دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 08:18 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي حديث أبي هريرة: (إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً)

عن أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قالَ: ((إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا)).
ولِمسلمٍ ((أُولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ)).

ولهُ في حديثِ عبدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ، أنَّ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قالَ: ((إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ في الإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعًا، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ)).


  #2  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 01:29 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تصحيح العمدة للإمام بدر الدين الزركشي (النوع الأول: تصحيح الرواية)

حديثُ أبي هُرَيْرَةَ: ((إِذَا لَغَبَ الكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا)) .

ولِمُسْلِمٍ: ((أُولَاهُنَّ بالتُّرَابِ)) انتهى.
كذا رَأَيْتُهُ في نسخةٍ عليها خَطُّ المُصَنِّفِ , وإنَّمَا رَوَاهُ البخاريُّ بلفظِ: ((شَرِبَ)) , ورَوَاهَا مُسْلِمٌ أيضًا , ورَوَى أيضًا: ((وَلَغَ)) , وَأَشَارَ ابنُ عبدِ البَرِّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وغيرُهُما إلى أنَّ الجمهورَ على روايةِ: ((وَلَغَ))، وهو الذي يَعْرِفُهُ أهلُ اللُّغَةِ.


  #3  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 01:30 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تصحيح العمدة للإمام بدر الدين الزركشي (النوع الثاني: التصحيح اللغوي)


قولُهُ: ولمسلمٍ: (( أُولَاهُنَّ)).
الأُولَى والأُخْرَى تأنيثُ الأولِ والآخرِ، والهاءُ ضميرُ المَرَّاتِ، وجاءَ في روايةٍ: ((أَوَّلُهُنَّ)) بلفظِ المُذَكَّرِ؛ لأنَّ تأنيثَ المَرَّةِ غيرُ حَقِيقِيٍّ، واسْتُبْعِدَ بأَنَّ في المَرَّةِ تَاءَ التَّأْنِيثِ، وهذا نحوَ ما أُخِذَ على ثَعْلَبٍ في أوَّلِ كتابِ (الفَصِيحِ) في قولِهِ: فاخْتَرْنَا أَفْصَحَهُنَّ.
قالُوا: وكانَ الواجبُ أنْ يقولَ: فُصْحَاهُنَّ.


  #4  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 01:30 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي خلاصة الكلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

الْحَدِيثُ السادسُ

عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا)).
ولِمسلمٍ ((أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ)).
ولهُ في حديثِ عبدِ اللَّهِ بنِ مُغَفَّلٍ: أنَّ رَسُـولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ في الإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعًا، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ)).

الْمُفْرَدَاتُ:

قَوْلُهُ: (وَلَغَ): شَرِبَ بِطَرْفِ لِسَانِهِ.
قَوْلُهُ: (عَفِّرُوهُ): التَّعْفِيرُ: التَّمْرِيغُ في العَفَرِ وهوَ الترابُ.

فِيهِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: وُجُوبُ غَسْلِ نَجَاسَةِ الكَلْبِ سبعَ مَرَّاتٍ معَ إحدَاهُنَّ تُرَابٌ.
الثَّانِيَةُ: غُلِّظَتْ نَجَاسَتُهُ وَشُدِّدَ في تَطْهِيرِهَا؛ لأنَّ فيها جَرَاثِيمَ لا يَقْطَعُهَا إلَّا الترابُ معَ تكريرِ الماءِ.


  #5  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 01:31 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تيسير العلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


(6) غريبُ الحديثِ:
1- (إذا ولغَ) ومضارعُهُ: يلَغُ، بالفتحِ فيهما: شربَ بطرفِ لسانِهِ. وهو أنْ يُدخلَ لسانَهُ في الماءِ وغيرِهِ من كلِّّ
مائعٍ، فيُحَرِّكُهُ، ولو لم يشربْ. فالشُّربُ أخصُّ من الولوغِ.
2- (عفِّروهُ): التعفيرُ، التمريغُ في العَفَرِ، وهو الترابُ.
3- (أُولاهنَّ): بِتَأْنِيُِِثِ الأوَّلِ، والهاءُ ضميرُ المرَّاتِ.
وجاءَ في بعضِ الرواياتِ: أوَّلُهنَّ، بلفظِ المذكَّرِ؛ لأنَّ تأنيثَ المرَّةِ غيرُ حقيقيٍّ.

