المجموعة الثانية:
س1: اكتب عن سيرة اثنين من التابعين مبيّنا ما استفدته من دراستك لسيرتهما.
مسروق بن الأجدع الهمداني:
( تابعي كبير ثقة، من سادات التابعين وفقهائهم) .أبو عائشة الكوفي، الإمام القدوة.
قال أبو إسحاق: حج مسروق فما نام إلا ساجدا على وجهه، وقال ابن المديني: صلى خلف أبي بكر، وقال ابن معين: ثقة لا يسأل عن مثله .( تفسير الثعالبي )
أحد المقرئين والمفتين.. روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وكثير من الصحابة. (تفسير الطبري )
من رواياته:
رِوَايَة مَسْرُوق بن الأجدع الْهَمدَانِي ، عَن الْمُغيرَة قَالَ : «كنت مَعَ النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - فِي سفر فَقَالَ يَا مُغيرَة : خُذ الْإِدَاوَة . فأخذتها ثمَّ خرجت مَعَه فَانْطَلق رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - حَتَّى توارى عني حَتَّى قَضَى حَاجته ، ثمَّ جَاءَ وَعَلِيهِ جُبَّة شامية ضيقَة الكمين ، فَذهب يخرج يَده من كمها [ فضاقت ] فَأخْرج يَده من أَسْفَلهَا ، فَصَبَبْت عَلَيْهِ فَتَوَضَّأ (وضوءه للصَّلَاة) ثمَّ مسح عَلَى خفيه ثمَّ صَلَّى» اللَّفْظ لمُسلم .
(البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير (2/ 249)
قَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب} قَالَ مَسْرُوق هُوَ أَبُو عَائِشَة مَسْرُوق بن الأجدع الْهَمدَانِي: أَرَادَ بِهِ: لَيْسَ بأمانيكم أَيهَا الْمُسلمُونَ، وَلَا أماني أهل الْكتاب، وهم الْيَهُود، وَالنَّصَارَى. تفسير السمعاني (1/ 482)
روايات عن مسروق:
روي عن مسروق أنه أتى يوم صفين، فوقف بين الصفين ثم قال:
أيها الناس، أنصتوا. ثم قال: أرأيتم لو أن مناديًا ناداكم من السماء فسمعتم كلامه ورأيتموه فقال: إن الله ينهاكم عما أنتم فيه، أكنتم مطيعيه؟ قالوا: نعم! قال: فوالله لقد نزل بذلك جبرئيل على محمد صلى الله عليه وسلم. فما زال يأتي من هذا- أي: يقول مثل هذا- ثم تلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكمْ رَحِيمًا) .
ثم انساب في الناس فذهب. (تفسير ابن جرير)
عن مسروق قال: سئل عبد الله عن الكبائر، قال: ما بين فاتحة"سورة النساء" إلى رأس الثلاثين). رواه ابن جرير.
أقوال العلماء فيه:
قال أبو إسحاق: حج مسروق فما نام إلا ساجدًا على وجهه.
وقال ابن المديني: صلى خلف أبي بكر.
وقال ابن معين: ثقة لا يسأل عن مثله. (تفسير الماتريدي)
عن مسروق) بن الأجدع الهمداني التابعي الثقة (أنه سئل عن بيت من الشعر فكرهه) أي كره إنشاده (فقيل له في ذلك فقال أنا أكره أن يوجد في صحيفتي شعر) إذ ليس هو من صالح الأعمال أخرجه ابن أبي الدنيا عن حمزة بن العباس أنبأنا عبدان أخبرنا عبد الله أنبأنا سفيان عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق أنه سئل فذكره (وسئل بعضهم عن الشعر فقال اجعل مكان هذا ذكراً فإن ذكر الله خير من الشعر) وكأنه خاف عن التجرد له فيكون شاغلاً له عن الذكر (تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (4/ 1669).
من أقواله:
عن مسروق بن الأجدع الهمداني قال : إن « المرء لحقيق أن يكون له مجالس يخلو فيها فيتذكر فيها ذنوبه فيستغفر منها » . سلسلة الآثار الصحيحة أو الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين (1/ 121)
روى عن: علي وابن مسعود وعائشة وخباب بن الأرت،
وروى عنه: أبو الضحى مسلم بن صبيح القرشي فأكثر، والشعبي، وعبد الله بن مرة، وسالم بن أبي الجعد، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، ويحيى بن الجزار، وعبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، زوجته قمير، وأبو وائل، والشعبي، وخلق. وغيرهم.
