الحمدلله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لمعرفة سير المفسرين والصالحين دور كبير في حياة المسلم فلهذا نقدم هذا البحث اليسير في سيرة المفسر أبو حيان الاندلسي .
مخطط البحث يشتمل على
الفصل التمهيدي :سيرته
وفيه سبع مباحث
المبحث الأول :اسمه ونسبه
المبحث الثاني : مولده ونشأته
المبحث الثالث :شيوخه
المبحث الرابع :تلاميذ
المبحث الخامس :أقوال العلماء فيه
المبحث السادس :طلبه للعلم
المبحث السابع :نبذه عن تاريخه
الفصل الأول كتابته
وفيه ثلاث مباحث
المبحث الأول :آثاره
المبحث الثاني :نماذج من تفسيره
المبحث الثالث :وفاته
المبحث الأول :اسمه ونسبه
محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين الغرناطي الأندلسي.
ذكره ابن الجزري ضمن علماء القراءات
المبحث الثاني مولده ونشأته
ولد أبو حيان في أواخر شوال سنة أربع وخمسين وستمائة من الهجرة. وكان مولده بـ مطخشارش وهي مدينة من حضرة غرناطة ، بدأ أبو حيان حياته بالقرآن الكريم حفظا ودراسة فقرأه على الخطيب عبد الحق بن على افرادا وجمعا ثم على الخطيب أبى جعفر بن الطباع ، ثم على الحافظ أبى على بن أبى الأحوص بمالقة وألم رحمهالله بالقراءات صحيحها وشاذها.
المبحث الثالث :شيوخه
أخذ العربية في غرناطة على أبي الحسن الأبذي وأبي جعفر الطباع كما درس في مالقة على أبي عبد الله بن عباس القرطبي وفي بجاية على أبي عبد الله محمد بن صالح وفي تونس على أبي محمد عبد الله بن هارون وفي الإسكندرية على الحافظ عبد النصير المريوطي وفي مصر على عبد العزيز الحراني وابن خطيب المزة وأبي الطاهر المليجي ودرس الحديث في مصر على العلامة ابن دقيق العيد والنحو على الشيخ بهاء الدين بن النحاس.و أجاز له خلق من ابن دقيق العيد والحافظ الدمياطي وأبو اليمن بن عساكر
المبحث الرابع تلاميذه
تتلمذ عليه في مصر خلق كثير على رأسهم تقي الدين السبكي وابنه تاج الدين السبكي وبدر الدين ابن جماعة وكمال الدين الأدفوي وجمال الدين الأسنوي و ابن عقيل والسفاقسي والصفدي وغيرهم. و قد تصدر أبو حيان لتدريس الحديث في المدرسة المنصورية بالقاهرة وخلف شيخه بن النحاس في حلقة النحو.
المبحث الخامس أقوال العلماء فيه
أبو حيان أمة وحده جامعاً للمعارف الإسلامية ملماً باللغات الشرقية يقول عنه تلميذه الصفدي : (ثبت فيما ينقله محرر لما يقوله عارف باللغة ضابط لألفاظها وأما النحو والتصريف فهو إمام الدنيا في عصره فيهما ولم يُذكر معه أحد من أقطار الأرض وله اليد الطولى في التفسير والحديث وتراجم الناس وطبقاتهم وتواريخهم وحوادثهم وله التصانيف التي سارت طارت وانتشرت وما اندثرت وقرئت ودرست ونُسخت وما نسخت أخملت كتب المتقدمين وألهت بمصر المقيمين والقادمين).
و يقول عنه السيوطي (نحوي عصره ولغويه ومفسره ومحدثه ومقرؤه ومؤرخه وأديبه )
قال عنه ابن العماد في شذرات الذهب
واكب ـ أبو حيان ـ على طلب الحديث واتقنه وشرع فيه وفى التفسير والعربية والقراءات والادب والتاريخ واشتهر اسمه وطار صيته وأخذ عنه أكابر عصره وتقدموا فى حياته كالشيخ تقى الدين السبكى وولديه والجمال الاسنوى وابن قاسم وابن عقيل والسمين وناظر الجيش وابن مكتوم وخلائق.
مما يذكر لأبى حيان ما قاله عنه الأدفوي وهو : ـ ( ... كان ثبتا صدوقا سالم العقيدة من البدع الفلسفية والاعتزال والتجسيم ... كثير الخشوع والبكاء عند قراءة القرآن ، وكان شيخا طوالا حسن النفحة مليح الوجه ظاهر اللون مشربا بحمرة منور الشيبة كبير اللحية مسترسل الشعر )
قال الذهبي عنه: (حجة العرب، وعالم الديار المصرية)
المبحث السادس :طلبه للعلم
رحل « أبو حيان » في سبيل طلب العلم إلى الكثير من البلاد الإسلامية ، مثل تونس ، والقاهرة ، والاسكندرية ، ودمياط ، والمحلة الكبرى ، والجيزة ، ودشنا ، وقنا ، وقوص ، وبلبيس.ثم بعد ذلك استقر في مصر ، يتلقى عن شيوخها ، ويأخذ عن علمائها ويقرأ على قرائها ، فمصر كانت محط أنظار طلاب العلم يقصدونها من كل مكان.
المبحث السابع نبذه عن تاريخه
أشهر أعمال أبي حيان وأعظمها هو تفسيره الضخم البحر المحيط الذي يُعد قمة التفاسير التي عنيت بالنحو، وليس له مثيل، وقد ساعد عليه قيامه بالتفسير في قبة السلطان المنصور قلاوون مطلع القرن الثامن.
و له أيضاً :
ارتشاف الضرب من لسان العرب.
التذييل والتكميل.
إتحاف الأريب بما في القرآن من الغريب.
النافع في قراءات نافع.
الأثير في قراءة ابن كثير.
تقريب النائي إلى قراءة الكسائي.وغيرها
الفصل الأول كتابته
المبحث الأول اثاره
ما إن شب أبو حيان و استوى عوده واكتمل تحصيله حتى جعل همه ان يعطي الناس كل ما استوعبه، فأخذ يدرس و طلبه العلم ينهلون من علمه الغزير و يشتد اقبالهم على دروسه فيزيده ذلك حماسا ، ويطير صيته في الاوساط العلمية، ويبدأ الدراسون يتقاطرون على كتبه بعد ان رأوا فيها الوضوح و الجلاء بدليل ان الشروح التي جللتها لم تفتح منها بابا مغلقا او توضح مبهما او تحل تعقيدا كما هو الحال في مؤلفات غيره، و انما مسحت كلفا وذكرت نتفا، فكان هذا الميراث مغريا لعشاق النحو ان يتلقفوا مصنفات ابي حيان لما لها من طعم و مذاق يرضي النفس و يشفي الغليل، وقد احصاها الدكتور محمد جاسم الدليمي محقق كتاب تقريب المقرب لابي حيان الاندلسي فوجدها تزيد على السبعين.
