حين عانقَ ظلامُ اللّيل نجومَ السّماء فلم تزدَد بعده إلا تألّقاً و التماعا ..
حين خفَتَ كلّ صوتٍ فلا تسمعُ إلّا همسَ عاشقَيْن أبى الكرى أن يزور أجفانَهُما و لو عجَلاً ، أو أزيزَ صدر مُسرفٍ ضجّت المُضغةُ التي بينَ ضلوعه باسودادها و قد عَلِمَ أن لا يُطهّرها إلا دموعٌ تكويها حتى تُشفى ..
ألقيتُ نظرة على مصحفي .. قلّبتُه بين يديّ .. ضممتُه حتى سكَنَتْ نفسي الجَموحُ ..
عليّ أن أعيش به كما أنّ كل آية منه تحييني ..
عليَّ أن آخذه بقوّة كما اجتذبني تأديبا و تهذيباً لحظَةَ خطَر لي الابتعاد ..
عليّ أن أدنوَ من أهله كما تدنو منّي أطايب فوائدهم كلّما طرق نصحهم آذانَ فؤادي ..
وما إن تتصدع أقفالُ قلبي بحُجَجِـه ، حتّى تسطع أنواره على ظلمات كياني ، و يتهادى زلاله على أجادب وجداني ، فتحيا بعد موت!
تقتحم دوامغُه حواجزَ نفسي، لتحرّرني من أغلال الجهل ، و تكسوني من إستبرق الحكمة و تطعمني من ثمار البركة و تسقيني من عذب الهداية ..
أين كنتُ من تلكَ الحقيقة و أين كانت منّي قبلَ الآن؟!
كُلّ النّاس موتى إلا من استحيا بالقرآن!