(38) إذا أمر العبد بأمر واجب أو مستحب فإما أن يقدر عليه كله، وإما أن يعجز عنه كله، وإما أن يقدر على بعضه، ويعجز عن بعضه. فإن قدر عليه كله فعله كله، وإن عجز عنه كله سقط عنه فعله كله، وأما ثوابه وأجره فإن كان له نية جازمة أنه لو قدر عليه لفعله فأجره على قدر نيته، وإن لم يكن له نية لم يكن له شيء.
وإن عجز عن بعض المأمور به، وقدر على باقيه فعل ما يقدر عليه منه، وسقط عنه ما لم يقدر عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم))، مثل أن يكون عنده ماء قليل ولا يكفي لطهارته فإنه يستعمله فيما يكفي، ويتيمم عن الباقي. وإن عجز عن غسل بعض أعضائه لآفة غسل ما يقدر عليه منها، وسقط ما عجز عنه، وإن عجز عن الصلاة قائماً صلى قاعداً، فإن عجز صلى مضطجعاً، وإن قدر أن يصلي بعض صلاته قائماً وعجز عن القيام في بعضها قام فيما يقدر عليه وسقط ما عجز عنه وكذلك في زكاة الفطر وفي النفقة لمن تجب نفقته يقدم نفسه ثم الأقرب فالأقرب.
وأفعال الحج يفعل ما يقدر منها، ويستنيب في الباقي. وكذلك مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أولها باليد ثم باللسان ثم بالقلب. بل جميع العبادات داخلة تحت هذه القاعدة إذا عجز عن بعضها فعل ما يقدر عليه منها إلا في الصوم، ونحوه، مما ليس بعضه عبادة فإنه إذا قدر على صوم نصف النهار دون باقيه لم يؤمر بالإمساك إلى نصف النهار؛ لأن العبادة مجموع اليوم لا بعضه، والله أعلم.