المصحف والمحرف
# فرق ابن حجر العسقلاني بين المُصحّف والمُحرّف بينهما قرر الشيخ سعد بن عبد الله الحميد أن العلماء في كتب المصطلح اعتبروهما نوعًا واحدًا.
#التصحيف موجود إلى يومنا هذا ومن ذلك تصحيف القارئ لمختصر سيرة ابن هشام للشيخ محمد بن عبد الوهاب، لفظ (كنانة) إلى (كنافة) !
# ينشأ التصحيف غالبًا من عدم الجلوس إلى الشيوخ لذلك وإنَّما يَأخذونَ العلْمَ عن الصُّحُفِ؛ ولذلكَ قِيلَ للَّذِي يُصحِّفُ: إنَّهُ صُحُفِيٌّ.
# بيان معنى المُصحّف والمُحرف بالتفريق بينهما:
** المصحف والمحرف يكون في السند والمتن، ولكن يكثر في المتن على السند.
** المُصحّف:
* المراد بالمُصَحّف
مخالفة بتغيير (نقط) حرف أو حروف مع بقاء صورة الخط في السياق
مثال: يسار وبشار.
* سبب التصحيف:
- أن الكتب لم تكن منقوطة بداية.
- ما لم يكن الإمام ناقدًا عارفًا بطبقات الرواة والشيوخ والتلاميذ ونحو ذلك لن يتمكن من التحديد.
- نشأ التصحيف في الكتب المخطوطة من الوراقين وهم ناسخو الكتب، لأنه ليس لديهم العلم والنقد الكافي للتمييز بين أسماء الرواة، مع عدم النقط.
- الوراق هو إنسان مستأجر ينسخ، واستبدلوا في العصر الحالي بالمطابع.
* مثال واقعي على التصحيف:
- تصحيف الإمام يحيى بن معين لـ ( العوّام بن مُراجم) إلى (العوّام بن مزاحم)
- تصحيف أبو جَمْرَةَ بنُ عِمرانَ الضُّبَعِيُّ إلى أبي حمزة، بسبب شهرة اسم (حمزة ) على (جمرة)
** المُحرّف:
*المراد بالمُحرّف
مخالفة بتغيير (شَكل) حرف أو حروف مع بقاء صورة الخط في السياق
مثال:
- عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ، إلى عُبَيْدةُ.
- بَشيرٌ وبُشَيْرٌ.
* المؤلفات في المُصحف والمُحرف:
- صنف فيه الدراقطني، والشيخ سعد الحميد ذكر أنه غير موجود.
- تَصحيفاتُ الْمُحَدِّثِينَ) للعَسْكَرِيِّ، حقَّقَهُ الشيخُ مَحمودٌ الميرةُ، يَقَعُ في ثلاثِ مُجَلَّدَاتٍ.
- أفرد الخطيب البغدادي له فصلا في (الجامعُ لأخلاقِ الرَّاوِي وآدابِ السامعِ).
-- التنبيه على ما ذكره الخطيب في كتابه بشأن تصحيف الإمام عثمان بن أبي شيبة، وعبد الله بن الإمام أحمد.
-- الذهبي اعتذر لابن أبي شيبة وقال أنه كان يداعب والأولى التدقيق في الأخبار عنه، فالأغلب أنها لا تصح.
-- ما نُسب إليهما لا يحصل لصغار القراء فكيف بالأئمة.
هذه تكون في النهاية
* حكم تعمد تغيير المتن بالنقص أو المرادف:
الصحيح في المسألتين أنه لا يجوز لغير العالم بمدلولات الألفاظ وما يحيل المعنى.
وهذه تكون بعد البيان للمصحف والمحرف
#على القول بأن المُصحّف والمُحرّف بمعنى واحد:
قسموا التصحيف إلى:
1. تصحيف معنوي:
- يقع في متن الحديث.
- لا يتغير شيء في لفظ الحديث لا شكله ولا نقطه.
- فهم معنى الحديث هو الذي يتغير.
- مثال:
1. فهم أبي موسى الزّمن من قبيلة عنزة لحديث: (إذا أَرادَ أنْ يُصَلِّيَ تُغْرَسُ بينَ يَدَيْهِ الْعَنَزَة)، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى القبيلة، والعنَزَة الحربة تُتخذ سُترة في الصلاة.
2. فهم بعضهم للحديث السابق أنه صلاة إلى شاة، أورده السيوطي في تدريب الراوي.
3. حديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم أَنْ يَسْقِيَ الرَّجُلُ مَاءهُ زَرْعَ غَيْرِهِ، وهو كناية عن النهي عن أن يطأ الرجل المسبية قبل أن يستبرئ رحمها، حمله البعض على ظاهره من سقي أرض الغير، أورد هذا المثال ابن الجوزي وربما نقله عن الخطابي أو الدراقطني.
4. تصحيف ابن شاهين لحديث (لعن الله الذين يُشققون الخُطب) إلى الحطب. [لكن هذا لفظي !]، أورده الشيخ سعد ضمن الأمثلة على التصحيف المعنوي.
2. تصحيف لفظي:
- يقع في الإسناد أو المتن.
- مثال الإسناد: تصحيف الإمام يحيى بن معين لـ ( العوّام بن مُراجم) إلى (العوّام بن مزاحم)
- مثال المتن: تصحيف ابن لهيعة لحديث أن ( النبي احتجر في المسجد) إلى (احتجم)
- ينقسم التصحيف اللفظي إلى أقسام:
1. تصحيف بصري:
- السبب: عدم النقط، أو العجلة، أو تقارب النقط.
- مثال: تصحيف ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ...)) إلى شيئا من شوال.
بسبب عدم النقط ولم يكونوا يهمزون.
2. تصحيف سمعي:
السبب: الكلمات التي تتقارب في مخارج الحروف مع بعد السامع عن الشيخ أو سهوه.
مثال: عاصم الأحول وواصل الأحدب.
# حكم اختصار الحديث:
جائز على قول الأكثرين، بشرط:
- أن يكون المختصر عالمًا فلا ينقص من الحديث إلا ما ليس له تعلق بما يبقيه، بحيثُ لا تختَلِفُ الدَّلاَلَةُ ولا يَخْتَلُّ البيانُ حتى يكونَ المذكورُ والمحذُوفُ بِمَنْـزِلَةِ خَبَرَيْنِ.
- مثال: حديث ((لا يُتَفَرَّقَنَّ عَنْ بَيْعٍ إِلاَّ عَنْ تَرَاضٍ))، فلا يَجوزُ اختصارٌ بحَذْفِ الاستثناءِ؛ لأنَّ الاستثناءَ مُهِمٌّ جِدًّا.
# حكم الرواية بالمعنى:
- الخلاف فيها شهير.
- الأولى رواية الحديث بلفظه، والتزم الإمام مسلم بذلك ربما لمعاصرته لشيوخه عند تأليف الكتاب فسهل الرجوع إليهم لضبط اللفظ.
- الإمام البخاري يرى جواز الرواية بالمعنى وهذا واضح في صحيحه.
- قال القاضي عِيَاضٌ: (يَنْبَغِي سَدُّ بِابِ الرِّوَايةِ بالمعنَى؛ لئَلاَّ يَتَسَلَّطَ مَنْ لا يُحْسِنُ مِمَّنْ يَظُنُّ أنَّهُ يُحْسِنُ، كما وقعَ لكثيرٍ من الرُّوَاةِ قديمًا وحَدِيثًا واللهُ الْمُوَفِّقُ).
- من العلماء من منع الرواية بالمعنى منعًا تامًا مثل محمد بن سيرين وحكى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه لا بُدَّ أنْ يُؤَدَّى الحديثُ بنَفْسِ اللَّفْظِ.
-- الاستدراك على هذا القول: أن بعض الصحابة رووا بألفاظ مختلفة تؤدي نفس المعنى، واستدركوا (أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم))
- واحتج القائلون بالجواز على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانهم للعارف به، فالرواية بالمعنى بالعربية أولى.
- وقيده البعض بأمور:
1. منهم من جعله في المفردات دون المركبات.
- مثال: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ))، وَ((مَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْهُ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ))
لكن لو قال أن النبي صلى الله عليه وسلم تهدد من يسمع منه الحديث ويؤديه بلفظ آخر) فهذا فهم معنى مغاير للكذب.
2. منهم من جعله جائزًا لمن يستحضر اللفظ فيتمكن من التصرف فيه،
ومنهم من عكس فجعله جائزًا لمن نسي اللفظ وبقي معناه محفوظًا في ذهنه.
3. منهم من جعله للعالم بمدلولات الألفاظ وما يحيل المعاني منها.
4. ومنهم من حصره في الصحابة لفصاحتهم.
- بعض الألفاظ لها نفس المعنى مثل ( هلم وأقبل وتعال) وبعضها يحتمل معاني متضادة مثل (امش) تحتمل (انصرف وتعال)
- مثال على الخطأ في الرواية بالمعنى:
رواية حديث قبض الله عز وجل السماوات والأرض في تفسير قوله تعالى :{ والسماوات مطويات بيمينه}
منهم من قال: ويَقْبِضُ الأَرَضِينَ السبْعَ بيدِهِ الأُخْرَى، أحَدُ الرُّواةِ قالَ: بشِمالِهِ
ففي الرواية الثانية إثبات صفة لله عز وجل لم ترد.
#الغريب:
* الغريب هو اللفظ الذي خفي معناه.
* أسباب خفاء المعنى: قلة استعماله.
* المصنفات في الغريب:
- هناك مصنفات مفردة في غريب القرآن وأخرى في غريب الحديث، وأخرى في الجمع بينهما.
- المصنفات في غريب القرآن مثل (الْمُفْرَدَاتِ الْمُفْرَدَاتُ) للراغب الأصفهاني.
- المصنفات في شرح غريب الحديث:
1. كِتَابِ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلاَّمٍ: وهو غير مرتب، ووضع الشيخ محمود الميرة فهرسًا له يخدم الباحث.
2.كتاب الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ بْنُ قُدَامَةَ: رتب كتاب أبو عبيد على الحروف.
3. كتاب أبي موسى المديني: تعقب كتاب أبي عبيد الهروي واستدرك عليه.
4. كتاب إبراهيم الحربي، وهو مطبوع من جامعة أم القرى لكنه ناقص والباقي مفقود.
5. كتاب ابن قتيبة الدينوري في ثلاثة مجلدات، وأفرد المحققون فهرسه في مجلد.
6. كتاب الخطابي في ثلاث مجلدات أيضًا، ووُضِع له فهرس في نهاية الكتاب.
7. كتاب الفائق للزمخشري: حسن الترتيب.
8. كتاب النهاية لابن الأثير، وجمع ما سبق، وكِتَابُهُ أَسْهَلُ الكُتُبِ تناولاً مع إِعْوَازٍ قَلِيلٍ فيه.
- المصنفات التي جُمِع فيه غريب القرآن والحديث: كتاب أبي عبيد الهروي.
#المُشكل:
* المُشكل هو ما كان في مدلوله دقة فاحتيج إلى كتب شرح معاني الأخبار لبيانه.
* يسبب المشكل إيهام التعارض في الأحاديث (مختلف الحديث)
- مثال:
حديثُ أبي هُريرةَ، أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ- قالَ عن الشَّيْطَانِ الذي عَلَّمَهُ آيَةَ الكُرْسِيِّ: ((صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ))،وكانَ مِمَّا عَلَّمَهُ آيَةُ الْكُرْسِيِّ((تَقْرَؤُهَا عِنْدَ مَنَامِكَ وَلا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ)).
وحديثُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ-: ((يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ أَحَدِكُمْ ثَلاثَ عُقَدٍ إِذَا نَامَ؛ بِكُلِّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ عَلَيْكَ لَيْلاً طَوِيلاً...))الحديثُ.
جمع بينهما الطحاوي بـ: ( الذي يَنامُ ولا يَقرأُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ يَعْقِدُ الشيطانُ على قافِيَتِهِ ثلاثَ عُقَدٍ، أمَّا إذا قَرَأ آيَةَ الكُرْسِيِّ فلا يَستطيعُ الشيطانُ أنْ يَعْقِدَ عليهِ ثلاثَ عُقَدٍ )
* المؤلفات في بيان المشكل ومختلف الحديث:
- من المصنفين فيه ابن قتيبة والطحاوي والشافعي والخطابي وابن عبد البر وغيرهم.
- كتاب الشافعي: (مختلِفِ مُختلِفُ الحديثِ)
- كتاب الطحاوي: مشكل الآثار.
انتهى.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.