أعلام المفسّرين من الصحابة
(3 / 4)
10: أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري (ت:42هـ)
أسلم بمكة، ثم رجع إلى أرضه بإذن النبي صلى الله عليه وسلم، حتى قدم هو وأناس من الأشعريين على رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر؛ فشهد خيبر وما بعدها.
- روى أبو بردة عن أبيه أبي موسى الأشعري أنه قال: خرجنا من اليمن في بضع وخمسين من قومي، ونحن ثلاثة إخوة: أنا وأبو رهم وأبو عامر, فأخرجتنا سفينتنا إلى النجاشي، وعنده جعفر وأصحابه، فأقبلنا حين افتتحت خيبر؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لكم الهجرة مرتين، هاجرتم إلى النجاشي، وهاجرتم إلي).
وكان من القراء المجوّدين، حسن الصوت بتلاوة القرآن،
- عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: «يا أبا موسى لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود»
وفي رواية عند مسلم: «لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيتَ مزمارا من مزامير آل داود».
- في الصحيحين أنّ النبي صلى الله عليه وسلم دعا له: «اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما»
بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن مع معاذ داعياً ومعلّما، وولاه عمر القضاء بالبصرة، ثم ولاه عثمان الكوفة.
وهو الذي فتح تستر في زمان عمر.
وكان مجاهداً فقيهاً قاضياً مقرئاً معلّما حكيماً.
قال النضر بن شميل: حدثنا قرة، قال: أخبرنا أبو رجاء العطاردي، قال: كنا في المسجد الجامع، ومقرئنا أبو موسى الأشعري، كأني أنظر إليه بين بردين أبيضين.
قال أبو رجاء: عنه أخذت هذه السورة: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} وكانت أول سورة نزلت على محمد). رواه ابن جرير.
ثنا أبو بردة، عن أبي موسى، قال: " إنه كان فيكم أمانان: قوله: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] قال: أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد مضى، وأما الاستغفار فهو دائر فيكم إلى يوم القيامة "
- شعبة، عن سماك بن حرب، قال: سمعت عياضا الأشعري، يقول: لما نزلت {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هم قومك يا أبا موسى، وأومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى أبي موسى الأشعري» رواه بن ابن أبي شيبة في مسنده، والحاكم في مستدركه وصححه.
- قال الحسن بن الصباح البزار: حدثنا أبو بردة عن أبي موسى قال: (إنه كان فيكم أمانان قوله: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} قال: أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد مضى، وأما الاستغفار فهو دائر فيكم إلى يوم القيامة). رواه ابن جرير.
- عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن أبي موسى: {فرت من قسورة} قال: الرماة. رواه ابن جرير.
أخذ أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء الراشدين وعن عائشة ومعاذ وابن مسعود وجابر بن عبد الله .
وروى عنه في التفسير:
من الصحابة: عياض بن عمرو الأشعري.
ومن التابعين: ابنه أبو بردة، ومعاوية بن قرّة، وأبو عثمان النهدي، وحطان بن عبد الله الرقاشي، وأبو رجاء العطاردي، وأبو الأحوص عوف بن مالك الجشمي، وأبو تميمة الهجيمي، وسعيد بن المسيب، وقسامة بن زهير، وأبو العالية الرياحي، وأبو ظبيان حصين بن جندب الجنبي، وحميد بن عبد الرحمن بن عوف، ومرة بن شراحيل الهمداني، وعبادة بن نسي الكندي قاضي طبرية.
وأرسل عنه: الحسن البصري، وسعيد بن جبير، وقتادة السدوسي، ومحمد بن سيرين.
11: أبو سعيد زيد بن ثابت بن الضحاك النجاري الأنصاري (ت:51هـ)
كاتب الوحي، وجار النبي صلى الله عليه وسلم، وتلميذه النجيب، قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ وهو ابن إحدى عشرة سنة، وكان غلاماً ذكيا فَهماً فطناً، حسن التعلم، ماهراً بالكتابة؛ فكان النبي صلى الله عليه السلام يعلّمه القرآن، ويأمره بكتابة الوحي؛ وكان جاراً للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فلزمه وتعلّم منه، وشاهد نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، وعرض عليه القرآن مراراً.
- الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت قال: كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: اكتب: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله} فجاء عبد الله ابن أم مكتوم ، وقال: يا رسول الله «إني أحب الجهاد في سبيل الله , ولكن فيَّ من الزمانة ما قد ترى، وذهب بصري»
قال زيد: «فثقلت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي؛ حتى حسبت أن يرضها» ثم قال: " اكتب: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} ). رواه عبد الرزاق.
- عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، أن أباه زيدا، أخبره: أنه لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، قال زيد: ذُهِب بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعجب بي، فقالوا: يا رسول الله، هذا غلام من بني النجار، معه مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة، فأعجب ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "يا زيد، تعلم لي كتاب يهود، فإني والله ما آمن يهود على كتابي" قال زيد: فتعلمت له كتابهم، ما مرت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته وكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه، وأجيب عنه إذا كتب " رواه الإمام أحمد.
وهو الذي عهد إليه أبو بكر بجمع المصحف؛ فاجتهد في جمعه وأحسن، وكان جمعه بنظر قراء الصحابة ومراجعتهم، ثمّ ندبه عثمان لنسخ المصاحف.
قال عبيد بن السباق: حدثني زيد أن أبا بكر قال له: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، قد كنت تكتب الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم, فتتبع القرآن فاجمعه.
قال أبو عمرو الداني: (عرض عليه ابن عباس، وأبو العالية، وأبو عبد الرحمن السلمي، وشهد الخندق وما بعدها. وكان عمر إذا حج استخلفه على المدينة. وهو الذي ندبه عثمان لكتابة المصاحف، وهو الذي تولى قسمة غنائم اليرموك). ذكره الذهبي.
قال عمار بن أبي عمار: (لما مات زيد، جلسنا إلى ابن عباس في ظل فقال: هكذا ذهاب العلماء, دفن اليوم علم كثير).
اختلف في سنة وفاته على أقوال ذكرها الذهبي: فقال أحمد بن حنبل: سنة 51ه، وقال علي بن المديني: سنة 54ه ، وقيل غير ذلك.
وممن روى عنه في التفسير:
من الصحابة: ابن عمر، وابن عباس.
ومن التابعين: ابنه خارجة، وأبو العالية الرياحي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعبيد بن السباق الثقفي، وقبيصة بن ذؤيب، وعبد الله بن يزيد الأنصاري وعطاء بن يسار، وسليمان بن يسار، وعبد الرحمن بن أبي ثوبان، والقاسم بن حسان العامري.
وممن أرسل عنه: الحسن البصري، ومكحول، وأبو البختري الطائي، وأبو قلابة، وعامر الشعبي.
12: أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق (ت: 57هـ)
أحبّ الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفقه النساء، بنى بها النبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت تسع سنين، وكانت ذكية فطنة؛ لا تدع شيئاً لا تعرفه إلا سألت عنه، فتعلّمت من رسول الله صلى الله عليه وسلم علماً غزيراً، وروت عنه فأكثرت وأطابت.
- روى الشعبي عن مسروق قال: قالت عائشة: أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار} قالت: فقلت: أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: " على الصراط " رواه الإمام أحمد ومسلم.
قال نافع بن عمر: حدثني ابن أبي مليكة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حوسب عذب» قالت عائشة: فقلت أوليس يقول الله تعالى: {فسوف يحاسب حسابا يسيرا} قالت: فقال: " إنما ذلك العرض، ولكن: من نوقش الحساب يهلك). رواه البخاري.
ورواه أبو داوود من طريق أبي عامر الخزاز، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله، إني لأعلم أشد آية في القرآن؟
قال: «أية آية يا عائشة؟»
قالت: قول الله تعالى: {من يعمل سوءا يجز به}.
قال: «أما علمت يا عائشة، أن المؤمن تصيبه النكبة، أو الشوكة فيكافأ بأسوإ عمله، ومن حوسب عذب»
قالت: أليس الله يقول: {فسوف يحاسب حسابا يسيرا}، قال: «ذاكم العرض، يا عائشة من نوقش الحساب عذب».
