الدرس التاسع: خطوات إعداد الرسالة التفسيرية
هذه خطوات مقترحة أرجو أن تعين طلاب علم التفسير على إحسان إعداد الرسائل التفسيرية، وأن تكون رسائلهم وافية بالمطلوب نافعة للقارئ والكاتب بإذن الله تعالى.
الخطوة الأولى: تحديد المقصد من الرسالة
وهي أهمّ مرحلة في إعداد الرسالة لأن وضوح المقصد في ذهن الكاتب يعينه على توظيف مسائل الرسالة وفقراتها وأسلوبها وما يحشده فيها من الأدلة والآثار والأقوال لخدمة هذا المقصد، ويعينه على التركيز وعدم التشتت.
الخطوة الثانية: تحديد نوع المخاطبين
تحديد نوع المخاطبين مهمّ في كتابة الرسائل التفسيرية لأنه يعين الكاتب على اختيار الأسلوب الأنسب لهم ولغة الخطاب الأقرب إليهم؛ ومستوى التفصيل الذي يناسبهم.
فإذا كان الكاتب يكتب لعامّة الناس فيوصى أن يختار الأسلوب الوعظي أو ما هو قريب منه، وأن لا يتوسّع في تفصيلات لا تحتملها أذهانهم، وأن تكون عباراته واضحة سهلة قريبة من أفهامهم.
وإذا كان يكتب لطلاب علم مبتدئين فيكتب ما يناسبهم من تقرير بعض المسائل بأسلوب ميسّر ومشتمل على التحرير العلمي المناسب.
وإذا كان يكتب لمتخصصين في التفسير وعلوم القرآن وطلاب علم معتنين بتفصيل بعض المسائل الخلافية وحل بعض المشكلات وكشف بعض المعضلات فينبغي له أن يفصّل في رسالته تفصيلاً يفي بالغرض الذي كتب من أجله ويناسب من يكتب لهم؛ ويتجاوز الإسهاب في المقدّمات المعروفة لدى أهل الاختصاص ، ويكتفي بالإشارة للمهم منها.
الخطوة الثالثة: تحديد الأسلوب:
تحديد الأسلوب الذي يريد أن يكتب به المفسّر رسالته مهمّ اختيار المسائل التي يعتني فيها بمزيد تركيز، وبالأدوات العلمية التي تستعمل في الرسالة ونوع المعلومات التي تحشد فيها؛ وهذا له أثره في توافق مبنى الرسالة مع مقصدها، ولا بأس أن ينوّع بين الأساليب في رسالته لكن ينبغي أن يكون تنويعاً متوازناً يثري القارئ ويشبع نهمته ولا يشتت ذهنه.
الخطوة الرابعة: استخراج المسائل التفسيرية من الآية التي يريد تفسيرها
وهذه الخطوة مهمة جداً، ومحلّها مسودة الرسالة، لأنها تعرّف المفسّر بالمسائل التي ينبغي له أن يذكرها ويعتني ببسط الحديث عنها والمسائل التي ينبغي أن يتجاوزها حتى لا تصرفه عن مقصده من الرسالة، وفيها توسيع لمداركه بكثرة الاستنباط والاستخراج وحسن التوظيف، وهذا ما نسمّيه في التقويم بمعيار المواءمة.
ويمكن أن يرجع الطالب إلى درس "استخلاص المسائل التفسيرية من الآيات القرآنية" وهو من دروس دورة "مهارات التفسير"
الخطوة الخامسة: معرفة النظائر
ومعرفة نظائر الآية واستخراج مسائلها نافع جداً في إثراء الرسالة العلمية وتقويتها، ومعين على تحقيق المقصد من الرسالة؛ فقد يحتاج إلى ذكر بعض المسائل المتعلّقة بتلك الآيات، والتفصيل فيها لأثرها في بيان المقصد الكلي للرسالة، أو ترجيح بعض الأقوال على بعض، أو رفع إشكال أو دفع اعتراض.
الخطوة السادسة: اختيار الأنموذج
اختيار الأنموذج المناسب ليحاكيه الطالب مهمّ في المرحلة الأولى من مراحل كتابة الرسائل التفسيرية؛ لأنه يعين الطالب على تقوية رسالته؛ حتى إذا اعتاد الطالب على الكتابة عرف الأسلوب الذي يلائمه؛ فيجتهد فيما فتح له فيه.
