اكتب رسالة تفسيرية مختصرة تبيّن فيها فضل الدعاء وآدابه من خلال تفسير قول الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} الآية.
من رحمة الله تعالى بعباده أنه قريب من عباده كما جاء في الحديث : " عن أبي عثمان عنأبي موسى رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنا إذا علونا كبرنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ولكن تدعون سميعا بصيرا ثم أتى علي وأنا أقول في نفسي لا حول ولا قوة إلا بالله فقال ياعبد الله بن قيس قل لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة أو قال ألا أدلك على كلمة هي كنز من كنوز الجنة لا حول ولا قوة إلا بالله"[1]
فهو سبحانه عليم بحال عباده وحاجاتهم، وفتح لهم باب الدعاء والمناجاة، ومن وُفق له فقد حاز خيراً عظيماً بإذن الله، فقد ورد عن عمر-رضي الله عنه- قال: " أنا لا أحمل هم الإجابة فإذا ألهمت الدعاء فإن معه الإجابة" ، فالإجابة بإذن الله مع الدعاء .:
والدعاء: أن يطلبَ الداعي ما ينفعُه وما يكشف ضُرَّه؛ وحقيقته إظهار الافتقار إلى الله، والتبرؤ من الحول والقوة، وهو سمةُ العبوديةِ، واستشعارُ الذلةِ البشرية، وفيه معنى الثناءِ على الله عز وجل، وإضافةِ الجود والكرم إليه.
وللدعاء فضائل عظيمة وآثار جليلة لا يعلم بها إلا الله، ومنها:
-الدعاء عبودية لله تعالى، قال تعالى: ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) ، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ"[2]
فمن فضل الدعاء في هذه الآية:
*مناسبة الآية لما قبلها في قوله تعالى في آية الصيام " لعلكم تشكرون"، "وليكون نظم الآية مؤذنا بأن الله تعالى بعد أن أمرهم بما يجب له عليهم أكرمهم فقال : وإذا سألوا عن حقهم علي فإني قريب منهم أجيب دعوتهم ، وجعل هذا الخير مرتبا على تقدير سؤالهم إشارة إلى أنهم يهجس هذا في نفوسهم بعد أن يسمعوا الأمر بالإكمال والتكبير والشكر أن يقولوا : هل لنا جزاء على ذلك ؟ وأنهم قد يحجمون عن سؤال النبيء صلى الله عليه وسلم عن ذلك أدبا مع الله تعالى"[3].
*وفي قوله تعالى ( وإذا سألك) قول صريح بأن هذا سيكون في المستقبل[4]، وفيه اهتمام بأمر الدعاء وبيان فضل الله تعالى على عباده أن بدأهم به، وهو سبحانه عالم بحاجاتهم وفقرهم إليه سبحانه.
*واستعمال مثل هذا الشرط مع مادة السؤال ؛ لقصد الاهتمام بما سيذكر بعده - استعمال معروف عند البلغاء[5]. وفي هذا الأسلوب معاني وفوائد وبيان لشأن ماذكر الله، " مع ما في هذا النظم العجيب من زيادة إخراج الكلام في صورة الحكم الكلي إذ جاء بحكم عام في سياق الشرط فقال : ( سألك عبادي) وقال : أجيب دعوة الداع ولو قيل : وليدعوني فأستجيب لهم ؛ لكان حكما جزئيا خاصا بهم ، فقد ظهر وجه اتصال الآية بالآيات قبلها ، ومناسبتها لهن ، وارتباطها بهن من غير أن يكون هنالك اعتراض جملة"[6] .