المعنَى الإجماليُّ:
لمَّا كانَ الكلبُ من الحيواناتِ المُستكرَهةِ، التي تحملُ كثيراً من الأقذارِ والأمراضِ، أمرَ الشارعُ الحكيمُ بغسلِ الإناءِ الذي ولغَ فيهِ سبعَ مرَّاتٍ، الأولَى منهنَّ مصحوبةٌ بالترابِ، ليأتيَ الماءُ بعدَهَا، فتحصلَ النظافةُ التامَّةُ من نجاستِهِ وضررِهِ.

اختلافُ العلماءِ:
هناك خلافاتٌ للعلماءِ في أشياءَ منهَا: هلْ يجبُ التسبيعُ والتتَّريبُ؟
ولمَّا كانَ اْلقَولُ الحقُّ، هو ما يُستفادُ من الحديثِ الصحيحِ الواضحِ، ضربْنا عن الإطالةِ بذِكْرِهَا صفحاً، لأنَّهَا لا تعتمدُ علَى أدلَّةٍ صحيحةٍ واضحةٍ.

ما يُؤخذُ من الحديثِ:
1- التغليظُ في نجاسةِ الكلبِ، لشدَّةِ قذارتِهِ. ولذا فإنهُ ينجِّسُ وإنْ لم تظهرْ فيهِ آثارُ النجاسةِ. وتفسيرُهُ يأتي قريباً، إنْ شاءَ اللَّهُ.
2- إنَّ ولُوغَ الكلبِ في إناءٍ، ومثلُهُ الأكلُ، يُنَجِّسُ الإناءَ، وينجِّسُ ما فضلَ منهُ.
3- وجوبُ غسلِ ما ولغَ فيهِ سبعَ مرَّاتٍ.
4- وجوبُ استعمالِ الترابِ مرةً، وَالأَوْلَى أنْ يكونَ مع الأُولَى ليأتيَ الماءُ بعدَهَا، وتكونَ هي الثامنةَ المشارَ إليهَا في الروايةِ الأخرَى، ولا فرقَ بينَ أنْ يَطْرَحَ الماءَ علَى الترابِ، أو الترابَ علَى الماءِ، أو أنْ يأخذَ الترابَ المختلطَ بالماءِ، فيغسلَ بهِ، أمَّا مسحُ موضعِ النجاسةِ بالترابِ فلا يُجْزِئُ.
5- أنَّ ما قامَ مقامَ الترابِ من المُنَقِّياتِ يُعطَى حُكْمَهُ في ذلك؛ لأنَّهُ ليس القصدُ للترابِ، وإنَّما القصدُ النظافةُ. وهوَ مذْهَبُ أحمدَ، وقولُ الشَّافعيِّ، والمشهورُ في مذهبِهِ تعيُّنُ الترابِ. وقوَّاهُ ابنُ دقيقِ العيدِ بأنَّ الترابَ جاءَ في النصِّ، وهو أحدُ المُطَهِّرَيْنِ، ولأنَّ المعنَى المستنبطَ إذا عادَ علَى النصِّ بالإبطالِ فهو مردودٌ. قالَ النَّوويُّ: ولا يقومُ الأشنانُ ولا الصابونُ أو غيرُهما مقامَ الترابِ علَى الأصحِّ. قلتُ: وقد ظهرَ في البحوثِ العلميَّةِ الحديثةِ أنَّهُ يحصلُ من الترابِ إنقاءٌ لهذِهِ النجاسةِ لا يحصلُ من غيرِهِ. وإن صحَّ هذا فإنَّهُ يُظهرُ إحدَى معجزاتِ الشرعِ الشريفِ، ولفظُ (عفِّرُوهُ) يؤيِّدُ اختصاصَ الترابِ، لأَنَّ العَفَرَ لُغةً هو: وجهُ الأرضِ والترابُ.
6- عظمةُ هذهِ الشريعةِ المطهَّرةِ، وأنَّهَا تنـزيلٌ من حكيمٍ خبيرٍ، وأنَّ مؤدِّيَهَا صلواتُ اللَّهِ عليهِ لم يَنْطِقْ عن الهوَى، وذلك أنَّ بعضَ العلماءِ حارَ في حكمةِ هذا التغليظِ في هذِهِ النجاسةِ، مع أنَّهُ يوجدُ ما هو مثلُهَا غلظةً، ولم يُشدِّدْ في التطهيرِ منهَا. حتَّى قالَ فريقٌ من العلماءِ: إنَّ التطهيرَ علَى هذِهِ الكيفيةِ من ولوغِ الكلبِ تعبُّديٌّ لا تُعْقَلُ حِكْمَتُهُ، حتَّى جاءَ الطبُّ الحديثُ باكتشافاتِهِ ومكبِّراتِهِ. فأثبتَ أنَّ في لُعابِ الكلبِ مكروباتٍ وأمراضاً فتَّاكةً، لا يُزِيلُهَا الماءُ وحدَهُ.
فسبحانَ العليمِ الخبيرِ، وهنيئاً للمُوقنينَ، وويلٌ للجاحدينَ.
7- ظاهرُ الحديثِ أنَّهُ عامٌّ في جميعِ الكلابِ، أمَّا الكلابُ التي أَذِنَ الشارعُ باتِّخاذِهَا، مثلُ كلابِ الصيدِ والحراسةِ والماشيةِ، فقد قِيلَ: إنَّ إيجابَ الغَسْلِ علَى ما يحصلُ منهَا، فيهِ حرجٌ، فالرخصةُ باتِّخاذِهَا قرينةٌ تقودُ إلَى تخصيصِ التسبيعِ بغيرِهَا.


