَ بنَ جابرٍ إلى = العُرَنِيِّينَ الذينَ مَثَّلَا
بهم رسولُ اللهِ في القتلِ كما = قد فَعَلُوا هم في الرُّعاةِ مِثلَ مَا
وما رَواهُ ابنُ جَريرٍ كَوْنَا = جريرٍ المرسَلَ فارْدُدْ وَهْنَا
فبَعْثُ عَمْرِو بنِ أُمَيَّةٍ إلى = قَتْلِ أبي سُفيانَ فيما فَعَلَا
مِن كونِه جَهَّزَ أَعرابيَّا = بِخِنْجَرٍ ليَقْتُلَ النَّبِيَّا
فلم يُطِقْ فأَسْلَمَ الأَعْرَابِي = فرَاحَ عمرٌو معَه صحابِي
جَبَّارٌ او سلمةُ بنُ أَسْلَمَا = وقَدَّرَ اللهُ له أن يُسْلِمَا
فلم يُطيقَا قَتْلَهُ وقَتَلَا = عمرٌو ثلاثةً وأَسْرَى رَجُلَا
بَعْثُ أبانِ بنِ سعيدٍ نَجْدَا = مِن بعدِ فتْحِ خَيبرٍ قد عُدَّا
ثم إلى تُرْبَةٍ بَعْثُ عُمَرْ = نَحْوَ هَوَازِنٍ أَتَاهُم الْخَبَرْ
فهَرَبُوا لم يَلْقَ منهم أَحَدَا = وعادَ راجِعًا لنَحْوِ أَحْمَدَا
بَعْثُ أبي بكرٍ إلى كِلابِ = يَعْقُبُهُ ومَرَّ في كتابِي
بأنَّ بَعثَه إلى فَزارَةِ = في مُسلمٍ قد صَحَّ معْ زيادةِ
فبَعْثُهُ بَشيراً الأنصارِي = لفَدَكٍ فساقَ في انحدارِ
شاءً لهم ونَعَمًا فأَدْرَكُوا = أصحابَه فقَتَلُوا وسَفَكُوا
وأَخَذُوا أموالَهم وسَلِمَا = مِن بعدِ ما ارْتُثَّ بَشيرٌ قَدِمَا
فبَعْثُهُ الليثيَّ غالبًا إلى = مَيفعةٍ مِن أرضِ نَجْدٍ قَتَلَا
قَومًا وساقَ نَعَمًا وشاءَ = لهم ولم يَسْتَأْسِرَنْ مَن جَاءَ
قِيلَ بها أسامةُ بنُ زَيْدِ = قَتَلَ مَن نَطَقَ بالتوحيدِ
قالَ له النبيُّ هَلَّا قَلْبَهْ = شَقْتَ عنه هل تُحِسُّ كَذِبَهْ
وفي البخارِي بَعْثُهُ أسامَهْ = للحُرَقَاتِ ساقَ ذا تمامَهْ
وسَيجيءُ ذِكْرُ هذي الواقِعَهْ = مِن بعدِ ذِكْرِي لبُعوثٍ عَشرَهْ
فبَعْثُهُ بَشيرًا الأنصارِي = ثانيةً ليَمَنَ والْجَبَارِ
لغَطَفَانَ هَرَبوا وقد هَجَمْ = أَرْضَهُمُ فلم يَجِدْ إلا النَّعَمْ
فساقَها ورجلينِ أُسِرَا = فأَسْلَمَا وأَرْسَلَا إذ حَضَرَا
يَليهِ بَعْثُ ابنِ أبي العَوجاءِ = وهْو بُعيدَ عُمرةِ الفَضاءِ
إلى سُليمٍ جاءَهم عينٌ لَهُمْ = فجاءَهم وقد أَعَدُّوا نَبْلَهُمْ
ثم تَرَامَوْا ساعةً فقُتِلَا = أصحابُه وهْو قد تَحَامَلَا
مِن بعدِ جُرْحِهِ إلى أن قَدِمَا = على النبيِّ سالمًا مُسَلَّمَا
فبَعْثُ غالبٍ إلى الكَديدِ = إلى بني الْمُلَوِّحِ الرُّقودِ
شَنَّ عليهم غارةً فاسْتَاقَا = نَعَمَهُمْ وأَدْرَكوا اللحَاقَا
به فجاءَ اللهُ بالسيلِ فما = قَدَّرَهُم أن يَسْتَرِدُّوا النَّعَمَا
