مجلس مذاكرة تفسير سور: الجمعة، والمنافقون، والتغابن
استخرج خمس فوائد سلوكية وبين وجه الدلالة عليها من قوله تعالى:
{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (12) اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (13)} التغابن.
1) إذا آمن المؤمن بأن المصيبة التي حلت بها إنما هيا بقدر الله وما اقتضته مشيئته وحكمته وسبق بها علمه أبدل الله جزعه صبراً وحزنه رضاً وتسلما ( ومن يؤمن بالله يهد قلبه )
2) عدم الوقوف على الأسباب فقط في الأقدار لأن ذلك ليس من الإيمان (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله)
3) علم الإنسان بأن الله حكيم في أقداره يضع الأمور في أماكنها بعلمه الكامل يزيده رضاً وتسليما ( والله بكل شئ عليم )
4) إذا أدى الإنسان ما عليه من حقوق تجاه ربه وتجاه المسلمين من نصح ودعوة لله لا يلحقه حرج من إعراض المعرضين وإسراف الغافلين : ( فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين ) وكذلك من سلك طريق الدعوة من أمته .
5) العلم بالله هو الأساس الذي يبني عليه العبد عبوديته , فإذا علم كمال الله في أفعاله وصفاته وذاته وأنه وحده المستحق للعبادة , أحسن الظن به ووثق به واعتمد و توكل عليه , فالتوكل هو نتيجة أعمال قلبية كثيرة يقوم بها العبد بحسب علمه بالله وإيمانه بكماله . ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون )
المجموعة الأولى:
1. بيّن ما يلي:
أ: المراد بالنور وسبب تسميته في قوله: {فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا}.
المراد بالنور هو : القرآن , فما في هذا الكتاب من أخبار وشرائع وأحكام أنوار يهتدى بها من ظلمة الضلال والجهل والشرك إلى نور التوحيد والهداية والطاعات ثم نور القرب من الله ورضوانه وأنوار جنانه حيث لا ظلمة أبداً تحيتهم السلام ونفسهم التسبيح ...........
ب: الحكمة من تخصيص الأميّين بالذكر في قوله تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم}.
لأن منتة الله عليهم ابلغ وآكد فهم كما قال تعالى : ( وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )
عادمين للخير والعلم لم يكن لديهم أي علم بالكتب السماوية السابقة يتخبطون في ظلمة الشرك ووحل رذائل الأخلاق يأكل قويهم ضعافهم فأنزل فيهم الذي الكتاب الذي كان استجابة لدعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام , فأخرجهم الله به من الظلمات إلى النور بإذنه وجعلهم أئمة في الدين والعلم وأكمل الأمم هدياً وأحسنهم سمتاً .
2. حرّر القول في:
معنى عدم اللحوق في قوله تعالى: {وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم}.
1) فارس , لحديث النبي صلى الله عليه وسلم لحديث أبي هريرة رضي الله عنه : كنا جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم , فأنزلت سورة الجمعة : " وآخرين منهم لما يلحقو بهم " قالوا : " من هم يا رسول الله ؟ فلم يراجعهم حتى سألوا ثلاثاً وفينا سلمان الفارسي ثم قال : " لو كان الإيمان في الثريا لناله لرجالٌ أو رجلٌ من هؤلاء "
2) قال مجاهد : " من العجم وكل من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم من غير العرب " لحديث سلمان الفارسي السابق .
3) من غير العرب وأهل الكتاب . ذكره السعدي وذكر أن المقصود من عدم اللحوق هو إما في المكانة والمنزلة لأنهم لم يعايشوا التنزيل ويشهد بعثة النبي وإما لم يلحقوا في الزمان ممن أتى بعدهم .
4) من جاء بعد الصحابة من مسلمي العرب وغيرهم " ذكره الأشقر .
3. فسّر تفسيرا وافيا قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)} التغابن
عن ابن عباس رضي الله عنه : انها نزلت في قوم من اهل مك آمنوا فهموا أن يهاجروا فابى أزواجهم وابنائهم أن يدعوهم فلما قدموا ورأو الناس قد فقهوا في الدين هموا ان يعاقبوهم , فقال تعالى : ( وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم ) ذلك ان الجزاء من جنس العمل فمن عفا عفا الله عنه ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .
فالأبناء والأولاد قد يلتهى بهم عن العمل الصالح ,وقد يحملونهم على معصية الله وقطع الرحم فلا يستطيعون مع حبهم لهم إلا أن يطيعونهم , كما ذكر ذلك مجاهد , وقد يحملهم خوفهم عليهم أن يأتوا لهم بمال حرام ,فيجب الحذر منهم في أمر الدين وأن لا يمتثل إلا أمر الله ورسوله فلا يقدم حب الله ورسوله على حب أحد أو طاعة احد ولو كان زوجه وأولاده.