قال في الجملة بعدها: "لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام" هذا يرد به على المجسمة والمعطلة جميعاً، "لا تبلغه الأوهام"يعني: أن تفكير المفكر، ونظره بخياله لا يمكن أن يبلغ بخياله وفكره وصف الله جل وعلا، ولا كنه ذاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فليست الأفهام موضوعة لإدراكه {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} سبحانه.
"ولا تبلغه الأوهام" يعني: مهما فكر العبد فلن يبلغ كنه ذاته سبحانه، ولا كنه اتصافه بصفاته جل وعلا، ولا يمكن للأفهام مهما علت أن تدرك ذلك، ففيه رد على المجسمة الذين جعلوا الله جل وعلا جسماً كالأجسام، وفيه رد على المعطلة الذين جعلوا الله جل وعلا معطلاً بصفاته، معطلاً عما وصف به نفسه؛ لأنهم شبهوا أولاً، ثم عطلوا ثانياً، فقام....
الشيخ:... {أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، فمعرفة الإنسان باتفاق العقلاء والحكماء، واتفاق أهل الشرع أنها إنما تكون شيئا فشيئا، وهذا هو الذي يسمى عند الفلاسفة نظرية المعرفة، أو نظرية حصول المعارف، وهي كما قلنا تأتي شيئا فشيئا، وهي مبنية على قسمين:
القسم الأول: أن هناك أشياء يدركها بحواسه؛باللمس،بالبصر، بالشمِّ،بالذوق، بالسماع، بحواسه يدرك، وهذا نوع من تحصيل المعارف، نوع من المعارف يحصل للإنسان بحواسه، وهذا أول ما يبدأ به الصغير.
والقسم الثاني: ما يحصل بعقله وإدراكه، وهذا مبني على المقارنة، وهذا القسم الثاني: مبني على الأول، وهو أنه يقارن الأشياء مع ما أحسها، فالمحسوسات التي أدركها بعينه، وبشمه، وبذوقه، وبسمعه، وبلمسه للأشياء هذه تسمى ضرورية؛ لأن وجودها لا يحتاج إلى برهان،وغيرها مما يحصل به المعرفة إنما يكون منسوبا عنده بهذه الأشياء، فيرى مثلا هذا العمود، فيراه بإحساسه ذا حجم، ثم يرى عمودا آخر أصغر منه، فيراه مختلفا عنه في الطول، فعقد المقارنة، وقال: هذا أصغر من هذا، ثم عقد المقارنة فقال: هذا أكبر من هذا، عقد المقارنة بين الألوان فقال: هذا أبيض، وهذا أسود، وهذا أحمر، عقد المقارنة بين الأشياء الحرارية فقال: هذا بارد، وهذا متوسط، وهذا دافئ وهذا حار إلى آخر ذلك.
وهذا نتحصل منه على القاعدة المتفق عليها بين القائلين بنظرية المعرفة، وهي صحيحة شرعا على القدر الذي ذكرت لك؛بأنه لا يمكن للوهم؛ وهم الإنسان، ولا يمكن لفهمه أن يدرك شيئا ولا أن يبلغه وهمه وفهمه إلا إذا رآه، أو أحسه بأحد الحواس، أو رأى ما يماثله ويشابهه فيقيس عليه، أو رأى ما يقيسه عليه،ولو لم ير ما يماثله، أو يشابهه إذا أمكنه القياس،فمثلا، يقول مثلا: تذكر صفة حيوان ما، إذا قيل لك: هناك حيوان اسمه القلا، أي اسم، فأنت مباشرة تتصور، ولو لم تعرف حقيقته، إنما ما دام إنه حيوان يمكن أن تقيس وتستخرج بعض الصفات؛ لأنا ابتدأنا وقلنا: حيوان، فإذا قلت: إنه أكبر من الفيل ذهبت إلى شيء آخر،إذا قلت: إنه أصغر من الفيل بدأت تتحدد، وتقرب عندك؛ لأنك أدركت هذه الأشياء بما رأيت أو بما يمكنك أن تقيس عليه.
ولهذا نقول: لا يمكن لأحد أن يدرك شيئا إلا إذا رآه، ولا أن يتحصل منه على معرفة؛ معرفة يبلغها وهمه، وتدركها فهمه إلا إذا رآه، أو رأى مثيله وشبيهه، أو رأى ما يقاس عليه، المثيل والشبيه مثلا تقول مثلا: أكلنا خبزا في بلد كذا، ما دام ذكرت الخبز، نحن أكلنا خبزا هنا، هناك، إذا قال لك: الخبزة مثلا ثلاثة أمتار طولها، فنأخذها ونقطعها، تعرف أن الخبز دقيق، أو بر إلى آخره، فعرفت شبيهه أو مثيله، فيمكن أن تدرك الآخر برؤيتك لما يدخل معه في الشبه، أو في المثلية.
الله سبحانه وتعالى لم تدركه الحواس، لم تدركه الحواس سبحانه وتعالى، ولم ير مثيل له، أو شبيه له، ولم ير ما يقاس،ما يمكن أن يقاس الحق عليه جل وعلا، ولذلك دخول المعرفة أو إدراك المعرفة، أو حصول المعرفة بالله جل وعلا لا يمكن أن تكون بالأوهام، أو الأفهام، أو بالأقيسة، أو بما تراه،ولهذا احتاج الناس إلى بعثة الرسل تبين لهم صفة ربهم جل وعلا وصفة خالقهم؛ لأنه جل وعلا لم ير، ولم يدرك مثله ولا ما يشبهه سبحانه، ولا يمكن أيضا أن يقاس على شيء.
فلذلك كان لابد من بعثة الرسل لبيان ذلك، وهذا يعني أنه سبحانه لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام،كما ذكر المصنف، فإذن قوله:"لا تبلغه الأوهام ولا تدركه الأفهام" منطلق من مسألتين كبيرتين ذكرتهما لك في هذه المسألة.
المسألة الثانية: أن الأوهام والأفهام هذه عبر عنها بقوله:"لا تبلغه الأوهام"في الأوهام. وفي الأفهام قال:"لا تدركه الافهام". وهذا راجع إلى أن الوهم يعني: ما يتوهمه الإنسان فغير ما يفهمه، فالوهم راجع للخيال، والفهم راجع للأقيسة والمقارنات.
ولهذا الرب جل وعلا لا يمكن تخيله، ولا يمكن أيضا أن يفكر فيه فيدرَك،وهذا معنى قول الله جل وعلا: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ}سبحانه وتعالى، لا تدركه الأبصار،لا تدركه الأبصار سبحانه، ولا تدركه الأبصار, هنا الأبصار تأتي بمعنى البصر،هو سبحانه لا يحيط به البصر،إذا رآه أهل الإيمان في الآخرة، وفي الدنيا،لا تدركه الأبصار أيضا (اللي) هي الرؤى، والعيون، وكذلك الأبصار التي هي الأفهام والأوهام لا تدركه جل وعلا.
فالفهم إذن منقطع، والوهم إذن منقطع، ولهذا قال بعض السلف: ما خطر ببالك فالله جل وعلا بخلافه، لم؟ لأني ذكرت لك أن لا يمكن أن يخطر ببالك،ولا أن تتخيل إلا شيئا مبنيا على نظرية المعرفة من قبل،وهذا مقطوع يقيني، إذن فصار الأمر أن إثبات الصفات لله جل وعلا بأنواعها، مع قطع الطمع في بلوغ الوهم لها من جهة الكيفية والكنه، وكذلك من جهة إدراك الأفهام لتمام معناها،فمن الجهتين: كنه الصفة الكيفية، وكذلك تمام المعنى هذا لا يمكن أن تبلغه الأوهام، ولا أن تدركه الأفهام.
نقف عند هذا القدر،وهذه الجمل في أولها مثلما ذكرت لك راجعة إلى مسائل مختلفة لا ينتظمها زمام، ويأتي بعد ذكر المسائل العقدية بتفصيلها إن شاء الله تعالى.
ذكر سؤال.. هذا سؤال يرجع إلى شرح كشف الشبهات،ذكرناه بتفصيله ما الفرق بين بلوغ الحجة وفهم الحجة.
وهذا سؤال علمي هام في حفظ المتون، وما له علاقة بالدرس.
سؤال: يقول: على القاعدة التي ذكرتم؛ وهي أن الاسم إذا كان منقسما فإنه لا يطلق على الله، فماذا يقال في اسم الباسط والقابض؟ فإن هذين الاسمين منقسمين؛ البسط يكون للخير وقد يكون للشر،كذلك القبض يكون للخير وقد يكون للشر.
جواب: هذا سؤال جيد، وجوابه راجع إلى معرفة أن الأسماء الحسنى منها ما لا يكون كمالا إلا مع قرينه، مثل الخافض الرافع، فالرافع لما اقترن بالخافض صار كمالا،ومثل القابض الباسط، الله جل وعلا قال: {وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ}، {الْقَابِضُ الْبَاسِطُ} سبحانه وتعالى، فثم من الأسماء.. الضار النافع جل وعلا. فثم من الأسماء الحسنى ما لا يكون دالا على الكمال بمفرده، ولا يسوغ التعبيد له،مثل: الضار،هو من الأسماء الحسنى، ما نقول: عبد الضار وأشباه ذلك، مثل المميت، المحيي المميت، ما نقول: عبد المميت؛ لأن هذه الأسماء تطلق على وجه الكمال، وتكون حسنى مع قرينتها، لهذا تجد أنها ملازمة للقرين، ملازمة للاسم القرين.
لهذا نقول: الباسط صار كمالا بالقابض، فيطلق، يطلق منفردا؛ لأن كماله باسم الله القابض، والقابض أيضا هو كمال باسم الله الباسط، لكنه لا يعبَّد له كما يعبد للباسط، ومثله النافع والضار، فالضار كماله بالنافع، والنافع كماله بالضار؛ لأنه يدل على القهر والجبروت لله جل وعلا،و كذلك المحيي المميت. وهذا يأتينا في.. عند قوله إن شاء الله: "مميت بلا مخافة".
سؤال: لماذا تقولون: إن عقيدة أهل السنة والجماعة من عقيدة التابعين؟ ونجد كثيرا من التابعين قد غلط في الأسماء والصفات، فهل نقول: عقيدة الصحابة، ولا نقول: عقيدة التابعين؟
جواب: أولا: من حيث الأدب في السؤال ما يناسب لطالب العلم أن يسأل بقوله: لماذا تقولون؛ لأن هذا فيه منافاة لأدب المعلم.. لأدب المتعلِّم مع المعلِّم.هذه واحدة.
الثانية: أن قوله: نجد كثيرا من التابعين قد غلط في الأسماء والصفات. التابعون إذا أراد بالذين غلطوا في الأسماء والصفات من أدركوا الصحابة فليس هؤلاء من التابعين للصحابة بإحسان،لهذا قال جل وعلا: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} ليس كل من تبع فجاء تابعا للصحابة يكون محمودا،لهذا نقول: عقيدة الصحابة والتابعين، المراد بالتابعين الذين أثنى الله عليهم، بأنهم تبعوهم بإحسان، أما الذين تبعوا الصحابة زمانا، وخالفوهم عقيدة، وابتدعوا في الأسماء والصفات، أو في القدر، أو في الإيمان، مثل الخوارج والمرجئة، والقدرية،وأشباه هؤلاء ـ أولى لا يدخلون، لا يدخلون أصلا في كلامه، فخير الناس قرن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الذين يلونهم،ثم الذين يلونهم، والمراد من كان منهم على الحق.
إن أراد السائل بعض الغلط المروي عن التابعين من أهل السنة، يعني ممن تبع الصحابة بإحسان فإنه لا يقال: إنهم غلطوا في الأسماء والصفات، وإنما حصل بعض العبارات التي ينازعون فيها؛ لأنهم اجتهدوا، لكن لا يقال: إنهم غلطوا في ذلك، ولكن يقال لهم: اجتهدوا، فيوقف أو ينسب إليهم اجتهادهم، ولا يعدون، ما يعتبرون غلطوا،ما في مسألةيقال: غلطوا فيها فيالصفات، التابعين بإحسان،ولا غلطوا بالأسماء؛ لأنه إن غلط في هذا الأمر، في أصل من أصول الصفات، أو من الأسماء فإنه لا يكون من التابعين بإحسان.
سؤال: ورد في الحديث:((وسلطانك))، ((أعوذ بوجهك الكريم وسلطانك القديم))...
جواب: هذا معروف في البحث. السلطان هنا المقصود به.. السلطان في هذا الحديث مقصود به الخلق، يعني الملكوت، أويقصد به الصفة المتعلقة بذلك، وهذا فيه بحث زيادة على ما ذكرت، ولكن هذه الكلمة لا تعني أن القديم من أسماء الله جل وعلا، أو أنه من صفاته سبحانه؛ لأنه وصف به سلطانه سبحانه، أعوذ بوجه الله الكريم، وبسلطانه القديم، سلطان الله القديم الذي هو صفة تدبيره سبحانه، وهذه ليست راجعة إلى الاسم القديم، الذي يدل على الذات، يعني كما هو معلوم أن الأسماء تدل على الذات، وتدل على الصفات.
سؤال: ما الفرق بين الصفات والأفعال في قولك: باب الصفات قد يكون باب الأفعال؟
جواب: يعني: قد يكون هناك أفعال تضاف إلى الله جل وعلا، ولا نشتق منها صفة نصف بها الرب جل وعلا، فباب الأفعال أضيق من باب الصفات، فليس كل فعل أطلق، أو أضيف إلى الله جل وعلا من فعله سبحانه نشتق منه صفة من الصفات.
كذلك ليس كل ما جاز أن يخبر به عن الله جل وعلا جاز أن نجعله اسما له سبحانه، أو أن نجعله صفة له سبحانه، وكذلك ليس كل صفة له جل وعلا يجوز أن نشتق منها اسم، مثل مثلا، مثل: الصُّنْع، الله جل وعلاقال في آخر سورة النمل: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}، فالصنْع هذا صفة، صنع الله،صنع الله هذا صفة، لكن لا يجوز أن نشتق منها الصانع؛ لأنا كما ذكرنا الشروط لابد أن تكون
أولا: جاءت في الكتاب والسنة،
والثاني: أن يكون يدعى بها، واسم صانع لا يدعى به الرب جل وعلا،ما تقول: يا صانع اصنع بي كذا؛ لأن ما يتوسل إلى الله به.
والثالث: أنه ليس مشتملا على مدح كامل مطلق غير مختص.
مثل أفعال باب الأفعال،مثل: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}،{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ}، هنا {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}،{اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ } جاء إضافة الأفعال هذه إلى الله جل وعلا، ما نقول: نشتق منها صفة فيوصف الله بالمكر، ويوصف الله بالاستهزاء وأشباه ذلك،هذا غلط؛لأن باب الأفعال، كما ذكرنا، أوسع من باب الصفات،وباب الصفات أضيق؛ لأن المكر منقسم، فيمكرون ويمكر الله،جاء هنا إضافة.. يمكر إلى الله جل وعلا، يمكر الله، لكن المكر صفة منقسمة إلى:
المكر الذي هو بحق، وهو ما دل على كمال وقهر وجبروت، وهو المكر بمن مكر به سبحانه، أو مكر بأوليائه، أو مكر بدينه، فهذا تكون حق.
وإلى مكر مذموم، وهو ما كان على غير وجه الحق. فإذا كان كذلك لا نستخدم منها اسم.
كذلك صفة الاستهزاء ما نقول: إن من صفات الله الاستهزاء، كذلك الملل ما نقول: من صفات الملل وأشباه ذلك،((إن الله لا يمل حتى تملوا)) أطلق الفعل لكن ما تشتق منه صفة؛ لأن الصفة منقسمة، وكذلك من الصفة إلى الاسم, وهذا فيه قواعد ذكرها ابن القيم رحمه الله في أول ودائع الفوائد. نقف عند هذا ونسأل الله التوفيق والسداد.
القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم،الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
قال العلامة حجة الإسلام أبو جعفر الوراق رحمه الله تعالى:
نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له، ولا شيء مثله، ولا شيء يعجزه، ولا إله غيره،قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء،لا يفنى ولا يبيد، ولا يكون إلا مايريد،لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام، ولا يشبه الأنام،حي لا يموت، قيوم لا ينام، خالق بلا حاجة، رازق بلا مؤونة،مميت بلا مخافة،باعث بلا مشقة، مازال بصفاته قديما قبل خلقه،لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته، وكما كان في صفاته أزليا كذلك لايزال عليها أبديا، ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق، ولا بإحداث البرية استفاد اسم الباري، له معنى الربوبية ولا مربوب، ومعنى الخالق ولا مخلوق.
قارئ آخر: بسم الله الرحمن الرحيم،الحمد لله رب العالمين،وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين.
قال العلامة حجة الإسلام أبو جعفر الوراق الطحاوي رحمه الله تعالى:
نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له، ولا شيء مثله، ولا شيء يعجزه، ولا إله غيره،قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء، لا يفنى ولا يبيد،ولا يكون إلا مايريد، لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام، ولا يشبه الأنام، حي لا يموت، قيوم لا ينام، خالق بلا حاجة، رازق بلا مؤونة، مميت بلا مخافة،باعث بلا مشقة، مازال بصفاته قديما قبل خلقه،لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته، وكما كان في صفاته أزليا كذلك لايزال عليها أبديا، ليس منذ خلق الخلق استفاد اسم الخالق، ولا بإحداثه البرية استفاد اسم الباري،له معنى الربوبية ولا مربوب، ومعنى الخالق ولا مخلوق.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، وأشهد ألا إله إلا الله،وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين،اللهم نسألك العلم النافع، والعمل الصالح، والدعاء المسموع، والقلب الخاشع، اللهم تقبل منا أعمالنا،وثبتنا على ما يرضيك، واجعلنا من عبادك المخلصين، أما بعد..،
فهذه الجمل التي سمعنا من هذا المتن العظيم،الذي هو متن العقيدة الطحاوية،متصلة بما قبلها، والكلام بما تقدَّم كان عن وصف الله جل وعلا بصفات الكمال، ونعوت الجلال والجمال،فقال رحمه الله تعالى في وصفه سبحانه وتعالى:"لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام، ولا يشبه الأنام" وهذه كما ذكرنا لك فيما سلف عامة في جميع الصفات، وأن صفات الحق جل وعلا لا تشبه صفات الأنام بالقيد الذي ذكرناه لك مفصلا بما سلف.