وفاته:
قال ابن سعد: توفي سنة ثلاث وستين
مايستفاد من سيرة مسروق بن الأجدع:
- الهمة العالية في ملازمة الصحابة واستغلال وجودهم.
- الخوف الشديد من الذنوب.
- التقوى لله, وعدم الاتكال على العمل.
- قوة البصيرة والعمل الدؤوب الصالح.
مرة بن شراحيل:
مرَّةُ بْنُ شَرَاحِيلَ الْهَمْدَانِيُّ السَّكْسَكِيُّ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْكُوفِيُّ الْمَعْرُوفُ بِمُرَّةَ الطَّيِّبِ ، وَمُرَّةَ الْخَيْرِ لُقِّبَ بِذَلِكَ لِعِبَادَتِهِ . رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ . وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ ، وَالشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُمْ . قَالَ ابْنُ حَجَرٍ : ثِقَةٌ عَابِدٌ مِنَ الثَّانِيَةِ مَرْتَبَتُهُ : الثَّانِيَةُ تَعْدِيلاً .( البدور السافرة للسيوطي)
من أقوال العلماء:
عن ابن أبي خالد قال رأيت مرة بن شراحيل يصلي على لبد وهو يمسك بوتد في الحائط وكان في قيامه يثنى على الله ويركع ويسجد. حلية الأولياء 430 (4/ 162)
وثقه ابن معين، وقال الحارث الغنوي: سجد حتى أكل التراب جبهته.
قال عطاء بن السائب: رأيت مصلى مرة الهمداني مثل مبرك البعير.
وقال ابن حبان: (كان يصلى كل يوم ستمائة ركعة، وكان مسجده مثل مبرك البعير).
قال الذهبي: (ما كان هذا الولي يكاد يتفرغ لنشر العلم، ولهذا لم تكثر روايته، وهل يراد من العلم إلا ثمرته).
من نقولاته:
عَنْ مُرَّةَ بْنِ شَرَاحِيلَ , قَالَ : قَالَ عُمَرُ : ثَلاَثٌ لأَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَهُنَّ لَنَا أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا : الْكَلاَلَةُ , وَالْخِلاَفَةُ , وَالرِّبَا. (كتاب السنة للخلال)
عَنْ مُرَّةَ بْنِ شَرَاحِيلَ الْبَكِيلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، " {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: 177] أَيْ يُؤْتِيهِ وَهُوَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ يَأْمَلُ الْعَيْشَ وَيَخْشَى الْفَقْرَ " (تفسير الطبري )
عَنْ مُرَّةَ بْنِ شَرَاحِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً، وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً، فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ وَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ، وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلَكِ فَإِيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ، فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ وَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَجَدَ الْأُخْرَى فَلْيَسْتَعِذْ مِنَ الشَّيْطَانِ» ثُمَّ قَرَأَ: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} [البقرة: 268]( تفسير الطبري)
عنْ مُرَّةَ بْنِ شُرَاحِيلَ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}، وَحَقُّ تُقَاتِهِ أَنْ يُطَاعَ فَلا يُعْصَى، وَيُذْكَرَ فَلا يُنْسَى، وَيُشْكَرَ فَلا يُكْفَرَ.
من رواياته:
تفسير عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ , قَالَ: سَأَلْتُ مُرَّةَ بْنَ شَرَاحِيلَ , عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19] قَالَ: «حَالًا بَعْدَ حَالٍ»
تفسير مجاهد (ص: 413)
عَنْ مُرَّةَ بْنِ شَرَاحِيلَ، فِي قَوْلِهِ: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 43] قَالَ: «مُنْحَرِفَةٌ لَا تَعِي، أَوْ تُغْنِي شَيْئًا»
عَنْ مُرَّةَ بْنِ شَرَاحِيلَ، قَالَ: «لَأَنْ أَكُونَ يَوْمَئِذٍ قُتِلْتُ مَعَ عُثْمَانَ فِي الدَّارِ أَحَبُّ إِلَى مِنْ كَذَا وَكَذَا» (فضائل عثمان بن عفان لعبد الله بن أحمد (ص: 76)
وفاته:
مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَقِيلَ بَعْدَ ذَلِكَ .
الفوائد من سيرته:
- صفات العلماء الربانيين.
- الزهد في الدنيا.
- القدوة الصالحة والاقتداء بمعلميهم من الصحابة.
- الاهتمام بالقرآن والسنة.
- شدة الخشية من الله.
- العمل بالعلم.
س2: ما هي أنواع تدوين التفسير في القرن الأول؟
تدوين التفسير في القرن الأول:
كان أكثر تدوين التفسير وروايته في النصف الثاني من القرن الأول، وكان على ثلاثة أضرب:
أحدها: تدوين أحاديث التفسير المروية عن النبي صلى الله عليه، وتدوين أقوال الصحابة في التفسير وروايتها ، كما فعل أصحاب ابن عباس، فأول من اعتنى بالتفسير أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما، وممَّن نصّ العلماء على أنّهم كتبوا التفسير من أصحاب ابن عباس: سعيد بن جبير، ومجاهد بن جبر، وأربدة التميمي، وأبو مالك الغفاري، وأبو صالح باذام.
وكانت كتابتهم للتفسير في صحف خاصة.
وكان من الصحابة مَن يحثّ على كتابة العلم كأبي هريرة وابن عباس وأنس بن مالك.
ثم لما كان في أواخر القرن الأول كثرت الصحف في التفسير؛ لانتشار أصحاب ابن عباس في الأمصار وكثرة الصحف التي كتبها عنهم أصحابهم منها ما عُرف خبرها وروى منها أصحاب التفاسير المسندة مرويات، ومنها ما انقطع خبرها.
والثاني: تدوين أقوال المفسّرين من التابعين ومروياتهم في التفسير؛ كما فعل أصحاب مجاهد وأصحاب سعيد بن جبير، وأصحاب عكرمة، وأصحاب زيد بن أسلم، وأصحاب نافع مولى بن عمر، وغيرهم.
والثالث: تدوين أخبار بني إسرائيل المتلقاة عن أهل الكتاب، ومن يروي عنهم، فكتب بعض ما روي عن كعب الأحبار ووهب بن منبّه ومغيث بن سميّ ونوف البكالي وتبيع بن عامر، وغيرهم، ويُذكر أن سعيد بن المسيب كان ممن يأخذ عن كعب الأحبار، وأنّه كان يكتب.
س3: ما معنى الإسرائيليات؟ وما حكم روايتها؟
المراد بالإسرائيليات أخبار بني إسرائيل، وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام.
حكم رواية الإسرائيليات:
يحدّث به بعضُ أهل الكتاب في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ممن كان في المدينة ونجران وخيبر وغيرهم.
فيحدّثون النبيَّ صلى الله عليه وسلم أو يحدّثون بعض أصحابه ببعض ما في كتبهم، وقد دخلها التحريف؛ فكان من حديثهم ما هو حق لم يبلغه تحريفهم، ومنه ما غُيّر وبدّل، ولذلك كان ما يذكرونه على ثلاثة أقسام:
1: قسم يخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بتصديقهم فيه؛ كما في صحيح البخاري من حديث إبراهيم النخعي عن عبيدة السلماني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حَبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنا نجد: أن الله يجعل السموات على إصبع والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وما قدروا الله حق قدره، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه، سبحانه وتعالى عما يشركون}).
2: وقسم يكذّبهم فيه النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما في السنن الكبرى للنسائي من طريق ابن جريج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له: إن اليهود تقول: إذا جاء الرجل امرأته مجباة جاء الولد أحول، فقال: «كذبت يهود» فنزلت {نساؤكم حرث لكم، فأتوا حرثكم أنى شئتم}).
3: وقسم يقف فيه فلا يصدّقهم ولا يكذبهم؛ كما روى عبد الرزاق وأحمد من طريق ابن شهاب، عن ابن أبي نملة، أن أبا نملة الأنصاري، أخبره أنه بينا هو جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل من اليهود، فقال: يا محمد، هل تتكلم هذه الجنازة؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الله أعلم ".
قال اليهودي: أنا أشهد أنها تتكلم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله وكتبه ورسله، فإن كان حقا لم تكذبوهم، وإن كان باطلا لم تصدقوهم)).
2: أن الإذن بالتحديث عنهم من المطلق الذي يدخله التقييد، وتلك القيود منها ما نصّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ومنه ما نصّ عليه بعض أصحابه مما علموه وأدركوه من هدي النبي صلى الله عليه وسلم لهم وتعليمه إيّاهم.
قال ابن تيمية: (الإسرائيليات إذا ذكرت على طريق الاستشهاد بها لما عرف صحته لم يكن بذكرها بأس).
3: ما كان من أخبارهم يخالف دليلاً صحيحاً فهو باطل؛ لا تحلّ روايته إلا على سبيل الاعتبار والتشنيع ، وبيان تحريفهم. وهذا يجب تكذيبه.
4: أن لا يعتقد تصديق ما يروى عنهم ما لم يشهد له دليل صحيح من الأدلة المعتبرة لدى أهل الإسلام.
5: أن بعض الإسرائيليات قد تتضمن زيادات منكرة لأخبار محتملة الصحة في الأصل؛ فتنكر الزيادات المنكرة، وتردّ، مع بقاء احتمال أصل القصة إذا كان له ما يعضده.
6: أن لا تجعل أخبارهم مصدراً يعتمد عليه في التعلّم والتحصيل وألا يطلع عليها الطالب إلا بعد ما أحكم دراسة أصول العلم على منهج صحيح.
قال ابن تيمية: (وَمَعْلُوم أَن هَذِه الاسرائيليات لَيْسَ لَهَا إسناد، وَلَا يقوم بهَا حجَّة فِي شَيْء من الدّين إلا إذا كَانَت منقولة لنا نقلا صَحِيحا، مثل مَا ثَبت عَن نَبينَا أَنه حَدثنَا بِهِ عَن بني اسرائيل).
7: أن عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وعبد الله بن عمرو بن العاص لم يكونوا مكثرين من الروايات عن بني إسرائيل على سعة علمهم بها وقراءتهم لها، ودليل ذلك أن ما روي عنهم من الإسرائيليات قليل جداً.
8: أن الصحابة الذين يُروى عنهم بعض أخبار بني إسرائيل ممن لم يقرؤوا كتب أهل الكتاب قلة، وأكثر ما يُروى عنهم من ذلك لا يصحّ إسناده إليهم.
9: أن من التابعين وأتباعهم من تساهل في رواية الإسرائيليات عن الضعفاء والمجاهيل؛ وتداولها القُصّاص والأخباريّون، وزاد فيها الكذابون والمتّهمون بالكذب؛ فكان ذلك من أسباب شهرتها وذيوعها حتى دوّنت في بعض التفاسير.
10: أن يفرّق بين الإذن المطلق بالتحديث عن بني إسرائيل وبين التحديث عن الكذابين والمتّهمين بالكذب الذين يروون الإسرائيليات المنكرة، وروايات هؤلاء في كتب التفسير كثيرة.
11: أنّ رواية عدد من المفسّرين لتلك الإسرائيليات في كتبهم كانت من باب جمع ما قيل في التفسير، وله فوائد جليلة منها التنبيه على علل بعض الأقوال.
س4: بيّن طبقات رواة الإسرائيليات مع التمثيل لكل طبقة.
طبقات رواة الإسرائيليات:
الطبقة الأولى: طبقة الثقات الذين يروون عن الثقات بإسناد صحيح إلى من عرف بالقراءة من كتب أهل الكتاب من الصحابة والتابعين؛ وهؤلاء مقلّون من رواية الإسرائيليات، ويروون الإسرائيليات كما يروون سائر مسائل التفسير.
ومن هؤلاء: أبو بشر جعفر بن إياس اليشكري، وابن أبي نجيح المكي، والأعمش، وأبو رجاء العطاردي، وغيرهم من النقلة الأثبات في رواية التفسير.
الطبقة الثانية: طبقة الرواة غير المتثبّتين المعروفين بالرواية عن الضعفاء والمجاهيل دون تمييز وهم أهل الصدق والصلاح إلا أنهم أخذ عليهم خلط مرويات الثقات بمرويات الضعفاء، وأخذ على بعضهم التدليس. وأصحاب الطبقة الثانية إذا صرّحوا بالتحديث عن ثقة فإنّ حديثهم مقبول في الجملة.
ومن هؤلاء: الضحاك بن مزاحم الهلالي وعطية بن سعيد العوفي، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وأبو معشر المدني.
والطبقة الثالثة: طبقة ضعفاء النقلة الذين ضعّفهم الأئمّة النقّاد في رواياتهم من غير أن يُتّهموا بالكذب.
أصحاب هذه الطبقة فإنهم لو صرّحوا بالتحديث فلا تقبل روايتهم لشدّة ضعفهم.
ومن أصحاب هذه الطبقة: يزيد بن أبان الرقاشي، وعلي بن زيد ابن جدعان، وموسى بن عبيدة الربذي، وجويبر بن سعيد الأزدي.
والطبقة الرابعة: طبقة الكذابين والمتّهمين بالكذب، وهؤلاء لا تعتبر رواياتهم للإسرائيليات ولا لغيرها.
ومن هؤلاء: محمد بن السائب الكلبي، ومقاتل بن سليمان البلخي، والسدي الصغير، وأبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني.