فيمن رجع عن حديث غلط فيه، وكان الغالب على روايته الصحة، أن ذلك لا يضره
قال أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيبُ البغدادي (ت: 463هـ): (قد ذكرنا في الباب الذي قبل هذا عن عبد الله بن المبارك, وأحمد بن حنبل, وعبد الله بن الزبير الحميدي: الحكم في من غلط في رواية حديث وبين له غلطه فلم يرجع عنه, وأقام على رواية ذلك الحديث أنه لا يكتب عنه , وإن هو رجع قبل منه وجازت روايته, وهذا القول مذهب شعبة بن الحجاج أيضا.
أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أنا أحمد بن عمر بن العباس القزويني, قال: ثنا محمد بن موسى الحلواني, قال: حدثني محمد بن جعفر العسكري, قال: حدثني نعيم بن حماد, قال: حدثني عبد الرحمن بن مهدي قال: كنا عند شعبة فسئل: يا أبا بسطام, حديث من يترك. قال: (من يكذب في الحديث, ومن يكثر الغلط, ومن يخطيء في حديث مجتمع عليه فيقيم على غلطه فلا يرجع, ومن روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون, وليس يكفيه في الرجوع أن يمسك عن رواية ذلك الحديث في المستقبل حسب بل يجب عليه أن يظهر للناس أنه كان قد أخطأ فيه وقد رجع عنه).- كما أخبرنا محمد بن علي بن الفتح الحربي قال: ثنا علي بن عمر الحافظ قال: ثنا أبو محمد -يحيى بن محمد بن صاعد املاء- قال: ثنا أبو العالية- إسماعيل بن الهيثم بن عثمان اليشكري- بالبصرة سنة خمسين ومائتين, قال: أنا أبو عاصم, قال: ثنا عزرة بن ثابت, عن علباء بن أحمر اليشكري, عن أبي زيد الأنصاري قال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: ((يا أبازيد, هل عندك من شيء ؟.)) قلت: ما عندي إلا خل. قال: ((هاته, فنعم الإدام الخل)). قال ابن صاعد: وهذا حديث غريب الإسناد ما سمعناه إلا منه. ثم أخبرني علي بن الحسن بن محمد بن أبي عثمان الدقاق قال: ثنا علي بن عمر الحريري, قال: ثنا أبو عروبة, قال: ثنا أبو العالية- إسماعيل بن الهيثم- قال: ثنا أبو عاصم, عن عزرة بن ثابت, عن علباء بن أحمر, عن أبي زيد قال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا أبا زيد: (( هل عندك من شيء؟.)) قال: قلت ما عندي إلا خل. قال: ((هاته, فنعم الإدام الخل)). قال علباء: فما زلت أحبه منذ سمعت أبا زيد يذكره عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال أبو عروبة: قال لنا أبو العالية حين حدثنا بهذا الحديث: قد رجعت عنه.
- حدثت عن دعلج بن أحمد قال: ثنا موسى بن هارون قال: سمعت أبي يقول: كان يزيد بن هارون يقول في مجلسه الأعظم غير مرة: (حديث كذا وكذا أخطأت فيه).
- أخبرني علي بن أحمد بن علي المؤدب قال: ثنا أحمد بن إسحاق النهاوندي, قال: أنا الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد قال: ثنا همام بن محمد العبدي, قال: ثنا إبراهيم بن الحسن العلاف, قال: حدثني العلاء بن الحسين قال:-
ثنا سفيان بن عيينة حديثا في القرآن, فقال له عبد الله بن يزيد: ليس كما هو حدثت يا أبا محمد.
قال: وما علمك يا قصير ؟!.
قال: فسكت عنه هنية, ثم قام إلى سفيان فقال: يا أبا محمد أنت معلمنا وسيدنا, فإن كنت أوهمت فلا تؤاخذني.
قال: فسكت سفيان هنية، ثم قال: يا أبا عبد الرحمن.
قال: لبيك وسعديك.
قال: (الحديث كما حدثت أنت, وأنا أوهمت).
- أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أنا دعلج بن أحمد قال: أنا أحمد بن علي الأبار, قال: ثنا القاسم بن عيسى, قال: ثنا حماد بن زيد قال: سألت سلمة بن علقمة عن شيء فرفع, ثم نظر إلي فقال: (إن سرك أن يكذب صاحبك فلقنه ثم رجع).
- أخبرنا أبو سعيد- محمد بن موسى الصيرفي- قال: ثنا أبو العباس- محمد بن يعقوب الأصم- قال: ثنا العباس بن محمد الدوري قال: ثنا يحيى بن معين قال: حضرت نعيم بن حماد بمصر, فجعل يقرأ كتابا من تصنيفه قال: فقرأ منه ساعة, ثم قال: ثنا ابن المبارك, عن ابن عون, فحدث عن ابن المبارك, عن ابن عون أحاديث.
قال يحيى: فقلت له ليس هذا عن ابن المبارك .
فغضب وقال: ترد علي.
قال : قلت إي والله أريد زينك, فأبى أن يرجع.
قال: فلما رأيته هكذا لا يرجع .
قلت: لا والله, ما سمعت أنت هذا عن ابن المبارك, ولا سمعها ابن المبارك من ابن عون قط.
فغضب, وغضب كل من كان عنده من أصحاب الحديث, وقام نعيم فدخل البيت فأخرج صحائف, فجعل يقول وهي بيده: أين الذين يزعمون أن يحيى بن معين ليس بأمير المؤمنين في الحديث؟!. نعم, يا أبا زكريا غلطت, وكانت صحائف فغلطت فجعلت اكتب من حديث ابن المبارك عن ابن عون, وإنما روى هذه الأحاديث عن ابن عون غير ابن المبارك فرجع عنها.
- أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أنا محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي, قال: أنا الحسين بن إدريس قال: قال ابن عمار: رددت على المعافى بن عمران حرفا في الحديث فسكت, فلما كان من الغد جلس في مجلسه من قبل أن يحدث وقال : (إن الحديث كما قال الغلام) قال: وكنت حينئذٍ غلاماً أمرد, ما في لحيتي طاقة.
- أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال: أنا محمد بن العباس الخزاز, قال: أنا إبراهيم بن محمد الكندي قال: أنا أبو موسى- محمد بن المثنى- قال: ثنا عبد الرحمن, عن سفيان, عن الأعمش, عن طلحة بن مصرف, عن مالك بن عميرة, عن مسروق قال: (ليودن أهل البلاء يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض), قال أبو موسى: فبلغني أن عبد الرحمن رجع عنه. فقيل له: إنك قلت عن مالك بن عميرة. قال: نعم وهمت فيه, وهو عن الحارث بن عميرة.
- أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب قال: قرأت على أبي بكر أحمد بن إبراهيم الاسماعيلي: سمعت أبا يعلى أحمد بن علي بن المثنى يحكي: أن أبا معمر حدث بالموصل بنحو من ألف حديث حفظا, فلما رجع إلى بغداد كتب إليهم بالصحيح من أحاديث كان أخطأ فيها, أحسبه قال: نحو ثلاثين أو أربعين أنبأني روح بن محمد أبو زرعة الرازي: أن علي بن محمد بن عمر القصار أخبرهم, قال ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم, قال: ثنا أبي, قال أخبرني سليمان بن أحمد الدمشقي.
قال: قلت لعبد الرحمن بن مهدي, أكتب عمن يغلط في عشرة؟.
قال: نعم .
قلت له: يغلط في عشرين.
قال: نعم.
قلت: فثلاثين.
قال: نعم .
قلت: فخمسين.
قال :نعم.
- حدثني علي بن محمد بن نصر الدينوري قال: سمعت حمزة بن يوسف السهمي يقول: سألت أبا الحسن الدارقطني عمن يكون كثير الخطأ.
قال: (إن نبهوه عليه ورجع عنه فلا يسقط وإن لم يرجع سقط) ). [الكفاية في علوم الرواية: ؟؟]