· الحمد على الله عزوجل و الثناء عليه
· الثناء على القران
· الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم والثناء عليه
· أخذه لكل فن من العلوم
بين رحمه الله تعالى أنه قد أخذ من كل فنون العلم واجتهد في طلبه وسعي في تحصليه بما أتاه الله من قوة .
وبين أنه لا يتم تحصيل العلم إلا بالسهر والاجتهاد شدة الصبر عليه وترك النوم والكسل.
· وجوب تخصص في علم من العلوم
وفي بيان المنهج في التحصيل العلم قرر رحمه الله أن الطالب عليه أن يطلب من كل علم كل فنو يضبط أصوله و يفهمه ثم بعدها يمكن له التخصص في علم من العلوم ..يستنفذ وسعه فيه يتعمق فيه يضبط أصوله ويحكم فصوله ..حتى يكون مرجعا في ذلك للعلم من بعده
· سبب توجهه لعلم التفسير .
لما أراد الشيخ أن يتخصص في فن الفنون.. فكر في أي فن ينتخب..فاختار لعلم التفسير لسببين
1-تطبيقا لقاعدة شرف العلم على قدر شرف المعلوم..فعلم أن أشرف معلوم هو ما تعلق بكتاب الله عزوجل ..وأن علم التفسير هو أشرف العلوم. فجمع نفسه على تحصيله و التعمق فيه.
2- لما لعلم التفسير من فضائل
إذ هو أعظم العلوم تقريبا إلى الله وتخليصا للنية وحضا على الصالحات
ونهيا عن الباطل
وأعظم سببا لتحريم صاحبه على النار لشغل لسانه بقران وتعمير فكره بمعانيه ؛ وانشغال كل وقته بكلام الله عزوجل
·
· سبب تأليف كتابه في التفسير
لما رام الشيخ طلب علم التفسير و اشتغل به وجد أن فوائده كثيرة عظيمة جليلة القدر ثقيلة المعنى يعجز الذهن على حفظها كلها
فأيقن قول القائل " قيد العلم بالكتابة" فعزم نفسه على كتابه ما ظهر له من فوائد.وما يحصل له من مناظرات فقد أن يكون جامعا مناعا وسماه المحرر الوجيز
· منهجه في التفسير
من منهجه في التفسير
-قصد أن يكون تفسيره جامعا مناعا لهذا سماع المحرر الوجيز
-لا يذكر من القصص إلا ما لا تنفك الآية إلا به
-ينسب الأقوال إلى أصحابها بدون سند اكتفاء بما ذكره من أهل الإسناد كالطبري وغيره
-وقف موقف الرفض من تفسير أهل الإلحاد وتفسير أهل الباطن فخلا كتابه من تفسيرهم ؛ وإن صدر شيء من ذلك من أهل العلم الذين يحسن الظن به نبه عليه؛ ولعل يحملها محملا حسنا ويجعل لها توجيها لائقا بمنزل القائل به
-وفي منهجه لعرض تفسير الآية...أنه يفسر الآية لفظة لفظة حسب ترتيبها في الآية...ويذكر لكل لفظة ما فيها من معاني و أحكام ولغات وقراءات ولما يكملها يفسر اللفظ الموالى..وهكذا حتى ينتهي من الآية كلها..وبين رحمه أن ذلك أجمع للفكر غير مفرق للنظر و لا مشتت للذهن
- ومن منهجه أن يذكر جميع القراءات الموجودة المستعمل و الشاذ دون تفريقا بينها
- ومن منهجه أنه يبين جميع ما تحتمله الألفاظ من معاني
- ومن منهجه الإيجاز وحذف فضول القول.
- أنه استغفر جهده في ذلك بحسب ما انتهى إليه علمه .
· المفسرون قدوة له
بين رحمه الله تعالى قبل الشروع في تفسيره سيذكر مقدمة قد قدم لها أكثر المفسرون..لكونها يجب أن تكون راسخة في ذهن الناظر في علم التفسير
باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به
الآثار الواردة في بيان فضل القران.
- القران منجى من الفتن
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم)) قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)).
-القران هو العروة الوثقى
قال أنس بن مالك في تفسير قول تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256، لقمان: 22]. قال: هي القرآن.
-القران مورث للعلم
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن)).
-عظم أجر تلاوة القران
وقال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)).
-وحدث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن)).
- وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يتعاهد هذا القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة)).
القران وصية الله لعباده ورسوله لأمته ووصية الصالحين
وروي عنه عليه السلام أنه قال في آخر خطبة خطبها وهو مريض: ((أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين إنه لن تعمى أبصاركم ولن تضل قلوبكم ولن تزل أقدامكم ولن تقصر أيديكم كتاب الله سبب بينكم وبينه طرفه بيده وطرفه بأيديكم فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأحلوا حلاله وحرموا حرامه ألا وعترتي وأهل بيتي هو الثقل الآخر فلا تسبعوهم فتهلكوا)).
وقال عقبة بن عامر عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: ((عليكم بالقرآن)).
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: إن من أشراط الساعة أن يبسط القول ويخزن الفعل ويرفع الأشرار ويوضع الأخيار وأن تقرأ المثناة على رؤوس الناس لا تغير قيل: وما المثناة؟ قال: ما استكتب من غير كتاب الله قيل له فكيف بما جاء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أخذتموه: عمن تأمنونه على نفسه ودينه فاعقلوه وعليكم بالقرآن فتعلموه وعلموه أبناءكم فإنكم عنه تسألون وبه تجزون وكفى به واعظا لمن عقل.
وقال رجل لأبي الدرداء: إن إخوانا لك من أهل الكوفة يقرئونك السلام ويأمرونك أن توصيهم فقال أقرئهم السلام ومرهم فليعطوا القرآن بخزائمهم فإنه يحملهم على القصد والسهولة ويجنبهم الجور والحزونة.
القران لا يمل من تلاوته
وقيل لجعفر بن محمد الصادق: لم صار الشعر والخطب يمل ما أعيد منها والقرآن لا يمل؟ فقال: لأن القرآن حجة على أهل الدهر الثاني كما هو حجة على أهل الدهر الأول فكل طائفة تتلقاه غضا جديدا ولأن كل امرئ في نفسه متى أعاده وفكر فيه تلقى منه في كل مرة علوما غضة وليس هذا كله في الشعر والخطب
القران يسير في تدبره وفهمه
وقيل لمحمد بن سعيد: ما هذا الترديد للقصص في القرآن فقال ليكون لمن قرأ ما تيسر منه حظ في الاعتبار.
القران أعظم نعمة أوتيها العبد
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ القرآن فرأى أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظم الله))
القران أفضل شفيع
وقال عليه السلام: ((ما من شفيع أفضل عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك)).
وروى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به من عدل عنه وضيعه)).
القران أفضل العبادة
وقال عليه السلام: ((أفضل عبادة أمتي القرآن)).
النبوة أدرجت لقارئ القران
وقال عبد الله بن عمرو بن العاصي من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه.
حامل القران من أشرف وأفضل الناس
وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أشراف أمتي حملة القرآن)).
أفضل الناس من تعلم القران وعلمه
وروى عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)).
ومرت امرأة على عيسى ابن مريم عليه السلام فقال طوبى لبطن حملك ولثديين رضعت منهما فقال عيسى: طوبى لمن قرأ كتاب الله واتبع ما فيه.
البيت الذي لا يتلى فيه القران صفر
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن أصفر البيوت بيت صفر من كتاب الله)).
القران أحسن الحديث وأحسن القصص
وقال ابن مسعود: مل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا: يا رسول الله حدثنا فأنزل الله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} الآية [الزمر: 23] ثم ملوا ملة أخرى فقالوا قص علينا يا رسول الله فأنزل الله تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} [يوسف: 3].
القران مؤدبة الله
وقال عبد الله بن مسعود إن كل مؤدب يحب أن يؤتى أدبه وإن أدب الله القرآن.
القران ميراث النبوة
ومر أعرابي على عبد الله بن مسعود وعنده قوم يقرؤون القرآن فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقال له ابن مسعود: يقتسمون ميراث محمد صلى الله عليه وسلم.
القران داع للإيمان
وقال محمد بن كعب القرظي في قول تعالى: {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان} [آل عمران: 193] قال: هو القرآن ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم .
القران هو فضل من الله ورحمة
وقال بعض العلماء في تفسير قول تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته} [يونس: 58] قال: الإسلام والقرآن.
محبة السلف لتلاوة القران
وقيل لعبد الله بن مسعود: إنك لتقل الصوم فقال إنه يشغلني عن قراءة القرآن وقراءة القرآن أحب إلي منه.
تنزل الملائكة عن تلاوة القران
وقال قوم من الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: ألم تر يا رسول الله ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة يزهر فيها وحولها أمثال المصابيح فقال لهم: ((فلعله قرأ سورة البقرة)) فسئل ثابت بن قيس فقال: نعم قرأت سورة البقرة.
وفي هذا المعنى حديث صحيح عن أسيد بن حضير في تنزل الملائكة في الظلة لصوته بقراءة سورة البقرة.
القران سبيل للمغفرة
وذكر أبو عمرو الداني عن علي الأثرم قال: كنت أتكلم في الكسائي وأقع فيه فرأيته في النوم وعليه ثياب بيض ووجهه كالقمر فقلت يا أبا الحسن ما فعل الله بك فقال غفر لي بالقرآن.
القران مورث للخشية
وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أحسن الناس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى)).
الآثار الواردة في بيان العمل والاعتصام به.
حسن الإصغاء
وقال رجل لعبد الله بن مسعود: أوصني فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه.
حسن تلاوة القران
وقال عليه السلام: ((اقرؤوا القرآن قبل أن يجيء قوم يقيمونه كما يقام القدح ويضيعون معانيه يتعجلون أجره ولا يتأجلونه))..
ويروى أن أهل اليمن لما قدموا أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه سمعوا القرآن فجعلوا يبكون فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب.
وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ مرة: {إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع} [الطور: 7] فأن أنة عيد منها عشرين يوما
تدبر القران والعمل به نهج السلف الصالح
وقال الحسن بن أبي الحسن البصري إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا تركبونه فتقطعون به المراحل وإن من كان قبلكم رأوه رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار.
وجوب العمل بالقران.والتحذير من الاكتفاء بمجرد التلاوة
وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا درسه عملا إن أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به.
وقرأ رجل القرآن على بعض العلماء قال فلما ختمته أردت الرجوع من أوله فقال لي: اتخذت القراءة علي عملا اذهب فاقرأه على الله تعالى في ليلك وانظر ماذا يفهمك منه فاعمل به.
القران يسير في تلاوته ثقيل بالعمل به
قال القاضي عبد الحق رضي الله عنه قال الله تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}
وقال تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} أي علم معانيه والعمل به والقيام بحقوقه ثقيل فمال الناس إلى الميسر وتركوا الثقيل وهو المطلوب منهم.
بما يختم تلاوة القران
وقيل ليوسف بن أسباط: بأي شيء تدعو إذا ختمت القرآن قال: أستغفر الله من تلاوتي لأني إذا ختمته وتذكرت ما فيه من الأعمال خشيت المقت فأعدل إلى الاستغفار والتسبيح.
باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه
قصد المؤلف في هذا الباب لبيان عربية القران؛ وأن أفضل علومه إعرابه ومعني إعراب القران أي إظهار عربيته من جهة لفظه ومعناه؛ وثمرته ذلك وهو الظفر بالحكمة التي كانت نتيجة لفهم معاني القران.؛ وكذا بيان فضله أهله الذين أوتوا فهما دقيقا و عميقا لمعانيه على ما تقتيضه اللغة العربية ؛ وأن من أعجزه فهم معاني القران إنما أوتي ذلك من عجمته
إعراب القران أفضل علومه
روى ابن عباس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي علم القرآن أفضل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عربيته فالتمسوها في الشعر))..
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب)).
إعراب القران وبيان معاينه أصل فهم الشريعة
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه إعراب القرآن أصل في الشريعة لأن بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع.
فهم معاني القران طريق لنيل الحكمة
وقال أبو العالية في تفسير قوله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} [البقرة: 269] قال الحكمة: الفهم في القرآن وقال قتادة الحكمة: القرآن والفقه فيه وقال غيره: الحكمة تفسير القرآن.
فضل من فقه معاني القران .
وذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه جابر بن عبد الله فوصفه بالعلم فقال له رجل: جعلت فداك تصف جابرا بالعلم وأنت أنت فقال: إنه كان يعرف تفسير قول تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} [القصص: 197].
وقال الشعبي رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى الشام فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها.
وجوب فهم معاني القران
وقال إياس بن معاوية مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب.
وقال ابن عباس: الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر.
محبة الله لعباده أن يفهموا القران
وقال مجاهد: أحب الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل.
وقال الحسن: والله ما أنزل الله آية إلا أحب أن يعلم فيمن أنزلت وما يعني بها0
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة)).
العجمة قاضية على فهم معاني القران
وقال الحسن: أهلكتهم العجمة يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري على الله فيها
. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما من شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه.
عناية السلف في تعليم الناس معاني القران
وكان ابن عباس يبدأ في مجلسه بالقرآن ثم بالتفسير ثم بالحديث.
باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين
بين رحمه الله تعالى في هذا الباب ما ورد من كلام السلف في تفسير القران..وما الذي فسروه من كتاب الله وما الذي توقفوا فيه ابتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ؛ ثم سردا لأقوال من بعده من الصاحبة والتابعين ؛ ثم بين معنى التفسير بالرأي وحكمه ؛ ثم ختم الباب بذكر طبقات المفسرين من السلف إلى العصور المتأخرة.
تفسير النبي صلى الله عليه وسلم
استهل المصنف هذا الباب بحديث عائشة
الدال أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفسر القران إلا أيا قليلة علمهن جبريل
روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل.
وقد تأول ابن عطية ذلك بأن المراد بتلك الآيات ما كان متعلقا بالمغيبات؛ لأن علم المغيبات لا يستقل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بمعرفته إلا بتعليم الله إياه ؛ أو تفسير مجمله لأنه أعلم الأمة بالقران فعليه نزل
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ومعنى هذا الحديث في مغيبات القرآن وتفسير مجمله ونحو هذا مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله تعالى ومن جملة مغيباته ما لم يعلم الله به كوقت قيام الساعة ونحوه ومنها ما يستقرأ من ألفاظه كعدد النفخات في الصور وكرتبة خلق السموات والأرض.
التفسير بالرأي وحكمه
من فسر القران بالرأي فهو مخطئ و إن أصاب الحق ؛ لأنه قد أخطا الطريق فلم يأت التفسير من بابه
ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)).
معنى التفسير بالرأي
بين ابن عطية معنى تفسير بالرأي وهو أن تكلم الرجل في كتب الله بدون أدوات علمية مسبقة عنده؛كعلوم اللغة وعلم الأصول و معرفة أقوال المفسرين ؛ بل يتكلم في كتاب بمجرد النظر و الاجتهاد المحض..أما من تكلم في كتاب الله بما تقتضيه اللغة العربية و علم الأصول و بما قاله سلف الأمة فلا يعد هذا مفسرا للقران برأيه
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء أو اقتضته قوانين العلوم كالنحو والأصول وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته والنحاة نحوه والفقهاء معانيه ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه.
مسلك التابعين في التفسير القران
أشار في هذا الباب إلى مسلكين كانا عند التابعين من حيث تفسير القران فمنهم من كان يتحرج في تفسير القران ؛ ويتوقف فيه احتياطا كسعيد بن المسيب وعامر الشعبي؛ وبالمقابل كان جلة منهم يفسرون القران ويتكلمون في معانيه
قال ابن عطية
وكان جلة من السلف كسعيد بن المسيب وعامر الشعبي وغيرهما يعظمون تفسير القرآن ويتوقفون عنه تورعا واحتياطا لأنفسهم مع إدراكهم وتقدمهم وكان جلة من السلف كثير عددهم يفسرونه وهم أبقوا على المسلمين في ذلك رضي الله عنهم.
طبقات المفسرين
شرع المصنف بسرد طبقات المفسرين بدأ من طبقة الصاحبة ثم طبقة التابعين ثم من أتى بعدهم
طبقة الصحابة
-أكثر من تصدر للتفسير من طبقة الصحابة على ابن أبي طالب
-ويتلوه ابن عباس الذي تجرد للأمر وكمله وتتبعه وتبعه العلماء .
والمحفوظ عن ابن عباس في ذلك أكثر من المحفوظ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
بيان فضل ابن عباس
وقال ابن عباس ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب.
وكان علي بن أبي طالب يثني على تفسير ابن عباس ويحث على الأخذ عنه.
وكان عبد الله بن مسعود يقول: نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس وهو الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم فقهه في الدين)) وحسبك بهذه الدعوة.
وقال عنه علي بن أبي طالب: ابن عباس كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق
ويتلو ابن عباس
ويتلوه عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص وكل ما أخذ عن الصحابة فحسن متقدم ومن المبرزين
طبقة التابعين
الحسن بن أبي الحسن
مجاهد وسعيد بن جبير من تلاميذ ابن عباس
قرأ مجاهد على ابن عباس قراءة تفهم ووقوف عند كل آية
- وعلقمة. تلميذ ابن مسعود
-ويتلوهم عكرمة
-والضحاك بن مزاحم وإن كان لم يلق ابن عباس وإنما أخذ عن ابن جبير.
-وأما السدي رحمه الله فكان عامر الشعبي يطعن عليه وعلى أبي صالح لأنه كان يراهما مقصرين في النظر
طبقات من جاء بعدهم من المفسرين
ذكر بعض المفسرين المتأخرين فصدرهم
عبد الرزاق والمفضل وعلي بن أبي طلحة والبخاري وغيرهم.
فضل تفسير ابن جرير الطبري
ثم إن محمد بن جرير الطبري رحمه الله جمع على الناس أشتات التفسير وقرب البعيد وشفى في الإسناد.
المفسرون المتأخرون
ومن المبرزين في المتأخرين أبو إسحاق الزجاج وأبو علي الفارسي فإن كلامهما منخول.
انتقاد بعض التفاسير
- وأما أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس فكثيرا ما استدرك الناس عليهما وعلى سننهما مكي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبو العباس المهدوي رحمه الله متقن التأليف وكلهم مجتهد مأجور رحمهم الله ونضر وجوههم.
باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه))
مذاهب العلماء في معنى الأحرف السبعة
اختلف الناس في معنى هذا الحديث اختلافا شديدا ورد في ذلك أقوال
القول الأول:
-الحروف السبعة هي فيما يتفق أن يقال على سبعة أوجه فما دونها كتعال وأقبل وإلي ونحوي وقصدي واقرب وجئ وكاللغات التي في أف وكالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة قال ابن عطية وهذا قول ضعيف.
القول الثاني
-قال ابن شهاب في كتاب مسلم: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام.
قال ابن عطية: وهذا كلام محتمل.
القول الثالث:
-وقيل أن المراد بالسبعة الأحرف معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال.
وضعفه ابن عطية ورده لأمرين
أولا: لأن هذه لا تسمى أحرفا
الثاني: الإجماع حاصل أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال ولا في تحليل حرام ولا في تغيير شيء من المعاني المذكورة.
القول الرابع
الأحرف السبعة هي سبعة أوجه من وجوه اختلاف القراءات . وهو قول السرقسطي و الباقلاني
قال الباقلاني : تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة
-منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: {هن أطهرُ} وأطهرَ.
-ومنها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: {ربنا باعِد} وباعَد.
-ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل (ننشرها) و{ننشزها}.
-ومنها ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله: {كالعهن المنفوش} [القارعة: 5] و(كالصوف المنفوش)
- ومنها ما تتغير صورته ومعناه مثل: {وطلح منضود} [الواقعة: 29] و(طلع منضود)
-ومنها بالتقديم والتأخير كقوله: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19] و(سكرة الحق بالموت).
-ومنها بالزيادة والنقصان كقوله: (تسع وتسعون نعجة أنثى).
القول الخامس
سبعة أوجه من أسماء الله تعالى.
دليل هذا القول
ما ورد عن أبي ابن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)).
أسند ثابت بن قاسم نحو هذا الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر من كلام ابن مسعود نحوه.
قال ابن عطية إن ثبتت الرواية فالمراد به سبعة أوجه من أسماء الله تعالى..ويكون هذا كان كان مطلقا ثم نسخ فلا يجوز للناس أن يبدلوا اسما لله في موضع بغيره مما يوافق معناه أو يخالفه.
القول السادس
المراد بسبعة أحرف سبع لغات مختلفة؛
وقد أبطل هذا القول الباقلاني إلا أن يريد الوجوه المختلفة التي تستعمل في القصة الواحدة وما يدل على بطلان هذا القول
الدليل على ذلك أن لغة عمر بن الخطاب وأبي بن كعب وهشام بن حكيم وابن مسعود واحدة وقراءتهم مختلفة وخرجوا بها إلى المناكرة.
ترجيح ابن عطية
ذهب ابن عطية أن المراد بالأحرف السبع سبع لغات من لغات العرب التي سلمت لغتها من الدخيل ومن واللحن .وهي التي انتهى إليها الفصاحة..وبين ابن عطية سبب سلامة هذه سبع اللغات من اللحن والدخيل هو كونها في وسط جزيرة العرب في الحجاز ونجد وتهامة فلم تطرقها الأمم..بخلاف ما كان على جواب الجزيرة سواء من جهة الشرق أو الغرب أو الجنوب أو الشمال فقد أفسدها مخالطة الأمم المجاور لها..
وسبع اللغات هي:...: قريش ؛ لكنانة ؛لأسد ؛ لهذيل ؛ لتميم ؛ضبة وألفافها ؛ لقيس
وعليه يكون القران فيه عبارات سبع قبائل بلغة جملتها نزل القرآن فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش ومرة بعبارة هذيل ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز في اللفظة ..
دليله
مما استدل عليه ابن عطية ما جاء من الآثار تدل على بعض القرشيين لم يفهموا بعض الألفاظ الموجودة في القران حتى سمعوا معناه من غيرهم من القبائل
-فكلمة (فطر) معناها عند غير قريش ابتدأ خلق الشيء وعمله فجاءت في القرآن فلم تتجه لابن عباس حتى اختصم إليه أعرابيان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها قال ابن عباس: ففهمت حينئذ موقع قول تعالى: {فاطر السماوات والأرض} [فاطر: 1، الزمر 46].
- كلمة افتح
وقال ابن عباس أيضا ما كنت أدري معنى قوله: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق} [الأعراف: 89]. حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها: تعال أفاتحك أي: أحاكمك.
-وكذلك قال عمر بن الخطاب وكان لا يفهم معنى قول تعالى: {أو يأخذهم على تخوف} [النحل: 47] فوقف به فتى فقال: إن أبي يتخوفني حقي فقال عمر: الله أكبر {أو يأخذهم على تخوف} أي: على تنقص لهم.
.هل سبعة أحرف مفرقة في القران أم كل لفظ نزل بسبعة أحرف
قال القاضي: وزعم قوم أن كل كلمة تختلف القراءة فيها فإنها على سبعة أوجه وإلا بطل معنى الحديث.
قالوا: وتعرف بعض الوجوه بمجيء الخبر به ولا نعرف بعضها إذا لم يأت به خبر.
قال: وقال قوم ظاهر الحديث يوجب أن يوجد في القرآن كلمة أو كلمتان تقرآن على سبعة أوجه فإذا حصل ذلك تم معنى الحديث.
معنى اقرؤوا ما تيسر منه..
الذي هو واضح وبين أن ليس معناه أن كل واحد من الصحابة يقرأ القران بغير توقيف وله أن يبدل مكان اللفظة اللفظة من تلقاء نفسه
.لا .لأنه لو كان كذلك لذهب إعجاز القران... بل معنى الحديث أن الرخصة في القراءة على سبعة أحرف كانت للنبي صلى الله عليه وسلم فكان يقرء كل واحد حسب ما تلقاه عن جبريل عليه الصلاة والسلام.فيقرء هذا حرفا ويقرء الأخر حرفا آخر...ومما يدل على ذلك ما حصل من خلاف بين عمر و هشام بن حكيم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لكل واحد هكذا أقرأني جبريل ..وهذا دليل واضح أنه أقرأه.. مرة بهذا ومرة بهذا.. هذا هو المعنى الصحيح للحديث أن كل واحد يقرأ بما تعلم وكل قراءة مروية عن رسول الله وإلا فلو كان هذا لأحد من الناس أن يضعه لبطل معنى قول الله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9].
باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره
جمع القران في زمن النوبة
بين في هذا الباب أن القران في زمن النبي صلى الله عليه و سلم كان مجموعا محفوظا في صدور الرجال كما أنه كان مجموعا مفرقا مكتوبا في الصحف و اللخاف و جريد النخل .
جمع القران في عهد أبي بكر وسبب
وبقيت الأمة وقتا من الزمن يعتمدون المحفوظ؛ ولما كانت معركة اليمامة في عهد أبي بكر الصديق استحر القتل في القراء؛ أفزع ذلك الأمر عمر الخطاب فأشار على أبى بكر الصديق أن يجمع القران خشية ضياعه بموت القراء؛ فندبا على ذلك زيد ابن ثابت إلى جمعه في صحف غير مرتب السور؛وكانت الصحف عند أبي بكر الصديق ولما توفي كانت عند عمر ولما مات أصبحت عند ابنته حفصة
وكانت آخر أية جمعت أواخر سورة براءة وجدت مع أبى خزيمة الأنصاري .
وبقى الحال على ما هو عليه ؛كل صحابي يقرأ ويُقرئ بما تعلم وكل؛ومن كان له مصحف خاص به يقرأ منه كما عُلم ؛ وكان الأحرف السبعة باقية في اختلاف قراءتهم ؛ وانتشرت قراءة كل صحابي في الأمصار
جمع القران في عهد عثمان وسبب ذلك
وفي عهد عثمان رضي الله عنه وقعت عزوة أرمينية؛ فكان مما وقع في تلك الغزوة شدة اختلاف القراء في القران ؛ حتى أصبح كل واحد يكذب قراءة أخيه ويبدعها ويبطلها حتى كاد يكون قتالا بينهم .فلما أدرك حذيفة ابن اليمان خطورة الأمر ولى فزعا إلى عثمان ابن عفان وأخبره بالأمر و أشار عليه أن يدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في كتابها كما اختلفت الأمة السابقة في كتابها؛ فعزم عثمان على جمع القران وانتدب إلى ذلك زيد ابن ثابت وقرن معه ثلاثة ذكرهم البخاري والترمذي وغيرهم .سعيد بن العاص؛ وعبد الرحمان بن الحارث بن هشام؛ وعبد الله بن الزبير .
وقد وهم من ظن أن الذي قرن معه أبان بن سعيد بن العاص ؛لأن أبان متقدم الموت؛ على زمن عثمان بكثير فقد مات سنة بالشام سنة 13 هـ في غزوة أجانيد .
وقد عمد عثمان إلى الصحف التي كانت عند حفصة فكانت إماما له ومرجعا فنسخ منها نسخا .
ومن منهج عثمان في كتابة المصاحف أنه قال لزيد ابن ثابت ومن معه إذا اختلفت في شيء فاكتبوه بلسان قريش فإن القران نزل بلسان القرش.. فطبق أولئك الأخيار ذلك المنهج فلما اختلفوا لفظة في التابوت و التابوه؛ فقرأها زيد بن ثابت بالهاء والقرشيون بالتاء ؛فأثبتوها بالتاء في المصاحف
وبعد نسخ المصاحف أرسلها عثمان إلى الأمصار وترك مصحف في المدينة؛ وأمر بإحراق سواها من المصاحف.
ترتيب السور
تضمن هذا البند القول في ترتيب الآيات و السور
أما ما يخص ترتيب الآيات فكان بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم وكذا وضع البسملة في أوائل كل سورة..عدا سورة براءة فقد وقع الخلاف بين أهل العلم في سبب عدم وجوب البسملة فيها على أقوال من بينها ما ذكره مكي القيسى أن ذلك راجع لعدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بوضع البسملة في أولها فتركت بلا بسملة
أما ترتيب سورة المصحف على حسب ما موجود عند الآن فقد وقع فيه خلاف بين أهل العلم هل كان بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم أم كان باجتهاد من الصحابة
فذهب الباقلاني و مكي القيسي أن ترتيب سور المصحف كان باجتهاد من الصحابة.
وتعقب ابن عطية هذا القول ؛بأنه ليس كل السور تم ترتيبها وقت جمع القران وكتابته ؛لأن هناك أثار و روايات يدل ظاهرها أن بعض السور كان مرتبا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
.مثل السبع الطوال والحواميم و المفصل وأسند في قوله هذا على بعض ظواهر الآثار .
أما ما لم يرد فيه نص ولم نعلم هل كان مرتبا في زمن النبي أم لم يكن مرتبا ؛فهذا الذي دخله الاجتهاد ورتب وقت جمع المصحف وكتابته
تنقيط المصحف وتشكيله
تضمن هذا البند بيان بدايات تشكيل المصحف وتنقيطه
فقد حصل خلاف من أول من نقط المصحف
-قيل أن أول من نقطه أبو الأسود الدؤلي قاله الزبيدي في كتاب الطبقات بإسناد إلى المبرد ؛ و زاد أبو الفرج الأصفهاني أن ذاك كان بأمر من زياد بن أبي سفيان.
- وذكر الجاحط في كتاب الأمصار أن أول من قام بذلك نصر بن عاصم وكان يقال له نصر الحروف.
- وقيل أن أول من قام بذلك الحسن ويحي بن يعمر بأمر من والي العراق الحجاج الذي وكل إليه هذه المهمة عبد الله بن مروان.
فاجتهد في ذلك الحجاج وزاد في تحزيبه
وضع الأعشار فيه
أما أول من وضع الأعشار فقيل قيل أن المأمون العباسي أمر بذلك وقيل إن: الحجاج فعل ذلك.حسب ما هو موجود في التواريخ. والمراد بالتعشير هو أن يضع على علامة بعد كل عشر آيات وكان فيه فائدة للضبط والحفظ
وقد وجد من السلف من أنكر الإضافة على عمل الصحابة و الإدخال في المصحف ما لم يكن فيه من تنقيط و تعشير وتخميس كما نقل ذلك عن قتادة قال الداني عن قتادة أنه قال: بدؤوا فنقطوا ثم خمسوا ثم عشروا وهذا كالإنكار.
أول من كتب في القراءات
ذكر ابن عطية أن أول من كتب في علم القراءات هو يحي بن يعمر بواسط فجمع اختلاف الناس في القراءات ما يوافق الخط
ثم مشى الناس على ذلك زمنا حتى ألف ابن مجاهد كتابه السبعة.
باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق
أراد المصنف أن يبين في هذا الباب هل في القران كلمات أعجمية ؛أم أنه كله عربي فنقل اختلاف العلماء في ذلك
-فذهب أبو عبيد القاسم بن سلام إلى أن القران فيه من كل لغة
-أما الطبري فذهب إلى أن القران كله عربي فليس فيه لفظة أعجمية ؛ وأما ما قيل في بعض الألفاظ أنها أعجمية ليست عربية فوجهها الطبري أن ذلك من باب اتفاق اللغات ؛فتكلمت بها العرب والفرس أو الحبشة بلفظ واحد. واستند في مقولته تلك إلى أقوال السلف
مثل ذلك قول تعالى: {إن ناشئة الليل} [المزمل: 6] قال ابن عباس: نشأ بلغة الحبشة قام من الليل.
ومنه قول تعالى: {يؤتكم كفلين من رحمته} [الحديد: 28]. قال أبو موسى الأشعري كفلان ضعفان من الأجر بلسان الحبشة وكذلك قال ابن عباس في القسورة إنها الأسد بلغة الحبشة إلى غير هذا من الأمثلة..
وقد رد ابن عطية قول الطبري واستبعده وان وجد ألفاظ هي من باب اتفاق اللغة فهو قليل شاذ؛ و حجته في ذلك أنه لابد أن أحد اللغات أصل والآخر فرع .لأن دلالة العقل و المنطق تدل أنه لابد أن تكون أحد اللغات نشأت قبل الأخرى فتكون الثانية متولدة عن الأولى... وعليه فالذي يقال في الألفاظ الأعجمية الموجود في القران هذا مما دخل إلى لغة العرب فاستعربته العرب و استعملته في لسانها و أشعارها وأجرته مجرى العربي الصريح وإن كان أصله أعجمي وهذا الذي ذهب إلي ابن عطية عمدته في ذلك ما علم في تاريخ العرب أنهم كانوا يسافرون إلى البلاد الأعجمية للتجارة وغيرها من الأسباب كما ثبتت رحلتي قريش و ما ثبت من سفر مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس إلى الشام وسفر عمر بن الخطاب وكسفر عمرو بن العاصي وعمارة بن الوليد إلى أرض الحبشة وكسفر الأعشى إلى الحيرة وصحبته لنصاراها مع كونه حجة في اللغة فعلقت العرببهذا كله ألفاظا أعجمية غيرت بعضها بالنقص من حروفها وجرت إلى تخفيف ثقل العجمة واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرت مجرى العربي الصريح ووقع بها البيان وعلى هذا الحد نزل بها القرآن فإن جهلها عربي ما فكجهله الصريح بما في لغة غيره كما لم يعرف ابن عباس معنى فاطر إلى غير ذلك فحقيقة العبارة عن هذه الألفاظ أنها في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه.
نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن
بما كان أعجاز القران
بين في هذا البند بما كان إعجاز القران.وخلاف العلماء في ذلك.
القول الأول
مناط الإعجاز بالكلام القديم بالنفس. فهذا الذي كلفت به العرب وكلفت وحيث لا يمكن إدراكه فقد كلفت بما لايطاق فوقع به الإعجاز ..وهو مذهب بعض الأشاعرة .ومؤدى كلامهم هذا مبني ومترتب على عقيدتهم الفاسدة في كلام الله عزوجل إذ هم يعتقدون أن الله لا يتكلم بحرف ولا بصوت والذي أنزل علي محمد هو عبارة عن كلام الله عزوجل القائم بالنفس
- القول الثاني
قيل أن التحدي وقع بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة.
وقد رد ابن عطية على القولين السابقين أن هذا يصلح لمن آمن بالشريعة أما الكافر فلا يكون ذلك مظهرا لإعجاز القران ..
القول الثالث
وهو ما ذهب إليه ابن عطية أن الإعجاز والتحدي حصل بنظم القران وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه؛ .ونسب هذا القول إلى الجمهور والحذاق و قال :هو الصحيح في نفسه...
.1-دليله في ذلك أن العرب كلهم مؤمنهم وكافرهم لم يمكنهم قط أن ينكروا أن رصف القرآن ونظمه وفصاحته متلقى من قبل محمد صلى الله عليه وسلم
فإذا تحديت إلى ذلك وعجزت فيه علم كل فصيح ضرورة أن هذا نبي يأتي بما ليس في قدرة البشر الإتيان به إلا أن يخص الله تعالى من يشاء من عباده.
ووجه إعجازه هذا الترتيب البديع لرصف ألفاظ القران ترتيبها.
فألفاظه مرتبة ترتيبا محكما .فكل لفظة لا يصلح أن يأتي بعدها إلا اللفظة التي جاءت بعدها وهي التي بها ينتظم الكلام ويتضح المعنى فلو قدر حذف لفظة من القران وبحث عن ما ينوب عنها من كل كلام أهل اللغة فما وجد إلا اللفظة التي كانت فيه...فلما كان الأمر كذلك علم جليا أن هذا ليس من كلام البشر بل من كلام حكيم خبير أحاط بكل شيء علما بما في ذلك الكلام ..وأيضا.ظهر ضرورة عجز البشر عن الإتيان بمثله لما علم بالطبع والعقل اتصاف البشر بالنقص وطرو النسيان والغفلة والسهو عليهم وعدم إحاطتهم بجميع الكلام والألفاظ واللغات والمعاني.
..ومما يبين قصور البشر عن الإتيان بمثل القران أن الفصيح منهم يكتب قصيدة فلا يزال غير ويبدل من كلامها بما يظهر له أو بما استجد عنده من علم..وهذا كله بعدما استفرغ جهده وقوته في كتابها...بخلاف كلام الله لا يمكن أبدا تغيير لفظة مكان لفظة ولا حرفا مكان حرف..
2-ومن الأدلة على ذلك
أن فطحاء العرب وفصحائهم كانوا يفرقون بين كلام الشعراء و بين كلام الله عزوجل فكان عندهم تمييز وتذوق ومعرفة لما يقدرون عليه وما لا يقدرون عليه وهذا مثل ما حصل من ميز الجارية نفس الأعشى وميز الفرزدق نفس جرير من نفس ذي الرمة ونظر الأعرابي في قوله عز فحكم فقطع.
صور إعجاز العرب عن الإتيان بمثل القران
ومن الصور التي يظهر جليا إعجاز العرب عن الإتيان بمثل القران ما حصل من محاول بعضهم بالإتيان بمثله فعجز و اظهر عجزه
فلما نزل قوله تعالى : {فأتوا بسورة من مثله} [البقرة: 23] قال: كل فصيح في نفسه وما بال هذا الكلام حتى لا آتي بمثله فلما تأمله وتدبره ميز منه ما ميز الوليد بن المغيرة حين قال: والله ما هو بالشعر ولا هو بالكهانة ولا بالجنون وعرف كل فصيح بينه وبين نفسه أنه لا يقدر بشر على مثله فصح عنده أنه من عند الله تعالى
الرد على من قال بالصرفة
ذهب النظام إلى القول بالصرفة وهو أن العرب قادرون على الإتيان بمثل القران لكن صرفوا عن ذلك ..قال ابن عطية .... فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة وبهذا النظر يبطل قول من قال إن العرب كان من قدرتها أن تأتي بمثل القرآن فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم صرفوا عن ذلك وعجزوا عنه.
موقف العرب من معجزة القران
لما عجزت العرب عن رفع التحدي والإتيان بمثل القران انقسم الناس قسمين منهم من آمن بالقران وأذعن وعلم أنه من عند الله عزوجل ومنهم من حسد وجحد وأعلنها حربا على محمد صلى الله عليه وسلم وقبل بسفك الدماء على الإيمان..
وحيث العرب قبلت بالقتل و سفك الدماء وقدمته على الإتيان بمثل القران ومعارضته به وهم أهل فصاحة وبلاغة وأهل مظنة للمعارضة علم ضرورة عقيلة على عجزها ...وقامت الحجة عليها..ولم يمت النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقد أقُيمت الحجة على جميع العرب
.
المعجزة تأتي على جنس ما برع به القوم
بين المصنف أن المعجزة الأنبياء تأتي على الوجه الشهير فيما برع به قوم ذلك النبي فبذلك تقوم الحجة عليهم .
فمعجزة موسى بالسحرة وقد كأن السحر في مدة موسى قد انتهى إلى غايته؛ ومعجزة عيسى بالأطباء وكذلك الطب في زمن عيسى بلغ غايته
ومعجزة محمد في القران وكان قومه أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة
بل بلغت الفصاحة فيهم غايتها.
باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق
هذا الباب جعله المصنف كتقديم اعتذرا له ولمن سبقه من المفسرين في استخدام بعض الألفاظ أثناء تفسيرهم التي قد يكون فيها شيء من سوء أدب مع الله
وجه ذلك .:
أن من أساليب العرب الإيجاز والاختصار..وقصد المفسر إلى هذا الأسلوب قد يؤدي به إلى أن يقول عبارة قد يكون فيها سوء أدب على الله كأن ينسب ويسند إلى الله فعلا لا دليل عليه..
كقولهم .... خاطب الله بهذه الآية المؤمنين وشرف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون وحكى الله تعالى عن أم موسى أنها قالت: {قصيه} ووقف الله ذرية آدم على ربوبيته بقوله: {ألست بربكم} [الأعراف: 172] ونحو هذا من إسناد أفعال إلى الله تعالى لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع.
بين المصنف أن الذي يعاب على مثل هذا الأسلوب هو نسبة هذة الصفات لله عزوجل ... وأما إذا استعمل ذلك في سياق الكلام والمراد منه حكت الآية أو اللفظ فذلك استعمال عربي شائع وعليه مشى الناس.
اعتذار
بين ابن عطية أنه سعى جاهدا في صيانة تفسيره من تلك العبارات؛ و إن وقع شيء فهو على سبيل السهو الغفلة فيطلب الصفح و التجاوز عنه.
سبب وجود مثل هذه العبارات في كلام العرب.
بين المصنف أن سبب وجود مثل هذه العبرات التي قد يظن فيها سوء أدب مع الله هو من بسبب استعمال العرب للمجاز في كلامها وخطابتها وأشعارها....وعليه يجب حمل كلام العرب الذي ورد على مثل هذا الاستعمال
و أورد أمثلة على ذلك
من ذلك قول أبي عامر يرتجز بالنبي صلى الله عليه وسلم (فاغفر فداء لك ما اقتفينا).
وقول أم سلمة فعزم الله لي في الحديث في موت أبي سلمة وإبدال الله لها منه رسول الله.
ومن ذلك قولهم الله يدري كذا وكذا، والدراية إنما هي التأتي للعلم بالشيء حتى يتيسر ذلك.
وقد أنشد بعض البغداديين: [الرجز]
لا همَّ إن كنت الذي بعهدي = ولم تغيرك الأمور بعدي
وقد قال العجاج: فارتاح ربي وأراد رحمتي
وقال الآخر: قد يصبح الله أمام الساري
وقال الآخر:
يا فقعسى لم أكلته لمه = لو خافك الله عليه حرمه
وقال أوس:
أبني لبينى لا أحبكم = وجد الإله بكم كما أجد
وقال الآخر:
وإن الله ذاق عقول تيم = فلما راء خفتها قلاها
ومن هذا الاستعمال الذي يبنى الباب عليه قول سعد بن معاذ: عرق الله وجهك في النار يقول هذا للرامي الذي رماه وقال: خذها وأنا ابن العرقة.
.
وقد وجب من أنكر مثل هذا الاستعمال ..وقال لعل يكون من خطأ الأعراب وهو أبو علي الفارسي ..قال رحمه الله تعالى :
قال أبو علي واحتج بعض أهل النظر على جواز هذا الإطلاق بقول الشاعر الجوهري:
لا همَّ لا أدري وأنت الداري
قال أبو علي: وهذا لا ثبت فيه لأنه يجوز أن يكون من غلط الإعراب.
لكن ابن عطية لم يترض هذا من أبي علي الفارسي...لأن الشواهد عن العرب كثيرا جدا في مثل هذا الاستعمال ..وهو من باب المجاز..وأسلوب معروف عند العرب...وعلى فرض القول أن ذلك من غلط الأعرابي .فلا يمكن أن ينحسب الغلط على جميعهم أو أكثرهم
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وكذلك أقول إن الطريقة كلها عربية لا يثبت للنظر المنخول شيء منها.
باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية
ضمن هذا الباب معاني أسماء القران ومعنى السور ة ومعنى الآية
أولا معاني أسماء القران
1- الاسم الأول القران
أورد له معنيان
-بمعنى التأليف..من قولهم قرأ الرجل بمعنى جمع وألف
ودليل هذا القول
ما ورد من كلام السلف
-قال قتادة: القرآن معناه التأليف قرأ الرجل إذا جمع وألف قولا.. وبهذا فسر قتادة قول الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17] أي تأليفه
ومن كلام العرب
- قال الشاعر عمرو بن كلثوم: [الوافي]
ذراعي بكرة أدماء بكر = هجان اللون لم تقرأ جنينا
أي لم تجمع في بطنها ولدا فهو أفره لها.
-بمعنى تلا..من قولهم قرأ الرجل إذا تلا يقرأ قرءانا وقراءة..وحكى أو زيد الانصاري و قرءا
-دليله
قول حسان
ومنه قول حسان بن ثابت يرثي عثمان بن عفان رضي الله عنه: [البسيط]
ضحوا بأشمط عنوان السجود به = يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
أي: قراءة
و هذا القول الذي رجحه ابن عطية أن القرآن مصدر من قرأ إذا تلا.
الاسم الثاني الكتاب
الكتاب..مصدر من كتب يكتب كتابا. بمعنى جمع
ومنه قيل كتيبة لاجتماعها ومنه قول الشاعر: (واكتبها بأسيار) أي: اجمعها.
الاسم الثالث الفرقان
هو مصدر من فرق يفرق فرقا و فرقانا.....ووجه تسمية القران بالفرقان لأنه يفرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر فرقانا.
الاسم الرابع الذكر
ووجه تسمية القران بالذكر
1- لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم
2-وقيل: سمي بذلك لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء
3- وقيل: سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به.
ثانيا معنى لفظ السورة
يرجع معنى السورة إلى أحد أصلين
1- .من قولهم أسأر يسأر سؤرا سؤرة.. بالهمزة ..وهي لغة تميم كلها وغيرهم.. فإنهم يهمزون فيقولون سؤر وسؤرة
والمعنى السؤر البقية من الشيء والقطعة منه
يقال:....أَسْأَرَ منه شيئاً : أَبْقَى
ومنه سؤر الشراب ؛ وسؤر الهرة
ومنه قول ابن عباس
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : مَا أُحِبُّ أَنْ أُوثِرَ بِسُؤْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَلَى نَفْسِي أَحَدًا..
ومنه قول الأعشى وهو ميمون بن قيس: [المتقارب]
فبانت وقد أسأرت في الفؤاد = صدعا على نأيها مستطيرا
أي: أبقت فيه.
2- أنها من سور يسور سورا و سورة ؛.. بغير همز وهي لغة قريش كلها ومن جاورها من قبائل العرب كهذيل وسعد بن بكر وكنانة يقولون سورة بغير همز
والمعنى إما على تخفيف الهمزة و تكون بنفس المعنى الأول.
وإما
هي على معنى السور..أي شبهت بسور البناء ...
بمعنى القطعة أي أن سورة قطعة من القران
كما أن سور البناء قطعة منه لأن كل بناء فإنما يبنى قطعة بعد قطعة وكل قطعة منها سورة.
وجمع سورة القرآن سور بفتح الواو وجمع سورة البناء سور بسكونها.
وجه تسمية السورة من القران سورة
أن ذلك راجع إلى سببين
1-لكون السورة قطعة من القران ..
قال أبو عبيدة: إنما اختلفا في هذا فكأن سور القرآن هي قطعة بعد قطعة حتى كمل منها القرآن.
2-وقيل لعلو منزلتها ورفعة مكانتها كما أن السور مرتفع .......
قال ابن عطية
ويقال أيضا للرتبة الرفيعة من المجد والملك سورة ومنه قول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر: [الطويل]
ألم تر أن الله أعطاك سورة = ترى كل ملك دونها يتذبذب
فكأن الرتبة انبنت حتى كملت.
ثالثا معنى الآية
- معنى الآية لغة : العلامة
ومنه قول الأسير الموصي إلى قومه باللغز: (بآية ما أكلت معكم حيسا).
وجه تسمية الآية القرآنية آية
قيل في ذلك أقوال
-لأنها علامة على صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدى –
- وقيل سميت آية لما كانت جملة وجماعة كلام كما تقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا
- وقيل لما كانت علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها سميت آية
وزن كلامة آية
- عند سيبويه هي فعلة بفتح العين أصلها أيية تحركت الياء الأولى وما قبلها مفتوح فجاءت آية.
-وقال الكسائي أصل آية آيية على وزن فاعلة حذفت الياء الأولى مخافة أن يلتزم فيها من الإدغام ما لزم في دابة.
وقال مكي في تعليل هذا الوجه سكنت الأولى وأدغمت فجاءت آية على وزن دابة ثم سهلت الياء المثقلة
-وقيل: أصلها أية على وزن فعلة بسكون العين أبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف قاله الفراء وحكاه أبو علي عن سيبويه في ترجمة {وكأين من نبي} [آل عمران: 146].
-وقال بعض الكوفيين أصلها أيية على وزن فعلة بكسر العين أبدلت الياء الأولى ألفا لثقل الكسر عليها وانفتاح ما قبلها.