* في الآية اشارة إلى حاجة فطرية عند الخلق بالفقر لخالقهم، والتبرؤ من حولهم وقوتهم والالتجاء والاعتصام بحوله تعالى وقوته، وفي هذا بيان لرحمة الله بعباده في عبودية الدعاء لما فيه من سكينة وطمأنينة لنفوسهم، وفي الآية لطيفة قرآنية " وهي إيهام أن الله تعالى تولى جوابهم عن سؤالهم بنفسه إذ حذف في اللفظ ما يدل على وساطة النبيء صلى الله عليه وسلم تنبيها على شدة قرب العبد من ربه في مقام الدعاء"[7].، وهذا كقوله تعالى: ( وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيباً إليه) ، وقوله تعالى: ( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وجاءتها ريح عاصف جاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين)، فللناس حاجة فطرية للجوء إلى ربهم، حتى المشركين منهم، ولذلك كان من رحمة الله عليهم وفضل الدعاء أنه كان عبودية لهم. حتى ممن انتسب للالحاد لا يناقش مبدأ نزعة التدين والحاجة لخالق يدبر أموره، ولكنهم يسعون من أجل ذلك إلى تقديم تفسيرات مادية داروينة، مما يؤكد هذه الحاجة الفطرة في نفوسهم وإن أنكروها[8].
* من فضل الدعاء أنه سبب للرشد والتوفيق، قال تعالى : ( فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)، وهذا كقوله تعالى ف يالحديث القدسي:" ......يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أُطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليلِ والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم"[9].فمن أكثر من الدعاء وداوم عليه أحس بلذة القرب من الله تعالى والصلة به والتعلق به والإخلاص له في كل ما يعمل
فضرب منها: توحيده ، والثناء عليه كقولك : يا الله لا إله إلا أنت ،وقولك: ربّنا لك الحمد، فقد دعوته: بقولك ربنا، ثم أتيت بالثناء والتوحيد، ومثله: {وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم إنّ الّذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين}
أي : يستكبرون عن توحيدي ، والثناء عليّ، فهذا ضرب من الدعاء.
وضرب ثان: هو مسألة الله العفو والرحمة، وما يقرب منه ، كقولك : اللهم اغفر لنا.
وضرب ثالث : هو مسألته من الدنياو كقولك:اللهم ارزقني مالا وولدا وما أشبه ذلك.
وإنما سمي هذا أجمع دعاء ؛ لأن الإنسان يصدر في هذه الأشياء بقوله: يا اللّه، ويا رب، ويا حي، فكذلك سمي :دعاء.
وقوله عزّ وجلّ:{فليستجيبوا لي }، أي: فليجيبوني
وللدعاء آداب على المسلم أن يتحلى بها، فهي أرجى لموافقة استجابة دعائه، ومنها:
* من الآدب في الدعاء الثقة بوعد الله تعالى،والدعاء يؤكد ثقة العبد بربه، حين يوقن بالإجابة، كما يقول صلى الله عليه وسلم: " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة "[11]، قال تعالى: ( ادعوني أستجب لكم) ، وفي معنى الاجابة في الآية: لي قال أبو رجاء الخراساني: "معناه فليدعوا لي"،ورى الإمام أحمد: عن أبي عبد الرّحمن الحبليّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم قال: "القلوب أوعيةٌ، وبعضها أوعى من بعضٍ، فإذا سألتم اللّه أيّها النّاس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإنّه لا يستجيب لعبدٍ دعاه عن ظهر قلبٍ غافلٍ
قال ابن عطية: المعنى فليطلبوا أن أجيبهم، وهذا هو باب استفعل، أي طلب الشيء، إلا ما شذ، مثل. استغنى الله، وقال مجاهد وغيره: المعنى فليجيبوا لي فيما دعوتهم إليه من الإيمان، أي بالطاعة والعمل، ويقال: أجاب واستجاب بمعنى.
