(1) مَا زَالَ بِصِفَاتِهِ قَدِيمًا قبلَ خَلْقِهِ.
(2) لمْ يَزْدَدْ بِكَوْنِهِم شيئًالم يَكُنْ قَبْلَهُم من صِفَتِهِ.
(1) تَقَدَّمَ قَوْلُ المُصَنِّفِ: (قَدِيمٌ بِلَا ابْتِدَاءٍ)، فهو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ، ومعنى ذلك: أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِصِفَاتِ الكَمَالِ، فَصِفَاتُهُ تكونُ أَزَلًا وَأَبَدًا، فَكَمَا أَنَّهُ أَوَّلٌ بَلَا بدايةٍ، فكذلكَ صِفَاتُهُ، فَإِنَّهَا تكونُ تَابِعَةً لَهُ سُبْحَانَهُ، فهي أَوَّلِيَّةٌ بِأَوَّلِيَّةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فلم يَكُنْ أَوَّلًا بِلَا صِفَاتٍ ثم حَدَثَتْ لَهُ الصفاتُ بَعْدَ ذلكَ كما يَقُولُهُ أَهْلُ الضلالِ، الذينَ يقولونَ: لمْ تَكُنْ لهُ صِفَاتٌ في الأَزَلِ ثم كانتْ لهُ صفاتٌ؛ لِئَلَّا يَلْزَمَ على ذلك تَعَدُّدُ الآلِهَةِ – كَمَا يَزْعُمُونَ – أو تَعَدُّدُ القُدَمَاءِ، وَتَكُونَ الأسماءُ والصفاتُ شَرِيكَةً للهِ في أَوَّلِيَّتِهِ. فَنَقُولُ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ ! هذا يُلْزِمُ عليه أنْ يَكُونَ اللَّهُ نَاقِصًا – تَعَالَى اللَّهُ - في فَتْرَةٍ، ثم حَدَثَتْ لهُ الصِّفَاتُ وَكَمُلَ بها، تَعَالَى عَمَّا يقولونَ، ولا يلزمُ من قِدَمِ الصفاتِ قِدَمُ الأَرْبَابِ؛ لِأَنَّ الصفاتِ لَيْسَتْ شيئًا غيرَ الْمَوْصُوفِ في الخارجِ، إِنَّمَا هِيَ معَانٍ قَائِمَةٌ بالموصوفِ، لَيْسَتْ شَيْئًا مُسْتَقِلًّا عن الموصوفِ، فإذا قُلْتَ مَثَلًا: (فَلَانٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، عَالِمٌ فَقِيهٌ، لُغَوِيٌّ نَحْوِيٌّ) فهَلْ معنى هذا أنَّ الإنسانَ صَارَ عددًا من الأشخاصِ، فلا يَلْزَمُ من تَعَدُّدِ الصفاتِ تَعَدُّدُ الموصوفِ، كما يَقُولُهُ أصحابُ الضلالِ.
فاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْسَ لِصِفَاتِهِ بِدَايَةٌ كما أَنَّهُ ليسَ لِذَاتِهِ بِدَايَةٌ، فَيُوصَفُ بأنَّهُ الخالقُ دَائِمًا وَأَبَدًا.
وَأَمَّا أَفْعَالُهُ سُبْحَانَهُ، فهي قَدِيمَةُ النَّوْعِ حَادِثَةُ الآحَادِ.
فاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُتَكَلِّمٌ قبلَ أن يَصْدُرَ مِنْهُ الكلامُ، وَخَالِقٌ قبلَ أنْ يَصْدُرَ منهُ الخلقُ. وَأَمَّا أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ وَيَخْلُقُ، فَهَذِهِ أَفْعَالٌ مُتَجَدِّدَةٌ وَهَكَذَا.
(2) أي: خَلَقَ الخلقَ. ولا نقولُ: لم يَصِرْ خَالِقًا إِلَّا بَعْدَ أنْ خَلَقَهُم، بلْ هو يُسَمَّى خَالِقًا من الأزلِ، لا بِدَايَةَ لذلكَ، أَمَّا خَلْقُهُ إِنَّمَا هو مُتَجَدِّدٌ.