فبَعْثُهُ ثالثةً إلى فَدَكْ = أَجْلَ مُصابٍ مَن بها قَبْلُ هَلَكْ
معَ بشيرٍ فأَصَابُوا النَّعَمَا = وقَتَلُوا في اللهِ قَتْلَى لُؤَمَا
بعْثُ شجاعٍ بَعْدَهُ إلى بَنِي = عامرِ بالسِّيءِ إلى هوازِنِ
يَسيرُ ليلاً يَكْمُنُ النهارَا = فسارَ حتى صَبَّحَ الدِّيَارَا
أصابَ منهم نَعَمًا وشَاءَ = وخَمَّسُوا وقَسَّمُوا ما جاءَ
فبَعْثُ كعبِ بنِ عُميرِ بنِ غِفَارْ = لذاتِ إطلاحٍ فحَلُّوا بالديارْ
فوَجَدُوا الجمْعَ كثيرًا قاتَلُوا = مِن أعظمِ القتالِ حتى قُتِلُوا
إلا الأميرَ ابنَ عميرٍ كَعْبَا = نجا جَريحًا كانَ رَزْأً صَعْبَا
فبَعْثُ عمرٍو وهْو ابنُ العاصي = إلى قُضاعةٍ بِمَرْمًى قاصِي
ذاتِ السَّلاسلِ وكان مَن مَعَهْ = عُدَّ ثلاثَمائةٍ مُجْتَمِعَهْ
فبَلَغَ ابنَ العاصِ كَثْرُ الْجَمْعِ = أَرْسَلَ يَسْتَمِدُّ قَدْرَ الوُسْعِ
أَرْسَلَ له أبا عُبيدةٍ وَرَدْ = في مِائتينِ منهما شَيْخَا الرَّشَدْ
العُمَرانِ يَلْحَقانِ عُمَرَا = فلَحِقُوهُ ثم سَارُوا طُرًّا
حتى لَقُوا جَمْعًا مِن الْكُفَّارِ = فهَرَبَ الكفارُ للأدبارِ
فبَعْثُهُ أيضاً أبا عُبيدَةِ = في عِدَّةٍ وهم ثَلَثُمِائَةِ
وهْو الذي تَعريفُه جَيْشُ الْخَبَطْ = يَلْقَوْنَ عِيرًا لقريشٍ ففَرَطْ
وكان زادُهم جِرابَ تَمْرِ = فأَكَلُوا الْخَبَطْ بعدَ التمْرِ
وفيهِ أَلْقَى البحرُ حُوتًا مَيْتَا = يَدْعُونَهُ العنبرَ حتى ثَبَتَا
شَهْراً عليه الجيشُ حتى سَمِنُوا = مِن أَكْلِه وحَمَلُوا وادَّهَنُوا
وفيه قيسٌ ابنُ سعدٍ نَحْرَا = جَزائرًا للجيشِ حتى ائْتَمَرَا
عُمَرُ معْ أميرِهم فمَنَعَا = وجاءَ سعدٌ فاشْتَكَى مَن مَنَعَا
بَعْثُ أبي قَتادةَ الأنصارِي = بعدُ إلى خُضرةَ للمَغارِ
على مُحَارِبٍ بنَجْدٍ سَارَا = لَيْلاً بهم وكَمُنَ النهارَا
فقَتَلُوا مَن جاءَ واستاقُوا النَّعَمْ = وأَخْرَجَ الْخُمُسَ الأميرُ وقَسَمْ
فبَعْثُه أيضاً إلى بطنِ إِضَمْ = حينَ أَرَادَ غَزْوَ مَكَّةَ وَهَمْ
وكان في البَعْثِ مُحَلِّمٌ قَتَلْ = عامرَ أَشْجَعَ وبِئسَ ما فَعَلْ
حَيَّاهُمُ تَحِيَّةَ الإسلامِ = قَتَلَهُ فبَاءَ بالآثامِ
ونَزَلَتْ {وَلَا تَقُولُوا} الآيا = ثم لَقُوا النبيَّ عند السُّقْيَا
ولابنِ إسحاقَ بأنَّ ذي القصَّهْ = لابنِ أبي حَدْرَدٍ وهْو عُرْوَهْ
بَعْثُهُ معْ رجلينِ نَحْوَا = رِفاعةٍ جاءَ يُريدُ غَزْوَا
للمسلمينَ مِن بَطْنِ مِن جَشَمْ = قَتَلَهُ عُروةُ واستاقَ النَّعَمْ
