أبدأ مستعينة بالله الإجابة على أسئلة المجموعة الأولى.
أولا: الفوائد السلوكية المستفادة من دراسة تفسير سورة العصر.
-(بسم الله الرحمان الرحيم و العصر) : الله سبحانه يقسم بما يشاء من مخلوقاته، و ليس ذلك إلا له سبحانه، و في ذلك دليل على عظم هذه المخلوقات ،التي يجب للانسان أن يعتبر بها و يتدبرها تدبرًا يقوده إلى توحيده عز و جل..
-[color="rgb(255, 140, 0)"](إن الإنسان لفي خسر[/color]) : اليقين التام أن الهلاك كل الهلاك، و أن الخسران الحقيقي هو في البعد عن منهج الله تعالى و شرعه.
- [color="rgb(255, 140, 0)"](إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات[/color]) : اقتران الإيمان بالعمل الصالح يدل على أن العبد يجب أن يأتي بهما معا، و أن لا إيمان بدون عمل و لا قبول لعمل بدون إيمان.
[color="rgb(255, 140, 0)"]-(و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر[/color]) : العبد مأمور بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فيجب على كل من آتاه الله علما أن يبلغه، خاصة العلم الشرعي، بذلك يكون صالحا و مصلحا.
- الدعوة إلى الله تحتاح إلى صبر و مصابرة، فمن تصدى لهذا العمل العظيم عليه أن يدرك أن الطريق صعب يتطلب المجاهدة، و يستوجب الصبر.
السؤال الأول:
فسّر قول الله تعالى:-
{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)} العاديات.
(و العاديات ضبحا) : يقسم الله تعالى بالخيل التي تغير في سبيله و تحمل مجاهدين يفدون دينه بأرواحهم و أموالهم، و التي بسرعة عدوها تصدر صوتا، و في ذلك آية من آياته الدالة على بديع صنعه سبحانه .
[color="rgb(255, 140, 0)"](فالموريات قدحا[/color]) : أي أن حوافرها تقدح نارا حين تطأ الأحجار، و ذلك لصلابتها و شدة عدوها.
[color="rgb(255, 140, 0)"](فالمغيرات صبحا[/color]) : أي تغير على العدو في وقت الصباح.
[color="rgb(255, 140, 0)"](فأثرن به نقعا[/color] ) : أي أثارت بحوافرها التراب و الغبار.
[color="rgb(255, 140, 0)"](فوسطن به جمعا[/color]) : أي فلما أغارت على العدو صارت وسطهم.
المعنى الإجمالي للآيات :
يقسم الله تعالى بمخلوقاته العظيمة، و من ذلك الخيل التي تغدو في سبيله، تحمل المجاهدين المؤمنين الذين آثروا الآخرة على الأولى، سعيا لإعلاء كلمة الله تعالى و إظهارًا دينه، و هي في عدوها تصدر صوت نفَسها القوي، بسبب السرعة الشديدة، موقدة بحوافرها نارا، فراكبوها قد باعوا الدنيا و اشتروا رضا الباري سبحانه، يتسابقون لجنته و لنيل رضوانه، مسترخصين أرواحهم و أموالهم و نفوسهم في سبيله ، ممتثلين لرسول ربهم الذي أمرهم بالإغارة على العدو صبحا، فتغير عليه وقت الصبح و هي تثير غبارا وتتوسطه، و في الخيل آيات مبهرة لمن تبصّر و تدبّر، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، ففضلها عظيم في إعانة المجاهدين على جهاد أعداء الدين.
السؤال الثاني:
حرر القول في المسائل التالية:
1: معنى قوله تعالى: {فأمه هاوية} القارعة.
أورد ابن كثير في تفسيره قولين في معنى قوله تعالى (فأمه هاوية) :
-القول الأول : أي ساقط هاوٍ بأم رأسه في نار جهنم ، و عبر عنها بأمه، يعني دماغه.
روي نحو هذا عن ابن عبّاسٍ وعكرمة وأبي صالحٍ وقتادة، قال قتادة: يهوي في النّار على رأسه. وكذا قال أبو صالحٍ: يهوون في النّار على رؤوسهم، و هو أحد القولين للسعدي .
-القول الثاني : معناه : (فأمّه): التي يرجع إليها ويصير في المعاد إليها. (هاويةٌ) وهي اسمٌ من أسماء النّار.
ذهب إلى هذا القول ابن زيد و ابن أبي حاتم و ابن جرير، و زاد بقوله :سميت النار هاوية لأنه لا مأوى له غيرها، و قال بذلك أيضا السعدي و الأشقر.
و قد روى ابن جرير عن ابن عبد الأعلى، قال حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الأشعث بن عبد اللّه الأعمى قال: إذا مات المؤمن ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين فيقولون: روّحوا أخاكم؛ فإنّه كان في غمّ الدّنيا، قال: ويسألونه: ما فعل فلانٌ؟ فيقول: مات،، أوما جاءكم؟! فيقولون: ذهب به إلى أمّه الهاوية.
2: معنى اللام في قوله تعالى: {لإيلاف قريش}.
أورد ابن كثير في تفسيره ثلاثة أقوال للسلف في معنى اللام في قوله تعالى (لإيلاف قريش) :
-القول الأول : أن الجار و المجرور متعلق بالسورة التي قبلها ، أي أن المعنى : حبسنا عن مكة الفيل و أهلكنا أهله لأجل قريش و ائتلافهم و اجتماعهم و انتظام رحلتهم، و ذهب إلى هذا القول محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، و قال بذلك أيضا السعدي.
القول الثاني : المراد بذلك ما كانوا يألفونه من الرّحلة في الشتاء إلى اليمن، وفي الصيف إلى الشّام في المتاجر وغير ذلك، ثم يرجعون إلى بلدهم آمنين في أسفارهم؛ لعظمتهم عند الناس؛ فلا يغار على رحلاتهم، و قال بذلك أيضا الأشقر.
القول الثالث : اللام لام التعجب، كأنه يقول: أعجبوا لإيلاف قريشٍ ونعمتي عليهم في ذلك، قال: وذلك لإجماع المسلمين على أنّهما سورتان منفصلتان مستقلّتان. ذهب إلى هذا القول ابن جرير ، و قال : وهو الصواب .
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.