دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > متون التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير وأصوله > تفسير جزء تبارك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 02:33 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي سورة القيامة (الآيات: 26-35)

كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30) فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35)


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 07:46 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تيسير الكريم الرحمن للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي

(26 -35) {كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ * فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى * أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى }.
يَعِظُ تعالى عِبادَه، بذِكْرِ حالِ الْمُحْتَضِرِ عندَ السياقِ، وأنه إذا بَلَغَتْ رُوحُه التَّرَاقِيَ، وهي العِظامُ الْمُكْتَنِفَةُ لثَغْرَةِ النحْرِ، فحينَئذٍ يَشتَدُّ الكَرْبُ ويَطْلُبُ كلَّ وَسيلةٍ وسببٍ يَظُنُّ أنْ يَحْصُلَ به الشِّفاءُ والراحةُ.
ولهذا قالَ: {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ}؛ أي: مَن يَرْقِيهِ، مِن الرُّقْيَةِ؛ لأنَّهم انْقَطَعَتْ آمالُهم مِن الأسبابِ العادِيَّةِ، فلم يَبْقَ إلاَّ الأسبابُ الإلهيَّةُ، ولكنَّ القضاءَ والقدَرَ إذا حُتِمَ وجاءَ فلا مَرَدَّ له.
{وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} للدنيا.
{وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ}؛ أي: اجتَمَعَتِ الشدائدُ والْتَفَّتْ، وعَظُمَ الأمْرُ وصَعُبَ الكَرْبُ، وأُرِيدَ أنْ تَخْرُجَ الرُّوحُ التي أَلِفَتِ البَدَنَ ولم تَزَلْ معَه، فتُسَاقُ إلى اللَّهِ تعالى، حتى يُجَازِيَها بأعمالِها ويُقَرِّرَها بفِعالِها.
فهذا الزَّجْرُ الذي ذَكَرَه اللَّهُ, يَسُوقُ القلوبَ إلى ما فيه نَجَاتُها، ويَزْجُرُها عمَّا فيه هلاكُها.
ولكنَّ المُعانِدَ الذي لا تَنْفَعُ فيه الآياتُ، لا يَزَالُ مُسَتَمِرًّا على بَغْيِهِ وكُفْرِه وعِنادِه.
{فَلاَ صَدَّقَ}؛ أي: لا آمَنَ باللَّهِ وملائكتِه وكُتُبِه ورُسُلِه واليومِ الآخِرِ والقدَرِ خيرِه وشَرِّه.
{وَلاَ صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ} بالحقِّ في مُقابَلَةِ التصديقِ، {وَتَوَلَّى} عن الأمرِ والنهيِ، هذا وهو مُطْمَئِنٌّ قَلْبُه، غيرُ خائفٍ مِن ربِّه، بل يَذهبُ {إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى}؛ أي: ليسَ على بالِه شيءٌ، تَوَعَّدَه بقولِه: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى}.
وهذه كَلِمَاتُ وَعيدٍ كَرَّرَها لتَكريرِ وَعيدِه.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 ذو القعدة 1429هـ/9-11-2008م, 09:14 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي زبدة التفسير للدكتور: محمد بن سليمان الأشقر

26-{كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} أيْ: إذا بَلَغَت النفْسُ أو الرُّوحُ التراقِيَ، والتَّرْقُوَةُ عَظْمٌ بينَ ثَغرةِ النحْرِ والعاتقِ، ويُكَنَّى ببلوغِ النفسِ التراقيَ عن الإشفاءِ على الموتِ.
27-{وَقِيلَ مَن رَّاقٍ} أيْ: قالَ مَن حَضَرَ صاحبَها: مَن يَرْقِيهِ ويَشْفِي برُقْيَتِه؟ الْتَمَسوا له الأطباءَ فلم يُغْنُوا عنه مِن قَضاءِ اللهِ شَيئاً.
28-{وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} أيْ: وأَيْقَنَ الذي بلَغَتْ رُوحُه التراقِيَ أنها ساعةُ الفِراقِ مِن الدنيا، ومِن الأهْلِ والمالِ والولَدِ.
29-{وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} أي: الْتَفَّتْ ساقُه بسَاقِه عندَ نُزولِ الموتِ به، فماتَتْ رِجلاهُ ويَبَسَتْ سَاقاهُ ولم تَحْمِلاهُ، وقد كانَ جَوَّالاً عليهما، فالناسُ يُجَهِّزونَ جَسَدَه، والملائكةُ يُجَهِّزُونَ رُوحَه.
30-{إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} أيْ: إلى خالِقِكَ تُساقُ الأرواحُ بعدَ قَبْضِها مِن الأجسادِ.
31-{فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى} أيْ: لم يُصَدِّقْ بالرسالةِ ولا بالقرآنِ، ولا صَلَّى لربِّه، فلا آمَنَ بقَلْبِه, ولا عَمِلَ ببَدَنِه.
32-{وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى} أيْ: كذَّبَ بالرسولِ وبما جاءَ به، وتَوَلَّى عن الطاعةِ والإيمانِ.
33-{ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى} أيْ: يَتبَخْتَرُ ويَختالُ في مِشْيَتِه افتخاراًَ بذلك، أو يَتثاقلُ ويَتكاسَلُ عن الداعِي إلى الْحَقِّ.
34-35-{أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} أيْ: وَلِيَكَ الويلُ، وأَصْلُه: أَوْلاكَ اللهُ ما تَكرهُه. يَتكرَّرُ عليك ذلك مَرَّةً بعدَ مَرَّةٍ.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 ذو القعدة 1429هـ/9-11-2008م, 09:15 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تفسير القرآن للإمام أبي المظفر السمعاني

قولُه تعالى: {كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} المعنى: أنه ليس الأمْرُ كما يَظُنُّونَ ويَتَوَهَّمُونَ، ويَستَعْمِلُون ذلك إذا بَلَغَتِ النفْسُ التَّرَاقِيَ، والتراقِي جَمْعُ تَرْقُوَةٍ، وهو مُقَدَّمُ الحلْقِ الْمُتَّصِلُ بالصدْرِ، وهو مَوْضِعُ الْحَشْرَجَةِ، ذكَرَه أبو عيسى.
وقولُه: {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} أيْ: هل مِن طَبيبٍ يَشْفِي ويُدَاوِي. قالَ قَتادةُ: وقيلَ معناه: أنَّ الملائكةَ يَقولونَ مَن يَرْقَى برُوحِه؟ أيْ: تَصْعَدُ ملائكةُ الرحمةِ أو مَلائكةُ العذابِ.
وقولُه: {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} قَرأَ ابنُ عَبَّاسٍ: (وأَيْقَنَ أنه الفِراقُ)، وهو صَحيحٌ عنه، وهو المعنَى.
