تلخيص مقاصد الباب الثالث من كتاب المرشد الوجيز
المقصد الكلي للباب:
نزول القرآن على سبعة أحرف وتفسير الحروف السبعة التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم.
المقاصد الفرعية:
1- نزول القرآن على سبعة أحرف
2- تفسير الحروف السبعة التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم
تفصيل المقاصد
المقصد الأول : نزول القرآن على سبعة أحرف .
- أصل القراءات السبعة لم يتعين بنص من النبي صلى الله عليه وسلم ولا بإجماع من الصحابة وقد اختلفت فيه الأقوال فعن ابن عباس قال : (( اللغات سبع والسماوات سبع والأرضون سبع ..))
- معنى قوله صلى الله عليه وسلم : (( أنزل القرآن على سبعة أحرف , قال أبو جعفر النحوي : لا يدرى معناه لأن العرب تسمي الكلمة المنظومة حرف , والقصيدة كلمة , والحرف المعنى والجهة كقوله تعالى (( ومن الناس من يعبد الله على حرف )) أي على جهة من الجهات ومعنى من المعاني . قال أبو علي الأهوازي : سمعت أبو حاتم سهل أبن محمد السجستاني يقول : معنى سبعة أحرف سبعة لغات من لغات العرب , وذلك أن القرآن نزل بلغة قريش وهذيل وتميم وأزد وربيعة وهوازن وسعد بن بكر
- الأحاديث الواردة فيها :-
في الصحيحين عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :(( أقرأني جبريل عليه السلام على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف ))
- قال أبو عبيد تواترت الأحاديث كلها على الأحرف السبعة إلا حديث واحد يروى عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( أنزل القرآن على ثلاثة أحرف )) قال أبو عبيد : ولا نرى المحفوظ إلا سبعة لأنها المشهورة ويجوز أن يكون معناه أن بعضه أنزل على ثلاثة أحرف( كجذوة ) و( الرهب ) و( الصدفين ) تقرأ على ثلاثة أوجه في هذا القراءات المشهورة
أو أراد أنه ابتدأ نزوله على ثلاثة أحرف ثم زيد إلى سبعة
- ما يقرأ على سبعة أحرف :
قال الأنباري : (( ما وجد في القرآن يقرأ على سبعة أحرف منها ( عبد الطاغوت ) وقوله ( أرسله معنا غدا يرتع ويلعب ) وهذا يدل على أن بعض القرآن أنزل على سبعة أحرف وليس كله ))
- اعتماد الصحابة ومن تبعهم على العرضة الأخيرة التي عرضها الرسول صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام في العام الذي قبض فيه, وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض عليه في كل سنة مرة جميع ما أنزل عليه فيها إلا في السنة الذي قبض فيها فإنه عرض عليه مرتين .
- الحكمة من إنزال القرآن على سبعة أحرف :
1- أن الله أنزل القرآن بلغة قريش ومن جاورها من فصحاء العرب , ثم أباح لهم قراءته بلغاتهم التي إعتداوا عليها على إختلافهم في الألفاظ والأعراب , ولم يكلفهم الانتقال من لغة لغيرها لمشقة ذلك عليهم .
2- ولأن العربي اذا فارق لغته التي طبع عليها اخذته العزة فجعلهم يقرأونه على عادتهم لئلا يشق عليهم ويبعده عن الإذعان , مع ما فيها من اتفاق المعنى من أجل ذلك جاء في القرآن ألفاظ مخالفة ألفاظ المصحف المجمع عليه , كالصوفي وهو العهن وزقية وهي صيحة وحططنا وهي وضعنا . وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل رجل منهم متمسك بما أجازه له صلى الله عليه وسلم .
3- أن الله أباح ان يقرأ على سبعة أحرف توسيعا على العباد وذلك لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي قيس مولى عمر بن العاص ((أن رجلا قرأ آية من القرآن ... )) إلى أن قال (( أن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف فأي ذلك قرأتم أصبتهم فلا تماروا في القرآن فإن المراء فيه كفر ))
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا أوحي إليه أن يقرأ على حرفين وثلاثة (( هون على أمتي ..))
- بيان الأخبار التي وردت في إجازة قراءة غفور رحيم بدل عليم حكيم .
لأن ذلك مما نزل به الوحي فإذا قرأ ذلك في غير موضعه فكأنه قرأ آية من سورة وآية من سورة أخرى فلا يأثم بقرائتها ما لم يختم آية عذاب بآية رحمة , ولا آية رحمة بآية عذاب .
1- وكان هذا سائغا قبل جمع الصحابة المصحف تسهيلا لحفظه لأنه نزل على قوم لم يعتادوا التكرار وحفظه بلفظه بل يعبرون عما يسمعونه باللفظ الفصيح .