  #6  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 01:34 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي إحكام الأحكام لتقي الدين ابن دقيق العيد

6 - الحَدِيثُ السَّادِسُ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعاً ))، وَلِمُسْلِمٍ: ((أُوْلاَهُنَّ بِالتُّرَابِ)).
وَلَهُ فِي حدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعاً، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ)).

فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: الأمْرُ بِالغَسْلِ ظَاهِرٌ فِي تَنْجِيسِ الإِنَاءِ، وَأقْوَى مِن هَذَا الحَدِيثِ فِي الدَّلاَلَةِ عَلَى ذَلِكَ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ، وَهِيَ قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ، إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ، أَنْ يُغْسَلَ سَبْعاً))، فَإِنَّ لَفْظَةَ ((طَهُور)) تُسْتَعْمَلُ إِمَّا عَن الحَدَثِ، أَو عَن الخَبَثِ، وَلا حَدَثَ عَلَى الإِنَاءِ بِالضَّرُورَةِ، فتَعَيَّنَ الخَبَثُ، وَحَمَلَ مَالِكٌ هَذَا الأمْرَ عَلَى التَّعَبُّدِ؛ لاِعْتِقَادِهِ طَهَارَةَ المَاءِِ وَالإِنَاءِ، وَرُبَّمَا رَجَّحَهُ أَصْحَابُهُ بِذِكْرِ هَذَا العَدَدِ المَخْصُوصِ، وَهُوَ السَّبْعُ؛ لأَنَّهُ لَوْ كَان للنَّجَاسَةِ لاَكْتُفِيَ بِمَا دُونَ السَّبْعِ، فَإِنَّهُ لا يَكُونُ أَغْلظَ مِن نَجَاسَةِ العَذِرَةِ، وَقَد اكْتُفِيَ فِيهَا بِمَا دُونَ السَّبْعِ، وَالحَمْلُ عَلَى التَّنْجِيسِ أَوْلَى؛ لأَنَّهُ مَتَى دَارَ الحُكْمُ بَيْنَ كَوْنِهِ تَعَبُّداً أَو مَعْقُولَ المَعْنَى، كَانَ حَمْلُهُ عَلَى كَوْنِهِ مَعْقُولَ المَعْنَى أَوْلَى؛ لِنُدْرَةِ التَّعَبُّدِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأَحْكَامِ المَعْقُولَةِ المَعْنَى.
وأمَّا كَوْنهُ لا يَكُونُ أَغْلَظَ مِن نَجَاسَةِ العَذِرةِ، فمَمْنُوعٌ عِندَ القَائِلِ بِنَجَاسَتِهِ، نَعَمْ لَيسَ بِأََقذَرَ مِن العَذِرَةِ، وَلَكِنْ لا يَتَوَقَّفُ التَّغْلِيظُ عَلَى زِيَادَةِ الاسْتِقْذَارِ. وَأيْضاً فَإِذَا كَانَ أَصْلُ المَعْنَى مَعْقُولًا قُلْنَا بِهِ، وَإِذَا وَقَعَ فِي التَّفَاصِيلِ مَا لَمْ يُعْقَلْ مَعْنَاهُ فِي التَّفْصِيلِ، لَمْ يَنْقُصْ لأَجْلِهِ التَّأْصِيلُ، وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ فِي الشَّرِيعَةِ، فلَوْ لَمْ تَظْهَرْ زِيَادَةُ التَّغْلِيظِ فِي النَّجَاسَةِ لكُنَّا نَقْتَصِرُ فِي التَّعَبُّدِ عَلَى العَدَدِ، وَنَمْشِي فِي أَصْلِ المَعْنَى عَلَى مَعْقُولِيَّةِ المَعْنَى.
المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا ظَهَرَ أنَّ الأَمْرَ بِالغَسْلِ لِلنَّجَاسَةِ، فَقَد اسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى نَجَاسَةِ عَيْنِ الكَلْبِ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: أنَّهُ إِذَا ثَبَتَتْ نَجَاسَةُ فَمِهِ مِن نَجَاسَةِ لُعَابِهِ، فَإِنَّهُ جُزْءٌ مِن فَمِهِ، وَفَمُهُ أشْرَفُ مَا فِيهِ، فبَقِيَّةُ بَدَنِهِ أَوْلَى.
الثَّانِي: إِذَا كَانَ لُعَابُهُ نَجِساً - وَهُوَ عَرَقُ فَمِهِ - فَفَمُهُ نَجِسٌ، وَالعَرَقُ جُزْءٌ مُتَحَلَّبٌ مِن البَدَنِ، فجَمِيعُ عَرَقِهِ نَجِسٌ، فجَمِيعُ بَدَنِهِ نَجِسٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِن أَنَّ العَرَقَ جُزْءٌ مِن البَدَنِ، فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الحَدِيثَ إِنَّمَا دَلَّ عَلَى النَّجَاسَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالفَمِ، وَأنَّ نَجَاسَةَ بَقِيَّةِ البَدَنِ بطَريقِ الاسْتِنْبَاطِ، وَفِيهِ بَحْثٌ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الحَدِيثَ إِنَّمَا دَلَّ عَلَى نَجَاسَةِ الإِنَاءِ بِالوُلُوغُ، وَذَلِكَ قَدْرٌ مَشْتَرَكٌ بَيْنَ نَجَاسَةِ عَيْنِ اللُّعَابِ وَعيْنِ الفَمِ، أَو تَنَجُّسِهِمَا بِاستِعْمَالِ النَّجَاسَةِ غَالِباً، وَالدَّالُ عَلَى المُشْتَرَكِ لا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ الخَاصَّيْنِ، فَلا يَدُلُّ الحَدِيثُ عَلَى نَجَاسَةِ عَيْنِ الفَمِ، أَو عَينِ اللُّعابِ، فَلا تَسْتَقِيمُ الدَّلالَةُ عَلَى نَجَاسَةِ عَيْنِ الكَلْبِ كُلِّهِ.
وَقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِأَنْ يُقَالَ: لَوْ كَانَتِ العِلَّةُ تَنْجِيسَ الفَمِ أَو اللُّعَابِ - كَمَا أشَرْتُمْ إِليْهِ - لَزِمَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ، وَهُوَ إِمَّا وُقُوعُ التَّخْصِيصِ فِي العُمُومِ، أَوْ ثُبُوتُ الحُكْمِ بِدُونِ عِلَّتِهِ؛ لأَنَّا إِذَا فَرَضْنَا تَطْهِيرَ فَمِ الكَلْبِ بِمَاءٍ كَثِيرٍ، أَو بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ، فَولَغَ فِي الإِنَاءِ، فَإِمَّا أَنْ يَثْبُتَ وُجُوبُ غَسْلِهِ أَو لا، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ وَجَبَ تَخْصِيصُ العُمُومِ، وَإِنْ ثَبَتَ لَزِمَ ثُبُوتُ الحُكْمِ بِدُونِ عِلَّتِهِ، وَكِلاَهُمَا عَلَى خِلاَفِ الأَصْلِ، والَّذِي يُمْكِنُ أنْ يُجَابَ بِهِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ أَنْ يُقَالَ: الحُكْمُ مَنُوطٌ بِالغَالِبِ، وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ مِن الصُّوَرِ نَادِرٌ لاَ يُلْتَفَتُ إِليْهِ، وَهَذَا البَحْثُ إِذَا انْتَهَى إِلَى هُنَا يُقَوِّيَ قَوْلَ مَنْ يَرَى أَنَّ الغَسْلَ لأَجْلِ قَذَارَةِ الكَلْبِ.
المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الحَدِيثُ نَصٌّ فِي اعْتِبَارِ السَّبْعِ فِي عَدَدِ الغَسَلاَتِ، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ: يُغْسَلُ ثَلاَثاً.
المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي رِوَايةِ ابنِ سِيرِينَ زِيَادَةُ ((التُّرَابِ ))، وَقَالَ بِهَا الشَّافِعِيُّ وَأصْحَابُ الحَدِيثِ، وليْسَتْ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ هَذِهِ الزِّيَادَةُ، فَلَمْ يَقُلْ بِهَا، والزِّيَادَةُ مِن الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، وَقَالَ بِهَا غَيْرُهُ.
المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: اخْتَلَفَتِ الرِّوايَاتُ فِي غَسْلَةِ التَّتْرِيبِ، فَفِي بَعْضِهَا: ((أُوْلاَهُنَّ))، وَفِي بَعْضِهَا: ((أُخْرَاهُنَّ))، وَفِي بَعْضِهَا: ((إِحْدَاهُنَّ))، والمَقْصُودُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ حُصُولُ التَّتْرِيبِ فِي مَرَّةٍ مِن المَرَّاتِ، وَقَد يُرَجَّحُ كَونُهُ فِي الأُولَى بِأنَّهُ إِذَا تَرَّبَ أََوَّلاً، فَعَلَى تَقْدِيرِ أنْ يَلْحَقَ بَعْضَ المَوَاضِعِ الطَّاهِرَةِ رَشَاشُ بَعْضِ الغَسَلاَتِ لا يَحْتَاجُ إِلَى تَتْرِيبِهِ، وَإِذَا أُخِّرَتْ غَسْلَةُ التَّتْرِيبِ، فَلَحِقَ رَشَاشُ مَا قَبْلَهَا بَعْضَ المَوَاضِعِ الطَّاهِرَةِ، احْتِيجَ إِلَى تَتْرِيبِهِ، فَكَانَتْ الأُولَى أَرْفَقَ بِالمُكَلَّفِ فَكَانَتْ أَوْلى.
المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيْهَا: ((وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ))، تَقْتَضِي زِيَادةَ مَرَّةٍ ثَامنَةٍ ظَاهِراً، وَبِهِ قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَقِيلَ: لَمْ يَقُلْ بِهِ غَيْرُهُ، وَلَعَلَّهُ المُرَادُ بِذَلِكَ مِن المُتَقَدِّمِينَ، وَالحَدِيثُ قَوِيٌّ فِيهِ، وَمَن لَمْ يَقُلْ بِهِ احْتَاجَ إِلَى تَأْوِيلِهِ بِوَجْهٍ فِيهِ اسْتِكْرَاهٌ.
المَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فَاغْسِلُوهُ سَبْعاً، أُولاَهُنَّ، أََوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ))، قَدْ يَدُلُّ لِمَا قَالَهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: إِنَّهُ لا يَكْتَفِي بِذَرِّ التُّرَابِ عَلَى المَحَلِّ، بَلْ لاَبُدَّ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي المَاءِ، ويُوصِلَهُ إِلَى المَحَلِّ. وَوَجْهُ الاسْتِدْلاَلِ أَنَّهُ جَعَلَ مَرَّةَ التَّتْرِيبِ دَاخِلَةً فِي مُسَمَّى الغَسَلاَتِ، وَذَرُّ التُّرَابِ عَلَى المَحَلِّ لا يُسَمَّى غَسْلاً، وَهَذَا مُمْكِنٌ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ؛ لأَنَّهُ إِذَا ذَرَّ التُّرَابَ عَلَى المَحَلِّ، وَأَتْبَعَهُ بِالمَاءِ يصِحُّ أن يُقَالَ: غَسَلَ بِالتُّرَابِ، ولاَبُدَّ مِن مِثْلِ هَذَا فِي أَمْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَسْلِ المَيِّتِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، عِنْدَ مَن يَرى أنَّ المَاءَ المُتَغَيِّرَ بِالطَّاهِرِ غَيْرُ طَهُورٍ، إنْ جَرَى عَلَى ظَاهِرِ الحَدِيثِ فِي الاكْتِفَاءِ بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لأَنَّهَا تُحَصِّلُ مُسَمَّى الغَسْلِ. [ وَهَذَا جَيِّدٌ ].
إلاَّ أنَّ قَولَهُ: ((وَعَفِّرُوهُ)) قَدْ يُشْعِرُ بِالاكْتِفَاءِ بالتَّتْرِيبِ بِطَرِيقِ ذَرِّ التُّرَابِ عَلَى المَحَلِّ، فَإِنْ كَانَ خَلْطُهُ بالمَاءِ لا يُنَافِي كَوْنَهُ تَعْفِيراً لُغَةً، فَقَدْ ثَبَتَ مَا قَالُوهُ، وَلَكِنَّ لَفْظَةَ ((التَّعْفِيرِ)) حِينَئِذٍ تَنْطَلِقُ عَلَى ذَرِّ التُّرَابِ عَلَى المَحَلِّ، وَعَلَى إِيصَالِهِ بِالمَاءِ إليْهِ، وَالحَدِيثُ الَّذِي دَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ مُسَمَّى الغَسْلَةِ، إِذْا دَلَّ عَلَى خَلْطِهِ بِالمَاءِ وَإيصَالِهِ إِلَى المَحَلِّ بِهِ، فَذَلِكَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى مُطْلَقِ التَّعْفِيرِ، عَلَى التَّقْدِيرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ شُمُولِ اسْمِ ((التَّعْفِيرِ)) لِلصُّورَتَيْنِ مَعاً، أَعْنِي ذَرَّ التُّرَابِ وَإيصَالَهُ بالمَاءِ.
المَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: الحَدِيثُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الكِلاَبِ، وَفِي مَذْهَبِ مَالِكٍ قَولٌ بِتَخْصِيصِهِ بالمَنْهِيِّ عَن اتِّخَاذِهِ، وَالأَقْرَبُ العُمُومُ؛ لأَنَّ الأَلِفَ وَاللاَّمَ إِذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى صَرْفِهَا إِلَى المَعْهُودِ المُعَيَّنِ، فَالظَّاهِرُ كَوْنُهَا للْعُمُومِ، وَمَن يَرَى الخُصُوصَ قَد يَأخُذُهُ مِن قَرِينَةٍ تَصْرِفُ العُمُومَ عَنْ ظَاهِرِهِ، فَإِنَّهُمْ نُهُوا عَن اتِّخَاذِ الكِلاَبِ إِلاَّ لِوُجُوهٍ مَخْصُوصَةٍ، وَالأَمْرُ بالغَسْلِ مَعَ المُخَالَطَةِ عُقُوبَةٌ يُنَاسِبُهَا الاخْتِصَاصُ بِمَن ارْتَكَبَ النَّهْيَ فِي اتِّخَاذِ مَا مُنِعَ مِن اتِّخاذِهِ، وَأَمَّا مَن اتَّخَذَ مَا أُبِيحَ لَهُ اتِّخاذُهُ، فَإِيجَابُ الغَسْلِ عَلَيْهِ مَعَ المُخَالَطَةِ عُسْرٌ وَحَرَجٌ، وَلا يُنَاسِبُهُ الإِذْنُ وَالإِبَاحَةُ فِي الاتِّخَاذِ، وَهَذَا يتَوَقَّفُ عَلَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ القَرِينَةُ مَوْجُودَةً عِنْدَ النَّهِي.
المَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: ((الإِنَاءُ)) عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ إِنَاءٍ، وَالأَمْرُ بِغَسْلِهِ للنَّجَاسَةِ، إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ يَقْتَضِي تَنجِيسَ مَا فِيهِ، فيَقْتَضِي المَنْعَ مِن اسْتِعْمَالِهِ، وَفِي مَذْهَبِ مَالِكٍ قَولٌ: أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالمَاءِ، وَأَنَّ الطَّعَامَ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الكَلْبُ لا يُرَاقُ وَلا يُجْتَنَبُ، وَقَدْ وَرَدَ الأَمْرُ بِالإِرَاقَةِ مُطْلَقاً فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ.
المَسْأَلَةُ العَاشِرَةُ: ظَاهِرُ الأَمْرِ الوجُوبُ، وَفِي مَذْهَبِ مَالِكٍ قَولٌ: إنَّهُ للنَّدْبِ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا اعتَقَدَ طَهَارةَ الكَلْبِ - بالدَّليلِ الَّذِي دَلَّهُ عَلَى ذَلِكَ - جَعَلَ ذَلِكَ قَرينَةً صَارفَةً للأَمْرِ عَن ظَاهِرِهِ، مِن الوُجُوبِ إِلَى النَّدْبِ، وَالأمْرُ قَدْ يُصْرَفُ عَن ظَاهِرِهِ بِالدَّلِيلِ.
المَسْأَلَةُ الحَادِيَةُ عَشْرَةَ: قَولُهُ: ((بالتُّرَابِ )) يَقْتَضِي تَعيُّنَهُ، وَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ قَولٌ - أَو وَجْهٌ - أنَّ الصَّابُونَ والأُشْنَانَ وَالغَسْلَةَ الثَّامِنَةَ تَقُومُ مَقَامَ التُّرَابِ، بِنَاءً عَلَى أنَّ المَقْصُودَ بِالتُّرَابِ زِيَادَةُ التَّنْظِيفِ، وَأَنَّ الصَّابُونَ وَالأُشْنَانَ يَقُومَانِ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا عِنْدَنَا ضَعِيفٌ؛ لأَنَّ النَّصَّ إِذَا وَرَدَ بِشَيءٍ مُعَيَّنٍ، واحْتَمَلَ مَعْنًى يَخْتَصُّ بِذَلِكَ الشَّيْءِ، لَمْ يَجُزْ إِلْغَاءُ النَّصِّ، واطِّرَاحُ خُصُوصِ المُعَيَّنِ فِيهِ، والأَمْرُ بِالتُّرَابِ - وَإِنْ كَانَ مُحْتَمِلاً لِمَا ذَكَرُوهُ، وَهُوَ زِيَادَةُ التَّنْظِيفِ - فَلاَ نَجْزِمُ بِتَعْيِينِ ذَلِكَ المَعْنَى، فَإِنَّهُ يُزَاحِمُهُ مَعْنًى آخَرُ، وَهُو الجَمْعُ بَينَ مُطَهِّرَيْنِ، أَعْنِي المَاءَ والتُّرَابَ، وَهَذَا المَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الصَّابُونِ وَالأُشنَانِ.
وَأَيضاً فَإِنَّ هَذِهِ المَعَانِيَ المُسْتَنْبَطَةَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا سِوى مُجَرَّدِ المُنَاسَبَةِ، فَلَيْسَتْ بِذَلِكَ الأمْرِ القَويِّ، فَإِذَا وَقَعَتْ فِيهَا الاِحْتِمَالاَتُ، فَالصَّوابُ اتِّبَاعُ النَّصِّ، وَأَيضاً فَإِنَّ المَعْنَى المُسْتَنْبَطَ إِذَا عَادَ عَلَى النَّصِ بِإِبْطَالٍ أَوْ تَخْصِيصٍ مَرْدُودٌ عِنْدَ جَمْعٍ مِن الأُصُوليِّينَ.


  #7  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 01:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)

وفي حديث أبي هريرة الثالث: ((إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات)) دلالة على وجوب غسل الإناء من ولوغ الكب سبع مرات.
وهذا من خصائص الكلاب، ولا يقاس عليها غيرها، فلا يجب غسل الإناء من ولوغ الخنزير أو الذئب أو الأسد أو الحمار أو البغل، إنما هذا خاص بالكلب، إذْ ورد فيه النص وحده، فلا يُلحق به غيرُهُ، وفي رواية مسلم: ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب)).
(طهور) يدل على أن فيه نجاسة، وأن نجاسته مغلظة، لا بد فيها من سبع، ولا بد فيها من تراب في إحداهن، والأفضل أن تكون الأولى، لقوله: ((أولاهن بالتراب)) حتى يكون ما بعدها من المياه منظفا للإناء من التراب ومن الولوغ جميعا، وفي حديث عبد الله بن مغفل: ((وعفروه الثامنة بالتراب)) يعني ليكن إحدى الغسلات فيها تراب، فتكون ثامنة بالنسبة إلى التراب، وإلا فهي سبع بالنسبة إلى الماء، وظن بعض العلماء أن مراده بالغسل ثمان غسلات، وليس الأمر كذلك، وإنما المراد أنها الثامنة بالنسبة إلى كونها من التراب، و السابعة بالنسبة إلى كونها مخلوطة مع الماء وهذا من باب التنظيف وإزالة آثار هذا الولوغ، فتكون سبع غسلات إحداهن بالتراب، وإذا لم يتيسر التراب فيكفي ما يقوم مقامه من أشنان أو صابون أو سدر أو نحو ذلك، وأما إذا تيسر التراب فينبغي استعماله، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نص على ذلك، فينبغي الأخذ بذلك عند وجوده.


  #8  
قديم 13 محرم 1430هـ/9-01-2009م, 03:48 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح عمدة الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

وأما حديث الكلب , غسل الإناء بعد الكلب واجب لهذا الحديث.. أو لهذين الحديثين فإنه عليه الصلاة والسلام أمر بغسل الإناء بعد ولوغ الكلب وتكرار الغسل وغسله بالتراب , فيالحديث الأول أن الغسلات سبع أولاهن بالتراب , وفي الثاني أنهن سبع والثامنة بالتراب , ويجمع بينهما أنه جعل الغسلة التي فيها تراب عن اثنتين بماء وتراب فتكون عن اثنتين . وصفة ذلك أن يغسله المرة الاولى بماء وتراب ويدلكه ثم بعد ذلك يغسله ست مرات بدون تراب حتى ينظفه .
ولابد على الصحيح من التراب , وسبب اختيار التراب أنه يزيل آثار لعابه , ذكر العلماء أن لعاب الكلب قوي يستمسك بالإناء فلا تزول لزوجته إلا بالتراب , وذكر بعضهم أن فيه مواد سامة في لعابه وأنها تلتصق بالإناء فلا تزول إلا بالتراب الذي يفقسها ويزيلها , وأن بعضهم حاول غسله بأشنان وبصابون وبمزيل وألقاه في النار حتى تزول ولكنها لم تزل, فلما غسله بتراب تفقست وزالت ولم يبق لها أثر , مما يدل على أنه عليه الصلاة والسلام ما أخبر بذلك أو ما أمر به إلا لحكمة أطلعه الله عليها .
وجاء العلم الحديث بهذه المكبرات فأدركوا هذه الجراثيم التي تتحلل من لعابه ولا تزول إلا بهذا التراب , وبكل حال فإن هذا دليل على أنه نجس وأن ريقه ولعابه نجس وأنه لابد من تكرار الغسل حتى يطهر ذلك الإناء , وسواء كان ذلك الإناء إناء شراب مُعد له أو إناء أكل أو نحو ذلك لا يستعمل هذا الاناء في أكل ولا في شرب أو نحو ذلك إلا بعدما يطهر بهذا الغسل , وأما إذا شرب الكلب من براك مثلاً خزانات أو أواني كبيرة يعني شرب مثلاً من جابية أو من ساقية أو نحو ذلك فلا يلزم غسل تلك السواقي ونحوها , وعلى كل حال فالماء الذي يُتطهر به لابد أن يكون طهوراً حتى يرتفع بذلك الحدث , فإن الحدث الذي نزل لابد أن يزال بما يزيله.
نأتي على بعض الأسئلة:
جواب: التوفيق أن الغسلة الأولى تعد عن اثنتين لأن فيها ماء وتراب جميعاً فتكون غسلة حيث أنها مرة واحدة وغسلتين حيث إنهم مجتمع فيها ماء وتراب .
وما من العلماء من جعله مثله أو أشد منه ؛ لأنه نجس العين , ولكن إذا نظرنا إلى الحكمة وهي اللعاب الذي في ريقه فإننا نجعله خاصاً بالكلب ؛ لأن ريق الكلب هو الذي فيه هذه اللزوجه ليست في غيره من خنزير ولا غيره حتى قالوا: بول الكلب كسائر النجاسات يُغسل حتى يزول أثر النجاسة , كبول الآدمي يُغسل حتى يزول أثر النجاسة ولا يلزم فيه سبع ولا أقل ولا أكثر
ردا على سؤال غير مسموع: يعني يدل على الجواز أنه يجوز أن تكون أُولاهن وأن تكون أُخراهن لكن اختاروا الأولى حتى لا يحتاج إلى غسلة تاسعة , إذا جعلناها الأخرى, لأن التراب إذا كان الغسلة الثامنة احتاج إلى تاسعة , تنظف التراب .

  #9  
قديم 11 رجب 1430هـ/3-07-2009م, 12:28 AM
أم مجاهد أم مجاهد غير متواجد حالياً
المستوى الأول - الدورة الأولى
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 137
افتراضي الشرح الصوتي لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله





موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أبي, حديث

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir