المجموعة الأولى:
س1: ما المراد بالبديع؟
علم البديع يعد من العلوم المهمة التي ينبغي على المفسر أن يكون على معرفة و عناية بها , فهو من علوم اللغة العربية يعرف صاحبه محاسن الألفاظ و ولطائف المعاني , ويستطيع المفسر عن طريقه معرفة معان بديعة لطيفة لا يتفطن لها كثير من الناس , أيضا يستطيع المفسر من خلالها معرفة الأوجه التفسيرية و استخراجها .
و الكلام على البديع يقع على معنيين هما :
الأول : وهو المعنى المبتكر الذي لم يسبق إليه المتكلم , أو هو المعنى الذي تقدم فيه المتكلم على من سبقه ؛ فاستخرج المعاني ببراعته و انتزع منها المعنى , وعبر عنها بعبارة حسنة , وسبكها سبكا حسنا .
و ممن نبه على هذا المعنى الطاهر بن عاشور في مقدمة تفسيره في ( مبتكرات القرآن ) .
الثاني : وهو الذي يسميه المتأخرون من علماء البلاغة ( المحسنات المعنوية واللفظية ) , وفيه أنواع كثيرة لا تحصى .
س2: بين فائدة معرفة تناسب الألفاظ والمعاني للمفسّر.
من فوائد معرفة تناسب الألفاظ والمعاني للمفسر :
1 – إحسان المفسر في تبليغ معاني القرآن .
2 – يستطيع المفسر عن طريقه تقريب دلائل ألفاظ القرآن .
3 – أنه يعين المفسر على معرفة إدراك التناسب بين بعض الأقوال الصحيحة .
4 – يستطيع المفسر من خلاله أن يرجح بين بعض الأوجه التفسيرية .
5 – يستطيع المفسر من خلاله أن يؤثر على قلوب المتلقين ما لا يدركه بالعلوم الأخرى .
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (أكثر المحققين من علماء العربية والبيان يثبتون المناسبة بين الألفاظ والمعاني).
ومن الأمثلة التي توضح فائدة هذا العلم :
معنى كلمة "ضيزى" في قوله تعالى : ( تلك إذا قسمة ضيزى ) .
فحروف هذه الكلمة في هذا الموضع تشتمل على معنى الغرابة , والتشنيع , والجور , والنقصان , والاعوجاج , والضيز في اللغة يفسر بالجور , والنقص , والاعوجاج ؛ فهذه الكلمة جمعت هذه الأوصاف القبيحة وقد فسر السلف هذه الكلمة في هذا الموضع بهذه المعاني .
قال عبد الرحمن بن حسن حبنكة الميداني في كتابه "البلاغة العربية": (ونلاحظ أنّ اختيار كلمة "ضِيزَى" في هذا الموضع دون الكلمات التي تُؤدّي معناها له نُكْتَتَان: معنوية، ولفظيّة.
- أما المعنويّة فهي الإِشعار بقباحة التعامل مع الرّبّ الخالق بقسمة جائرة، يختار المشركون فيها لأنفسهم الذكور ويختارون فيها لربّهم الإِناث، عن طريق استخدام لفظ يدلُّ بحروفه على قباحة مُسَمَّاه.
- وأمّا اللفظية فهي مراعاة رؤوس الآي، في الآيات قبلها، وفي الآيات بَعْدَها).
س3: بيّن طرق التفسير اللغوي.
ينقسم طرق التفسير اللغوي إلى فسمين :
الأول : النقل عن العرب , أو عن علماء اللغة المتقدمين :
فيذكر القول عنهم في المسألة التفسيرية , و منهم من يكتفي بذكر المعنى الوارد في لغة العرب في هذه المسألة , ولا يفسر القرآن , وقد اشتهر ذلك عن جماعة من علماء اللغة المتقدمين أنهم إذا سئلوا عن تفسير آية أنهم يقومون بذكر ما يعرفوه من كلام العرب , وأشعارهم , وأخبارهم , ويتهيبون من تفسير القرآن .
مثاله :
ما ذكره أبو منصور الأزهري :(قال محمد بن سلام: سألت يونس عن هذه الآية [يريد {لأحتنكنّ ذريّته}] فقال: يقال: كان في الأرض كلأ فاحتنكه الجراد، أي: أتى عليه. ويقول أحدهم: لم أجد لجاماً فاحتنكتُ دابّتي، أي: ألقيت في حِنْكِها حَبْلاً وقُدْتها به).
فلم يفسر الآية ولكن اكتفى بالمعنيين عن العرب .
الثاني : الاجتهاد :
وهو أن يجتهد علماء اللغة في فقه كلام العرب , أساليب تخاطبهم , فيجمع بين الأقوال ويوازن بينها ويقيس ويستنتج , ويستنبط معاني الكلام و أحكامه .
واجتهادهم في التفسير اللغوي فرع عن اجتهادهم في فقه كلام العرب وتفسير ما يروى من أشعارهم وخطبهم .
ويقع في اجتهادهم الاتفاق وهو كثير في مسائل التفسير اللغوي , ويقع منهم الاختلاف , فما أجمعوا عليه فهو حجة لغوية مقبولة , وما اختلفوا فيه ينظر إلى نوع الخلاف ويرجح بين أقوالهم غذا لم يمكن الجمع بينها .
تنبيهات :
الأول : ليس كل ما تحتمله اللغة من معاني يقبل في التفسير , فقد يثبت المعنى لغويا بطريق صحيح ولكن ذلك لا يقتضي أن يفسر بها الآية , ورد الاحتمالات اللغوية غالبا يرجع إلى :
1 – أن يقوم دليل من القرآن أو السنة أو الإجماع على تخصيص أحد الاحتمالات اللغوية في تفسير الآية , فحينئذ لا يجوز تفسير الآية بغيرها من الاحتمالات .
2 – أن يعرض الاحتمال اللغوي دليلا صحيحا من كتاب أو سنة أو إجماع .
3 – أن لا يلتئم الاحتمال اللغوي لمعنى اللفظة عند إفرادها مع السياق ولا مناسبة الآية ولا مقصدها .
الثاني : التفسير اللغوي منه ما هو محل إجماع ومنه ما هو محل خلاف واجتهاد , وقد يقع الاختلاف في التفسير اللغوي كما هو واقع في باقي العلوم , و لكن لا يمكن أن يقع تعارض بين قول مجمع عليه عند أهل اللغة مع قول متفق عليه عند السلف .
س4: ما المراد بالتفسير بالرأي المذموم؟
المراد بالتفسير بالرأي المذموم : تفسير أهل البدع الذين يفسرون القرآن بآرائهم المجردة , وبما يوافق مذاهبهم و أهواءهم.
وأيضا تفسيرهم للقرآن بمجرد الرأي , والإعراض عن آثار السلف .
س5: تحدّث بإيجاز عن موارد الاجتهاد في التفسير.
الاجتهاد في التفسير داخل في جميع طرق التفسير , وفي كل طريق له موارده :
أولا : طريق تفسير القرآن بالقرآن : فمنه ما يكون دلالته نصية ظاهره لا يحتاج إلى اجتهاد , ومنه ما يدخله الاجتهاد .
فموارد الاجتهاد فيه :
1 – الاجتهاد في ثبوت أسانيد بعض القراءات , و إن لم يقرأ بها .
2 – الاجتهاد في تفسير لفظة بلفظة .
3 – الاجتهاد في بيان الإجمال , وتقيد المطلق و تخصيص العام باستخراج ما يدل على ذلك من آيات أخرى .
4 – الاجتهاد في الجمع بين آيتين لاستخراج حكم شرعي .
5 – الاجتهاد في تفصيل أمر مذكور في آية بذكر ما يتعلق بها في آية أخرى لبيان بعض الأوجه التفسيرية والترجيح بينها.
6 – الاجتهاد في الاستدلال لبعض الأقوال التفسيرية بما يقويها بدلالة آية أخرى .
ثانيا : طريق تفسير القرآن بالسنة : فموارد الاجتهاد فيه :
1 – الاجتهاد في ثبوت التفسير النبوي إسنادا ومتنا .
2 – الاجتهاد في استخراج دلالة صحيحة بين آية وحديث نبوي يفسر تلك الآية , أو يبين بعض معناها .
3 – الاجتهاد في معرفة أسباب النزول و أحواله .
4 - الاجتهاد في الاستدلال لبعض الأقوال المأثورة بما صحّ من الأحاديث.
5 - الاجتهاد في إعلال بعض الأقوال التفسيرية بما صحّ من الأحاديث النبوية .
ثالثا : تفسير القرآن بأقوال الصحابة : فموارد الاجتهاد فيه :
1 - الاجتهاد في معرفة أقوال الصحابة في التفسير.
2 - الاجتهاد في التحقق من ثبوت صحة الأسانيد المروية إلى الصحابة.
3 - الاجتهاد في فهم أقوال الصحابة، ومعرفة مآخذها، وتخريجها على أصول التفسير.
4 - الاجتهاد في التمييز بين ما يُحمل على الرفع من أقوال الصحابة وما لا يُحمل على الرفع مما أخذه بعض الصحابة عمّن قرأ كتب أهل الكتاب.
5 - الاجتهاد في تحرير أقوال الصحابة في نزول الآيات وتمييز ما يحمل على بيان سبب النزول مما يُحمل على التفسير.
6 - الاجتهاد في معرفة علل الأقوال الضعيفة المنسوبة إلى بعض الصحابة نصّاً أو استخراجاً.
7 - الاجتهاد في الجمع والترجيح بين أقوال الصحابة.
رابعا : تفسير القرآن بأقوال التابعين : فموارد الاجتهاد فيه :
1 - الاجتهاد في تمييز أحوال التابعين في العدالة والضبط، وتعرّف مراتبهم ودرجاتهم ليستفاد بهذا الاجتهاد في الترجيح بين أقوالهم عند التعارض.
2 - الاجتهاد في تقرير مسائل الإجماع، وتصنيف مسائل الخلاف، والتمييز بين الخلاف المعتبر وغير المعتبر، وخلاف التنوّع وخلاف التضاد.
3 – الاجتهاد في التعرّف على الأقوال وأنواعها، وجوامعها وفوارقها ومآخذها وعللها.
خامسا : تفسير القرآن بلغة العرب : فموارد الاجتهاد فيه :
1 - الاجتهاد في ثبوت ما يعرف بالنقل عن العرب، وتمييز صحيح الشواهد من منحولها، ومقبولها من مردودها.
2 - الاجتهاد في اكتشاف ما اعترى بعضها من اللحن والتغيير والتصحيف، وضبط الألفاظ العربية رواية ودراية، والتمييز بين لغات العرب، وتعرّف أوجه الاختلاف والتوافق بينها.
3 – الاجتهاد في معرفة الإعراب، وتلمّس العلل البيانية، وتوجيه القراءات، ومعرفة الاشتقاق والتصريف.
4 - الاجتهاد في تعيين معاني الحروف والمفردات والأساليب القرآنية.
5 - الاجتهاد في الاستدلال لصحّة بعض الأقوال التفسيرية وإعلال بعضها.
6 - لاجتهاد في الجمع بين بعض الأقوال المأثورة بجامع لغوي يُعبّر عنه المجتهد عبارة حسنة تدلّ على مآخذ الأقوال المندرجة تحت تلك العبارة.
7 - الاجتهاد في معرفة التخريج اللغوي لأقوال المفسّرين، وهو باب واسع للاجتهاد، وله أمثلة كثيرة نافعة.
س6: ما هي الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة طرق التفسير ؟
أولا : جزى الله خيرا شيخنا الشيخ عبدالعزيز الداخل على هذه الدورة القيمة و غيرها من الدورات .
ثانيا : هذه الدورة القيمة بها من الفوائد الكثير منها :
1 – ينبغي على طالب علم التفسير أن يكون على دراية بطرق التفسير فهي المفتاح الذي يستطيع أن يلج به إلى هذا العلم الشريف .
2 – أيضا ينبغي معرفة مراتب هذه الطرق ؛ فأحسنها التفسير بالقرآن , ثم بالسنة , ثم بأقوال الصحابة , ثم بأقوال التابعين , ثم بلغة العرب , ثم بالاجتهاد .
3 – اهتمام العلماء وعنايتهم بتفسير القرآن بالقرآن .
4 – أن السنة مبينة للقرآن و شارحة له , وأن التفسير بالسنة يكون تفسيرا عمليا , وبالإقرار , و بالقول .
5 – أن تفسير النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الخطأ .
6 – أن الصحابة هم أفضل من فسر القرآن لمعرفتهم بلغة العرب , ونزول القرآن عليهم .
7 – أن التابعين هم أفضل من فسر القرآن بعد الصحابة لأنهم أخذوا منهم و تعلموا على أيديهم .
8 – أن التفسير بلغة العرب هو أوسع أنواع التفسير لأنه يندرج تحته أنواع كثيرة .
9 – أن العلماء لهم عناية خاصة بالتفسير اللغوي من لدن الصحابة إلى يومنا هذا .
10 – ينبغي على المفسر أن يكون على دراية بأنواع التفسير اللغوي من معرفة معاني الحروف , والإعراب , والمناسبات بين الألفاظ , والقراءات وتوجيهها ,والتصريف , والاشتقاق , و البديع وغيرها من أنواع التفسير اللغوي .
11 – الحذر من القول على الله بغير بعلم فهذا مظنة الهلكة .
12 – الابتعاد عن التفسير المذموم الذي هو بمجرد الرأي والهوى .
وغيرها من الفوائد .
والله أعلم