-قال قوم: المعنى أجيب إن شئت.[12]
-وقال قوم: إن الله تعالى يجيب كل الدعاء: فإما أن تظهر الإجابة في الدنيا، وإما أن يكفر عنه، وإما أن يدخر له أجر في الآخرة، وهذا بحسب حديث الموطأ: عن أبي سعيدٍ: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما من مسلمٍ يدعو اللّه عزّ وجلّ بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ ولا قطيعة رحمٍ، إلّا أعطاه اللّه بها إحدى ثلاث خصالٍ: إمّا أن يعجّل له دعوته، وإمّا أن يدّخرها له في الآخرة، وإمّا أن يصرف عنه من السّوء مثلها" قالوا: إذًا نكثر. قال: "اللّه أكثر ".الحديث، وهذا إذا كان الدعاء على ما يجب دون اعتداء، فإن الاعتداء في الدعاء ممنوع، قال الله تعالى: ادعوا ربّكم تضرّعاً وخفيةً إنّه لا يحبّ المعتدين [الأعراف: 55] قال المفسرون: أي في الدعاء.[13]
قال ابن عبد البر: "فيه دليل على أنه لا بد من الإجابة على إحدى هذه الأوجه الثلاثة"[14]
فكل داع يستجاب له , لكن تتنوع الإجابة : فتارة تقع بعين ما دعا به , وتارة بعوضه ، كما قال ابن حج[15].
وقال ابن الجوزي: اعلم أن الله عز وجل لا يرد دعاء المؤمن، غير أنه قد تكون المصلحة في تأخير الإجابة، وقد لا يكون ما سأله مصلحة في الجملة، فيعوضه عنه ما يصلحه، وربما أخر تعويضه إلى يوم القيامة، فينبغي للمؤمن ألا يقطع المسألة لامتناع الإجابة، فإنه بالدعاء متعبد، وبالتسليم إلى ما يراه الحق له مصلحة مفوض[16]
والمراد من هذا: أنّه تعالى لا يخيب دعاء داعٍ، ولا يشغله عنه شيءٌ، بل هو سميع الدّعاء. وفيه ترغيبٌ في الدّعاء، وأنّه لا يضيع لديه تعالى، كما قال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد، حدّثنا رجلٌ أنّه سمع أبا عثمان -هو النّهديّ -يحدّث عن سلمان -يعني الفارسيّ -رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "إنّ اللّه تعالى ليستحيي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرًا فيردّهما خائبتين".
قال يزيد: سمّوا لي هذا الرّجل، فقالوا: جعفر بن ميمون.
*الحرص على صلة الأرحام والبر في الدعاء،عن جبير بن نفيرٍ، أنّ عبادة بن الصّامت حدّثهم أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما على ظهر الأرض من رجلٍ مسلم يدعو اللّه، عزّ وجلّ، بدعوةٍ إلّا آتاه اللّه إيّاها، أو كفّ عنه من السّوء مثلها، ما لم يدع بإثمٍ أو قطيعة رحم.
*أن تكون ثقته بالله دافعاً له بأن لا يعجل في الدعاء ويستبطئ الاجابة، فإن الله تعالى عليم حكيم، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، عن ابن شهابٍ، عن أبي عبيدٍ -مولى ابن أزهر -عن أبي هريرة: أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم قال: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي أخرجاه في الصّحيحين من حديث مالكٍ، به. وهذا لفظ البخاريّ، رحمه اللّه، وأثابه الجنّة
وروى الامام أحمدعن قتادة، عن أنسٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا يزال العبد بخيرٍ ما لم يستعجل". قالوا: وكيف يستعجل؟ قال: "يقول: قد دعوت ربّي فلم يستجب لي".
وروى الإمام أبو جعفرٍ الطّبريّ في تفسيره: عن ابن وهبٍ، حدّثني أبو صخرٍ: أنّ يزيد بن عبد اللّه بن قسيط حدّثه، عن عروة بن الزّبير، عن عائشة، رضي اللّه عنها، أنّها قالت: ما من عبد مؤمنٍ يدعو اللّه بدعوةٍ فتذهب، حتّى تعجّل له في الدّنيا أو تدّخر له في الآخرة، إذا لم يعجّل أو يقنط. قال عروة: قلت: يا أمّاه كيف عجلته وقنوطه؟ قالت: يقول: سألت فلم أعط، ودعوت فلم أجب.
*استحضار القلب عند الدعاء، والحذر من استيلاء الغفلة، قال عمر رضي الله عنه: " أنا لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء"،فالاستجابة مضمونة ووفاء الوعد من الله سبحانه مضمون ولكن غير المضمون هو أن يكون الدعاء مستجمعا لشروطه وأن تكون الموانع التي تمنع من الاستجابة منتفية عنه ، فإذا تحقق هذا - وهذا لا شك هم يحمله المؤمن- كانت الإجابة ، وليس معنى ذلك أن يحصل المطلوب بعينه وفي الحال، فإن صور الاستجابة تتنوع، فإما أن يعطى ما سأل ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثله ، وإن أن يدخر له في الآخرة ، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها" قالوا: إذا نكثر! قال: "الله أكثر" .
فقد قال صلى الله عليه وسلم: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه"[17]).
قال المناوي: أي لا يعبأ بسؤال سائل مشغوف القلب بما أهمه من دنياه، قال الإمام الرازي: أجمعوا على أن الدعاء مع غفلة القلب لا أثر له[18].
*الحذر من الأكل الحرام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال تعالى : { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا } ( المؤمنون : 51 ) ، وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } ( البقرة : 172 ) ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر ، أشعث أغبر ، يمدّ يديه إلى السماء : يا رب يا رب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغُذّي بالحرام ، فأنّى يُستجاب له ؟ "[19]
*المحافظة على التزام أمر الله وطاعته، قال تعالى : ( فليستجيبوا لي)
[1]6021 صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب: الدعاء إذا علا عقبة، رقم:
[2]رواه أحمد وابن ماجه، والترمذي، وصححه الألباني
[3]التحرير والتنوير لابن عاشور، ج1، ص178
[4]انظر: المرجع السابق
[5]المرجع السابق
[6]المرجع السابق
[7]المرجع السابق
[8]انظر:شموع النهار(اطلالة على الجدل الديني الالحادي المعاصر في مسألة الوجود الالهي)، عبد الله العجيري، ص33
[9]صحيح مسلم، كتاب :الصلة والبروالآداب، باب : تحريم الظلم، رقم: 4680
[10]معاني القرآن للزجاج، ص159-160
[11]أخرجه أحمد و الترمذي
[12]تفسير ابن كثير
[13]انظر: المرجع السابق، بتصرف
[14]التمهيد، ج10، ص297
[15]قتح الباري، ج11، ص95
[16]كشف المشكل، ج1، ص929
[17]رواه الترمذي وصححه الأباني
[18]التيسير بشرح الجامع الصغير، ج1، ص106
[19]رواه مسلم
المجموعة الثانية:
1: حرّر القول في المسائل التالية:
أ: مرجع الهاء في قوله تعالى: {وآتى المال على حبه
-قال ابن عطية: هذه كلها حقوق المال سوى الزكاة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 0 في المال حق سوى الزكاة)، وقيل هي الزكاة.
وفي مرجع الضمير في حبه:
-قال ابن كثيرفي عوده على المال: أخرج المال وهو محب له،راغب فيه، كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة: أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر. فعوده على المال هو عود على الأقرب ، وهو كقوله تعالى: ويؤثرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة) وهي على القاعدة: الأصل اعادة الضمير إلى أقرب مذكور، مالم يرد خلافه.
-وقيل يعود على الإيتاء.
-قيل يعود على اسم الله في قوله تعالى: ( من آمن بالله) أي متصدق محبة في الله وطاعته
-وقي عوده على الضمير المستكن في ( آتى) ، أي المعطي للمال، وهذا على خلاف القاعدة: إعادة الضمير إلى مذكور أولى من اعادته إلى مقدر.وهذا في حالة الاختلاف في عود الضمير.
والراجح هو القول الأول في عوده على المال، لأنه أقرب مذكور، وفيه بيان لعظيم صفة الايثار، وله نظائر في القرآن والحديث.
ب: معنى قوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه
شهد بمعنى حضر ، والتقدير "من حضر المصر في الشهر، وهذا إيجاب حتم على من شهد استهلال الشهر، أي أنه كان مقيما في بلد ودخل الشهر حال اقامته، وهو محقق لشروط الصيام، فقد وجب عليه الصوم لا محالة، ونسخت ما كان عليه من قبل أن من كان صحيحا مقيما يمكنه أن يفطر ويفدي. ثم أعادت الاية الرخصة للمسافر والمريض.
وجمهور الأمة : من شهد أول الشهر أو آخره فليصم مادام مقيما، وقال أبو حنيفة : بشروط التكليف ...
2: بيّن ما يلي:
أ: هل قوله تعالى في حكم القصاص: {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنتثى} منسوخ أم محكم؟
-قال ابن كثير: ( الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) منها منسوخة ، نسختها (النفس بالنفس)
ودليله قول علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : ( والأنثى بالأنثى) وذلك أنهم لا يقتلون الرجل بالمرأة، ولكن بقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة ، فأنزل الله : النفس بالنفس والعين بالعين ، فجعل الأحرار في القصاص سواء فيما بينهم من العمد...
-يرى ابن عطية ان الآية محكمة، عن ابن عباس:أن الآية نزلت مقتضية أن لا يقتل الرجل بالمرأة ولا المرأة بالرجل ولا يدخل صنف على صنف ثم نسخت بآية المائدة أن النفس بالنفس" ثم قال: " هكذا روي، وآية المائدة إنما هي إخبار عما كتب على بني إسرائيل، فلا يترتب النسخ إلا بما تلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن حكمنا في شرعنا مثل حكمهم، وروي عن ابن عباس فيما ذكر أبو عبيد وعن غيره أن هذه الآية محكمة وفيها إجمال فسرته آية المائدة، وأن قوله هنا الحرّ بالحرّ يعم الرجال والنساء، وقاله مجاهد"
ووافقه الزجاج فقال: قال اللّه عز وجلّ: {ذلك تخفيف من ربّكم ورحمة}، وذكر أن من كان قبلنا لم يفرض عليهم إلا النفس ، كما قال عزّ وجلّ: {وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفس بالنّفس}، أي: في التوراة -، فتفضل اللّه على هذه الأمة بالتخفيف ، والدية إذا رضي بها ، وفي الدم.
وللترجيح بين الأقوال نرجع إلى أسباب النزول ففيها بيان لمعنى الآية، وهي تدل على أن الآية كما نقل ابن عطية عن الامام مالك: أحسن ما سمعت في هذه الآية أن المراد بها الجنس ، الذكر والأنثى فيه سواء، وأعيد ذكر الأنثى تأكيدا وتهمما بإذهاب أمر الجاهلية.
والله أعلى وأعلم
ب: حكم الصيام في السفر
-ذكر ابن كثير قول طائفة أن من استهل الشهر وهو مقيم وجب عليه الصيام ولو سافر في أثنائه، وقال هذا قول غريب مخالف لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم
-وذهب جماعة إلى وجوب الافطار في السفر، وهذا على خلاف قول الجمهور ومخالف إلى ماكان عليه الصحابة رضي الله عنهم
-وقالت طائفة أن الصيام في السفر أفضل من الإفطار، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم
-قالت طائفة الافطار في الصيام أفضل للأخذ بالرخصة
-وقول الجمهور هو الراجح أن الأمر على التخيير وليس بحتم، وكل على ما يستطيعه ، وقد كان الصحابة رضوا ن الله عليهم في ذلك
ج: متعلّق الاعتداء في قوله تعالى: {فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم
الاعتداء تجاوز الحد والظلم
والاعتداء المتوعد عليه هو أن يأخذ الرجل الدية ثم يقتل القاتل بعد سقوط الدم ( وسواء أقتل غير القاتل أو قتل أكثر من واحد أو عفا وأخذ الدية ثم قتل ، و|لآثار عادة تخص الأخير)
عن أبي شريح الخزاعي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أصب بقتل أو خبل، فإنه يختار احدى ثلاث: إما أن يقتص ، وإما أن يعفو، وإما أن يأخذ الدية ، فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه، ومن اغعتدى بعد ذلك فإن له نار جهنم خالدا فيها .