دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > لمعة الاعتقاد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 ذو القعدة 1429هـ/31-10-2008م, 11:57 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي قول عمر بن عبد العزيز: (قف حيث وقف القوم...)

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَلاَماً مَعْنَاهُ : ( قِفْ حَيْثُ وَقَف القَوْمُ ، فإنَّهم عَنْ عِلْمٍ وَقَفُوا ، وَبِبَصَرٍ نافِذٍ كَفُّواْ ولَهُمْ على كَشْفِهَا كَانُوا أَقْوَى ، وبالفَضْلِ لو كانَ فِيهَا أَحْرَى ، فَلئِنْ قُلْتُم : حَدَثَ بَعْدَهُم ، فَمَا أَحْدَثَهُ إِلاَّ مَنْ خَالفَ هَدْيَهُمْ ، ورَغِبَ عن سُنَّتِهِم ، وَلَقدْ وَصَفُوا مِنْهُ مَا يَشْفِي ، وَتَكَلَّمُواْ منه بِمَا يَكْفِي ، فَمَا فَوْقُهُمْ مُحَسِّرٌ ، وَمَا دُونهُمْ مُقَصِّرٌ ، لَقَدْ قَصَّرَ عَنْهم قَوْمٌ فَجَفَوا ، وَتَجَاوَزَهُم آخرون فَغَلَوا ، وإنَّهُمْ فِيمَا بَيْنَ ذَلك عَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ ) .


  #2  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 12:27 AM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

2 -مِنْ أقوالِ التابعينَ :
قالَ أميرُ المؤمنينَ عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ (المولودُ سنَةَ 63 المُتوفَّى سنَةَ 101 هـ) قولاً( 1 ) يَتَضَمَّنُ ما يأتي:

أ - وجوبُ الوقوفِ حيثُ وَقَفَ القومُ ، يَعْنِي بهم : النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وأصحابَهُ فيما كانوا عليهِ من الدِّينِ عقيدةً وعملاً ؛ لأنَّهُم وَقَفُوا عنْ علمٍ وبصيرةٍ ، ولوْ كانَ فيما حَدَثَ بعدَهم خيرٌ لكانوا بهِ أَحْرَى.

ب - إنَّ ما أُحْدِثَ بعدَهم فليسَ فيهِ إلاَّ مخالَفَةُ هَدْيِهِم ، والزُّهْدُ في سُنَّتِهم ، وإلاَّ فقدْ وَصَفوا من الدينِ ما يَشْفِي ، وتكَلَّمُوا فيهِ بمَا يَكْفِي .
ج -إنَّ مِن الناسِ منْ قَصَّرَ في اتِّباعِهم فكانَ جَافِيًا ، ومِن الناسِ مَنْ تَجَاوَزَهم فكانَ غَالِيًا ، والصِّراطُ المستقيمُ ما بينَ الغُلُوِّ والتَّقْصِيرِ .


حاشية الشيخ صالح العصيمي حفظه الله :

(1) هذا الأثر عزيز المخرج لم يقف عليه كثير من المتقدمين فمن بعدهم معزواً إلى أصل من أصول الحديث ، وهو مخرج في (سنن أبي داود) ـ رواية ابن الأعرابي وابن داسة.
انظر: (سنن أبي داود) (5/187 ـ 189 ـ الهامش) -ط: دار القبلة.


  #3  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 12:30 AM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين حفظه الله

(2) عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ : خليفةٌ راشدٌ ، أَلْحَقَهُ علماءُ الأمَّةِ بالخلفاءِ الرَّاشدينَ معَ قِصَرِ مُدَّةِ خلافتِهِ - سَنَتَانِ وَبِضْعَةُ أَشْهُرٍ - كخلافةِ أبي بَكْرٍ ، ولكنْ أَعَادَ فيها الحقَّ إلى نِصَابِهِ ، وأَبْطَلَ البِدَعَ والمُحْدَثَاتِ ، وَنَصَرَ السُّنَّةَ ، وَقَمَعَ المُبْتَدِعَةَ ، وَرَدَّ المَظَالِمَ ، وَعَدَلَ في النَّاسِ ، وَسَارَ سِيرَةً حَسَنَةً حَمِدَهُ عليها جَمِيعُ المسلمينَ ، ولمْ يُنْقَمْ عليهِ لا مِنْ قريبٍ ولا مِنْ بعيدٍ .

وكَفَى أنَّهُ يُسْتَشْهَدُ بقولِهِ ؛ وذلكَ لأنَّهُ جَمَعَ معَ الولايَةِ عِلْمًا ، أيْ أنَّهُ معَ قِصَرِ عُمْرِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ ، وكذلكَ مِنْ مُفَكِّرِيهَا ، ومِنْ ذَوِي الرأيِ فيها ، وَكَثِيرًا ما يَسْتَشْهِدُونَ بِمَقَالِهِ ، وَيَرْوُونَ عنهُ حِكَمًا وَفَوَائِدَ تَدُلُّ على حُنْكَةٍ وَفَضْلٍ ، ومعرفةٍ بالشَّريعةِ وَبِأَهْدَافِهَا.

يقولُ في هذا الأثرِ: (قِفْ حَيْثُ وَقَفَ الْقَوْمُ) ، يُرِيدُ بالْقَوْمِ العلماءَ الَّذين قَبْلَهُم ، يُخَاطِبُ أهلَ زَمَانِهِ إمَّا في خلافتِهِ ، وإمَّا في إِمَارَتِهِ ، فقدْ كانَ أَمِيرًا على المدينةِ قبلَ أنْ يُسْتَخْلَفَ ، أيْ : في زمنِ الوليدِ بنِ عبدِ المَلِكِ ، وَلاَّهُ إِمَارَةَ المدينةِ فَسَارَ فيهم سَيْرًا حَسَنًا مَحْمُودًا ، فهوَ يقولُ : ( قِفْ حَيْثُ وَقَفَ الْقَوْمُ ) أي: الصَّحابةُ ، وتلامذةُ الصَّحابةِ ؛ العلماءُ الَّذينَ هُمْ عُلَمَاءُ الأُمَّةِ ؛ وَرَثَةُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
كأنَّهُ يَقُولُ : لا تَتَجَاوَزُوهُمْ وَتَخُوضُوا في ما لمْ يَخُوضُوا فيهِ ، ولا تَتَقَعَّرُوا وَتَبْحَثُوا عنْ أشياءَ ما أَذِنَ اللهُ بها ، وَلَيْسَ لكُمْ إلى معرفتِهَا سَبِيلٌ .

فلا تَبْحَثُوا في الأمورِ الغَيْبِيَّةِ الَّتي حُجِبَتْ عَنْكُم ، ولا تُكْثِرُوا من السُّؤالِ عن الأشياءِ الَّتي لا حَاجَةَ لكم بها ، فقدْ وَقَفَ عنها مَنْ قَبْلَكُم ، فما بَحَثُوا في جَوْهَرٍ ولا عَرَضٍ ، ولا حَدٍّ ولا تَعَارِيفَ ، ولا حَيِّزٍ ولا جِهَاتٍ ، ولا أَبْعَاضٍ ولا مُرَكَّبَاتٍ ، ولا مُحْدَثَاتٍ ، وما أَشْبَهَ ذلكَ من الأمورِ الَّتي أَحْدَثْتُمُوهَا .
(فإنَّهُم - يَعْنِي: الصَّحابةَ وَتَابِعِيهِم - عنْ عِلْمٍ وَقَفُوا) ، يَعْنِي: سَكَتُوا عنْ هذهِ الأشياءِ عنْ عِلْمٍ ، عَرَفُوا أنَّ فيها خَطَرًا فلمْ يَتَكَلَّمُوا فيها ، فما وَقَفُوا إلاَّ عنْ عِلْمٍ قَلْبِيٍّ وَقَرَ في قُلُوبِهِم . (وَبِبَصَرٍ نَافِذٍ كَفُّوا) ، كَفُّ البصرِ هنا ليسَ هُوَ بَصَرَ العَيْنِ ، ولكنْ بَصَرُ القلبِ ، يَعْنِي : البصيرةَ ، أيْ : أنَّ ذلكَ البصرَ نَافِذٌ لِهَذِهِ العلومِ ، وقدْ تَخَيَّلَ ما وَرَاءَهَا من المفاسدِ .
فَكَّرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ فَعَرَفَ أنَّ الصَّحابةَ وَتَلامِذَتَهُم كَفُّوا عن الخَوْضِ في هذهِ العلومِ - معَ قُدْرَتِهِم عَلَيْهَا - عنْ عِلْمٍ ، لا أنَّها لمْ تَحْدُثْ عِنْدَهُم، بلْ عَرَفُوا أنَّها سَتَكُونُ ، ولكنَّهُم وَقَفُوا عنها.

فقدْ وَرَدَ أنَّهُ جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالَ: يا رسولَ اللهِ ، إنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ في نَفْسِهِ ، لأََنْ يَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إليهِ منْ أنْ يَتَكَلَّمَ بهِ ، فَقَالَ: ((اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ للهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ)) .
وفي روايَةٍ أنَّهُ قالَ : ((ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ)) يَعْنِي : الَّذي لا يَتَكَلَّمُ بهذهِ الأشياءِ الَّتي تَخْطُرُ في بَالِهِ ، بَلْ يُزِيلُهَا عنْ قَلْبِهِ ؛ هذا صريحُ الإيمانِ .
فإذا جَاءَتْكَ هذهِ الخَطَرَاتُ ، وهذهِ الأوهامُ والتَّخَيُّلاَتِ ، وَأَبْعَدْتَهَا عنْ نَفْسِكَ ؛ فإنَّكَ مُتَّبِعٌ لهم .
(عَنْ عِلْمٍ وَقَفُوا، وَبِبَصَرٍ نَافِذٍ كَفُّوا) ، ولَهُمْ على تَجْلِيَتِهَا وَإِظْهَارِهَا أَقْدَرُ ، لوْ كانَ فيها فائدةٌ لَتَكَلَّمُوا بها ؛ فَإِنَّهم عُلماءُ وفُصَحَاءُ ، فَهُم على إظهارِ الخيرِ الَّذي فيها أَقْدَرُ ، وهُمْ أَوْلَى وَأَحْرَى أنْ يُبَيِّنُوا ما فيها لوْ كانَ فيها مَصْلَحَةٌ ، ولكنْ عَلِمُوا أنَّهُ لا مَصْلَحَةَ فيها فَكَفُّوا عنها .

وإذا قِيلَ : حَدَثَتْ بَعْدَهُم ، لوْ كانوا أَدْرَكُوهَا لَتَكَلَّموا فيها ، يَعْنِي : ما أَحَدٌ تَكَلَّمَ في طَبَقَاتِ السَّماءِ مثلاً ، ولا في مُكَوِّنَاتِ الأرضِ ، ولا في خَلْقِ الرُّوحِ مَثَلاً وَتَكْوِينِهَا ، ومِنْ أيِّ شَيْءٍ خُلِقَتْ ، ولا في تقسيمِ الموجوداتِ إلى جواهرَ وأعراضٍ ، ولا في الجِسْمِ وما يَتَرَكَّبُ منهُ وَتَعَارِيفِهِ وما أَشْبَهَ ذلكَ ، ولا تُكِلِّمَ في زمنِ الصَّحابةِ أيضًا في الأعراضِ ، ولا في الأَبْعَاضِ ، ولا في الطبقاتِ وما أَشْبَهَ ذلكَ ، فَمَا حَدَثَتْ هذهِ العلومُ إلاَّ بعدَهُم .

ما الجوابُ ؟
أَجَابَ رَضِيَ اللهُ عنهُ : بِأَنَّ الَّذينَ أَحْدَثُوهَا أَنْقَصُ منهم عِلْمًا ، ما أَحْدَثَهَا إلاَّ أُنَاسٌ لا عِلْمَ عِنْدَهُم كما عِنْدَ الصَّحابةِ ، وإلاَّ فإنَّ الصَّحابةَ يَقْدِرُونَ أنْ يَخُوضُوا ، وما أَحْدَثَهَا بَعْدَهُم إلاَّ مَنْ هوَ دُونَهُم في العلمِ ، وفي المواهبِ .
ثمَّ أَخْبَرَ بأنَّ الَّذينَ بَعْدَهُم انْقَسَمُوا إلى قِسْمَيْنِ : قِسْمٍ قَصَّرُوا ، وقِسْمٍ غَلَوْا.
الَّذينَ قَصَّرُوا كأنَّهُم الَّذينَ اقْتَصَرُوا على ذِكْرِ الأحكامِ فَقَطْ ، ولمْ يَخُوضُوا في العلومِ الغَيْبِيَّةِ ، ولمْ يَتَكَلَّموا فيها مُعْرِضِينَ عنها بِأَلْسِنَتِهِم وَبِقُلُوبِهِم ، فهؤلاءِ مُقَصِّرُونَ .
والَّذينَ غَلَوْا هم الَّذينَ تَوَسَّعُوا فيها ، وَتَكَلَّمُوا فيها كَلاَمًا طَوِيلاً ، وَوَلَّدُوا فيها تَوْلِيدَاتٍ ، وَوَقَعُوا في آخرِ أَمْرِهِم في حَيْرَةٍ وفي شَكٍّ ، وفي بُعْدٍ عن الحقِّ ، فَأَدَّى بهم ذلكَ إلى أنْ يَمُوتُوا وهم شُكَّاكٌ لا يَدْرُونَ ما يَعْتَقِدُونَهُ ، فَصَارُوا في طَرَفَيْ نَقِيضٍ : قومٌ قَصَّرُوا ، وَقَوْمٌ غَلَوْا .

