دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > البلاغة > عقود الجمان

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 صفر 1433هـ/22-01-2012م, 09:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي القسم الثاني: اللفظي

الْقِسْمُ الثَّانِي: اللَّفْظِيُّ
879 مِنْهُ الْجِنَاسُ بَيْنَ لَفْظَيْنِ بِأَنْ = تَشَابَهَا فَإِنْ يَكُ الْوِفَاقُ عَنْ
880 فِي عَدَدِ الْحُرُوفِ وَالْأَنْوَاعِ ثُمْ = تَرْتِيبِهَا وَهَيْئَةٍ فَالتَّامَ سَمْ
881 فَإِنْ يَكُنْ نَوْعًا فَذَا مُمَاثِلْ = أَوْ لاَ فَمُسْتَوْفًى كَـ"قَابِلْ قَابِلْ"
882 فَإِنْ يَكُنْ مُرَكَّبًا إِحْدَاهُمَا = جِنَاسُ تَرْكِيبٍ وَإِنْ تَسَاهَمَا
883 خَطًّا فَذُو تَشَابُهٍ وَإِلاَّ
= فَذَاكَ مَفْرُوقٌ وَإِنْ تَجَلَّى
884 مِنْ كِلْمَةٍ وَجُزْئِهَا فَالْمَرْفُو = أَوْ رُكِّبَا مُلَفَّقٌ وَالْخُلْفُ
885 فِي النَّقْطِ إِذْ يُوجَدُ فَالْمُصَحَّفُ = أَوْ حَرَكَاتٍ فَهُوَ الْمُحَرَّفُ
886 أَوْ عَدَدٍ فَنَاقِصٌ بِحَرْفِ = فِي أَوَّلٍ أَوْ وَسَطٍ أَوْ طَرْفِ
887 مُطَرَّفٌ مُكْتَنَفٌ مَرْدُوفُ
= مُذَيَّلٌ إِنْ زِيدَتِ الْحُرُوفُ
888 أَوْ نَوْعِ حَرْفٍ لَمْ يَكُنْ بِأَكْثَرِ = مِنْ وَاحِدٍ فِي أَوَّلٍ أََوْ آخِرِ
889 أَوْ وَسَطٍ ثُمَّ إِذَا تَقَارَبَا = مُـضَـارِعٌ وَلاَحِـقٌ إِنْ جَـانَـبَـا
890 قُلْتُ: فَإِنْ تَنَاسَبَا فِي اللَّفْظِ
= كَالضَّادِ وَالظَّاءِ فَذَاكَ اللَّفْظِيْ
891 وَإِنْ يُخَالِفْ فِي تَرَتُّبٍ دُعِيْ = بِالْقَلْبِ فِي الْكُلِّ وَفِي الْبَعْضِ رُعِيْ
892 فَإِنْ يَقَعْ فِي أَوَّلِ الْبَيْتِ وَفِي
= آخِرِهِ فَهْوَ مُجَنَّحٌ قُفِيْ
893 وَفَوْقَ حَرْفٍ أَوَّلاً مُتَوَّجُ = وَإِنْ تَوَالَيَا فَذَا مُزْدَوِجُ
894 وَإِنْ يَكُنْ تَجَاذَبَ الطَّّرْفَانِ = مُشَوَّشٌ قَدْ زَادَ فِي التِّبْيَانِ
895 وَبِالْجِنَاسِ أَلْحَقُوا شَيْئَيْنِ = إِحْدَاهُمَا تَشَابُهُ اللَّفْظَيْنِ
896 قُلْتُ: وَذَا تَجَانُسُ الْإِطْلاَقِ
= وَالآخَرُ الْجَمْعُ فِي الاِشْتِقَاقِ
897 قُلْتُ: الْجِنَاسُ الْمَعْنَوِيْ أَنْ تُضْمِرَا = رُكْنَيْهِ وَالْمُرَادِفَيْنِ تَذْكُرَا
898 وَذِكْرُهُ لِوَاحِدٍ وَمَا رَدِفْ = أَوْ مَا يَدُلُّ بِإِشَارَةٍ عُرِفْ
899 ثُمَّ تَوَسُّطُ الْجِنَاسِ قُرِّرَا = وَشَرْطُ حُسْنٍ فِيهِ أَنْ لاَ يَكْثُرَا
900 فَإِنْ يَصِرْ تَوْرِيَةً وَانْحَصَرَا = فِي وَاحِدٍ فَقَدْ عَلاَ وَافْتَخَرَا
901 وَمِنْهُ رَدُّ عَجُزٍ لِصَدْرِ = أَنْ تَقَعَ اللَّفْظَةُ صَدْرَ النَّثْرِ
902 وَشِبْهُهَا فِي خَتْمِهِ وَالشِّعْرِ
= فِي آخِرٍ وَشِبْهُهَا فِي الصَّدْرِ
903 لِذَلِكَ الْمِصْرَاعِ أَوْ صَدْرِ اللَّذَا = قَبْلُ كَذَافِي حَشْوِهِ أَوْ خَتْمِ ذَا
904 قُلْتُ: فَإِنْ قَافِيَةٌ تُعَادُ فِي
= أَوَّلِ ثَانٍ فَهُوَ تَسْبِيغٌ وَفِيْ
905 وَمِنْهُ تَطْرِيزٌ وَذَا أَنْ تَذْكُرَا = عِدَّةَ أَسْمَاءٍ وَبَعْدُ تُخْبِرَا
906 بِصِفَةٍ كَرَّرْتَهَا وَمِنْهُ = تَعْدِيدُكَ الْأَوْصَافَ فَرْدًا عَنْهُ
907 تَنْسِيقُهُمْ تَلَتْ صِفَاتُ الْعَظَمَةْ = تَلاَحَمَتْ مُسْتَحْسَنًا مُلْتَئِمَةْ
908 وَإِنْ يَجِئْ لَفْظٌ فَصِيحٌ وَارِدُ = مَا غَيْرُهُ يَسُدُّ فَالْفَرَائِدُ
909 وَإِنْ يَجِئْ وَغَيرُهُ سَدَّ وَلَهْ
= تَخَصُّصٌ تَنْكِيتُهُمْ فَاسْتَعْمِلَهْ
910 اَلسَّجْعُ أَنْ تَوَاطَأَ الْفَوَاصِلُ = فِي خَتْمِهَا بِوَاحِدٍ، وَالْفَاضِلُ
911 مَا اسْتَوَتِ الْقَرِينَتَانِ ثُمَّ أَنْ
= يَطُولَ ثَانٍ ثُمَّ ثَالِثٌ وَمَنْ
912 طَوَّلَ الاُولَى زَائِدًا لَمْ يَحْسُنِ = وَكُلَّ الاَعْجَازِ ابْنِهَا وَسَكِّنِ
913 وَفِي الْقُرَانِ قُلْ فَوَاصِلُ وَلاَ = يُقَالُ أَسْجَاعٌ فَعَنْهَا قَدْ عَلاَ
914 قُلْتُ: وَخَيْرُ السَّجْعِ مَا قَلَّ إِلَى = عَشَرَةٍ وَضَعْفُهَا مَا طُوِّلاَ
915 ثُمَّ اللَّتَانِ وَزْنُهَا ذُو خُلْفِ
= مُطَرَّفٌ وَإِنْ وِفَاقًا تُلْفِي
916 وَلَيْسَ مَا فِي أَوَّلٍ مُقَابِلاَ = وَزْنًا وَلاَ تَقْفِيَةً لِمَا تَلاَ
917 فَالْمُتَوَازِي ضِدُّهُ مُرَصَّعُ = أَوْ خُصَّ بِالْعَجْزَيْنِ فَالْمُصَرَّعُ
918 وَإِنْ تَكُنْ قَدْ سَاوَتِ الْمُقَارَنَةْ
= فِي الْوَزْنِ لاَ تَقْفِيَةٍ مُوَازَنَةْ
919 فَإِنْ تَكُنْ أَفْرَادُهَا مُقَابِلَةْ = لِلتَّالِ فِي أَوْزَانِهَا مُمَاثِلَةْ
920 وَقِيلَ: لاَ يَخْتَصُّ بِالتَّنْثِيرِ = وَمِنْهُ مَا يَدْعُونَ بِالتَّشْطِيرِ
921 فِي كُلِّ شَطْرٍ سَجْعَتَانِ اتَّفَقَا
= وَخَالَفَ الآخِرُ مَا قَدْ سَبَقَا
922 وَسَمِّ بِالتَّسْمِيطِ إِنْ تَوَالَتِ = ثَلاَثَةٌ وَبِالْوِفَاقِ وَافَتِ
923 وَإِنْ يُسَجِّعْ كُلَّهُ وَجَزَّأَهْ
= مُخَالِفًا جُزْءًا بِجُزْءٍ تَجْزِئَةْ
924 وَالاِنْسِجَامُ مَا عَلاَ تَسَهُّلاَ = عُذُوبَةً وَمِنْ عَقَادَةٍ خَلاَ
925 وَغَالِبًا فِي النَّثْرِ إِذْ مَا انْسَجَمَا
= مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ قَدْ يُرَى مُنْتَظِمَا
926 وَمِنْهُ قَلْبٌ عَكْسُهُ إِذَا سَلَكْ
= كَطَرْدِهِ كَمِثْلِ "كُلٌّ فِي فَلَكْ"
927 وَالْحَرْفُ مِنْ قَبْلِ الرَّوِيْ مُلْتَزَمُ = فَسَمِّهِ لُزُومَ مَا لاَ يَلْزَمُ
928 كَقَوْلِهِ : "تَقْهَرْ" و"تَنْهَرْ" "صَدْرَكَا" = "وِزْرَكَ" "ظَهْرَكَ" وَبَعْدُ "ذِكْرَكَا"
929 قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الْتِزَامٌ فِي الرَّوِيْ = وْ كَلِمَاتٍ فَهْوَ تَضْيِيقٌ قَوِيْ
930 وَمِنْهُ تَشْرِيعٌ بِأَنْ يُبْنَى عَلَى = قَافِيَتَيْنِ الْبَيْتُ كُلٌّ قَدْ حَلاَ
931 وَهْوَ الَّذِي أَبْدَعَهُ الْحَرِيرِيْ = وَوَسْمُهُ التَّوْأَمُ ذُو تَحْرِيرِ
932 قُلْتُ: الرَّوِيُّ إِذْ لِأَشْيَا يَصْلَحُ
= فَذَلِكَ التَّخْيِيرُ خُذْ مَا يَرْجَحُ
933 وَإِنْ تَجِئْ قَافِيَةٌ مَحَلَّهَا = فَذَلِكَ التَّمْكِينُ مَهِّدْ قَبْلَهَا
934 وَمِنْهُ أَنْ تَأْتَلِفَ الْمَعَانِي = صَحِيحَةً مُوَافِقَ الْأَوْزَانِ
935 أَوْ وَافَقَ الْأَلْفَاظُ وَالْأَوْزَانُ = وَضِدُّهُ الطَّاعَةُ وَالْعِصْيَانُ
936 وَالْوَصْلُ
وَالْقَطْعُ وَنَقْطُ الْأَحْرُفِ = وَتَرْكُهُ حَذْفٌ وَبِالْخُلْفِ يَفِي
937 وَاللَّفْظُ إِذْ يَقْرَؤُهُ الْأَلْثَغُ لاَ = يُعَابُ قَدْ سَمَّيْتُهُ الْمُنْتَخَلاَ
938 وَأَصْلُ حُسْنِ مَا مَضَى أَنْ يَتْبَعَا
=اللَّفْظُ مَعْنًى دُونَ عَكْسٍ وَقَعَا

  #2  
قديم 28 صفر 1433هـ/22-01-2012م, 10:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عقود الجمان للسيوطي


القسم الثاني اللفظي

[منه الجناس بين لفظين بأن = تشابها فإن يك الوفاق عن
تعدد الحروف والأنواع ثم = ترتيبها وهيئبة فالتام سم
فإن يكن نوعا فذا مماثل = أولا فمستوفى كقائل وقائل
فإن يكن مركبا إحداهما = جناس تركيب فإن تساهما
[شرح عقود الجمان: 142]
خطا فذو تشابه وإلا = فذاك مفروق وإن تجلى
من كلمة وجزئها فالمرفو = أو ركبا ملفق والخلف
في النقط إن يوجد فالمصحف = أو حركات فهو المحرف
أو عدد فناقص بحرف = في أول أو وسطه أو طرف
مطرف مكتنف مردوف = مذيل إن زيدت الحروف
أو نوع حرف لم يكن بأكثر = من واحد في أول أو آخر
أو وسط ثم إذا تقاربا = مضارع ولاحق إن جانبا
تملت فإن تناسبا في اللفظ = كالضاد والظاء فذاك اللفظي
وإن يخالف في ترتب دعى = بالقلب في الكل وفي البعض رعى
فإن يقع في أول البيت وفي = آخره فهو مجنح قفى
وفوق حرف أو لا متوج = وإن تواليا فذا المزدوج
وإن يكن تجاذب الطرفان = مشوش قد زاد في التبيان
وبالجنس ألحقوا شيئين = أحدهما تشابه اللفظين
قلت وذا تجانس الإطلاق = والآخر الجمع في الاشتقاق
قلت الجناس المعنوي أن تضمرا = ركنيه والمرادفين تذكرا
وذكره لواحد وما ردف = أو ما يدل بإشارة عرف
ثم توسط الجناس قررا = وشرط حسن فيه أن لا يكثرا
فإن يصر تورية وانحصرا = في واحد فقد علا وافتخرا]
من أنواع البديع اللفظية الجناس بين اللفظين، وهو تشابهما في اللفظ، والجناس مصدر جانس ويسمى التجنيس والمجانس والتجانس. قال في كنز البراعة: ولم أر من ذكر فائدته وخطر لي أنها الميل إلى الإصغاء فإن مناسبة الألفاظ تحدث ميلا وإصغاء إليها، ولأن اللفظ المشترك إذا حمل على معنى ثم جاء والمراد به آخر كان للنفس تشوف إليه. قال الشيخ بهاء الدين: والعبارة الثانية قاصرة على بعض أنواعه. قال وكفى بالتجنيس فخرا مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال «غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله وعصية عصت الله ورسوله» وهو من تجنيس الاشتقاق. قلت وفي بعض طرقه «وتجيب أجابت الله ورسوله» وقد صرح الأندلسي بأن الجناس أشرف الأنواع اللفظية. ثم الجناس أنواعه كثيرة وقد أفرده الصلاح الصفدي بتأليف سماه جنان الجناس.
[الأول. التام] بأن يتفقا في أعداد الحروف وأنواعها وترتيبها وهيئاتها، وهو أقسام:
أحدها المماثل، بأن تكون الكلمتان من نوع واحد كاسمين أو فعلين أو حرفين كقوله تعالى ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة قيل ولم يقع منه في القرآن غير هذه الآية. واستنبط شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر آية أخرى هي يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار، يقلب الله الليل والنهار، إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار وقوله صلى الله عليه وسلم للصحابة حين نازعوا جريرا «دعوا جريرا والجرير» أي زمامه. قلت لم أتف على هذا الحديث ولكن وجدت قوله صلى الله عليه وسلم «من تعلم صرف الكلام ليسحر به قلوب الناس لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا» رواه أبو داود الصرف الأول فصل الكلام كما فسره به أبو عبيدة والثانية النافلة أو التوبة وقوله من أمر بمعروف فليكن أمره ذلك بمعروف وقوله «أول من يدخل النار سلطان لم يعدل في سلطانه»
[شرح عقود الجمان: 143]
رواهما الديلمي وقول ابن الرمي:
للسود في السود آثار تركن بها = وقعا من البيض تثنى أعين البيض
الثاني: المستوفى بأن كانا من نوعين كاسم وفعل أو حرف كحديث الصحيحين «إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في امرأتك» وقوله:
وسميته يحيى ليحيى فلم يكن = لأمر قضاه الله في الناس من بد
وقوله:
ما مات من كرم الزمان فإنه = يحيا لدي يحيى بن عبد الله
الثالث: جناس التركيب، وهو التام الذي أحد لفظيه مركب وهو قسمان، ملفوف وهو ما تركب من كلمتين تامتين أو ثلاث كلمات، ومرفو وهو ما تركب من كلمة وبعض أخرى أو من كلمة وحرف من حروف المعاني وكل منهما إما متشابه بأ، يتفقا في الخط أو مفروق بأن يختلفا فيه ثم قد يكون ذلك في متفقتين أو مختلفتين مثال الملفوف المتشابه قول البستي.
إذا ملك لم يكن ذاهبه = فدعه فدولته ذاهبة
وقول الآخر:
عضنا الدهر بنابه = ليس ما حل بنا به
ومثال المفروق قول البستي:
كلكم قد أخذ الجا = م ولا جام لنا
ما الذي ضر مدير = الجام لو جاملنا
وقوله أيضًا:
وإن أقر على رق أنامله = أقر بالرق كتاب الأنام له
ومثال المرفو وهو من زيادتي وذكره في الإيضاح مفروقا قول الحريري:
والمكر مهما اسطعت لا تأته = لتفتني السودد والمكرمه
وقوله أيضًا:
ولا تله عن تذكار ذنبك وابكه = بدمع يحاكي المزن حال مصابه
ومثل لعينيك الحمام ووقعه = وروعة ملقاه ومطعم صابه
ومنه الحديث:
باسم الإله وبه بدينا = وحبذا ربا وحب دينا
ومثله قولي:
وكلما مات نحو حب = لا بد لي فيه من رقيب
فليس ينأى فواعنائي = وليس ينفك قدر قيب
وقوله * فلاح لي أن ليس فيهم فلاح * الرابع: الجناس التام الملفق، وهو من زيادتي أيضًا وهو المتركب ركناه وعده نوعا آخر غير المركب الحاتمي وابن رشيق وأصحاب البديعيات وغالب المؤلفين لم يفرقوا بينهما كقوله:
وكم بجباه الراغبين إليه من = مجل سجود في مجالس جود
وقول البستي:
إلى حتفي سعى قدمي = أرى قدمي أراق دمي
وقوله:
فلم تضع الأعادي قدر شأني = ولا قالوا فلان قد رشاني
قلت وينبغي أن يجعل هذا أيضًا نوعين: أحدهما ما توافقا خطا كالبيت الأخير. والثاني ما تخالفا كالبيت الأول والثاني يسمى الأول الموافق والثاني المفارق.
[والثاني: من أنواع الجناس ما وقع الاختلاف فيه في هيئات الحروف] وهو نوعان:
أحدهما: المصحف بأن اختلف الحروف في النقط وهو من زيادتي وبعضهم يسميه جناس الخط ويكون في نوع أو نوعين مختلفين كقوله تعالى والذي هو يطعمني ويسقين وذا مرضت فهو يشفين وحديث الطبراني «إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله تعالى في هلاكها» وحديث الصحيحين «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا» وقول علي رضي الله تعالى عنه قصر ثوبك فإنه أتقى وأنقى وأبقى.
الثاني: المحرف بأن وقع الاختلاف في الحركات ويكون في نوع أو نوعين وتارة يجتمع التصحيف
[شرح عقود الجمان: 144]
والتحريف، وتارة يقع الاختلاف في الحركة فقط أو السكون فقط أو فيهما. ومنه أيضًا مفرد ومركب والمركب ملفوف ومرفو، وكلاهما مفروق ومشتبه كقوله تعالى وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا وقوله صلى الله عليه وسلم «ما حسن الله خلق رجل ولا خلقه فتطعمه النار» رواه الطبراني، وقوله «إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف» رواه الحاكم، وقوله «الدين شين للدين» رواه الديلمي، وقوله «جبة البرد جنة البرد» وروى الديلمي حديث «الشيطان يهم بالواحد والاثنين فإذا كانوا ثلاثة لم يهم بهم» وحديث «مكتوب في الإنجيل اتق الله ثم ثم حيث شئت» وقول ابن نباتة:
قوامك تحت شعرك يا أمامه = غدا لك حاملا علم الإمامة
ويعزي لعلي رضي الله تعالى عنه غرّك عزك، فصار قصار ذلك ذلك، فاحش فاحش فعلك فعلك بهذا تهدي، ولغيره رب رب غنى غبى شرته فجاءه فجأة بعد بعد عشرته عسرته فهاتان القطعتان فيهما غالب أنواع هذا القسم فغرك عزك مصحف محرف مفرد من نوعين، وقوله فصار قصار ذلك فاحش فاحش فعلك فعلك بهذا تهدى كذلك لكنه مرفو مشتبه وذلك ذلك كذلك لكنه ملفوف من نوع ورب رب من نوعين محرف مفرد وقس الباقي.