فالمحاكاة ينبغي للطالب أن ينظر لها على أنها مرحلة مؤقتة إلى حين وصوله إلى مرتبة إجادة كتابة الرسائل التفسيرية، وأن اختياره للأنموذج لا يعني جموده عليه؛ فقد يكون لدى الطالب من نقاط القوة ما يمكن أن يضيفه على الأنموذج؛ فتزداد رسالته حسناً ونفعاً.
الخطوة السابعة: تحديد عناصر الرسالة:
ينبغي للطالب أن يكتب العناصر قبل البدء بكتابة الرسالة لأنها تضبط له خطة السير في تلك الكتابة؛ وليعتن في تلك العناصر بالوضوح والتناسب بين تلك العناصر وحسن ترتيبها وتأديتها للمقصد من الرسالة بهذا التسلسل الذي اختاره.
وهذه العناصر قابلة للإضافة والتحسين وتغيير الترتيب متى دعت الحاجة إلى ذلك؛ فقد ينفتق للطالب عند كتابته للرسالة من المعاني والأفكار ما لم يكن يخطر على باله عند التخطيط لكتابتها.
الخطوة الثامنة: كتابة الرسالة:
يبدأ الطالب بعد ذلك بكتابة الرسالة مراعيا حسن الصياغة وجودة التعبير، والعناية بالتحرير العلمي على قدر الحاجة؛ حتى يفرغ من آخر عنصر من عناصر الرسالة.
الخطوة التاسعة: تهذيب الرسالة
وذلك بإعادة النظر فيها وتحسينها وتجويد بعض العبارات، وإضافة بعض الأفكار النافعة التي تضيف للرسالة مزيداً من القيمة العلمية، ويحذف ما يرى فيه تجوزاً وخطأ أو توسّعا غير مناسب في العبارة، أو دعوى لا دليل عليها أملاها عليه انهماكه في معاني الرسالة؛ فيحرص على أن تكون عباراته منضبطة بقواعد الاستدلال، موزونة بميزان العدل من غير إفراط ولا تفريط.
الخطوة العاشرة: المراجعة النهائية:
وفيها يعتني الطالب بالتحقق من خلو رسالته من الأخطاء العلمية القادحة، والضعف اللغوي، والأخطاء الكتابية، وغيرها من الأخطاء، ويصلح ما فاته إصلاحه في المراحل السابقة، ويكمل ما حقّه أن يُكمل، وقد يرى الحاجة في بعض المواضع إلى زيادة في التوضيح أو إضافة نقول مهمّة تثري الرسالة في ذلك الموضع، فيضيف ما تحسن إضافته، ويحذف ما يحسن حذفه؛ حتى يصل إلى الصياغة النهائية التي يرضى عنها.
مرحلة العرض
إذا كتب طالب العلم رسالته التفسيرية مراعيا الخطوات السابق ذكرها فهو أدعى لأن تكون رسالته رسالة حسنة متضمّنة لفوائد علمية جديرة بالنشر؛ لكن ينبغي له أن لا يستعجل بنشرها في أوّل الأمر حتى يعرضها على عالم أو طالب علم متمكّن في التفسير وأصوله؛ حتى ينبّهه على ما قد يقع فيه من الأخطاء العلمية، ويشير عليه بما يقوّي الرسالة ويثريها علمياً؛ فيفيده ذلك في إصلاح رسالته واعتمادها للنشر، ويفيده في تلافي تلك الأخطاء فيما يكتب من الرسائل التفسيرية بعد ذلك بإذن الله.
وإذا واصل الطالب كتابة عشر رسائل تفسيرية أو عشرين رسالة بهذه الطريقة فإنّه لا يلبث أن يصل إلى مرتبة إتقان كتابة الرسائل التفسيرية، وهذه المرتبة مهمّة جداً في نشر العلم النافع، وبيان ما أنزل الله للناس في الكتاب من البيّنات والهدى ، وتقريبه لهم، ودعوتهم إليه بلسانهم ، وبما يناسب أفهامهم.
فإنّ طالب العلم يبقى عليه بعد ذلك أن يزكّي علمه بأن يكتب من المقالات والرسائل ويلقى من الخطب والكلمات الدعوية والدروس العلمية ما ينفع به نفسه وأمّته، ويحصل باجتماع جماعة من طلاب العلم المتقنين على هذا الأمر نهضة علمية مباركة بإذن الله تعالى.
لأنا لو افترضنا تخرّج مائة طالب من هذا البرنامج ، وكتب كلّ طالب عشرة رسائل تفسيرية بأسلوب محرر ؛ فإنه ينتج من ذلك كتابة ألف رسالة، وهذا قدر حسن مبارك بإذن الله؛ لأن تلك الرسائل يمكن أن يستفاد منها بأوجه شتى ؛ فقد تصلح مادة لخطبة جمعة، أو مقالة نافعة، أو مادّة علمية لبرنامج إعلامي، أو سلسلة دروس علمية، أو موضوع في ملتقى علمي على شبكة الانترنت، أو جُمل تبثّ في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد يترجم بعضها إلى لغات متعددة، فالرّسالة الواحد قد تكون صالحة لأن تكون مادة علمية لمخرجات كثيرة متنوّعة.
وصايا وإرشادات:
1. العناية بالتحرير العلمي
ينبغي لطالب علم التفسير أن يعتني غاية العناية بتحرير المسائل التفسيرية بالقدر الذي يتلاءم مع أسلوب الرسالة ونوع المخاطبين ؛ ومن الخطأ أن يظن الكاتب أن اختياره للأسلوب الوعظي يعفيه من التحرير العلمي ؛ فإن الوعظ بالتفسير يجب أن يكون قائما على أساس علمي صحيح، وبيان ناتج عن تحرير حسن للمعنى.
والمسائل التي يحتاج الكاتب إلى بيانها لا تخلو من حالين:
- إما أن تكون مسائل لا خلاف فيها؛ فينبغي له أن يعتني بحسن بيان تلك المسائل بما يوضّحها ويجلّيها، وقد يحتاج لتحقيق ذلك إلى أن يجوّد عبارته بأسلوب أدبي حسن أو يستشهد ببعض الآثار وأقوال العلماء، أو يعضد قوله بما يجلّي مراده من ضرب مثل أو سَوقِ حكاية، فيقع ذلك في نفس القارئ والسامع موقعاً حسناً، وتصله الرسالة بطريقة أكمل وأجمل.
- وإما أن تكون تلك المسألة من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم؛ ففي أسلوب التقرير العلمي يتأكد على الكاتب أن يعتني بتحرير الأقوال في تلك المسألة؛ بحصر الأقوال وترتيبها وحسن العبارة عنها، ونسبتها إلى من قال بها؛ وبيان أدلتهم، وبيان القول الراجح في تلك المسألة بما يَظهر له من إعمال أصول التفسير وقواعد الترجيح التي درسها؛ فإن لم يمكنه الترجيح فلا أقلّ من إحسان حكاية الخلاف في تلك المسألة وبيان الأقوال فيها وذكر الأدلة والاعتراضات بعبارة قريبة من أفهام المتلقين.
وإن كانت الكتابة بأسلوب غير أسلوب التقرير العلمي فينبغي أن يكون التحرير العلمي حاضراً في ذهن الكاتب، وأن يكون انطلاقه في بيان معنى الآية انطلاق المطّلع على أقوال العلماء العارف بأدلتهم وما يحتاج إلى بيانه منها؛ فيذكر من الأقوال ما يناسب الأسلوب الذي يكتب به على أن يكون المقدّم فيها هو القول الراجح، ويمكن أن يكتفي بالقول الراجح ولا يذكر الخلاف؛ لكن ينبغي له عند ذلك أن يحسن تقرير هذا القول الراجح ويحسن التعبير عنه.
2. حسن اختيار المراجع
المسائل التي يحتاج الكاتب إلى تحرير القول فيها والإفاضة في الحديث عنها على أنواع:
أ: فمنها ما يحتاج فيه إلى التحقق من صحة النقل كالتفسير النبوي وكثير من تفاسير الصحابة والتابعين ؛ وفي هذا النوع من المسائل يكون الرجوع لكتب التفسير بالمأثور كتفسير ابن جرير وابن أبي حاتم وعبد الرزاق والدر المنثور وتفسير ابن كثير والبغوي وغيرها، وفي كثير من الأحيان يحتاج الباحث إلى مراجعة دواوين السنة ، وقد يجد فيها ما لا يجده في هذه الكتب على أهميتها.
ومشروع "جمهرة تفاسير السلف" في جمهرة العلوم، يختصر على الباحث شيئاً كثيراً في هذا النوع بإذن الله تعالى.
ب: ومنها مسائل لغوية؛ فينصح الكاتب بالرجوع إلى التفاسير المعتنية بهذا النوع من المسائل كمعاني القرآن للفراء والزجاج والنحاس، ومجاز القرآن لأبي عبيدة وغريب القرآن لابن قتيبة وتأويل مشكل القرآن له وغريب أبي عبيد ونحو هذه الكتب.
وفي كثير من الأحيان يحتاج الباحث إلى مراجعة دواوين اللغة ومن أجلها تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري، ومن أجمعها لسان العرب لابن منظور، ومن أحسنها المحكم والمخصص لابن سيده ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس.
ومشروع "جمهرة التفسير اللغوي" في موقع "جمهرة العلوم" يجمع للباحث عامّة أقوال هؤلاء العلماء وغيرهم، وينظر في تفصيل الحديث عن هذا المشروع: موضوع مقدّمة جمهرة التفسير اللغوي.
ج: وإذا كان المراد محاولة جمع أقوال المفسرين في الآية وحصره؛ فينصح بالرجوع إلى تفسير ابن جرير الطبري والمحرر الوجيز لابن عطية، وزاد المسير لابن الجوزي، والنكت والعيون للماوردي، وتفسير الثعلبي، فهذه التفاسير قد حوت عامّة أقوال المفسّرين ؛ ولم يفت أصحابها إلى شيء قليل جداً، وإن رجع معها إلى تفسير القرطبي فحسن.
على أن الباحث ينبغي له أن يتنبّه إلى أهمية التحقق من صحة نسبة الأقوال إلى قائليها في بعض هذه التفاسير.
د: وإذا كان المقصود نقد الأقوال وتمييز صحيحها من ضعيفها والترجيح بين الأقوال المعتبرة، والتعرف على علل الأقوال الخاطئة، ونحو ذلك فيكون الرجوع إلى تحريرات ابن جرير وابن عطية وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وابن عاشور وأضواء البيان للشنقيطي، واعتياد الطالب على البحث في كتبهم يعينه على سرعة الوصول إلى مراده، ونسعى في مشروع "جمهرة التفاسير" إلى جمع أقوالهم في كل آية في موضعها، وما زلنا في مراحل العمل لإتمام هذا المشروع الكبير، ونسأل الله تعالى الإعانة والتسديد.
ه: وإذا كانت المسألة مسألة عقدية؛ فيعتني بالرجوع إلى التفاسير التي عُرف أصحابها باتّباع السنّة ونصرتها، والتنبيه على البدع والانحرافات؛ كتفسير ابن جرير، وتفسير أبي المظفّر السمعاني، وتفسير ابن كثير،وأضواء البيان للشنقيطي، وما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيّم في التفسير والتنبيه على انحرافات أهل البدع والأهواء.
ومن الخطأ البيّن أن يأخذ الباحث تقرير مسائل الاعتقاد من التفاسير التي سلك أصحابها غير طريقة أهل السنة في تقرير تلك المسائل.
و: وإذا كانت المسألة بلاغية فيرجع إلى تحرير ابن عاشور وإرشاد أبي السعود وكشاف الزمخشري وروح المعاني للألوسي وبعض حواشي البيضاوي، ويحتاج مع هذا إلى النظر في بعض كتب البلاغة، وكتب بيان المشكل.
وهكذا في سائر أنواع المسائل التفسيرية؛ يجد الطالب أن طائفة من التفاسير اعتنت بذلك النوع عناية حسنة، وذلك النوع وثيق الصلة بعلم من العلوم له كتبه المرجعية وأئمته المعروفون، وأصولهم في دراسة تلك المسائل.
وهذا التقسيم لتلك الكتب إنما هو على ما يغلب من عناية أصحابها، وليس المقصود منه خلو تلك الكتب من العلوم الأخرى، ولكن لكل علم مصادره وأئمته.
ومداومة الطالب على البحث والكتابة تعينه على بناء ملكة حسنة في انتقاء المصادر، وسرعة الوصول إلى ما يبحث عنه.
3. العناية بحسن الصياغة وحسن العرض
وهذا له أثر كبير في إيصال الرسالة إلى المتلقّي بطريقة حسنة، وأسلوب واضح، ومؤدّ للمقصد من الرسالة بإذن الله تعالى.
وينبغي أن يلحظ الطالب جوانب الإحسان في الصياغة والعرض، ويحرص على تنميتها مع مداومته على الكتابة حتى يصل فيها إلى مرحلة متقدّمة من الإتقان بإذن الله تعالى.
4. تجنّب الأخطاء العلمية.
قد يبذل الكاتب جهداً كبيراً في تحرير رسالته وإثرائها علمياً ويحسن الصياغة والعرض لكنّه قد يقع في خطأ علمي يفسد عليه ما أحسن فيه، وربما ذهب بثمرة الرسالة؛
والخطأ في الرسالة العلمية نظير النجاسة في الثوب الحسن؛ يلفت الأنظار وينفّر منه، ومن العامّة من يطير بالخطأ كلَّ مَطِير.
فيجب على الكاتب أن يتحرّى الصحة فيما يكتب، وأن يجتنب الغرائب التي تستنكر، وإذا ذكر شيئا منها فليعزه إلى مصدره إن كان محتملاً للصحة، وإن تبيّن له ضعفه فليتركه.
وليجتنب الدعاوى العريضة والأحكام المطلقة التي قد يمليها عليها حال الحماسة عند الكتابة واستغراق مسائل البحث لنظره وتأمّله.
ويعينه على السلامة من ذلك أن يضبط كتابته بقواعد الاستدلال الصحيح.
5. المداومة على الكتابة
"أحبّ العمل إلى الله أدومه وإن قل"، وكان عمل النبي صلى الله عليه وسلم ديمة ، والعمل الذي يداوم عليه صاحبه يُبارك له فيه، ولو أنّ الطالب داوم على كتابة رسالة حسنة كلّ شهر؛ لكتب في سنوات يسيرة عشرات الرسائل، واكتسب بهذه المداومة بركات كثيرة:
- منها: ازدياد علمه وتوسّع اطلاعه وخبرته بالمصادر العلمية.
- ومنها: تنمية مهارة التحرير العلمي لديه.
- ومنها: تحسين أسلوبه في الكتابة والعرض.
- ومنها: إعداد العدّة العلمية للإلقاء الكلمات والدروس والمحاضرات.
إلى غير ذلك من البركات العظيمة التي لو تأمّلت سببها لوجدته المداومة على كتابة رسالة تفسيرية حسنة في كل شهر ، وقد يزيد الطالب ما شاء الله أن يزيد إذا بلغ مرحلة النضج العلمي، وهذه الرسائل يمكن أن ينتفع بها وينفع بها بأوجه كثيرة إذا أحسن النظر.
محاذير وتنبيهات:
في ختام هذا الموضوع أود التنبيه على اجتناب ما يلحظ من الأخطاء الشائعة؛ فإن التفطن لها واجتنابها من أسباب إحسان كتابة الرسائل التفسيرية، وعامّة هذه الأخطاء تفهم مما سبق، لكن جمعها في موضع واحد باختصار يعين على ضبطها واستعراضها قبل أن يعتمد الطالب رسالته حتى يجتنب ما يراه من الأخطاء، ومن هذه الأخطاء:
1.ضعف العناية بالتحرير العلمي.
2. ضعف العناية باستخراج المسائل التفسيرية.
3. غياب المقصد العام.
4. العشوائية في اختيار التفاسير والمصادر.
5. النسخ واللصق والتلفيق بين التفاسير.
6. التوسع في المسائل التي لا تخدم المقصد العام للرسالة.
7. تقرير مسائل الاعتقاد من تفاسير الأشاعرة والمعتزلة والصوفية.
8. ضعف الصياغة وركاكة الأسلوب.
9. اضطراب أفكار الرسالة وتشتيت ذهن القارئ.
10. الأخطاء الإملائية.
11. ضعف العناية بعلامات الترقيم.
12. ضعف العناية بإحسان العرض.
أسأل الله تعالى أن يوفقني وإياكم لما يحبّ ويرضى، وأن يقينا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأن يستعملنا في طاعته، ويمنّ علينا ببركته
وأن يدخلنا في رحمة منه وفضل ويهدينا إليه صراطاً مستقيما
وصلى الله وسلم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.