وقولُه: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} أي: اتَّصَلَتْ شِدَّةُ الدنيا بشِدَّةِ الآخِرةِ, وقيلَ: يَجتمِعُ عليه كَرْبُ الموتِ وهَوْلُ الْمُطَّلَعِ، قالَ الضحَّاكُ: هو في أمْرٍ عظيمٍ، الناسُ يُجَهِّزُونَ بَدنَه، والملائكةُ يُجَهِّزونَ رُوحَه، وعن الحسَنِ: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} أيْ: في الكَفَنِ، وهو الساقُ المعروفُ، وعلى القولِ الأوَّلِ الساقُ بمعنى الشِّدَّةِ، وقد ذَكَرْنا مِن قَبلُ.
وقولُه: {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} أي: السَّوْقُ فإنه يُساقُ إمَّا إلى الجنَّةِ وإمَّا إلى النارِ، بأَمْرِ اللهِ تعالى.
قولُه تعالى: {فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى} معناه: فلا صَدَّقَ الكافِرُ ولا صَلَّى. معناه: لم يُصَدِّقِ الكافرُ ولم يُصَلِّ. قالَ الْمُفَسِّرونَ: نَزلتِ الآيةُ في أبي جَهْلِ بنِ هِشامٍ.
قولُه: {وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} أيْ: كَذَّبَ بآياتِ اللهِ، وأَعْرَضَ عن الْحَقِّ.
وقولُه: {ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى} أيْ: يَتَبَخْتَرُ. ومِشيةُ الْمُطَيْطَاءِ هي مِشيةُ التَّبَخْتُرِ. وقيلَ: هو أنْ يُوَلِّيَ مطَاؤُه، والْمَطَا الظهرُ، وفي بعضِ التفاسير: أنه مِشيةُ بني مَخزومٍ. وقيلَ: التَّمَطِّي: هو التَّمَدُّدُ مِن كَسَلٍ أو مَرَضٍ، فأمَّا مِن المرَضِ فهو غيرُ مَذمومٍ، وأمَّا مِن الكسَلِ إذا كان تَثَاقُلاً عن الحقِّ فهو مَذمومٌ.
وقولُه: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} اختلَفَ القولُ في هذه اللفْظَةِ، فأَحَدُ الأقوالِ: أنَّ معناها: الوَيْلُ لك ثم الوَيْلُ لك، والثاني: معناها: وَلِيَكَ الْمَكروهُ وقَارَبَ مِنك، وهذا قولُ قَتادةَ وجماعةٍ.
والقولُ الثالثُ: الذمُّ أَوْلَى لك، ثم طُرِحَتْ لفْظُ الذمِّ للاستغناءِ عنها ولأنَّه مَعلومٌ، ذَكَرَه عَلِيُّ بنُ عيسى, وفي التفسيرِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَقِيَ أبا جهْلٍ وهو يَخْرُجُ مِن بابِ بَنِي مَخزومٍ يَتبَخْتَرُ، فأخَذَ بيدِه وهَزَّهُ مَرَّةً أو مَرَّتينِ، ثم قالَ له: ((أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى)).
فأَخْبَرَ اللهُ تعالى في القرآنِ قولَ الرسولِ على ما قالَ، وهذا قولٌ حسَنٌ؛ لأنَّ (أَوْلَى) في لغةِ العرَبِ بمعنى كادَ و هَمَّ، ولفْظَةُ (كادَ) بالْخَلْقِ أَلْيَقُ، فهو حِكايةٌ مِن اللهِ تعالى لقوْلِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأَنْشَدُوا في كلمةِ (أَوْلَى) قولَ الخنساءِ.
هَمَمْتُ بنَفْسِيَ بعضَ الْهُمُومِ فأَوْلَى لنَفْسِيَ أَوْلَى لَهَا
سأَحْمِلُ نفْسِي على آلَةٍ فإِمَّا عليها وإِمَّا لَهَا
آلةٍ، أيْ: حالةٍ.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 جمادى الآخرة 1435هـ/10-04-2014م, 12:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير ابن كثير

تفسير ابن كثير


قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (يخبر تعالى عن حالة الاحتضار وما عنده من الأهوال -ثبّتنا اللّه هنالك بالقول الثّابت-فقال تعالى: {كلا إذا بلغت التّراقي} إن جعلنا {كلا} رداعة فمعناها: لست يا ابن آدم تكذّب هناك بما أخبرت به، بل صار ذلك عندك عيانًا. وإن جعلناها بمعنى (حقًّا) فظاهرٌ، أي: حقًّا إذا بلغت التّراقي، أي: انتزعت روحك من جسدك وبلغت تراقيك، والتّراقي: جمع ترقوةٍ، وهي العظام الّتي بين ثغرة النّحر والعاتق، كقوله: {فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذٍ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين} [الواقعة: 83 -87]. وهكذا قال هاهنا: {كلا إذا بلغت التّراقي} ويذكر هاهنا حديث بسر بن جحاش الّذي تقدّم في سورة "يس". والتّراقي: جمع ترقوةٍ، وهي قريبةٌ من الحلقوم.
{وقيل من راقٍ} قال: عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: أي من راقٍ يرقي؟ وكذا قال أبو قلابة: {وقيل من راقٍ} أي: من طبيبٌ شافٍ. وكذا قال قتادة، والضّحّاك، وابن زيدٍ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا نصر بن عليٍّ، حدّثنا روح بن المسيّب أبو رجاءٍ الكلبيّ، حدّثنا عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ: {وقيل من راقٍ} قال: قيل: من يرقى بروحه: ملائكة الرّحمة أم ملائكة العذاب؟ فعلى هذا يكون من كلام الملائكة.
وبهذا الإسناد، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {والتفّت السّاق بالسّاق} قال: التفّت عليه الدّنيا والآخرة. وكذا قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {والتفّت السّاق بالسّاق} يقول: آخر يومٍ في الدّنيا، وأوّل يومٍ من أيّام الآخرة، فتلتقي الشّدّة بالشّدّة إلّا من رحم اللّه.
وقال عكرمة: {والتفّت السّاق بالسّاق} الأمر العظيم بالأمر العظيم. وقال مجاهدٌ: بلاءٌ ببلاءٍ. وقال الحسن البصريّ في قوله: {والتفّت السّاق بالسّاق} همّا ساقاك إذا التفّتا. وفي روايةٍ عنه: ماتت رجلاه فلم تحملاه، وقد كان عليها جوّالًا. وكذا قال السّدّيّ، عن أبي مالكٍ.
وفي روايةٍ عن الحسن: هو لفّهما في الكفن.
وقال الضّحّاك: {والتفّت السّاق بالسّاق} اجتمع عليه أمران: النّاس يجهّزون جسده، والملائكة يجهّزون روحه.
وقوله: {إلى ربّك يومئذٍ المساق} أي: المرجع والمآب، وذلك أنّ الرّوح ترفع إلى السّماوات، فيقول اللّه عزّ وجلّ: ردّوا عبدي إلى الأرض، فإنّي منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارةً أخرى. كما ورد في حديث البراء الطّويل. وقد قال اللّه تعالى: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظةً حتّى إذا جاء أحدكم الموت توفّته رسلنا وهم لا يفرّطون ثمّ ردّوا إلى اللّه مولاهم الحقّ ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين} [الأنعام: 61، 62].
وقوله: {فلا صدّق ولا صلّى ولكن كذّب وتولّى} هذا إخبارٌ عن الكافر الّذي كان في الدّار الدّنيا مكذّبًا للحقّ بقلبه، متولّيًا عن العمل بقالبه، فلا خير فيه باطنًا ولا ظاهرًا، ولهذا قال: {فلا صدّق ولا صلّى ولكن كذّب وتولّى ثمّ ذهب إلى أهله يتمطّى} أي: جذلا. أشرًا بطرا كسلانًا، لا همّة له ولا عمل، كما قال: {وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين} [المطفّفين:34]. وقال {إنّه كان في أهله مسرورًا إنّه ظنّ أن لن يحور} أي: يرجع {بلى إنّ ربّه كان به بصيرًا} [الانشقاق:13 -15].
وقال الضّحّاك: عن ابن عبّاسٍ: {ثمّ ذهب إلى أهله يتمطّى} [أي]. يختال. وقال قتادة، وزيد بن أسلم: يتبختر.
قال اللّه تعالى: {أولى لك فأولى ثمّ أولى لك فأولى} وهذا تهديدٌ ووعيدٌ أكيدٌ منه تعالى للكافر به المتبختر في مشيته، أي: يحقّ لك أن تمشي هكذا وقد كفرت بخالقك وبارئك، كما يقال في مثل هذا على سبيل التّهكّم والتّهديد كقوله: {ذق إنّك أنت العزيز الكريم} [الدّخان:49]. وكقوله: {كلوا وتمتّعوا قليلا إنّكم مجرمون} [المرسلات:46]، وكقوله {فاعبدوا ما شئتم من دونه} [الزّمر:15]، وكقوله {اعملوا ما شئتم} [فصّلت:40]. إلى غير ذلك.
وقد قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، حدّثنا عبد الرّحمن -يعني ابن مهديٍّ-عن إسرائيل، عن موسى بن أبي عائشة قال: سألت سعيد بن جبيرٍ قلت: {أولى لك فأولى ثمّ أولى لك فأولى}؟ قال: قاله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لأبي جهلٍ، ثمّ نزل به القرآن.
وقال أبو عبد الرّحمن النّسائيّ: حدّثنا إبراهيم بن يعقوب. حدّثنا أبو النّعمان، حدّثنا أبو عوانة - (ح) وحدّثنا أبو داود: حدّثنا محمّد بن سليمان. حدّثنا أبو عوانة-عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبيرٍ قال: قلت لابن عبّاسٍ: {أولى لك فأولى ثمّ أولى لك فأولى}؟ قال: قاله رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ أنزله اللّه عزّ وجلّ.
قال ابن أبي حاتمٍ: وحدّثنا أبي، حدّثنا هشام بن خالدٍ، حدّثنا شعيبٌ عن إسحاق، حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أولى لك فأولى ثمّ أولى لك فأولى} وعيدٌ على أثر وعيدٍ، كما تسمعون، وزعموا أنّ عدوّ اللّه أبا جهلٍ أخذ نبيّ اللّه بمجامع ثيابه، ثمّ قال: "أولى لك فأولى ثمّ أولى لك فأولى". فقال عدوّ اللّه أبو جهلٍ: أتوعدني يا محمّد؟ واللّه لا تستطيع أنت ولا ربّك شيئًا، وإنّي لأعزّ من مشى بين جبليها). [تفسير القرآن العظيم: 8/281-283]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القيامة, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir