فصلٌ
(و) إنْ قالَ: (أنتِ طالقٌ إنْ طِرْتِ أو صَعَدْتِ السماءَ، أو قَلَبْتِ الحَجَرَ ذَهَباً. ونحوَه من المُسْتحيلِ) لِذَاتِهِ أو عادَةً؛ كأنْ رَدَدْتِ أمسِ أو جَمَعْتِ بينَ الضِّدَّيْنِ، أو شاءَ الميِّتُ أو البهيمةُ، (لم تَطْلُقْ)؛ لأنَّه عَلَّقَ الطلاقَ بِصِفَةٍ لم تُوجَدْ، (وتُطَلَّقُ في عكسِه فوراً)؛ لأنَّه عَلَّقَ الطلاقَ على عَدَمِ فعلِ المستحيلِ، وعَدَمُه معلومٌ، (وهو) - أي: عكسُ ما تَقَدَّمَ- تَعْلِيقُ الطلاقِ (على النفيِ في المستحيلِ، مثلُ): أنتِ طالِقٌ, (لأَقْتُلَنَّ المَيِّتَ, أو لأَصْعَدَنَّ السماءَ, ونَحْوِهما)؛ كلأَشْرَبَنَّ ماءَ الكُوزِ. ولا ماءَ بهِ، أو: لأَطْلَعْتُ الشمسَ أو لأَطِيرَنَّ. فيَقَعُ الطلاقُ في الحالِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، وعِتْقٌ وظِهارٌ ويَمِينٌ باللهِ كطَلاقٍ في ذلكَ، (وأنتِ طالقٌ اليومَ إذا جاءَ غَدٌ) كلامٌ (لَغْوٌ) لا يَقَعُ بهِ شيءٌ؛ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِهِ؛ لأنَّ الغدَ لا يَأْتِي في اليومِ، بل بعدَ ذَهَابِهِ، وإنْ قالَ: أنتِ طالقٌ ثلاثاً على سائرِ المذاهِبِ. وَقَعَتِ الثلاثُ، وإنْ لم يَقُلْ ثلاثاً, فواحدةٌ، (وإذا قالَ) لزوجتِه: (أنتِ طالقٌ في هذا الشهرِ أو) هذا (اليومِ. طَلَقَتْ في الحالِ)؛ لأنَّه جَعَلَ الشهرَ أو اليومَ ظَرْفاً له، فإذا وَجَدَ ما يَتَّسِعُ له وَقَعَ؛ لِوُجُودِ ظَرْفِهِ، (وإنْ قالَ:) أنتِ طالقٌ (في غدٍ, أو) يومَ (السبتِ, أو) في (رمضانَ. طَلَقَتْ في أوَّلِهِ)، وهو طُلُوعُ الفجرِ من الغدِ, أو يومَ السبتِ، وغروبُ الشمسِ من آخرِ شَعبانَ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وإنْ قالَ: أَرَدْتُ) أنَّ الطلاقَ إِنَّما يَقَعُ (آخِرَ الكلِّ)؛ أي: آخِرَ هذهِ الأوقاتِ التي ذَكَرْتُ, (دِينَ، وقُبِلَ) منه حُكْماً؛ لأنَّ آخِرَ هذه الأوقاتِ ووَسَطَها منها، فإرادتُه لذلكَ لا تُخَالِفُ ظاهرَ لفظِه، بخلافِ: أنتِ طالقٌ غَداً أو يومَ كذا، فلا يَدِينُ، ولا يُقْبَلُ منه أنَّه أرادَ آخِرَهما، (و) إنْ قالَ: (أنتِ طالقٌ إلى شهرٍ) مثلاً (طَلَقَتْ عندَ انقضائِهِ), رُوِيَ عن ابنِ عَبَّاسٍ وأَبِي ذَرٍّ، فيَكونُ تَوْقِيتاً لإيقاعِهِ، ويَرْجِعُ ذلكَ أنه جَعَلَ الطلاقَ غايةً، ولا غايةَ لآخرِهِ، وإِنَّما الغايةُ لأوَّلِهِ, (إلاَّ أنْ يَنْوِيَ) وُقُوعَه (في الحالِ، فيَقَعُ) في الحالِ.
(و) إنْ قالَ: أنتِ (طالقٌ إلى سَنَةٍ. تُطَلَّقُ بـ) انْقِضَاءِ (اثْنَيْ عَشَرَ شَهْراً)؛ لقولِهِ تعالَى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً}؛ أي: شهورِ السَّنَةِ، وتُعْتَبَرُ بالأَهِلَّةِ، ويَكْمُلُ ما حَلَفَ في أثنائِهِ بالعددِ، (فإنْ عَرَّفَهَا)؛ أي: السَّنَةَ (باللامِ)؛ كقولِهِ: أنتِ طالقٌ إذا مَضَتِ السنَةُ. (طَلَقَتْ بانسلاخِ ذِي الحِجَّةِ)؛ لأنَّ ألْ للعهدِ الحُضوريِّ، وكذا: إذا مَضَى شَهْرٌ فأنتِ طالِقٌ. تُطَلَّقُ بِمُضِيِّ ثَلاثِينَ يَوْماً، وإذا مَضَى الشهرُ فبِانسلاخِهِ، و: أنتِ طالقٌ في أوَّلِ الشهرِ. تُطَلَّقُ بدخولِهِ، وفي آخِرِهِ تُطَلَّقُ في آخِرِ جُزْءٍ منه.