دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 شعبان 1439هـ/3-05-2018م, 03:26 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الرابع: مجلس مذاكرة القسم التاسع من تفسير سورة آل عمران

مجلس مذاكرة القسم التاسع من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 133-152)



س: حرّر القول في معنى قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير}.



تعليمات الإجابة:
هذا التطبيق مطلوب تقديمه في صورة خطوات منفصلة كالتالي:
أولا: ذكر مراجع البحث مرتّبة على مراتب مراجع الأقوال في التفسير.
ثانيا:
استخلاص الأقوال وتصنيفها ونسبتها.
ثالثا: تخريج الأقوال.
رابعا: توجيه الأقوال.
خامسا: دراسة الأقوال ونقدها وبيان الراجح منها.



تعليمات:
- دراسة تفسير سورة آل عمران سيكون من خلال مجالس المذاكرة ، وليست مقررة للاختبار.
- مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق مهارات التفسير التي تعلمها الطالب سابقا.
- لا يقتصر تفسير السورة على التفاسير الثلاثة الموجودة في المعهد.
- يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها.

- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22 شعبان 1439هـ/7-05-2018م, 06:35 PM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي


س: حرّر القول في معنى قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير
}
جاءت هذه الآية في سياق الكلام عن أحداث غزوة أحد وما أصاب المسلمين فيها من الحزن والجراحات ومن ذلك معاتبتهم على الفرار من ساحة المعركة حين سمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل ثم وعظهم بذكر حال مشابهة لحالهم وهى حال أتباع النبيين قبلهم وكيف تصرفوا حال حلول المصائب بهم أو موت المتبوع دونهم فقال تعالى {وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير}
تصنيف الآية:تشتمل الآية على عدة مسائل لها تعلق بالتفسير وعلوم القرآن كالوقف والابتداء والقراءات ولها تعلق باللغة والإعراب

مظان البحث:
-أولا: مسائل التفسير وأقوال السلف :
-كتب التفسير الأصلية تفسير عبد الرزاق والطبري ،أبن أبي حاتم ،البغوى ،الثعلبي
-سنن سعيد بن منصور والبخارى وفتح الباري لابن حجر والزوائد للهيثمى:
-كتب التفسير البديلة:السيوطى وابن كثير
-كتب ناقلة : ابن عطية وابن الجوزى والماوردي والقرطبي ومكى بن أبي طالب
التفسير اللغوى :الزجاج والفراء والنحاس والزمخشرى وابن عاشور والبحر المحيط
ومعاجم اللغة :لسان العرب ومقاييس اللغة وتاج العروس وتهذيب اللغة
كتب القراءات:الكشف عن وجوه القراءات لمكى بن أبي طالب
كتب الوقف والابتداء:إيضاح الوقف والابتداء ،علل الوقوف للسجاوندي والمكتفي لأبي عمرو الدانى

ثانيا :استخراج الأقوال في كل مسألة :

وفي الآية مسائل :
-المسألة الأولى :معنى كأين :وهى لفظة مركبة من كاف التشبيه ،وأي ؛فجعلت الكاف مع أي كلمة واحدة ونقلت عن معنى التشبيه إلى معنى {كم}التى للتكثير ولزمتها {من}،ذكره صاحب الكشف عن وجوه القراءات
وفيها قراءات ولكن كلها تعود لمعنى واحد

-المسألة الثانية :القراءات في قوله تعالى { قاتل} معه:

1-قراءة الألف:{قاتل} وبها قرأابن مسعود والنخعى والحسن وسعيد بن جبير
روى ابن منصور في سننه قال:حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عتّاب بن بشيرٍ، قال: نا خصيف، عن زياد بن أبي مريم، وأبي عبيدة، عن ابن مسعودٍ - في قوله عزّ وجلّ: {وكأيّن من نبي قتل معه ربيون كثير} -، يقول: (قاتل)، ألا ترى أنّه يقول: {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله... } الآية.
- وقال :حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عتّاب، عن خصيف، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه كان يقول: ما سمعنا قطّ أنّ نبيًّا قتل في القتال.
- وقال :حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا عوفٌ، عن الحسن، وأنا عوفٌ، عن إبراهيم، أنّهما كانا يقرآن: {قاتل معه}
2-قراءة {قتل} قرأ به ابن إسحاق كمارواه ابن جرير قال:
حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قوله: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: وكأيّن من نبيٍّ أصابه القتل، ومعه جماعاتٌ
أخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد عن الحسن وإبراهيم أنهما كانا يقرآن {قاتل معه}.وقال السيوطي :
-قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب «قتل» - بضم القاف وكسر التاء مخففة ،من القتل
-وقرأ الكوفيون وابن عامر :قاتل بألف ،من القتال
-وقرأ قتادة «قتل» بضم القاف وكسر التاء مشددة على التكثير

-المسألة الثالثة :إسناد الفعل في قوله {قتل معه} أو{ قاتل معه}:وفيها قولان :
&الأول:الضمير يرجع إلى النبي والمعنى على هذا القول أن أن القتل إخبار عما فعل بالأنبياء عليهم السلام، وأنهم قتلوا فيما مضى، وأن من كان معهم لم يضعف بعده ولا تضعضع.ذكره مكي بن أبي طالب

&الثاني:يرجع إلى الربيين فيكون الفاعل{ ربيون} وهم المقتولون وحينئذ يتعلق قوله {معه ربيون} بالفعل والمعنى أن الله عز وجل أخبر أنه قد قتل مع الأنبياء عليهم السلام {رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} فما وهن من بقي ولا ضعف ولا ذل، فيتأسى المسلمون بهذا، فلا يضعفون لما أصاب أصحابهم من القتل يوم أحد
-الوقف والابتداء بحسب القراءة : :
-قراءة {قاتل }الوقف فيها يحتمل وجهين بحسب إسناد الفعل :-
- فمن أسند الفعل إلى الربيين: (قاتل معه ربيون) فعلى هذا المذهب لا يتم الوقف على (قاتل) لأنه فعل ل «الربيين ،لايفصل بين الفعل وفاعله بوقف وبهذا قرأ أبو جعفر وشيبة وحمزة وعاصم والأعمش والكسائي(ذكره ابن الانباري في إيضاح الوقف والابتداء)
-ومن أسند الفعل إلى النبي ؛فإنه يحسن الوقف على {وكأين من نبي قاتل} ثم تبتدىء {معه ربيون كثير}على معنى: «قاتل النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه جموع كثيرة فما ضعفوا لقتل نبيهم ولا استكانوا»، الدليل على هذا قوله (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) ذكره ابن الأنباري وقال:وهذا القول حكاه أبو عمرو عن بعض المفسرين».
-قراءة قتل : يحتمل أن يكون نائب الفاعل {نبي} فالوقف على {قتل }كاف بتأويل: قتل النبي ومعه جموع كثيرة فما وهنوا لقتل نبيهم. وهذا الاختيار، لأن الآية لذلك السبب نزلت،ذكره أبو عمرو الدانى
. وقال أبو عمرو في (المكتفي): حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن قطن قال: حدثنا سليمان بن خلاد قال: أخبرنا اليزيدي قال حدثنا أبو عمرو بن العلاء في قوله: (وكأين من نبي قُتل) قال: قتل قبل محمد، لأنهم أشاعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يوم أحد، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله بعد قتل نبيهم وما ضعفوا وما استكانوا
و قال السجاوندي: ليكون قتل النبي إلزام الحجة على من اعتذر في الانهزام بما سمع من نداء إبليس: ألا أن محمدًا قد قتل. والتقدير: ومعه ربيون كثير، ولو وصل كان ربيون مقتولين.. .
-وإذا كان نائب الفاعل {ربيون} والمعنى أن الربيين هم المقتولون فلايحسن الوقف هنا على {قتل}لأنها مرفوعة بربيين
وبهذه القراءة قرأ ابن عباس ونافع وأبو عمرو. ،ذكره ابن الأنباري في إيضاح الوقف والابتداء
».
توجيه القراءات:
قال الطبري:أما من قرأ (قَاتَلَ) ، فإنه اختار ذلك، لأنه قال: لو قُتلوا لم يكن لقوله:"فما وهنوا"، وجه معروف. لأنه يستحيل أن يوصفوا بأنهم لم يَهِنوا ولم يضعفوا بعد ما قتلوا.
وأما الذين قرأوا ذلك: (قُتِلَ) ، فإنهم قالوا: إنما عنى بالقتل النبيَّ وبعضَ من معه من الربيين دون جميعهم، وإنما نفى الوهن والضعف عمن بقى من الربيين ممن لم يقتل.

قال مكي:-اختار قوم من العلماء قراءة من قرأ قتل لأنهم عوقبوا على ضعف بعضهم لما سمعوا لقتل النبي صلى الله عليه وسلم.
-ومن قرأ قاتل حمله على معنى أنهم وهنوا لقتل أصحابهم وجراحهم، فأنزل الله عز وجل عليهم يعلمهم أن كثيراً من الأنبياء قاتل مع أصحابه وأتباعه، فلم يضعفوا لما أصابهم من قتل وجراح فتأسوا بهم.
-واختار بعض أهل اللغة قاتل لأنه أبلغ في المدح من قتل لأن الله تعالى إذا مدح من قاتل كان من قتل أدخل في المدح لأنه لم يقتل إلا بعد القتال، فالقاتل والمقتول ممدوحان في قراءة من قرأ قاتل وهو إذا مدح من قتل فليس من قاتل، ولم يقتل بالممدوح، فقاتل أبلغ في المدح للجميع.

خلاصة كلام ابن عطية:
هناك ثلاث قراءات للفعل :
-الأولى :قتل بضم القاف وكسر التاء مخففة
-الثانية :قتل :بضم القاف وكسر التاء مشددة
-الثالثة :قاتل بألف بين القاف والتاء

خلاصة الأقوال في إسناد الفعل {قاتل أو قتل} كما ذكره ابن عطية:
-الأول :على قراءة قتل بالتخفيف لها وجهان:
1-أن الفعل مسند إلى النبي أى قتل نبي ويكون قوله {معه ربيون}إما صفة للنبي أو حالا
أي كثير من الأنبياء قتل والذين بقوا بعدهم ماوهنوا في دينهم ذكره ابن كثير عن ابن اسحاق وقال نصره السهيلي والأموى في مغازيه ،ذكره ابن كثير
2-أن الفعل مسند إلى الربيين فيكون المعنى {قتل معه ربيون}أى كم من نبي قتل ممن كان معه ربيون كثير فما ضعف الباقون ولا استكانوا لقتل من قتل من إخوانهم
وفسره ابن جرير وكم من نبى قتل وقتل معه ربيون من أصحابه فما وهن الباقون
حجة هذه القراءة: أن المقصود من الآية حكاية ماجرى لسائر الأنبياء لتقتدى بهم هذه الأمة وقوله تعالى {أفإين مات أو قتل }يدل على أن المراد قتل الأنبياء لا قتالهم
-الثانى :قراءة {قاتل} فيها الوجهان:
الوجه الأول :أن يكون الفعل قاتل مسندا إلى النبي
والثاني :أن يكون الفعل مسندا إلى الربيين
حجة هذه القراءة:أن المراد من هذه الآية ترغيب الذين كانوا مع النبي في القتال فوجب أن يكون المذكور هو القتال ويؤيده ماروى عن سعيد بن جبير أنه قال ماسمعنا بنبي قتل في القتال
-الثالث:قراءة قتل بالتشديد:قيل لايحسن الإسناد إلا إلى الربيين لتناسب الكثرة وقيل بل تناسب الإفراد أيضا
قال الرازي:وقرئ- «قتل» - بالتشديد قال ابن جني: وحينئذ فلا ضمير في الفعل لما في التضعيف من الدلالة على التكثير وهو ينافي إسناده إلى الواحد، وأجيب بأنه لا يمتنع أن يكون فيه ضمير الأول لأنه في معنى الجماعة. واعترض بأنه خلاف الظاهر، ومن هنا قيل: إن هذه القراءة تؤيد إسناد- قتل- إلى- الربيين- ويؤيدها أيضا ما أخرجه ابن المنذر عن ابن جبير أنه كان يقول: ما سمعنا قط أن نبيا قتل في القتال، وقول الحسن وجماعة: لم يقتل نبي في الحرب

-الدراسة والترجيح:
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب، قراءة من قرأ بضم"القاف": (" قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُونَ كَثِيرٌ ") ، لأن الله عز وجل إنما عاتب بهذه الآية والآيات التي قبلها = من قوله: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ) (3) الذين انهزموا يوم أحُد، وتركوا القتال، أو سمعوا الصائح يصيح:"إن محمدًا قد قتل". فعذلهم الله عز وجل على فرارهم وتركهم القتال فقال: أفائن مات محمد أو قتل، أيها المؤمنون، ارتددتم عن دينكم وانقلبتم على أعقابكم؟ ثم أخبرهم عما كان من فعل كثير من أتباع الأنبياء قبلهم، وقال لهم: هلا فعلتم كما كان
أهل الفضل والعلم من أتباع الأنبياء قبلكم يفعلونه إذا قتل نبيهم = من المضي على منهاج نبيهم، والقتال على دينه أعداءَ دين الله، على نحو ما كانوا يقاتلون مع نبيهم = ولم تهنوا ولم تضعفوا، كما لم يضعف الذين كانوا قبلكم من أهل العلم والبصائر من أتباع الأنبياء إذا قتل نبيهم، ولكنهم صَبروا لأعدائهم حتى حكم الله بينهم وبينهم؟ وبذلك من التأويل جاء تأويل المتأوِّلين وأما"الربيون"، فإنهم مرفوعون بقوله:"معه" لا بقوله:"قتل". وإنما تأويل الكلام: وكأين من نبيّ قتل، ومعه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله. وفي الكلام إضمار"واو"، لأنها"واو" تدل على معنى حال قَتْل النبي صلى الله عليه وسلم، غير أنه اجتزأ بدلالة ما ذكر من الكلام عليها من ذكرها، وذلك كقول القائل في الكلام:"قتل الأمير معه جيش عظيم"، بمعنى: قتل ومعه جيشٌ عظيم.

-خلاصة كلام الشنقيطى في تحرير المسألة

قراءة قتل:يحتمل أن يكون نائب لفاعل فيها لفظة ربيون
ويحتمل أن يكون نائب الفاعل ضميرا عائدا إلى النبي وجملة {معه ربيون }مكونة من خبر مقدم ومبتدأمؤخر وهى جملة حالية سوغ إتيان الحال من النكرة {نبي} وصفه بالقتل ظلما
ومعنى الآية:الآية فيها إجمال تفصله آيات أخرى إذ أن النبي المقاتل غير مغلوب بل هو غالب كما دلت عليه الآيات كقوله { كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي،} وَقَوْلِهِ: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ،} وَقَوْلِهِ: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ }، وَقَوْلِهِ:{ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً } ، وَقَوْلِهِ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ } إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وأن المقتول ليس بغالب كما دلت عليه الآية { وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ}
فاستخلص من هذا أن النبي المقاتل ليس بمغلوب أي ليس بمقتول لأنه غالب كما وعد الله تعالى
وقد ذكر العلماء المحققين نوعى الغلبة للأنبياء :
-غلبة بالحجة والبيان:وهو ثابت لجميع الأنبياء وعامتهم
-وغلبة بالسيف والسنان:وهو ثابت لخصوص الأنبياء الذين أمروا بالقتال إذ وعد الله بغلبتهم على معنى الغلبة في القرآن
-وعقب على قول ابن جرير في قوله تعالى {إنا لننصر رسلنا} أنه لامانع من قتل الرسول المأمور بالجهاد و بأن النصر المنصوص عليه في الآية يحتمل أمرين أحدهما أن الله ينصره بعد موته والثانى أن يراد به خصوص نبينا دون غيره من الرسل :
أن هذا القول ضعيف من وجهين:
أولهما :أنه خروج بكتاب الله عن ظاهره المتبادر منه بغير دليل وأن الحكم للمقتول من المتقاتلين أنه المنصور بعيد جدا وغير معروف في لسان العرب وحمل الرسل على خصوص نبينا لادليل عليه وأن الله وعد عموم الرسل بالنصر
ثانيهما:أن للنصر معنيان معنى نصرة المظلوم ومعنى أخص منه وهو نصر الغلبة والقهر وأن النصر الوارد في القرآن والمصرح به غير مقتصر على المعنى اللغوى للنصر بل صرح أن نصر الرسل نصر غلبة بقوله {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي} وقد صرح تعالى أن ماوعد به رسله لايمكن تبديله كماقال تعالى { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} ولاشك أن قوله {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي}من كلماته التى لامبدل لها
-ومما قاله رحمه الله :قدمنا في الكتاب أننا نستشهد بالقراءة الشاذة على القراءة السبعية ومن ذلك أن بعض قراء غير السبعة قرأ {قتل }بالتشديد وهذا يقتضي أن القتل وقع على الربيين ورجح هذه القراءة الزمخشرى والبيضاوى وابن جنى
-ورد قول من زعم أن قراءة التشديد لاينافي وقوع القتل على النبي لأن {كأين }إخبار بعدد كثير من أفراد النبي وأن القرآن صرح في غير ما موضع بقتل الأنبياء كقوله تعالى { فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ }وَقَوْلِهِ: ق{ُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ} وأن الجواب من ثلاثة أوجه:
-الأول :أن دليلنا خاص ودليلكم عام ولايعارض خاص بعام إذ أن ماذكرتم من التصريح بقتل الأنبياء لم تدل على أنه قتل في جهاد بل ظاهرها على خلاف ذلك إلا في موطن هذه الآية
-الثانى:ما رجحه من أن نائب الفاعل {ربيون} تتفق عليه آيات القرآن وانه على مقتضى اللسان العربي في افصح لغاته فلا تتصادم آيتان فحمل الرسول المقتول على غير المأمور بالجهاد وقتله إذن لا إشكال فيه ،وحكم الله للرسل بالغلبة والغلبة لاتتأتى إلا بعد مغالبة ولم يؤمر بالمغالبة ولو امر لغلب ولابد
-ولو قلنا إن نائب الفاعل ضمير النبي لصار المعنى ان كثيرا من الانبياء المقاتلين قتلوا في ميدان الحرب كما تدل عليه صيغة {وكأين} وقد سبق بيان معنى الغلبة في القرآن والقرآن ما أنزل ليضرب بعضه بعضا ولكن يؤيد بعضه بعضا فدل ذلك أن نائب الفاعل {ربيون} وأنه لم يقتل رسول في جهاد كما جزم به الحسن البصري وسعيد بن جبير والزجاج والفراء وغيرهم
-وأما من رجح من العلماء ان نائب الفاعل {نبى} استنادا إلى سبب النزول فلو كان كذلك لكانت قراءة الجمهور {قاتل }على خلاف المتعين
والترجيح بقوله { أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ}ساقط لأنهما معلقان باداة الشرط والمعلق بها لايدل على وقوع نسبة أصلا حتى يرجح بها غيرها
-والواقع في نفس الأمر أن النبي في ذلك الوقت لم يقتل ولم يمت
ثم قال :والنرجيح بقوله {فما وهنوا }ساقط وأعظم دليل على سقوطه قراءة حمزة والكسائي {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ }، كُلُّ الْأَفْعَالِ مِنَ الْقَتْلِ لَا مِنَ الْقِتَالِ، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ السَّبْعِيَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ فِيهَا. {فَإِنَّ قَتَلُوكُمْ بِ}لَا أَلِفٍ بَعْدَ الْقَافِ فِعْلٌ مَاضٍ مِنَ الْقَتْلِ {فَاقْتُلُوهُمْ }أَفَتَقُولُونَ هَذَا لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ الْمَقْتُولَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْمَرَ بِقَتْلِ قَاتِلِهِ. بَلِ الْمَعْنَى قَتَلُوا بَعْضُكُمْ وَهُوَ مَعْنًى مَشْهُورٌ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُونَ: قَتَلُونَا وَقَتَلْنَاهُمْ، يَعْنُونَ وُقُوعَ الْقَتْلِ عَلَى الْبَعْضِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى هَذَا الْبَيَانِ فِي كِتَابِنَا «دَفْعُ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ الْكِتَابِ» ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى

والذي يظهر لى والله أعلم أن إسناد الفعل في كلا القراءتين محتمل وذلك أنه على القول بأن فعل القتل مختص بالنبي جائز غير ممتنع لأن سياق الآية بأسلوب الشرط ؛فإنه لما شاع بين المسلمين أن النبي قد قتل منهم من تراجع ومنهم أصابه الوهن والجزع فعاتبهم الله تعالى على ذلك ووعظهم بحال السابقين عند خلوهم عن أنبيائهم بقتل كان أو موت
وقوله {قتل}لايعنى بالضرورة قتله في الجهاد وساحة المعركة فإن أنبياء بنى اسرائيل قتل منهم عدد كثير في غير جهاد
وأما قراءة{قاتل}فإنها تدل على قتال الجهاد والمغالبة فيكون قتل النبي فيها غير مراد بالآية فتحمل على الربيين أتباع النبي ويؤيده ماروى عن الحسن وسعيد بن جبير


المسألة الثالثة في المراد بقوله تعالى {ربيون كثير}


القول الأول:علماء فقهاء قال به ابن عباس والحسن
القول الثانى :الألوف قال به ابن مسعود والضحاك بن مزاحم
القول الثالث:الجمع الكثير قال به ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد وعكرمة والربيع والضحاك والسدي وابن إسحاق وابن المبارك وعطاء الخراساني:
القول الرابع:الربانيون ،قال به بعض نحويي البصرة وهم الذين يعبدون الرب
القول الخامس:الأتباع قال به ابن زيد

التخريج:
-قول ابن مسعود {الألوف}:رواه الصنعانى والثورى وابن أبي حاتم وابن جرير من طرق عدة كلهم من طريق عاصم عن زر عن عبد الله به
وقال الهيثمى في مجمع الزوائد رواه الطبراني وفيه عاصم بن بهدلة وثقه النسائي وغيره وضعفه جماعة ،قال البخارى: الجميع، والواحد ربّيٌّ

-قول الضحاك:رواه ابن منصور حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا أبو إسحاق، عن الضّحّاك بن مزاحم - في قوله عزّ وجلّ: {قاتل معه ربّيّون كثيرٌ} ، قال: الرّبة الواحدة ألف
وروى ابن جرير عنه بصيغة التضعيف قال: حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: (قتل معه ربّيّون كثيرٌ) يعني الجموع الكثيرة قتل نبيّهم
ورواه أيضا من طريق جويبر عنه أيضا وهو ضعيف

-قول ابن عباس: رواه ابن جرير قال: حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) الرّبّيّون: الجموع الكثيرة
ورواه ابن أبي حاتم عن على بن أبي طلحةعنه
. -قول مجاهد:رواه ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح عنه قال جموع كثيرة
-قول قتادة:رواه ابن جرير قال حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) يقول: جموعٌ كثيرةٌ.
-قول عكرمة :رواه ابن منصور وابن جرير من طريق سفيان، عن عمرٍو، عن عكرمة، قال: الجموع الكثيرة.
-قول الربيع: رواه ابن جرير بصيغة التضعيف قال: حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: (قتل معه ربّيّون كثيرٌ) يقول: جموعٌ كثيرةٌ
-قول السدى:رواه ابن جرير قال: حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {قاتل معه ربّيّون كثيرٌ} يقول: جموعٌ كثيرةٌ.


-قول ابن عباس:رواه ابن جرير قال حدّثني به سليمان بن عبد الجبّار، قال: حدّثنا محمّد بن الصّلت، قال: حدّثنا أبو كدينة، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: علماء كثيرٌ.

-قول الحسن: رواه ابن أبي حاتم قال- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ عن الحسن في قوله: قاتل معه ربيون كثير قال: علماء كثير.
- حدّثنا جعفر بن نضرٍ الواسطيّ، ثنا أبو قطنٍ، عن أبي الأشهب، عن الحسن في هذه الآية: وكأيّن من نبيٍّ قاتل معه ربّيّون كثيرٌ قال: علماء صبرٌ
ورواه ابن أبي حاتم قال :حدّثني أبي، ثنا أبو عمر الحوضيّ، ثنا مباركٌ، عن الحسن وكأيّن من نبيٍّ قاتل معه ربّيّون كثيرٌ قال: أبرارٌ أتقياء صبرٌ.
ورواه ابن جرير وسعيد بن منصور من طريق هشيم عن عوف عن الحسن قال فقهاء علماء.


-قول ابن زيد:رواه ابن جرير قال: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: الرّبّيّون: الأتباع، والرّبّانيّون: الولاة، والرّبّيّون: الرّعيّة، وبهذا عاتبهم اللّه حين انهزموا عنه، حين صاح الشّيطان إنّ محمّدًا قد قتل، قال: كانت الهزيمة عند صياحه في سببةٍ صاح: أيّها النّاس إنّ محمّدًا رسول اللّه قد قتل، فارجعوا إلى عشائركم يؤمّنوكم.

تصنيف الأقوال والتوجيه:
يمكن تصنيف الأقوال المذكورة عند علماء اللغة والتفسير إلى قولين:

-القول الاول:الجماعات الكثيرة أو الألوف قال به الفراء وأبو عبيدة وابن قتيبة الدينوري ومكي بن أبي طالب
-القول الثانى :الربانيون وهم العلماء الفقهاء الأتقياء الصبر أتباع الأنبياء،قال به الأخفش واليزيدي
واستحسن الزجاج كلا القولين

توجيه القول الأول :الجماعات الكثيرة أو الألوف
قال ابن جرير :.والرّبّيّون عندنا: الجماعات الكثيرة، واحدهم ربّيّ، وهم جماعةٌ.
وقال النحاس : ومعروف أن: الربة الجماعة فهم منسبون إلى الربة ويقال للخرقة التي يجمع فيها القدح ربة وربة والرباب قبائل تجمعت.
وقال أبان بن تغلب: الربي عشرة آلاف.
قال ابن عطية : قول عبد الله بن مسعود وابن عباس: إنهم الألوف، قال بعض المفسرين: هم عشرة آلاف فصاعدا، أخذ ذلك من بناء الجمع الكثير في قولهما: هم الألوف وهذا في الربيين أنهم الجماعات الكثيرة هو من الربة بكسر الراء وهي الجماعة الكثيرة، قاله يونس بن حبيب، وقال: إن قوله تعالى: قتل معه ربيون منسوبون إليها، قال قطرب:
جماعة العلماء على قول يونس، وقال الزجّاج: يقال: إن الربة عشرة آلاف
وقال القرطبي : وَالْأَوَّلُ أَعْرَفُ فِي اللُّغَةِ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْخِرْقَةِ الَّتِي تُجْمَعُ فِيهَا الْقِدَاحُ: رِبَّةٌ وَرُبَّةٌ. وَالرِّبَابُ قَبَائِلُ تَجَمَّعَتْ. وَقَالَ أَبَانُ بْنُ ثَعْلَبٍ: الرِّبِّيُّ عَشْرَةُ آلَافٍ
قال أبوحيان :الربي:عابد الرب وكسر الراء من تغيير النسب أو الجماعة منسوب إلى الربة وهى الجماعة وقال قطرب جماعة العلماء على قول يونس
قال صاحب تهذيب اللغة :قال الأصمعي :وقيل: وَيُقَال: فلَان مَرَبٌّ، أَي مَجْمَعٌ يَرُبّ النَّاس، أَي يَجْمَعهم.
ومكانٌ مَرَبٌّ، أَي يَجْمع النَّاس؛ وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
بأوّل مَا هَاجَت لكَ الشَّوْقَ دِمْنَةٌ
بأَجْرَع مِرْباعٍ مَرَبَ مُحَلَّلِ


القول الثانى :قال ابن جرير : وأمّا الرّبّيّون، فإنّ أهل العربيّة اختلفوا في معناه، فقال بعض نحويّي البصرة: هم الّذين يعبدون الرّبّ، واحدهم ربّيّ.
وقال بعض نحويّي الكوفة: لو كانوا منسوبين إلى عبادة الرّبّ لكانوا ربّيّون بفتح الرّاء، ولكنّهم العلماء والألوف
قال ابن عطية : وروي عن ابن عباس وعن الحسن بن أبي الحسن وغيرهما أنهم قالوا: رِبِّيُّونَ معناه علماء، وقال الحسن: فقهاء علماء، قال أيضا:
علماء صبر، وهذا القول هو على النسبة إلى الرب، إما لأنهم مطيعون له، أو من حيث هم علماء بما شرع، ويقوي هذا القول في قراءة من قرأ «ربيون» بفتح الراء وأما في ضم الراء وكسرها فيجيء على تغيير النسب، كما قالوا في النسبة إلى الحرم: حرمي بكسر الحاء، وإلى البصرة، بصري بكسر الباء، وفي هذا نظر،
وقال ابن زيد: «الربانيون» : الولاة، والربيون الرعية الأتباع للولاة.
قال صاحب تهذيب اللغة:
وَقَالَ أَبُو العبّاس أَحْمد بن يَحيى: قَالَ الأَخْفش: الرِّبيون: مَنْسوبون إِلَى الرَّبّ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: يَنْبغي أَن تُفتح الرَّاء على قَوْله.
قَالَ: وَهُوَ على قِراءة القُرّاء من الرَّبّةِ، وَهِي الْجَمَاعَة.
وقال الحسن رحمة الله عليه: هم العلماء الصبر كأنه أخذ من النسبة إلى الرب تبارك وتعالى(ذكره النحاس).

الترجيح :
قال ابن عاشور: (الرّبيّون) جَمْعُ رِبِّيٍّ وَهُوَ الْمُتَّبِعُ لِشَرِيعَةِ الرَّبِّ مِثْلُ الرَّبَّانِيِّ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا أَتْبَاعُ الرُّسُلِ وَتَلَامِذَةُ الْأَنْبِيَاءِ. وَيَجُوزُ فِي رَائِهِ الْفَتْحُ، عَلَى الْقِيَاسِ، وَالْكَسْرُ، عَلَى أَنَّهُ مِنْ تَغْيِيرَاتِ النَّسَبِ وَهُوَ الَّذِي قرىء بِهِ فِي الْمُتَوَاتِرِ.
وقال السعدي : جماعات كثيرون من أتباعهم، الذين قد ربتهم الأنبياء بالإيمان والأعمال الصالحة، فأصابهم قتل وجراح وغير ذلك.

فهذا القول منه رحمه الله جمع فيه بين القولين وأدخل كلاهما في معنى الآية فلاتحمل الآية على مجرد المعنى اللغوى لأن العبرة ليست بكثرة الجموع ولكن بقوة العلم والصبر واليقين وهو المناسب لسياق الآية والغرض منها

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 شعبان 1439هـ/8-05-2018م, 05:48 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

س: حرّر القول في معنى قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير}.

الوقف في قوله ( وكأين ) :
اختلفوا فيه على قولين :
الأول : منهم من يقف على الياء بدون النون .
وهو وقف أبو عمرو ويعقوب و ذكره مكي بن أبي طالب وأبو عمرو الداني والبغوي والعبكري والسمين .

الثاني : منهم من لايقف على الياء .
وهذا قرأه أبو عمرو والكسائي و ذكره ومكي بن أبي طالب و أبو عمرو الداني والبغوي وابن عطية والسمين .

الوقف في قوله ( قاتل ) :
اختلفوا على قولين :
الأول : وقف حسن
وهذا القول قاله وذكره النحاس وأبومحمد العماني .
الثاني : لا يقف
وهو قول ذكره الأنباري وأبو عمرو الداني والسجاوندي .

القراءة في قوله ( وكأين )
اختلف في قراءته على أقوال :
القول الأول : قرأه بعضهم بهمز الألف وتشديد الياء .
وهذا قول ذكره ابن جرير ومكي بن أبي طالب وأبو عمرو الداني والبغوي والعبكري
القول الثاني : قرأه بعضهم بمد الألف وتخفيف الياء .
وهذا القول هو قرأه ابن كثير و ذكره ابن جرير ومكي بن أبي طالب و أبو عمرو الداني والبغوي وابن عطية وابن الجوزي والإمام نصر الفسوي .
القول الثالث: " وكئن " مهموزا مقصورا مثل وكعن.
وهذا القول قرأه ابن محيصن وذكره وابن عطية و القرطبي .


القراءة في قوله قاتل :
اختلف في قراءته على أقوال :
القول الأول : قرأ ( قاتل ) بالألف .
وهذا القول قرأه أبو جعفر وشيبة وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي وذكره ابن جريرو الأنباري ومكي بن أبي طالب وأبو عمرو الداني و البغوي وابن عطية والباقولي والإمام الفسوي وابن كثير و الأشموني .

القول الثاني : قرأ ( قتل ) بغير الألف ، قرأ ابن عباس وابن كثير ونافع وأبو عمرو قرأه قراء الحجاز والبصرة بالضم ، وقرأه جماعة أخرى من الحجاز والكوفة بفتح القاف .
وهذا القول ذكره ابن جرير ومكي بن أبي طالب وأبو عمرو الداني والبغوي وابن عطية والباقولي وابن كثير وابن الجزري و الأشموني .


القراءة في قوله ( ربيون ) :
اختلفوا فيه على ثلاث أقوال :
القول الأول : بالكسر
وهذا القول ذكره الزجاج وابن حيان وابن السمين وابن حجر وابن عاشور والزمخشري.
القول الثاني : بالضم
وهذا قرأه ابن مسعود وابو رجاء والحسن وعكرمة وعمرو بن عبيد وعطاء بن السائب وذكره الزجاج وابن عطية والثعلبي وابن حيان وابن السمين وابن حجر والزمخشري .
القول الثالث : بالفتح
وهو قراءة ابن عباس و ذكره ابن عطية وأبو حيان وابن السمين وابن حجر وابن عاشور والزمخشري .

الأقوال في الكاف في قوله ( وكأين ) :
اختلفوا على قولين :
القول الأول : أنها مركبة ، والكاف للتشبيه ، بمعنى كم الخبرية .
وهذا القول ذكره الفراءو ابن جرير و الزجاج ،والبغدادي والبغوي وابن عطية ،والقرطبي وابن كثير ، والعبكري وابن هشام .
القول الثاني :أنها بسيطة ، فهي كلمة واحدة وضعت للتكثير .
ذكره أبو حيان و ابن عاشور .

المراد بالربيون :
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول : الجموع من الألوف .
وهذا القول قاله ابن عباس وعبد الله وقتادة وعكرمة والحسن والضحاك ومجاهد وابن اسحاق والربيع والسدي وعطاء الخراساني وذكره أبو عبيدة وابن قتيبة و ابن جرير والزجاج ومكي بن أبي طالب والماوردي وابن عطية وابن الجوزي
القول الثاني : العلماء والأبرار الأتقياء
وهذا القول قاله الحسن و ذكره ابن جرير والزجاج والنحاس والماوردي وابن عطية وابن تيمية .
القول الثالث : الأتباع
وهذا القول قاله ابن زيد ، وذكره ابن جرير والنحاس والماوردي وابن عطية وابن الجوزي وابن تيمية .

التخريج :

الوقف في قوله ( وكأين ) :
قال أبو عمرو الداني في تيسير القراءات ( ت: 444ه) : وَالْوَقْف على النُّون وَقد ذكر فِي بَاب الْوَقْف على مرسوم الْخط الْكُوفِيُّونَ.
قال مكي بن أبي طالب ( ت: 437ه) في الكشف عن وجوه القراءات : ويجب على هذا القول أن يوقف عليه بغير النون وقد روي ذلك عن أبي عمرو.انتهى
و لم أجد القول على الوقف بغير النون عند أبي عمرو ، فلعله خطأ في النسبة .

الوقف في قوله ( قاتل ) :
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): وقرأ أبو جعفر وشيبة وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي: (قاتل معه ربيون) فعلى هذا المذهب لا يتم الوقف على (قاتل) لأنه فعل لأ «الربيين».انتهى.
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ):قال اليزيدي: وقال أبو عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان يعجب ممن يقرأها (قاتل) يقول (أفإن مات أو قاتل انقلبتم على أعقابكم) فإن أسند القتل إلى (الربيين) كأنه قال: قتل بعضهم فما وهن الباقون لقتل من قتل منهم ولا ضعفوا ولا استكانوا، فعلى هذا لم يكف الوقف على (قتل) لأن (الربيين) مرفوع به.انتهى .

القراءة في قوله ( وكأين ) :
قال أبو عمرو الداني ( ت: 444ه) في تيسير القراءات : {وكأين} حَيْثُ وَقع بالف ممدودة بعْدهَا همزَة مَكْسُورَة وَالْبَاقُونَ بِهَمْزَة مَفْتُوحَة بعد الْكَاف وياء مَكْسُورَة مُشَدّدَة بعْدهَا .


القراءة في قوله ( قاتل ) :
القول الأول :
رواه أبو عمرو الداني من طريق سفيان عن عن عكرمة .
القول الثاني :
رواه أبو عمرو الداني من طريق اليزيدي عن أبو عمروا بن العلاء .


القراءات في قوله ( ربيون ) :
قال ابن السمين ( ت: 756ه): وقرأ علي وابن مسعود وابن عباس والحسن : "ربيون " بضم الراء ، وهو من تغيير النسب إن قلنا هو منسوب إلى الرب ، وقيل : لا تغيير وهو منسوب إلى الربة وهي الجماعة ، وفيها لغتان : الكسر والضم ، وقرأ ابن عباس في رواية قتادة : "ربيون " بفتحها على الأصل ، إن قلنا : منسوب إلى الرب ، وإلا فمن تغيير النسب إن قلنا : إنه منسوب إلى الربة . قال ابن جني : "والفتح لغة تميم "انتهى .
ولم أجد لابن جني عن ذكر الفتح لغة تيم بل الذي ذكره عن الفتح أنها عن أنها رواية عن ابن عباس .
فقال ابن الجني في المحتسب ( ت : 392ه) : قال ابن الجني في المحتسب ( ت: 392) : "رُبِّيون" بضم الراء، وقرأ بفتحها ابن عباس فيما رواه قتاده عنه.

الأقوال في الكاف في قوله ( وكأين ):
القول الأول :
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): ومعنى {وكأين}: وكم.
القول الثاني :
قال أبو حيان الأندلسي ( ت : 745ه) : وهذا كله دعوى لا يقوم دليل على شيء منها . والذي يظهر أنه اسم مبني بسيط لا تركيب فيه ، يأتي للتكثير مثل " كم "


المراد بالربيون :
القول الأول :
وأما قول ابن عباس فرواه ابن جرير وأبوحاتم من طريق علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس، ورواه ابن جرير من طريق محمد بن سعيد عن آبائه عن ابن عباس .
وأما قول عبد الله فرواه عبد الرزاق والنهدي و ابن جرير وأبوحاتم والطبراني والهيثمي من طريق زر ، عن عبد الله.
وذكر الهيثمي أنه هناك عاصم ابن بهدلة وثّقه النّسائيّ وغيره، وضعّفه جماعةٌ.
وأما قول قتادة فرواه ابن جرير من طريق سعيدٌ، عن قتادة.
وأما قول عكرمة فرواه ابن جرير وسعيد بن منصور من طريق عمرٍو، عن عكرمة، ورواه ابن جري أيضا من طريق ابن عيينة، عن عمرٍو، عن عكرمة،ورواه ابن جرير من طريق سفيان، عن عمرٍو، عن عكرمة
وأما قول الحسن فرواه ابن جرير وأبو حاتم ووسعيد بن منصور من طريق مبارك، عن الحسن، ورواه ابن جرير من طريق عن أبي رجاءٍ، عن الحسن ، وراه ابن جرير وسعيد بن منصور أيضا من طريق عوفٌ، عن الحسن
وأما قول مجاهد فرواه ابن جرير ورواه الرملي من طريق ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ
وأما قول الضحاك فرواه ابن جرير من طريق جويبرٍ، عن الضّحّاك، ورواه سعيد بن منصور من طريق أبو إسحاق عن الضّحّاك بن مزاحم .
واما قول السدي فرواه ابن جرير من طريق أسباطٌ عن السّدّيّ ، ورواه سعيد بن منصور من طريق سفيان عن عمرٍو عن عكرمة.
وأما قول عطاء الخراساني فرواه ابن جرير من طريق يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني.
وأما قول الربيع فرواه ابن جرير من طريق بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع.
وقول ابن اسحاق رواه ابن جرير من طريق سلمة، عن ابن إسحاق.
القول الثاني :
أما قول الحسن فرواه ابن جرير وأبو حاتم من طريق معمرٌ، عن الحسن.
القول الثالث :
قول ابن زيد فرواه ابن جرير من طريق ابن وهب عن ابن زيد .



توجيه الأقوال :
الوقف في قوله ( وكأين ) :
القول الاول : مبني على وزن كعي ، ومبني على أن النون إعرابية .
القول الثاني : مبني على أن النون من أصل الكلمة .

الوقف في قوله ( قاتل ) :
القول الأول :
مبني على مذهب النحويين ،ومبني على قراءتها بدون الألف ، فيقف للمعنى .
القول الثاني :
مبني على قراءتها بالألف .

القراءة في قوله ( وكأين )
القول الأول :مبني على وزن كعين .
القول الثاني :مبني على وزن كاعن .فأبدلت الياء ألفا فأصبحت كائن على وزن كاعن .
القول الثالث : وهذا القول مبني على القول القراءة بلغة ، فكئن من كائن حذفت ألفه .
وقال ابن عطية : فلما جاء "كيأ" على وزن كيع، ترك هؤلاء إبدال الياء الساكنة ألفا كما تقدم في التعليل الأول، وقلبوا الكلمة فجعلوها "كأين" على وزن كعين،

القراءة في قوله ( قاتل ) :
القول الأول : وهذا القول على أنه مبنيًا للفاعل بإسناد القتل للربيين.
وقال الأشموني : لأنَّ رفعهم بقاتل فكأنه قال كم من نبي قاتل معه ربيون وقتل بعضهم فما وهن الباقون لقتل من قتل منهم وما ضعفوا وما استكانوا وما جبنوا عن قتال عدوهم.
ومبني أيضا على التفسير بلازم المعنى .
فقال ابن جرير : من قرأ {قاتل} فإنّه اختار ذلك لأنّه قال: لو قتلوا لم يكن لقوله: {فما وهنوا} وجهٌ معروفٌ؛ لأنّه يستحيل أن يوصفوا بأنّهم لم يهنوا ولم يضعفوا بعد ما قتلوا.
ومبني على لازم السياق فالسياق فيه مدح للمقاتلين كما مدح المقتولين ، وقد ذكر ذلك الإمام نصر الفارسي الفسوي .

القول الثاني : وهذا القول مبني على على أنه مبنيا للمفعول باسناد القتل للنبي فقط .
وقال الأشموني : فمن قرأ قتل بغير ألف مبنيًا للمفعول بإسناد القتل للنبي فقط عملاً بما شاع يوم أُحد ألا إنَّ محمدًا قد قتل فالقتل واقع على النبي فقط كأنه قال كم من نبي قتل ومعه ربيون كثير فحذف الواو كما تقول جئت مع زيد بمعنى ومعي زيد أي قتل ومعه جموع كثيرة فما وهنوا بعد قتله.
وهذا القول أيضا مبني على التفسير ببعض لازم المعنى .
فقال ابن جرير : وأمّا الّذين قرءوا ذلك: (قتل) فإنّهم قالوا: إنّما عنى بالقتل النّبيّ وبعض من معه من الرّبّيّين دون جميعهم، وإنّما نفى الوهن والضّعف عمّن بقي من الرّبّيّين ممّن لم يقتل.

القراءة في قوله ( ربيون ) :
القول الأول : مبني على تغيرات النسب فنسب إلى الربة وهي الجماعة ،وقيل أنها كسرت للإتباع ، ومبني على أنها أيضا لغة .
القول الثاني : مبني على تغيرات النسب فهو منسوب إلى الرب ، ومبني أيضا على أنها لغة تميم
القول الثالث : مبني على القياس .

معنى الكاف في قوله ( وكأين ) :
القول الأول : مبني على فصل الكلمة ومبني على معنى سياق الآية للدلالة على التكثير ، ومبني على الرجوع لأصل الكلمة .
القول الثاني : مبني على أنها لغة العرب .

المراد بربيون :
القول الأول :مبني على قراءة كسر الراء وضم الراء أيضا .
وهو مبني على أصل اشتقاقه في اللغة من الربو وهو الجماعة .
قال ابن منظور : والربو : الجماعة هم عشرة آلاف كالربة . أبو سعيد : الربوة : بضم الراء - عشرة آلاف من الرجال ، والجمع الربى.
قال ابن حجر في الفتح (ت: 852ه) : قال الرّبّيّون الجماعة الكثيرة واحدها ربّيٌّ وهو بكسر الرّاء في الواحد والجمع قراءة الجمهور.
القول الثاني : مبني على أن الربيون بقراءة فتح الراء .
فهو مبني على اشتقاق الكلمة ونسبتها للرب ، فنسب إلى العبادة وهو التأله في معرفة الربوبية لله .
قال الخليل أحمد : رب: الرِّبِّيُّون: الّذين صبروا مع الأنبياء، نسبوا إلى العبادة والتّألّه في معرفة الرُّبوبيّة للَّه، الواحد: رِبِّيٌّ. ومن ملك شيئاً فهو رَبُّه، لا يُقال بغير الإضافة إلاّ للَّهِ عزّ وجل. ورجلٌ ربّابيّ نسب إلى الرّبّاب.
ومبني على التفسير ببعض لازم المعنى ،
القول الثالث : مبني على القراءة بالضم ، و مبني على التفسير ببعض المعنى .


الدراسة والنقد والترجيح :

الوقف في قوله ( وكأين ) :
الراجح هو كتابتها بالنون لإجماع رسم المصاحف على ذلك ، كما ذكر ذلك مكي بن أبي طالب عملا على رسم المصحف .
وقال ابن الباذش في الإقناع ( ت: 540ه) : قال الخزاعى: لا خلاف أن المصاحف مجمعة على كتبها بنون.
وقال السمين الحلبي في الدر المصون ( ـ : 756ه) : وكأين من حقها على هذا أن يوقف عليها بغير نون ، لأن التنوين يحذف وقفا ، إلا أن الصحابة كتبتها : "كأين " بثبوت النون ، فمن ثم وقف عليهما جمهور القراء بالنون إتباعا لرسم المصحف . ووقف أبو عمرو وسورة بن مبارك عن الكسائي عليها : " كأي " من غير نون على القياس .

الوقف في قوله ( قاتل ) :
على من قرأها بالألف أن لا يقف لأنه يكون قاتل فعل ماضي ويكون معه متعلق به ، وعلى من قرأها بدون الألف يحسن له الوقف لأنه يكون مبني على المجهول ويكون الضمير نبيء ، ولأجل المعنى لأنه جاء في صياغ المدح
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير ( ت: 1393ه) : وجاءت هذه الآية على هذا النظم البديع الصالح لحمل الكلام على تثبيت المسلمين في حال الهزيمة وفي حال الإرجاف بقتل النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الوجهين في موقع جملة { ومعه ربّيّون } يختلف حُسن الوقف على كلمة ( قتل ) أو على كلمة ( كثير ) .انتهى .

القراءة في قوله (وكأين ):
قال الزجاج ( ت : 311) : " كم من نبي "، وفيها لغتان جيدتان بالغتان يقرأ بهما جميعا.
يقرأ. {وكأيّن} بتشديد (وكائن) على وزن فاعل.
وأكثر ما جاء الشعر على هذه اللغة.
قال الجوهري ( ت: 393 ه) : كأيِّنْ معناها معنى كَمْ في الخبر والاستفهام. وفيها لغتان كأيِّنْ مثال كَعَيٍّ، وكائِنْ مثل كاعٍ.
القولان الأول والثاني هما لغتان معروفان ،ولا تغير في المعنى ، لذلك فالقولان صحيحان ، وقد ذكر ذلك ابن جرير .
وقال الثعلبي في الكشف والبيان ( ت : 427ه) :وقرأ الباقون: (وَكَأَيِّنْ) مشدودا بوزن كعيّن، وهي لغة قريش واختيار أبي حاتم، وكلها لغات معروفة بمعنى واحد.
فالقول الأول هو القول الذي عليه الأغلب وهي لغة قريش .


القراءة في قوله ( قاتل ) :
ذكر النحاس ( ت : 338) أن القول الأول جائز في النحو ، وأن القول الثاني معروف في اللغة ، فإذن كلا القولين صحيح.
رجح الزجاج ( قتل ) وذكر أنه الأجود، ورجح أيضا ابن جرير هذا القول ، ومنهم من ضعف هذا القول ورجح ( قاتل ) ، واعتبر أن قاتل أعم في المدح منهم ، وقد ذكر ذلك ابن عطية وعزاه لابن جرير ووجدت كلاما عكس ذلك ، حيث رجح ابن جرير ( قتل ) بدون الألف ويرى أنه الصواب .
قال ابن جرير ( ت: 311ه) : وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصّواب، قراءة من قرأ بضمّ القاف: (قتل معه ربّيّون كثيرٌ) لأنّ اللّه عزّ وجلّ إنّما عاتب بهذه الآية، والآيات الّتي قبلها من قوله: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يعلم اللّه الّذين جاهدوا منكم} الّذين انهزموا يوم أحدٍ، وتركوا القتال، أو سمعوا الصّائح يصيح: إنّ محمّدًا قد قتل.

وجمع بين القولين الشنقيطي في أضواء البيان ، وذكر أنه يمكن حمل القول الثاني على أنه الرسول المقتول الذي لم يؤمر بالجهاد ، وقد جاءت الآيات التي تدل على أن بعض الرسل قتلهم أعداءههم بدون قتال ، كقتل بني اسرائيل لأنبياءهم بدون جهاد .


الأقوال في اتصال الكاف في قوله ( وكأين ) :
القول الأول رجحه ابن هشام في أوضح المسالك و رجحه ابن جرير وغيره، لكن لو نظرنا للقول فنجد القول أنها بمعنى ( كم ) يقتضي أن ( الكاف) منفصلة عن ( أي ) ، وأن ( أي) بمعنى الاستفهام ، ولكن هنا ( أي )ليست استفهامية ، فعلى هذا يكون القول الثاني هو الأرجح ، ومن جهة أخرى نجد أن الكاف عندما تكون منفصلة تكون بمعنى التشبيه ولكن بما أنها في كلمة فزال التشبيه .
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير ( ت : 1393ه) :
وكأين ) كلمة بمعنى التكثير ، قيل : هي بسيطة موضوعة للتكثير ، وقيل : هي مركبة من كاف التشبيه وأي الاستفهامية وهو قول الخليل وسيبويه ، وليست ( أي ) هذه استفهاما حقيقيا ، ولكن المراد منها تذكير المستفهم بالتكثير ، فاستفهامها مجازي ، ونونها في الأصل تنوين ، فلما ركبت وصارت كلمة واحدة جعل تنوينها نونا وبنيت . والأظهر أنها بسيطة.
ورجح القول الثاني أيضا الأستاذ الدكتور سعد بن حمدان الغامدي ( أستاذ اللغة العربية في جامعة أم القرى ) في بحث بعنوان ( كأين تأصيلها ولغاتها والقراءات فيها ومعناها ) ، وذكر فيه وجه الترجيح من حيث أن ( أي) ليست استفهامية ، وأن كأين بسيطة وليست مركبة .

القراءة في قوله ( ربيون ) :
الراجح أن القراءات الثلاثة هي ثلاث لغات واردة . فالضم والكسر هما لغتان لابن تميم ، أما الفتح فهو ما روي عن ابن عباس ، لكن الذي عليه الجمهور هو بالكسر .
قال الزجاج ( 311ه) : وقد روي عن ابن عباس " ربيون " بفتح الراء منسوب إلى الرب.
قال ابن الجني في المحتسب ( ت: 392) : "رُبِّيون" بضم الراء، وقرأ بفتحها ابن عباس فيما رواه قتاده عنه.
قال القرطبي ( 671ه) : الربيون " بكسر الراء قراءة الجمهور . وقراءة علي - رضي الله عنه - بضمها . وابن عباس بفتحها .



المراد بربيون :
كل الأقوال متقاربة ، فهم الجماعة المتبعون وهم بذلك يكونوا أبرار أو أتقياء أو علماء ، بكسر الراء أو ضمها أو فتحها .
مع أن ابن تيمية ذكر في مجموع الفتاوي أنه لايلزم أن يكونوا أبرارا .
قال الزجاج ( ت:311 ه) : قال بعضهم: الربوة عشرة آلاف وقيل الربيون العلماء الأتقياء: الصّبر على ما يصيبهم في الله - عزّ وجلّ - وكلا القولين حسن جميل.
وقال ابن حجر في الفتح ( ت: 852ه) : قيل بل هو منسوبٌ إلى الرّبّة أي الجماعة وهو بضمّ الرّاء وبكسرها فإن كان كذلك فلا تغيير واللّه أعلم.
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير ( ت : 1393ه) : قال ابن عاشور في التحرير والتنوير : والربيون جمع ربي وهو المتبع لشريعة الرب مثل الرباني ، والمراد بهم هنا أتباع الرسل وتلامذة الأنبياء..
ورجح ابن تيمية في الفتاوي ( ت: 728ه) أنهم هم العلماء، ورفض القولين الآخرين لسياق الآية وبالنظر لسبب نزوله .
فالقول بأنهم جموع وألوف، هذا القول رده ابن تيمية؛ لأنه في غزوة أحد العدد قليل فلايصلح أن يكون ألوف ، وكذلك من جهة أخرى أن قوله ( قاتل ) يدل على أن ذلك كان في جهاد وحرب ومعلوم أن كثير من الأنبياء لم يقتلوا في جهاد .
ووجدت قول لابن سعيد بن جبير الذي أخرجه السيوطي قال فيه : ما سمعنا بنبي قتل في القتال.

ورجح ابن تيمية القول بأنهم علماء لوجوه :
أحدها : أن الربانيين عين الأحبار وهم الذين يربون الناس وهم أئمتهم في دينهم ولا يكون هؤلاء إلا قليلا .

الثاني : أن الأمر بالجهاد والصبر لا يختص بهم . وأصحاب الأنبياء لم يكونوا كلهم ربانيين وإن كانوا قد أعطوا علما ومعهم الخوف من الله عز وجل .

الثالث : أن استعمال لفظ الرباني في هذا ليس معروفا في اللغة .

الرابع : أن استعمال لفظ الربي في هذا ليس معروفا في اللغة بل المعروف فيها هو الأول والذين قالوه قالوا : هو نسبة للرب بلا نون والقراءة المشهورة ( ربي بالكسر وما قالوه إنما يتوجه على من قرأه بنصب الراء وقد قرئ بالضم فعلم أنها لغات .

الخامس : أن الله تعالى يأمر بالصبر والثبات كل من يأمره بالجهاد سواء كان من الربانيين أو لم يكن .

السادس : أنه لا مناسبة في تخصيص هؤلاء بالذكر وإنما المناسب ذكرهم في مثل قوله : { لولا ينهاهم الربانيون والأحبار } الآية . وفي قوله : { ولكن كونوا ربانيين } فهناك ذكرهم به مناسب .

السابع : قيل : إن الرباني منسوب إلى الرب فزيادة الألف والنون كاللحياني وقيل إلى تربيته الناس وقيل إلى ربان السفينة وهذا أصح فإن الأصل عدم الزيادة في النسبة لأنهم منسوبون إلى التربية وهذه تختص بهم وأما نسبتهم إلى الرب فلا اختصاص لهم بذلك بل كل عبد له فهو منسوب إليه إما نسبة عموم أو خصوص ولم يسم الله أولياءه المتقين ربانيين ولا سمى به رسله وأنبياءه فإن الرباني من يرب الناس كما يرب الرباني السفينة ولهذا كان الربانيون يذمون تارة ويمدحون أخرى ولو كانوا منسوبين إلى الرب لم يذموا قط وهذا هو الوجه الثامن : أنها إن جعلت مدحا فقد ذموا في مواضع وإن لم تكن مدحا لم يكن لهم خاصة يمتازون بها من جهة المدح وإذا كان منسوبا إلى رباني السفينة بطل قول من يجعل الرباني منسوبا إلى الرب فنسبة الربيين إلى الرب أولى بالبطلان .

التاسع : أنه إذا قدر أنهم منسوبون إلى الرب : فلا تدل النسبة على أنهم علماء نعم تدل على إيمان وعبادة وتأله وهذا يعم جميع المؤمنين فكل من عبد الله وحده لا يشرك به شيئا فهو متأله عارف بالله والصحابة كلهم كذلك ولم يسموا ربانيين ولا ربيين وإنما جاء أن ابن الحنفية قال لما مات ابن عباس : اليوم مات رباني هذه الأمة وذلك لكونه يؤدبهم بما آتاه الله من العلم والخلفاء أفضل منهم ولم يسموا ربانيين وإن كانوا هم الربانيين وقال إبراهيم : كان علقمة من الربانيين ولهذا قال مجاهد : هم الذين يربون الناس بصغار العلم قبل كباره فهم أهل الأمر والنهي والإخبار يدخل فيه من أخبر بالعلم ورواه عن غيره وحدث به وإن لم يأمر أو ينه وذلك هو المنقول عن السلف في الرباني نقل عن علي قال : " هم الذين يغذون الناس بالحكمة ويربونهم عليها " وعن ابن عباس قال : " هم الفقهاء المعلمون " .انتهى من كلامه .

وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير ( ت : 1393ه) :والتكثير المستفاد من ( كأين ) واقع على تمييزها وهو لفظ نبيء فيحتمل أن يكون تكثيرا بمعنى مطلق العدد ، فلا يتجاوز جمع القلة ، ويحتمل أن يكون تكثيرا في معنى جمع الكثرة ، فمنهم من علمناه ومنهم من لم نعلمه ، كما قال تعالى : ومنهم من لم نقصص عليك.
وقال أيضا :إنما العبرة بثبات أتباعه على دينه مع مفارقته لهم إذ العبرة في خلو الرسول وبقاء أتباعه ، سواء كان بقتل أو غيره . وليس في هؤلاء رسول إلا حنظلة بن صفوان ، وليس فيهم أيضا من قتل في جهاد ، قال سعيد بن جبير : ما سمعنا بنبيء قتل في القتال.انتهى .

=====================
المراجع :

المرتبة الأولى : المصادر الأصلية:تفسير عبد الرزاق ، تفسير أبي حاتم ، تفسير ابن جرير ، وتفسير البغوي ، تفسير عطاء الخرساني ، جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي، المكتفى لأبو عمرو الداني ، تفسير الثعلي .
من دوايين السنة :مجمع الزوائد للهيثمي ، معجم الطبراني ، سنن سعيد بن منصور .
من كتب اللغة : كتاب العين للخليل أحمد ، منتخب الصحاح للجوهري ، مجاز القرآن لأبوعبيدة ،معاني القرآن للفراء ، معاني القرآن للزجاج ، معاني القرآن لأبي عبيدة ، اعراب القرآن للنحاس ، التبيان في إعراب القرآن للعبكري ، مشكل اعراب القرآن لمكي ، لسان العرب لابن منظور .
من كتب علوم القرآن :
في القراءات والوقف والابتداء : إيضاح الوقف والابتداء للأنباري ، المحتسب في تبيين وجوه الشواذ لابن جني ،الكشف في وجوه القراءات السبع وعللها لمكي بن أبي طالب ، التيسير في القراءات السبع لأبي عمرو الداني ، المكتفى لأبو عمرو الداني ، اختصار المرشد في الوقف للحسن بن علي العماني ،الكتاب الموضح في وجوده القراءة وعللها للإمام الفسوي ، علل الوقوف للسجاوندي ، اتحاف الفضلاء للدمياطي .
في العلوم الأخرى :تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ،أضواء البيان للشنقيطي .
المرتبة الثانية : المصادر البدلية: تفسير ابن كثير ، الدرر في المنثور للسيوطي .
المرتبة الثالثة : المصادر الناقلة :تفسير ابن عطية ، تفسير القرطبي ، الدرر المصون لابن السمين ، النكت والعيون للماوردي ، تفسير ابن الجوزي ، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب.،البحر المحيط لأبو حيان ، التحرير والتنوير لابن عاشور ، ياقوتة الصراط .
المرتبة الرابعة : كتب المحققين :كشف المشكلات وإيضاح المعضلات للباقولي ، فتح الباري لابن حجر ، مجموع الفتاوي لابن تيمية ، شرح طيبة النشر لابن الجزري ، أوضح المسالك لشرح ألفية ابن مالك لابن هشام ، كأين تأصيلها ولغاتها لسعد الغامدي .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 شعبان 1439هـ/9-05-2018م, 01:34 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

س: حرّر القول في معنى قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير}.
أولا: ذكر مراجع البحث مرتّبة على مراتب مراجع الأقوال في التفسير.
أولا : مراجع التحرير :
1- المصادر الأصلية :
تفسير عبد الرزاق - تفسير ابن جرير - تفسير أبي حاتم - تفسير مكي بن أبي طالب - تفسير الثعلبي والبغوي والواحدي .
ومن داووين السنة :صحيح البخاري
2- المصادر البديلة :
تفسير ابن كثير - فتح الباري - الدر المنثور.
3- مصادر ناقلة :
تفسير ابن عطية وتفسيرالمارودي وتفسيرابن الجوزي و القرطبي والبيضاوي
4- كتب التفسير اللغوي : الزجاج والفراء وابن قتيبة وتفسير أبو السعود وابن عاشور .
ثانيا: استخلاص الأقوال وتصنيفها ونسبتها.
عندنا في هذه الاية عدة مسائل :
المسألة الاولى :وكأين : مسألة لغوية ولها علاقة بعلم القراءات
قال الزجاج :
معناها:
" كم من نبي "، وفيها لغتان جيدتان بالغتان يقرأ بهما جميعا.
يقرأ. {وكأيّن} بتشديد (وكائن) على وزن فاعل.
وأكثر ما جاء الشعر على هذه اللغة قال جرير:
وكائن بالأباطح من صديق... يراني لو أصبت هو المصابا
وقال الشاعر أيضا:
وكائن رددنا عنكمو من مدجج... يجيء أمام الألف يردى مقنعا
ومثل التشديد قوله:
كائن في المعاشر من أناس... أخوهم فوقهم وهم كرام
وقال الموزعي :
لها معنيان :
أحدهما: التكثير وهو الغالب نحو قوله تعالى: {وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير}.
الثاني: الاستفهام وهو نادر، وأثبته ابن قتيبة والجوهري وابن عصفور وابن مالك، واستدل عليه بقول أبي بن كعب لابن مسعود رضي الله عنهما: «كأين تقرأ سورة الأحزاب؟ فقال: ثلاثًا وسبعين آية» ولك أن تقول: هذا أثر، والأثر لا يقوم حجة في القواعد الكلية وإنما يستأنس به فيها مع قيامها بغيره من لسان العرب وكتاب الله سبحانه). [مصابيح المغاني: 355 - 358]
لغات (كأين) وقراءاتها
قرأ الجمهور (وكأين). وقرأ ابن كثير (وكائنْ). وقرأ ابن محيصن (وكَأْيِنْ)، (وكْىء).
وقرأ بعض القراء (وكئن) مقلوب قراءة ابن محيصن الأولى.
وقرأ الحسن (وكىِ) بكاف بعدها ياء مكسورة منونة.
المسألة الثانية :
القراءات في (قاتل معه )
في هذه المسألة قراءتان :
1-( قاتل )فمن قرأ {قاتل} فإنّه اختار ذلك لأنّه قال: لو قتلوا لم يكن لقوله: {فما وهنوا} وجهٌ معروفٌ؛ لأنّهم يستحيل أن يوصفوا بأنّهم لم يهنوا ولم يضعفوا بعد ما قتلوا.
2(-قتل ) فأما الّذين قرؤوا: {قتل معه ربّيّون كثيرٌ} فإنّهم قالوا: إنّما عنى بالقتل النّبيّ وبعض من معه من الرّبّيّين دون جميعهم، وإنّما نفى الوهن والضّعف عمّن بقي من الرّبّيّين ممّن لم يقتل.ورجح هذا القول ابن جرير .
واستدل أصحاب هذا القول بأن اللّه [تعالى] عاتب بهذه الآيات والّتي قبلها من انهزم يوم أحدٍ، وتركوا القتال أو سمعوا الصّائح يصيح: "إنّ محمّدًا قد قتل". فعذلهم اللّه على فرارهم وتركهم القتال فقال لهم: {أفإن مات أو قتل} أيّها المؤمنون ارتددتم عن دينكم وانقلبتم على أعقابكم؟.
وقيل: وكم من نبيٍّ قتل بين يديه من أصحابه ربّيّون كثيرٌ.
المسألة الثالثة :
معنى( معنى ربيون والمراد بها ) وهي مسألة تفسيرية ولغوية .
الأقوال في ذلك :
القول الاول :أحَدُها: أنَّهُمُ الأُلُوفُ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، واخْتارَهُ الفَرّاءُ.
القول الثاني :أنَّهُمُ الجَماعاتُ الكَثِيرَةُ، وهو قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وعِكْرِمَةَ ومُجاهِدٍ.
القول الثالث:أنَّهُمُ الفُقَهاءُ والعُلَماءُ، رَواهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ الحَسَنُ، واخْتارَهُ اليَزِيدِيُّ، والزَّجّاجُ.
القول الرابع :أنَّهُمُ الأتْباعُ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
القول الخامس:أنَّهُمُ المُتَألِّهُونَ العارِفُونَ بِاللَّهِ تَعالى، قالَهُ ابْنُ فارِسٍ.
ثالثا: تخريج الأقوال.
القول الأول :أنَّهُمُ الأُلُوفُ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، واخْتارَهُ الفَرّاءُ.
أما قول ابن مسعود فرواه ابن جرير من طريق زر، حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن عبد اللّه: الرّبّيّون: الألوف
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {وكأيّن مّن نّبيٍّ قاتل معه ربّيّون كثيرٌ...} والربّيون الألوف.
والثّانِي الجَماعاتُ الكَثِيرَةُ، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ مُجاهِدٌ، وعِكْرِمَةُ، والضَّحّاكُ، وقَتادَةُ، والسُّدِّيُّ، والرَّبِيعُ، واخْتارَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَوالبخاري .
فأما قول ابن عباس فرواه ابن جرير من هذا الطريق حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عوفٌ، عمّن حدّثه عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ربّيّون كثيرٌ} قال: جموعٌ كثيرةٌ.
ورواه من هذا الطريق ابن جرير وابن أبي حاتم ،حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: (قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: جموعٌ.
وقول مجاهد رواه ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح ،حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: (قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: جموعٌ كثيرةٌ.
وقول عكرمة رواه ابن جرير من طريق ،حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرٍو، عن عكرمة، في قوله: {ربّيّون كثيرٌ} قال: جموعٌ كثيرةٌ.
وقول قتادة رواه ابن جرير من طريق بشر ،حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) يقول: جموعٌ كثيرةٌ.
وقول الحسن رواه ابن جرير من هذا الطريق ،حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة،. عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ قال: الجموع الكثيرة.
وقول الضحاك رواه ابن جرير من طريق جويبر ، حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) يقول: جموعٌ كثيرةٌ قتل نبيّهم.
وقول السدي رواه ابن جرير من طريق أسباط ،حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {قاتل معه ربّيّون كثيرٌ} يقول: جموعٌ كثيرةٌ.
وقول الربيع رواه ابن جرير من طريق ابن أبي جعفر ،حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: (قتل معه ربّيّون كثيرٌ) يقول: جموعٌ كثيرةٌ.
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {ربّيّون} [آل عمران: 146] : الجميع، والواحد ربّيٌّ). [صحيح البخاري: 6/33]
والثّالِثُ: أنَّهُمُ الفُقَهاءُ والعُلَماءُ، رَواهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ الحَسَنُ، واخْتارَهُ اليَزِيدِيُّ، والزَّجّاجُ.
وأما قول ابن عباس فرواه ابن جرير من هذا الطريق ،حدّثني به سليمان بن عبد الجبّار، قال: حدّثنا محمّد بن الصّلت، قال: حدّثنا أبو كدينة، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: علماء كثيرٌ.
وقول الحسن رواه ابن جرير من هذا الطريق ،حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عوفٌ، عن الحسن، في قوله: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: فقهاء علماء.
وروى عنه ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي الأشهب أنهم : علماء صبر .
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ((الربيون): العلماء. الواحد ربي). [غريب القرآن وتفسيره: 110]
والرّابِعُ: أنَّهُمُ الأتْباعُ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
رواه ابن جرير من طريق ابن وهب، حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: الرّبّيّون: الأتباع
والخامِسُ: أنَّهُمُ المُتَألِّهُونَ العارِفُونَ بِاللَّهِ تَعالى،حكاه ابن جريرعن بعض النحاة ،ونسبه ابن الجوزي الى ابن فارس، وقاله البلخي.
وحكى ابن جريرٍ، عن بعض نحاة البصرة: أنّ الرّبّيّين هم الّذين يعبدون الرّبّ، عزّ وجلّ.
وقوله: {ربّيّون} يعني: الذين يعبدون الرب تعالى وواحدها "ربّيّ"). [معاني القرآن: 1/183-184]
رابعا: توجيه الأقوال.
القول الأول :
أنهم الألوف :أُخِذَ ذَلِكَ مِن بِناءِ الجَمْعِ الكَثِيرِ في قَوْلِهِما: هُمُ الأُلُوفُ،كما قال ابن عطية .
القول الثاني :
أنهم الجماعات الكثيرة
وتوجيه بأن أصله : من الربّة وهي الجماعة، يقال للجمع: ربّي كأنه نسب إلى الربّة، ثم يجمع ربّي بالواو والنون. فيقال: ربّيون.
القول الثالث:
أنهم العلماء والفقهاء
كأنه أخذ من النسبة إلى الرب تبارك وتعالى، كما قال النحاس
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (قوله تعالى: {وكأين من نبي قاتل معه} ({ربيّون}) [آل عمران: 146] قال أبو عبيدة (الجميع والواحد) ولأبي ذر المجموع بالواو بدل الياء واحدها (ربي) وهو العالم منسوب إلى الرب وكسرت راؤه تغييرًا في النسب وقيل لا تغيير وهو نسبة إلى الربة وهي الجماعة وفيها لغتان الكسر والضم). [إرشاد الساري: 7/49]
وهَذا القَوْلُ هو عَلى النِسْبَةِ إلى الرَبِّ، إمّا لِأنَّهم مُطِيعُونَ لَهُ، أو مِن حَيْثُ هم عُلَماءُ بِما شَرَعَ، ويَقْوى هَذا القَوْلُ في قِراءَةِ مَن قَرَأ "رَبِّيُّونَ" بِفَتْحِ الراءِ، وأمّا في ضَمِّ الراءِ وكَسْرِها فَيَجِيءُ عَلى تَغْيِيرِ النَسَبِ، كَما قالُوا في النِسْبَةِ إلى الحَرَمِ: حِرَمِيٌّ بِكَسْرِ الحاءِ، وإلى البَصْرَةِ، بِصْرِيٌّ بِكَسْرِ الباءِ، وفي هَذا نَظَرٌ،كما قال ابن عطية .
وقالَ النَقّاشُ: اشْتِقاقُ "رِبِّيٍّ" مِن رَبا الشَيْءُ يَرْبُو إذا كَثُرَ، فَسُمِّيَ بِذَلِكَ الكَثِيرُ العِلْمِ.
وضعفه ابن عطية .
القول الرابع :
أنهم الأتباع
وجهه بمناسبة الاية قبله ،(أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يعلم اللّه الّذين جاهدوا منكم} الّذين انهزموا يوم أحدٍ، وتركوا القتال، أو سمعوا الصّائح يصيح: إنّ محمّدًا قد قتل، فعذّلهم اللّه عزّ وجلّ على فرارهم وتركهم القتال، فقال: أفإن مات محمّدٌ أو قتل أيّها المؤمنون ارتددتم عن دينكم، وانقلبتم على أعقابكم؟ ثمّ أخبرهم عمّا كان من فعل كثيرٍ من أتباع الأنبياء قبلهم وقال لهم: هلاّ فعلتم كما كان أهل الفضل والعلم من أتباع الأنبياء قبلكم يفعلونه إذا قتل نبيّهم، من المضيّ على منهاج نبيّهم والقتال على دينه أعداء دين اللّه على نحو ما كانوا يقاتلون مع نبيّهم، ولم تهنوا ولم تضعفوا كما لم يضعف الّذين كانوا قبلكم من أهل العلم والبصائر من أتباع الأنبياء إذا قتل نبيّهم، ولكنّهم صبروا لأعدائهم حتّى حكم اللّه بينهم وبينهم وبذلك من التّأويل جاء تأويل المتأوّل.
كَأنَّ هَذا مِن حَيْثُ هم مَرْبُوبُونَ.كما قال ابن عطية
القول الخامس :
أنَّهُمُ المُتَألِّهُونَ العارِفُونَ بِاللَّهِ تَعالى
وجهه أنهم المنسوبون للرب المتبعون لشريعته
قال ابن عاشور :
والرِّبِّيُّونَ جَمْعُ رِبِّيٍّ وهو المُتَّبِعُ لِشَرِيعَةِ الرَّبِّ مِثْلُ الرَّبّانِيِّ، والمُرادُ بِهِمْ هُنا أتْباعُ الرُّسُلِ وتَلامِذَةُ الأنْبِياءِ. ويَجُوزُ في رائِهِ الفَتْحُ، عَلى القِياسِ، والكَسْرُ، عَلى أنَّهُ مِن تَغْيِيراتِ النَّسَبِ وهو الَّذِي قُرِئَ بِهِ في المُتَواتِرِ.
وقال القرطبي :
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "رِبِّيُّونَ" بِفَتْحِ الرَّاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى الرَّبِّ. قَالَ الْخَلِيلُ: الرِّبِّيُّ الْوَاحِدُ مِنَ الْعُبَّادِ الَّذِينَ صَبَرُوا مَعَ الْأَنْبِيَاءِ. وَهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ نُسِبُوا إِلَى التَّأَلُّهِ وَالْعِبَادَةِ وَمَعْرِفَةِ الرُّبُوبِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أن الربيين هم الّذين يعبدون الرب، عز وجل ،وقد رد بعضهم عليه فقال: لو كان كذلك لقيل، ربيون، بالفتح انتهى. قلت: لا وجه للرّدّ لأنا قلنا: إن الكسرة من تغييرات النّسب). [عمدة القاري: 18/136]كما قال العيني
خامسا: دراسة الأقوال ونقدها وبيان الراجح منها.
بعد دراسة الاقوال تبين لي أن الراجح منها والله أعلم أن المراد( بالربيون ) هم الجموع الكثيرة وهذا ما رجحه ابن جرير وكثير من المفسرين وهو ما دلت عليه اللغة ،لكن لا يمنع أن تدخل فيه الاقوال الاخرى لانه لا تعارض بينها فالألوف تدخل في الجموع وكذلك لا يمنع أن يكون العلماء والفقهاء من ضمن تلك الجموع وهذه الجموع هي الأتباع وكذلك المتألهون العارفون بالله هم من ضمن هذه الجموع الكثيرة .
هذا والله أعلم بالصواب .