وَتَوَسَّطَ الصَّحابةُ ، وَتَوَسَّطَ الأَئِمَّةُ ، فلم يَتْرُكُوا هذهِ العلومَ جَانِبًا بلْ تَكَلَّمُوا فيها بِمَا يَكْفِي ، وقالوا فيها ما يَشْفِي ، وَأَوْضَحُوا منها ما هوَ الحقُّ ، فَأَوْضَحُوا لِلأُمَّةِ عَقِيدَتَهُم ؛ أَوْضَحُوا للأُمَّةِ أنْ تَعْتَقِدَ الأسماءَ والصِّفاتِ الَّتي نُقِلَتْ وَثَبَتَتْ بالأدلَّةِ ، وَأَوْضَحَهَا اللهُ تَعَالَى في الكتابِ والسُّنَّةِ ، وأنْ يُنَزَّهَ اللهُ تَعَالَى عنْ صفاتِ النَّقصِ ، وأنْ يُعْتَقَدَ البعثُ والنُّشورُ والجزاءُ على الأعمالِ ، وأنْ يَدِينُوا بِالْعِبَادَاتِ وَيَتْرُكُوا المُحَرَّمَاتِ ، وَكَفَى بذلكَ بَيَانًا ، والَّذينَ لمْ يَتَكَلَّمُوا فيها مُقَصِّرُونَ .

رُوِيَ أنَّ بعضَ التَّلامذةِ سَأَلُوا ابنَ المُبَارَكِ وقالُوا : إنَّا نَكْرَهُ أنْ نَتَكَلَّمَ في هذهِ الصِّفاتِ ، يَعْنِي في إثباتِ العُلُوِّ والاستواءِ والنُّزولِ ، وما أَشْبَهَ ذلكَ ، فقالَ : ( أَنَا أَكْرَهُ منكُم لَهَا ، ولكنْ لَمَّا جاءَتْ بِهَا النُّصُوصُ وَاشْتَمَلَتْ عليها الأَدِلَّةُ تَجَرَّأْنَا على الكلامِ بها ، وَجَسَرْنَا على أنْ نَقُولَهَا اعْتِمَادًا على الدَّليلِ ، وكَفَى بالآياتِ دَلِيلاً) ، أوْ كما قالَ .
فَأَخْبَرَ بِأَنَّا قدْ نَتَوَقَّفُ عندَمَا تُذْكَرُ لنا بعضُ الصِّفاتِ الَّتي لا دَلِيلَ عليها ، فإذا وَجَدْنَا لها دَلِيلاً تَكَلَّمْنَا عليها بِجَرَاءَةٍ ولم نَخَفْ .
فَهَكَذَا كانَ الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنْهُم ، وكانَ تلامذتُهُم يَتَكَلَّمُونَ بالدَّليلِ ولا يُبَالُونَ .
وهكذا نَقَلَ عنهم عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ رَضِيَ اللهُ عنهُ ، أنَّهُم كانُوا وَسَطًا ؛ لَيْسُوا من الَّذينَ يُعْرِضُونَ عنْ هذهِ الأشياءِ ولا يَذْكُرُونَهَا في عَقَائِدِهِم ، وَيَسْتَوْحِشُونَ إذا ذُكِرَتْ .
كما نُقِلَ أنَّ رَجُلاً انْتَفَضَ لمَّا سَمِعَ حَدِيثًا في الصِّفاتِ اسْتِنْكَارًا لذلكَ ، فقالَ عَلِيٌّ : (مَا فَرَّقَ هَؤُلاَءِ ؟ يَجِدُونَ رِقَّةً عِنْدَ مُحْكَمِهِ ، وَيَهْلِكُونَ عِنْدَ مُتَشَابِهِهِ ) ، كأنَّهُم لا يَجْرُئُونَ على أنْ يَتَكَلَّمُوا بشيءٍ من الآياتِ والأحاديثِ الَّتي تَشْتَمِلُ على ذِكْرِ صفةٍ من الصِّفاتِ .

والحقُّ أنْ نَتَجَرَّأَ وَنَتَكَلَّمَ بها ولا نَتَرَدَّدَ في إثباتِهَا ، هذا هوَ الصَّوابُ ، ولكنْ لا نَتَقَعَّرُ وَنَغْلُوا فَنَتَكَلَّمَ في أشياءَ لا دَلِيلَ عليها .
( فَمَا فَوْقَهُم مُحَسِّرٌ) أي: الَّذينَ يَتَجَاوَزُونَهُم.
و (ما دُونَهُم مُقَصِّرٌ) ، وهمْ بَيْنَ ذلكَ على هُدًى مُسْتَقِيمٍ، أيْ: وَسَطٌ بَيْنَ طَرَفَيْنِ.
وهكذا أهلُ السُّنَّةِ مُتَوَسِّطُونَ بينَ طَرَفَيْ نَقِيضٍ؛ بينَ مُمَثِّلَةٍ وبينَ مُعَطِّلَةٍ.


  #4  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 12:34 AM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله تعالى

القارئ :
وَقَالَ الإِمَامُ أبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (عَلَيْكَ بِآثارِ مَنْ سَلَفَ وإِنْ رَفَضَكَ النَّاسُ، وَإيَّاكَ وآراءَ الرِّجَالِ، وَإِنْ زَخْرَفُوهُ لَكَ بالقَوْلِ).

وَقَالَ مُحمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَذْرَمِيُّ لرَجُلٍ تَكَلَّمَ بِبِدْعَةٍ وَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهَا: (هَلْ عَلِمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ، رضي الله عنهم أَوْ لَمْ يَعْلَمُوهَا؟
قَالَ: لَمْ يَعْلَمُوهَا .
قَالَ : فَشَيْءٌ لَمْ يَعْلَمْهُ هَؤُلاَءِ أَعَلِمْتَهُ أَنْتَ ؟!!
قَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي أَقُولُ : قَدْ عَلِمُوه .
قَالَ: أَفوَسِعَهُمْ أَنْ لاَ يَتَكَلَّمُوا بِهِ، وَلاَ يَدْعُوا النَّاسَ إِليهِ أَو لَمْ يَسَعْهُمْ؟
قَالَ: بَل وَسِعَهُم.
قَالَ: فَشَيْءٌ وَسِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاءَهُ، لاَ يَسَعُكَ أَنْتَ ؟!! فَانْقَطَعَ الرَّجُلُ.
فَقَالَ الخَلِيفَةُ - وَكَانَ حَاضِرًا -: لاَ وَسَّعَ اللهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَسعْهُ مَا وَسِعَهُمْ.
وَهَكَذَا مَنْ لَمْ يَسَعْهُ مَا وَسِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ وَالتَّابِعينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَالأَئِمَّةَ مِنْ بَعْدِهِمْ والرَّاسِخِينَ في العِلْمِ مِنْ تِلاَوَةِ آياتِ الصِّفَاتِ وَقِراءَةِ أَخْبَارِهَا وَإِمْرَارِهَا كَمَا جَاءَتْ فَلاَ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ).

الشيخ:
رضيَ اللهُ عن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ ؛ فلقد نصحنا بنصيحةٍ شافيةٍ كافيةٍ لو كانَ في القلوبِ حياةٌ ، قال : (عليكَ بآثارِ من سبقَ) .
ثمَّ وصفَ من سبق وهم الصَّحابةُ -رضيَ اللهُ عنهم- بأنَّهم : ( على علمٍ وقفوا ، وببصرٍ نافذٍ كفُّوا ).
فقسم حالَ الصَّحابةِ إلى قسمين:
الأوَّل: أنَّهم وقفوا على علمٍ ، فهم أعلمُ النَّاسِ ، أعلم هذه الأمَّةِ هم صحابةُ رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ- وهم أحرى بالعلمِ من غيرِهِم ، وما بعدهم ينقصُ فيهم العلمُ.
فالصَّحابةُ هم أهلُ العلمِ، وأهلُ الإدراكِ ، وأهل العقولِ المستقيمةِ ، وأهلُ الأفهامِ المستنيرةِ ، هم أهلُ فهمِ الكتابِ والسّنَّةِ ، وتفسيرُ الكتابِ والسّنَّةِ إنَّما يؤخَذُ من مشكاةِ الصَّحابةِ رضوانُ الله عليهم .
وصفهم عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ -رضي الله عنه- بقولِهِ: (فإنَّهُم على علمٍ وقفوا) وقفوا على علمٍ ، العلمِ عن رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ- أو على علمٍ علموه من الكتابِ والسّنَّةِ بما فهموه بما تقتضيه لغةُ العربِ ، أو بما علَّمَه بعضُهُم بعضاً ، فما ذكروه من المسائلِ ذكروه على علمٍ وعلى بصيرةٍ، هذا هو القسمُ الأوَّلُ.

والقسمُ الثَّاني: ما كفّوا عنه وسكتُوا عنه ، قال : ( وببصرٍ نافذٍ كفّوا ) ببصرٍ نافذٍ كفّوا عمَّا كفّوا عنه ، فلم يدخلوا في مسائلَ ممَّا دخل فيها من بعدهم ؛ لأجلِ عجزِهِم ، لا ، ولكن لأجلِ نفوذِ بصرِهِم وبصيرتِهِم ، وفهمِهِم وإدراكِهِم وعلمِهِم ، فإنَّهم تكلَّمُوا فيما تكلموا فيه على علمٍ وقفوا عليه ، وما سكتوا عنه أو لم يدخلوا فيه فإنَّهُم كفّوا عنه ببصرٍ وبصيرةٍ ، وهذا هو الَّذي يجبُ .
فإنه يجبُ علينا أن ننبذَ الآراءَ والعقولَ والأفهامَ الَّتي تخالفُ ما كان عليه صحابةُ رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ- في أمورِ الاعتقادِ جميعاً، بل وفي أمورِ الدِّين جميعاً .
فكلُّ ما كان عليه صحابةُ رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ- فهذا هو الميزانُ المستقيمُ الَّذي تزنُ به فهمَكَ ، وتَزِنُ به الأحوالَ والأمورَ والفئاتِ والنَّاسَ ، لأنَّنا أُمِرْنَا بالاتِّباعِ.
وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ -رضي الله عنه- أوصانا بهذه الوصيَّةِ الكافيةِ الشَّافيةِ ، بأنَّنَا نتَّبعُ الصَّحابةَ ؛ لأنَّهُم تكلَّمُوا فيما تكلَّموا فيهِ على علمٍ.
فهديُ الصَّحابةِ واجبُ الاتِّباعِ ؛ سواءٌ كان ذلك في الأمورِ الاعتقاديَّةِ ، أو كان ذلك في الأمورِ العمليَّةِ ، أو كان ذلك في الأمورِ السّلوكيَّةِ ، يعني في أمور الأخلاقِ ، والعباداتِ ، والزُّهدِ ، ونحوِ ذلك.
فما جاوز طريقتَهُم فهو غُلُوٌّ ، وما قَصُرَ عن طريقتهم فهو تحسيرٌ ، فما دونهم مقصِّرٌ، وما زادَ على ما أتوا به فهو من الغلاةِ، والَّذين سيكونُ مآلُهُم إلى التَّقصيرِ والحسرةِ.
فهذا كلامُ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ كمنهجٍ عامٍّ ، وهو الَّذي اتَّبعه الأئمَّةُ في أبوابِ الاعتقادِ والعملِ والسّلوكِ إلى آخره .

فقالوا: ما جاء عن الصَّحابةِ نأخذُهُ، فمنهاجُ الصَّحابةِ هو الميزانُ، وفهمُ الصَّحابةِ هو الميزانُ ، وطريقةُ الصَّحابةِ هي الميزانُ ، فهم أهلُ العلومِ، وأهلُ العقولِ ، وأهلُ الأفهام .


  #5  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 12:35 AM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح الشيخ:صالح الفوزان .حفظه الله (مفرغ)


المتن:
(وقال عمر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنه ـ.)


الشرح:
عمر بن عبد العزيز-رضي الله عنه- هو الخليفة الراشد، عمر بن عبد العزيز بن مروان من خلفاء بني أمية، خليفة عادل، وإمام جليل، وعالم رباني ـ رحمه الله ـ يعتبر من رؤوس المجددين لهذا الدين ـ رحمه الله ـ.


المتن:
(وقال عمر بن عبد العزيز- رضي الله عنه – كلاماً معناه، قف حيث وقف القوم)

الشرح:
مثل كلام ابن مسعود، قف حيث وقف فلا تقل شيئاً لم يقله صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم له، ولا قاله تلاميذهم من التابعين وأتباع التابعين لا يجوز لك أن تحدثه، وأن تقول به، فإذا وقفوا، فقف معهم.


المتن:
(فإنهم عن علم وقفوا)

الشرح:
فإنهم عن علم وقفوا لا عن جهل، بل عن علم، رأوا أن هذا لا يجوز الدخول فيه.


