وإن تَمَّ لصغيرٍ خمسَ عشرةَ سنةً أو نَبَتَ حولَ قُبُلِه شَعْرٌ خَشِنٌ أو أَنْزَلَ، أو عَقَلَ مجنونٌ ورَشَدَ، أو رَشَدَ سفيهٌ، زالَ حَجْرُهم بلا قَضاءٍ، وتَزيدُ الجاريةُ البلوغَ بالحيضِ، وإن حَمَلَتْ حُكِمَ ببُلُوغِها(28)، ولا يَنْفَكُّ الحجْرُ قبلَ شُروطِه(29)، والرُّشْدُ الصلاحُ في المالِ(30) بأن يَتَصَرَّفَ مِرارًا فَلا يُغْبَنُ غالبًا(31) , ولا يَبْذُلُ مالَه في حرامٍ(32) أو في غيرِ فائدةٍ(33)، ولا يُدْفَعُ إليه حتى يُختَبَرَ قبلَ بُلوغِه بما يَليقُ(34) به.
(28) هذا بيان للأشياء التي يزول ﺑﻬا الحجر عن الصغير واﻟﻤﺠنون والسفيه وهي على النحو التالي :
1- فالصغير الذكر يزول عنه الحجر بأحد ثلاثة أشياء :
أولاً : بلوغ خمس عشرة سنة لما روى ابن عمر قال ( عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني ) أي : لم يأذن بالخروج للقتال ( وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني )متفق عليه .
ثانياً : الإنبات ، فإذا نبت حول قبله شعر خشن حكم ببلوغه ؛ لأن سعد بن معاذ لما حكم في بني قريظة بقتلهم وسبي ذراريهم أمر أن يكشف عن مؤتزرهم فمن أنبت فهومن المقاتلة ، ومن لم ينبت فهو من الذرية وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال(( لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة) ) متفق عليه .
ثالثاً : الإنزال ، أي : إنزاله المني لقوله تعالى { وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا }, والأنثى الصغيرة بأحد خمسة أشياء ( هذه الثلاثة المذكورة ) .
رابعاً :الحيض لقوله صلى الله عليه وسلم (( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار )) رواه الترمذي وحسنه ، ووجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم علق قبول صلاة الحائض بالخمار .
خامساً : الحمل لأنه دليل إنزالها ؛ لأن الله تعالى أجرى العادة بخلق الولد من مائهما ، ولا بد مع حصول أحد هذه العلامات من حصول الرشد وهو : الصلاح في المال .
٢- المجنون يزول الحجر عنه بحصول العقل مع الرشد فإذا زال عنه الجنون وهو رشيد زال عنه الحجر .
٣- السفيه يزول عنه الحجر بزوال السفه ؛ لقوله تعالى { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } وقوله : ( بلا قضاء ) أي : يزول عنهم الحجر بلا حكم القاضي ؛ لأنه ثبت بغير حكمه فيزول بغير حكمه .
(29) أي : لا يزول إلا بتوفر شروط زواله السابقة : وهي : البلوغ مع الرشد والعقل مع الرشد فإذا لم تتوفر استمر الحجر عليهم .
(30) لقول ابن عباس في قوله تعالى { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } أى : صلاحاً فى أموالهم .
(31) أى : غبناً فاحشاً أما الغبن اليسير فلا يعتبر .
(32) كخمر وآلات لهو وقمار وغناء .
(33) أي : ولا يبذل ماله في شيء لا يفيد ؛ لأن من صرف ماله في ذلك فهو سفيه .
(34) أي : بما يناسبه من الأعمال ؛ لقوله تعالى { وَابْتَلُوا اليَتَامَى } الآية