[الثالث: من أنواع الجناس الناقص] بأن يختلفا في عدد الحروف، وهو قسمان:
أحدهما: أن يقع الاختلاف بحرف واحد، إما في الأول أو الوسط أو الطرف ويكون في نوع أو نوعين.
فالأول: سميته أنا بالمردوف، لأن حرف الزيادة مردوف بما وقع فيه التجانس كقوله تعالى والتف الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق وحديث الصحيحين «الإيمان يمان» وحديث الطبراني «ترك الوصية عار في الدنيا ونار وشنار في الآخرة» وحديث الديلمي «الحدة لا تكون إلا في صالحي أمتي ثم تفيء».
والثاني: سميته أنا بالمكتنف لأن حرف الزيادة فيه مكتنف: أي متوسط بين ما اكتنفاه كقولهم جدي جهدي وحديث أحمد «الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ الشاة الشاذة» وحديث مسلم «ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء» وحديث الطبراني «ماذا يرجو الجار من جاره إذا لم يرفقه بأطراف خشبة في جداره» وحديث البخاري في النفر الثلاثة «أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه» وحديث الديلمي «ما بعث الله نبيا إلا وقد أمه بعض أمته».
والثالث: سماه في التلخيص بالمطرف لأن الزيادة وقعت فيه في الطرف كحديث أحمد «من آوى ضالة فهو ضال» وقوله * يمدون من أيد عواص عواصم * وقوله:
وسألتها بإشارة عن حالها = وعلي فيها للوشاة عيون
فتنفست صعدا وقالت ما الهوى = إلا الهوان أزيل منه النون
فقولي مردوف إلخ لف ونشر لما قبله والأولان من زيادتي. القسم الثاني: أن يقع الاختلاف بأكثر من حرف وسماه في التلخيص مذيلا وهو مخصوص بما كانت الزيادة فيه في الآخر فإن كانت في الأول فسماه بعضهم متوجا كما بينته من زيادتي وسماه في كنز البلاغة ترجيعا لأن الكلمة رجعت بذاتها بزيادة وقد يكون في الوسط أيضًا وينبغي أن يسمى الزائد ويكون من نوع أو نوعين مثال المذيل قوله تعالى وانظر إلى إلهك وحديث الديلمي «هل لك في الغذاء يا هلال» بين الجوانح.
ومثال المتوّج قوله تعالى إن ربهم بهم، وقوله من آمن بالله وحديث الشيخين «في الحبة السوداء
[شرح عقود الجمان: 145]
الشفاء من كل داء» وحديث الديلمي «ضع بصرك موضع سجودك» وقول البستي:
أبا العباس لا تحسب بأني = بشيء من حلى الأشعار عاري
فلي طبع كسلسال معين = زلال من ذرى الأحجار جاري
الرابع: ما وقع الاختلاف فيه في أنواع الحروف، ويشترط أن يكون بأكثر من حرف واحد وألا يبعد التشابه ويفقد التجانس، ويسمى هذا النوع تجنيس التصريف، وهو قسمان ما يكون التخالف بحرف مقارب في المخرج وما يكون بغيره، والأول يسمى المضارع، والثاني اللاحق وكل منهما إما في الأول أو في الأوسط أو في الآخر ويكون من نوع أو نوعين.
فالأول: من المضارع نحو يبني وبين كنى ليل دامس وطريق طامس، وحديث ابن السيني وغيره «ما أضيف شيء إلى شيء أفضل من علم إلى حلم» وحديث الطبراني «زر غبا تزدد حبا» ومن اللاحق قوله تعالى ويل لكل همزة لمزة وحديث الترمذي «أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر» وحديث الطبراني «التجار هم الفجار» وحديثه «الحمد لله الذي حسن خلقي وزان مني ما شان من غيري».
والثاني: من المضارع كحديث «تعوذوا بالله من طمع يهدي إلى طبع» وقوله تعالى وهم ينهون عنه وينأون عنه ومن اللاحق كقوله تعالى وإنه على ذلك لشهيد، وإنه لحب الخير لشديد وحديث الطبراني «لولا رجال ركع وصبيان رضع وبهائم رتع» وقوله تعالى ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون.
والثالث: من المضارع كحديث الصحيحين «الخيل معقود في نواصيها الخير» ومن اللاحق نحو وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به وحديث الطبراني «لن تفنى أمتي حتى يظهر فيهم التمايز والتمايل» وحديث الديلمي «أحب المؤمنين إلى الله من نصب نفسه في طاعة الله ونصح لأمة محمد» وحديث الترمذي «دب إليكم داء الأمم» وسمى قوم هذا النوع المطمع لأنه لما ابتدأ بالكلمة على وفق الحروف التي قبلها طمع في أنه يجانسها بمثلها جناسًا مماثلاً، وبقى قسم آخر نبهت عليه من زيادتي، وهو أن يكون المبدّل مناسبًا للآخر مناسبة لفظية ويسمى اللفظي كالذي يكتب بالضاد والظاء نحو وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة والتاء والهاء نحو جبلت القلوب على معاداة المعاداة والنون والتنوين كقول الأرجاني:
وبيض الهند من وجدى هواز = بإحدى البيض من عليا هوازن
والنون والألف كقول ابن العفيف التلمساني:
أحسن خلق الله وجها وفما = إن لم يكن أحق بالحسن فمن
الخامس: ما وقع الاختلاف فيه في ترتيب الحروف ويكون أيضًا من نوع أو نوعين فإن كان في كل الحروف فقاب كل نحو حسامه فتح لأوليائه حتف لأعدائه أو بعضها فقلب بعض كقوله تعالى فرقت بين بني إسرائيل وحديث الصحيحين «اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا» وحديثهما «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان لعنتها الملائكة» وحديث «يقال لصاحب القرآن يوم القيامة اقرأ وارق» وحديث الديلمي «ما ذهب بصر عبد فصبر إلا دخل الجنة» فهذه الخمسة أنواع أصول الجناس وتحت كل نوع منها أقسام كما ترى.
النوع السادس: تجانس الإطلاق، وجعله في التلخيص والذي بعده ملحقًا بالجناس ويسمى أيضًا المشابهة والمقاربة والمغايرة وإيهام الاشتقاق وهو أن يجتمع اللفظان في المشابهة فقط نحو قال إني لعملكم من القالين، وجنى الجنتين، وإن يردك بخير فلا راد لفضله، ليريه كيف يوارى سوأة أخيه -
[شرح عقود الجمان: 146]
وحديث أحمد «ما من حاكم بين الناس إلا حشر يوم القيامة وملك آخذ بقفاه حتى يقف به على جهنم» وحديث «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك وإن أفتاك المفتون» على رواية فتح الميم وضم النون مفردًا من الفتنة.
النوع السابع: تجنيس الاشتقاق: وهو أن يجتمعا في أصل الاشتقاق ويسمى أيضًا المقتضب نحو فأقم وجهك للدين القيم. فروح وريحان «الظلم ظلمات يوم القيامة». قال كشاجم في خادم أسود ظالم:
يا مشبها في فعله لونه = لم يخط ما أوجبت القسمة
فعلك من لونك مستخرج = والظلم مشتق من الظلمة
النوع الثامن: الجناس المعنوي: وهو من زيادتي ولم يتعرض له في الإيضاح أيضا ولا ذكره ابن رشيق ولا ابن أبي الأصبع ولا أبو منقذ وذكره جماعة وبالغوا في ظرفه، وهو نوعان تجنيس إضمار وتجنيس إشارة. فالأول وهو أصعب مسلكا أن يضمر الناظم ركني التجنيس ويأتي في الظاهر بما يرادف المضمر للدلالة عليه كقول ابن عبدون في الخمر وقد صارت خلا:
ألا في سبيل اللهو كأس مدامة = أتتنا بطعم عهده غير ثابت
حكت بنت بسطام بن قيس عشية = وأمست كجسم الشنفرا بعد ثابت
وبنت بسطام اسمها الصهباء والشنفرا قال:
اسقنيها يا سواد بن عمرو = إن جسمي بعد خلى لخل
الخل هو الرقيق المهزول وظهر من كناية اللفظ الظاهر جناسان مضمران في صهباء وخل وخل وكقول الصفي:
وكل لحظ أتى باسم ابن ذي يزن = في فتكه بالمعنى أو أبي هرم
اسم ابن ذي يزن سيف وأبو هرم اسمه سنان فظهر له جناسان مضمران من كناية الألفاظ.
