بابُ ما يَخْتَلِفُ به عددُ الطلاقِ
وهو مُعْتَبَرٌ بالرِّجَالِ. رُوِيَ عن عمرَ وعثمانَ وزيدٍ وابنِ عَبَّاسٍ، فـ (يَمْلِكُ مَن كُلُّهُ حُرٌّ, أو بَعْضُه) حُرٌّ (ثلاثاً، و) يَمْلِكُ (العبدُ اثنتيْنِ؛ حُرَّةً كانَتْ زَوْجَتَاهُما أو أَمَةً)؛ لأنَّ الطلاقَ خالصُ حَقِّ الزوجِ، فاعْتُبِرَ به، (فإذا قالَ) حُرٌّ: (أنتِ الطلاقُ, أو: أنتِ طالقٌ, أو) قالَ: (عَلَيَّ) الطلاقُ، (أو) قالَ: (يَلْزَمُنِي) الطلاقُ. (وَقَعَ ثلاثاً بِنِيَّتِها)؛ لأنَّ لفظَه يَحْتَمِلُ ذلكَ، (وإلاَّ) يَنْوِ بذلكَ ثلاثاً, (فواحدةٌ)؛ عَمَلاً بالعُرْفِ.
وكذا قولُه: الطلاقُ لازِمٌ لِي, أو عَلَيَّ، فهو صريحٌ مُنْجَزاً ومُعَلَّقاً ومحلوفاً بهِ، وإذا قالَه مَن معَه عددٌ وَقَعَ بكلِّ واحدةٍ طلقةٌ, ما لم تَكُنْ نِيَّةٌ أو سَبَبٌ يُخَصِّصُه بإحداهُنَّ، وإنْ قالَ: أنتِ طالقٌ. وَنَوَى ثلاثاً, وَقَعَتْ، بخلافِ: أنتِ طالقٌ واحدةً، فلا يَقَعُ بهِ ثلاثاً، وإنْ نَوَاها، (ويَقَعُ بلفظِ): أنتِ طالقٌ (كلَّ الطلاقِ أو أكثرَه أو عَدَدَ الحَصَى أو الريحِ أو نحوَ ذلكَ. ثلاثاً، ولو نَوَى واحدةً)؛ لأنَّها لا يَحْتَمِلُها لفظُه؛ كقولِهِ: يا مائةُ طالِقٍ. وإنْ قالَ: أنتِ طالقٌ غِلَظَ الطلاقِ, أو: أَطْوَلَه, أو: أَعْرَضَه, أو: مِلْءَ الدُّنْيَا, أو: عُظْمَ الجبلِ. فطَلْقَةٌ إنْ لم يَنْوِ أكثرَ، (وإنْ طَلَّقَ) مِن زَوْجَتِهِ (عُضْواً)؛ كَيَدٍ أو أُصْبَعٍ, (أو) طَلَّقَ منها (جُزْءاً مُشاعاً)؛ كنصفٍ وسُدُسٍ, (أو) جُزءاً (مُعَيَّناً)؛ كنِصْفِها الفَوْقانِيِّ, (أو) جُزءاً (مُبْهَماً)؛ بأنْ قالَ لها: جُزْءُكِ طَالِقٌ. (أو قالَ) لزوجتِه: أنتِ طالقٌ (نِصْفَ طَلْقةٍ أو جُزْءاً من طَلْقَةٍ. طَلَقَتْ)؛ لأنَّ الطلاقَ لا يَتَبَعَّضُ، (وعكسُه الرُّوحُ والسِّنُّ والشَّعَرُ والظُّفُرُ ونحوُه)، فإذا قالَ لها: رُوحُكِ أو سِنُّكِ أو شَعَرُكِ أو ظُفُرُكِ أو سَمْعُكِ أو بَصَرُكِ أو رِيقُكِ طالِقٌ. لم تَطْلُقْ، وعِتْقٌ في ذلكَ كطلاقٍ، (وإذا قالَ لـ) زَوْجَةٍ (مدخولٍ بها: أنتِ طالقٌ. وكَرَّرَهُ) مرَّتَيْنِ أو ثلاثاً, (وَقَعَ العَدَدُ)؛ أي: وَقَعَ الطلاقُ بعدَ التَّكْرَارِ، فإنْ كَرَّرَهُ مَرَّتيْنِ, وَقَعَ اثنتيْنِ، وإنْ كَرَّرَهُ ثلاثاً, وَقَعَ ثلاثاً؛ لأنَّه أَتَى بصريحِ الطلاقِ، (إلاَّ أنْ يَنْوِيَ) بِتَكْرَارِهِ (تأكيداً يَصِحُّ)؛ بأَنْ يَكُونَ مُتَّصِلاً، (أو) يَنْوِيَ (إِفْهَاماً)، فيَقَعُ واحدةً؛ لانصرافِ ما زادَ عليها عن الوُقوعِ بِنِيَّةِ التأكيدِ المُتَّصِلِ، فإنِ انْفَصَلَ التأكيدُ وَقَعَ أيضاًً؛ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ، (وإنْ كَرَّرَهُ بِبَلْ) بأنْ قالَ: أنتِ طالقٌ, بل طالقٌ. (أو بِثُمَّ) بأنْ قالَ: أنتِ طالقٌ ثمَّ طالقٌ. (أو بالفاءِ) بأنْ قالَ: أنتِ طالقٌ فطالقٌ. (أو قالَ): طالقٌ طَلْقَةً (بعدَها) طلقةٌ. (أو): طَلْقَةً (قبلَها) طلقةٌ. (أو): طلقةً (معَها طَلْقَةٌ. وَقَعَ اثنتانِ) في مدخولٍ بها؛ لأنَّ للرجعيَّةِ حكمُ الزوجاتِ في لُحُوقِ الطلاقِ، (وإنْ لم يَدْخُلْ بها, بانَتْ بالأُولَى, ولم يَلْزَمْهُ ما بعدَها)؛ لأنَّ البائنَ لا يَلْحَقُها طلاقٌ، بخلافِ: أنتِ طالقٌ طَلْقَةً معَها طلقةٌ. أو: فوقَ طلقةٍ، أو: تحتَ طلقةٍ، أو: فَوْقَها أو تحتَها طلقةٌ. فثِنْتَانِ، ولو غيرَ مدخولٍ بها.
(والمُعَلَّقُ) من الطلاقِ (كالمُنْجَزِ في هذا) الذي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، فإنْ قالَ: إنْ قُمْتِ فأنتِ طالقٌ وطالقٌ وطالقٌ. فقَامَتْ؛ وَقَعَ الثلاثُ، ولو غيرَ مدخولٍ بها، وإنْ قُمْتِ فأنتِ طالقٌ فطالقٌ، أو ثُمَّ طالِقٌ. وقامَتْ وَقَعَ ثنتانِ في مدخولٍ بها، وتَبِينُ غَيْرُها بالأُولَى.