في بداية تفسيره
●نبذة من أخباره
كان يسمى ( أستاذ التفسير ) فإذا أطلق الأستاذ ذهب اللقب إليه ، قال ياقوت في معجم الأدباء : أبو إسحاق الثعلبي ، المقرئ ، المفسر ، الواعظ ، الأديب ، الثقة ، الحافظ ، من علماء التفسير واللغة والتاريخ
وذكر في تفسيره أنه منذ الصغر واختلافه إلى العلماء ، واجتهاده في الاقتباس من علم التفسير الذي هو أساس الدين ورأس العلوم الشرعية ، ومواصلته ظلام الليل بضوء النهار بعزم أكيد وجهد جهيد ، حتى رزقه الله ما عرف به الحق من الباطل ، وظهر له تفرق المفسرين مابين أهل بدع ، وفرقة منهم حذفت الاسناد الذي هو الركن والعماد ، ووأخرى اقتصر أصحابها على الرواية والنقل دون الدراية والنقد .....
وأنه رأى حاجة الناس إلى كتاب جامع مهذب يعتمد
● آثاره
قال ياقوت في معجم الأدباء : أبو إسحاق الثعلبي صاحب التصانيف الجليلة : من التفسير الخلوي أنواع الفرائض من المعاني والاشارات ، وكلمات أرباب الحقائق ، ووجوه الاعراب والقراءات
وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء ، وله اشتغال بالتاريخ ومن كتبه ( عرائس المجالس ) ،وله كتاب ( قتلى القران ) والذي قد أشار المحقق في تلخيصه لهذا الكتاب إلى أن هذا الكتاب (فريدٌ في بابه ، جديدٌ في موضوعه ، سرد فيه مؤلفه الإمام المقرئ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي المتوفى سنة (427هـ) قصصاً روى أكثرها بإسناده عن سلف هذه الأمة ، ممن قرأ القرآن الكريم ، فتوفي متأثراً بمعاني الآيات الكريمة ، وله ( الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة ) ).
ومن أبرز النتائج الذي توصل إليها المحقق :
- أن الثعلبي - بحسب المحقق - أول من ألف في موضوع قتلى القرآن استقلالاً.
- عناية الثعلبي بالإسناد ، فغالب قصصه مسندة.
- تقدم وفاة المؤلف ، وغزارة مادة الكتاب العلمية جعلته مصدراً مهماً لكتب الأخلاق وتهذيب السلوك والتوبة.
- اشتمال الكتاب على قصص غريبة ينتبه لها ، ويحذر منها لمجاوزتها الحد المقبول.
وصنف ( الكشف والبيان عن تفسير القرآن )
إن كتاب " الكشف والبيان عن تفسير القرآن " هو من تصنيف أبي إسحاق الثعلبي بلا ريب ، وقد توافرت الأدلة على ذلك . ومن الأدلة :
أولاً : كتب على غلاف نسخ الكتاب المخطوطة هذا العنوان أو نحوه منسوباً إليه ومصرحاً به ولم اقف على ما يدل على خلاف ذلك .
ثانياً : رواية الكتاب بالإسناد المتصل إلى مؤلفه وممن روى هذا التفسير :
أ - أبو عمران موسى بن علي بن الحسن الجزري المقريء .
فيوجد في أول كتاب " الكشف والبيان " إسناد متصل يرويه أبو عمران الجزري عن شيخه الإمام الأوحد الحافظ أبي محمد عبدالله بن علي التكريتي في شوال سنة 581 قال أخبرنا الشيخ الإمام بقية الشرق أبو الفضل ابن أبي الخير اليمني قال : " أخبرنا الشيخ الإمام أبو الحسن على بن أحمد الواحي قال أخبرنا الأستاذ المصنف أبو إسحاق الثعلبي ... ".
ب - أبوبكر بن خير الأشبيلي فقد رواه أيضاً بسنده من طريق الواحدي عنه.
جـ - عز الدين ابن الأثير علي بن محمد الجزري فقد رواه أيضاً بسنده من طريق أحمد بن خلف الشيرازي عنه .
ثالثاً : رواية تلاميذ الثعلبي لهذا الكتاب عنه كالواحدي والشريحي وأبي معشر الطبري والفرخرادي والشيرازي .
رابعاً : أن تفسير البغوي " معالم التنزيل " اختصار للكشف والبيان للثعلبي . قال ابن تيمية رحمه الله : " والبغوي تفسيره مختصر من الثعلبي ".
وقد صرح البغوي في تفسيره بأن ما يقله عن ابن عباس رضي الله عنهما ومن بعده وأكثره مما أخبره به الشيخ أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي الخوارزمي عن الثعلبي.
ويوجد تشابه كبير بين التفسيرين .
خامساً : ومن الأدلة عناية العلماء به بالنقل منه واختصاره ونحو ذلك وعزوها للثعلبي .
سادساً : ومن الأدلة شهرة نسبة الكتاب إلى الثعلبي حيث نسبه إليه معجم من ترجم له .
سابعاً : كثرة مخطوطات الكشف والبيان ونسخه منسوباً إليه.
وبعد هذه الأدلة يتبين لنا صحة نسبة كتاب الكشف والبيان عن تفسير القرآن للثعلبي رحمه الله .
يعتبر كتاب الكشف والبيان للثعلبي من كتب التفسير المهمة وتكمن أهميته في عدة أمور منها :
1 - أنه من الكتب المسندة والإسناد له أهمية كبيرة ن خاصة في التفسير ، فيه يتأكد من صحة نسبة القول لقائله ، وبه يمكن الترجيح بين الأقوال المتعارضة وغير ذلك .
فالكتاب يعتبر موسوعة تفسيرية ضخمة ، فهو يحمل عدداً كبيراً من مأثور التفسير من أحاديث مرفوعة ، وآثار موقوفة على الصحابة والتباعين ومن بعدهم من سلف الأمة .
وهذه الثروة من مأثور الأحاديث والآثار جعلت الكتاب مرجعاً هاماً نهل منه العلماء ، ونقل منه المفسرون وغير المفسرين وجعلته مصدراً من مصادر التوثيق .
2 - أن الثعلبي اعتمد في تفسيره على عدة مصادر متنوعة ذكرها في مقدمته وبعض هذه المصادر في عداد المفقودات أو من المخطوطات وهذا يجعل الكتاب موسوعة عظيمة تحتوي على مصادر نادرة في التفسير وعلومه .
3 - تقدم الكتاب على كثير من كتب التفسير المشهورة حيث تقدمت وفاة مؤلفه إذ عاش في القرن الرابع الهجري وتوفى سنة 427هـ فهومتقدم على معظم المفسرين المشهورين كالواحدي (ت 468) والسمعاني (ت541) والبغوي (ت516) والزمخشري (ت538) وابن عطية (ت541) والقرطبي (ت671) وغيرهم .
بل إن كتاب الثعلبي يعتبر من أهم مصادر هذه التفاسير وهذا الأمر مما يدل على القيمة العلمية الكبيرة لتفسير الثعلبي .
4 - ومن الأدلة على أهمية تفسير الثعلبي : اهتمام العلماء وعنايتهم به ولو لم يكن للكتاب تلك القيمة العالية لما كان هذا الاهتمام وتلك العناية .
ومن مظاهر هذا الاهتمام ما يلي :
الرحلة لسماع هذا الكتاب .
وهذا يدل دلالة واضحة على قيمة هذا التفسير .
وممن رحل لسماع هذا الكتاب : أبو سعد عبدالكريم السمعاني ت562 ، وأحمد بن إسماعيل بن يوسف الطالقاني ت 540 ، وابو الحسن علي بن سليمان بن أحمد بن سليمان المرادي ت 544 .
قال السمعاني : " وخرجنا صحبة واحدة إلى نوقان طوس لسماع كتاب التفسير لأبي إسحاق الثعلبي ".
روايتهم للكتاب بالإسناد المتصل إلى مؤلفه.
تناوله بالتهذيب والاختصار . وممن اختصره :
- البغوي في تفسيره معالم التنزيل فهو مختصر لتفسير الثعلبي .
- محمد بن الوليد بن محمد القرشي الطوطوشي المعروف بابن أبي رَنْدقة ت520 اختصره بعنوان " مختصر الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي " ومنه نسخة في دار الكتب المصرية بالقاهرة .
- بهزاد أبو محمد بن علي بعنوان " مختصر تفسير الثعلبي ".
- مختصر مجهول بعنوان " مختصر الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي .
كثرة نسخ الكتاب مع ما فيه من طول .
فقد بلغ في النسخة التركية 1678 ورقة فهذا يدل على عناية العلماء به وتناقله بينهم .
وضع الحواشي عليه . وممن فعل ذلك :
عبدالقادر بن أبي القاسم بن محمد بن إدريس ت 1288 له حاشية بعنوان " حاشية على تفسير الثعلبي".
الجمع بينه وبين كتاب آخر . وممن فعل ذلك :
المبارك بن محمد الشيباني أبو السعادات المعروف بابن الأثير ت 606 صاحب كتاب جامع الأصول فقد قال السبكي في ترجمته : " ومن تصانيفه كتاب ( الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف تفسيري الثعلبي والزمخشري ) ".
نقد الكتاب وبيان ما فيه . وممن فعل ذلك :
بدر الدين أبو الفضائل أحمد بن محمد بن المظفر بن المختار الرازي ت 631 تقريباً له كتاب بعنوان " مباحث التفسير " ويوجد منه نسخة في دار الكتب المصرية بالقاهرة عليها خط المؤلف.
النقل عنه والتخريج منه .
فنقل عن الكشف والبيان للثعلبي أغلب من جاء بعده من المفسرين كالقرطبي وابن كثير وغيرهم .
ولم يقتصر النقل على المفسرين بل نقل عنه غيرهم من العلماء باختلاف تخصصاتهم ومن هؤلاء :
1 - النووي في تهذيب الأسماء واللغات 1/177 .
2 - ابن قدامة المقدسي في كتابه التوابين 273 .
3 - ابن حجر في عدد من كتبه منها تلخيص الحبير 3/183 و 4/40 .
4 - أبو شامة في كتابه المرشد الوجيز ص112 ، 124 ، 125 .
5 - الزيلعي في نصب الراية 3/84 وفي عدة مواضع من كتابه تخريج أحاديث الكشاف .
6 - ابن تيمية في مجموع الفتاوى 7/28.
وغيرهم كثير وهذا على سبيل المثال لا الحصر .
وهذه الأمور وغيرها توضح لنا أهمية هذا الكتاب ، وقيمته العلمية العالية ، وأنه كنز من كنوز تراثنا الإسلامي يجب إخراجه من عالم المخطوطات إلى عالم المطبوعات لينتفع به مع ضرورة تحقيقه التحقيق العلمي حتى يتميز صحيحه من سقيمه .