والثاني ويسمى أيضًا تجنيس الكناية وهو أن يقصد المجانسة في بيت بين الركنين فلا يوافقه الوزن على إبرازهما فيضمر الواحد ويعدل إلى مرادف فيه كناية عن المضمر أو إلى لفظة فيها كناية لفظية تدل عليها وهذا القسم ذكره الفخر الرازي في نهاية الإيجاز والطيبي في التبيان ومثلاً له بقوله:
حلقت لحية موسى باسمه = وبهرون إذا ما قلبا
أراد أن يقول موسى فلم يساعده الوزن فعدل إلى قوله باسمه ومثله قول دعبل في سلمى امرأته:
إني أحبك حبا لو تضمنه = سلمى سميك دق الشاهق الراسي
في سميك كناية لطيفة أشعرت أن الركن المضمر في سلمى، فظهر جناس الإشارة بين الظاهر والمضمر في سلمى وسلمى الذي هو الجبل، ومن الإشارة التي دل عليها المرادف قول عقيلة لما أراد قومها الرحيل من بني نهلان وتوجه منهم جماعة يحضرون الإبل:
فما مكثنا دام الجمال عليكما = بنهلان إلا أن تشد الأباعي
أرادت أن تجانس بين الجمال والجمال فلم يساعدها الوزن ولا القافية فعدلت إلى مرادفة الجمل بالأباعي [وللجناس أقسام باعتبارات أخر]. أحدها: المزدوج، ويسمى أيضًا المكرر وهو أن يتوالى متجانسان كقوله تعالى وجئتك من سبأ بنبأ يقين وحديث «من حسن الله خلقه وخلقه كان من أهل الجنة» رواه أبو الشيخ وابن حبان وحديث «المؤمنون هينون لينون». وقول البحتري:
من كل ساجي الطرف أغيد أحيد = ومهفهف الكشحين أحوى أحور
ثانيها المجنح : وهو أن يقع أحد المتلونين أول البيت والآخر آخره كقوله:
[شرح عقود الجمان: 147]
لاح أنوار الهدى = من كفه في كل حال
ثالثها المشوّش: بفتح الواو وهو من زيادتي وذكره في الإيجاز والتبيان وغيرهما، وهو كل تجنيس يتجاذبه الطرفان من الصنعة كقولهم مليح البلاغة، أنيق البراعة، لو اتحدت اللامان كان مضارعا، أو العينان كان مصحفا ومنه حديث أبي داود وسوء الخلق شؤم لو اتحد أول الكلمة كان مطرفا أو حذفت الميم كان مصحفا وحديث الترمذي وغيره منى مناخ من سبق لو اتحدت حركات الميمات كان في الكلمات الثلاث جناس مطرف أو حذفت الخاء كان محرفًا.
ثم نبهت من زيادتي على أن الجناس نوع متوسط في البديع ليس كالتورية والاستخدام والطباق ونحوها، واتفقوا على أنه إنما يحسن إذا قل فإن كثر سمج وخرج إلى حد النزول بخلاف التورية ونحوها، فإن جعل الجناس تورية وانحصر المعنيان في ركن واحد فقد علت رتبته وارتفعت وصارت تسمى بالتورية التامة. مثال ذلك قول صاحب الجناس المركب:
أعن العقيق سألت برقا أومضا = أ أقام حاد بالركائب أو مضى
فقال من جعله تورية:
وإذا تبسم ضاحكا لم ألتفت = إن عاد برفا في الدياجي أو مضى
ومن أمثلة هذا النوع قول شيخ الإسلام أبي الفضل بن حجر:
سألت من لحظه وحاحبه = كالقوس والسهم موعدا حسنا
ففوق السهم من لواحظه = وانقوس الحاجبان واقترنا
وقول ابن مكانس:
أقول لحبي قم ومس يا معذبي = كميسة خود حرّك السكر رأسها
ولا نسه عن شيء إذا ما حكيتها = فقام كغصن البان لينا وما سها
وقولي:
وقائل إذا قطعت بدرا = ببقعة صعبة الموالج
بما تسمى هذى وماذا = أصنع فيها فقلت عالج
[ومنه رد عجز لصدر = إن تقع اللفظة صدر النثر
وشبهها في ختمه والشعر = في آخر وشبهها في الصدر
لذلك المصراع أو صدر اللذا = قبل كذا في حشوه أو ختم ذا]
من الأنواع اللفظية رد العجز على الصدر، أو يسمى التصدير وهو في النثر أن تقع اللفظة أوله ومثلها أو مجانسها أو الملحق بها آخره، وهو معنى قولي وشبهها نحو وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ونحو استغفروا ربكم إنه كان غفارا ونحو سائل اللئم يرجع ودمعه سائل، وحديث الشيخين «من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح».
وفي الشعر أن يكون أحد اللفظين المذكورين في آخر البيت والآخر في صدر المصراع الثاني، وهو معنى قولي في الصدر لذلك المصراع أو صدر المصراع الأول أو حشوه أو آخره فالأول كقوله:
وإن لم يكن إلا معرج ساعة = قليلا فأني نافع لي قليلها
وقوله:
وقد كانت البيض القواضب في الوغي = بواتر وهي الآن من بعده بتر
وقوله:
أملتهم ثم تأملتهم = فلاح لي أن ليس فيهم فلاح
والثاني كقوله:
سريع إلى ابن العم يلطم وجهه = وليس إلى داعي الندى بسريع
وقوله:
دعاني من ملامكما سفاها = فداعي الشوق قبلكما دعاني
[شرح عقود الجمان: 148]
الثالث كقوله:
إذا المرء لم يخزن عليه لسانه = فليس على شيء سواه بخزان
الرابع كقوله:
فمشغوف بآيات المثاني = ومفتون برنات المثاني
وقوله:
فدع الوعيد فما وعيدك ضائري = أطنين أجنحة الذباب يضير
وإن انضم إلى التصدير تورية علا قدره كما تقدم في الجناس كقول ابن الوردى:
مطرزة مثل بدر السماء = تنمق وجه الضيا بالظلم
سبى حسنها عقل تطريزها = ألم تره ليس يشكو ألم
[قلت فان قافية تعاد في = أول تال فهو تسبيغ وفي
ومنه تطريز وذا أن تذكرا = عدة أسماء وبعد تخبرا
بصفة كررتها ومنه = تعديدك الأوصاف فردا عنه
تنسيقهم قلت صفات العظمة = تلاحمت مستحسنا ملتئمة]
هذه الأبيات من زيادتي فيها أنواع لفظية:
أحدها: التسبيغ بسين مهملة وغين معجمة، وهو أن يعاد لفظ القافية في أول البيت الذي يليها وسماه قوم تشابه الأطراف وقد تقدم أنه اسم لغير ذلك كقول أبي نواس:
خزيمة خير بني حازم = وحازم خير بني دارم
ودارم خير تميم وما = مثال تمي في بني آدم
الثاني: التطريز، وهو أن يتبدئ بذكر جمل من الذوات غير مفصلة ثم يخبر عنها بصفة واحدة مكررة بحسب العدد الذي أتى به كقول ابن الرومي:
قرون في رءوس في وجوه = صلاب في صلاب في صلاب
وقول ابن المعتز:
كأن الكأس في يدها وفيها = عقيق في عقيق في عقيق
فثوبى والمدام ولون خدي = شقيق في شقيق في شقيق
الثالث: التعديد، ذكره الفخر الرازي وغيره، وذلك أن يوقع أسماء مفردة على سياق واحد فإن روعى فيه طباق أو جناس أو ازدواج أو مقابلة فهو الغاية في حسن هذا النوع كقوله تعالى ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وحديث «كفى بالمرء في ذنبه أن يكثر حظه وينقص عمله وتقل حقيقته جيفة بالليل بطال بالنهار كسول جزوع منوع هلوع رتوع» رواه في الحلية، وقول المتنبي:
فالخيل والليل والبيداء تعرفني = والسيف والرمح والقرطاس والقلم
الرابع: التنسيق، ويسمى حسن النسق، وهو كما في شرح الفوائد الغيائية: أن يذكر الشيء بصفات متوالية، وفي شروح البديعيات أن يأتي بكلمات من النثر والشعر متلائمات متلاحمات تلاحمًا سليمًا مستحسنًا لا معيبًا مستهجنًا، وتكون جملها ومفرداتها متسقة متوالية إذا أفرد منها البيت قام بنفسه واستقل معناه بلفظ كقوله:
بيض الوجوه كريمة أحسابهم = شم الأنوف من الطراز الأول
وقوله:
سل عنه وانطق به وانظر إليه تجد = ملء المسامع والأوفاه والمقل
[وإن يجيء لفظ فصيح وارد = ما غيره يسد فالفرائد
[شرح عقود الجمان: 149]
وإن يجيء وغيره سد وله = تخصص تنكيتهم فاستعمله]
هذان النوعان من زيادتي، وهما مختصان بالفصاحة دون البلاغة. فالفرائد أن يأتي بلفظة فصيحة تنزل من الكلام منزلة الفريدة من العقد، وتدل على فصاحة المتكلم بها بحيث لو سقطت لم يسد غيرها مسدها كقوله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم فالرفث فريدة لا يقام غيرها مقامها، وقوله تعالى أهش بها على غنمي فأهش فريدة يعز على الفصحاء الإتيان بمثلها ومنه قولهم أنعم صباحا، والتنكيت أن يقصد إلى لفظ يسد غيره مسده لولا نكتة فيه ترجح اختصاصه بالذكر لكان القصد إليه دون غيره خطأ، ومنه في القرآن العظيم وأنه هو رب الشعرى خص الشعرى بالذكر دون سائر النجوم وهو رب كل شيء لأن من العرب من عبد الشعرى فأنزل الله ذلك ردًا على من ادّعى فيها الإلهية. قالت الخنساء:
يذكرني طلوع الشمس صخرا = وأذكره لكل غروب شمس
خصت هذين الوقتين بالذكر، وإن كانت تذكره كل وقت لما فيهما من النكتة المتضمنة المبالغة في الوصف بالشجاعة والكرم لأن طلوع الشمس وقت الغارات وغروبها وقت وقود النيران للقرى.
