قرية: سميت قرية لاجتماع الناس فيها، يقال قريت الماء إذا جمعته- قاله الزجاج.
خاوية: خالية ، من قولهم : خوت الدار-قاله الزجاج وابن عطية وابن كثير.
عروشها: العربش سقف البيت، وكل ما يهيأ لطل أو يكن فهو عريش، ومنه عريش الدالية والثمار، ومنه قوله تعالى: ( ومما يعرشون) – النحل: 68.قاله ابن عطية
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى:
مقصد الآية:
عطفت الآية على ماقبلها لأن المقصد التعجب،- العطف على المعنى موجود عند كلام العرب وإن كان لا ينقاس-.
المسألة الثانية:
من هو المار في الآية؟
فيه أقوال:
-عزير، رواه ابن جرير عن ناجية بن كعب عن علي بن أبي طالب، وحكاه ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس والحسن وقتادة- وغيرهم، وهذا القول هو المشهور.
-أرميا بن حليقا: رواه وهب بن منبه وعبد الله بن عبيد بن عمير.
-الخضر عليه السلام: رواه محمد بن اسحاق عمن لا يتهمه، وقال ابن عطية: إلا أن يكون اسما وافق اسما، لأن الخضر معاصر موسى وهذا بعده.
-حزقيل بن بورا: نقله ابن أبي حاتم عن ابن عم مطرف.
-رجل من بني اسرائيل، قال مجاهد بن جبر.
-غلام لوط عليه السلام.
وهذا خلاصة ما نقله ابن عطية ابن كثير، والقول الأول هو المشهور.
المسألة الثالثة:
كيف كان موته؟
ذكر غير واحد أنه مات ابن أربعين سنة، فبعثه الله وهو كذلك، وكان له ابن فبلغ من السن مائة وعشرين، وبلغ ابنه تسعين سنة، وكان الجد شاباَ، وابنه وابن ابنه شيخان كبيران، نقله ابن كثير.
المسألة الرابعة:
أين مكان هذه القرية؟
ذكر أهل العلم أقوال:
- هي المؤتفكة: حكاه النقاش.
-هي القرية التي أهلك الله فيها الذين خرجوا من ديارهم حذر الموت، نقله الطبري عن ابن زيد، ورد ابن عطية هذا القول، لأن الآية تشير إلى المكان وليس إلى العظام والأجساد التي هلكت في القرية في قوله تعالى: ( الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم). فقول ابن زيد مناقض لألفاظ الآية- فالقرية خاوية لا أنيس فيها-
-المشهور أنها بيت المقدس بعد تخريب بختنصر لها وقتل أهلها، قاله وهب بن منبه وقتادة وغيرهما .
وهذا خلاصة ما نقله ابن عطية وابن كثير.
المسألة الخامسة:
ما حال القرية حين مر عليها ووقته؟
حين أحدثت بنو اسرائيل الأحداث وقف أرمياء أو عزير على القرية وهي كالتل العظيم وسط بيت المقدس لما خربها بختنصر البابلي، وأمر جنده بنقل التراب إليه حيث جعله كالجبل، ورأى أرمياء البيوت قد سقطت حيطانها في سقفها ( والعريش سقف البيت وكل ما يهيأ لظل أو يكن) – قاله ابن عطية.
المسألة السادسة:
كيف كانت القرية خاوية على عروشها؟
-قال السدي: ساقطة على سقفها، أي سقطت السقف ثم سقطت الحيطان عليها، ويكون ( على عروشها) متعلق بـ ( خاوية), نفله ابن عطية.
-قال الزجاج واين كثير: بقيت حيطانها بلا سقوف.
-قال آخرون: خاوية من الناس على العروش، أي على البيوت- قال الزجاج: العروش الخيام وهي بيوت الأعراب- وسقفها عليها لكنها خوت من الناس والبيوت قائمة على عروشها، وعليه ( على عروشها) متعلق بمحذوف ، أي ( قائمة على عروشها) . ورجح ابن عطية هذا القول للحديث: ( وكان المسجد يومئذ على عريش في أمر ليلة القدر)
المسألة السابعة:
ماالذي تعجب له في الآية؟
لما رأى من دثورها وخرابها، فقال: بأي سبب وبأي طريق يحي هذه الآية الله بعد موتها؟
قاله ابن عطية وابن كثير.
المسألة الثامنة
ماهو الإحياء المتساءل عنه؟
ظاهر لفظ السؤال إحياء القرية بعمارة وسكان، قاله ابن عطية.
المسألة التاسعة:
هل كان شاكاً في قدرة الله؟
وفيه أقوال:
-كان مؤمنا وأحب أن يزداد بصيرة في إيمانه، كما قال ابراهيم عليه السلام-قاله الزجاج وابن عطية.
-كان كافرا شاكا في قدرة الله، نقله الزجاج ورواه ابن عطية عن الطبري عن بعضهم: أنه كان شاكا في قدرة الله ، فلذلك ضرب الله المثل في نفسه، ورد ابن عطية هذا القول وقال: وليس يدخل شك في قدرة الله على إحياء قرية بجلب العمارة إليها، وإنما يتصور الشك من جاهل في الوجه الآخر- وهو إحياء الموتى لا إحياء القرية- والصواب ألا يُتأول في الآية شك.
المسألة العاشرة:
ما الحكمة في ضرب المثل في الإحياء له بنفسه؟
وفيه أقوال:
-نقل ابن عطية قول من زعم أنه كان كافرا فلذلك ضرب له المثل من نفسه، ورد هذا القول.
-وقيل: يحتمل أن سؤاله إنما كان عن إحياء الموتى من بني آدم ، أي : أنى يحي هذه الله موتاها؟ قاله ابن عطية.
المسألة الحادية عشر:
ما المقصود بـ ( بعثه)؟
بعثه: أحياه، لأنه لا يتصرف ولا يُبعث إلا وهو حي، وجعل له الحركة والانتقال، حكاه الزجاج وابن عطية.
المسألة الثانية عشر:
كيف كان الإحياء ومدته؟
وفيه قولان:
-أن الله بعث لها ملكا من الملوك يعمرها، قاله ابن عطية.
-أن الله بعث إلى تلك القرية من عمرها ورد إليها جماعة من بني اسرائيل حتى كملت على رأس المئة ثم بعثه، قاله ابن عطية، وقال ابن كثير : كملت بعد سبعين سنة. وروي أن الله رد عليه عينيه ليرى كيف تعمر وتُحيا مدة ثلاثين سنة تكملة المئة، نقله ابن عطية ورده وضعفه لأنه ترد عليه ألفاظ الآية.
المسألة الثالثة عشر:
من الذي سأله (كم لبثت)؟
قال ابن عطية وابن كثير: سأله الله بواسطة الملك.
المسألة الرابعة عشر:
لماذا زعم أنه مات يوما أو بعض يوم؟
قيل: أن الله أماته غدوة يوم ثم بعثه قبل الغروب فظن هذا اليوم واحدا، فقال : لبثت يوما، ثم رأى بقية من الشمس فخشي أن يكون كاذبا فقال: أو بعض يوم- قاله الزجاج وابن عطية وابن كثير.