الشيخ: . . . قال رحمه الله بعد ذلك: "وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه , فقدر ذلك تقديراً محكماً مبرماً ليس فيه ناقض ولا معقب ـ يعني: ليس له ناقض ولا معقب ـ ولا مزيل ولا مغير , ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سماواته وأرضه وذلك" يعني هذا الذي أشار إليه من عقد الإيمان , يعني مما يجب أن يعقد عليه القلب إيمانا به , وقال: عقد الإيمان يعني مما يجب في الإيمان يكون عقيدة يؤمن بها . وأصول المعرفة يعني أصول العلم بالله جل وعلا والاعتراف بتوحيد الله تعالى وبربوبيته , ويريد بتوحيد الله تعالى في هذا الموطن توحيد الله جل وعلا في تصرفه في ملكه وفي عبادته؛ فإن العبد إذا اعترف بأن الله جل وعلا هو المتصرف في ملكه، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن , وأنه هو المدبر، وهو الرب جل جلاله فإنه يوحد الله في قدره , ويوحد الله جل وعلا في أفعاله , كما يوحد الله جل وعلا في ربوبيته بعامة , ففي الحقيقة من تأمل توحيد الربوبية وآمن حقاً بربوبية الله جل وعلا فإنه يؤمن بالقدر؛ لأن الإيمان بالقدر من ثمرات الإيمان التام بربوبية الله جل وعلا، فإن المؤمن بالربوبية , بأن الله جل وعلا هو الرب المتصرف في ملكه , والسيد المطاع , هو الذي لا معقب لحكمه , ولا راد لأمره , هو الذي ما شاء كان، هو الذي لا يغالب في ملكه , هو الذي يعطي ويمنع , ويخلق ويرزق , ويميت ويحيى , من آمن بالربوبية على تفاصيلها فإنه لن يجادل في القدر؛ لأنه يعلم أنه مربوب مستسلم لله جل وعلا .
ختم ذلك بقوله: "كما قال تعالى في كتابه: ] وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً [ وقال تعالى: ] وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً [