ما جاء في كون المعدل امرأة أو عبد أو صبيا
الأصل في هذا الباب:سؤال النبي صلى الله عليه وسلم بريرة في قصة الإفك عن حال عائشة أم المؤمنين وجوابها له.
قال أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيبُ البغدادي (ت: 463هـ): (أخبرنا أبو الحسن -محمد بن أحمد بن رزق البزاز- قال: أنا أبو أحمد -حمزة بن محمد بن الحارث الدهقان, وعثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق, وأحمد بن خلف بن شمس السابح قالوا: ثنا عبد الكريم بن الهيثم الديرعاقولي, قال: ثنا إبراهيم بن بشار, قال: نا سفيان, عن محمد بن إسحاق, ووائل بن داود, عن الزهري قال: حدثني أربعة عروة بن الزبير, وسعيد بن المسيب, وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة, وعلقمة بن وقاص الليثي, عن حديث عائشة, وساق قصة الإفك بطولها, وقال فيها فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال: (( هل علمت على عائشة شيئا يريبك ,أو رأيت شيئا تكرهينه؟.)). قالت: أحمي سمعي وبصري, عائشة أطيب من طيب الذهب.
- حدثني محمد بن عبد الله المالكي أنه قرأ على القاضى أبي بكر- محمد بن الطيب- قال: إن قال قائل: أفترون وجوب قبول تعديل المرأة العدل العارفة بما يجب أن يكون عليه العدل, وما به يحصل الجرح؟. قيل: أجل, ولا شيء يمنع من ذلك من إجماع, أو غيره, فلو حصل على منعه توقيف, أو إجماع لمنعناه, وتركنا له القياس. وإن كان أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم لا يقبل في التعديل النساء, ولا يقبل فيه أقل من رجلين, والذي يدل على ما قلناه أن أقصى حالات العدل وتعديله أن يكون بمثابة المخبر, والخبر, والشاهد, والشهادة؛ فإذا ثبت أن خبر المرأة العدل مقبول, وأنه إجماع من السلف, وجب أيضا قبول تعديلها للرجال حتى يكون تعديلهن الذي هو إخبارعن حال المخبر, والشاهد بمثابة خبرهن في وجوب العمل به, وكذلك إذا كان للنساء مدخل في الشهادات في مواضع من الاحكام جاز لذلك قبول تزكيتهن, كما قبلت شهادتهن, ويجب على هذا الذي قلناه أن لا يقبل تعديلهن للشهود في الحكم الذي لا يقبل فيه شهادتهن حتى يجري رد التزكية في ذلك مجرى رد الشهادة, ويجب أيضا قبول تزكية العبد المخبر دون الشاهد؛ لأن خبر العدل مقبول وشهادته مردودة, والذي يوجبه القياس وجوب قبول تزكية كل عدل ذكر, وأنثى, حر, وعبد لشاهد ومخبر؛ حتى تكون تزكيته مطابقة للظاهر من حاله, والرجوع إلى قوله, وانتفاء التهمة والظنة عنه إلا أن يرد توقيف أو إجماع أو ما يقوم مقام ذلك على تحريم العمل بتزكية بعض العدول المرضيين فيصار إلى ذلك, ويترك القياس لأجله, ومتى لم يثبت ذلك كان ما ذكرناه موجبا لتزكية كل عدل لكل شاهد ومخبر, فإن قيل: ما تقولون في تزكية الصبي المراهق والغلام الضابط لما يسمعه أتقبل أم لا؟. قيل :لا لمنع الإجماع من ذلك, ولأجل أن الغلام وإن كانت حاله ضبط ما سمع والتعبير عنه على وجهه فإنه غير عارف بأحكام أفعال المكلفين, وما به منها يكون العدل عدلا والفاسق فاسقا, وإنما يكمل لذلك المكلف فلم يجز لذلك قبول تزكيته, ولأنه لا تعبد عليه في تزكية الفاسق وتفسيق العدل, فإن لم يكن لذلك خائفا من مأثم وعقاب لم يؤمن منه تفسيق العدل وتعديل الفاسق, وليس هذه حال المرأة والعبد فافترق الأمر فيهما). [الكفاية في علوم الرواية: ؟؟]