المتن:
(وببصر نافذ كفوا)

الشرح:
(وببصر نافذ كفوا)، المراد بالبصر هنا بصر العلم,الذي هو بمعنى البصيرة، فهم رأوا أن هذا الشيء الذي توقفوا فيه وكفوا عنه، رأوا أنه لا خير فيه فتركوه، فأنت عليك أن تترك ما تركوه ,ولا تحدث عبارات من عندك ,أو ألفاظاً من عندك , أو فهماً من عندك ,لا تحدث شيئاً لم يقولوه.


المتن:
(وهم على كشفها كانوا أقوى)

الشرح:
هم عندهم القدرة العلمية، لكنهم وقفوا عن هذا الشيء؛ لأنهم يرون أنه لا خير فيه ,فلا يجوز الدخول فيه ,فأنت قف معهم.

المتن:
(وبالفضل لو كان فيها أحرى)

الشرح:
لو كان في هذه الأشياء التي سكتوا عنها فضل لدخلوا فيها فهم أحرى بالفضل، ولو كان فيها خير لسبقونا إليه فدل على أن الدخول فيها ليس من الفضل، وإنما هو من الجهل والضلال.

المتن:
(فلئن قلتم: حدث بعدهم ,فما أحدثه إلا من خالف هديهم، ورغب عن سنتهم)

الشرح:
هذا جواب عن اعتراض ,قد يرد على كلامه رحمه الله ,إن قلتم: إنه قد حدث بعدهم أشياء ,فنحن نحدث ألفاظاً ,ونحدث عبارات لم يقولوا بها؛ لأنها لم تحصل في وقتهم،

فنقول: لا نجاة إلا باتباعهم، فإذا أردت أن ترد على هذه المحدثات ,فرد عليها بعلم السلف وفهم السلف.


المتن:
(فلئن قلتم: حدث بعدهم ,فما أحدثه إلا من خالف هديهم ,ورغب عن سنتهم،ولقد وصفوا منه ما يشفي ,وتكلموا منه بما يكفي)

الشرح:
هم لم يقصروا رحمهم الله ,لم يقصروا في أمور دينهم ,ولا سيما في أمور العقيدة؛الأسماء والصفات ما قصروا في هذا ولا تكاسلوا، بل بينوا ووضحوا وسكتوا عن أشياء لا يجوز البحث فيها،فتكلم أنت بكلامهم ,وانقل كلامهم ,ولا تتصرف فيه، وما سكتوا عنه اسكت عنه ,لا تدخل فيه، إذا عرض لك شيءولم تجد فيه كلاما للسلف ,فاعلم أنهم سكتوا عنهووقفوا عنه ,فقف أنت عنه ,ولا تدخل فيه.


المتن:
(فما فوقهم محسر وما دونهم مقصر)

الشرح:
(ما فوقهم): ما زاد على هديهم (محسر) يعني غالي ,محسر هو الغالي المتجاوز للحد.
(وما دونهم مقصر) الذي تكاسل عن اتباعهم وعن علمهم، فالذين خالفوا السلف بين أمرين: إما غالي وإما جافي , الأول محسر ,يعني: غالي ومتجاوز للحد ,والذي قصر دونهم، هذا مقصر ,لم يلحق بهم، وكلا الأمرين مذموم، والسلامة في السير معهم ,لا التقدم عليهم ,ولا التأخر عنهم، فسر معهم في منهجهم.


المتن:
(وقد قصر عنهم قوم فجفوا)

الشرح: قصر عنهم قوم فجفوا ,هذا هو الجفاء والكسل.


المتن:
(وتجاوزهم آخرون فغلوا)


الشرح:
هذا شرح للعبارة: ما فوقهم محسر وما دونهم مقصر. فالمقصر هذا جفا ,والمحسر هذا غلا.


المتن:
(وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم)

الشرح:
يعني: فيما بين المحسر والمقصر، فالسلف بين المحسر وهو الغالي ,وبين المقصر وهو الجافي ,وهم على هدى مستقيم , هدى بين ضلالتين ,وحق بين باطلين، هذه طريقة السلف - رحمهم الله -بين الغالي والجافي، ودين الله بين الغالي والجافي ,دين الاعتدال والاستقامة،وهو الذي أمرنا الله أن نسأله أن يهدينا إياه في قوله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم } , المعتدل بين الغالي والجافي.


  #6  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 12:41 AM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post تيسير لمعة الاعتقاد للشيخ: عبد الرحمن بن صالح المحمود .حفظه الله (مفرغ)



ثم نقل الشيخ أن قدامة رحمه الله تعالى قولاً لعمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه وهذا القول مروي في كثير من كتب السنة وغيرها .
وعمر بن عبدالعزيز هو الخليفة الراشد والإمام العادل،وقد اشتهر هذا الخليفة بالعدل واشتهرت خلافته كذلك بأنها خلافة راشدة على منهاج النبوة .
وعلى الرغم من قصر مدة خلافته رضي الله عنه , إلا أنه حرص على أن يعود بالأمة إلى المنهج الحق والصدق في كثير مما انحرفت عنه , وإلا فالأمة الإسلامية في وقته كانت في غالب أمورها سائرة على المنهج الصحيح, لكن وقع شيء من الظلم وبعض الانحراف, خاصة لما نشأ التفرق والخلاف بين الطوائف والأحزاب ونحو ذلك , فأراد عمر بن عبدالعزيز أن يعود بالأمة إلى منهج الصواب, ووفق في ذلك أيما توفيق .
وكان لهذا الخليفة جولات وصولات ومواقف رائعة في مواجهة أهل الأهواء والبدع , حبذا لو أفردت ببحث أو دراسة لنرى كيف كانت مواقف عمر بن عبد العزيز من المخالفين من أهل البدع وتعامله معهم .

وهذا النص الذي بين أيدينا ونقله ابن قدامة, هو من أصول منهج عمر بن
عبد العزيز رحمه الله تعالى في اتباع السنة وعدم الابتداع في الدين , فماذا قال؟ قال رحمه الله تعالى موصياً أصحابه وإخوانه : (( قف حيث وقف القوم)).
والمقصود بالقوم هنا : السلف الصالح من الصحابة والتابعين , الذين ساروا على منهاج النبوة رضي الله عنهم جميعاً. فلا تغيّر , ولا تبتدع , وإنما انظر ماذا قالوا فقل , وانظر أي موقف وقفوا, فقف معهم , (( قف حيث وقف القوم )) ووقوفهم كان بالتزام السنة وترك البدعة .
ثم إنه رحمه الله تعالى علل ذلك بتعليل دقيقٍ جداً فقال : (( فإنهم عن علم وقفـوا )) وهذه العبارة عبارة منهجية في الصميم تبين منج أهل السنة والجماعة , ((فإنهم عن علم وفقوا )) وليس عن عجز أو جهل .
وبعض المتكلمين المتأخرين الذين ابتدعوا الكلام إذا قيل لهم : إن السلف ما تحدثوا عن ذلك ولم يخوضوا فيما خضتم فيه من الكلام المذموم , قالوا : كانوا مشغولين بالجهاد , وهذا جواب المتأدبين معهم أما بعضهم فقد يتهم الصحابة ومن بعدهم بأنهم لم تكتمل عقولهم, ومعرفتهم العقلية, واطلاعهم على القضايا المنطقية , فهو يقول : لو اطلعوا على ذلك لتكلموا بهذا الكلام وخاضوا فيه كما خضنا .
وهذا القول غير صحيح إطلاقاً, كما قال عمر بن عبد العزيز : (( فإنهم عن علم وقفوا)) بمعنى أن السلف الصالح رحمهم الله تعالى سلكوا ذلك المسلك في باب الأسماء والصفات, وغيره من أبواب العقائد عن قناعة منهجية علمية , وليس كما يزعم البعض أن هؤلاء السلف إنما يسمعون النصوص وينقلونا كما سمعوها فقط . بل أولئك السلف سمعوا النصوص , وفهوها , وعرفوا مدلولاتها , واثبتوها, لأنهم كانوا ارجح الناس عقولاً , وأعظم الناس فهماً , وأكمل الناس ديناً وتقوى, ومن ثم كان فهمهم أصح الأفهام, وعلمهم أعمق العلم وأدقه بالنسبة لمن بعدهم .
وسبب ذلك أنهم لما جاءت ووردت إليهم هذه النصوص نظروا إليها النظر السليم ووزنوها بالميزان الصحيح , وعلموا إنما هي أمور إخبارية تتعلق بالله وأسمائه وصفاته , والخبر عن الله وأسمائه وصفاته مما لاتدخل في مجاله العقول, فإن البشر مهما أعملوا عقولهم , فلا يمكن أن يصلوا إلى هذه الحقائق, فلما كان الأمر كذلك , أحالوا في العلم بها إلى الخبر الصادق , فوجدوا أن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيهما البيان فأثبتوها .
إذن المنهج الحق والمنهج العلمي الصحيح لأهل السنة والجماعة , ليس هو بإعمال العقول القاصرة في كل شيء , ولا في إعمال العقل في كل الأمور وليس هذا دليل عمق الفهم ودقة التعبير والتحصيل كما قد يزعم البعض .
المنهج الصحيح هو أن تعطي كل ذي حق حقه , فإذا كان هناك خبر عن غائب , فأنت والحالة هذه يجب أن تأخذ الخبر من مصدره, لأنه لامجال للعقل وحده بالنسبة لهذا الخبر الغيبي , مهما أعملت فكرك فيه , وهذه فضية منهجية, لكن في مقابل ذلك نجدهم في المجالات الأخرى التي كان للعقل فيها مجال أعملوا عقولهم , وعمروا الدنيا, وخططوا إدارياً , وعسكرياً , واقتصادياً , وسياسياً .
بل إن هناك كتابات مستقلة كتبت عن مناهج هؤلاء في الأمور السياسية والاقتصادية والعسكرية والإدارية , وكانت لهم في ذلك رؤى مستقلة ونظريات لا زالت تدرس إلى وقتنا هذا, ومن هؤلاء عمر بن عبدالزيز صاحب هذا القول الذي نحن بصدد شرحه, ومن قبل الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه وغيرهما- رضي الله عنهم - .
ففي المجال الذي يفيد المسلم , وللعقل, وللتفكيري فيه مجال, فكّروا وأنتجوا فيما ينفع المسلمين .
لكن المجال الذي ليس للعقل فيه دور كالخبر عن الله أسمائه وصفاته , وتشريعه في أبواب العبادات والأحكام وغيرها وقفوا مع النصوص والوارده, ولم يدخلوا عقولهم فيها .

ومن هنا قال رحمه الله تعالى هذه العبارة العظيمة المحددة لمنهج أهل السنة ((فإنهم عن علم وقفوا وببصر نافذكفوا )) .

البصر : بصيرة العقل والقلب, نافذ ثاقب . وهو الذي يرى الحق ويبصره وقد ورد في الأثر حديث رواه البيهقي في الزهد وغيره : (( إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات )) (1) .
فهؤلاء عن بصر نافذ دقيق جداً وتبصر حقيقي منهجي كفوا عن الخوض في هذه الأمور, فلم يخوضوا فيهاكما خاض المتأخرون حين قالوا مرة نثبت هذا , ومرة لا نثبته أو قالوا: هذا مجاز , العقول خالفته أو ناقضته . نتأول هذا, وهذا لا نتأوله, ما خاضوا في هذا , وإنما اثبتوا ماورد ووقفوا, فهم رحمه الله تعالى عليهم ببصيرة وعقل كفوا علن الخوض فيها, لا عجزاً كما يدعي بعض المتكلمين الذين أشرنا إليهم قبل قليل, وحنيما يُسألون عن اختلاف منهجهم عن منهج السلف الصالح السابق, يأتون بتلك العبارة المشهورة فيقولون مذهب السلف أسلم , ومذهب الخلف اعلم واحكم . وهذه عبارة خاطئة, بل إن مذهب السلف أسلم , وأعلم, وأحكم. ومذهب الخلف ليس أسلم, ولا أعلم, ولا أحكم .
ثم قال رحمه الله تعالى : (( وَلَهُمْ على كشفها كانوا اقوى )).
أي أن أولئك السلف الصالح رحمهم الله تعالى لو أرادوا أن يخوضوا في تلك المسائل بعقولهم لا ستطاعوا أن يخوضوا فيها, وهذه الأمور التي ابتدعها المتأخرون لو كانت خيراً لسبق أولئك إليها ولو كان ماذكروه من معانٍ هي مما يليق بالله سبحانه وتعالى, لسبق أولئك إليها وكشفوها, فإنهم كما سبق أن قررنا كانوا اعمق الناس فهماً , وأذكاهم , وأرجح الناس عقولاً رحمهم الله تعالى .
(( وبالفضل لو كان فيها أحرى )) : فإنهم كانوا أسبق إلى الفضل من غيرهم في جميع الأمور, ولهذا فإن كل من جاء بعدهم هو أقل فضلاً منهم, والرسول صلى الله عليه وسلم أعطى ذلك القرن الخيرية بقوله : (( خير الناس قرني, ثم الذين يلونهم, ثم الذين يلونهم )) (2) .
فلا يمكن أن يكون القرن الذي نبتت فيه نابتة الافتراق والاختلاف والأقوال البدعية وغيرها, أفضل من القرن الذي كان في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولهذا فهم كانوا اسبق الناس إلى أنواع الفضائل من أولها إلى آخرها, وأسبق الناس إلى كل فضل وإلى كل خير .
ثم قال رحمه الله تعالى : (( فلئن قلتم : حدث بعدهم , فما أحدثه إلا من خالف هديهم )) .
وهذا صحيح , فهذه الامور المحدثات المبتدعة , كلها مخالفة لهدي أولئك السلف الكرام رحمهم الله تعالى (( ورغب عن سنتهم )) فكل ما ابتدعه المتأخرون كما أشار عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى مخالف لهم, ومخالف لهديهم وسنتهم .

ثم قال : (( ولقد وصفوا منه ما يشفي , وتكلموا منه بما يكفي ))
قوله : (( وصفوا منه ما يشفي )) فإن أولئك الصحب الكرام , نقلوا ما ورد من هذه الصفات ومسائل العقيدة كلها, وكل ما نقلوه إلى من بعدهم هو مما يشفي القلوب , فمن اقتصر على هديهم انشرح صدره وشُفي قلبه, ومن لم يقتصر على ذلك, بل ظنّ أنهم قصروا , فأعمل عقله , وأدخل نفسه في باب البدع والتأويلات الباطلة ونحوها , انتابته الأمراض المتعددة , وهذا بلا شك دليل على رسوخ السلف الصالح في العلم وتقدمهم فيه, وليست طرقتهم مضطربة كحال المتأخرين , بل من سلك سبيلهم كان أكثر اطمئناناً, فهم رحمهم الله تعلى وصفوا لنا الدواء, وبلغونا ما يشفي, وتكلموا بما يكفي من الكلام القليل المغني عن كلام كثير من المتأخرين .
ومع أن كلامهم رحمهم الله تعالى كان قليلاً, إلا أنه كان مفيداً فصلاً ،
وكان كلامهم مربوطاً بعمل ، بخلاف من كان بعدهم ، فقد كثر كلامهم ، وقل فقههم ، وتقلص عملهم ، فأًصبح كثير من المتأخرين يقولون ما لا يفعلون ، ويكثر كلامهم بلا فائدة .

ثم قال رحمه الله تعالى : (( فما فوقهم محسِّر ، وما دونهم مقصِّر )) .

أراد رحمه الله تعالى أن يبين أن منهجهم وسط ، فمن أراد أن يغلو ، ويثبت غير ما أثبتوه ، ويظن أنهم أنقصوا بعض الحاجات ، فما زاده عنهم فليست زيادته إلا نقص وخروج عن طريقتهم المثلى ، ومن دونهم أي الذين قصروا ولم يأخذوا بجميع ما جاءوا به وإنما اكتفوا ببعضه ، ونحو ذلك فهؤلاء مقصرون .
ولفظة محسِّر هنا لها بعض المعاني اللغوية المناسبة للمعنى المقصود هنا ؛ فإن المقاتل الذي ليس عليه درع ، ولا على رأسه مغفر ، يسمى حاسر ، وجاء في قصة غزوة حنين أن رجلاً سأل البراء فقال لـه : (( يا أبا عمارة ، أكنتم فررتم يوم حنين ؟ فقال لـه البراء رضي الله عنه : لا والله ما ولَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه خرج شبان أصحابه وخفافهم حُسْراً ليس بسلاح ...)) (3) .
فالحُسرْ جمع حاسر هم الذين ليس معهم سلاح ، وليس عليهم دروع ، ولا على رؤوسهم المغافر التي يتقون بها ضرب السيوف .
ويقول سبحانه وتعالى : {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ* ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ } (الملك:3,4).
ومعنى حسير : أي كليل ، ضعيف من شدة النظر ، فإن الإنسان إذا نظر واستد نظره إلى شيء ولم ينته فيه إلى أمر ، رجع البصر حسيراً كليلاً ، لأنه لم يصل إلى غايته .
وهذا واضح ، فالإنسان منا لو قال لـه قائل : انظر هناك على بعد عشرين كيلو متراُ في ذلك الجبل ، فإن فيه بقعة بيضاء هل يمكنك أن تراها ؟ فيأتي هذا الإنسان ينظر بالعين المجردة إلى الجبل فيرى الجبل ، ولكنه يريد أن ينظر إلى تلك البقعة البيضاء أو نحو ذلك ، فتجده ينظر ، وينظر ، ثم في النهاية يكلُّ بصره ، وهذا الكلال جاء من شدة الغلو في النظر والمبالغة فيه .
يقول عمر بن عبد العزيز : (( فما فوقهم محسِّر )) أي من أراد أن يقول : أنا أفضل من الصحابة ، ويثبت ما لم يثبتوه ، ويعمل ما لم يعملوه ، فهو محسر منقطع يرجع كليلاً ، ولهذا قيل : (( إن المنبت لا أرضـاً قطـع ولا ظهراً أبقـى )) (4).

حتى في باب العبادة ، فهذا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه ، لما عزم على الصيام أوصاه الرسول صلى الله عليه وسلم بما أوصاه به من العبادة ، ولكنه قال أنا أستطيع أكثر من ذلك وما زال يتدرج معه الرسول صلى الله عليه وسلم حتى قال لـه : (( صم يوماً وأفطر يوماً ، لا أفضل من صيام داود )) (5).
وعبد الله بن عمرو في شبابه كان قوياً مستطيعاً .
لكنه في أخر عمره قال :
((لقد قَصَر عنهم قومٌ فَجَفَوا ، وتجاوزهم آخرون فَغَلَوْا ، وإنهم فيما بَيْن ذلك لعلى هدًى مُستقيم )) .

ليتني أطعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مع أن الأمر كله سنة ، لكنه لا يريد أن يتخلى عن أمر فارق عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالمهم أن الإنسان إذا غلا في الأمر ، كان مآله في النهاية إلى الضعف والعجز ، ولهذا فإن الغلو مردود والتقصير مردود ، لأن التقصير معناه التخلي عن بعض الأمور التي ورد بها الشرع ، ووردت بها أدلة في الكتاب والسنة .
كما أن الغلو فيها يؤدي إلى هذا أيضاً وهو ترك الاتباع الكامل ، والسلف رحمهم الله تعالى وسط في كل الأمور ، وسط في باب العبادات ، ووسط في باب المعاملات ، ووسط في باب الأحكام ، ووسط في باب العقائد ، ووسط بين جميع الطوائف ، فكل الطوائف إما غالية في هذا الباب أو مقصرة ، إما في إفراط وإما في تفريط .
فمنهج أهل السنة والجماعة في هذا الباب وسط ، وهذا الذي أشار إليه عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى . ولهذا قال شارحاً ذلك : (( لقد قَصَر عنهم قوم فجفَوْا )) فالجافي هو المقصر لأن الجافي هو الذي أعرض ، فكأنه أعرض عن بعض منهجهم ، (( وتجاوزهم آخرون فغلوا )) فالمخالفون للسلف الصالح هم بين الجفاء والغلو وهذا تفسير للعبارة السابقة .
ثم قال : (( وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم )) .
أي أن أولئك السلف والصحب الكرام رحمهم الله تعالى كانوا بين ذلك على طريق مستقيم .

______________________
(1) رواه البيهقي في الزهد رقم 952 وابو نعيم في الحلية 6/ 199 بلفظ ( ويحب العقل الكامل عند هجم الشهوات) وقال عنه العراقي في تخريج الإحياء 4/388 )) أبو نعيم في الحلية من حيث عمران بن الحصين وفيه حفص بن عمر العدني ضعفه الجمهو ر)) وقال الزبيدجي في إتحاف السادة المتقين 10/105 بعد أن نقل كلام العراقي السابق :(( قلت : ورواه كذلك البيهقي في الزه د وأبو مطيع في أماليه والحافظ أبو سعد بن إبراهيم الأصبهاني في كتاب الأربعين بلفظ : عند مجيء ))
(2) أخرجه البخاري رقم ( 2652) كتاب الشهادات . رقم ( 2535) كتاب فضائل الصحابة.
(3) أخرجه البحاري رقم ( 2930 ) كتاب الجهاد . ومسلم رقم ( 1776 ) كتاب الجهاد .
(4) روى في هذا الحديث مرفوعاً أخرجه البزار عن جابر بلفظ : (( إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ، فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى )) . وهو في ضعيف الجامع رقم ( 2022 ) إلا أن معناه صحيح .
(5) أخرجه البخاري رقم ( 1976 ) كتاب الصوم . ومسلم رقم ( 1159 ) كتاب الصيام .




  #7  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 12:55 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post شرح فضيلة الشيخ: يوسف بن محمد الغفيص




قال الموفق رحمه الله:
[وقال عمر بن عبد العزيز كلاماً معناه: قف حيث وقف القوم، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا، ولهم على كشفها كانوا أقوى، وبالفضل لو كان فيها أحرى، فلئن قلتم: حدث بعدهم، فما أحدثه إلا من خالف هديهم، ورغب عن سنتهم، ولقد وصفوا منه ما يشفي، وتكلموا منه بما يكفي، فما فوقهم مُحَسِّر، وما دونهم مقصِّر، لقد قصَّر عنهم قوم فجفوا، وتجاوزهم آخرون فغلوا، وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدىً مستقيم] .

الهدى المستقيم هو في وسطية الصحابة رضي الله عنهم ، وقد قال الإمام ابن تيمية في الوصية الجامعة التي كتبها لأصحاب عدي بن مسافر الأموي، يقول فيها: "أنه ما من أمْرٍ أَمَر الله ورسوله به، إلا وصار فيه طرفان ووسط، فالوسط: هم أصحاب السنة والاقتداء، وأما الطرفان فهم: قوم إما أنهم أصحاب إفراط أو أصحاب تفريط، وعليه: فمقام التشقيق ليس من سنن السلف"، أي: مقام التكلف في تشقيق المسائل، والإلزام بما لم يكن إلزاماً عند السالفين، والتضييق لمسائل الخلاف التي كانت شائعةً زمن الأئمة كالصحابة والتابعين وأمثالهم. فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر الطائفة المنصورة الناجية، كما في الحديث المتواتر عنه عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين...) وهم: أهل السنة والجماعة.
ولو قال قائل: إن هذه الطائفة تطبق سنة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لكان مصيباً. ولو قال آخر: هذه الطائفة تطبق الإسلام؛ لكان مصيباً أيضاً. إذاً: هذه الطائفة ليس فيها زيادة إلا أنها تحافظ على الإسلام كما جاء. ومن هنا: فمن أخص أسماء هذه الطائفة أنهم أهل السنة، وقبل كونهم أهل السنة هم أهل الإسلام، ولهذا فإن أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تسموا بالمسلمين، كقول الله عز وجل حاكياً عن إبراهيم قوله: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) [البقرة:128] فالأصل أن الإسلام هو الجامع لهذه الطائفة، وفي الحديث المروي عن أبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو ، وأنس ، وهو حديث الافتراق المشهور، وإن كان فيه كلام، لكن الكثير من الحفاظ يقوونه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة) لم يكن بالضرورة مقصوداً أن الفرقة الناجية يجب أن تضيق، فالطائفة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة، وهم أهل السنة والجماعة، لا ينبغي أن يُقصد إلى تضييقهم، أو أن تضاف قيود كثيرة، وشروط جديدة، لإخراج أكبر عدد من المسلمين من هذه الدائرة، فالسلفي هو: من اقتدى بالسنة النبوية بوجهها العام، واقتدى بإجماعات السلف، واختار ما بان له أقرب إلى الحق في خلاف السلف، فإن السلف كما أنهم مجمعون على مسائل، فإنهم مختلفون في مسائل. إذاً لا ينبغي أن تضاف قيود على تعريف السلفية، بل تبقى كما بقيت زمن الصحابة والتابعين والأئمة من بعدهم، ولا يسمى القول سنةً لازمةً إلا إذا انضبط في كونه إجماعاً.
الاعتبار بأقوال المتقدمين


  #8  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 12:56 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post العناصر

العناصر
- ترجمة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز .
- شرح قول أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز .
- أهمية وصية عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى .
- وقوف الصحابة رضي الله عنهم كان عن علم .
- سكوت الصحابة كان عن بصيرة نافذة .


  #9  
قديم 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م, 12:57 PM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post الأسئلة


الأسئلة
س1: درست قصة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز فأجب عن الأسئلة التالية :
أ) ما معنى قوله : ( قف حيث وقف القوم فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفواُّ ) ؟
ب) ما معنى قوله: (فلئن قلتم حدث بعدهم، فما أحدثه إلا من خالف هديهم ) ؟
ج) ما معنى قوله: (ولقد وصفوا منه ما يشفي وتكلموا منه بما يكفي) وكيف ترد ؟
د) ما معنى قوله: (فما فوقهم مُحسّر وما دونهم مُقصّر ) ؟
هـ) تحدث عن وسطية منهج الصحابة في باب الأسماء والصفات بين الغلاة والجفاة .

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
عمر, قول

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:15 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir