كتابُ الظِّهَارِ
مُشْتَقٌّ من الظَّهْرِ، وخُصَّ بهِ مِن بَيْنِ سائِرِ الأعضاءِ؛ لأنَّه مَوْضِعُ الركوبِ؛ ولذلكَ سُمِّيَ المركوبُ ظَهْراً، والمرأةُ مركوبةٌ إذا غُشِيَتْ، (وهو مُحَرَّمٌ)؛ لقولِهِ تعالَى: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً}. (فمَن شَبَّه زَوْجَتَهُ, أو) شَبَّه (بَعْضَها)؛ أي: بعضَ زَوْجَتِهِ (بِبَعْضِ) مَن تَحْرُمُ عليهِ, (أو بِكُلِّ مَن تَحْرُمُ عليه أبداً, بِنَسَبٍ)؛ كأُمِّهِ وأُخْتِهِ, (أو رَضَاعٍ)؛ كأُخْتِهِ مِنه، أو بِمُصَاهَرَةٍ؛ كحَمَاتِهِ, أو بِمَنْ تَحْرُمُ عليه إلى أَمَدٍ؛ كأُخْتِ زَوْجَتِهِ وعَمَّتِها (مِن ظَهْرٍ) بيانٍ للبعضِ؛ كأنْ يقولَ: أنتِ عَلَيَّ كظَهْرِ أُمِّي أو أُخْتِي، (أو) أنتِ عَلَيَّ كـ (بَطْنِ) عَمَّتِي، (أو عُضْوٍ آخَرَ لا يَنْفَصِلُ)؛ كيَدِها أو رِجْلِها (بقولِهِ)- مُتَعَلِّقٌ بـ"شَبَّهَ"- (لها)؛ أي: لزوجتِه: (أنتِ) أو ظَهْرُكِ أو يَدُكِ (عَلَيَّ أو مَعِي أو مِنِّي كظَهْرِ أُمِّي, أو كَيَدِ أُخْتِي, أو وَجْهِ حَمَاتِي ونَحْوِهِ، أو: أنتِ عليَّ حَرَامٌ)، فهو مُظَاهِرٌ، ولو نَوَى طَلاقاً أو يَمِيناً (أو) قالَ: أنتِ عليَّ (كالمَيْتَةِ والدَّمِ) والخِنْزِيرِ, (فهو مُظَاهِرٌ)؛ جوابُ (فمَن). وكذا لو قالَ: أَنْتِ عليَّ كظَهْرِ فُلانةَ الأَجْنَبِيَّةِ, أو كظَهْرِ أبي أو أَخِي أو زيدٍ. وإنْ قالَ: أنتِ عليَّ أو عندِي كأُمِّي أو مِثْلُ أُمِّي. وأَطْلَقَ فظِهَارٌ، وإنْ نَوَى في الكرامةِ ونَحْوِها, دِينَ وقُبِلَ حُكْماً.
وإنْ قالَ: أنتِ أُمِّي, أو: كأُمِّي, فليسَ بِظِهَارٍ، إلاَّ معَ نِيَّةٍ أو قَرِينَةٍ، وإنْ قالَ: شَعَرُكِ أو سَمْعُكِ ونحوُه كظَهْرِ أُمِّي. فليسَ بِظِهَارٍ، (وإنْ قالَتْ لِزَوْجِهَا)؛ أي: قالَتْ له نَظِيرَ ما يَصِيرُ بهِ مُظَاهِراً منها, (فليسَ بِظِهَارٍ)؛ لقولِه تعالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ}. فخَصَّصَهُم بذلكَ، (وعليها)؛ أي: على الزوجةِ إذا قالَتْ ذلكَ لِزَوْجِها, (كَفَّارَتُه)؛ أي: كَفَّارَةُ الظِّهارِ؛ قِياساً على الزوجِ، وعليها التمكينُ قبلَ التكفيرِ، ويُكْرَهُ نِدَاءُ أحدِ الزوجيْنِ الآخَرَ بِمَا يَخْتَصُّ بِذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ؛ كأَبِي وأُمِّي، (ويَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِن كلِّ زوجةٍ)، لا مِن أَمَةٍ, أو أُمِّ وَلَدٍ، وعليهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، ولا يَصِحُّ مِمَّن لا يَصِحُّ طلاقُهُ.