قال علي بن الأقمر: كان مسروق إذا حدث عن عائشة رضي الله عنها قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق، حبيبة حبيب الله، المبرأة من فوق سبع سماوات، فلم أكذبها.
قال أبو موسي الأشعري: ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديث قط، فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علما.
- محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: «ما رأيت أحدا أعلم بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أفقه في رأي إن احتيج إلى رأيه، ولا أعلم بآية فيما نزلت، ولا فريضة من عائشة» رواه ابن سعد.
- الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: (رأيت مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض). رواه ابن سعد.
دخل عليها معاوية وهو خليفة المسلمين زائراً فوعظته وذكّرته؛ فلمّا خرج قال: (والله ما سمعت خطيبا، ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبلغ من عائشة).
وقال عروة بن الزبير: ما رأيت أعلم بالشعر منها.
وقال: ربما روت عائشة القصيدة ستين بيتا وأكثر.
قال الزهري: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت له وهو يسألها عن قول الله تعالى: {حتى إذا استيأس الرسل} قال: قلت: أكُذِبوا أم كُذّبوا؟
قالت عائشة: «كُذّبوا»
قلت: فقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم فما هو بالظن؟
قالت: «أجل لعمري لقد استيقنوا بذلك»
فقلت لها: وظنوا أنهم قد كُذِبوا، قالت: «معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها» قلت: فما هذه الآية؟ قالت: «هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم، وصدقوهم فطال عليهم البلاء، واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم، وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك»
روى عنها:
من الصحابة: أبو موسى الأشعري، وابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وغيرهم.
ومن التابعين: عروة بن الزبير، القاسم بن محمد بن أبي بكر، ومسروق بن الأجدع الهمداني، وابن أبي مليكة، وأبو العالية الرياحي، والأسود بن يزيد، وعمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله، وعبيد بن عبد الله بن عتبة، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعطاء بن أبي رباح.
وأرسل عنها: عبد الله بن بريدة، وميمون بن أبي شبيب، وأبو الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي، ومحمد بن المنكدر، ويحيى بن يعمر، والحسن البصري، وعكرمة، وابن سيرين.
.
13: أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي الأزدي (ت:59هـ)
اشتهر بكنيته حتى غلبت على اسمه، وقد اختلف في اسمه على أقوال كثيرة؛ قال الذهبي: (أشهرها عبد الرحمن بن صخر).
أسلم عام خيبر، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوماً شديداً، وشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالحرص على العلم، ودعا له بالحفظ؛ فكان لا ينسى شيئاً سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حتى كان أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواية للحديث.
- عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: قلت: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال: " لقد ظننت، يا أبا هريرة، أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله، خالصا من قبل نفسه " رواه البخاري.
قال ابن عمر لأبي هريرة: (أنت كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحفظنا لحديثه).
وروى الطبراني بإسناده عن زيد بن ثابت أن أبا هريرة سأل الله عزّ وجلّ علماً لا يُنسى؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "آمين".
- الزهري عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة، قال: " إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة، ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا، ثم يتلو {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} إلى قوله {الرحيم} إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشبع بطنه، ويحضر ما لا يحضرون، ويحفظ ما لا يحفظون). رواه البخاري.
- عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قلت: يا رسول الله، إني أسمع منك حديثا كثيرا أنساه؟ قال: «ابسط رداءك» فبسطته، قال: فغرف بيديه، ثم قال: «ضمه» فضممته، فما نسيت شيئا بعده. رواه البخاري.
ومحبّته من علامات الإيمان؛ لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم له: (اللهمّ حبب عبيدك هذا وأمّه إلى عبادك المؤمنين، وحببهم إليهما). رواه الإمام أحمد.
ولذلك كان أبو هريرة يقول: (والله ما خلق الله مؤمنا يسمع بي ولا يراني إلا أحبني).
وكان سخيّا بالعلم متواضعاً محبوباً، ولاه عمر إمارة البحرين مدّة، وكان في دار عثمان يوم حوصر، وناصره بما استطاع.
ثمّ كان من أهل الإفتاء في المدينة بعد مقتل عثمان.
وولاه معاوية إمارة المدينة؛ فكان وهو أمير على حاله التي يعهدونها من التواضع، يداعب الصبيان، ويركب حماره، ويحمل الحطب على رأسه، حتى ربمّا مرّ بالناس في السوق وهو كذلك؛ فيقول ممازحاً لهم: أفسحوا لأميركم.
من مروياته في التفسير:
قال محمد بن إسحاق: أخبرني سعيد بن يسار، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا جمع الله العباد في صعيد واحد، نادى مناد: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، فيلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، ويبقى الناس على حالهم، فيأتيهم فيقول: ما بال الناس ذهبوا وأنتم ها هنا؟ فيقولون: ننتظر إلهنا، فيقول: هل تعرفونه؟ فيقولون: إذا تعرف إلينا، عرفناه، فيكشف لهم عن ساقه فيقعون سجودا، فذلك قول الله تعالى{يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون} يبقى كل منافق فلا يستطيع أن يسجد، ثم يقودهم إلى الجنة). رواه الدارمي.
قرأ القرآن على أبيّ بن كعب.
وروى عنه في التفسير خلق كثير:
من الصحابة: ثوبان بن بجدد، وأنس بن مالك، وابن عباس.
ومن التابعين: سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والقاسم بن محمد، وأبو صالح ذكوان بن عبد الله السمان، ومرة بن شراحيل الهمداني، وأبو عثمان النهدي، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وطاووس بن كيسان، وعطاء بن أبي رباح، وهمام بن منبه، ومحمد بن سيرين، وسعيد المقبري، والقاسم بن محمد، وأبو العلاء عبد الرحمن بن يعقوب الجهني، وعامر بن شراحيل الشعبي، وعبد الله بن رافع، وأبو زرعة بن عمرو البجلي، ومجاهد بن جبر، ومحمد بن كعب القرظي، وعكرمة مولى ابن عباس، وأبو أيوب يحيى بن مالك المراغي، وعبد الرحمن بن حجيرة.
وأرسل عنه: الحسن البصري، ومحمد بن قيس بن مخرمة، وأبو حازم سلمة بن دينار، ومكحول الدمشقي، وسالم بن أبي الجعد، ويحيى بن أبي كثير، وابن شهاب الزهري، ومحمد بن المنكدر، وأبو قلابة الجرمي، وقتادة السدوسي.
14: عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي (ت:65هـ)
العالم العابد الزاهد؛ أسلم قبل أبيه، وهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وكان حافظاً للقرآن؛ ربما قرأه في ليلة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأمره بالقصد والاعتدال
قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: كنت أصوم الدهر وأقرأ القرآن كل ليلة، قال: فإما ذُكرت للنبي صلى الله عليه وسلم، وإما أرسل إلي فأتيته، فقال لي: «ألم أُخبر أنك تصوم الدهر وتقرأ القرآن كل ليلة؟» فقلت: بلى، يا نبي الله، ولم أرد بذلك إلا الخير.
قال: «فإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام»
قلت: يا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلك.
قال «فإن لزوجك عليك حقا، ولزورك عليك حقا، ولجسدك عليك حقا»
قال: «فصم صوم داود نبي الله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان أعبد الناس»
قال: قلت: يا نبي الله، وما صوم داود؟
قال: «كان يصوم يوما ويفطر يوما»
قال: «واقرأ القرآن في كل شهر»
قال: قلت: يا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلك.
قال: «فاقرأه في كل عشرين».
قال: قلت: يا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلك.
قال: «فاقرأه في كل عشر».
قال قلت: يا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلك.
قال: «فاقرأه في كل سبع، ولا تزد على ذلك، فإن لزوجك عليك حقا، ولزَورك عليك حقا، ولجسدك عليك حقا»
قال: فشدَّدت، فشُدِّد علي.
قال: وقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «إنك لا تدري لعلك يطول بك عُمُر».
قال: «فصرت إلى الذي قال لي النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كبرت وددت أني كنت قبلت رخصة نبي الله صلى الله عليه وسلم» رواه مسلم.
قال ابن أبي مليكة: قال طلحة بن عبيد الله: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (نعم أهل البيت عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله). رواه الإمام أحمد، وله شاهد من حديث عقبة بن عامر.
قال أبو معاوية الضرير: حدثنا الأعمش عن خيثمة قال: انتهيت إلى عبد الله بن عمرو بن العاص وهو يقرأ في المصحف. قال فقلت: أي شيء تقرأ؟
قال: جزئي الذي أقوم به الليلة). رواه ابن سعد.
وقد أَذن له النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة الحديث؛ فكان يكتب ما يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فكتب حديثاً كثيراً، وكانت عنده صحيفة يسميها الصادقة.
- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قلت: يا رسول الله، أكتب ما أسمع منك؟، قال: نعم، قلت: في الرضا والسخط؟، قال: نعم، فإنه لا ينبغي لي أن أقول في ذلك إلا حقا). رواه الإمام أحمد والحاكم.
- قال همام بن منبّه: سمعت أبا هريرة، يقول: «ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب» رواه البخاري.
- سليمان بن بلال عن صفوان بن سليم عن عبد الله بن عمرو قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة ما سمعته منه فأذن لي فكتبته؛ فكان عبد الله يسمي صحيفته تلك الصادقة. رواه ابن سعد.
- قال معن بن عيسى: أخبرنا إسحاق بن يحيى بن طلحة عن مجاهد قال: رأيت عند عبد الله بن عمرو بن العاص صحيفة فسألت عنها فقال: هذه الصادقة! فيها ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بيني وبينه فيها أحد). رواه ابن سعد في الطبقات.
- اجتهد في العلم والعبادة وتلاوة القرآن ولزم ذلك حتى كبرت سنّه، ولم يترك ذلك خشية أن يترك شيئاً فارق عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان معروفاً بتواضعه؛ وحسن خلقه؛ قال سليمان بن ربيعة الغنوي: (كنا نُحدَّث أنه أشد الناس تواضعاً). ذكره الذهبي.
- تعلّم اللسان السرياني، وأصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب؛ فقرأ في كتبهم؛ لكنّه لم يكن كثير التحديث منها؛ فمروياته من أخبار بني إسرائيل قليلة غير كثيرة؛ وأكثر ما يرويه في التفسير إما مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإما من اجتهاده في التفسير.
قال همام بن يحيى: حدثنا قتادة عن الحسن عن شريك بن خليفة قال: (رأيت عبد الله بن عمرو يقرأ بالسريانية). رواه ابن سعد.
من مروياته في التفسير:
أ: شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن يحيى بن قمطة، عن عبد الله بن عمرو: {فلنولينك قبلة ترضاها} حيال ميزاب الكعبة). رواه ابن جرير.
ب: عوف بن أبي جميلة عن أبي المغيرة القواس، عن عبد الله بن عمرو قال: (إن ابني آدم اللذين قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، كان أحدهما صاحب حرث، والآخر صاحب غنم. وأنهما أمرا أن يقربا قربانا، وإن صاحب الغنم قرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها طيبة بها نفسه وإن صاحب الحرث قرب شر حرثه) رواه ابن جرير.
وممن روى عنه التفسير: حفيده شعيب بن محمد، وأبو عبد الرحمن الحبلي، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعروة بن الزبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وحميد بن عبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن ميمون الأودي، وابن أبي مليكة، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير، وعامر الشعبي، وبشر بن شغاف التميمي، وأبو أيّوب الأزدي، وأبو يحيى الأعرج، وعيسى بن هلال الصدفي، ومعدان بن أبي طلحة اليعمري، وسالم بن أبي الجعد، والهيثم بن الأسود، وشفيّ الأصبحي، ويحيى بن قمطة، وعمرو بن عاصم، ونافع بن عاصم، وفاطمة السهمية، وعطية العوفي، وشهر بن حوشب.
وحدّث عنه أيضاً: نوف البكالي، ووهب بن جابر الخيواني، وأبو قلابة الجرمي، وفي رواية هؤلاء عنه بعض الإسرائيليات.
وأرسل عنه: الحسن البصري، ومجاهد، وقتادة السدوسي، وبكر بن سوادة، وأبو الزبير المكي محمد بن مسلم بن تدرس، ومكحول، والأعمش.