قوله: (وهو نهي عن ضده معنى) لا خلاف أنَّ صيغة الأمر (افعل) مغايرة لصيغة النهي (لا تفعل)، فيكون الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده[(661)] من جهة المعنى ـ كما قال المصنف ـ لا من جهة اللفظ، فإذا قال له: اسكن، فهذا أمر بالسكون، نهي عن ضده وهو التحرك. قال تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا}} [الأنفال: 45] فالأمر بالثبات نهي عن عدم الثبات أمام الكفار، وقد دل على ذلك قوله تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ *}} [الأنفال: 15] ومثاله أيضاً: الأمر بالقيام في الصلاة نهي عن ضده وهو الجلوس، فلو جلس من قيامه أثناء صلاة الفرض عمداً لغير عذر بطلت صلاته؛ لأن أمره بالقيام نهي له عن الجلوس.
ومن منع كون الأمر بالشيء نهياً عن ضده استدل بحديث: (فأُمرنا بالسكوت ونُهينا عن الكلام) [(662)]. إذ لو كان كذلك لم يحتج إلى قوله: (ونهينا).
وأجيب: بأن دلالته على ضده دلالة التزام[(663)]، ولعله ذكر ذلك لكونه أصرح، والله أعلم[(664)].