[السجع أن تواطأ الفواصل = في ختمها بواحد والفاضل
ما استوت القرينتان ثم أن = يطول ثان ثم ثالث ومن
طول الأولى زائدا لم يحسن = وكل الإعجاز ابنها وسكن
وفي القرآن قل فواصل ولا = يقال أسجاع فعنها قد علا
قلت وخير السجع ما قل إلى = عشرة وضعفها ما طولا]
السجع مأخوذ من سجع الحمام وهو عند أهل الفن تواطؤ الفاصلتين من النثر على حرف واحد، وهو معنى قولهم: السجع في النثر كالقافة في الشعر، ومن الناس من قبحه لحديث «أسجعا كسجع الجاهلية» ورد بأنه إنما أنكر سجع الجاهلية لا مطلق السجع. قال ابن النفيس: ويكفي في حسنه ورود القرآن به، ولا يقدح في ذلك خلوه في بعض الآيات، لأن الحسن قد يقتضي المقام الانتقال إلى أحسن منه. وقال الخفاجي السجع محمود لا على الدوام، ولذلك لم تجيء فواصل القرآن كلها عليه، واختلف هل يجوز أن يقال في فواصل القرآن أسجاع أم لا؟ والأدب المنع لقوله تعالى كتاب فصلت آياته فسماه فواصل فليس لنا أن نتجاوزه، ولأنه يشرف عن أن يشارك الكلام الحادث في اسم السجع، ولأن السجع في الأصل هدير الحمام ونحوه، والقرآن يشرف عن أن يستعار له لفظ في أصل الوضع لطائر، ورجح القاضي أبو بكر الباقلاني في الانتصار جواز تسمية الفواصل سجعا، وعليه قال الخفاجي الفواصل ضربان: ما يكون سجعا، وهو ما تماثلت حروفه في المقاطع ولم تتماثل، وأفضل السجع ونحوه ما استوت قرائنه نحو في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود ويليه ما طالت قرينته، الثانية نحو والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى والثالثة نحو خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة الآية، ولا يحسن أن يؤتى بقرينة أقصر مما قبلها بكبير، ويجوز بقدر يسير. وقال الخفاجي لا يجوز أن تكون الثانية أقصر من الأولى، وقال ابن الأثير الأحسن في الثانية المساواة وإلا فأطول قليلا، وفي الثالثة أن تكون أطول. وقال غيره الأحسن في الفقرة المختلفة أن تكون الثانية أزيد من الأولى بقدر يسير لئلا يبعد على السامع وجود القافية فتذهب اللذة، واحترز بذلك عن المرصع ونحوه. وقال أهل الفن قصر الفقرات يدل
[شرح عقود الجمان: 150]
على قوة المنشئ، وأقل ما يكون كلمتان نحو: يا أيها المدثر قم فأنذر الآيات، وإلا كثر ما زاد على ذلك وقال ابن الأثير السجع قصير وهو أحسن، وكلما قل كان أحسن نحو: فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر، والعاديات ضبحا الآيات. وطويل وهو أسهل، وهو ما زاد على عشر كلمات إلى العشرين وقد أشرت إلى خلاصة هذه النقول في النظم من زيادتي، وقولي وكل الإعجاز إلخ أي يجب بناء الإعجاز أي أواخر الأسجاع على السكون ليتم التواطؤ والتزاوج كقولهم. ما أبعد ما فات وما أقرب ما هو آت:
[ثم اللتان وزنها ذو خلف = مطرف وإن وفاقا تلفي
وليس ما في أول مقابلا = وزنا ولا تتفية لما تلا
فالمتوازي ضده مرصع = أو خص بالعجزين فالمصرع
وإن تكن قد ساوت المقارنة = في الوزن لا تتفية موازنة
فإن تكن أفرادها مقابلة = يقال في أوزانها مماثلة]
السجع أقسام أحدها المطرف. وهو أن تختلف الفاصلتان في الوزن ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا وكقولهم: جنابه محط الرحال ومخيم الآمال.
الثاني المتوازي: وهو ما اتفقا وزنا ولم يكن ما في الأولى مقابلاً لما في الثانية في الوزن والتقفية كقوله تعالى فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة وقوله صلى الله عليه وسلم «اللهم أعط كل منفق خلفًا وكل ممسك تلفًا».
الثالث المرصع: وهو أ؛سن من قول التلخيص الترصيع كما قال الشيخ بهاء الدين لموافقة قولنا مطرف ومتوازي، وهو ما كان في الأولى مقابلاً لما في الثانية وزنًا وتقفية كقوله تعالى إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم وقول الحرير: يطبع الأسجاع بجواهر لفظه، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه، فإن كان معه زيادة طباق أو مقابلة أو جناس زاد في الحسن كقوله صلى الله عليه وسلم «الطاعم الشاكر كالصائم الصابر» رواه الترمذي وقول الشاعر:
فحريق جمرة سيفه للمعتدى = ورحيق خمرة سيبه للمعتفى
وقولهم إذا قلت الأنصار كلت الأبصار، وقولهم ما وراء الخلق الدميم إلا الخلق الذميم.
الرابع المصرع: وهو من زيادتي، وذكره في الإيضاح وهو توافق آخر المصراع الأول وعجز المصراع الثاني في الوزن والروى والإعراب، وأليق ما يكون في مطالع القصائد كقول امرئ القيس في أول معلقته:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل = يسقط اللوى بين الدخول فحومل
وقد يأتي في الأثناء كقوله فيها:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلى = بصبح وما الإصباح منك بأمثل
وقسمه في التبيان إلى ثمانية أقسام:
أحدها: وهو الكامل أن يكون مستقلاً في فهم المعنى كقول المتنبي:
إذا كان مدحا فالنسيب المقدم = أكل فصيح قال شعرا متيم
الثاني: أن يكون مستقلاً وله رابطة بالثاني كقول أبي تمام:
ألم يأن أن تروى الظماء الحوائم = وأن ينظم الشمل المبدّد ناظم
الثالث: أن يكون غير مستقل كقوله:
[شرح عقود الجمان: 151]
مغاني الشعب طيبا في المغاني = بمنزلة الربيع من الزمان
الرابع: أن يكون معلقًا على صفة في أول الثاني كقوله: ألا انجلى.
الخامس: أن يكون لكل منهما في التقديم معنى، وهو في الحسن يلي الأول كقوله:
من شروط الصبوح في المهرجان = خفة الشرب مع خلو المكان
السادس: أن يكون لفظ العجز حقيقة وهو مذموم كقوله:
وكل ذي غيبة يثوب = وغائب الموت لا يثوب
السابع: أن يكون مجازا كقوله:
فتى كان شربا للعفاة ومرتعا = فأصبح للهندية البيض مرتعا
الثامن: أن يتخالف لفظ العجزين ويتوافقا في الموازنة وهو أقبح الكل كقوله:
أقلني قد ندمت على الذنوب = وبالإقرار عدت من الجحود
(الخامس: الموازنة) وهي تساوى القرينتين في الوزن دون التقفية نحو ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة.
(السادس: المماثلة) بأن تساويا في الوزن دون التقفية وتكون أفراد الأولى مقابلة لما في الثانية على حدّ ما تقدم في المتوازي والمرصع كقوله تعالى وآتيناهما الكتاب المستبين وهديناهما الصراط المستقيم وقول أبي تمام:
مها الوحش إلا أن هاتا أوانس = قنا الخط إلا أن تلك ذوابل
[وقيل لا يختص بالتنثير = ومنه ما يدعون بالتشطير
في كل شطر سجعتان اتفقا = وخالف الآخر ما قد سبقا
وسم بالتسميط إن توالت = ثلاثة وبالوفاق وافت
وأن يسجع كله وجزءه = مخالفًا جزءا بجزء تجزئه]
ذهب بعضهم إلى أن السجع لا يختص بالنثر بل قد يكون في النظم كقول أبي تمام:
تجلى به رشدي وأثرت به يدي = وفاض به ثمدي ووارى به زندي
ومنه على هذا القول نوع يسمى بالتشطير، وهو أن يجعل كل من شطري البيت سجعتين متفقتين في الروي، وروي اللتين في الصدر مخالف لروي اللتين في العجز كقول أبي تمام:
تدبير معتصم بالله منتقم = لله مرتقب في الله مرتغب
وقول مسلم بن الوليد:
موف على مهج في يوم ذي رهج = كأنه أجل يسعى إلى أمل
ومنه نوع يسمى بالتسميط ذكرته من زيادتي، وهو مثل التشطير إلا أن السجعة الأولى من المصراع الثاني موافقة للتين في المصراع الأول في الروي كقول الصفي:
فالحق في أفق والشرك في نفق = والكفر في فرق والدين في حرم
ومنه قول الآخر:
هم القوم إن قالوا أصابا وإن دعوا = أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
وقول شيخ الإسلام أبي الفضل بن حجر:
خان الأمانة واستن الخيانة واستثنى الديان جان ثمرة العطب
وسلك ابن مالك فيه طريقة أخرى فقسمه إلى تسميط وتقطيع وتبعيض
[شرح عقود الجمان: 152]
فالأول: ما كان كل الأجزاء فيه على سجع يخالف الروي ثم تارة تتفق الأجزاء في التفصيل فيختص باسم الموازنة كقوله:
أفاد فجاد وساد فزاد = وقاد فذاد وعاد فأفضل
هذا النوع ذكره الصفي وتارة لا كقوله:
وأسمر مثمر بمزهر نضر = من مقمر مسفر عن منظر حسن
والثاني: ما كان بعض الأجزاء فيه مخالفًا للروي، ثم منه ما سجعه على المقاطع ومنه ما ليس كذلك كقوله هم القوم البيت.
والثالث: كقول الخنساء:
حامي الحقيقة محمود الخليقة = مهدي الطريقة نفاع وضرار
ومنه نوع آخر يسمى بالتجزئة، ذكرته أيضًا من زيادتي، وهو أن يأتي ببيت ويجزئه جميعه ويسجعها جميعًا على وزنين مختلفين جزء بجزء، وأحدهما على روى يخالف روى البيت، والثاني على روى البيت، وعبارة المصباح أن يأتي بمقاطع أجزاء البيت على سجعتين متداخلتين أولهما مخالف للروي، والثاني موافق كقول الصفي:
ببارق خذم في مارق أمم = أو شائق عرم في شاهق علم
وقول الآخر:
هندية لحظاتها خطية = خطراتها دارية نفحاتها
[والانسجام ما علا تسهلا = عذوبة ومن عقادة خلا
وغالبا في النثر إذما انسجما = من غير قصد قديري منتظما]
هذا النوع من زيادتي والانسجام أن يكون الكلام لخلوه من العقادة كانسجام الماء في انحداره ويكاد لسهولة تركيبه وعذوبة ألفاظه أن يسيل رقة، وغالب ما يأتي ذلك إذا لم يقصدوا فيه نوعا من أنواع البديع يحصل به التكلف بل يأتي ذلك ضمنا من غير قصد، وإذا كان الانسجام في النثر فغالبا تكون قراءته موزونة بلا قصد لقوة انسجامه وشواهد ذلك ما وقع في القرآن موزونا بلا قصد فمنه من بحر الطويل فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ومن المديد واصنع الفلك بأعيننا، ومن البسيط فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم، ومن الوافر ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين، ومن الكامل والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، ومن الهزج فألقوه على وجه أبى يأت بصيرا، ومن الرجز، ودانية عليها ظلالها وذلت قطوفها تذليلا، ومن الرمل وجفان كالجواب وقدور راسيات، ومن السريع، أو كالذي مر على قرية، ومن المنسرح إنا خلقنا الإنسان من نطفة، ومن الخفيف، لا يكادون يفقهون حديثا، ومن المضارع يوم التناد يوم تولون مدبرين، ومن المقتضب في قلوبهم مرض، ومن المجتث نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم، ومن المتقارب وأملي لهم إن كيدهم متين.
[ومنه قلب عكسه إذا سلك = كطرده كمثل كل في فلك]
من أنواع القلب، ويسمى المقلوب المستوي وما لا يستحيل بالانعكاس، وهو أن يكون عكس البيت كطرده أي يقرأ بعكس حروفه من الآخر إلى الأول كما يقرأ من الأول إلى الآخر، وغايته أن يكون رقيقا منسجما بلا تكلف. قال تعالى كل في فلك وربك فكبر، ومن الكلام الذي رق لفظه أرض خضراء وقول قاضي القضاة شرف الدين بن البازي * سور حماه بربها محروس * ومر القاضي الفاضل على العماد الكاتب وهو راكب، فقال له: سر فلا كبابك الفرس. فأجابه على الفور دام
[شرح عقود الجمان: 153]
علا العماد، وأحسن ما قيل من النظم قول الأرجاني:
مودته تدوم لكل هول = وهل كل مودته تدوم
وقول الآخر * أرانا الإله هلالا أنارا * قال الشيخ بهاء الدين وبقى نوع آخر يقال له قلب الكلمات كقوله:
عدلوا فما ظلمت لهم دول = سعدوا فما زالت لهم نعم
بذلوا فما شحت لهم شيم = رفعوا فما زلت لهم قدم
فهو دعاء لهم، وإذا قلبت كلماته صار دعاء عليهم.
[والحرف من قبل الروى يلزم = فسمه لزوم ما لا يلزم]
كقوله تقهر وتنهر صدركا = وزرك ظهرك وبعد ذكركا]
من الأنواع لزوم ما لا يلزم ويسمى الالتزام والاعنات، وهو أن يلتزم الناثر أو الشاعر حرفا قبل الروى كالآيات المشار إليها في النظم وكقوله تعالى فلا أقسم بالخنس الجار الكنس وقوله صلى الله عليه وسلم «من صام ثلاثة أيام من كل شهر فذلك صوم الدهر» رواه ابن ماجه عن أبي ذر وقوله «كل ما أصميت ودع ما أنميت» رواه الطبراني عن ابن عباس وقوله «من عفا عند القدرة عفا لله عنه يوم العسرة» رواه الطبراني عن أبي أمامة، وقول ابن عمر البر شيء هين وجه طلق وكلام لين رواه ابن لال في مكارم الأخلاق وفي الشعر منه شيء كثير وقد يقع الالتزام في أكثر من حرف كقول أبي العلاء:
كل واشرب الناس على خبرة = فهم يمرون ولا يعذبون
ولا تصدقهم إذا حدثوا = فإنني أعهدهم يكذبون
وأن أروك الود عن حاجة = ففي حبال لهم يجذبون
[قلت فإن كان اللزوم في الروى = أو كلمات فهي تضييق قوي]
هذا النوع اخترعته وسميته بالتضييق بأن يلتزم في الروى أمرًا لا يلزم، وإنما لم يذكروه لظنهم أن الروى يلزم أن يكون على حرف واحد فلا يقع فيها التزام ما لا يلزم وأشرت بما ذكرته إلى أن الروى قد يكون مثلاً على الهاء فيلتزم أن لا يأتي بها ضميرًا أو الألف فيلتزم أن لا يأتي بها ألف إطلاق وقد عمل العماد الأصبهاني قصيدة هائية لا ضمير فيها وادعى البراعة وعارضه أبو اليمن الكندي بقصيدة مطلعها:
هل أنت راحم عبرة وتوله = ومجير صب عند ماعنه نهى
هيهات يرحم قاتل مقتوله = وسنانه في القلب غير منهه
من ملّ من داء الغرام فإنني = مذحل بي مرض الهوى لم أنته
عارضها البهاء السبكبي بقصيدة وابن نباتة والصلاح الصفدي ولي في ذلك قصيدة ذكرتها في طبقات النحاة ويلحق بذلك ما إذا التزم أمرًا في كل كلمات البيت أو الرسالة وللصرصري قصائد التزم في كل كلمة منها صادا وقصائد التزم في كل كلمة منها عينا، وللحريري رسالة التزم في كل كلمة منها سيئا أولها باسم القدوس استفتح وباسعاده أستنجح سجية سيدنا سيف السلطان سدها سيدنا الاسفهسلار والسيد النفيس سيد الرؤساء حرست نفسه واستنارت شمسه وبسق غرسه واتسق أنسه استمالة الجليس مساهمة الأنيس ومواساة السحيق والنسيب ومساعدة الكسير والسليب إلى آخرها.
[ومنه تشريع ان يبنى على = قافيتين البيت كل قد حلا
وهو الذي أبدعه الحريري = ووسمه التوأم ذو التحرير]
[شرح عقود الجمان: 154]
هذا النوع اخترعه الحريري وهو أول من أبدعه كما بينته من زيادتي. قال الشيخ بهاء الدين وتسميته بالتشريع عبارة لا يناسب ذكرها لأنه خاص بما يتعلق بالشرع المطهر حتى قال القائل:
ليتهم سموه باسم غير ذا = إنما التشريع دين قيم
وسماه ابن أبي الأصبع التوأم وهي تسمية مطابقة للمسمى كما ذكرته من زيادتي لأن معناه أن يبني الشاعر بيته على وزنين من أوزان العروض فإذا أسقط منها جزءًا أو جزءين صار الباقي بيتًا من وزن آخر ثم تارة يكون الإسقاط من آخر النصف الثاني كقول الحريري:
يا خاطب الدنيا الدنية إنها = شرك الردى وقرارة الأ:دار
دار متى ما أضحكت في يومها = أبكت غدا بعدا لها من دار
وتارة يسقط من آخر كل نصف من البيت كقول الصفي:
فلو رأيت مصابي بعد ما رحلوا = رثيت لي من عذابي يوم بينهم
وقد يبنى على أكثر من قافيتين كقول الحريري:
جودى على المتقدر الصب الجوى = وتعطفي بوصاله وترحمي
ذا المبتلى المتفكر القلب الشجي = ثم اكشفي عن حاله لا تظلمي
فإنه يصح حذف وترحمي ولا تظلمي وحذف بوصاله وعن حاله وحذف وتعطفي وثم اكشفي.
تنبيه: قيل إن التشريع قد يأتي في سجع النثر أيضًا قال الأندلسي والحق أن حسنه لا يظهر إلا في النظم لأن فيه الانتقال من وزن إلى وزن بخلاف النثر.
[قلت الروى إذ لا شيئا يصلح = فذلك التخيير خذ ما يرجح
وإن تجيء قافية كملها = فذلك التمكين مهد قبلها
ومنه أن تأتلف المعاني = صحيحة توافق الأوزان
أو وافق الألفاظ والأوزان = وضده الطاعة والعصيان
والوصل والقطع وفقط الأحرف = تركه حذف وبالخلف يفي]
هذه الأبيات كلها من زيادتي، وفيها أنواع.
أحدها التخيير: وهو كون الروى من البيت أو السجعة صالحا لعدة ألفاظ فيتخير له كلمة منها كقوله:
إن الغريب الطويل الذيل ممتهن = فكيف حال غريب ماله قوت
فإنه يصلح محله:
ماله بيت ماله مال = ماله سبب ماله أحد
الثاني: التمكين، ويسمى ائتلاف القافية وهو أن يمهد الناثر للسجعة أو الناظم للقافية تمهيدًا تأتي القافية فيه متمكنة مستقرة في قرارها غير نافرة ولا قلقة ولا مستدعاة بما ليس له تعلق بلفظ البيت ومعناه بحيث أن منشد البيت لو سكت كملها السامع بطبعه بدلالة ما قبل عليها كقول المتنبي:
يا من يعز علينا أن نفارقهم = وجداننا كل شيء بعدكم عدم
الثالث: ائتلاف المعنى مع الوزن وهو أن تأتي المعاني في الشعر صحيحة لا تضطر في الوزن إلى قلب ولا خروج عن الصحة كما فعل عروة بن الورد حيث قال:
فإني لو شهدت أبا سعاد = غداة غد بمهجته يفوق
فديت بنفسه نفسي ومالي = وما آلوه إلا ما أطيق
أراد أن يقول فديت نفسه بنفسي ومالي فألجأته ضرورة الوزن إلى القلب.
[شرح عقود الجمان: 155]
الرابع: ائتلاف اللفظ مع الوزن قال قدامة وهو أن تكون الأسماء والأفعال تامة لا يضطر الشاعر إلى نقصها أو لزيادة عليها أو تقديم أو تأخير كما وقع للفرزدق في قوله:
وما مثله في الناس إلا مملكا = أبو أمه حي أبوه يقاربه
الخامس: الطاعة والعصيان وهو أن يقصد الشاعر نوعا من أنواع البديع فيعصيه الوزن ويطيعه لنوع آخر كقول أبي الطيب:
يردّ يدا عن ثوبها وهو قادر = ويعصي الهوى في طيفها وهو راقد
قال المعزى، وهو مخترع هذا النوع أراد أن يقول وهو مستيقظ بحيث يطيعه الطباق مع قوله وهو راقد فلم يطعه الوزن وأطاعه لفظة قادر فحصل بها الجناس المقلوب.
السادس: الحذف وهو أن يحذف المتكلم من كلامه حروفًا من حروف الهجاء، بلا تكلف ولا تعسف بأن يحذف كل حرف موصول ويأتي بالجمعي مقطوعه أو عكسه أو يحذف كل حرف منقوط ويأتي بالجميع مهملة أو عكسه أو يأتي بكلامه متخالفًا حرف منه موصول وحرف مقطوع أو حرف معجم وحرف مهمل أو كلمة كل حروفها معجمة وكلمة كل حروفها مهملة، وهكذا أو يلتزم حذف حرف واحد كالألف نبه على ذلك الرازي في نهاية الإيجاز وللحريري من ذلك أشياء في المقامات مثال الأول كقولهم كما أورده الرازي في نهاية الإيجاز:
وزر دار زرزور ودار زرارة = ودار رداح إن أدرت دواء
وقولي في بديعيتي:
روض ودم وأرح ردد وودوزر = وازر ووال دواداء وزد ورم
ومثال الثاني قول الحريري: فتنتني فجنتني الأبيات الآتية، ومثال الثالث قول الحريري الحمد لله المحمود الآلاء، الممدوح الأسماء، الواسع العطاء، المدعو لحسم اللأواء، مالك الأمم، ومصور الرمم، وأهل السماح والكرم، ومهلك عاد وإرم، أدرك كل سر علمه، ووسع كل مصر حلمه، الخطبة بكمالها كل حروفها مهملة، وعندهم أن التاء التي تكتب هاء في هذا النوع حكمها حكم المهمل وقوله:
أعدد لحسادك حد السلاح = وأورد الآمل ورد السماح
وصارم اللهو ووصل المها = وأعمل الكوم وسمر الرماح
واسع لإدراك محل سما = عماده لا لأدراع المراح
الأبيات، ومثال الرابع قوله:
فتنتني فجننتني تجني = بتجن يفتن غب تجني
شغفتني بجفن ظبي غضيض = غنج يقتضي تقيض جفني
غشيتني بزينتين فشفتني = بزي يشف بين تثني الأبيات
ومثال الخامس في رسالة الحريري، ومثال السادس قول الحريري أيضًا في رسالته الرقطاء أخلاق سيدنا تحب، وبعقوته يلب، وقربه تحف، ونأيه تلف، ومن نظمها:
فلا خلا ذا بهجة = يمتد ظل خصبه
فإنه بر بمن = آنس ضوء شهبه
زان مزايا ظرفه = بلبس خوف ربه
ومثال السابع قوله:
اسح فبث السماح زين = ولا تحب آملا يضيف
[شرح عقود الجمان: 156]
ومثال الثامن:
ولا تجز رد ذي سؤال = فتن أم في السؤال خفف
[واللفظ إذا يقرؤه الألثغ لا = يعاب قد سميته المنتحلا]
هذا النوع اخترعته وسميته المنتحل والمنتقي والمتحرى، وهو أن يختار لفظ إذا قرأه الألثغ لا يعاب عليه تحريا وقد رأيت في ذلك بيتين في الراء لبعض الأقدمين وهما:
من شاء جمع معان قد خصصت بها = وجاوزت كل حد لم بنل وطرا (وطغا)
وكيف يسطاع أن تحصى فضائلها = وزندك الفرد مهما تقتدحه ورا (وغا)
وقيل في ذلك:
وذات وجهين أتت بدعة = غايتها في الحسن لا تبلغ
قافية رائية قيل لا = يعاب في إنشادها الألثغ
وقد عملت منه أبياتا في الراء والسين فمن الأول قولي:
(غاية) راية العلم لم تزل = تنصب في المحافل
ووهى كل خامل = في فنا الجهل رافل (غافل)
وقولي من يحز الفضل فأصحابه = ألسنها بذمه سائرة (سائغة)
ومن يصغ نظما فأعداؤه = للقدح في مقصوده صائره (صائغة)
ومن الثاني قولي:
وبدر شكا عينيه والضعف فيهما = فأفديه من بدر تحامل عن حس (حث)
أحاشيه من تعليقه بتمائم = وأرقيه بالذكرى من العين والنفس (والنفث)
الحث بالمثلثة قذى العين.
[وأصل حسن ما مضى أن يتبعا = اللفظ معنى دون عكس وقعا]
أصل الحسن في الأنواع اللفظية أن تكون الألفاظ تابعة للمعاني لا أن تكون المعاني تابعة للألفاظ بأن يؤتي بألفاظ متكلفة مصنوعة المعنى كما يفعله من له شغف بإيراد المحسنات اللفظية، فيجعل الكلام كأنه غير مسوق لإفادة المعنى ولا يبالي بخفاء الدلالة وركاكة المعاني فإذا تركت المعاني على سجيتها طلبت لأنفسها ألفاظًا تليق بها وعند ذلك تظهر البلاغة ويتميز الكامل من القاصر.
[خاتمة] قد أوردنا في النظم من أنواع البديع ما لا يحصى مما هو في التلخيص وما زدناه عليه وتقدم في المعاني والبيان أنواع نبهنا عليها في خاتمة كل من العلمين ويأتي في خاتمة السرقات أنواع وهي: الإبداع وسلامة الاختراع والإغراب والتوليد والعكس والتبديل وحسن الاتباع والمواردة والاقتباس والتضمين وهو استعانة ورفو وإبداع والتفصيل والعقد والحل والتلميح والعنوان وبراعة الاستهلال والتخلص والمطلب والاختتام. وقد رأيت أن أورد هنا قصيدة من البديعيات ليكون كل بيت منها شاهدًا لنوع من الأنواع المتقدمة فاخترت بديعية ابن حجة لاشتمال كل بيت منها على تسمية النوع الذي فيه على سبيل التورية، أنشدني صديقنا الحافظ نجم الدين بن فهد بمكة المشرفة شرفها الله تعالى قال أنشدني التقي أبو بكر بن حجة لنفسه يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
لي في ابتداء مدحكم يا عرب ذي سلم = (براعة) تسهل الدمع في العلم
لله سربي فسربي طلقوا وطني = (وركبوا) في ضلوعي (مطلق) السقم
ورمت (تلفيق) صبري كي أرى قدمي = يسعى معي فسعى لكن أراق دمي
[شرح عقود الجمان: 157]
(وذيل) الهم همل الدمع لي فجرى = (كلاحق) الغيث حيث الأرض في ضرم
يا سعد ما (تم) لي سعد (يطرفني) = بقربهم وقليل الحظ لم يلم
هل من يفي ويقي إن صحفوا عذلي = (وحرفوا) وأتوا بالكلم في الكلم
قد فاض دمعي وقاظ (القلب) إذا سمعا = (لفظي) عذل ملا الأسماع بالألم
أيا معاذ أخا الخنساء كنت لهم = يا (معنوي) فهدوني بجورهم
واستطردوا خيل صبرى عنهم فكبت + وقصرت كليالينا بوصلهم
وكان غرس التمني يانعا فذوى = (بالاستعارة) من نيران هجرهم
(واستخدموا) العين مني وهي جارية = وكم سمحت بها أيام عسرهم
والبين (هالزني) بالجد حين رأى = دمعي وقال تبرد أنت بالديم
(قابلتهم) بالرضا والسلم منشرحا = ولوا غضابا فيا حربي لغيظهم
وما أروني (التفاتا) عند نفرتهم = وأنت يا ظبي أدري بالتفاتهم
تغزلي (وافتناني) في شمائلهم = أضحى رثا لاصطباري بعد بعدهم
قالوا نرى لك لحما بعد فرقتنا = فقلت (مستدركا) لكن على وضم
(فالطى والنشر) والتغيير مع قصر = للظهر والعظم والأحوال والهمم
بوحشة بدلوا أنسي وقد خفضوا = قدري وزادوا غلوا في (طباقهم)
(نزهت) لفظي عن فحش وقلت هم = عرب وفي حبهم يا غربة الذمم
(تخيروا) لي سماع العذل وانتزعوا = قلبي وزادوا نحو لي مت من سقم
وزاد (بهام) عذلي عاذلي ودجي = ليلى فهل من بهيم يشتفى أملي
وكم (تمثلت) إذا أرخوا شعورهم = وقلت بالله خل الرقص في الظلم
ذل العذول بهم وجدا فقلت له = (تهكما) أنت ذو عز وذو شمم
قال اصطبر قلت صبرى ما (يراجعني) = قال احتمل قلت من يقوى لصدهم
(توشيحهم) يملا تلك الشعور إذا = لفوه طيا تعرفنا بنشرهم
(شابهت أطراف) أقوالي فان أهم = أهم إلى كل واد في صفاتهم
(إار) الناس في حب الرقيب فمذ = أراه أبسط آمالي بقربهم
والله ما طال (تذليل) اللقاء بهم = يا عاذلي وكفى بالله في القسم
خشن ألن احزن افرح امنع اعط أنل = (فوف) أجد وش رقق شدحب لم
يا عاذلي أنت محبوب لدى فلا = (توارب) العقل مني واستفد حكمي
(جمع الكلام) إذا لم تغن حكمته = وجوده عند أهل الذوق كالعدم
إني (أناقضهم) إن أزمعوا ونأوا = وجر نمل ثبير إثر عيسهم
ألم أصرح (بتصدير) المديح لهم = ألم أهدّد ألم صبر ألم ألم
(قولي) له (موجب) إذ قال أشفقهم = تسل قلت بناري يوم فقدهم
وكم (بمعرض مدح) قد هجوتهم = وقلت سدتم بحمل الضيم والتهم
عفت الندود فلم (أستثن) بعدهم = إلا معاطف أغصان بذي سلم
طاب اللقا لد (تشريع) الشعور لنا = على النقا فنعمنا في ظلالهم
بكل بدر بليل الشعر يحسده = بدر السماء على (التتميم) في الظلم
[شرح عقود الجمان: 158]
وافتر عجبا (تجاهلنا بمعرفة) = قلنا أبرق بدا أم ثغر مبتسم
لما (اكتفى) خده القائي بحموته = قال العواذل بغضا إنه لدمي
ذكرت نظم اللآلي والحباب له = (راعي النظير) بثغر منه منتظم
ونلت ردك موج كي (أمثله) = بالبحر قال قد استسمنت ذا ورم
وأسود الحال في نعمان وجنته = لي منذر منه (بالتوجيه) للعدم
يا نفس ذوقي ( عتابي) قد دنا أجلى = مني ولم تقطعي آمال وصلهم
برئت من أربى والعز من شيمي = إن لم أبر بنأى عنهم (قسمي)
ومن غدا قسمه التشبيب في غزل = (حسن التخلص) بالمختار من قسمي
محمد بن الذبيحين الأمين أبو البتول = خير نبي في (إطرادهم)
عين الكمال كمال العين رؤيته = يا (عكس) طرف من الكفار عنه عمى
أبدى البديع له الوصف البديع وفي = نظم البديع حلا (ترديده) بضمي
(تكرير) مدحي حلا في الزائد الكرم = ابن الزائد الكرم ابن الزائد الكرم
(ومذهبي في كلامي) أن بعثته = لو لم تكن ما تميزنا على الأمم
فمامه وافر والزهد (ناسبه) = وحلمه ظاهر عن كل محترم
(ووشع) العدل منه الأرض فانشحت = بحلة الأمجدين العهد والذمم
آدابه تممت لا نقص يدخلها = الوجه (تكميله) في غاية العظم
قالوا هو البدر و (التفريق) يظهر لي = في ذاك نقص وهذا كامل الشيم
وانشق من أدب له بلا كذب = شطرين في قسم (تشطير) ملتزم
والبدر في التمّ كالعرجون صار له = فقل لهم يتركوا (تشبيه) بدرهم
ورد شمس الضحى للقوم خاضعة = وما ليوشع (تلميح) بركبهم
(شيئان قد أشبها شيئين) فيه لنا = تبسم وعطا كالبرق في الديم
كذا (انسجام) دموعي في مدائحه = بالله شنف بها يا طيب النغم
وإن ذكرت زمانا ضاع من عمري = في غير (تفصيل) مدحي صحت واندمي
(نوادر) المدح في أوصافه نشقت = منها الصبا فأتتنا وهي في شمم
(بالغ) وقل كم جلا بالنور ليل وغى = والشهب قد عميت من عثير الدهم
لو شاء (إغراق) من ناواه مدّ له = في البر بحرا بموج منه ملتطم
بلا (غلو) إلى السبع الطباق سرى = وعاد والليل لم يجفل بصبحهم
سهل شديد له (بالمعنيين) بدا = (تألف) في العطا والدين للعظم
لا الخير من (إيجابه) أبدا = ولا يشين العطا بالمن والسأم
للجود في السير (إيغال) إليه وكم = حبا الأنام بود غير منصرم
(تهذيب تأديبه) قد زاده عظما = في مهده وهو طفل غير منفطم
بحر وذو أرب بر وذو رحب = (لم يستحل بانعكاس) ثابت لاقدم
أوصافه الغر قد حلت (بتورية) = جيدي وعقد لساني بعد ذا وفمي
من اعتدى فبعد وإن (يشاكله) = لحكمة هو فيها خير منتقم
(جمع) الأعادي (بتقسيم) يفرقه = فالحي للأسر والأموات للضرم
[شرح عقود الجمان: 159]
سناه كالبرق إن أبدوا ظلام وغي = والعزم كالبرق في (تفريق جمعهم)
ومن (إشارته) في الحرب كم فهم الـ = أنصار معنى به فازوا بنصرهم
(توليد) نصرتهم يبدو بطلعته = ما السبعة الشهب ما توليد رملهم
قالوا طويل نجاد السيف قلت وكم = لنأوه ألسن (تكنى) عن الكرم
آدابه وعطاياه ورأفته = سجية ضمن (جمع) فيه ملتئم
(إيجابه) بالعطايا ليس (يسلبه) = ويسلب المن منه سلب محتشم
هداه (تقسيمه) حالي به صلحت = حيا وميتا ومبعوثا مع الأمم
(أوجز) وسل أول الأبيات عن مدح = فيه وسل مكة يا قاصد الحرم
بالحجر ساد فلا ند (يشاركه) = حجر الكتاب المبين الواضح اللقم
(نصريع) أبواب عدن يوم بعثهم = يلقاه بالفتح قبل الناس كلهم
فلا (اعتراض) علينا في محبته = فهو الشفيع ومن يرجوه يعتصم
وما لنا من رجوع عن حماه بلى = لنا (رجوع) عن الأوطان والحشم
(ترتب) الحيوانات السلام له = والنبت حتى جماد الصخر في الأكم
محمد أ؛مد المحمود مبعثه = كل من الحمد تبيين (اشتقاقهم)
ووصفه لابنه قد جاء تسمية = فإنه حسن حسب (اتفاقهم)
(إبداع) أخلاقه إبداع خالقه = في زخرف الشعر فاسجع بهم وهم
فالخير (ماثله) والعفو جاوره = والعدل جانسه في الحكم والحكم
ألحق بحصر جميع الأنبياء به = (فالجزء يلحق بالكلى) للعظم
وشم وميض بروق من (فرائده) = وانظم حنانيك عقدا غير منفصم
يس زادت على لقمان حكمته = وبان (ترشيحه) في ن والقلم
به العصا أثمرت عزا لصاحبها = موسى وكم قد محت (عنوان) سحرهم
كذا الخليل (بتسهيم) الدعاء به = أصابهم ونجا من حر نارهم
شملي (بتطريز) مدحي فيه منتظم = يا طيب منتظم فهي ومنتظم
وآله البحر آل ان يقس بندى = كفوفهم فافهموا (تنكيت) مدحهم
وفي الوغى (رادفوا) السن القنا سكنا = من العدا في محل النطق بالكلم
(وأودعوا) للثرى أجسامهم فشكت = شكوى الجريح إلى العقبان والرخم
والبعض ماتوا من (التوهيم) واطرحوا = والسمر قد قبلتهم عند موتهم
وكلما (ألغزوه) حله لسن = مذ طال تعقيده أزرى بفهمهم
وقده (باختراع سالم) ألف = يبدو بترويسه من رأس كل كمي
وصحبه بالوجوه البيض يوم وغى = كم (فسروا) من بدور في دجى الظلم
ذكراه يطربهم والسيف ينهل من = أجسامهم لم يشن (حسن ابتاعهم)
كأنما الهام أحداق مسهدة = ونومها (واردته) في سيوفهم
هذا وتزداد إيضاحًا مخافتهم = في كل معترك من بطش ربهم
ما العود إن فاح نشرا أو شذا طربا = يوما بأطيب من (تفريع) وصفهم
من ذا (يناسقهم) من ذا يطابقهم = من ذا يسابقهم في حلبة الكرم
[شرح عقود الجمان: 160]
(نعديد) فضلهم يبدي لسامعه = علما وذوقا وشوقا عند ذكرهم
نعم وقد طاب تعليل النسيم لنا = لأنه مر في آثار تربهم
(تعطف) الخير كم أبدوا لمذنبهم = والخير ما زال في أبواب صفحهم
يحمون (مستتبعين) العفو إن ظفروا = ويحفظون وفاهم حفظ دينهم
(طاعاتهم) تقهر (العصيان) قدرهم = له العلو فجانسه بمدحهم
(في معرض الذم) إن رمت (المديح) فقل = لا عيب فيهم سوى إكرام وفدهم
هم معشر (بسطو) جودا سقاه حيا = وأخب العيش في أكناف أرضهم
نور القبائل ذو النورين ثلثهم = وللمعل (اتساع) ف يعليهم
(جمعت مؤتلفا) فيهم (ومختلفا) = مدحا وقصرت عن أوصاف شيخهم
(تعريض) مدح أبي بكر يقدمني = في سبق حليهم مع موصليهم
نعم (ترصع) شعري واعتلت هممي = وكم ترفع قدري وانجلت غممي
(سجعي) ومنتظمي قد أظهرا حكمي = وصرت كالعلم في العرب والعجم
(نسميط) جوهره يافي بأبحره = ورشف كوثره يروى لكل ظمي
لأن مدح رسول الله (ملتزمي) = فيه ومدح سواه ليس من لزمي
إذا (تزاوج) وانفردت له = بالمدح فزت ونجاني من النقم
وريت في كلمي (جزأت) من قسمي = أبديت من حكمي جليت كل عمي
لي في المعاني جنود في البديع وقد = (جردت) منها لمدحي فيه كل كمي
وهو (المجاز) إلى الجنات إن عمرت = أبياته بقبول سابغ النعم
(تألف اللفظ والمعنى) بمدحته = والجسم عندي بغير الروح لم يقم
(واللفظ والوزن) في أوصافه (ائتلفا) = فما يكون مديحي غير منسجم
(والوزن) صح (مع المعنى تألفه) = بمدحه فأتى بالدر ف يالكلم
(واللفظ باللفظ) في التأسيس مؤتلف = في كل بيت بسكان البديع سمى
(تمكين) سقمي بدا من خيفة حصلت = لكن مدائحه قد أبرأت سقمي
وقد أمنت وزال الخوف (منحذفا) = نحو العدو ولم أحقر ولم أضم
واخضر أوسد عيشي حين (دبجه) = بياض حظي ومن زرق العداة حمى
وقلت يا ليت قومي يعلمون بما = قد نلت كي يلحظوني (باقتباسهم)
يا رب (سهل طريقي) في زيارته = من قبل أن تعتريني شدة الهرم
حتى يبث بديعي في محاسنه = (حسن البيان) وأشدو في حجازهم
قد عز (إدماج( شوقي والدموع لها = على بهار خدودي صبغة الغم
فان أتف غير مطرود بحجرته = لم (احترس) بعدها من كيد مختصم
وفي (براعة) ما أرجوه من طلب = إن لم أصرح فلم أحتج إلى الكلم
قد صح (عقد) بياني في مناقبه = وإن منه لسحرا غير سحرهم
تمت (مساواة) أنواع البديع به = لكن تزيد على ما في بديعهم
حسن ابتدائي به أرجو التخلص من = نار الجحيم وأرجو (حسن مختتمي)
[شرح عقود الجمان: 161]

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثاني, القسم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir