تلخيص تفسير قول الله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}
● القراءات في قول الله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين}
- قرأ السبعة والجمهور بتشديد الياء من {إيّاك}.
- وقرأ عمرو بن فائد {إيَاك} بتخفيف الياء مع كسر الهمزة وهي قراءة شاذة، وقد ردّها ابن كثير وقال: (لأنّ "إيا" ضوء الشمس).
- وقرأ بعضهم: [أيّاك] بفتح الفهمزة والتشديد.
- وقرأ بعضهم: [هيّاك] بالهاء بدل الهمزة، وهي لغة.
- و{نستعين} قرأها الجميع بفتح النون التي في أول الكلمة سوى يحيى بن وثاب والأعمش فإنهما كسراها وهي لغة أسد وربيعة وبني تميم وقيس.
- ذكر هذه القراءات كلها ابن كثير رحمه الله.
● معنى الآية إجمالاً
- أي لا نعبد إلا إياك ولا نستعين إلا بك؛ وهذا خلاصة ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.
● مقصد الآية
- مقصودها الأمر بإفراد الله تعالى بالعبادة والاستعانة؛ إذ قوام الدين بهذين الأمرين.
- عن قتادة أنه قال: (يأمركم الله أن تخلصوا له العبادة، وأن تستعينوه على أمركم) ذكره ابن كثير والأشقر.
- من وحّد الله تعالى فقد برئ من الشرك، ومن استعان بالله برئ من حوله وقوّته، ذكره ابن كثير.
- لا سبيل لنجاة العبد وسعادته إلا بتحقيق عبادة الله والاستعانة به، ذكره السعدي.
- ذكر ابن كثير عن بعض السّلف أنه قال: (الفاتحة سرّ القرآن، وسرّها هذه الكلمة: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين}).
- قال ابن كثير: فالأوّل تبرّؤٌ من الشّرك، والثّاني تبرّؤٌ من الحول والقوة.
● معنى العبادة.
- العبادة في اللّغة من الذّلّة، يقال: طريقٌ معبّد، وبعيرٌ معبّد، أي: مذلّلٌ، ذكره ابن كثير.
وفي الشّرع لها تعريفان باعتبارين مختلفين:
التعريف الأول: عبارةٌ عمّا يجمع كمال المحبّة والخضوع والخوف، ذكره ابن كثير والأشقر، وهذا باعتبار ما يقوم في نفس العابد.
والتعريف الآخر: اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يحبُّهُ اللهُ ويرضاهُ من الأعمالِ والأقوالِ الظاهرةِ والباطنةِ، ذكره السعدي، وهو تعريف باعتبار ما يقع عليه اسم العبادة من الأقوال والأعمال التي يُتعبّد بها لله تعالى.
● فائدة تقديم المفعول
- قدّم المفعول وهو {إيّاك} لإفادة الحصر، وهوَ إثباتُ الحكمِ للمذكورِ ونفيهُ عما عداهُ؛ فكأنَّهُ يقولُ: نعبدكَ، ولا نعبدُ غَيركَ، ونستعينُ بكَ، ولا نستعينُ بغيركَ؛ هذا حاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي.
● معنى الاستعانة
- الاستعانة هيَ الاعتمادُ على اللهِ تعالىَ في جلبِ المنافعِ ودفعِ المضارِّ، معَ الثِّقةِ بهِ في تحصيلِ ذلكَ، ذكره السعدي.
● أهمية العبادة والاستعانة
- قال ابن كثير: الدّين يرجع كلّه إلى هذين المعنيين...فالأوّل تبرّؤٌ من الشّرك، والثّاني تبرّؤٌ من الحول والقوة، والتفويض إلى اللّه عزّ وجلّ.
- استدل ابن كثير لهذا المعنى بأدلة منها: قول الله تعالى: {فاعبده وتوكّل عليه}، وقوله: {قل هو الرّحمن آمنّا به وعليه توكّلنا}، وقوله: {ربّ المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتّخذه وكيلا}
● فائدة تحول الكلام من الغيبة إلى الخطاب
- ذكر ابن كثير أن مناسبة ذلك أنّ العبد لمّا أثنى على اللّه فكأنّه اقترب وحضر بين يدي اللّه تعالى؛ فلهذا قال: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين}.
- قال: وفي هذا دليلٌ على أنّ أوّل السّورة خبرٌ من اللّه تعالى بالثّناء على نفسه الكريمة بجميل صفاته الحسنى، وإرشادٌ لعباده بأن يثنوا عليه بذلك.
- استدلّ ابن كثير لهذا المعنى بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يقول اللّه تعالى: [قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين...]» الحديث رواه مسلم.
● معنى قوله تعالى: {إياك نعبد}
- هذا التركيب يفيد الحصر، ولذلك قال ابن عباس في تفسيرها: «{إيّاك نعبد} يعني: إيّاك نوحّد ونخاف ونرجو يا ربّنا لا غيرك».
- وقال قتادة: «يأمركم أن تخلصوا له العبادة».
- ذكر هذين الأثرين: ابن كثير والأشقر.
● معنى قوله تعالى: {إياك نستعين}
- أي نخصّك وحدك بالاستعانة فنستعينك ولا نستعين غيرك.
- الاستعانة المرادة هنا هي استعانة العبادة وهي التي تكون بخضوع ومحبة وخوف.
- وهذا حاصل ما ذكره المفسّرون الثلاثة في تفسير هذه الآية.
● متعلَّق الاستعانة
- المراد بمتعلّق الاستعانة هنا أي نستعينك على ماذا؟
- ذكر ابن كثير والأشقر أثرين عن ابن عباس وقتادة في هذه المسألة:
- عن ابن عباس أنه قال في تفسير {إيّاك نستعين} أي: (على طاعتك وعلى أمورنا كلّها).
- وقال قتادة: (أن تستعينوه على أمركم).
- وفسّر السعدي الاستعانة بالاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع ودفع المضار.
● سبب تقديم {إياك نعبد} على {إياك نستعين}
- في هذه المسألة قولان:
القول الأول: لأنّ العبادة له هي المقصودة، والاستعانة وسيلةٌ إليها، والاهتمام والحزم هو أن يقدّم ما هو الأهمّ فالأهمّ، وهذا قول ابن كثير.
والقول الثاني: أن ذلك منْ بابِ تقديمِ العامِّ على الخاصِّ، واهتماماً بتقديمِ حقِّهِ تعالى على حقِّ عبدِهِ، وهذا قول السعدي.
● فائدة تكرر {إياك} في الآية.
- ذكر ابن كثير أن التكرير للاهتمام.
● معنى النون في قوله تعالى: {إياك نعبد}
- ذكر ابن كثير في هذه المسألة أقوالاً:
القول الأول: أن المراد من ذلك الإخبار عن جنس العباد والمصلي فرد منهم.
والقول الثاني: لبيان شرف العبادة وأن من قام بها فهو عظيم.
والقول الثالث: أن ذلك ألطف في التواضع من قول: (إياك أعبد) الذي يشعر بتعظيم المرء نفسه، واختاره الأشقر؛ فقال: (والمجيء بالنون لقصد التواضع لا لتعظيم النفس).
● دلالة هذه الآية على توحيد الله تعالى.
- تبيّن مما ذكر في مقصد الآية دلالتها البيّنة على الأمر بتوحيد الله تعالى.
المسائل العقدية:
● شروط صحّة العبادة
- لصحة العبادة شرطان ذكرهما السعدي: أحدهما: الإخلاص، الثاني: المتابعة.
- لا يُعد العمل عبادة في الشرع ما لم يحقق هذين الشرطين.
- قال السعدي: (إنَّما تكونُ العبادةُ عبادةً إذا كانَتْ مأخوذةً عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مقصوداً بها وجهُ اللهِ، فبهذينِ الأمرينِ تكونُ عبادةً).
● شرف مقام العبودية
- استدلّ ابن كثير على شرف العبادة بأنّ الله تعالى سمّى رسوله بعبده في أشرف مقاماته: عند نزول الوحي، وعند قيامه بالدعوة إليه، وعند إسرائه به.
- قال الله تعالى: {الحمد لله الذي أنزل على عبد الله الكتاب}، وقال: {وأنه لما قام عبد الله يدعوه} ، وقال: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا}.
- أرشد الله إلى القيام بالعبادة في أوقات ضيق الصدر من تكذيب المخالفين {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون . فسبّح بحمد ربّك وكن من الساجدين . واعبد ربّك حتى يأتيك اليقين} ذكر ذلك ابن كثير.
● الرد على من زعم انّ مقام العبودية أشرف من مقام الرسالة
- ذكر الرازي عن بعضهم هذه المقولة وذكر استدلالهم على ذلك العبادة تصدر من الخلق إلى الحقّ والرّسالة من الحقّ إلى الخلق. نقل ذلك ابن كثير.
- قال ابن كثير: وهذا القول ضعيف.
- [يكفي في ردّ هذا القول أن الرسل من أحسن الناس قياماً بعبادة الله؛ وفضلوا على بقية الخلق بما شرّفهم الله به من النبوة والرسالة]
● الرد على الصوفية في زعمهم أن الأفضل أن يعبد الله محبّة له لا طمعاً في ثوابه ولا خوفاً من عقابه.
- كون العبادة للّه عزّ وجلّ، لا ينافي أن يطلب معها ثوابًا، ولا أن يدفع عذابًا، ذكر ذلك ابن كثير.
- [هذا الزعم مخالف لما أمر الله به ومخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الرغبة في فضل الله وثوابه، والرهبة من سخطه وعقابه]
- استدلّ ابن كثير على ردّ هذه المقولة بالحديث الذي قال فيه الأعرابيّ للنبي صلى الله عليه وسلم: أما إنّي لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذٍ؛ إنّما أسأل اللّه الجنّة وأعوذ به من النّار، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «حولها ندندن»
*تنبيه: ما لوّن بالرصاصي من الزيادات الاختيارية للملخّص؛ فقد يكون لدى الملخّص معلومة تتعلقّ بهذه المسألة أو يظفر بنقل مهمّ فيضيفه إلى تلخيصه.