2- أن الصحابة خافوا من كثرة الاختلاف , وألهموا أن تلك الرخصة قد استغني عنها بكثرة الحفظ للقرآن , فنسخوا القرآن على اللفظ المنزل , وغير اللفظ المرادف له , وصار الأصل ما استقرت عليه القراءة في السنة التي توفي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم , بعد ما عارضه جبريل عليه السلام في تلك السنة مرتين , ثم اجتمع الصحابة على إثباته بين الدفتين .
- بقي من الأحرف السبعة ما لا يخالف المرسوم وهو ما يتعلق بتلك الألفاظ من الحركات , والسكنات , والتشديد , والتخفيف , وإبدال حرف بحرف بحرف يوافقه في الرسم.
- الوعيد لمن جحد شيئا من القرآن :
عن علقمة عن عبدالله قال : (( لقد رأيتنا نتنازع فيه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم , فيأمرنا فنقرأ عليه فيخبرنا أن كلنا محسن , ولقد كنت أعلم أنه يعرض عليه القرآن في كل رمضان , حتى كان عام قبض فعرض عليه مرتين , فكان إذا فرغ فعرض عليه مرتين , فكان إذا فرغ أقرأ عليه فيخبرني أنني محسن , فمن قرأ على قراءتي فلا يدعنها رغبة عنها , ومن قرأ على شيء من هذه الحروف فلا يدعنه رغبة عنه , فإنه من جحد بآية وفي رواية بحرف منه جحد به كله .
المقصد الثاني : تفسير الحروف السبعة التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم .
-تفسير ذلك من وجهين :
1- زيادة كلمة أو نقصانها , وإبدال كلمة بكلمة أخرى , أو تقديم وتأخير , مثل ما روي عن بعضهم : (( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج )) أو (( حم سق )) فهذا لا يجوز القراءة به . ومن قرأ به غير معاند أخذه الإمام بالأدب , ومن كان معاندا معلما له قتل لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( المراء في القرآن كفر )) لإجماع الأمة على إتباع المصحف المرسوم .
2-ما اختلف فيه من إظهار , وإدغام , وروم , وإشمام , وقصر , ومد , وإبدال حركة بأخرى , وياء بتاء , وواو بفاء , فهذا هو المستعمل في زماننا , وهو الذي عليه خط مصاحف الأمصار .
فثبت بهذا أن القراءات التي نقرأها هي بعض من الحروف السبعة التي نزل بها القرآن لموافقتها المصحف الذي اجتمعت عليه الأمة وترك ما سواها لمخالفتها مرسوم المصحف وذلك لعدة أمور :-
1- أن الله تعالى قال : (( فاقرءوا ما تيسر منه )) فصارت هذه القراءة هي المتيسرة لنا لرواية سلف الأمة لها وجمع المصحف على هذا الحرف .
وقال الطبري أن جميع القراءات ترجع إلى حرف واحد وهو حرف زيد بن ثابت
- قال القاضي أبو بكر بن الطيب : بيان أن الصحابة لم يختلفوا في القراءات المشهورة وإنما قراءات أخرى لم تثبت لها حجة .
- ان هناك قراءات تجيء عن الرسول صلى الله عليه وسلم مجيء الآحاد ولم يعلم ثبوته وحجته
- ولأن بعضهم يقرأ التأويل مع التنزيل مثل (( والصلاة الوسطى )) وهي صلاة العصر وقوله : (( فإن فاءوا فيهن ))
- فمنع عثمان رضي الله عنه من هذا الذي لم يثبت ولم تقم الحجة به وحرقه وأخذ بالمتيقن في قراءات الرسول صلى الله عليه وسلم .
- فأما أن يستجيز هو أو غيره من أئمة المنع من القراءة بحرف ثبت أن الله تعالى أنزله , ويأمر بتحريقه والمنع ن النظر فيه والانتساخ منه , ويضيق على الأمة ما وسعه الله تعالى ويحرم من ذلك ما أحله , ويمنع منه ما أطلقه وأباحه , فمعاذ الله أن يكون ذلك كذلك )).
- ثم إنه لم يجمعه على قراءة واحدة بحرف واحد بل جمعهم على قراءة بسبعة أحرف وسبع قراءات وهي ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم لئلا تسقط قراءة قرأ بها الرسول صلى الله عليه وسلم وعرف حاجة الناس إلى معرفة جميع تلك الأحرف كتبها في مصاحفها وأنفذ كل إمام منها إلى ناحية لتكون جميع القراءات محروسة محفوظة .
- وقال صاحب شرح السنة وأما القراءة باللغات المختلفة مما يوافق الخط والكتاب فالفسحة فيه باقية بعد ثبوت صحتها بنقل العدول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .