ذكر الرواية عمن كان يختار القراءة على المحدث على السماع من لفظه
قال أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيبُ البغدادي (ت: 463هـ): (أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق والحسن بن أبي بكر قالا: أنا القاضي أبو نصر أحمد بن نصر بن محمد البخاري قال: ثنا إبراهيم بن إسحاق الزوزني قاضي سجستان قال: أنا أبو سعيد المستملي سليمان بن داود المهري قال: حدثنا أبو طالب هاشم بن الوليد قال: ثنا أبو مقاتل السمرقندي حفص بن سلم، عن سفيان الثوري عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن علي بن أبي طالب قال: (القراءة على العالم أصح من قراءة العالم بعدما أقر أنه حديثه)
- أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي قال: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال: ثنا محمد بن عبيد الله المنادى قال: ثنا روح بن عبادة ح، وأخبرنا علي بن محمد بن علي الأيادي قال: ثنا أحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي قال: ثنا الحارث بن محمد التميمي قال: ثنا السكن بن نافع واللفظ لحديث روح قال: ثنا عمران بن حدير عن أبي مجلز قال: قال بشير بن نهيك (كنت أكتب بعض ما أسمع من حديث أبي هريرة فلما أردت فراقه أتيته بالكتب فقرأتها عليه)
فقلت: هذا سمعته منك، قال: نعم.
- أخبرنا محمد بن عمر بن القاسم النرسي قال: انا محمد بن عبد الله الشافعي قال: ثنا الهيثم بن مجاهد قال: ثنا أحمد بن الدورقي قال: ثنا بن مهدي قال: قال شعبة (القراءة أثبت عندي من السماع)، وكان يقول (قرأت على منصور، وقرأت على هشام بن عروة).
- أخبرنا الحسين بن محمد بن جعفر الرافقي إجازة قال: انا أحمد بن كامل القاضي قال: ثنا أبو أحمد البربري قال: حدثني علي بن حماد ح، وأخبرني الحسن بن أبي طالب قراءة قال: ثنا أحمد بن إبراهيم قال: ثنا أحمد بن الحسن بن شقير قال: ثنا أبو أحمد البربري قال: ثنا علي بن سهل وهو بن عفان قال: سمعت عفان يقول: سمعت يحيى بن سعيد يقول: (إذا قرأت على المحدث كان أحب الي لأنه يصح لي كتابي).
- أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن هارون بن الصلت الأهوازي قال: أنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: ثنا العباس بن يزيد البحراني قال: كان يحيى بن سعيد القطان يقول: (القراءة أشد علي من الإملاء لأني إذا قرئ علي جعلت ذهني كله فيه)
قال الخطيب: ذكرت هذه الحكاية لأبي بكر البرقاني فأعجب بها، وسألني فكتبتها له.
- أخبرنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ قال: ثنا أبي قال: ثنا إبراهيم بن أحمد المقرىء قال: ثنا الحسن بن محمد البلخي قال: ثنا حم بن نوح قال: ثنا مكي بن إبراهيم قال: (كان بن أبي ذئب يرى القراءة على العالم أفضل من قراءة العالم عليك)
- وأخبرنا عبيد الله قال: ثنا أبي قال: ثنا إبراهيم بن أحمد بن عبد الله الرازي قاضي قزوين قال: ثنا محمد بن أيوب الرازي قال: ثنا محمد بن سعيد بن سابق قال: قال أبو يوسف: قال أبو حنيفة: (لأن أقرأ على المحدث أحب الي من أن يقرأ علي).
- أخبرنا علي بن أحمد المؤدب قال: ثنا أحمد بن إسحاق النهاوندي قال: أنا بن خلاد قال: ثنا أحمد بن إسحاق بن البهلول قال: ثنا إسماعيل بن إسحاق قال: سمعت إسماعيل بن أبي أويس قال: سألت مالكا عن أصح السماع؟
فقال: قراءتك على العالم أو قال على المحدث، ثم قراءة المحدث عليك، ثم ان يدفع إليك كتابه فيقول ارو هذا عني.
قال: فقلت لمالك أقرأ عليك وأقول حدثني.
قال: أو لم يقول بن عباس أقرأني أبي بن كعب، وانما قرأعلى أبي.
- وأخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أنا دعلج بن أحمد قال: أنا أحمد بن علي الأبار قال: ثنا أحمد بن سنان قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: (ما قرأت على مالك بن أنس أثبت في نفسي مما سمعت منه).
قال: (وذلك انه كان يذكر مرة الكلام ومرة الإسناد).
- أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح قال: ثنا محمد بن المظفر الحافظ قال: ثنا عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني قال: ثنا عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال: سمعت عبد الله بن مسلمة القعنبي يقول: (اختلفت الى مالك ثلاثين سنة وما من حديث في الموطأ الا ولو شئت قلت سمعته مرارا من مالك، ولكني اقتصرت بقراءتي عليه، لأن مالكا كان يذهب الى أن قراءة الرجل على العالم أثبت من قراءة العالم عليه).
- أخبرنا أحمد بن روح النهرواني قال: أنا المعافى بن زكريا الجريري قال: ثنا إبراهيم بن الفضل بن حيان الحلواني قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن بن يونس السراج قال: سألت يحيى بن عبد الله بن بكير يحدثنا بحديث، فأبى!
فقال له جعفر بن عبد الواحد: وكان الى جانبه، يا أبا زكريا أنه حديث حسن، فقال ان كان حسنا فستقرؤه.
فقال: يا أبا زكريا اني أحب ان اسمعه منك.
فقال: والله والله ولا أعلمه الا قال ثلاثا لقراءتك علي اثبت عندي من قراءتي عليك، وعند من تعلمت منه أعني مالك بن أنس، والليث بن سعد، وابن لهيعة، والعلة التي احتج بها من اختار القراءة على المحدث على السماع من لفظه ظاهرة؛ لأن الراوي ربما سها وغلط فيما يقرؤه بنفسه، فلا يرد عليه السامع، إما أنه ليس من أهل المعرفة بذلك الشأن؛ أو لأن الغلط صادف موضع اختلاف بين أهل العلم فيه، فيتوهم ذلك الغلط مذهبه فيحمله عنه على وجه الصواب، أو لهيبة الراوي وجلالته، فيكون ذلك مانعا من الرد عليه؛ وأما إذا قرئ على المحدث وهو فارغ السر حاضر الذهن فمضى في القراءة غلط، فإنه يرده بنفسه أو يرده على القارىء بعض الحاضرين من أهل العلم، لأنه لا يمنع من ذلك شيء في معنى الخلال التي ذكرناها عند قراءة العالم بنفسه والله أعلم.
قرأت على أبي بكر البرقاني، عن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قال: أنا محمد بن إسحاق الثقفي قال: سمعت الجوهري يعني حاتم بن الليث يقول: سمعت أبا الوليد وقرأ عليه رجل فقال له: تظن أنك خففت عني لو قرأت انا كان أحب الي انك لتقرؤه، وإني لأتحفظ ما تقرأ لئلا يسقط علي شيء قراءتك علي أشد من قراءتي عليك.
- أخبرنا محمد بن عيسى الهمذاني قال: ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال: ثنا الحسن بن علي قرآءة قال: ثنا أبو الدرداء الخراساني قال: قال أبو الوليد: إذا قرئ علي كان أصح، وذلك أني أجعل نهمتي فيه وقلبي فيه، وإذا قرأت لم أفهم ما أقرؤه أو كلمة غيره.
- أخبرني علي بن أحمد المؤدب قال: ثنا أحمد بن إسحاق قال: ثنا الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد قال: ثنا عبد الله بن أحمد الغزاء قال: ثنا يوسف بن مسلم قال: قال لي موسى بن داود: (القراءة أثبت من الحديث، وذلك انك إذا قرأت علي شغلت نفسي بالإنصات لك، وإذا حدثت غفلت عنك)
- أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي قال: أنا محمد بن عدي البصري في كتابه قال: ثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: قلت لأبي داود: وهو سليمان بن الأشعث العباس بن الوليد بن مزيد سمع من أبيه فقال: قال العباس: سمعت من أبي عرضت عليه والعرض أصح.
- أخبرنا محمد بن عيسى الهمذاني قال: ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال: سمعت جعفر بن أحمد يقول: سمعت أبا حاتم يقول: (القراءة على الشيخ أحب الي من قراءة الشيخ أما علمت أن القرآن يقرأ على المعلم)
آخر الجزء الثامن
بسم الله الرحمن الرحيم رب سلم وسهل:
- أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب قال: أنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي أبو العباس قال: ثنا عبد المجيد بن إبراهيم أبو الحسين قال: كان أبو عبيد القاسم بن سلام يقول: (القراءة علي أثبت لي وأفهم من أن أتولى القراءة أنا أو نحو هذا)
- أخبرنا محمد بن عيسى الهمذاني قال: ثنا صالح بن أحمد التميمي قال: أنا أبو عبد الله الحسن بن علي قال: وجدت هذا الكلام في كتاب أحمد بن ضرار وأخبرني من حضر معي انه قرأه في المجلس.
قال أحمد بن ضرار: قرأت هذه الكتب على أبي عبيد القاسم بن سلام، وأخبرني أنه حديثه وكلامه واستؤذن في روايتها عنه.
قال: نعم ان شئتم.
وقال: هو عندي بمنزلة السماع ولا يكون الحديث أشد من الشهادة فهو بمنزلة الشهادة، وقد تقول للرجل أشهد عليك بكذا وكذا فيقول نعم؛ فهو واسع لك أن تقول أقر عندي فلان بكذا وكذا، وأنت لم تسمع منه الا نعم، وكذلك جاء كثير من السنن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يسأل عن الشيء فيأمر به أو ينهى عنه؛ وهو لم يلفظ به انما تكلم بالجواب فصار ذلك سنة عنه، بمنزلة ما تكلم به سواء لا فرق بينهما.
قال أبو عبيد: وكان حجاج عرض كتبا على بن جريج أظنه قال: (الا المناسك) فإنه سمعه منه املاء.
وقال الحجاج: قلت لابن جريج (هذه الكتب التي عرضتها عليك أحدث بها عنك).
قال: نعم.
وقل حدثني بن جريج قال أبو عبيد: وأخبرنا أبو القاسم: شيخ كان بمصر، كان صديقا لنا كان سمع من الليث بن سعد، وابن لهيعة أنا عن الليث قال: (العرض عندي أصح من السماع انه إذا عرض علي تحفظت، وإذا حدثت فربما سهوت)
قال أبو عبيد: وحدثوني بمصر أن نافعا قال لليث سلني حتى أحدثكم فقال: لا ولكني أعرضه عليك فعرضه عليه.
قال أبو عبيد: فحديث الليث عن نافع كله عرض.
قال: وقال الليث: أنا أسهو في السماع ولا أسهو في العرض.
قال: وسمعت أبا يوسف قال: سألت أبا حنيفة عن رجل عرض على رجل حديثا، هل يجوز يحدث به عنه؟
قال: نعم يجوز أن يقول حدثني فلان وسمعت فلانا، وهذا مثل قول الرجل يقرأ عليه الصك فيقر به، فيجوز لك أن تقول أقر عندي فلان بجميع ما في هذا الكتاب؛ وانما سمعت نعم.
قال أبو عبيد: وكذلك قول أبي يوسف: وهو قولي قال أبو عبيد حدثونا، عن مالك بن أنس أنه قال: كيف ينكر أهل العراق العرض وهم يأخذون حديثنا ونحن قد عرضنا؟
قال: وقال لي بن أبي ذئب: احملوا العرض علي فما كان فيه من اثم ففي عنقي.
قيل لأبي عبيد: أليس العرض عندك القراءة على المحدث؟
قال: نعم.
قال: وثنا محمد بن كثير قال: سألت الأوزاعي عن العرض فقال: قل كما كان هذا يريد أن تقول حدثنا.
قال أبو عبيد: وكان إسماعيل بن جعفر ربما قال في بعض حديثه هذا عرض، ثم يقول حدثني.
قال أبو عبيد: كنا نسمع بن المبارك كثيرا يقول أخبرني، وكنت أرى أنه سمعه وحده حتى أخبروني أنه كان يقول إذا قلت حدثنا فقد حدث كل واحد منا علي حياله؛ فلهذا استجاز أن يقول قلت قصد أبو عبيد في آخر هذا الكلام البيان أن قول الراوي حدثنا فيما سمعه عرضا جائز، وكذلك قوله أخبرني فيما سمعه مع الجماعة وفي ذلك خلاف بين السلف نحن نذكره بعد في موضعه بمشيئة الله تعالى ومعونته). [الكفاية في علوم الرواية: ؟؟]