المبحث الثاني :نموذج من تفسيره
( قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس ) . تقدم أنها نزلت مع ما قبلها ، والخلاف أهي مدنية أم مكية ؟ وأضيف الرب إلى الناس ؛ لأن الاستعاذة من شر الموسوس في صدورهم ، استعاذوا بربهم مالكهم وإلههم ، كما يستعيذ العبد بمولاه إذا دهمه أمر ، والظاهر أن ( ملك الناس إله الناس ) صفتان ، وقال الزمخشري : هما عطفا بيان ، كقولك : سيرة أبي حفص عمر الفاروق ، بين بملك الناس ، ثم زيد بيانا [ ص: 532 ] بإله الناس لأنه قد يقال لغيره : رب الناس ، كقوله : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) . وقد يقال : ملك الناس ، وأما إله الناس فخاص لا شركة فيه ، فجعل غاية للبيان . انتهى . وعطف البيان المشهور أنه يكون بالجوامد ، وظاهر قوله أنهما عطفا بيان لواحد ، ولا أنقل عن النحاة شيئا في عطف البيان ، هل يجوز أن يتكرر لمعطوف عليه واحد أم لا يجوز ؟ وقال الزمخشري : فإن قلت : فهلا اكتفى بإظهار المضاف إليه الذي هو الناس مرة واحدة ؟ قلت : لأن عطف البيان للبيان ، فكان مظنة للإظهار دون الإضمار . انتهى . والوسواس ، قالوا : اسم من أسماء الشيطان ؟ والوسواس أيضا : ما يوسوس به شهوات النفس ، وهو الهوى المنهي عنه ، والخناس : الراجع على عقبه ، المستتر أحيانا ، وذلك في الشيطان متمكن إذا ذكر العبد الله تعالى تأخر ، وأما الشهوات فتخنس بالإيمان وبلمة الملك وبالحياء ، فهذان المعنيان يندرجان في الوسواس ، ويكون معنى ( من الجنة والناس ) من الشياطين ونفوس الناس ، أو يكون الوسواس أريد به الشيطان ، والمغري : المزين من قرناء السوء ، فيكون ( من الجنة والناس ) تبيينا لذلك الوسواس ، قال تعالى : ( عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) . وقال قتادة : إن من الإنس شياطين ، ومن الجن شياطين ، فنعوذ بالله منهم . وقال أبو ذر لرجل : هل تعوذت من شياطين الإنس ؟ وقال الزمخشري : ( الوسواس ) اسم بمعنى الوسوسة ، كالزلزال بمعنى الزلزلة ، وأما المصدر فوسواس بالكسر كزلزال ، والمراد به الشيطان ، سمي بالمصدر كأنه وسوسة في نفسه ؛ لأنها صنعته وشغله الذي هو عاكف عليه ، أو أريد ذو الوسواس ، وقد تكلمنا معه في دعواه أن الزلزال بالفتح اسم وبالكسر مصدر في ( إذا زلزلت ) ويجوز في الذي الجر على الصفة ، والرفع والنصب على الشتم ، ومن في ( من الجنة والناس ) للتبعيض ، أي كائنا من الجنة والناس ، فهي في موضع الحال أي ذلك الموسوس هو بعض الجنة وبعض الناس ، وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون من متعلقا ب ( يوسوس ) ، ومعناه ابتداء الغاية ، أي يوسوس في صدورهم من جهة الجنة ومن جهة الناس . انتهى . ولما كانت مضرة الدين وهي آفة الوسوسة أعظم من مضرة الدنيا وإن عظمت ، جاء البناء في الاستعاذة منها بصفات ثلاث : الرب والملك والإله ، وإن اتحد المطلوب ، وفي الاستعاذة من ثلاث : الغاسق والنفاثات والحاسد بصفة واحدة وهي الرب ، وإن تكثر الذي يستعاذ منه ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا آوى إلى فراشه جمع كفيه ونفث فيهما وقرأ : قل هو الله أحد والمعوذتين ، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ برأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاثا صلى الله عليه وسلم وشرف ومجد وكرم وعلى آله وصحبه ذوي الكرم وسلم تسليما كثيرا .
المبحث الثالث وفاته
بعد حياة ملؤها الجد و البذل و العطاء ، لبى ابو حيان نداء ربه في القاهرة في الثامن و العشرين من صفر سنه745هـ عن عمر زاد على التسعين عاما قضاها في خدمة دينه و لغته وبرحيله رزئت العربية وطلابها بفاجعة كبيرة، فكان لوفاته صدى هز محبيه و تلامذته .
المراجع
1 البحر المحيط لأبي حيان
2 طبقات القراء
3 شذرات الذهب
4 مناهج المفسرين للدكتور منيع عبدالحليم محمود
5 أبو حيان النحوي
6 الموسوعة الحرة