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 شعبان 1439هـ/10-05-2018م, 10:11 AM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

تعديل وإضافات :

س: حرّر القول في معنى قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير}.

الوقف في قوله ( وكأين ) :
تصنيف المسألة : متعلقة بعلوم القرآن ، الوقف والابتداء .
اختلفوا فيه على قولين :
الأول : منهم من يقف على الياء بدون النون .
وهو وقف أبو عمرو ويعقوب و ذكره مكي بن أبي طالب وأبو عمرو الداني والبغوي والعبكري والسمين والقرطبي .

الثاني : منهم من لايقف على الياء .
وهذا قرأه أبو عمرو والكسائي و ذكره ومكي بن أبي طالب و أبو عمرو الداني والبغوي وابن عطية والسمين والقرطبي .

الوقف في قوله ( قاتل ) :
تصنيف المسألة : متعلقة بعلوم القرآن ، الوقف والابتداء .
اختلفوا على قولين :
الأول : وقف حسن
وهذا القول قاله وذكره النحاس وأبومحمد العماني والقرطبي .
الثاني : لا يقف
وهو قول ذكره الأنباري وأبو عمرو الداني والسجاوندي والقرطبي .

القراءة في قوله ( وكأين )
تصنيف المسألة : متعلقة بعلوم القرآن ، القراءات ، ولغوية .
اختلف في قراءته على أقوال :
القول الأول : قرأه بعضهم بهمز الألف وتشديد الياء .
وهذا قول قراءة ابن المحيصن والأشهب العقيلي و ذكره ابن جرير ومكي بن أبي طالب وأبو عمرو الداني والبغوي وابن عطية والعبكري وأبو شامة المقدسي .
القول الثاني : قرأه بعضهم بمد الألف وتخفيف الياء .
وهذا القول هو قرأه ابن كثير و ذكره ابن جرير ومكي بن أبي طالب و أبو عمرو الداني والبغوي وابن عطية وابن الجوزي والإمام نصر الفسوي والقرطبي وابن عاشور .
القول الثالث: " وكئن " مهموزا مقصورا مثل وكعن.
وهذا القول قرأه ابن محيصن وذكره ابن جني وابن عطية وأبو شامة المقدسي و القرطبي .
القول الرابع : وكأين " مثل وكعين وهو مقلوب كيء المخفف.
وهذا القول ذكره ابن جني والقرطبي .


القراءة في قوله قاتل :
تصنيف المسألة : متعلقة بعلوم القرآن ، القراءات ، بيانية
اختلف في قراءته على أقوال :
القول الأول : قرأ ( قاتل ) بالألف .
وهذا القول قرأه أبو جعفر وشيبة وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي وذكره ابن جريرو الأنباري ومكي بن أبي طالب وأبو عمرو الداني و البغوي وابن عطية والباقولي والإمام الفسوي وابن كثير و الأشموني .

القول الثاني : قرأ ( قتل ) بغير الألف ، قرأ ابن عباس وابن كثير ونافع وأبو عمرو قرأه قراء الحجاز والبصرة بالضم ، وقرأه جماعة أخرى من الحجاز والكوفة بفتح القاف .
وهذا القول ذكره ابن جرير ومكي بن أبي طالب وأبو عمرو الداني والبغوي وابن عطية والباقولي وابن كثير وابن الجزري و الأشموني .


القراءة في قوله ( ربيون ) :
تصنيف المسألة : متعلقة بعلوم القرآن ، تفسيرية
اختلفوا فيه على ثلاث أقوال :
القول الأول : بالكسر
وهذا القول ذكره الزجاج وابن حيان وابن السمين وابن حجر وابن عاشور والزمخشري.
القول الثاني : بالضم
وهذا قرأه ابن مسعود وابو رجاء والحسن وعكرمة وعمرو بن عبيد وعطاء بن السائب وذكره الزجاج وابن عطية والثعلبي وابن حيان وابن السمين وابن حجر والزمخشري .
القول الثالث : بالفتح
وهو قراءة ابن عباس و ذكره ابن عطية وأبو حيان وابن السمين وابن حجر وابن عاشور والزمخشري .

الأقوال في الكاف في قوله ( وكأين ) :
تصنيف المسألة : لغوية اعرابية
اختلفوا على قولين :
القول الأول : أنها مركبة ، والكاف للتشبيه ، بمعنى كم الخبرية .
وهذا القول ذكره الفراءو ابن جرير و الزجاج ،والبغدادي والبغوي وابن عطية ،والقرطبي وابن كثير ، والعبكري وابن هشام والألوسي .
القول الثاني :أنها بسيطة ، فهي كلمة واحدة وضعت للتكثير .
ذكره أبو حيان و الألوسي وابن عاشور

المراد بالربيون :
تصنيف المسألة : تفسيرية .
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول : الجموع من الألوف .
وهذا القول قاله ابن عباس وعبد الله وقتادة وعكرمة والحسن والضحاك ومجاهد وابن اسحاق والربيع والسدي وعطاء الخراساني وذكره أبو عبيدة وابن قتيبة و ابن جرير والزجاج ومكي بن أبي طالب والماوردي وابن عطية وابن الجوزي
القول الثاني : العلماء والأبرار الأتقياء .
وهذا القول قاله الحسن و ذكره ابن جرير والزجاج والنحاس والماوردي وابن عطية وابن تيمية .
القول الثالث : الأتباع
وهذا القول قاله ابن زيد ، وذكره ابن جرير والنحاس والماوردي وابن عطية وابن الجوزي وابن تيمية .

التخريج :

الوقف في قوله ( وكأين ) :
قال أبو عمرو الداني في تيسير القراءات ( ت: 444ه) : وَالْوَقْف على النُّون وَقد ذكر فِي بَاب الْوَقْف على مرسوم الْخط الْكُوفِيُّونَ.
قال مكي بن أبي طالب ( ت: 437ه) في الكشف عن وجوه القراءات : ويجب على هذا القول أن يوقف عليه بغير النون وقد روي ذلك عن أبي عمرو.انتهى
و لم أجد القول على الوقف بغير النون عند أبي عمرو ، فلعله خطأ في النسبة .

الوقف في قوله ( قاتل ) :
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): وقرأ أبو جعفر وشيبة وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي: (قاتل معه ربيون) فعلى هذا المذهب لا يتم الوقف على (قاتل) لأنه فعل لأ «الربيين».انتهى.
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ):قال اليزيدي: وقال أبو عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان يعجب ممن يقرأها (قاتل) يقول (أفإن مات أو قاتل انقلبتم على أعقابكم) فإن أسند القتل إلى (الربيين) كأنه قال: قتل بعضهم فما وهن الباقون لقتل من قتل منهم ولا ضعفوا ولا استكانوا، فعلى هذا لم يكف الوقف على (قتل) لأن (الربيين) مرفوع به.انتهى .

القراءة في قوله ( وكأين ) :
قال ابن جني في المحتسب (ت: 393ه) : ومن ذلك قراءة ابن محيصن والأشهب والأعمش: "وكَأْيٍ" بهمزة بعد الكاف ساكنة، وياء بعدها مكسورة خفيفة، ونون بعدها، في وزن كَعْيٍ.
قال أبو الفتح: فيها أربع لغات: كأَيّ، وكاءٍ، وكأْي -وهي هذه القراءة- وَكَاءٍ في وزن كَعٍ.
قال أبو عمرو الداني ( ت: 444ه) في تيسير القراءات : {وكأين} حَيْثُ وَقع بالف ممدودة بعْدهَا همزَة مَكْسُورَة وَالْبَاقُونَ بِهَمْزَة مَفْتُوحَة بعد الْكَاف وياء مَكْسُورَة مُشَدّدَة بعْدهَا .


القراءة في قوله ( قاتل ) :
القول الأول :
رواه أبو عمرو الداني من طريق سفيان عن عن عكرمة .
القول الثاني :
رواه أبو عمرو الداني من طريق اليزيدي عن أبو عمروا بن العلاء .


القراءات في قوله ( ربيون ) :
قال ابن السمين ( ت: 756ه): وقرأ علي وابن مسعود وابن عباس والحسن : "ربيون " بضم الراء ، وهو من تغيير النسب إن قلنا هو منسوب إلى الرب ، وقيل : لا تغيير وهو منسوب إلى الربة وهي الجماعة ، وفيها لغتان : الكسر والضم ، وقرأ ابن عباس في رواية قتادة : "ربيون " بفتحها على الأصل ، إن قلنا : منسوب إلى الرب ، وإلا فمن تغيير النسب إن قلنا : إنه منسوب إلى الربة . قال ابن جني : "والفتح لغة تميم "انتهى .
ولم أجد لابن جني عن ذكر الفتح لغة تيم بل الذي ذكره عن الفتح أنها عن أنها رواية عن ابن عباس .
فقال ابن الجني في المحتسب ( ت : 392ه) : قال ابن الجني في المحتسب ( ت: 392) : "رُبِّيون" بضم الراء، وقرأ بفتحها ابن عباس فيما رواه قتاده عنه.

الأقوال في الكاف في قوله ( وكأين ):
القول الأول :
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): ومعنى {وكأين}: وكم.
القول الثاني :
قال أبو حيان الأندلسي ( ت : 745ه) : وهذا كله دعوى لا يقوم دليل على شيء منها . والذي يظهر أنه اسم مبني بسيط لا تركيب فيه ، يأتي للتكثير مثل " كم "


المراد بالربيون :
القول الأول :
وأما قول ابن عباس فرواه ابن جرير وأبوحاتم من طريق علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس، ورواه ابن جرير من طريق محمد بن سعيد عن آبائه عن ابن عباس .
وأما قول عبد الله فرواه عبد الرزاق والنهدي و ابن جرير وأبوحاتم والطبراني والهيثمي من طريق زر ، عن عبد الله.
وذكر الهيثمي أنه هناك عاصم ابن بهدلة وثّقه النّسائيّ وغيره، وضعّفه جماعةٌ.
وأما قول قتادة فرواه ابن جرير من طريق سعيدٌ، عن قتادة.
وأما قول عكرمة فرواه ابن جرير وسعيد بن منصور من طريق عمرٍو، عن عكرمة، ورواه ابن جري أيضا من طريق ابن عيينة، عن عمرٍو، عن عكرمة،ورواه ابن جرير من طريق سفيان، عن عمرٍو، عن عكرمة
وأما قول الحسن فرواه ابن جرير وأبو حاتم ووسعيد بن منصور من طريق مبارك، عن الحسن، ورواه ابن جرير من طريق عن أبي رجاءٍ، عن الحسن ، وراه ابن جرير وسعيد بن منصور أيضا من طريق عوفٌ، عن الحسن
وأما قول مجاهد فرواه ابن جرير ورواه الرملي من طريق ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ
وأما قول الضحاك فرواه ابن جرير من طريق جويبرٍ، عن الضّحّاك، ورواه سعيد بن منصور من طريق أبو إسحاق عن الضّحّاك بن مزاحم .
واما قول السدي فرواه ابن جرير من طريق أسباطٌ عن السّدّيّ ، ورواه سعيد بن منصور من طريق سفيان عن عمرٍو عن عكرمة.
وأما قول عطاء الخراساني فرواه ابن جرير من طريق يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني.
وأما قول الربيع فرواه ابن جرير من طريق بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع.
وقول ابن اسحاق رواه ابن جرير من طريق سلمة، عن ابن إسحاق.
القول الثاني :
أما قول الحسن فرواه ابن جرير وأبو حاتم من طريق معمرٌ، عن الحسن.
القول الثالث :
قول ابن زيد فرواه ابن جرير من طريق ابن وهب عن ابن زيد .



توجيه الأقوال :
الوقف في قوله ( وكأين ) :
القول الاول : مبني على وزن كعي ، ومبني على أن النون إعرابية .
القول الثاني : مبني على أن النون من أصل الكلمة .

الوقف في قوله ( قاتل ) :
القول الأول :
مبني على مذهب النحويين ،ومبني على قراءتها بدون الألف ، فيقف للمعنى .
القول الثاني :
مبني على قراءتها بالألف .

القراءة في قوله ( وكأين )
القول الأول :مبني على وزن كعين .
وله توجيهات أخرى :
فقال بعضهم على انها اسم فاعل ولكن هذا التوجيه أعله مكي بالنظر لما بعده ولبنائه على السكون .
قال ابن جني في المحتسب ( ت: 393ه) :وذهب يونس في "كاء" إلى أنه فاعل من الكون، وهذا يبعد؛ لأنه لو كان كذلك لوجب إعرابه؛ إذ لا مانع له من الإعراب.انتهى
وقال السمين في الدر المصون ( ت : 756ه) : في توجيه هذه القراءة فنقل عن المبرد أنها اسم فاعل من : كان يكون فهو كائن ، واستبعده مكي قال : " لإتيان "من " بعده ولبنائه على السكون " . وكذلك أبو البقاء قال : " وهو بعيد الصحة ، لأنه لو كان كذلك لكان معربا ، ولم يكن فيه معنى التكثير.انتهى من كلامه .


القول الثاني :مبني على وزن كاعن .فأبدلت الياء ألفا فأصبحت كائن على وزن كاعن .
القول الثالث : وهذا القول مبني على القول القراءة بلغة ، فكئن من كائن حذفت ألفه .
وقال ابن عطية ( ت: 542ه) : وتعليل هذه اللغة أنهم حذفوا الألف من "كائن" الممدودة على وزن كاعن بعد ذلك التصرف كله تخفيفا.
القول الرابع : مبني على أنها لغة أيضا مقلوب كيء.

القراءة في قوله ( قاتل ) :
القول الأول : وهذا القول على أنه مبنيًا للفاعل بإسناد القتل للربيين.
وقال الأشموني : لأنَّ رفعهم بقاتل فكأنه قال كم من نبي قاتل معه ربيون وقتل بعضهم فما وهن الباقون لقتل من قتل منهم وما ضعفوا وما استكانوا وما جبنوا عن قتال عدوهم.
ومبني أيضا على التفسير بلازم المعنى .
فقال ابن جرير : من قرأ {قاتل} فإنّه اختار ذلك لأنّه قال: لو قتلوا لم يكن لقوله: {فما وهنوا} وجهٌ معروفٌ؛ لأنّه يستحيل أن يوصفوا بأنّهم لم يهنوا ولم يضعفوا بعد ما قتلوا.
ومبني على لازم السياق فالسياق فيه مدح للمقاتلين كما مدح المقتولين ، وقد ذكر ذلك الإمام نصر الفارسي الفسوي .

القول الثاني : وهذا القول مبني على على أنه مبنيا للمفعول باسناد القتل للنبي فقط .
وقال الأشموني : فمن قرأ قتل بغير ألف مبنيًا للمفعول بإسناد القتل للنبي فقط عملاً بما شاع يوم أُحد ألا إنَّ محمدًا قد قتل فالقتل واقع على النبي فقط كأنه قال كم من نبي قتل ومعه ربيون كثير فحذف الواو كما تقول جئت مع زيد بمعنى ومعي زيد أي قتل ومعه جموع كثيرة فما وهنوا بعد قتله.
وهذا القول أيضا مبني على التفسير ببعض لازم المعنى .
فقال ابن جرير : وأمّا الّذين قرءوا ذلك: (قتل) فإنّهم قالوا: إنّما عنى بالقتل النّبيّ وبعض من معه من الرّبّيّين دون جميعهم، وإنّما نفى الوهن والضّعف عمّن بقي من الرّبّيّين ممّن لم يقتل.

القراءة في قوله ( ربيون ) :
القول الأول : مبني على تغيرات النسب فنسب إلى الربة وهي الجماعة ،وقيل أنها كسرت للإتباع ، ومبني على أنها أيضا لغة .
القول الثاني : مبني على تغيرات النسب فهو منسوب إلى الرب ، ومبني أيضا على أنها لغة تميم
القول الثالث : مبني على القياس .

معنى الكاف في قوله ( وكأين ) :
القول الأول : مبني على فصل الكلمة ومبني على معنى سياق الآية للدلالة على التكثير ، ومبني على الرجوع لأصل الكلمة .
القول الثاني : مبني على أنها لغة العرب .

المراد بربيون :
القول الأول :مبني على قراءة كسر الراء وضم الراء أيضا .
وهو مبني على أصل اشتقاقه في اللغة من الربو وهو الجماعة .
قال ابن منظور : والربو : الجماعة هم عشرة آلاف كالربة . أبو سعيد : الربوة : بضم الراء - عشرة آلاف من الرجال ، والجمع الربى.
قال ابن حجر في الفتح (ت: 852ه) : قال الرّبّيّون الجماعة الكثيرة واحدها ربّيٌّ وهو بكسر الرّاء في الواحد والجمع قراءة الجمهور.
القول الثاني : مبني على أن الربيون بقراءة فتح الراء .
فهو مبني على اشتقاق الكلمة ونسبتها للرب ، فنسب إلى العبادة وهو التأله في معرفة الربوبية لله .
قال الخليل أحمد : رب: الرِّبِّيُّون: الّذين صبروا مع الأنبياء، نسبوا إلى العبادة والتّألّه في معرفة الرُّبوبيّة للَّه، الواحد: رِبِّيٌّ. ومن ملك شيئاً فهو رَبُّه، لا يُقال بغير الإضافة إلاّ للَّهِ عزّ وجل. ورجلٌ ربّابيّ نسب إلى الرّبّاب.
ومبني على التفسير ببعض لازم المعنى ،
القول الثالث : مبني على القراءة بالضم ، و مبني على التفسير ببعض المعنى .


الدراسة والنقد والترجيح :

الوقف في قوله ( وكأين ) :
الراجح هو كتابتها بالنون لإجماع رسم المصاحف على ذلك ، كما ذكر ذلك مكي بن أبي طالب عملا على رسم المصحف ، ولا يتعمد الوقف فيه لعدم تمام المعنى .
قال أبي الحسن بن غلبون في التذكرة : واعلم أنه لا ينبغي أن يتعمد الوقف على هذه الكلمة ، أعني قوله ( كأين ) حيث وقعت لأحد القراء ، لأنها ليست بتامة ولا كافية ، والوقف إنما يكون على ماهو على أحد الأمرين فقط .
وقال ابن الباذش في الإقناع ( ت: 540ه) : قال الخزاعى: لا خلاف أن المصاحف مجمعة على كتبها بنون.
وقال السمين الحلبي في الدر المصون ( ـ : 756ه) : وكأين من حقها على هذا أن يوقف عليها بغير نون ، لأن التنوين يحذف وقفا ، إلا أن الصحابة كتبتها : "كأين " بثبوت النون ، فمن ثم وقف عليهما جمهور القراء بالنون إتباعا لرسم المصحف . ووقف أبو عمرو وسورة بن مبارك عن الكسائي عليها : " كأي " من غير نون على القياس .

الوقف في قوله ( قاتل ) :
على من قرأها بالألف أن لا يقف لأنه يكون قاتل فعل ماضي ويكون معه متعلق به ، وعلى من قرأها بدون الألف يحسن له الوقف لأنه يكون مبني على المجهول ويكون الضمير نبيء ، ولأجل المعنى لأنه جاء في صياغ المدح
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير ( ت: 1393ه) : وجاءت هذه الآية على هذا النظم البديع الصالح لحمل الكلام على تثبيت المسلمين في حال الهزيمة وفي حال الإرجاف بقتل النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الوجهين في موقع جملة { ومعه ربّيّون } يختلف حُسن الوقف على كلمة ( قتل ) أو على كلمة ( كثير ) .انتهى .

القراءة في قوله (وكأين ):
قال الزجاج ( ت : 311) : " كم من نبي "، وفيها لغتان جيدتان بالغتان يقرأ بهما جميعا.
يقرأ. {وكأيّن} بتشديد (وكائن) على وزن فاعل.
وأكثر ما جاء الشعر على هذه اللغة.
قال الجوهري ( ت: 393 ه) : كأيِّنْ معناها معنى كَمْ في الخبر والاستفهام. وفيها لغتان كأيِّنْ مثال كَعَيٍّ، وكائِنْ مثل كاعٍ.
القولان الأول والثاني هما لغتان معروفان ،ولا تغير في المعنى ، لذلك فالقولان صحيحان ، وقد ذكر ذلك ابن جرير .
وقال الثعلبي في الكشف والبيان ( ت : 427ه) :وقرأ الباقون: (وَكَأَيِّنْ) مشدودا بوزن كعيّن، وهي لغة قريش واختيار أبي حاتم، وكلها لغات معروفة بمعنى واحد.
فالقول الأول هو القول الذي عليه الأغلب وهي لغة قريش .
وأما اللغتين الأخيريتين : فعن قراءتهما ذكره بعضهم منهم ابن جني في المحتسب ، ولكن الأفصح هو اللغتان الأوليتان ، والقراءة الأولى هي قراءة الجمهور .
وهناك لغة خامسة أيضا ( كيئن ) ولكن هذه اللغة ذكر عنها القرطبي أنها لا تقرأ .


القراءة في قوله ( قاتل ) :
ذكر النحاس ( ت : 338) أن القول الأول جائز في النحو ، وأن القول الثاني معروف في اللغة ، فإذن كلا القولين صحيح.
رجح الزجاج ( قتل ) وذكر أنه الأجود، ورجح أيضا ابن جرير هذا القول ، ومنهم من ضعف هذا القول ورجح ( قاتل ) ، واعتبر أن قاتل أعم في المدح منهم ، وقد ذكر ذلك ابن عطية وعزاه لابن جرير ووجدت كلاما عكس ذلك ، حيث رجح ابن جرير ( قتل ) بدون الألف ويرى أنه الصواب .
قال ابن جرير ( ت: 311ه) : وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصّواب، قراءة من قرأ بضمّ القاف: (قتل معه ربّيّون كثيرٌ) لأنّ اللّه عزّ وجلّ إنّما عاتب بهذه الآية، والآيات الّتي قبلها من قوله: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يعلم اللّه الّذين جاهدوا منكم} الّذين انهزموا يوم أحدٍ، وتركوا القتال، أو سمعوا الصّائح يصيح: إنّ محمّدًا قد قتل.

وجمع بين القولين الشنقيطي في أضواء البيان ، وذكر أنه يمكن حمل القول الثاني على أنه الرسول المقتول الذي لم يؤمر بالجهاد ، وقد جاءت الآيات التي تدل على أن بعض الرسل قتلهم أعداءههم بدون قتال ، كقتل بني اسرائيل لأنبياءهم بدون جهاد .


الأقوال في اتصال الكاف في قوله ( وكأين ) :
القول الأول رجحه ابن هشام في أوضح المسالك و رجحه ابن جرير وغيره، لكن لو نظرنا للقول فنجد القول أنها بمعنى ( كم ) يقتضي أن ( الكاف) منفصلة عن ( أي ) ، وأن ( أي) بمعنى الاستفهام ، ولكن هنا ( أي )ليست استفهامية ، فعلى هذا يكون القول الثاني هو الأرجح ، ومن جهة أخرى نجد أن الكاف عندما تكون منفصلة تكون بمعنى التشبيه ولكن بما أنها في كلمة فزال التشبيه .
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير ( ت : 1393ه) :
وكأين ) كلمة بمعنى التكثير ، قيل : هي بسيطة موضوعة للتكثير ، وقيل : هي مركبة من كاف التشبيه وأي الاستفهامية وهو قول الخليل وسيبويه ، وليست ( أي ) هذه استفهاما حقيقيا ، ولكن المراد منها تذكير المستفهم بالتكثير ، فاستفهامها مجازي ، ونونها في الأصل تنوين ، فلما ركبت وصارت كلمة واحدة جعل تنوينها نونا وبنيت . والأظهر أنها بسيطة.
ورجح القول الثاني أيضا الأستاذ الدكتور سعد بن حمدان الغامدي ( أستاذ اللغة العربية في جامعة أم القرى ) في بحث بعنوان ( كأين تأصيلها ولغاتها والقراءات فيها ومعناها ) ، وذكر فيه وجه الترجيح من حيث أن ( أي) ليست استفهامية ، وأن كأين بسيطة وليست مركبة .

القراءة في قوله ( ربيون ) :
الراجح أن القراءات الثلاثة هي ثلاث لغات واردة . فالضم والكسر هما لغتان لابن تميم ، أما الفتح فهو ما روي عن ابن عباس ، لكن الذي عليه الجمهور هو بالكسر .
قال الزجاج ( 311ه) : وقد روي عن ابن عباس " ربيون " بفتح الراء منسوب إلى الرب.
قال ابن الجني في المحتسب ( ت: 392) : "رُبِّيون" بضم الراء، وقرأ بفتحها ابن عباس فيما رواه قتاده عنه.
قال القرطبي ( 671ه) : الربيون " بكسر الراء قراءة الجمهور . وقراءة علي - رضي الله عنه - بضمها . وابن عباس بفتحها .



المراد بربيون :
كل الأقوال متقاربة ، فهم الجماعة المتبعون وهم بذلك يكونوا أبرار أو أتقياء أو علماء ، بكسر الراء أو ضمها أو فتحها .
مع أن ابن تيمية ذكر في مجموع الفتاوي أنه لايلزم أن يكونوا أبرارا .
قال الزجاج ( ت:311 ه) : قال بعضهم: الربوة عشرة آلاف وقيل الربيون العلماء الأتقياء: الصّبر على ما يصيبهم في الله - عزّ وجلّ - وكلا القولين حسن جميل.
وقال ابن حجر في الفتح ( ت: 852ه) : قيل بل هو منسوبٌ إلى الرّبّة أي الجماعة وهو بضمّ الرّاء وبكسرها فإن كان كذلك فلا تغيير واللّه أعلم.
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير ( ت : 1393ه) : قال ابن عاشور في التحرير والتنوير : والربيون جمع ربي وهو المتبع لشريعة الرب مثل الرباني ، والمراد بهم هنا أتباع الرسل وتلامذة الأنبياء..
ورجح ابن تيمية في الفتاوي ( ت: 728ه) أنهم هم العلماء، ورفض القولين الآخرين لسياق الآية وبالنظر لسبب نزوله .
فالقول بأنهم جموع وألوف، هذا القول رده ابن تيمية؛ لأنه في غزوة أحد العدد قليل فلايصلح أن يكون ألوف ، وكذلك من جهة أخرى أن قوله ( قاتل ) يدل على أن ذلك كان في جهاد وحرب ومعلوم أن كثير من الأنبياء لم يقتلوا في جهاد .
ووجدت قول لابن سعيد بن جبير الذي أخرجه السيوطي قال فيه : ما سمعنا بنبي قتل في القتال.

ورجح ابن تيمية القول بأنهم علماء لوجوه :
أحدها : أن الربانيين عين الأحبار وهم الذين يربون الناس وهم أئمتهم في دينهم ولا يكون هؤلاء إلا قليلا .

الثاني : أن الأمر بالجهاد والصبر لا يختص بهم . وأصحاب الأنبياء لم يكونوا كلهم ربانيين وإن كانوا قد أعطوا علما ومعهم الخوف من الله عز وجل .

الثالث : أن استعمال لفظ الرباني في هذا ليس معروفا في اللغة .

الرابع : أن استعمال لفظ الربي في هذا ليس معروفا في اللغة بل المعروف فيها هو الأول والذين قالوه قالوا : هو نسبة للرب بلا نون والقراءة المشهورة ( ربي بالكسر وما قالوه إنما يتوجه على من قرأه بنصب الراء وقد قرئ بالضم فعلم أنها لغات .

الخامس : أن الله تعالى يأمر بالصبر والثبات كل من يأمره بالجهاد سواء كان من الربانيين أو لم يكن .

السادس : أنه لا مناسبة في تخصيص هؤلاء بالذكر وإنما المناسب ذكرهم في مثل قوله : { لولا ينهاهم الربانيون والأحبار } الآية . وفي قوله : { ولكن كونوا ربانيين } فهناك ذكرهم به مناسب .

السابع : قيل : إن الرباني منسوب إلى الرب فزيادة الألف والنون كاللحياني وقيل إلى تربيته الناس وقيل إلى ربان السفينة وهذا أصح فإن الأصل عدم الزيادة في النسبة لأنهم منسوبون إلى التربية وهذه تختص بهم وأما نسبتهم إلى الرب فلا اختصاص لهم بذلك بل كل عبد له فهو منسوب إليه إما نسبة عموم أو خصوص ولم يسم الله أولياءه المتقين ربانيين ولا سمى به رسله وأنبياءه فإن الرباني من يرب الناس كما يرب الرباني السفينة ولهذا كان الربانيون يذمون تارة ويمدحون أخرى ولو كانوا منسوبين إلى الرب لم يذموا قط وهذا هو الوجه الثامن : أنها إن جعلت مدحا فقد ذموا في مواضع وإن لم تكن مدحا لم يكن لهم خاصة يمتازون بها من جهة المدح وإذا كان منسوبا إلى رباني السفينة بطل قول من يجعل الرباني منسوبا إلى الرب فنسبة الربيين إلى الرب أولى بالبطلان .

التاسع : أنه إذا قدر أنهم منسوبون إلى الرب : فلا تدل النسبة على أنهم علماء نعم تدل على إيمان وعبادة وتأله وهذا يعم جميع المؤمنين فكل من عبد الله وحده لا يشرك به شيئا فهو متأله عارف بالله والصحابة كلهم كذلك ولم يسموا ربانيين ولا ربيين وإنما جاء أن ابن الحنفية قال لما مات ابن عباس : اليوم مات رباني هذه الأمة وذلك لكونه يؤدبهم بما آتاه الله من العلم والخلفاء أفضل منهم ولم يسموا ربانيين وإن كانوا هم الربانيين وقال إبراهيم : كان علقمة من الربانيين ولهذا قال مجاهد : هم الذين يربون الناس بصغار العلم قبل كباره فهم أهل الأمر والنهي والإخبار يدخل فيه من أخبر بالعلم ورواه عن غيره وحدث به وإن لم يأمر أو ينه وذلك هو المنقول عن السلف في الرباني نقل عن علي قال : " هم الذين يغذون الناس بالحكمة ويربونهم عليها " وعن ابن عباس قال : " هم الفقهاء المعلمون " .انتهى من كلامه .

وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير ( ت : 1393ه) :والتكثير المستفاد من ( كأين ) واقع على تمييزها وهو لفظ نبيء فيحتمل أن يكون تكثيرا بمعنى مطلق العدد ، فلا يتجاوز جمع القلة ، ويحتمل أن يكون تكثيرا في معنى جمع الكثرة ، فمنهم من علمناه ومنهم من لم نعلمه ، كما قال تعالى : ومنهم من لم نقصص عليك.
وقال أيضا :إنما العبرة بثبات أتباعه على دينه مع مفارقته لهم إذ العبرة في خلو الرسول وبقاء أتباعه ، سواء كان بقتل أو غيره . وليس في هؤلاء رسول إلا حنظلة بن صفوان ، وليس فيهم أيضا من قتل في جهاد ، قال سعيد بن جبير : ما سمعنا بنبيء قتل في القتال.انتهى .

=====================
المراجع :

المرتبة الأولى : المصادر الأصلية:تفسير عبد الرزاق ، تفسير أبي حاتم ، تفسير ابن جرير ، وتفسير البغوي ، تفسير عطاء الخرساني ، جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي، المكتفى لأبو عمرو الداني ، تفسير الثعلي .
من دوايين السنة :مجمع الزوائد للهيثمي ، معجم الطبراني ، سنن سعيد بن منصور .
من كتب اللغة : كتاب العين للخليل أحمد ، منتخب الصحاح للجوهري ، مجاز القرآن لأبوعبيدة ،معاني القرآن للفراء ، معاني القرآن للزجاج ، معاني القرآن لأبي عبيدة ، اعراب القرآن للنحاس ، التبيان في إعراب القرآن للعبكري ، مشكل اعراب القرآن لمكي ، لسان العرب لابن منظور ، النحو المصفى لمحمد عبد .
من كتب علوم القرآن :
في القراءات والوقف والابتداء : إيضاح الوقف والابتداء للأنباري ، المحتسب في تبيين وجوه الشواذ لابن جني ،التذكرة في القراءات لأبي الحسن بن غلبون ، الكشف في وجوه القراءات السبع وعللها لمكي بن أبي طالب ، التيسير في القراءات السبع لأبي عمرو الداني ، المكتفى لأبو عمرو الداني ، اختصار المرشد في الوقف للحسن بن علي العماني ،الكتاب الموضح في وجوده القراءة وعللها للإمام الفسوي ، الإقناع في القراءات لابن الباذش ، علل الوقوف للسجاوندي ، اتحاف الفضلاء للدمياطي .
في العلوم الأخرى :تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ،أضواء البيان للشنقيطي .
المرتبة الثانية : المصادر البدلية: تفسير ابن كثير ، الدرر في المنثور للسيوطي .
المرتبة الثالثة : المصادر الناقلة :تفسير ابن عطية ، تفسير القرطبي ، الدرر المصون لابن السمين ، النكت والعيون للماوردي ، زاد المسير لابن الجوزي ، تفسير ألألوسي ، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب.،البحر المحيط لأبو حيان ، التحرير والتنوير لابن عاشور ، ياقوتة الصراط .
المرتبة الرابعة : كتب المحققين :كشف المشكلات وإيضاح المعضلات للباقولي ، فتح الباري لابن حجر ، مجموع الفتاوي لابن تيمية ، شرح طيبة النشر لابن الجزري ،شرح الشاطبية لأبي شامة المقدسي ، أوضح المسالك لشرح ألفية ابن مالك لابن هشام ، كأين تأصيلها ولغاتها لسعد الغامدي .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 شعبان 1439هـ/11-05-2018م, 05:19 PM
بدرية صالح بدرية صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 498
افتراضي