فبَعْثُهُ أسامةَ بنَ زيدِ = للحُرَقَاتِ وهْو ذو تَرديدِ
هل كان في السبْعِ كما قد مَرَّا = أو في الثمانِ كان وهْو أَحْرَى
وفيه قَتْلُهُ لِمَن قد ذَكَرَا = كلمةَ التوحيدِ حتى أَنْكَرَا
فبَعْثُ خالدٍ لِهَدْمِ العُزَّى = فحَزَّهَا باثنينِ حَزًّا حَزَّا
فبَعْثُ عمرٍو ثانيًا فَهَدَمَا = سُواعَ والسادِنُ أَضْحَى مُسْلِمَا
فبَعْثُ سَعْدٍ وهو ابنُ زَيْدِ = هَدَمَ مَناتَهم على قَديدِ
فبَعْثُ خالدٍ إلى جُذَيْمَةِ = ثانيةً يَدعو لخيرِ مِلَّةِ
ليس مُقَاتِلًا وكانوا أَسْلَمُوا = قالوا صَبَأْنَا وهْو لَفْظٌ منهُمُ
أَمَرَهُم خالدٌ أن يَقْتُلَا = كلٌّ أَسيرَهُ فبَعْضٌ قَتَلَا
وبعضُهم أَمْسَكَ كابنِ عُمَرَا = وصَحْبِهِ لم يَقْتُلُوا مَن أُسِرَا
قالَ النبيُّ إذ أتاهُ الوارِدُ = أَبْرَأُ مما قد أَتاهُ خالدُ
وَدَى لهم قَتلاهمُ النَّبِيُّ = ذَهَبْ بها إليهمُ عَلِيُّ
فبَعْثُهُ طُفَيْلاً الدُّوسِيَّا = لذي الكَفَّيْنِ صَنَمًا فَهَيَّا
ناراً له ومُنْشِداً في ذالكا = يا ذا الكَفَّيْنِ لستُ مِن عُبَّادِكَا
مِيلادُنا أقدَمُ مِن مِيلادِكَا = إني حَشَوْتُ النارَ في فؤادِكَا
فبَعْثُ قيسٍ وهْو ابنُ سَعْدِ = إلى صِدَاءَ أُمِرُوا بالرَّدِّ
لَمَّا أتى أخو صِدَاءَ الْتَزَمَا = بقومِهِ أتى بِجَمْعٍ أَسْلَمَا
فبَعْثُهُ ضاحكاً الكلابِي = لقومِهِ وهم بَنو كِلابِ
فبَعْثُهُ عُيينةَ الفَزَارِي = إلى تَميمٍ أَجْلَ أَخْذِ الثارِ
إذ مَنَعُوا مُصَدِّقَ الرسولِ = مِن أَخْذِ ما أَمَرَ بالفُضولِ
يَسيرُ ليلاً يَكْمُنُ النهارَا = صَبَّحَهُمْ فهَرَبُوا فِرَاراً
أَسَرَ منهم فوقَ خَمسينَ قَدِمْ = على النبيِّ بهم كما عُلِمْ
فجاءَ عَشْرٌ للنبيِّ منهمُ = مِن رؤساءِ قومِهم فقَدَّمُوا
عُطَارِدًا خَطَبَ ثمَّ كَلَّمَا = رَدَّ لهم أُسْرَاهُمُ والْمَغْنَمَا
ونَزَلَتْ {إِنَّ الَّذِينَ} الْمَنْزِلُ = في الحُجُراتِ فيهم لِيَعْقِلُوا
فبَعْثُ قُطبةَ هُو ابنُ عامِرِ = لِخَثْعَمٍ ببِيشَةٍ في صَفَرِ
سنةَ تِسعٍ أن يَشُنُّوا الغَارَهْ = ففَعَلُوا وأَوْقَعُوهُمْ غَارَهْ
فكَثُرَ القَتْلَى وسَاقُوا النَّعَمَا = معَ نِسائِهم فكان مَغْنَمَا
فابنُ مِجْزَزٍ والاسمُ عَلْقَمَهْ = وابنُ حُذافةَ ببَعْثٍ يَمَّمَهْ
للجيشِ في جزيرةٍ في البَحْرِ = فهَرَبُوا وفيهِ بَدْؤُ أَمْرِ
ابنِ حُذافةٍ لِمَن كان مَعَهْ = أن يَقَعُوا في النارِ ثم مَنَعَهْ
وقالَ كنتُ مازِحًا فأَخْبَرَا = بذلك النبي قالَ مُنْكِراً
لا تَسْمَعُوا ولا تُطِيعُوهُمْ في = مَعصيةٍ بل ذاكَ في المعروفِ
بَعْثُ عليٍّ بَعْدَه ليَهْدِمَا = الَفَلْسِ بالفاءِ وكان صَنَمَا
لطَيِّئٍ فشَنَّ غارةً على = حُلَّةِ آلِ حاتمٍ حتى مَلَا
أَيْدِيَهُمْ سَبْيًا وشاءً ونَعَمْ = وخَرَّبَ الفَلْسَ جميعًا وغَنَمْ
أدراعَه ثلاثةً ومِخذمَا = مع اليمانِي ورَسوبَ مَغْنَمَا
وقَسَمَ السبْيَ وآلَ حاتمِ = عزَلَهُمْ لصاحبِ المراحِمِ
قامَتْ له سَفانةٌ فاسْتَأْمَنَتْ = محمداً فحينَ مَنَّ أَسْلَمَتْ
سافَرَتِ الشامَ إلى عَدِيْ = بشَوْرِهَا جاءَ إلى النبِيْ
وذَكَرَ ابنُ سعدٍ أنَّ الْمُرْسَلَا = في البعْثِ خالدٌ كما قد نُقِلَا
فبَعْثُهُ عُكَّاشَةَ بنَ مِحْصَنِ = ثانيةً إلى الْجِبابِ مَوْطِنِ
لغَطَفَانَ أو بَلِيْ وعَذْرَهْ = أو بينَ كلبٍ وبني فَزارهْ
فبَعْثُهُ إلى أُكَيْدِرِ دُومَةِ = ابنَ الوليدِ خالدًا في فئةِ
وقالَ يا خالدُ سوفَ تَجِدُهْ = وهْو يُريدُ بَقَرًا يَصَّيَّدُهْ
فأُرْسِلَتْ بقَرُ وَحشٍ حَكَّتِ = قُرونُها حائطَهُ في ليلةِ
نَشَّطَهُ ذاك يَصِيدُ البَقَرَا = شَدَّتْ عليه خَيْلُه فاسْتَأْسَرَا
أجارَهُ خالدٌ ثم صالَحَهْ = على رقيقٍ ودُروعٍ صالِحَهْ
معَ رِماحٍ وجِمالٍ ورَحَلْ = معْه إلى النبيِّ بعدَما فَصَلْ
فبَعْثُهُ أيضاً إلى عبدِ الْمَدَانْ = أو لِبَنِي الحارثِ نحوَ نَجرانْ
أتاهُمْ فأَسْلَمُوا وأَقْبَلُوا = معْه إلى النبيِّ حتى وَصَلُوا
بَعْثُ عليٍّ بعدَهُ إلى اليَمَنْ = وهيْ بلادُ مَذْحِجٍ ففَرَّقَنْ
أصحابَه جَاؤُوا بالنِّسَاءِ = ووَلَدِهِمْ ونَعَمٍ وشَاءِ
ثم دَعاهُمْ لم يُجيبُوا فقَتَلْ = منهم رِجالاً نحوَ عشرينَ رجلْ
فانْهَزَمُوا فكَفَّ ثم إذ دَعَا = ثانيةً أجابَ بعضٌ مُسْرِعَا
فأَسْلَمُوا وجَمَعَ الغنائِمَا = خُمْسُهَا للهِ ثم قَسَمَا
بَعْثُ بني عَبْسٍ وكانوا وَفَدُوا = له إلى عِيرِ قُريشٍ فَهُدُوا
آخِرُ مَن بَعَثَهُ أُسامَهْ = لأهلِ أُبْنَى لم يَرِمْ مَقَامَهْ
حتى قَضَى النبيُّ قبلَ سَفَرِهْ = ردَّ أسامةَ بِجَمْعِ عَسْكَرِهْ
بَعْثُهُ الصِّدِّيقَ حتى أَرْهَقَا = قاتِلَ زيدٍ وسَبَا وحَرَّقَا
واختلَفُوا في عَدِّها فَالأَكْثَرُ = عن قَدْرِ ما عَدَدْتُ منها قَصَّرُوا
ولابنِ نَصرٍ عالمٍ جَليلِ = بل فوقَ سَبعينَ وفي الإكليلِ
أنَّ البعوثَ عَدَّها فوقَ الْمِائَهْ = ولم أَجِدْ ذا لسِواهُ ابتدأَهْ