حرّر القول في معنى قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير}.
المعنى العام للآية : عتاب من الله سبحانه وتعالى, لمن فرَ من القتال لما علم بقتل نبيه , فأعلمهم ربهم أنه بقتل النبي لايثني عن متابعة القتال , ولا المشي قدماَ بنصرة دينهم واتباع نبيهم .
المطلب الأول :
تصنيف المسألة :المسألة تفسيرية لغوية ,لها تعلق بعلوم القرآن كعلم القراءات ,والوقف والإبتداء .
المراجع :
الأولى : المراتب الأصلية :تفسير عبدالرزاق ,تفسير ابن جرير الطبري ,وابن أبي حاتم , وتفسير البغوي , جزء تفسير عطاء الخراساني ,(والمكتفى لأبي عمروالداني تاكدي منه .
من دواوين السنة , صحيح البخاري , فتح الباري لابن حجر , عمدة القاري للعيني , مجمع الزوائد للهيثمي , والمعجم الأوسط للطبراني , وسنن سعيد بن منصور .
من كتب اللغة : مجاز القرآن لأبو عبيدة , معاني القرآن للفراء , ومعاني القرآن للبلخي المكنى بالأخفش الأوسط و ومعاني القرآن للزجاج , إعراب القرآن للنحاس , مشكل إعراب القرآن لمكي بن طالب , ويلحق بها غريب القرآن لابن المبارك , والعمدة في غريب القرآن لمكي بن طالب .
ومن معاجم اللغة : تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري .
من كتب علوم القرآن :
القراءات :الكشف في وجوه القراءات السبع وعللها لمكي بن طالب , التيسير في القراءات السبع لأبي عمرو الداني , الكامل في اللغة والأدب للمبرد , والحجة للقراء السبعة لأبي علي الفارسي وتلميذه ابن جنى .
الثانية :المصادر البديلة : تفسير ابن كثير , والدرر المنثور للسيوطي .
الثالثة : المصادر الناقلة :تفسير ابن عطية , الدر المصون لابن سمين الحلبي , الهداية لبلوغ النهاية لمكي بن طالب ,البحر المحيط لابن حيان , التحرير والتنوير لابن عاشور .
وللمحققين : فتح الباري لابن حجر .
المطلب الثاني : تصنيف الأقوال :
&المسألة الأولى :القراءات في قوله :( وكأين من نبي ...
اختلف القراء في قراءة وكأين ذلك فقالوا :
القراءة الأولى :وكأين , بهمز الألف وتشديد الياء وهي القراءة المشهورة وهي قراءة الجماعة . ذكره ابن جريروالزجاج والأزهري في معاني القراءات ,وأبو علي الفارسي في الحجة في القراء السبعة وابن سمين في الدرالمصون , وابن حيان ,وابن عاشور .
القراءة الثانية :وكاين , بمدّ الألف وتخفيف الياء. ذكره ابن جريرفي تفسيره .
القراءة الثالثة :وكائن , الهمز بين الألف والنون على وزن كاعن.وهي لغة مشهوره , ذكره الزجاج والمبرد في الكامل في اللغة والأدب , وأبو علي الفارسي في الحجة في القراء السبعة .
_وقرأ ابن كثير: (وكائِن) الهمز بين الألف والنون، بوزن (كَاعِن) .
المسألة الثانية : الوقف على قوله ( وكأين
اختلف في الوقف على قولين :
1/ الوقف على الياء , قرأها يعقوب , وأغلب ماعليه الجمهور , ذكره ابن المبرد , وأبو منصور الأزهري ,وأبو علي الفارسي , وأبو عمرو الداني , وابن حيان , والبغوي , وابن سمين الحلبي .
2/ الوقف على النون , قرأها أبو عمرو , وسورة ابن المبارك عن الكسائي , ذكره ابن المبرد , وأبو منصور الأزهري ,وأبو علي الفارسي , وأبو عمرو الداني , وابن حيان , والبغوي , وابن سمين الحلبي .
المسألة االثالثة : القراءات في قوله تعالى:(وقاتل) .
اختلف القرّاء في قراءة قوله: {قاتل معه ..
القراءة الأولى :
_فقرأ ذلك جماعةٌ من قرّاء الحجاز والبصرة: (قتل) بضمّ القاف، رواه ابن جرير وسعيد بن منصوروذكره النحاس ماروي عن عكرمة وذكره الزجاج
_ وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب على, (فُعِلَ) .ذكره ابو منصور الأزهري وابي علي الفارسي وابن سمين الحلبي .
القراءة الثانية :
وقرأه جماعةٌ أخرى بفتح القاف وبالألف، وهي قراءة جماعةٍ من قرّاء الحجاز والكوفة., قاله عبدالله بن مسعود , والحسن ,وسعيد ابن جبير , رواه ابن جرير, و سعيد ابن منصور, والزجاج ,والنحاس , والبلخي وأبو منصور الأزهري وابي علي الفارسي وابن سمين الحلبي .
المسألة الرابعة :
القراءة في ربيون :
1/قرأ علي وابن مسعود وابن عباس والحسن: «رُبِّيُّون» بضمِّ الراء،ذكره ابن عطية , وابن سمين الحلبي
2/ و بالكسر , ذكره ابن عطية , وابن سمين الحلبي .
3/ وقرأ ابن عباس في رواية قتادة بالفتح , ذكره ابن عطية , وابن سمين الحلبي .
المسألة الخامسة : اختلف المفسرون بمعنى ربيون فقالوا :
&القول الأول : معناها الألوف أو الجموع الكثيرة , قاله عبدالله بن مسعود , ,وابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد وعكرمة والسّديّ والضحاك والربيع وعطاء الخراساني .
&القول الثاني : العلماء والفقهاء , قول ابن عباس و قاله الحسن .
& القول الثالث : الأتباع , قول ابن زيد
التخريج :
القراءة في كأين :
قال أبو منصور الأزهري : قرأ ابن كثير: (وكائِن) الهمز بين الألف والنون، بوزن (كَاعِن) ، وقرأ الباقون: (وَكَأَيِّنْ) الهمزة بين الكاف والياء.
الوقف على قوله ( وكأين
قال ابن سمين الحلبي : ووقف أبو عمرو وسَوْرة بن مبارك عن الكسائي عليها: « كأي» من غير نونٍ على القياس.
قال أبي عمرو الداني في جامع البيان : ووقف أبو عمرو (وكأي ) , على الياء، وكذلك روى سورة عن الكسائي، ووقف الباقون على النون .
القراءة في قاتل :
قول ابن مسعود : رواه أبو منصور في سننه , حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عتّاب بن بشيرٍ، قال: نا خصيف، عن زياد بن أبي مريم، وأبي عبيدة، عن ابن مسعودٍ - في قوله عزّ وجلّ: {وكأيّن من نبي قتل معه ربيون كثير} -، يقول: (قاتل)، ألا ترى أنّه يقول: {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله. الآية.
_ورواه البلخي في تفسيره , أخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد من طريق أبي عبيدة عن ابن مسعود .
قول الحسن :رواه أبو منصور في سننه , حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا عوفٌ، عن الحسن، وأنا عوفٌ، عن إبراهيم، أنّهما كانا يقرآن: {قاتل معه} .
قول سعيد ابن جبير :رواه البلخي وابو منصور في سننه,_ حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عتّاب، عن خصيف، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه كان يقول: ما سمعنا قطّ أنّ نبيًّا قتل في القتال.
القراءة في ربيون :
1/ بالضم والكسر, وقرأه علي وابن مسعود وابن عباس والحسن , ذكره الزجاج وابن عطية وابن حيان وابن سمين الحلبي, وابن عاشور .
2/ وقرأ ابن عباس في رواية قتادة: «رَبِّيُّون» بفتحِها على الأصل ,ذكره ابن عطية , وابن حيان , وابن السمين الحلبي , وابن حجر , وابن عاشور .
الأقوال في معنى ربيون :
_القول في معناه الجمع والألوف :
قول ابن مسعود ( الألوف ), رواه عبدالرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن طريق عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبدالله قال هم الألوف).وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد , ورواه الطّبرانيّ، وفيه عاصم ابن بهدلة وثّقه النّسائيّ وغيره، وضعّفه جماعةٌ.
قول ابن عباس : رواه ابن جرير, وابن أبي حاتم , حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن طريق عليٍّ بن أبي طلحة ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: (قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: جموعٌ.
وعن طريق : رواه ابن جرير ,حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) الرّبّيّون: الجموع الكثيرة.
قول قتادة :رواه ابن جرير , وابن أبي حاتم ,حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) يقول: جموعٌ كثيرةٌ.
قول عكرمة : رواه ابن جرير , وابن أبي حاتم ,حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرٍو، عن عكرمة، في قوله: {ربّيّون كثيرٌ} قال: جموعٌ كثيرةٌ , وذكره سعيد ابن منصور في سننه .
قول الحسن : رواه ابن جرير , وابن أبي حاتم ,حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة،. عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ قال: الجموع الكثيرة.
قول مجاهد : رواه ابن جرير , وابن أبي حاتم , حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: (قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: جموعٌ كثيرةٌ .
قول الضحاك :رواه ابن جرير , وابن أبي حاتم , حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) يقول: جموعٌ كثيرةٌ قتل نبيّهم.
قول السدي : رواه ابن جرير , - وابن أبي حاتم ,حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {قاتل معه ربّيّون كثيرٌ} يقول: جموعٌ كثيرةٌ.
قول عطاء الخراساني : رواه ابن جرير و أبي حاتم عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {ربّيّون كثيرٌ} قال: جموعٌ كثيرةٌ، والرّبوة: عشرة آلافٍ .في العدد) , و ذكره محمد الرملي .
قول الربيع : رواه ابن جرير , حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: (قتل معه ربّيّون كثيرٌ) يقول: جموعٌ كثيرةٌ.
_القول في معناه العلماء والفقهاء :
قول ابن عباس : رواه ابن جرير , حدّثني به سليمان بن عبد الجبّار، قال: حدّثنا محمّد بن الصّلت، قال: حدّثنا أبو كدينة، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: علماء كثيرٌ
قول الحسن : رواه ابن جرير , وابن أبي حاتم ,حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عوفٌ، عن الحسن، في قوله: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: فقهاء علماء. وذكره سعيد بن منصور في سننه .
ورواه ابن جرير في تفسيره , حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن في قوله: (قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: علماء كثيرةٌ.
وايضاً رواه ابن جرير , أخبرنا ابن المبارك، عن طريق جعفر بن حبّانٍ، والمبارك، عن الحسن، في قوله: {وكأيّن من نبيٍّ قاتل معه ربّيّون كثيرٌ} قال جعفرٌ: علماء صبروا، وقال ابن المبارك: أتقياء صبر.
_ورواه ابن أبي حاتم , عن طريق أبي الأشهب، عن الحسن في هذه الآية: وكأيّن من نبيٍّ قاتل معه ربّيّون كثيرٌ قال: علماء صبرٌ
_القول في الأتباع :
قول ابن زيد : رواه ابن جرير , حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: الرّبّيّون: الأتباع .
التوجيه :
القراءات في قوله :( وكأين من نبي ...
قال أبو منصورالأزهري: هما لغتان قرئ بهما , الأولى (وَكَأَيِّنْ) بتشديد الياء بوزن (وكَعَيِّن) .
واللغة الثانية (وكائِن) بوزن (كاعِن) ، والمعنى واحد.
قال ابن عاشور : وأكْثَرُ ما وقَعَ في كَلامِ العَرَبِ هو كَأيِّنْ لِأنَّها أخَفُّ في النَّظْمِ وأسْعَدُ بِأكْثَرِ المَوازِينِ في أوائِلِ الأبْياتِ وأوْسَطِها بِخِلافِ كائِنٍ .
الوقف على قوله ( وكأين
_الوقف على كأي من غير نون على القياس , وهو مبني على وزن كعي .
_والوقف على النون , وهي من أصل الكلمة كما ذكر اللغوين .
القراءة بقوله ( قاتل ..
وهذه الأقوال مبنية على إسناد الفعل على قولين :
قال ابن جرير :فأمّا من قرأ {قاتل} فإنّه اختار ذلك لأنّه قال: لو قتلوا لم يكن لقوله: {فما وهنوا} وجهٌ معروفٌ؛ لأنّه يستحيل أن يوصفوا بأنّهم لم يهنوا ولم يضعفوا بعد ما قتلوا.
وأمّا الّذين قرءوا ذلك: (قتل) فإنّهم قالوا: إنّما عنى بالقتل النّبيّ وبعض من معه من الرّبّيّين دون جميعهم، وإنّما نفى الوهن والضّعف عمّن بقي من الرّبّيّين ممّن لم يقتل.
وقال ابن عطية :ويحسُنُ عندي على هذه القراءةِ إسنادُ الفعلِ إلى الربِّيِّين بقوله قاتل . وعلى قراءة «قُتِل» إسنادُه إلى «نبي» .
القراءة في قوله ( ربيون
قال ابن سمين الحلبي :
_والربيُّون: جمعُ «رِبِّي» وهو العالمُ منسوبٌ إلى الرَّبِّ، وإنما كُسرت راؤه تغييراً في النسب .
_وقيل منسوبٌ إلى الرَّبِّ إن قرئت بالفتح كما قرأها ابن عباس .
_ وقيل: لا تغييرَ وهو منسوب إلى الرُّبَّة وهي الجماعةُ .
قال ابن جني: «والفتحُ لغة تميم» .
الدراسة والترجيح :
في الوقف على كأين :
فالراجح كتابتها بالنون , اتباعاً لرسم المصحف , ومابلغنا بالمتواتر عن السلف , وهي قراءة الجمهور .
قال المبرد : وهذا أكثر على ألسنتهم، لطلب التخفيف، وذلك الأصل .
قال أبو علي الفارسي : بكلام طويل عن ذلك , فقال :
سمعت أبا إسحاق يقول: إنّها تقال ممالة فجعل القلب في كائن بمنزلة الحذف في إما لاجتماعهما في التغيير، لكان قولا، فيقف على كائن بالنون، ولا يقف على النون إذا لم تقلب .
قال البغوي : يَقِفُ بَعْضُ الْقُرَّاءِ عَلَى " وَكَأَيٍّ " بِلَا نُونٍ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْوُقُوفِ بِالنُّونِ .
قال أبو حيان : قرأ الجمهور وكأين , وقالوا هي من أصل الكلمة , وكتبت بنون في المصحف , ووقف عليها اتباعاً للرسم .
قال ابن سمين الحلبي: وكأيِّن مِنْ حقِّها على هذا أَنْ يُوقَفَ عليها بغير نونٍ، لأنَّ التنوين يُحْذَفُ وقفاً، إلا أنَّ الصحابة كتبتها: «كأيِّن» بثبوتِ النونِ، فَمِنْ ثَمَّ وَقَفَ عليهما جمهورُ القراء بالنون إتباعاً لرسم المصحف.
القول في القراءة بقوله ( قاتل
فالقول فيها إن أسند الفعل للنبي الكريم أو للربانيين , فكلها وجه حسن ,فهي من عجائب القرآن , وبدائعه , وأوجه قراءاته ومعجزاته , فتفاوت واختلف كلام المفسرين بالأرجح , فجميعها تًحمل على القراءتين, كما استحسنه المفسرين .
قال الفراء في معاني القرآن : قال بعض المفسرين: "وكأين من نبي قتل" يريد: و"معه ربيون" والفعل واقع على النبي صلّى الله عليه وسلم، يقول: فلم يرجعوا عن دينهم ولم ينهوا بعد قتله. وهو وجه حسن).
وقال الأخفش : وقال بعضهم {قاتل معه} وهي أكثر وبها نقرأ. لأنهم كانوا يجعلون {قتل} على {ربّيّون}. ونقول: "فكيف نقول :{فما وهنوا} وقد قلنا إنهم قد قتلوا فإنه كما ذكرت لك أن القتل على النبي صلى الله عليه.
وقال ابن جرير : وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصّواب، قراءة من قرأ بضمّ القاف: (قتل معه ربّيّون كثيرٌ) لأنّ اللّه عزّ وجلّ إنّما عاتب بهذه الآية، والآيات الّتي قبلها من قوله: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يعلم اللّه الّذين جاهدوا منكم} الّذين انهزموا يوم أحدٍ، وتركوا القتال، وأخبرهم عما يفعل من كان قبلكم من اتباع انبياءهم , والسير على نهجهم , ولم يضعفوا ويهنوا بقتل انبياءهم .(بتصرف ) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا حَمِدَ مَنْ قَاتَلَ كَانَ مَنْ قُتِلَ دَاخِلًا فِيهِ، وَإِذَا حَمِدَ مَنْ قَتَلَ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ غَيْرُهُمْ، فَكَانَ ﴿قَاتَلَ﴾ أَعَمُّ.
وقال أبو علي الفارسي : وحجّة من قرأ: قاتل أن المقاتل قد مدح كما مدح المقتول فقال سبحانه :(وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم [آل عمران/ 195].
الدراسة والترجيح في قراءة ربيون :
فالراجح ماعليه الجمهور بالكسر وهو أكثر القراءات , ولاإشكال بالقراءات الثلاث فهي لغات واردة , فالضم والكسر لغتان لبني تميم , والفتح قرأ بها ابن عباس .
قال ابن عطية : والربيُّون: جمعُ «رِبِّي» وهو العالمُ منسوبٌ إلى الرَّبِّ، وإنما كُسرت راؤه تغييراً في النسب , وقيل: كُسِر للإِتباع، وقيل: لا تغييرَ فيه وهو منسوبٌ إلى الرُّبَّة وهي الجماعةُ., وهذه القراءةُ بكسرِ الراء قراءة الجمهور .
تصنيف الأقوال في معنى ربيون وتوجيهها :
الأول : قيل هم الألوف والجماعات الكثيرة قال به الفراء وأبو عبيدة وابن قتيبة وغيرهم .
الثاني : هم العلماء والفقهاء الربانيون الأتقياء أتباع الأنبياء قال به الأخفش وابن المبارك .
القول الأول :
قال ابن جرير : كم من نبيٍّ قتل وقتل معه ربّيّون من أصحابه كثيرٌ., وأحدهم ربًى , وهم جماعة .
قال البخاري في صحيحه : ربيون : الجميع، والواحد ربّيٌّ).
و قال النحاس ومعروف أن: الربة الجماعة فهم منسبون إلى الربة ويقال للخرقة التي يجمع فيها القدح ربة وربة والرباب قبائل تجمعت.
وقَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({رِبِّيُّونَ} أي: جماعات كثيرة، وأصله من الرِبَة وهي الجماعة. ويقال للواحد رِبَي، كأنه نُسب إلى الرِبَة ثم جمع.
قال ابن عطية : قال ابن مسعود: الربيون الألوف من الناس والجمع الكثير، وقال ابن عباس: ربّيّون جموع كثير، قال بعض المفسرين: هم عشرة آلاف فصاعدا، أخذ ذلك من بناء الجمع الكثير في قولهما: هم الألوف .
قال يونس بن حبيب: وهذا في الربيين أنهم الجماعات الكثيرة هو من الربة بكسر الراء وهي الجماعة الكثيرة , وقوله تعالى: قتل معه ربيون منسوبون إليها .
القول الثاني : العلماء والفقهاء :
قال ابن جرير : كأن هذا من حيث هم مربوبون .
قال النحاس : وقال الحسن رحمة الله عليه: هم العلماء الصبر كأنه أخذ من النسبة إلى الرب تبارك وتعالى.
قال ابن عطية : على هذا القول , إما لأنهم مطيعون له، أو من حيث هم علماء بما شرع، ويقوي هذا القول في قراءة من قرأ «ربيون» بفتح الراء وأما في ضم الراء وكسرها فيجيء على تغيير النسب، كما قالوا في النسبة إلى الحرم: حرمي بكسر الحاء، وإلى البصرة، بصري بكسر الباء، وفي هذا نظر .
وذكر ابن عطية : قال النقاش: اشتقاق ربي من ربا الشيء يربو إذا كثر، فسمي بذلك الكثير العلم.
الدراسة والترجيح :
جميع الأقوال متقاربة , فالألوف تُكوَن الجماعات , وبالإتباع يكونون أبرار وأتقياء وعلماء وهم ورثة الأنبياء , وكلها بترابطها تعطي معنى واحد , فالرباني هو المتبع لشريعة الله وهوالعالم الفقيه الصابر .
قال أبو عبيدة (الجميع والواحد) ولأبي ذر المجموع بالواو بدل الياء واحدها (ربي) وهو العالم منسوب إلى الرب وكسرت راؤه تغييرًا في النسب وقيل لا تغيير وهو نسبة إلى الربة وهي الجماعة وفيها لغتان الكسر والضم).
وذكر السيوطي وابن عاشور : قولاَ عن سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: ما سَمِعْنا بِنَبِي قُتِلَ في القِتالِ , قال ابن عاشور :وقراءة قاتل أعم .

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29 شعبان 1439هـ/14-05-2018م, 07:35 AM
هناء هلال محمد هناء هلال محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 663
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم التاسع من تفسير سورة آل عمران

س: حرّر القول في معنى قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير}.


في الآية مسألتين :
أولا : اختلاف القراءات في (قاتل) وأثرها في المعنى (تفسيرية)
ثانيا : معنى (ربيون) (لغوية وتفسيرية)

قال تعالى : (وكأن من نبي قاتل معه ربيون كثير)
يخبر الله سبحانه وتعالى المؤمنين تسلية لهم عما وقع في نفوسهم يوم أحد أن كثيرا من الأنبياء قاتلوا مع جماعة من صالحي الأمم السابقة ، أو كثيرا من الأنبياء قتل بين يديهم كثيرا من أتباعهم ، فما ارتدت أممهم ، ولم يثنيهم قتل الكفار لهم ، ولم يهنوا ولم يضعفوا ولم يستكينوا لما أصابهم في سبيله .
أولا : اختلاف القراءات في (قاتل) وأثرها في المعنى
اختلف القراء في ذلك على أقوال :
أولا : (قُتِل) وهي قراءة ابن كثير ونافع وابن جبير وأبي عمرو ويعقوب ، وهي قراءة ابن عباس ، واختارها أبو حاتم .
وعلى هذه القراءة يكون المعنى على ثلاثة وجوه :
1 – أن يكون الذي قُتِل هو النبي وحده ، وهو في حال أن معه ربيون كثير فما وهنوا بعد قتله .
توجيه القول : أن مستند الفعل هو الضمير إلى لفظ (نبي) ، وقوله: {معه ربّيّون كثيرٌ} حال.

2- أن يكون الذي قُتِل هم الذين معه من الربيين ، ويكون المقصود قتل بعضهم ، فما وهن الذين بقوا منهم .
وهو قول الحسن البصري وسعيد بن جبير ، وقالوا : لم يقتل نبي في حرب قط .
تخريج الأقوال :
أخرج سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ قال : حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عتّاب، عن خصيف، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه كان يقول: ما سمعنا قطّ أنّ نبيًّا قتل في القتال.
وحدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا عوفٌ، عن الحسن، وأنا عوفٌ، عن إبراهيم، أنّهما كانا يقرآن: (قاتل معه)
توجيه القول : أن يكون مستند الفعل هو لفظ (ربيون) في محل رفع نائب فاعل .

3- أن يكون القتل نال النبي ومن معه من الربيون أي بعض الربيين ويكون قوله (فما وهنوا) راجعا إلى الباقين .
توجيه القول : أن يكون مستند الفعل النبي

ثانيا : (قاتل) وهي قراءة الجمهور وابن عامر ، وقراءة ابن مسعود والحسن وابن جبير ، واختارها أبو عبيدة .
تخريج قول ابن مسعود :
أخرج سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيّ قال : حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عتّاب بن بشيرٍ، قال: نا خصيف، عن زياد بن أبي مريم، وأبي عبيدة، عن ابن مسعودٍ - في قوله عزّ وجلّ: {وكأيّن من نبي قتل معه ربيون كثير} -، يقول: (قاتل)، ألا ترى أنّه يقول: {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله... } الآية.
ورواه الطبراني عن عاصم بن بهدلة وثقه النسائي وغيره وضعفه جماعة .
وقالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ : حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عتّاب، عن خصيف، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه كان يقول: ما سمعنا قطّ أنّ نبيًّا قتل في القتال.
- وحدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا عوفٌ، عن الحسن، وأنا عوفٌ، عن إبراهيم، أنّهما كانا يقرآن: {قاتل معه} .
وعلى هذه القراءة يكون المعنى أن النبي قاتل ومعه ربيون كثير
وحجة القائلين بذلك قوله (فما وهنوا) ، ويستحيل وصفهم بأنهم لم يهنوا بعدما قتلوا .
ولأن (قاتل) أعم وأمدح ، قال أبو عبيدة : إن الله إذا حمد من قاتل كان من قُتل داخلا فيه ، وإذا حمد من قُتل لم يدخل فيه غيرهم ، لذا فقاتل أعم وأمدح .

ثالثا : (قُتّل) وهي قراءة قتادة
ويكون المعنى أن المقتولين هم الربيون .
توجيه القول : أن مستند الفعل هو لفظ (ربيون) فقط لما في الفعل من التشديد الدال على التكثير .
قال أبو الفتح : لا يحسن أن يسند الفعل إلا إلى الربيين ، لما فيه من التكثير الذي لا يجوز استعماله في قتل شخص واحد .

الدراسة :
ذكر ابن كثير أن ابن اسحاق اختار القول الأول بإسناد الفعل إلى (قُتل) وأن النبي هو الذي قُتل وحده ، فقال في السّيرة : أي وكأينٍ من نبيٍّ أصابه القتل، ومعه ربّيّون، أي: جماعاتٌ فما وهنوا بعد نبيّهم، وما ضعفوا عن عدوّهم، وما استكانوا لما أصابهم في الجهاد عن اللّه وعن دينهم، وذلك الصّبر، {واللّه يحبّ الصّابرين}.
كما ذكر أن السّهيليّ نصر هذا القول وبالغ فيه، وله اتّجاهٌ لقوله: {فما وهنوا لما أصابهم} الآية، وكذلك حكاه الأمويّ في مغازيه، عن كتاب محمّد بن إبراهيم، ولم يقل غيره.
وقد اختار ابن جرير قراءة : (قُتِل) وأن المعني بالقتل النّبيّ وبعض من معه من الرّبّيّين دون جميعهم ، وقال : لأنّ اللّه سبحانه عاتب بهذه الآيات والّتي قبلها من انهزم يوم أحدٍ، وتركوا القتال أو سمعوا الصّائح يصيح: "إنّ محمّدًا قد قتل". فعذلهم اللّه على فرارهم وتركهم القتال فقال لهم: {أفإن مات أو قتل} أيّها المؤمنون ارتددتم عن دينكم وانقلبتم على أعقابكم؟.
وقال القرطبي : وهذا القول أشبه بنزول الآية وأنسب .
وقال ابن عطية : وإذا لم يسند الفعل إلى «نبي» فإنما يجيء معنى الآية: تثبيت المؤمنين بعد من قتل منهم فقط، وترجيح الطبري حسن، ويؤيد ذلك ما تقدم من قوله تعالى: أفإن مات أو قتل [آل عمران: 144] وحجة من قرأ «قاتل» أنها أعم في المدح لأنه يدخلها فيها من قتل ومن بقي.
ويحسن عندي على هذه القراءة إسناد الفعل إلى الربيين، وعلى قراءة «قتل» إسناده إلى نبي.
وقد رد الشنقيطي الترجيح بأنه لو كان سبب النزول يقتضي تعيين قتل النبي لكانت قراءة الجمهور (قاتل) بصيغة الماضي من المفاعلة جارية على خلاف المتعين وهذا ظاهر السقوط .
وقال أن الترجيح بالآية فظاهر السقوط أيضا لأنهما (أفإن مات أو قتل) بأداة الشرط والمعلق بها لا يدل على وقوع نسبة أصلا لا إيجابا ولا سلبا حتى يرجح بها غيرها ، وإذا نظرنا إلى الواقع يجد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل ولم يمت .
ورجح الشنقيطي في أضواء البيان قراءة الجمهور (قاتل) ، وقال ما ملخصه :
أن غلبة الأنبياء تكون إما بالحجة والبيان وهذه ثابتة لجميعهم ، وإما بالسيف والسنان وهذا خاصة للمقاتلين منهم .
وعلى هذا فالنبي المقاتل غير مغلوب كما صرح تعالى (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) ، أما الآيات التي دلت على قتل بعض الرسل فكانت كلها في قتل بني إسرائيل لأنبيائهم في غير جهاد أو مقاتلة . وعليه فإن القتل عائد على (ربيون) وأنه لم يقتل نبي في جهاد كما جزم به الحسن البصري وسعيد بن جبير والزجاج والفراء.
وقال : وعلى هذا نعلم أن ما قاله الإمام الكبير ابن جرير رحمه الله من أن لا مانع من قتل النبي المأمور بالجهاد ، ويحمل نصره على أحد أمرين :
أحدهما : أن الله ينصره بعد الموت بأن يسلط على من قتله من ينتقم منه كما فعل بالذين قتلوا يحيى وزكريا .
الثاني : حمل الرسل في قوله (إنا لننصر رسلنا) على خصوص نبينا عليه الصلاة والسلام ، وهذا لا يجوز لأمرين : أنه خروج بكتاب الله عن ظاهره بغير دليل ، كما أن حمل لفظ (الرسل) على نبينا وحده بعيد جدا والآيات الدالة على عموم الوعد بالنصر لجميع الرسل كثيرة لا نزاع فيها.
وقال : وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب أننا نستشهد للبيان بالقراءة السبعية بقراءة شاذة ، وأن بعض القراء غير السبعية قرأ قتّل بالتشديد الذي يقتضي أن القتل واقع على الربيين ، ولهذه القراءة رجح الزمخشري والبيضاوي وابن جني أن نائب الفاعل (ربيون)
الخلاصة : أن الراجح قراءة الجمهور (قاتل) ، وأن المعنى على قول من قرأ (قتل) أن المقتولين هم (الربيون) وليس النبي عليه السلام .

ثانيا : معنى الربيين
في الكلمة ثلاثة قراءات إما بفتح الراء أو ضمها أو كسرها .
واختلف أهل اللغة والمفسرون في معنى الربيين والمراد بهم على أقوال ، منها :
القول الأول : مفرد رِبيّ ، منسوب للرب تعالى وقد اختلفت عباراتهم في ذلك فقيل : هم علماء كثير ، الأتقياء الصبر ، المتعبدون للرب ، أتباع الأنبياء والرسل .
وهذا القول مروي عن ابن عباس والحسن وابن المبارك ، وهو قول الأخفش في معاني القرآن ، والراغب الأصفهاني في المفردات ، البيضاوي في تفسيره .
قول ابن عباس : أخرجه ابن جرير قال حدّثني سليمان بن عبد الجبّار، قال: حدّثنا محمّد بن الصّلت، قال: حدّثنا أبو كدينة، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: علماء كثيرٌ.
قول الحسن : أخرجه عبدالرزاق عن معمر عن الحسن قال : علماء كثير ، وأخرجه ابن أبي حاتم عن عبّاد بن منصور قال : سألت الحسن عن قوله (وكأين من نبي) قال : قد كانت أنبياء الله قبل محمد قاتل معها علماء ، وأخرجه بن جرير من طريق يعقوب بن إبراهيم عن هشيم عن عوف عن الحسن قال : فقهاء علماء .
قول ابن المبارك :أخرجه ابن جرير قال : حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن جعفر بن حبّانٍ، والمبارك، عن الحسن، في قوله: {وكأيّن من نبيٍّ قاتل معه ربّيّون كثيرٌ} قال جعفرٌ: علماء صبروا، وقال ابن المبارك: أتقياء صبر.
التوجيه : التعبير بهذا جزء من المعنى ، وكلها ترجع إلى عبادة الرب سبحانه .
قيل : لو كان منسوبا إلى الرب لكان بفتح الراء ؟
الجواب : إذا نسبت العرب شيئا إلى شيء غيرت حركته ، فيجوز في راء ربي الفتح على القياس ، والكسر على أنه من تغييرات النسب .
وقرأ ابن عباس (ربيون) بالفتح ، وقال ابن جني : هي لغة تميم .

القول الثاني : معنى ربيين كثير : جموع كثيرة
وهذا القول مروي أيضا عن ابن عباس , وكذا مجاهد وعكرمة والحسن وعطاء وقتادة والربيع والسدي وابن اسحاق ، وهو قول الطبري وأبي عبيدة في مجاز القرآن ، والنحاس في معاني القرآن ومكي والألوسي والبغوي والقرطبي .
قول ابن عباس : أخرجه سعيد بن منصور الخراساني قال : حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا عوفٌ قال : وقال ابن عبّاسٍ: هي الجموع الكثيرة.
، وأخرجه الطبري عن طريق يعقوب بن إبراهيم عن هشيم عن عوف عمن حدثه عن ابن عباس .
قول عكرمة : أخرجه ابن جرير الطبري : قال حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عمرٍو، عن عكرمة، قال: الجموع الكثيرة.
قول الحسن : أخرجه ابن جرير عن يعقوب بن إبراهيم عن ابن عليّة عن أبي رجاء عن الحسن قال : الجموع الكثيرة .
قول قتادة : أخرجه عبدالرزاق عن معمر عن قتادة قال : جموع كثيرة ، وأخرجه الطبري قال حدثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة .
قول مجاهد : أخرجه محمد بن نصر الرملي عن أحمد بن محمد القواس المكي قال : ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {وكأيّن من نبيٍّ قاتل معه ربيون كثيرٌ} قال: جموعٌ كثيرةٌ).
وأخرجه ابن جرير من طريق عاصم عن عيسى عن ابن أبي نحيج عن مجاهد مثله .
قول الربيع : أخرجه ابن جرير عن عمار قال ثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع قال : يقول : جموع كثيرة .
قول السدي : قال ابن جرير : حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {قاتل معه ربّيّون كثيرٌ} يقول: جموعٌ كثيرةٌ.
قول ابن اسحاق : قال ابن جرير : حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قوله: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: وكأيّن من نبيٍّ أصابه القتل، ومعه جماعاتٌ.
التوجيه :
وهذا القول مبني على أنه منسوب إلى الربة : وهي الجماعة .
وقد وصف القرطبي هذا القول بأنه أعرف في اللغة .

القول الثالث : هم الألوف .
وهو مروي عن ابن مسعود ، وبه قال الفراء في معاني القرآن .
تخريج قول ابن مسعود :
أخرجه عبدالرزاق عن ابن عيينة عن الثوري عن عاصم بن أبي النجود عن زر عن بن حبيش عن عبدالله قال هم الألوف .
وأخرجه أبو حذيفة بن مسعود النهدي عن سفيان عن عاصم مثله ، كما أخرجه ابن جرير عن بشار عن عبدالرحمن عن سفيان عن عاصم مثله .
وهذا القول قريب من القول السابق

القول الرابع : هم الأتباع
وهو قول ابن زيد
أخرجه ابن جرير عن يونس نا ابن وهب قال : قال ابن زيد : الربيون الأتباع ، والربانيون الولاة .
وعلق ابن عطية على هذا القول فقال : كأن هذا من حيث أنهم مربوبون .

الدراسة :
قال مكي بن أبي طالب : ربي بكسر الراء منسوب إلى الرب ، لكن كسرت راؤه إتباعا للكسرة والياء اللتين بعد الراء .
وقال ابن جرير الطبري : والرّبّيّون عندنا: الجماعات الكثيرة، واحدهم ربّيّ، وهم جماعةٌ
وقال الزجاج في القول الأول والثاني : كلا القولين حسن جميل .
وقال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ : (قوله ربّيّون الجموع واحدها ربّيٌّ هو تفسير أبي عبيدة قال : الرّبّيّون الجماعة الكثيرة واحدها ربّيٌّ وهو بكسر الرّاء في الواحد والجمع قراءة الجمهور
وقال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ : وحكى ابن جرير عن بعض نحاة البصرة أن الربيين هم الّذين يعبدون الرب، عز وجل قال: وقد رد بعضهم عليه فقال: لو كان كذلك لقيل، ربيون، بالفتح انتهى. قلت: لا وجه للرّدّ لأنا قلنا: إن الكسرة من تغييرات النّسب). [عمدة القاري: 18/136]
وقال ابن عاشور : (الربيون) جمع ربي وهو المتبع لشريعة الرب مثل الرباني ، والمراد بهم أتباع الرسل وتلامذة الأنبياء .
الراجح :
مما سبق من الأقوال يتبين أن كلمة (ربيون) تشمل جميع الأقوال السابقة فهم العلماء المتألهون المنسوبون إلى الرب ، وهم أتباع الرسل والولاة الصالحين ، كما أنهم جموع كثيرة ، فلا منافاة بين المعاني جميعها .
ويرجح هذا القول قول السعدي رحمه الله الذي جمع بين هذه المعاني بقوله : المعنى جماعات كثيرون من أتباعهم الذين قد ربتهم الأنبياء بالإيمان والأعمال الصالحة .

المراجع :
كتب التفسير المسندة : تفسير عبد الرزاق وابن أبي حاتم وابن جرير والبغوي
كتب التفسير من دواوين السنة : كتاب التفسير من صحيح البخاري ، وشرحه لابن حجر والعيني .
كتب التفسير البديلة : الدر المنثور للسيوطي وابن كثير .
كتب التفسير الناقلة : ابن عطية والقرطبي والماوردي والألوسي والبيضاوي وابن عاشور والكشاف والشنقيطي والسعدي .
كتب التفسير اللغوي : معاني القرآن للفراء ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ، ومعاني القرآن للزجاج ومعاني القرآن للنحاس ، وتهذيب اللغة للأزهري ، وتفسير المشكل في غريب القرآن لمكي .

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 7 شوال 1439هـ/20-06-2018م, 04:24 AM
شيماء طه شيماء طه غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 318
افتراضي

المراد بقوله (وكين من نبي قاتل معه ربيون كثير.)

أولا : مراجع التحرير :
1- المصادر الأصلية :
تفسير عبد الرزاق - تفسير ابن جرير - تفسير أبي حاتم - تفسير مجاهد تفسير الثعلبي والبغوي والواحدي

2- المصادر البديلة :
تفسير ابن كثير - والقرطبي الدر المنثور.
3- مصادر ناقلة :
تفسير ابن عطية وتفسيرالمارودي وتفسيرابن الجوزي والألوسي وابن عاشور والسعدي.
4-تفاسير أهل اللغة :تفسير الزجاج.
قال ابن جرير الطبري وكأين من نبي يعني وكم من نبي
واختلف أهل العربية في معنى ربي.ن
فقال بعض نحويي البصرة هم الذين يعبدون ارب واحده ربي
وقال بعض أهل الكوفة لو كانوا منسوبين ألى عبادة الرب لكانواَبيون بالفتح ولكنهم العماء والألوف.
ورجح ابن جرير الربيون الجماعات الكثيرة واحده ربي وهم الجماعة.
1 روي عن زر عن عبد الله الربيون الألوف ذكره ابن جرير.
وروي أيضا عن زر عن عبد الله.
ذكره ابن أبي حاتم عن زر عن عبد اله.



2 جموع كثيرة ذكره ابن جرير أخرجه عن ابن عباس.
وذكره مكي بن أبي طالب أخرجه عن ابن عاس.
وذكره أيضا ابن جرير أخرجه عن الحسن.
وذكره ابن جرير عن قتادة.

وروي أيضا عن علي عن ابن عباس.
وذكره ابن جرير عن عكرمة.
وذك!ه ابن جرير أخرجه عن نجيح عن مجاهد.
وذكره ابن جرير أخرجه عن الربيع.
وذكره ابن جرير أخهجه عن الضحاك.
وذكره أيضا عن السدي.
وذكره الزجاج.
وذكره ابن أبي حاتم أخرجه عن ابن عباس.
وأخرجه أيضا ابن أبي حاتم عن مجاهد وسعيد بن جبير والحسن وعكرمة والسد وعطاء الخرساني.



3 علماء كثير ذكره ابن جرير أخرجه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وذكره مكي ابن أبي طالب عن ابن جبير.
وذكره ابن جرير أيضا عن الحسن.
أخرجه ابن أبي حاتم عن معمر عن الحسن.

4 فقهاء علماء أتقيا ذكره ابن جرير هشيم عن الحسن.
وذكره مكي بن أبي طالب أخرجه عن الحسن.
وذكره أيضاً الزجاج
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن.
4 أصابه القتل ومعه جماعات
أخرجه ابن أبي حاتم عن محمد ابن أسحاق.
ذكره ابن جرير عن أسحاق.
5 الربيون الأتباع والولاة
ذكره مكي أخرجه عن ابن زيد.
وذكهه ابن جرير أخرجه عن ابن زيد.
6 ربيون الذين يعبدون الرب لعبادتهم أياه وأقرارهم به.
ذكره مكي ابن أبي طالب أخرجه عن الحسن. وذكره البغوي ولم يخرجه.
7 أتقياء صبر ذكره ابن جرير أخرجه عن هشيم عن الحسن.
وذكره مكي أخرجه عن ابن المبارك.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 شوال 1439هـ/27-06-2018م, 03:08 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم التاسع من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 133-152)





أحسنتم بارك الله فيكم وأحسن إليكم.

- اتّفقنا سابقا أن مسائل القراءات التي ليس لها تأثير على معنى الآية لا تصنّف ضمن مسائل التفسير وليس مطلوبا تحريرها.
- أيضا عند عرض القراءات الواردة في الآية لا تسرد القراءات المنسوخة أو التي لا يقرأ بها الآن، فلا نقول قراءة ابن عباس وقراءة ابن مسعود وقراءة ابن محيصن، بل يكتفى بالقراءات العشر المتواترة، أما القراءات الأخرى فتفيدنا في التفسير عند توجيه بعض الأقوال والترجيح بينها.
- توجد نقطة مهمّة نود أن تنتبهوا إليها جيدا وهي خاصّة باختيار ابن جرير -رحمه الله- لبعض القراءات على بعض، فنقول هناك فرق بين الاختيار والترجيح وأن الاختيار لا يقصد به ترجيح قراءة وطرح أخرى؛ إذ لا يجوز إسقاط قراءة متواترة، وإنما مراد ابن جرير من الاختيار تقوية القراءة دون طرح القراءة الأخرى إذا ما ثبت أنها قراءة صحيحة، والمفاضلة بين القراءات الصحيحة لها أسباب وضوابط بين أهل العلم أغلبها يرجع إلى قوة السند وفصاحة القراءة وشهرتها في لغة العرب وقوة موافقتها للسياق ونحو ذلك من العلل.
وقد حصل بالفعل أن رجّح ابن جرير بين قراءات متواترة في بعض مواضع من تفسيره، ويُعتذر له بأنه لم يبلغه تواتر هذه القراءة المرجوحة عنده، خاصّة وأن مصطلح التواتر وتسبيع القراءات لم يعرف إلا بعد الطبري بزمن طويل، والمتتبّع لمنهج الطبري في التعامل مع القراءات في تفسيره يلاحظ ذلك جيدا وهو من هو في علمه بالقراءات، فرحمه الله رحمة واسعة.




1: أمل يوسف أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- هناك قول آخر في "كأين" وهي أنها بسيطة وليست مركّبة، ولعله الأقوى.
- انتبهي أنك في المسألة الثالثة تكلمتِ عن فعل واحد فقط وهو "قتل" دون الفعل "قاتل" وهو مخالف لرأس المسألة التي أشارت إلى الفعلين.
والقراءتان {قتل} و{قاتل} صحيحتان متواترتان، ويراجع التعليق أعلاه، والخلاف بين الطبري والشنقيطي كما هو معلوم هو في إسناد الفعل على قراءة {قتل}.
ولابن تيمية كلام مفصّل في هذه الآية فراجعيه لزيادة الفائدة، وفقك الله.


2: فاطمة الزهراء أحمد ب
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- كتب القراءات وتوجيهها من مصادر البحث الأساسية لوجود قراءات في الآية يتأثّر بها المعنى.
- يلاحظ عدم إسنادك للقراءات الواردة في الآية إلى من قرأ بها.
- هناك أربعة أوجه لإسناد الفعل في الآية، وجهان لكل قراءة، وقد اقتصرتِ على ثلاثة منها، كما اقتصرتِ على ترجيح ابن جرير فقط في إسناد الفعل {قتل} وتجب الإشارة إلى ترجيحات باقي المفسّرين وعدم الاقتصار على مفسّر واحد.
- القول بأن الربيّون هم الألوف أو الجماعات مبناهما واحد وهو أن اللفظة أصلها من الربّة وهي الجماعة فهي دالّة على الكثرة.


3: هيا أبو داهوم ب
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- راجعي ما ذكرناه أعلاه بخصوص تحرير المسائل اللغوية ومسائل القراءات التي لا تتّصل بالتفسير وعرض القراءات في الآية، فإن هذا كان سيوفّر عليك أكثر من نصف التطبيق، مع ثنائي على اجتهادك.
- قلتِ: "القول الثاني : قرأ ( قتل ) بغير الألف ، ...، وقرأه جماعة أخرى من الحجاز والكوفة بفتح القاف." وهذا لا يكون مع الفعل {قتل} أبدا، إنما ما عناه المفسّرون بفتح القاف فعل {قاتل} بألف بعد القاف.
- توجيه الوقوف في الآية يكون على أساس الاحتمالات الإعرابية للفعل، فمن أسنده إلى النبي حسن الوقف عليه، ومن أسنده إلى الربيّين لم يجز الوقف عليه.
- إسناد الفعل له أربع احتمالات، اثنان لكل قراءة، الأولى أن يسند للنبي، والثانية إسناده للربيّين.
والقراءتان {قتل} و{قاتل} صحيحتان متواترتان، ويراجع التعليق أعلاه، والخلاف بين الطبري والشنقيطي كما هو معلوم هو في إسناد الفعل على قراءة {قتل} وليس في صحة القراءتين.
- ابن تيمية رجّح أن الربيّين هم الجماعات الكثيرة وليس العلماء، وراجعي كلامه على الآية من بدايته.
- انتبهي جيدا لأسماء المفسّرين وأهل العلم لأنه تحصل أخطاء أحياء عند ذكر الاسم كابن أبي حاتم وابن الأنباري والسمين الحلبي.


4: بدرية صالح ج+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- إسناد الفعل له أربع احتمالات، اثنان لكل قراءة، الأولى أن يسند للنبي، والثانية إسناده للربيّين.
وراجعي التعليقات أعلاه للأهميّة


5: هناء هلال أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- الخلاف بين اختيار ابن جرير والشنقيطي هو في إسناد الفعل فقط، وليس ثمّ خلاف في صحة القراءة، وراجعي ما ذكرناه أعلاه بخصوص الترجيح بين القراءات.


6: شيماء طه ه
بارك الله فيك ونفع بك.
اقتصرتِ على مسألة واحدة من مسائل الآية، وبقيت مسائل أخرى، فأرجو إعادة التطبيق واستدراك الفائت.





رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 17 ذو الحجة 1439هـ/28-08-2018م, 07:43 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي



تحرير القول لقوله تعالى:(وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِير)
المراجع :
عبدالرزاق الصنعاني في تفسيره، وسعيد بن منصور، وابن جرير ،ابن أبي حاتم
مسلم بن خالد الزنجي ومحمد بن أحمد الرملي
والفراء وأبو عبيدة،وفتح الباري لابن حجر، عمدة القاري للعيني.
المناسبة
بعد أن ذكر الله حال المؤمنين وفرارهم في غزوة أحد عندما سمعوا بمقتل النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ، وعاتبهم على ذلك ، وذكر لهم لحال اتباع الرسل السابقين ،عندما قتل نبيهم .
القراءات في قوله تعالى :( قاتل معه)
اختلف القراء في قراءة ( قاتل معه)
١- ( قُتل) بضم القاف ، قرأ بها جماعةٌ من قرّاء الحجاز والبصرة:
٢- (قَاتل) بفتح القاف مع ألف ، وهي قراءة جماعةٍ من قرّاء الحجاز والكوفة.
التوجيه:
من اختار القراءة الثانية لمناسبة قوله تعالى :( فما وهنوا وما ضعفوا لما أصابهم ) فلو كانوا قتلوا ،لما كان بوصفهم بعدم الوهن والضعف وجه ، فإنه يستحيل وصفهم بذلك بعد قتلهم.
أما من اختار القول الأول ، فإن المعنى قتل نبيهم وبعضهم وليس كلهم ، فوصف بقيتهم الذين لم يقتلوا بأنهم لم يضعفوا ولم يهنوا .
الترجيح
بتتبع سياق الآيات، نجد أن هذه الآية وما قبلها في سياق عتاب الذين فروا يوم أحد ، بعد أن سمعوا صائح يصيح بقتل النبي صلى الله عليه وسلم ، أفإن مات محمّدٌ أو قتل أيّها المؤمنون ارتددتم عن دينكم، وانقلبتم على أعقابكم؟ ثمّ أخبرهم عمّا كان من فعل كثيرٍ من أتباع الأنبياء قبلهم ،بأنه ما وهنوا وما ضعفوا وما استكانوا بعد قتل نبيهم بل صبروا وجاهدوا كما كانوا معه حتى فتح الله بينهم وبين عدوهم.فهلا فعلتم فعلهم ، واقتفيتم أثرهم.وبهذا يتبين أن أولى الأقوال القول الأول.
*القراءات في ربيون
١- الرّبيون : بكسر رائه ،في الإفراد والجمع وهو قراءة الجمهور ، وهو الجماعة الكثيرة ،
٢- الرٓبيون : بالفتح نسبة إلى الرب ، وهم العلماء
المراد بالربيون :
القول الأول: علماء كثير
قاله ابن عباس ذكره ابن جرير
قاله الحسن ذكره عبدالرزاق الصنعاني في تفسيره، وسعيد بن منصور، وابن جرير ،وعنه أيضا: علماء صبراء أبرار أتقياء، ذكره ابن أبي حاتم
القول الثاني: جموع كثيرة، واحدها ربيّ .
قاله ابن عباس ذكره سعيد بن منصور، وابن جرير في تفسيره
ومعمر ذكره عبدالرزاق
وقتادة ، ذكره عبدالرزاق في تفسيره وابن جرير وابن أبي حاتم
وعكرمة ذكره سعيد بن منصوروابن أبي حاتم
مجاهد ذكره مسلم بن خالد الزنجي وابن أبي حاتم
عطاء الخرساني ذكره محمد بن أحمد الرملي وابن أبي حاتم
سعيد بن جبير ذكره ابن أبي حاتم
وأبو عبيدة في اعجاز القرآن
الثالث: هم الألوف
روي عن عبدالله بن مسعود ذكره عبدالرزاق من طريق زر بن حبيش ، وذكره سفيان الثوري في تفسيره من نفس الطريق ، وابن جرير
والضحاك ذكره سعيد بن منصور .
والفراء في معاني القرآن
الرابع : الأتباع
قاله ابن زيد ذكره ابن جرير
توجيه الأقوال :
القول الأول : أنهم العلماء ،( فالربي) هو العالم منسوب إلى الرب وكسرت راؤه تغييرًا في النسب.
والقول الثاني : الجماعة الكثيرة ،وأصله: من الربّة وهي الجماعة، يقال للجمع: ربّي كأنه نسب إلى الربّة، ثم يجمع ربّي بالواو والنون. فيقال: ربّيون.
والثالث: الاتباع اي اتباع الرسل ، وهذا المعنى يبين حال هؤلاء الجماعات أنهم اتباع للرسول منقادون له ، تابعون لشرعة عالمين به
الرابع : ألوف .أي عددهم بالألوف ، وهذا بمعنى جماعات كثيرة .
وبهذا يتبين أن المعاني الأربعة لا تضاد بينها بل كلاً منها زيادة معنى وتكميل للآخر والله أعلم

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 1 محرم 1440هـ/11-09-2018م, 01:56 PM
ميسر ياسين محمد محمود ميسر ياسين محمد محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 727
افتراضي

قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)
الأقوال في (وكأين من نبي):
اتفق علماء اللغة والتفسير أن تفسيرها "كم من نبي "وفيها لغتان جيدتان مشهورتان بالغتان يقرأ بهما جميعاً.يقرأ (وكأيّن )و(وكائن) .
-الأقوال في قراءة قوله تعالى: {قاتل معه ربّيّون كثيرٌ}
اختلف القرّاء في قراءة قوله: {قاتل معه ربّيّون كثيرٌ}؛
-القول الأول:(قُتل)بضم القاف: وذكر الطبري أنها قراءة الحجاز والبصرة ،وورد في النشر أنها:(قراءة نافع وابن كثير والبصريان وأن الباقون قرأوا بالفتح والألف )
هذه القراءة فيها قولان:
الأول:
إذا أسند القتل لبعض من معه من الربيين ،أو يكون القتل أسند إلى النبي وبعض من معه .وأن من بقي منهم لم يضعفوا ولم يستكينوا لقتل من قتل منهم أو لقتل نبيهم قاله
وقال ابن الأنباري:(وهذا معروف في كلام العرب أن يقولوا (قتل بنو فلان )وإنما قتل بعضهم ) (وجاءتك تميم ) وإنما جاءك بعضهم .) وبذلك فإن الوقف لا يكون كاف على (قتل ) لأن الربيين تكون نائب الفاعل .
الثاني:
اذا أسند القتل للنبي ، تبعاً لسياق الآية وسبب النزول وما شاع يوم أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل .
قاله ابن زيد والضحاك والسدي
ما قاله ابن زيد رواه الطبري عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: الرّبّيّون: الأتباع، والرّبّانيّون: الولاة، والرّبّيّون: الرّعيّة، وبهذا عاتبهم اللّه حين انهزموا عنه، حين صاح الشّيطان إنّ محمّدًا قد قتل، قال: كانت الهزيمة عند صياحه في سببةٍ صاح: أيّها النّاس إنّ محمّدًا رسول اللّه قد قتل، فارجعوا إلى عشائركم يؤمّنوكم).
ما قاله الضحاك رواه الطبري عن المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) يقول: جموعٌ كثيرةٌ قتل نبيّهم.
ما قاله السدي رواه الطبري عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: (قتل معه ربّيّون كثيرٌ) يعني الجموع الكثيرة قتل نبيّهم.
وقد رجح الطبري هذه القراءة واستدل بسياق الآيات السابق والاحق أنها حول عتاب من انهزم يوم أحد لسماعهم صياح الصائح : إنّ محمّدًا قد قتل،كما في قوله (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)؛ فأخبرهم الله أن من كان قبلهم اذا مات نبيهم في المعركة استمروا بالقتال حتى يموتوا على ما مات عليه نبيهم.وبذلك يكون الوقف وقف كاف على (وكأي من نبي قتل )كما قاله الداني والأشموني .ويكون التقدير (ومعه ربيون) .
قال النحاس:(أن المعنى وكأين من نبي قتل على أنه قد تم الكلام ثم قال: معه ربيون كثير، بمعنى معه ربيون كثير.
وهذا قول حسن على مذهب النحويين لأنهم أجازوا رأيت زيدا السماء تمطر عليه بمعنى والسماء تمطر عليه. ))

القول الثاني:(قاتل): ورد في النشر أن:(قراءة نافع وابن كثير والبصريان بضم القاف وكسر التاء وأن الباقون قرأوا بالفتح والألف )
فيها قولان:
الأول :أنهم قاتلوا مع نبيهم وما وهنوا بعد موته يدل عليه ما قاله ابن عباس
ما قاله ابن عباس رواه الرازي عن عليّ بن الحسين، ثنا المقدسيّ، ثنا أيّوب بن واقدٍ، عن هارون بن عنترة عن أبيه عن ابن عبّاسٍ (وكأيّن من نبيٍّ قاتل معه ربّيّون كثيرٌ )قال: هم يوم قتل نبيّهم، فلم يهنوا ولم يضعفوا، ولم يستكينوا لقتل نبيّهم.
الثاني :أنهم قاتلوا وما وهنوا في قتالهم يدل عليه ما قاله سعيد بن جبير وابراهيم
ما قاله سعيد بن جبير رواه الخرساني عن سعيدٌ، قال: نا عتّاب، عن خصيف، عن سعيد بن جبير أنّه كان يقول: ما سمعنا قطّ أنّ نبيًّا قتل في القتال.
- ما قاله ابراهيم رواه الخرساني عن سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا عوفٌ، عن الحسن، وأنا عوفٌ، عن إبراهيم، أنّهما كانا يقرآن: {قاتل معه}
قال الطبري:(وهي قراءة جماعة من الحجاز والكوفة وقال :(فأمّا من قرأ {قاتل} فإنّه اختار ذلك لأنّه قال: لو قتلوا لم يكن لقوله: {فما وهنوا} وجهٌ معروفٌ؛ لأنّه يستحيل أن يوصفوا بأنّهم لم يهنوا ولم يضعفوا بعد ما قتلوا.)
على هذا المعنى يكون الوقف حسن على (وكأي من نبي قاتل )ثم البدء ب(معه ربيون)كما ذكر ابن الأنباري .
الترجيح: قال الفقيه أبو محمد: (ويحسن عندي على هذه القراءة إسناد الفعل إلى الربيين، وعلى قراءة "قتل" إسناده إلى نبي، )
إن جميع القراءات صحيحة يقرأ بها ولها تفسير ها عند العلماء
.
&الأقوال في معنى (ربّيّون):
القول الأول:نسبة إلى الرب
-قال الأخفش هم الذين يعبدون الرب
-وذكرالزمخشري بأن الربيون هم الربانيون وأن تغير الحركة بالحركات الثلاث للنسب وأن حركة الفتح على القياس
-وقال الأصفهاني في غريب القرآن :(وقوله تعالى:
(ربيون كثير) فالربي كالرباني. والربوبية مصدر يقال في الله عز وجل والرباية تقال في غيره وجمع الرب أرباب قال تعالى: (أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) ولم يكن من حق الرب أن يجمع إذ كان إطلاقه لا يتناول إلا الله تعالى لكن أتى بلفظ الجمع)
-وذكر الطبري أقوال نحويي البصرة بأن(ربيون ) من ربي وهم الذين يعبدون الرب.ورد الكوفيون هذا القول بسبب أن حركة الراء الكسرة وليست الفتحة .واعتراضهم مردود لقول علماء اللغة أن الحركة تتغير للنسبة إلى الرب كما تم ذكره سابقاً.
-وقال ابن عطية :(وأما في ضم الراء وكسرها فيجيء على تغيير النسب، كما قالوا في النسبة إلى الحرم: حرمي بكسر الحاء، وإلى البصرة، بصري بكسر الباء، وفي هذا نظر)،
-ذكر ابن عاشور أن (ربيون)هو جمع ربي وهو مثل الرّباني في المعنى نسبة إلى الرب أي المتبع لشريعة الرب
-ومما يؤيد هذا القول قراءة ورش بفتح الراء وما ذكره ابن عطية نسبةً لابن جني أن الفتح في الراء لغة تميم
ويدخل تحت هذا المعنى لل(ربِّيّون) :
-القول بأنهم :علماء ،.قاله ابن عباس و الحسن
--ما قاله ابن عباس رواه الطبري عن سليمان بن عبد الجبّار، قال: حدّثنا محمّد بن الصّلت، قال: حدّثنا أبو كدينة، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ.
-ماقاله الحسن رواه الطبري والخرساني من طريق عن عوفٌ، عن الحسن، في قوله: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: فقهاء علماء. ورواه الرازي عن عباد
-ما قاله الحسن رواه الصنعاني والرازي من طريق عن معمر عن الحسن
-ما قاله الحسن رواه الطبري والرازي من طريق عن المبارك، عن الحسن قال: أبرارٌ أتقياء صبرٌ.
-ما قاله الحسن رواه الرازي عن جعفر بن نضرٍ الواسطيّ، ثنا أبو قطنٍ، عن أبي الأشهب، عن الحسن .

-القول الثاني :جماعات كثيرة. قاله ابن مسعود وابن عباس والحسن وعكرمة والضحاك وعطاء ومجاهد وقتادة والربيع والسدي ومحمد بن اسحاق .
-ما قاله ابن مسعود رواه الصنعاني عن معمر ورواه النهدي والطبري والرازي من طريق عن عاصم بن بهدلة عن زرٍّ عن عبد اللّه في قوله: {وكأيّن من نبيٍّ قاتل معه ربيون كثير} قال: ألوف .
-ما قاله ابن عباس رواه الطبري عن يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عوفٌ، عمّن حدّثه عن ابن عبّاسٍ، ورواه الرازي عن أبيه ثنا أبو صالحٍ، ثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ .
-ما قاله الحسن عن ابن عباس رواه الخرساني عن سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا عوفٌ، عن الحسن - في قوله عزّ وجلّ: {قاتل معه ربّيّون كثيرٌ} -، قال: فقهاء، علماء. قال : وقال ابن عبّاسٍ: هي الجموع الكثيرة
-ما قاله الحسن رواه الطبري عن يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة،. عن أبي رجاءٍ، عن الحسن،
-ما قاله عكرمة رواه الخرساني والطبري من طريق عن سفيان، عن عمرٍو، عن عكرمة.
ما قاله الضحاك رواه الخرساني عن سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا أبو إسحاق، عن الضّحّاك بن مزاحم - في قوله عزّ وجلّ: {قاتل معه ربّيّون كثيرٌ} -، قال: الرّبة الواحدة ألف).
ورواه الطبري من طرق أخرى
-ما قاله عطاء رواه الرملي عن يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني والرّبوة: عشرة آلافٍ في العدد). ورواه الرازي عن العبّاس بن الوليد قراءةً، أخبرني محمّد بن شعيب بن شابور أخبرني عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه
-ما قاله مجاهد رواه الرّملي والطبري من طريق عن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ.
- ما قاله قتادة رواه الطبري عن الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن في قوله: (قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: علماء كثيرةٌ.وقال قتادة: جموعٌ كثيرةٌ.
- ما قاله الربيع رواه الطبري عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع
-ما قاله السدي رواه الطبري عن محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ:
- ما قاله محمد بن اسحاق رواه الطبري والرازي من سلمة، عن ابن إسحاق،
-قال عبد الله الدينوري:({ربّيّون} أي: جماعات كثيرة. ويقال: الألوف .وأصله من الربّة وهي الجماعة، يقال للجمع: ربّي كأنه نسب إلى الربّة، ثم يجمع ربّي بالواو والنون. فيقال: ربّيون.)
وقال به أيضاً أبو عبيدة والفراء ومكي والنحاس .
ورجحه الطبري والبغوي والقرطبي والسيوطي.
وقال الزجاج:(أنهم الجماعات الكثيرة.
وقال بعضهم: الربوة عشرة آلاف وقيل الربيون العلماء الأتقياء: الصّبر على ما يصيبهم في الله - عزّ وجلّ - وكلا القولين حسن جميل).

القول الثالث: الأتباع والرعية قاله ابن زيد
- ما قاله ابن زيد رواه الطبري عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: الرّبّيّون: الأتباع، والرّبّانيّون: الولاة، والرّبّيّون: الرّعيّة، وبهذا عاتبهم اللّه حين انهزموا عنه، حين صاح الشّيطان إنّ محمّدًا قد قتل، قال: كانت الهزيمة عند صياحه في سببةٍ صاح: أيّها النّاس إنّ محمّدًا رسول اللّه قد قتل، فارجعوا إلى عشائركم يؤمّنوكم).
قال ابن عطية:كأن هذا من حيث هم مربوبون.

الترجيح بين الأقوال:يبدو من الأقوال السابقة أن جميع الأقوال قد تكون جائزة على المعنى .فالربيون هم أتباع علماء ربانيون كثيرون قاتلوا مع أنبياءهم وقد جمع بينها السعدي قال:(جماعات كثيرون من أتباعهم، الذين قد ربتهم الأنبياء بالإيمان والأعمال الصالحة، فأصابهم قتل وجراح وغير ذلك. )


المراجع:
المرتبة الأولى :مصادر أصلية
1:تفسير القرآن العزيز، لمحدّث اليمن عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت: 211هـ)
2: وجامع البيان عن تأويل آي القرآن، لإمام المفسّرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت: 310هـ).
3. وتفسير القرآن العظيم، عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي (ت: 327هـ)،
4: الكشف والبيان عن تفسير القرآن، لأبي إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي (ت: 427هـ)،
5. معالم التنزيل لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت: 516هـ).
تفسير مجاهد لآدم بن أبي إياس العسقلاني(ت:220هـ)، وهو من رواية عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني
المرتبة الثانية:مصادر بديلة
ابن كثير ،السيوطي ،الهداية لمكي
المرتبة الثالثة:تفاسير ناقلة
1ا. الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب القيسي(ت:437هـ)
2. النكت والعيون للماوري(ت:450هـ).
3. المحرر الوجيز لابن عطية(ت:542هـ).
4. زاد المسير لابن الجوزي (ت:597هـ).
5. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(ت:671هـ).
6. تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير الدمشقي(ت:774هـ)،

ومن التفاسير اللغوية :معاني القرآن للفراء والزجاج ،والنحاس ،واعراب القرآن للنحاس ،ابن عاشور والدر المصون للحلبي
ومن كتب القراءات : التحبير لابن الجزري،والكشف عن وجوه القراءات لابن مكي
والنشر لابن الجزري ومفاتيح الأغاني للكرماني
ومن كتب الوقف والابتداء :ايضاح الوقف لابن الأنباري والمكتفي لأبي عمرو الداني وعلل الوقوف للسجاوندي ومنار الهدى للأشموني

وغيرها من المراجع الكثيرة

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م, 12:07 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم..

مضاوي الهطلاني د
بارك الله فيك ونفع بك.
أهم ملحوظة والتي ستؤثّر حتما في باقي التطبيق هي مراجع البحث فهي قليلة جدا مقابل المسائل المطلوبة، ثم هي من حيث نوع المصدر لا تكفي؛ نظرا لتعلّق المسائل موضوع البحث بأنواع متعددة من المصادر.
والتحرير مختصر جدا، وأظهر ملاحظاته تتعلّق بنسبة الأقوال وطريقة التخريج، ثم قلّة المراجع أدّت إلى ضعف في مناقشة الأقوال ومعرفة ترجيحات المفسّرين، وأحيلك على قائمة مراجع وتطبيق الأستاذة أمل يوسف.


ميسر ياسين أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- قلت في القراءة الثانية {قاتل}: "الأول :أنهم قاتلوا مع نبيهم وما وهنوا بعد موته يدل عليه ما قاله ابن عباس"، ولكن هذه القراءة ليس فيها ذكر للموت لا للنبي ولا لمن معه، ولكن الأقوال في إسناد الفعل إما أن النبي قاتل، أو أن الربيّون قاتلوا.
- قلتِ في بعض التخريجات: "رواه الرملي" والصواب أن تحدّدي اسم الكتاب ليعرف أي كتاب رواه.
- توجد بعض الأخطاء في التخريج ربما بسبب كثرة من خرّجتِ أقوالهم، ولا بأس من الاقتصار على عدد أقلّ إذا كانت المسألة ليست من المسائل الخلافية الكبيرة حتى يمكنك تخريج الأقوال تخريجا جيدا، وللشنقيطي كلام مفصّل في إسناد الفعل فلعلك تراجعينه للفائدة، وأثني على اجتهادك.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 25 شوال 1441هـ/16-06-2020م, 11:25 AM
منيرة محمد منيرة محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 668
افتراضي

- حرّر القول في معنى قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير}.

أولا: ذكر مراجع البحث مرتّبة على مراتب مراجع الأقوال في التفسير.
*تصنيف المسألة:
هذ المسألة تفسيرية ولها تعلق بعلم القراءات، والوقف والابتداء،وكتب السيرة.
-مصادرأصلية : تفسير عبد الرزاق والطبري ،أبن أبي حاتم ،والثعلبي ،والواحدي ،والبغوي .
-كتب التفسير في دواوين السنة : ككتاب البخاري ،وصحيح مسلم ، والترمذي ،وسنن سعيد بن منصور والسنن للنسائي وغيرها .
-كتب التفسير البديلة:السيوطى وابن كثير
-كتب ناقلة : ابن عطية وابن الجوزى والماوردي والقرطبي ومكى بن أبي طالب
-التفسير اللغوى :الفراء والزجاج ،والنحاس والزمخشرى وابن عاشوروغيرهم .
-معاجم اللغة :لسان العرب ومقاييس اللغة، وتهذيب اللغة ةغيرهم .
-كتب القراءات: أبوعبيد ابن سلام ،وابن جرير ، ومكى بن أبي طالب، ومعاني القراءات وعللها لأبي منصور الأزهري ، وغيرهم .
-كتب الوقف والابتداء:إيضاح الوقف والابتداء لأبي بكر بن بشار،وعلل الوقوف للسجاوندي وإيضاح الوقف والابتداء للأنباري ،وغيرهم .

ثانيا: استخلاص الأقوال وتصنيفها ونسبتها.
*قوله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير}
.
-مناسبة الآية لما قبلها :
أنه لما كان من المؤمنين ماكان يوم أحد وعتب عليهم الله على ما وقع منهم، أخبرهم تعالى أن حال أتباع الأنبياء من قبلهم ، الصبر على الجهاد والثبات عند الملمات وترك الفرار، واعظاً لهم لما حصل من بعضهم ومغرياً لهم للثبات وعدم النكوص.
-المعنى الإجمالي للآية :
يُخبر اللهُ تعالى أنَّه كمْ مِن نبيٍّ من الأنبياءِ قاتَل وشارَك معه في ذلك القتال من أتْباعه الكثير، فأصابهم ما أصابَهم في سبيلِ الله، لكنَّ ذلك لم يكن حاملًا لهم على مفارقةِ دِينهم، أو ترْك الجهادِ في سَبيل الله؛ فما ضعفتْ أبدانهم ولا قلوبُهم ولا همهُهم، ولا لانتْ عزائمُهم، ولم يذلُّوا لعدوِهم، واللهُ تعالى يحبّ الصَّابرين؛ كهؤلاءِ ومَن على شاكلتهم.
-مسائل الاية :
*القراءات في الآية :
الأولى : قوله " وكأيّن"

وَكَأَيِّنْ: لفظةٌ مركبةٌ من كاف التشبيه و(أيٍّ)، حدث فيها بعد هذا التركيب معنى التّكثير .
و(أيّ) منونة ، وحقها أن يوقف عليها بغير نون؛ لأن التنوين يحذف وقفا،لكن ثبت في المصاحف نونٌ بعد الياء؛لأنها كلمة نقلت عن أصلها، فالوقف عليها بالنون اتباعاً للمصحف، وقيل غير ذلك في بنيتها الصرفية .
وقيل : إن ﴿وَكَأَيِّنْ﴾ كلمة بسيطة غير مركبة وأن آخرها نون هي من نفس الكلمة لا تنوين .
قال ابن جرير: اختلفت القرأة في ذلك:
فقرأه بعضهم: ﴿وَكَأَيِّنْ﴾ ، بهمز"الألف" وتشديد"الياء.
وقرأه آخرون بمد"الألف" وتخفيف"الياء .
وهما قراءتان مشهورتان في قرأة المسلمين، ولغتان معروفتان، لا اختلاف في معناهما، فبأي القراءتين قرأ ذلك قارئ فمصيبٌ لاتفاق معنى ذلك، وشهرتهما في كلام العرب. ومعناه: وكم من نبي.
قال جرير :
وكائِنٌ أرَيْنا المَوْتَ مِن ذِي تَحِيَّةٍ ∗∗∗ إذا ما ازْدَرانا أوْ أصَرَّ لِمَأْثَمٍ.
وَقالَ الآَخَرُ:
وكائِنٌ تَرى مِن صامِتٍ لَكَ مُعْجَبٍ ∗∗∗ زِيادَتُهُ أوْ نَقْصُهُ في التَّكَلُّمِ
وَمَثَلُ التَّشْدِيدِ قَوْلُهُ:
كَأيِّنْ في المَعاشِرِ مِن أُناسٍ ∗∗∗ أخُوهم فَوْقَهم وهُمُ كِرامُ ز

*المسألة الثانية :القراءات في قوله تعالى :( قاتل) وأثرها في المعنى :
ورد فيها قراءتان :
لأولى : قِراءة (قَاتَلَ) على البِناءِ للفاعِل، رجح هذه القراءة ابن مسعود، وبن جبير، والحسن، من رواية سعيد بن منصور .
روى سعيد بن منصور عن ابن مسعود من طريق خصيف، عن زياد بن أبي مريم، وأبي عبيدة .
وروى عن سعيد بن جبير من طريق عتّاب، عن خصيف .
وروى عن الحسن من طريق هشيمٌ،عن عوفٌ .
وقرأ بها الباقون ، ذكره مكيٌ في الكشف ، وابن الجزري في النشر .
ووجه هذه القراءة : أن يكون القتال واقعا من النبي، وأن له أتباعاً كُثر يقاتلون معه، وما وقع منهم ضعف ولا وهن .
قال ابن جرير: فأمّا من قرأ {قاتل} فإنّه اختار ذلك لأنّه قال: لو قتلوا لم يكن لقوله: {فما وهنوا} وجهٌ معروفٌ؛ لأنّه يستحيل أن يوصفوا بأنّهم لم يهنوا ولم يضعفوا بعد ما قتلوا.
قال ابن زنجلة : وحجّة أخرى أنه قاتل أبلغ في مدح الجميع من معنى قتل لن الله إذا مدح من قتل خاصّة دون من قاتل لم يدخل في المديح غيرهم فمدح من قاتل أعم للجميع من مدح من قتل دون من قاتل لأن الجميع داخلون في الفضل وإن كانوا متفاضلين). [حجة القراءات: 176{

-الثانية : قِراءة (قُتِلَ) على البِناء للمَفعول، اختارها أبو حاتم،ورجحها ابن جرير ،وقرأ بها نافع وابن كثير والبصريان ،ذكره مكي ،وابن الجزري
ووجهه هذه القراءة : أن يكون القتل واقعاً على النبي،ومع ذلك لم يكن القتل سبباً لتراجعه ووهنهم .
قال ابن جرير: وأمّا الّذين قرءو: (قُتل) فإنّهم قالوا: إنّما عنى بالقتل النّبيّ وبعض من معه من الرّبّيّين دون جميعهم، وإنّما نفى الوهن والضّعف عمّن بقي من الرّبّيّين ممّن لم يقتل.
وقد اختار الدَّانِيُّ قرأة " قُتِلَ" لأن الآية لذلك السبب نزلت.
وقال الشنقيطي بعد سرده لعدد من الآيات مستشهداً بها،" فاتضح من هذه الآيات أن القتل ليس واقعا على النبي المقاتل؛ لأن الله كتب وقضى له في أزله أنه غالب، وصرح بأن المقتول غير غالب".

*الخلاصة :
لعل في ماورد من الأقوال يتبن لنا إعجاز هذا الكتاب العظيم وسعة الفاظه ومعانيه ،فكلٌ من العلماء والمفسرن رحمهم الله جميعاً ورزقنا السير على نهجهم واقتفى أثرهم، قد اجتهد في تأويل الآية وتدبر الفاظها ومعانيها فرجح ما تبن له من أنه الأولى والأنسب ..
والذي أقول أن آيات ربي عظيمة وبليغة تسع ما ذكره العلماء ولا اختلاف ولا تعارض في المعاني ولا سيما أنها راجعه إلى قراءات صحيحة .

*قوله: "رِبِّيُّونَ: "
قال الزجاج : "ربيون"، بكسر الراء، وبعضهم يقرأ: ”ربيون“، بضم الراء،
-معنى "رِبِّيُّونَ: "أي الجماعات الكثيرة، والواحد منها – رِبِّيٌّ .
وقيل: الأُلوف، وأصلُه من الرِّبَّة، وهي: الجماعة .
وكأن الرِّبِّيَّ نسب إليها .

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 12 ذو القعدة 1441هـ/2-07-2020م, 07:14 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم


منيرة محمد د

بارك الله فيك ونفع بك.
- اقتصري في مسائل القراءات على ما له أثر على التفسير فقط.
- في قراءة {قاتل} قلتِ: رجّحها ابن مسعود و..، والسؤال: على أي شيئ رجّحها؟ لعلك تقصدين قرأ بها ..
والتحرير مختصر جدا أستاذة منيرة، ومن المهم الرجوع إلى كتب الوقف والابتداء، لأن كل قراءة ورد فيها حالان في الوقف والابتداء يتغيّر بهما المعنى، وأوصيك بالاستفادة من التطبيقات الجيدة لهذا المجلس لدى باقي الزملاء، وفقك الله.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الرابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:06 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir